25/12/2023
تجمع المهنيين السودانيين
#بيان
مع الشعب وإلى الشعب
في مثل هذا اليوم منذ خمسة أعوام كانت الثورة تغلي مرجلا" في قلوب السودانيين، وبين متشكك آمل ومتيقن باسل، كانت الدعوات التي ملأت الوسائط والفضاءات لموكب القصر المطالب بتنحي النظام، كانت الدعوات إيذانا" بانكسار جدر التعمية، وإنحسار سطوة التخويف التي يعتمدها النظام لابعاد شبح السقوط المحتوم عن مخيلة قادته، في مثل هذا اليوم منذ خمسة أعوام كان التجمع قد أعلن إنحيازه للشارع المعلم والكتاب، والذي كان سبق معظم تنظيماته بالخروج في مواكب تحدت الموت وبدلت الخوف من قلوب الناس لقلب النظام، كانت الدعوات للمواكب السلمية رغم بطش وعنف جهاز آمن النظام، ومليشياته من جنجويد وكتائب ظل، ورغما" عن تجارب العنف الممنهج الذي مارسته تلك القوات في انتفاضة ٢٠١٣، أو في مقابل مطالب الدارفوريين وغيرهم من أبناء هوامش السودان الذين قتلتهم تللك القوات على الهوية، وأبادتهم بأسلحة محرمة، وأحرقت قراهم، واغتصبت نساءهم، رغم كل ذلك ورغما عن معرفة الشارع بطبيعة النظام العنفي، إلا أنه رفع وتمسك بسلميته، عن وعي وبصيرة، وإنتصر في كل معاركه حتى الآن متسلحا" بتلك البصيرة السليمة.
شعبنا المقاوم الصابر:
توسعت مليشيات الحنجويد الإرهابية في عملياتها العسكرية بنقل الحرب لقرى ومدن الجزيرة الآمنة والمسالمة، وبينما يتهرب جيش النظام من مواجهة قوات الجنجويد ويخلي لهم المعسكرات والخنادق، يتفرغ عساكر مخابراته لمحاربة واعتقال الثوار من متطوعي دور الإيواء، وأبطال خدمات الطوارئ التي يعملون فيها لسد الفراغ التي تصنعه الدولة عن عمد، وبذلك يزيد الطرفان خناقهما على رقاب العمل الثوري والسلمي، متعشمين أن يدفع ذلك ثوار ديسمبر للكفر بالسلمية، أو الذهاب لما يبتغونه هم من تجييش أو دعوات كفاح مسلح، ليجدوا بذلك المبرر المنطقي لتصفية الثوار والثورة، أو هكذا يخططون.
جماهير شعبنا الباسلة:
إن الدعوات المتواترة من قبل مجموعات النظام السابق لتسليح المواطنين، هي دعوات تحمل السم تحت غطاء الدفاع عن النفس، فالواضح الفاضح أن هذه المليشيا المجرمة إنما هي صنيعتهم هم ونظامهم، وأن إستمرار وتقوية هذه المليشيا تم ويتم بتخطيط ومتابعة من قبل قادة أجهزتهم الأمنية وكوادر حركتهم الاسلامية، وأن توسع هذه المليشيا وانتصاراتها المصنوعة تتم بأوامر من قبل قياداتهم في الجيش بالانسحاب، أو بكشف مخططات العمليات للطرف الجنجويدي عبر قياداتهم المتواجدة في هذا الطرف، وفي الخلاصة فإن هذه الحرب هي أداة يستخدمها قادة النظام لتصفية حساباتهم مع شعبنا الذي رفضهم وأسقط حكمهم، ومع ذلك فهي حرب أيضا تخدم خطط المحاور في الاستيلاء المباشر على مقدرات الوطن، وتعمل عبره أيضا" لتصفية الثورة، فتتلاقى مصالحهم هنا مع مصالح الاسلامويين، فليس من مصلحة أي من الدول التي تنشط في محيطنا أن تنجح الثورة وتخلق نظاما" ديمقراطيا" يهدد عروش الملوك والأمراء والعسكر بتقديم النموذج والأمل في التحرر داخل المنطقة.
