جريدة صوت الشعب

جريدة صوت الشعب جريدة صوت الشعب يصدرها حزب العمال
http://www.sawt-achaab.tn/

جريدة صوت الشعب يصدرها حزب العمال
للتواصل : [email protected]
رقم الهاتف : 71283360
رقم الفاكس:71283365
العنوان :نهج شكيب ارسلان عدد 1 .1002 تونس
------------------------------------------------------------
تأسست جريدة "صوت الشعب" في جانفي 1986. وهي جريدة حزبية تابعة لحزب العمال.
وقد صدرت وقتها في السريّة (بمعدل عددين اثنين كل شهر) بسبب التضييقات التي كانت مفروضة على إصدار الصحف. وحتى بعد ال

إطاحة بالرّئيس بورقيبة من طرف زين العابدين بن علي في 07 نوفمبر 1987 واصلت جريدة "صوت الشعب" صدورها في السريّة إلى حدود سنة 1989 حين رخّصت وزارة الداخلية لحزب العمال بإصدار صحيفة "البديل" التي عوضت "صوت الشعب" السرية. لكن سرعان ما تم إيقاف جريدة "البديل" بعد إصدار قرابة عشرين عددا بمعدل عدد كل أسبوع.
فعادت "صوت الشعب" للصدور في السرية من جديد، وتواصل صدورها في السرية بدون انقطاع إلى حدود جوان 2011 حين تحصلت "صوت الشعب" على ترخيص قانوني وأصبحت تصدر في العلنية بمعدّل عدد كل أسبوع.
لقد كانت "صوت الشعب" في عهد بورقيبة وفي عهد بن علي، جريدة سرية ممنوعة يعاقب كل من يثبت أن له علاقة بها سواء كتابة أو ترويجا أو قراءة بعقوبة قد تصل إلى عديد السنوات. وقد تعرض بسبب ذلك العديد من العاملين فيها إلى الملاحقة والتعذيب والسجن والحرمان من أبسط الحقوق.
ولكنها رغم ذلك صمدت في وجه القمع والمنع والمصادرة وحافظت على دوريّة صدورها طيلة ما يقارب الرّبع قرن. وهي تعتبر الجريدة السرية الوحيدة في تونس التي صمدت في وجه القمع كل هذه السنوات.
تعتمد جريدة "صوت الشعب" على المتطوعين في تحريرها وتوزيعها.
فأغلب الصحافيين الذين يعملون فيها حاليا هم من المتطوعين ويتقاضون أجورا رمزية. كما أن الجريدة تعتمد في توزيعها على مناضلات ومناضلي حزب العمال، ويقع بيعها "بيعا نضاليا" ، حيث يقوم عدد من مناضلات الحزب ومناضليه ببيعها في الأماكن العامة.
تعاني جريدة "صوت الشعب" من قلة الموارد المالية بسبب ضعف المبيعات وحرمانها من الإشهار العمومي.
وهذا يعود أساسا إلى الفوضى التي عليها قطاع الإعلام حاليا وخاصة في علاقة بالتوزيع وبالحصول على الإشهار العمومي والخاص.
فليست هناك قوانين واضحة تنظم هذا القطاع ومازالت عقلية الزبونية و"الأكتاف" والولاءات السياسية والمالية وغيرها هي التي تحكم هذا القطاع.

    الفقر والسخط والوعي الطبقيhttps://www.sawt-achaab.tn/29271/بقلم مرتضى العبيديتقديمنشرت صحيفة سنتيلا (الشرارة)، اللسا...
01/07/2024


الفقر والسخط والوعي الطبقي
https://www.sawt-achaab.tn/29271/
بقلم مرتضى العبيدي
تقديم
نشرت صحيفة سنتيلا (الشرارة)، اللسان المركزي لمنظمة "الأرضية الشيوعية بإيطاليا" في عددها 146، الصادر في شهر جوان 2024، مقالا حول تزايد الفقر والسخط لدى الطبقات الكادحة ليس في إيطاليا فحسب بل في كافة الفضاء الأوروبي، يزيل الوهم على حقيقة هذه "الجنات الموعودة" التي تستميت (بل ويموتون فعلا) أعداد غفيرة ومتزايدة من منكوبي بلدان الجنوب في الوصول إلى أراضيها، مقال رأينا من المفيد وضعه بين أيدي قرّاء "صوت الشعب".

قامت معاهد الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبي بتطوير مؤشر "خطر الفقر أو الاستبعاد الاجتماعي - أوروبا 2030" لقياس النسبة المئوية للأشخاص الذين يجدون أنفسهم في واحدة على الأقل من الحالات التالية:
- العيش في أسرة يقل دخلها عن عتبة خطر الفقر؛
- العيش في أسرة في ظروف حرمان مادي واجتماعي خطير، أو في أسر لا تستطيع تغطية النفقات المرتبطة بالفواتير، ونفقات التدفئة، ونظام غذائي متوازن، وشراء الأجهزة المنزلية الضرورية؛
- العيش في أسر ذات حضور منخفض للغاية في سوق العمل.
وبحسب هذا المؤشر، ففي عام 2023، فإن عدد السكان في إيطاليا المعرضين لخطر الفقر أو الاستبعاد الاجتماعي، أي عدد الأشخاص الذين يجدون أنفسهم في واحدة على الأقل من الظروف السابقة الذكر، يساوي 22.8% (حوالي 13 مليون 391 ألف شخص). كما تكشف الإحصائيات عن زيادة في عدد السكان الذين يعيشون في ظروف الحرمان الشديد، على الرغم مما يسمى بـ"تدابير دعم الأسرة" و"تدابير التدخلات الظرفية والمستعجلة" التي أطلقتها الحكومة.
وتشير نفس التقديرات الإحصائية لعام 2022 إلى أن نمو دخل الأسر المقيمة في إيطاليا بالقيمة الاسمية (+6.5%) لم يكن كافيا للتعويض عن الارتفاع الحاد في التضخم. وبذلك انخفض دخل أفراد الأسرة بالقيمة الحقيقية بنسبة 2.1%.

