02/12/2023
مقال بعنوان: الحقائق العلمية في القرآن معجزة العصر
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه وبعد:
فإن مما لا شك فيه أنّ القرآن الكريم هو معجزة هذه الأمة الخالدة التي أنزلها الله تعالى على أفضل رسله وأكرم أنبيائه عليه الصلاة والسلام، وجعله نبراسا للمهتدين وإماما للمقتدين أعجز أهل البلاغة والفصاحة والبيان بأن يأتوا بمثله، وهو حجة على الناس أجمعين.
ولما باتت آيات القرآن آخذت بالانتشار بين أهل مكة من أول يومٍ تُليت عليهم، أدرك المشركون مالها من إعجاز بياني لا يملك أي عربي عنده أدنى حس باللغة وذوقها إلا أن يُسلّم لها، ومن هنا كان حرص المشركين، على منع العرب من سماع هذا القرآن بكل ما أوتوا من قوة وحيلة، وإذا افلت احدهم ووصلت آياته إلى مسامعه، ترك عداوته موقنا، بأن مثل هذه الآيات ليست من قول البشر.
ولما دخلت العجمة على السنة الناس وبدأ الضعف يدب الى ملكة البيان والذوق اللغوي عند العرب بسبب مخالطتهم الأعاجم والاحتكاك بهم، بدأ أثر الإعجاز البياني ينحسر شيئاً فشيئاً حتى لم يبق تأثيره إلا في المتخصصين وطلبة العلم، أما اغلب الناس فتأثرهم به أصبح قليلا ومحدودا.
وحتى تبقى أنوار القران مستمرة مبهرة للعقول آخذت بمجامع القلوب أودع الله فيه من وجوه الإعجاز التي ما زالت تظهر يوم بعد يوم تحاكي الواقع وتفرض منطقها عليه، وفي مقدمتها الحقائق العلمية والتي يعبر عنها اليوم بمصطلح - الإعجاز العلمي- حيث أنها لم تكن معروفة أو مألوفة في زمن التنزيل أنها معجزة للناس وحجة عليهم.
وأساس هذا الإعجاز قوله تعالى:) سنريهم آياتنا في الافاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق)(فصلت: ٥٣)
فالمتدبر لهذا النص المبارك يجد أن كلمة سنريهم، تدل على المستقبل أي إن الآيات التي فيها من الحقائق العلمية معلومة فيه قبل اكتشافها من قبل علماء العصر الحديث وما توصلوا اليه بآلاتهم، فهو ثابت الصدق فيما ذكره سابق لما اكتشفه البشر، خالٍ من كل خطأ علمي؛ لذلك حث كثير من العلماء على البحث في هذا الجانب والاهتمام به.
يقول الشيخ محمد الغزالي: "من أسرار إعجاز القرآن الكريم احتواءه على أسرار علمية، لم تهتد العقول إليها بعد عصر القرآن إلا بمعونة الآلات والأدوات الدقيقة".
وقال الدكتور موريس بوكاي: " لقد أذهلتني دقة بعض التفاصيل الخاصة بهذه الظاهرات، والتي لم يكن ممكنا لأي إنسان في عصر محمد صلى الله عليه وسلم أن يكوِّن عنها أدنى فكرة، وأذهلتني مطابقتها للمفاهيم التي نملكها اليوم عن نفس هذه الظاهرات".
وقال دكتور روجيه جارودي: "إنني تتبعت كل الآيات القرآنية التي لها ارتباط بالعلوم التطبيقية والطبية التي درستها منذ صغري وأعرفها جيدا، فوجدت هذه الآيات منطبقة كل الانطباق على معارفنا الحديثة… ولقد أسلمت لأنني تيقنت أن محمدا صلى الله عليه وسلم أتى بالحق الصراح من قبل ألف سنة… ولو أن كل صاحب فن من الفنون أو علم من العلوم، قارن كل الآيات القرآنية المرتبطة بما تعلم، كما فعلت أنا لأسلم بلا شك، إن كان عاقلا خاليا من الأغراض".
وأنوه الى أن ما جاء في القرآن الكريم بهذا الخصوص إنما هو من باب الاستيعاب للحقائق العلمية، وليس تفسيرا حرفيا لهذه الظواهر، وأن الغرض منها هو الدعوة إلى الإيمان بالله تعالى، وصدق من أنزل عليه، وليظل القرآن حجة على الناس كلما انتشرت تلك العلوم ولتصبح هذه الحقائق شاهدا اضافيا وعنصرا من عناصر خلوده، ومن هنا وضع العلماء ضوابط وقواعد للإعجاز العلمي كي لا يكون القرآن غرضا ومسرحا لكل من أراد لي اعناق النصوص من اجل تحقيق اغراضه ومآربه الشخصية.
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
د.كاظم عطية حمادي .