شعبنا المسالم: فإن كانت مرامي وأهداف الاسلامويين، وأمراء الحرب، والمحاور، هي سوقنا نحو حرب شاملة وفوضى عارمة، فإن الموقف الصحيح هو رفض هذه الحرب، ورفض الاندماج فيها أو شرعنتها، أو دعم أطرافها، ولذلك فإننا نرفض وندين الدعوات المشبوهة لتبني خيارات الكفاح المسلح، ورغم أن بعض هذه الدعوات تنطلق من منصات قريبة للثوار، وقد يبررها البعض بالاندفاع أو الضغوط اليومية ومقابلة عنف المليشيات، إلا أن هذه الدعوات في حقيقتها هي الشرك الذي يطمح إليه مسيرو هذه الحرب، وممولوها ليحولوا السودان لليبيا جديدة تتحكم فيها المليشيات وتتقاسمها الأسر والقبائل كل حسب تسليحه، وحسب من يدعمه ويوفر له السلاح، ويتناسى أصحاب هذه الدعوات أن تنظيم الجماهير سلمياً رغم صعوبته البادئة لمن ينظرون من عل، هو أقصر الطرق وأأمنها نحو بناء الدولة المدنية الديمقراطية، وأن الطريق الذي يقترحونه له من التكلفة البشرية، ويتطلب القدرة على التنظيم والقيادة أضعاف ما يتطلبه تنظيم الجماهير سلماً.
كما يتناسى أو يتجاوز أصحاب هذه الدعوات من المندفعين أو المدفوعين، أن مثل هذا الخيار هو خدمة مجانية لمليشيات الاسلاميين الجاهزة والمدعومة بالسلطة وبالاستخبارات العاملة وضباطها، ليكونوا هم أصحاب السبق في ركوب هذه الدعوات، وتحويل النفرات لتجييش قبلي أو أثني، وكما نرى فقد بدأت بوادر هذا الاتجاه في عدد من الولايات، مثل الشمالية ونهر النيل وغيرها، بعمل لجان المستنفرين والمخابرات لاعتقالات على الهوية، تطال أبرياء ونازحي الحرب، وتتمدد رويداً رويداً نحو أبطال العمل الثوري تحت غطاء الخلايا النائمة والتجسس.
جماهير شعبنا الثائر:
إن أطراف هذه الحرب ومحاورها يسعون لتوسعة سلطتهم عبرها وهي وسيلتهم الوحيدة في نظرهم للاستمرار في التحكم بثروات السودان ويظنون أن بمقدرتهم تصفية الثورة بجرها لغمار معركتهم الخاسرة.
علينا ردعهم بكسب معركتنا الإنسانية لحفظ الأرواح وتخفيف معاناة أهلنا تحت وطأة الإحتراب والنزوح بما يمكن من المساعدة لمواصلة التكافل والسند الإجتماعي ودعم مجهودات غرف الطوارئ، مطابخ الأحياء والمبادرات الإنسانية لحين تجاوزنا لهذه المؤامرة والنهوض من جديد.
شعبنا الأبي:
إن أي علاج للحرب التي تعصف بالبلاد والعباد، لن يكون بمزيد من الحروبات، أو بصب الزيت على نارها بالتجييش والتكتلات الأثنية، إنما يكون علاجها أولاً برفضها، ومواصلة الكفاح السلمي والمقاومة السلمية، سلما" يبني وينظم الجماهير، ولدينا من الخبرات المتراكمة ما يساعد على توسيع وتعميق تجارب الحكومات المحلية الصغيرة التي ابتدعتها الجماهير في أماكن العمليات، وفي مناطق السلم أيضاً، لتكون منارات نعبر على ضوئها نحو فجر سلطة الشعب.
يا شعبنا ..
إعلام التجمُّع
الإثنين ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٣م