هل تختصّ إيطاليا بهذه الوضعية؟
ويقدر المسح الإحصائي الأوروبي لعام 2022 أن نحو 95.3 مليون شخص معرضون لخطر الفقر أو الاستبعاد الاجتماعي، أي 21.6% من إجمالي سكان الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد. وفي الاقتصادات الأوروبية الكبرى، مثل فرنسا وألمانيا، تعادل نسبة السكان الفقراء، وفقا لهذه الإحصائية، 21% و21.1% على التوالي من الإجمالي.
ومع كل تحديث للإحصائيات، هناك زيادة في معدلات الفقر، على الرغم من كل "الخطب البلاغية" الذي تطلقها المفوضية الأوروبية بشأن مكافحة أسباب الفقر.
وهكذا تتحول الأزمات الدورية والقطاعية التي تتطور في إطار الأزمة العامة للرأسمالية إلى مجرّد عمل ضخم لإعادة التوزيع في الموازنات: تخفيضات في القطاعين الاجتماعي والتعليمي، وتدمير النظام الصحي، وانخفاض الأجور الحقيقية، وانخفاض المعاشات الحقيقية مع إعفاءات ضريبية جديدة وإعانات ضخمة لرأس المال، بالإضافة إلى تضخم الإنفاق العسكري.
من الواضح أن الجماهير الكادحة تتعرّض لعملية تفقير ممنهج ومستمرّ. أذ أن الأزمات المتتالية مثلت في الحقيقة فرصة لرأس المال لزيادة استغلال الطبقة العاملة وتكثيف نهب الجماهير العاملة.

انعدام الثقة في مؤسسات الدولة البورجوازية
لذلك ليس من المستغرب أن تتضاءل بسرعة الثقة في النظام الاجتماعي والاقتصادي وفي الأحزاب السياسية التي تعبر عنه.
ولم يعد النظام السياسي المهيمن يتمتع بدعم واسع من الطبقة العاملة والجماهير الشعبية. إذ أنه أثبت عدم قدرته على ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمال، بل وحتى حقوقهم الديمقراطية الأساسية.
فبالإضافة إلى المخاوف الاقتصادية، يشعر السكان بشكل متزايد بنقص أو غياب العدالة الاجتماعية. لقد فقدت أبرز الشخصيات في الحياة السياسية والإعلامية أي صلة متبقية بالحياة اليومية للجماهير الشعبية، وهو ما يغذي عدم الثقة في الديمقراطية البرلمانية البرجوازية وفي مؤسساتها التي تصبح متاحة للقوى الرجعية والفاشية للتقرب أكثر من غيرها من الطبقات المفقرة.

وماذا عن المقاومة؟
إن التغيرات نحو الأسوأ في أوضاع الجماهير العاملة لها تأثير في مجالات مختلفة، من ذلك أن ردّة الفعل لا تأخذ إلى حد الآن أشكالا موحدة ولا تحصل بعد بصفة متزامنة. لذلك فإن المقاومة المرئية لا تتوافق بعد مع حجم الاستياء المتزايد والوعي بتعفن النظام الحالي.
ولمنع عملية التعبئة واستعادة الوعي الطبقي أو للحدّ منها واحتوائها، يستدعي رأس المال مساعديه من البيروقراطية النقابية. ففي هذا المناخ العام، يتدخل القادة النقابيون لمنع مشاركة الطبقات الدنيا والأقل أجرا من الجماهير العاملة المعرضة للتهديد المستمر بالبطالة والفقر. إن النضال ضد تسريح العمال، وزيادة الرواتب، والمفاوضة الجماعية، كثيرا ما تبقى حبرا على ورق ولا يُنجز منها شيئا على أرض الواقع. لكن هذا العمل التخريبي لن يُكتب له الاستمرار الى ما لا نهاية أمام تزايد السخط.
ومما يزيد الطين بلّة احتدام الصراعات بين الكتلتين الإمبرياليتين الكبيرتين اللتين تواجهان بعضهما البعض اليوم، الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي من جهة والإمبريالية الصينية والروسية من جهة أخرى، أصبحت أكثر وضوحا.
إذ يجب على العمال أن يدفعوا ثمن زيادة الإنفاق العسكري مع انخفاض الأجور وارتفاع التضخم وانخفاض الإنفاق الاجتماعي. وفي الوقت نفسه، يتناقص إنتاج السلع الاستهلاكية المدنية في عدد من القطاعات الاقتصادية. ويواجه الإنتاج الضخم في هذه الفروع انخفاض القدرة الشرائية للمجتمع. وتتحوّل "المعجزات" الاقتصادية إلى مجرد ضروب من التفاخر. إذ أن كل واحدة من هذه المعجزات تخضع لقوانين السوق الرأسمالية العمياء.
-العيش في أسرة في ظروف حرمان مادي واجتماعي خطير، أو في أسر لا تستطيع تغطية النفقات المرتبطة بالفواتير، ونفقات التدفئة، ونظام غذائي متوازن، وشراء الأجهزة المنزلية الضرورية؛

