
24/01/2025
ترجمة خطبة الجمعة بتاريخ
24 رجب 1446 / 24.01.2025
في عموم تركيا
الصَّلَاةُ هَدِيَّةُ المِعْرَاجِ، عَمُودُ دِينِنَا
بسم الله الرحمن الرحيم
{ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
[ من حافظ على الصلوات الخمس ركوعهن وسجودهن ومواقيتهن وعلم أنهن حق من عند الله دخل الجنة ]
الصَّلَاةُ هَدِيَّةُ المِعْرَاجِ، عَمُودُ دِينِنَا
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!
مَسَاءُ يَوْمِ الأَحَدِ القَادِمِ هُوَ اللَّيْلَةُ السَّابِعَةُ وَالعِشْرُونَ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ. إِنَّنَا نُحْيِي ذِكْرَى الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجِ لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ مُنْذُ قُرُونٍ، وَنَبْتَهِجُ بِالْبُشْرَى الَّتِي قَدَّمَهَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ لِعِبَادِهِ. تَعَالَوْا فِي خُطْبَتِنَا لِهَذَا الأُسْبُوعِ؛ نَتَذَكَّرُ مَرَّةً أُخْرَى أَهَمِّيَّةَ الصَّلَاةِ، الَّتِي هِيَ هَدِيَّةُ المِعْرَاجِ، الَّتِي تُضِيفُ مَعْنًى لِحَيَاتِنَا وَتُعْطِي السَّلَامَ لِقُلُوبِنَا.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
الصَّلَاةُ هِيَ أَحَدُ الأَرْكَانِ الخَمْسَةِ الأَسَاسِيَّةِ لِلْإِسْلَامِ، تَبْدَأُ بِالتَّكْبِيرِ وَتَنْتَهِي بِالسَّلَامِ؛ إِنَّهَا عِبَادَةٌ فَرِيدَةٌ مِنْ نَوْعِهَا يَتَّجِهُ فِيهَا عَقْلُنَا وَقَلْبُنَا وَلِسَانُنَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى جَسَدُنَا كُلُّهُ نَحْوَ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ. اَلصَّلاَةُ مِنْ وَاجِبِنَا وَعِبَادَتِنَا الَّتيِ تُزِيلُ كُلَّ الخِلَافَاتِ وَالفُرُوقَاتِ، وَتَجْعَلُ المُؤْمِنِينَ مُتَسَاوِينَ عِنْدَ اللَّهِ كَأَسْنَانِ المِشْطِ، وَتَجْمَعُهُمْ كَتِفًا بِكَتِفٍ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَفَاضِلُ!
اَلصَّلَوَاتُ الخَمْسُ لَيْسَتْ عِبَادَةً يُمْكِنُ تَعْجِيلُهَا، أَوْ تَأْجِيلُهَا، أَوْ حَصْرُهَا، أَوْ حَذْفُهَا، أَوْ تَرْكُهَا إِلَى اللَّحْظَةِ الأَخِيرَةِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الإِسْلَامُ بِدُونِ صَلَاةٍ. المُسْلِمُ يُقِيمُ الصَّلَاةَ وَالصَّلَاةُ تَجْعَلُ الْإِنْسَانَ إِنْسَاناً .
إِنَّ أَفْضَلَ وَقْتٍ يُمْكِنُ أَنْ يَقْضِيَهُ الإِنْسَانُ فِي حَيَاتِهِ هُوَ وَقْتُ أَدَاءِ صَلَاتِهِ، وَ العُمُرُ الَّذِي يَقْضِيهِ بِدُونِ صَلَاةٍ يَذْهَبُ هَبَاءً. وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتْرُكَ صَلَاتَهُ إِلَّا لِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتْرُكَهَا جَانِبًا وَيَقُولَ: سَأُؤَدِّيهَا لَاحِقًا!، وَوَاجِبُ المُسْلِمِ أَنْ يُنَظِّمَ عَمَلَهُ حَسَبَ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ.
وَفِي الوَاقِعِ، يَلْفِتُ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإِنْتِبَاهَ إِلَى هَذَا المَوْضُوعِ بِقَوْلِهِ: "الصَّلَاةُ عِمَادُ الدِّينِ" .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَفَاضِلُ!
وَفِي الآيَةِ الَّتِي قَرَأْتُهَا فِي بِدَايَةِ خُطْبَتِي يَقُولُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ: " اُتْلُ مَٓا اُو۫حِيَ اِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَاَقِمِ الصَّلٰوةَ اِنَّ الصَّلٰوةَ تَنْهٰى عَنِ الْفَحْشَٓاءِ وَالْمُنْكَرِ" . نَعَمْ، إِنَّ الهَدَفَ مِنْ حَيَاتِنَا هُوَ العِبَادَةُ وَالغَرَضُ مِنْ عِبَادَتِنَا هُوَ أَنْ نَكُونَ مُسْلِمِينَ صَالِحِينَ.
وَلِهَذَا السَّبَبِ يَنْبَغِي أَنْ تَمْنَعَنَا صَلَوَاتُنَا مِنْ فِعْلِ المُحَرَّمَاتِ وَيَجِبُ أَنْ نَحْفَظَ أَلسِنَتَنَا عَنِ الكَذِبِ، وَقُلُوبَنَا عَنِ الكَرَاهِيَةِ، وَأَيْدِيَنَا عَنِ الشَّرِّ. وَيَجِبُ أَنْ تُطَهِّرَنَا مِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الذُّنُوبِ. فَإِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا أَسْرَى لِلشَّرِّ رَغْمَ صَلَاتِنَا فَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُعِيدَ النَّظَرَ فِي قُلُوبِنَا وَأَمْوَالِنَا وَحَيَاتِنَا وِفْقَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَعِزَّاءُ!
قَالَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ مَرَّةٍ: "قُمْ يَا بِلَالُ ! اُدْعُونَا إِلَى الصَّلَاةِ ! " أَرِحْنَا بِالصَّلَاةِ ! " وَذَكَّرَ أُمَّتَهُ بِأَنَّ شِدَّةَ الحَيَاةِ لَا تُخَفَّفُ إِلَّا بِالصَّلَاةِ. فَلْنَنْظُرْ إِلَى صَلَوَاتِنَا لَا عَلَى أَنَّهَا عِبْئٌ بَلْ عَلَى أَنَّهَا بَرَكَةٌ تَمْنَحُ السَّلَامَ لِنُفُوسِنَا المُتْعَبَةِ مِنَ المَشَاغِلِ اليَوْمِيَّةِ. فَلْنُؤَدِّيهَا بِخُشُوعٍ، دُونَ تَأْخِيرٍ أَوْ تَمْوِيهٍ مَعَ مُرَاعَاةِ السُّنَنِ وَأُصُولِ التَّعْدِيلِ. لِنَكُنْ مُؤْمِنِينَ مِثَالِيِّينَ، نَاضِجِينَ بِالصَّلَاةِ.
وَلْنُحَذِّرْ إِخْوَانَنَا الَّذِينَ يَسْتَمِرُّونَ فِي ارْتِكَابِ الأَخْطَاءِ رَغْمَ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ بِأُسْلُوبٍ مُنَاسِبٍ. دَعُونَا نَسْعَى لِأَدَاءِ صَلَوَاتِنَا الخَمْسِ فِي المَسَاجِدِ. فَإِنْ لَمْ نَتَمَكَّنْ مِنْ أَدَائِهَا فِي المَسْجِدِ فَلْنُؤَدِّيهَا جَمَاعَةً فِي البَيْتِ مَعَ عَائِلَاتِنَا. وَإِمْتِثَالًا لِأَوَامِرِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ: "وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا" فَلْنُعَوِّدْ أَطْفَالَنَا وَشَبَابَنَا عَلَى الصَّلَاةِ بِالكَلِمَاتِ العَذْبَةِ وَالوُجُوهِ البَاسِمَةِ وَالصَّبْرِ. فَلَا نَحْرِمُ أَنْفُسَنَا وَأَهْلِينَا مِنْ بَرَكَاتِ عِبَادَةٍ جَلِيلَةٍ كَالصَّلَاةِ.
وَاليَوْمَ أَوَدُّ أَنْ أُنَادِيَ جَمِيعَ إِخْوَتِي وَأَخَوَاتِي الَّذِينَ يُهْمِلُونَ صَلَوَاتِهِمْ: فَلْنَغْتَنِمْ هَذِهِ الأَيَّامَ المُقَدَّسَةَ وَنُقَرِّرْ أَدَاءَ صَلَوَاتِنَا الخَمْسِ الَّتِي تُطَهِّرُنَا مِنَ الخَطَايَا وَتَزِيدُ قِيمَتَنَا عِنْدَ اللَّهِ . وَقَالَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ رُكُوعَهُنَّ وَسُجُودَهُنَّ وَ وُضُوئَهُنَّ وَ مَوَاقِيتَهُنَّ وَعَلِمَ أَنَّهُنَّ حَقٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ دَخَلَ الجَنَّةَ " . دَعُونَا لَا نَنْسَى هَذِهِ البُشْرَى.
وَلَا نَنْسَى أَنَّ الكَسْبَ بِدُونِ الصَّلَاةِ لَا يُثْمِرُ وَالبَيْتَ الَّذِي لَا عِبَادَةَ فِيهِ سَيَكُونُ تَعِيسًا.
وَأَقُولُ وَأَنَا أُنْهِي خُطْبَتِي رَحِمَ اللَّهُ إِخْوَانَنَا الَّذِينَ مَاتُوا فِي حَرِيقِ بُولُو؛ وَأَتَقَدَّمُ بِالصَّبْرِ وَالمُوَاسَاةِ لِأُسَرِهِمْ المَكْلُومَةِ وَأَتَمَنَّى الشِّفَاءَ العَاجِلَ لِإِخْوَانِنَا المُصَابِينَ. حَفِظَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِلَادَنَا وَأُمَّتَنَا مِنْ كُلِّ الكَوَارِثِ وَالمَتَاعِبِ وَالمَصَائِبِ.
سُورَة عَنْكَبُوت، 29/45.
أَبُو دَاوُدَ، كِتَابُ الْأَدَب، 78.
سُورَةُ طٰهٰ ، 20/132.
ابْنُ حَنْبَلٍ، الْجُزْءُالرَّابِعُ، 266.
الْمُدِيرِيَّةُ العَامَّةُ لِلْخَدَمَاتِ الدِّينِيَّةِ
أحمد جميل نبهان
منصة إعلامية مستقلة تُعنى بالأخبار والقوانين التركية والسورية المتعلقة بالسوريين في تركيا وفي سوريا لحظة بلحظة على التلغرام