13/08/2024
في ظل تصاعد التوترات الإنسانية والسياسية في السودان، يبرز أمامنا مشهد يعكس تسييس العمل الإنساني بوضوح. يتمثل هذا المشهد في إصرار بعض الدول على إدخال المساعدات عبر الحدود التشادية، بينما تُلام الحكومة السودانية على اعتراضها لهذا المسار. ويدلل البعض على ذلك بتكدس شاحنات الإغاثة على الطرف التشادي من الحدود، منتظرة موافقة السلطات السودانية لدخول البلاد.
ولكن، هل كان هذا اللوم سيكون مبرراً إذا كانت تلك المساعدات توزع بشكل كافٍ على اللاجئين السودانيين في تشاد؟ هؤلاء اللاجئون، الذين فروا من مناطقهم بعد سيطرة الجنجويد، يعانون من نقص حاد في الغذاء، مما يدفع بعضهم للعودة إلى السودان رغم المخاطر. هذه العودة القسرية تأتي نتيجة الجوع وعدم توفر الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية في المعسكرات التشادية.
إصرار بعض الدول على توجيه المساعدات عبر المعبر التشادي إلى داخل السودان، وتحديداً إلى مناطق سيطرة الجنجويد، يعزز موقف الحكومة السودانية الرافض لهذه العمليات، حيث تدعي أن تلك الشاحنات تحمل أسلحة وليست إغاثة. ولا يمكننا تجاهل أن تشاد قد فتحت مطاراتها منذ يونيو من العام الماضي للإماراتيين لتقديم الدعم العسكري للجنجويد.
تسييس العمل الإنساني ليس أمراً جديداً، حتى من قبل الحكومة نفسها، وهذا المشهد يمثل جزءاً من فصول هذا التسييس. في النهاية، يظل المتضرر الأكبر هم المساكين، سواء كانوا في الداخل السوداني أو في الجانب التشادي من الحدود.
المساعدات المتكدسة في الجانب التشادي، إذا كانت فعلاً مساعدات إنسانية وليست إمداداً حربياً للجنجويد، فمن الأولى أن تُخصص لتقديم العون للاجئين السودانيين في تشاد، لكي لا يضطروا للعودة إلى السودان هرباً من الجوع، كما يحدث الآن.
إسماعيل جمعة