ماذا يفعل الساة؟
وينتاب الممثلين السياسيين للطبقات المهيمنة شعور متزايد بأن هيبة هذه الأخيرة ودرجة الثقة فيها تتضاءلان. فتحاول صرف انتباه العمال عن الأزمة الرأسمالية وعن أسباب الظواهر الاجتماعية السلبية. فتلجأ إلى وسائل الإعلام الجماهيرية، وخاصة منها شبكات التواصل الاجتماعي التي تسيطر عليها وتنفق عليها بسخاء، لتجعل منها أدوات لبث الكراهية وضروب العنف في كامل المجتمع.
مثال ذلك تسليطها الضوء على ما أطلقوا عليه تسمية "الاحتيال الاجتماعي" وجعله في مركز النقاش العام وتلبيس شبهة الغش إلى كل مستفيد من إعانات الدولة الضئيلة للغاية، والتي لم يكن اعتمادها سوى وسيلة لتحويل الاحتجاج الاجتماعي بشكل مؤقت، في حين يقوم الطفيليون الحقيقيون في المجتمع بتضخيم مؤشرات سوق الأوراق المالية للشركات لإخفاء الطبيعة المزمنة لانخفاض الإنتاج الصناعي، واكتناز الملايين التي تقدمها الدولة "لدعم نشاطهم".
مثال آخر يأتي من مسألة اللجوء واللاجئين. فإذا كان فشل النظام، وزيادة الفقر، والتهديد بفقدان الوظائف، يشكل مصدر قلق لجماهير غفيرة، مما يدفعهم إلى المطالبة بالتغييرات، فإن مناخ عدم الثقة والشك في المؤسسات يتم توجيهه نحو "طالبي اللجوء"، فيُتهمون بالرغبة في "غزو" البلاد، ويتم استحضار كل النظريات العنصرية الصالحة للغرض، فيتم إلغاء حق اللجوء في الواقع في دول الاتحاد الأوروبي. وتعود ممارسة الشعار القديم للطبقة الحاكمة، "فرق تسد"، بكل أشكاله لضمان الاستغلال "السلمي" لأكبر عدد من العمال.
وليس من قبيل الصدفة أن الأداة المميزة للحكومة القائمة هي الديماغوجيا الاجتماعية بجميع أشكالها. وليس من قبيل الصدفة كذلك أن الأحزاب التي تفتخر بتمثيل المعارضة البرلمانية تستغل المواضيع ذاتها التي تطرحها الرجعية وتعيد إنتاجها في سياساتها الخاصة بالتعاون الطبقي. كل هذا بهدف تحويل انتباه الطبقة العاملة والجماهير الكادحة عن الكارثة الرأسمالية.

ما العمل إذن؟
وكما قلنا، فإن السخط والاستياء وحتى الغضب ضد هذا النظام وضد السياسة البرجوازية ككل، يتم التعبير عنه بالفعل في العديد من المؤسسات الصناعية وفي أماكن مختلفة من البلاد. لكن الأمر يتعلق بكيفية رفع هذه المشاعر إلى مستوى أكثر دقة ووضوح من الوعي الطبقي. ففي النضالات القادمة والتي ستتصاعد، سيكون من المهم أن نوضّح أكثر أن هذه ليست مجرد ظواهر معزولة، لا علاقة لها ببعضها البعض وفي تتابع عشوائي، بل إنا جميعها نتاج النظام الاجتماعي. فيصبح من الضروري دحض فكرة أنه من الممكن اتباع سياسة "معقولة" في ظل الرأسمالية. يجب علينا تطوير النضال من أجل مطالب ملموسة وفي نفس الوقت تبديد الأوهام حول هذا النظام.
قبل كل شيء، يجب علينا أن نعيد بديل الاشتراكية إلى جدول الأعمال، أي النضال من أجل وضع حد للرأسمالية التي يجب استبدالها حتما ببنية جديدة ومتفوقة، هي الاشتراكية.

صحيفة سنتيلا (الشرارة)،
عدد 146، جوان 2024

    "قصائد حب إلى راضية"https://www.sawt-achaab.tn/29265/بقلم علي بنجدّو (*)انتظم بأحد نزل العاصمة حفل توقيع حمة الهمامي...
01/07/2024


"قصائد حب إلى راضية"
https://www.sawt-achaab.tn/29265/
بقلم علي بنجدّو (*)

