18/11/2024
الشاعر الذى اكتشف أسرار البعوض !!
كان مرض الملاريا ، وما زال ، واحداً من الأمراض الفتاكة التى أصابت الإنسان ، لا سيما فى المناطق الإستوائية كثيرة الأمطار ، ويشير أصل الكلمة باللغة اللاتينية الى الهواء الفاسد ، إشارة إلى توالد بعوض الملاريا في المستنقعات والمياه الراكدة .
كان القدماء يعتقدون أن الملاريا ينقلها هواء المستنقعات ، لهذا كان الإنجليز يسمونها حمى المستنقعات ، وأطلق عليها العرب إسم البرداء ، لأنها تسبب الرعشة الشديدة ، لكن أحداً لم يتوصل الى حقيقة هذا المرض حتى بدايات القرن العشرين .
وكان لجهود مجموعة من العلماء ، دور كبير فى كشف أسرار هذا المرض ومعرفة مسبباته ، والسعى نحو تطوير علاج مناسب للحد من خطورته أو الوقاية منه على أقل تقدير ، ومن بين أبرز هؤلاء العلماء ، السير (رونالد روسRonald Ross ) الطبيب الإنجليزى الحاصل على جائزة نوبل الثانية في الطبعام 1902 م ، تكريماً لجهوده البحثية التى أدت الى اكتشاف مسببات هذا المرض .
ولد رونالد روس في الهندفي 13مايو1857 م ، وتوفي في لندن بإنجلترا في 16 سبتمبر 1932 م ، حيث كان والده جنرالاً بالقوات البريطانية فى الهند ، وفى سن الثامنة ، تم إرساله لبريطانيا ليتلقى تعليمه هناك ، فدرس الطب ، ثم انتقل إلى ( مدراس ) فى الهند ،حيث زاول المهنة هناك ، وعمل طبيباً عسكرياً بالخدمات الطبية الهندية ، وبدأ بدراسة الملاريا من عام 1882 م ، الى 1899 م ، وهناك قام ببناء منزل متواضع ، به معمل ، فى إحدى القرى ، حيث قام بجمع البعوض الذى ظن أنه المسبب لمرض الملاريا ، لإجراء البحوث عليه .
وهناك اكتشف وجود طفيل الملاريا فى فصيلة محددة من البعوض ، من فصيلة الأنوفيليس ، أطلق عليه مبدئياً إسم (dapple-wings ) | انتقل روس بعد ذلك إلى اكتشاف وتطوير طرق للقضاء على بعوضة الأنوفيليس التي تنقل جرثومة الملاريا ، وبذلك قام بتوفير إمكانية الوقاية من هذا المرض الخطير ، ونشر روس كتابين حول هذا الموضوع نشرهما في لندن : الأول عام 1910بعنوان ( الوقاية من الملاريا ) ، والثاني عام 1928 بعنوان ( دراسات حول مرض الملاريا )
كما قام روس بعمل العديد من البحوث الإستقصائية فى غرب أفريقيا ومنطقة قناة السويس ، وموريشيوس وقبرص ، والمناطق المتضررة من الحرب العالمية الأولى ، وشارك مع بعض المؤسسات الجادة فى مقاومة الملاريا ، حتى أُعلن يوم 20 أغسطس يوماً عالمياً لمقاومتها ، وقدم العديد من الإسهامات لمقاومة الوباء وطرق دراسته وتقييمه ، وقدم نموذجاً رياضياً لدراسة علم الأوبئة بدأه فى تقريره عن الوباء فى موريشيوس عام 1908 م ، ووضح فى عام 1911 م ، كيف يمكن الوقاية من الوباء فى شكل أكثر عمقاً .
استمر روس فى عمله حتى تمكن من اكتشاف كيفية انتقال طفيل الملاريا من البعوضة | ولم يستفد علم الأوبئه فقط من نموذجه الرياضى ، بل أدى الى مساهمه ملموسة فى الرياضة البحتة والتطبيقية .
كما وجد روس رغم إنشغاله بالبحث والعلم وقتاً كافياً ليكتب فيه الشعر وبعض الأعمال المسرحية والرسم ، واكتسب شهرة واسعه كونه شاعراً قبل أن يكون طبيباً وباحثا ً .