انتظم بأحد نزل العاصمة حفل توقيع حمة الهمامي لكتاب "قصائد حب إلى راضية" يوم الجمعة 21 جوان 2024 وقد كان هذا الحفل في جزء مهم من فقراته مناسبة لتكريم السيدة راضية النصراوي زوجته المحامية والمناضلة الحقوقية على مجمل سيرتها في النضال الطلابي والمحاماة التونسية والنضال الحقوقي وانتهاء تأسيس تجربة فريدة في تونس متعلقة بمناهضة العنف.
وقد كان الحضور في أغلبه مناضلين عايشوا وواكبوا (أو تقاطعوا) في محطات ومراحل زمنية متعاقبة ومتبدلة مع سيرة الأستاذة راضية النصرواي ومنهم من كان ممارسا لمهنة المحاماة بخلفية حقوقية دون همّ/التزام سياسي ومنهم من كان يجمع في سيرته بين الاعتبار المهني/الحقوقي والخلفية السياسية التقدمية في منظمة آفاق اليسارية وما تبعها من انقسامات خطية-تنظيمية ومنهم من كان من دائرة الأصدقاء إلى جانب بعض الصحافيين وجيران حمة وراضية في السكن من الذين كانوا شهودا في مناسبات عديدة على التضييق الأمني والتنكيل والاقتحامات المتلاحقة لمنزله. والمحصلة استتباعا لما تقدم أن راضية النصراوي في شخصها أيقونة تختزل في شخصها جزءا مهما من ذاكرة النضال المركب لفترات متعاقبة من زمن استبداد بورقيبة إلى انقلاب بن علي في 7 نوفمبر 1987 انتهاء إلى الانتهاكات الحاصلة بشأن المواطنين ومناضلي الرأي والحق العام بعد ثورة 17/12-14/01...
حمة الهمامي في هذه المناسبة لم يتكلم باعتباره سياسيا ولا باعتباره أحد مؤسسي حزب العمال أو أمينا عاما له وإنما باعتباره رفيق درب راضية النصراوي زوجا وحبيبا وأبا... كلماته كانت مشحونة بحميمية طاغية ومشاعر اختلط فيها الذاتي بالموضوعي وكان فيها الشعر وتلاوة القصيد تلخيصان تلقائيان/حميميان لنبل المشاعر والحب والتقدير وشهادة على نبل راضية حبيبة، أمّا ومناضلة... المداخلة كانت تكريما بقدر ما كانت اعترافا شفافا بمنزلة راضية بعيدا عن المتداول من قصص الحب في حياة حمة العائلة والأصدقاء...
أمّا المداخلة الثانية فكانت للأستاذ مختار الطريفي المناضل الحقوقي والرئيس السابق للرابطة التونسية لحقوق الإنسان الذي لخّص في مداخلة تجمع بين الجدية ومتعة السرد والفكاهة جزء مهما من سيرة راضية الطالبة الجامعية، المناضلة الحقوقية وزوجة حمة الهمامي الذي عانى تجربة الملاحقة الأمنية والمحاكمات السياسية والتنكيل والسجون في فترات متلاحقة... راضية في شهادة الطريفي لا تختزل سيرتها في كونها مجرد زوجة لمناضل سياسي يساري معرف بصدقه، ثباته ومبدئيته بل تتعدى ذلك إلى أنها كانت منذ البدء شخصية تنتصر للحق والمبدأ والحرية قيما حقوقية عامة وكونية تتجاوز أسيجة الأيديولوجيا والانتماءات السياسية الخطية الصارمة حيث وضعت نفسها وكفاءاتها المهنية والتزامها الإنساني على ذمة مناضلي ونشطاء اليسار كما على ذمة كل التقدميين والإسلاميين والسلفيين في محاكمات مذكورة ومؤكدة في سجل المحاماة التونسية وأرشيف حقوق الإنسان... راضية في أغلب قضايا الدفاع لم تكن تتقاضى أجرا بل كانت تحركها وتدفعها اعتبارات قيمية حقوقية لذلك كتبت لنفسها بنفسها سيرة امرأة حرة ومناضلة موضوع تقدير وحبّ واعتراف حتى من أولئك الذين لا تتفق أو تتقاطع معهم في قضايا ذات علاقة بحقوق الإنسان أو المساواة بين الجنسين أو قيم المواطنة والحرية ومدنية الدولة...
حفل توقيع كتاب حمة الهمامي "قصائد حب إلى راضية" كان في أسباب كتابته وتوقيعه وإقامة حفل له حالة عاطفية/وجدانية تصل السياسة بالحب وتستفز الكامن كما المعلن من عاطفة تتخطى حدود العلاقة بين راضية وحمة شهادة لتكون عنوانا أصيلا للإنساني فينا...

(*) مناضل يساري مستقل

    "نتانياهو" : أوهام النّصر المطلق ورعونة توسيع العدوانhttps://www.sawt-achaab.tn/29268/بقلم عمار عمروسيةيشارف العدوان...
30/06/2024


"نتانياهو" : أوهام النّصر المطلق ورعونة توسيع العدوان
https://www.sawt-achaab.tn/29268/
بقلم عمار عمروسية

يشارف العدوان الصهيوني الهمجي على "غزّة" دخول شهره التاسع مسجّلا أطول عدوان للاحتلال بالمنطقة.
فآلة التقتيل الإجراميّة بدعم غربي سخيّ ومشاركة أمريكية نشيطة تواصل حرب الإبادة الجماعية الممنهجة ضدّ البشر وجميع مقوّمات الحياة في القطاع المنكوب بإقرار جلّ المتابعين ليوميات أشنع المجازر ضدّ المدنيّين العزّل وعلى الأخصّ الأطفال والنساء.
فجيش الاحتلال سخّر كلّ إمكاناته العسكرية والبشريّة بطريقة غير مسبوقة واندفع تحت قيادة حكومة يمينيّة متطرّفة لتحقيق أهدافٍ تمّ ضبطها والإفصاح عنها بعد نقاشها وموافقة البيت الأبيض والكثير من الدول الغربية.
فالكلّ كان يلهج بسحق "حماس" والقضاء عليها عسكريا وسلطويّا وتحرير الأسرى الصّهاينة وتأمين الكيان نهائيا من مخاطر أيّ نوع من المقاومة على هذه الجبهة.
اندفع سلاح الجوّ مزهوّا بتفوّقه للتّدمير العشوائي والتّقتيل الواسع لتعبيد الطريق أمام الاجتياح البرّي الذي اعتقد الكثيرون أنّه سيكون أقرب إلى فسحة بالنسبة إلى أقوى جيش بالمنطقة وغيرها من مزاعم "الجيش الذّي لا يقهر" والقادر دوما على حسم نزالاته في السّاحات العربية بطريقة خاطفة.
جرت رياح غزّة، وتحديدا مقاومتها الباسلة وصمود شعبها العظيم، بما عاكس كلّ تلك المزاعم وأسقط مجمل السرديّة الصهيو/أمريكية، وفضح على نطاق واسع الطبيعة النازية المتوحّشة للكيان وشركائه الذين وضعوا أنفسهم في مرتبة كبار المجرمين المارقين عن كلّ القيم الإنسانية الأساسية وجميع القوانين والاتفاقات الكونيّة المتعلّقة بالنّزاعات والحروب.
فوقائع العدوان الأطول في تاريخ الصراع العربي /الصهيوني قوّضت أسس العقيدة العسكرية للكيان الغاصب وأدخلت جيش الاحتلال إلى نفق خيباتٍ متلاحقة حصيلتها النهائية الفشل الذّريع في تحقيق تلك الأهداف المعلنة باعتراف الإعلام الصهيوني وكبار جنرالاته وخبرائه العسكريين.
فقدرات المقاومة العسكرية، رغم الحصار المطبق، مازالت فاعلة وحضورها السياسي والمعنوي تعاظم ليس فقط في غزّة وإنّما على امتداد الأراضي الفلسطينية المحتلّة وتجاوزها إلى مجمل الساحات العالمية بما فيها شوارع أمريكا ودول الغرب.
فاليد الطولى في الميدان لسلاح المقاومة وسواعد رجالها القويّة والانكسارات المتعاقبة "للجيش الذي لا يقهر" الذي عجز عن تحرير أسراه وفكّ ألغاز الأنفاق والوصول إلى قيادات المقاومة.
ربحت المقاومة معركة الوعي ووضعت القضية الفلسطينية بأبعادها الحقيقية في قلوب شعوب العالم وحركاته المناهضة للصهيونية والإمبريالية وعدّلت جرأة المقاومة وحسن إدارتها للمعارك الميدانية موازين القوى وحوّلتها تدريجيّا، وإن بكلفةٍ بشرية كبيرة، لصالحها.
فمجريات وقائع الميدان من "بيت لاهيا" إلى مدينة "غزة" و"خانيونس" حتّى "رفح " كانت بمثابة حلقات متواصلة من إنجازاتٍ جديدةٍ لتثبيت انتصار المقاومة منذ 7 أكتوبر 2023 وعمليّة "طوفان الأقصى" البطولية.
بالتوازي مع منجزات المقاومة يغرق الكيان في خيباته التّي طالت الجانب الأمني والاستخباراتي والعسكري /الميداني وشملت الجوانب السياسية والإيديولوجية، الخ...
تتضاعف معضلات الكيان الذي تعمّقت عزلته على السّاحتين الإقليمية والدولية وتتزايد مصاعبه المالية والاقتصادية تحت ضربات المقاومة الفلسطينية ومحور الإسناد النشيط بجنوب لبنان واليمن وتتفاقم انقساماته المجتمعيّة وتصل حدودا تُنذر بمخاطر الحرب الأهلية مثلما قال نتانياهو أكثر من مرّة.
فالكلّ ضدّ الكلّ مثلما ورد بصحيفة "يديعوت آحرنوت" في افتتاحيتها مؤخّرا.
فالانقسام يطال النسيج الاجتماعي والفُرقة كبيرة بين القيادة السياسية وأركان الجيش زيادة على تشظّي المشهد السياسي.
فهم ينقسمون حول أولويّات هذه الحرب الظالمة وطرق إدارتها ويكاد يجمعهم الإقرار أوّلا بعبثيّة هذ العدوان واستمراره، وثانيا بهزيمة الجيش وانكساره، وثالثا بفشل الخيار العسكري في تحرير الأسرى وتحقيق باقي الأهداف.
فـ"حماس" والمقاومة، باعتراف قادة البيت الأبيض، عصيّة عن الاجتثاث وحتّى الهزيمة وهي كذلك في نظر "جوزيب بوريل" الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي والمسؤول الأول عن السياسات الخارجية الذي قال منذ أشهر: "حماس فكرةٌ، ومن الوهم القضاء عليها".
أكثر من ذلك؛ كبار جنرالات الجيش الصهيوني المتقاعدين يحذّرون منذ أشهرٍ من غياب استراتيجية واقعية لهذه الحرب ويدقّون أجراس الخطر من تآكل منجزات الجيش التكتيكية من الإمعان في مواصلة العدوان.
وحدها حكومة اليمين النّازي كانت تدفع نحو الإمعان في التقتيل والتّدمير، ووحده كان "نتانياهو" بدفعٍ من وزيري الأمن والمالية "بني غفير، وسموتريتش" يدفع فيالق عساكره المتهالكة للاستمرار في حرب استنزاف مكلفة بشريّا وماديّا بعيدة كلّ البعد عن مزاعم النصر المطلق.
يدير "نتانياهو" عدوانه على "غزّة" ويهدّد بتوسيع الحرب على "حزب الله" ولبنان بعقليّة انتقامية متهوّرة ولحسابات سياسية خاصة به ومن أجل بقاء حكومته.
فالأخيرة - أي الحكومة - وفق زعيم المعارضة الصهيونية "لابيد" "حكومة مجانين جهلة وكذّابين"، ورئيسها وفق رئيس "الشاباك" السابق "أسوأ رئيس وزراء وأكثرهم فشلا في تاريخ إسرائيل...".
يلاحق "نتانياهو" وهم النّصر المطلق وتحرير الأسرى من خلال الأعمال العسكرية بالرّغم من تعالي الأصوات حوله وحتّى بين البعض من وزرائه الذين قفزوا من القارب السائر نحو الغرق وأعلن بعضهم على رؤوس الملأ بأنّ حكومتهم تقود "إسرائيل" نحو الهاوية والهزيمة الاستراتيجية.
قفز "بني غانس" من حكومة الفشل وأعلن "فشل الحلّ العسكري وحمّل رئيس الحكومة مسؤولية إفشال المفاوضات ولحقه "إيزانكوت" صارخا:" هذه حرب عبثية، خاسرة ولا خيار أمامنا سوى المفاوضات"، وهي تقريبا ذات المعاني التّي ردّدها "هاليفي" الناطق الرسمي للجيش الذي قال: "من يزعم تحرير أسرانا بالعمل الحربي هو واهم" وأضاف: "من يقول عكس هذا هو ذرّ للرّماد في العيون".
بهذه الانقسامات الكبيرة وبهذه الرّوح الانهزامية التّي تمكّنت من أركان الكيان وجيشه يهدّد "نتانياهو" والبعض من أركان جيشه باجتياح "لبنان" وتدميرها، وهو أمر يثير السخرية؛ فقدرات "حزب الله" العسكرية هائلة، وخبراته الميدانية كبيرة، إضافة إلى المجال الجغرافي المتّسع قياسا بـ"غزة".
فما لا يرقى إليه الشّكّ أنّ فتح مثل هذه الجبهة لن يكون بالأمر الهيّن على الكيان وعلى حماتها، والأهم من ذلك أنّ مثل هذه الخطوة لن تقود إلاّ إلى حرب إقليمية واسعة خسائرها الأثقل ستكون على المصالح والقوّات الأمريكية بالمنطقة وعلى الكيان العالق في غزّة.

    الاستعمار الطاقي في تونسhttps://www.sawt-achaab.tn/29260/بقلم وليد بالضيافيأمضى نظام قيس سعيد يوم 16 جويلة 2023 مذكر...
30/06/2024


الاستعمار الطاقي في تونس
https://www.sawt-achaab.tn/29260/
بقلم وليد بالضيافي

أمضى نظام قيس سعيد يوم 16 جويلة 2023 مذكرة تفاهم تحت عنوان “شراكة استراتيجية وشاملة” مع الاتحاد الأوروبي كانت المسألة الطاقية من بين أهم محاورها. جاء هذا الاتفاق في سياق حملة عنصرية ضد المهاجرين بادر بها قيس سعيد وأتباعه، وهو ما جعل مسألة تصدير الحدود الجنوبية لأوروبا تطغى على النقاشات بينما غيّبت المسألة الطاقية رغم أهميتها. عادت اليوم النقاشات حول هذه المسألة إثر توقيع النظام على مذكرتي تفاهم مع شركات أجنبية لإنتاج الهيرودرجن “الأخضر” (مذكرة مع مجمع طوطال وشركة فاربوت النمساوية واتفاقية مع شركة أكوا السعودية). هذه الاتفاقيات تتنزّل في إطار الإستراتيجية الوطنية لتطوير الهيرودرجن “الأخضر” ومشتقاته التي أعدّتها حكومة قيس سعيد أو بالأحرى أعدّها مكتب دراسات ألماني وآخر تونسي بتمويل من وكالة التعاون الألمانية لفائدة الدولة التونسية.
كانت جريدة “صوت الشعب” أصدرت مقالاً أوّلاً في الموضوع ونواصل في هذا المقال التطرّق إلى مخاطر هذه السياسات.

1. مواصلة للاستعمار الاقتصادي
تطمح تونس حسب وثيقة الاستراتيجية إلى إنتاج 8300 مليون طن من الهيدروجين “الأخضر” في حدود سنة 2050، منها 6000 مليون طن معدة للتصدير عبر الأنابيب إلى الاتحاد الأوروبي. أمّا البقية، أي 2300 طن، فهي معدّة لإنتاج مشتقات الهيدروجين (أمونياك وميتانول…) مخصصة للسوق الداخلية والتصدير، أي أن أكثر من 70% من الإنتاج سيكون مخصّصا حصراً للاتحاد الأوروبي. إنّ هذا الخيار محفوف بالمخاطر باعتباره يجعل من أوروبا الحريف الشبه الحصري. وهو ما من شأنه أن يعمّق تبعيتنا الاقتصادية للسوق الأوروبية. هذه التبعية كانت مثلاً سببا رئيسيا في تصدير الأزمة الاقتصادية لتونس سنة 2008. كما يضعنا هذا الخيار تحت رحمة التقلبات السياسية الأوروبية التي لم تحسم بعد خياراتها الطاقية. ففي فرنسا مثلاً مازال الجدل متواصلا بين مؤيّدي استعمال الطاقة النووية (الحزب الشيوعي مثلاً) وبين من يؤيّد التوجه إلى استعمال الطاقات البديلة (حزب الخضر). كما أن الانتخابات الأوروبية الأخيرة تميّزت بزيادة عدد النواب المنتمين إلى اليمين المتطرف، وهي حركة معروفة بتشكيكها في التحوّل المناخي ودفاعها عن استعمال الطاقات الأحفورية (فحم حجري، بترول). فما العمل إذا فقدت تونس حريفها “الاستراتيجي”؟
تقدّر الفرضيات المطروحة في وثيقة الإستراتيجية قيمة الاستثمارات بـ120 مليون يورو، جزء منها بتمويلات خاصة، وتنصح بالتوجه إلى البنوك الأوروبية لاقتراض البقية (بنوك “التنمية” وصناديق الاستثمار)، هذه المؤسسات هي الأذرع المالية للاتحاد الأوروبي، وضعت لخدمة سياساته والحفاظ على مصالحه الاستعمارية. وهو ما يجعل من تونس في مرتبة المناول (sous-traitant) لأوروبا وليس شريكاً استراتيجيا كما توحي به مذكرة جويلية 2023.

2. أيّ مردودية اقتصادية؟
حسب هذه الإستراتيجية فإن عملية تصدير الهيدروجين إلى أوروبا ستمكن تونس من تقليص عجزها التجاري بـ8.6 مليار يورو في حدود 2050 دون شرح الفرضيات التي تؤدي لهذه النتيجة. فلم تحدد الوثيقة نسبة الإتاوة التي ستتحصل عليها الدولة التونسية مقابل استغلال مواردها وأرضها لإنتاج ونقل الهيدروجين. من ناحية أخرى، تمهّد الوثيقة لوضع إطارٍ تشريعي “يحفز على الاستثمار”، عبر تخفيض الضرائب (تقليص مداخيل الدولة) وتسهيلات استغلال الأراضي والسواحل معتمدة المغرب ومصر كأمثلة (نظام ملكي ونظام عسكري، أنظمة منبطحة توزع الثروة فيها على مجموعة صغيرة من “المقرّبين”).
علاوة على هذا الإطار “المحفز”، فإن الحكومة التونسية أمضت اتفاقيتين/مذكرتي تفاهم مع شركتين أجنبيتين لدراسة تركيز وحدات إنتاج معدة لتصدير الهيدورجين لأوروبا. فالقانون التونسي يمنح فعليا عدة امتيازات للشركات المصدرة كلياً كالتخفيضات في الضريبة على الأرباح، إعفاءات ديوانية مع إمكانية إخراج المرابيح بالعملة الصعبة دون الاحتياج إلى موافقة مسبقة من البنك المركزي لتحويل الأموال عكس بقية الشركات… وفي هذا الصدد كانت شركة/مجمع طوطال الفرنسية أولى الموقعين على مذكرة تفاهم مع الحكومة التونسية، رغم تشكيك مديرها في جدوى استعمال الهيدروجين كناقل/مصدر للطاقة (تصريحات باتريك بوياني مدير مجمع طوطال في الملتقى الاقتصادي العالمي بالرياض في أفريل 2024) وهي شركة متهرّبة ضريبيا في فرنسا وفي أوغندا حسب منظمة أوكسفام.

3. مخاطر بيئية بالجملة
يتبادر للبعض عند سماع أو قراءة هيدروجين أخضر أنه منتوج صديق للبيئة إلا أن هذه تسمية مغالطة. لفهم المخاطر البيئية يجب الرجوع لطريقة الإنتاج. مركب الهيدروجين هو عبارة عن ذرّتي هيدروجين متلاصقتين (H2)، نتحصّل على هذا المركب عبر تمرير تيار كهربائي في الماء (H2O) حتى تنفصل جزئيات الماء إلى الهيدروجين والأكسجين. تحتاج العملية إلى استعمال بعض المواد الكيميائية حسب التكنولوجيا المستعملة، وتسمى العملية التحليل الكهربائي (électrolyse). إذن فعملية إنتاج الهيدروجين في حدّ ذاتها تحتاج إلى الكهرباء في عدة مراحل. لهذا يعتبر الهيدروجين ناقلا وأداة تخزين للطاقة الكهربائية وليس مصدرا لها. لإنتاج الهيدروجين “الأخضر” تستعمل طاقة كهربائية متأتية من مصادر “متجددة” كالريح عبر التوربينات (éoliennes) أو الشمس عبر الألواح الشمسية وهو ما يعني وجوبا تخصيص مساحات شاسعة لهذه المنشآت إمّا في البحر أو في الأرض، هذه المساحات كان بالإمكان استغلالها للفلاحة أو الصيد مثلا. على صعيد آخر، تستوجب عملية التحليل كميات هامة من المياه العذبة في حين تعتبر تونس من الدول التي تعاني من الضغط المائي. هذا الضغط المائي هو نتيجة حتمية للانحباس الحراري الذي تعدّ أوروبا أهمّ المتسببين فيه. تدعو الوثيقة إلى تحلية مياه البحر وتتوقع الدراسة الحاجة إلى ما بين 165 و248 مليون متر مكعب من المياه المحلات. هذه المياه كان بالإمكان استغلالها للشراب أو في الفلاحة. كما أن هذه العملية محفوفة بالمخاطر البيئية حيث تولد محلولا عالي الملوحة وعدة نفايات كيميائية يجب التأكد من حسن معالجتها كما أشار لذلك بيان قسم العدالة البيئية للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية. هذا إضافة إلى النفايات الكيميائية والصلبة الصادرة عن عملية التحليل الكهربائي التي تتطلب أيضا عمليات معالجة صارمة نظرا لخطورتها. زد على ذلك أن عملية تخزين ونقل الهيدروجين في حد ذاته عملية معقدة نظرا لصغر حجمه وسرعة التهابه وانفجاره.
هذه المخاطر تحتّم على الدولة التونسية إصدار إطار تشريعي صارم لتأطير إنتاج الهيدروجين قبل بدء عمليات الإنتاج. لكن الوثيقة الصادرة باسم وزارة الطاقة والمناجم بتاريخ ماي 2024 “تدعو” إلى إرساء إطار قانوني يحدد إجراءات استغلال ملك الدولة البحري وكيفية التعامل مع مياه البحر وإجراءات السلامة لتخزين ونقل الهيدروجين… أي أن حكومة سعيد قامت بإمضاء مذكرات تفاهم مع شركات أجنبية في غياب إطار تشريعي يحمي حقوق الدولة التونسية. والسؤال هنا إلى أي مدى ستضغط هذه الشركات على النظام لسن قوانين متسامحة لفائدتها؟ خصوصا وأن العديد الشركات العاملة في مجال الطاقة محل تتبعات نظرا للضرر البيئي الذي أحدثتة مثلما هو الحال بالنسبة لمجمع طوطال الشريك الرئيسي في مشروع “H2 Notos” (محل مذكرة التفاهم الأولى) والملاحق قضائيا على خلفية مجزرة بيئية قام بها في منطقة حضرموت في اليمن أدت إلى تلويث المائدة المائية والأراضي وإلى ارتفاع عدد حالات السرطان والوفايات نتيجة التسمم بمواد كيميائية لم تعالجها الشركة عند استخراج البترول من المنطقة لتقليص المصاريف والترفيع في الأرباح.

4. السيادة الشعبية على الموارد الطاقية
ختاما، إن الاستراتيجية الوطنية لتطوير الهيدروجين “الأخضر” هي عملية إنتاج موجهة أساسا للسوق الأوروبية بقروض أوروبية تتحمل تونس مخاطرها البيئية والاقتصادية، عكس ما جاء في مذكرة التفاهم بين تونس والاتحاد الأوروبي حيث ذكرت الوثيقة “أن الطرفين (تونس والاتحاد الأوروبي) سيدعمان التعاون لتحقيق التزامات تونس في إطار اتفاق باريس” فتونس هي من تساهم في تحقيق أهداف أوروبا البيئية عبر “تأمين تموين أوروبا بطاقة منخفضة الكربون” (حسب نفس المذكرة). لتمرير هذه الإستراتيجية، تحاول حكومة قيس سعيد إضفاء صبغة تقنية بحتة على المسألة الطاقية لتجعل منها قضية نخبوية تناقش أساسا في أروقة الوزارات عبر تقارير تنتجها مكاتب الدراسات، في غياب إدارة ديمقراطية للشأن العام. إن هذا التمشي أنتج سياسة طاقية تعمّق من وقع الاستعمار الاقتصادي الأوروبي في تونس.
لكن المسألة الطاقية هي مجموعة من الخيارات السياسية، في الأنظمة الديمقراطية تشرح هذه السياسات وتناقش علنا في البرامج الانتخابية ليستفتى عليها الشعب ويستشار السكان المحليون حول المشاريع التي تقام على أراضيهم. هكذا يتمكن المواطنون من تبيّن مزايا ومساوئ هذه المشاريع لاتخاذ قرار واعي ومستنير. ولأن مسألة الطاقة مسألة سيادية (فهي المحرك الأساسي للإنتاج)، ينبغي على الدولة (المنبثقة عن خيار شعبي) أن تتحمّل مسؤولية إدارتها عبر تأميم القطاع لتأمينه وحسن استغلاله حتى يبسط الشعب سيادته كاملة على موارده، وهو التمشي الذي اختاره حزب العمال في برنامجه السياسي “الديمقراطية الشعبية”.

    الاستراتيجية الوطنية للشباب في أفق 2035: استراتيجية الإفراط في الشعبويةhttps://www.sawt-achaab.tn/29255/بقلم إيناس م...
29/06/2024


الاستراتيجية الوطنية للشباب في أفق 2035: استراتيجية الإفراط في الشعبوية
https://www.sawt-achaab.tn/29255/
بقلم إيناس ميعادي

الاستراتيجية الوطنية للشباب في أفق سنة 2035
استراتيجية الإفراط في الشعبوية

إن الحديث عن الشباب باعتباره عنصرا من عناصر القوة الاجتماعية والاقتصادية يتطلب ضرورة الرجوع إلى شبكة من المفاهيم والتعاريف والدراسات العلمية والسوسيولوجية، وبالعودة الى المجتمع التونسي، فإن فئة الشباب تمثل ربع التونسيين، الأمر الذي جعل ويجعل من الشباب التونسي موضوع نقاش حقيقي خاصة في ظل التوظيف السياسي الرسمي وفشل جل السياسات الشبابية التي تستهدفه والعمل على الإبتعاد عن التقييم بشكل موضوعي والوقوف على مدى مساهمة الدولة وعلى أهم خياراتها وخاصة تجارب وزارة الشباب والرياضة سواء قبل الثورة أو بعدها...

أعلن بن علي عن خدعته السياسية وزيفها معلنا سنة 2010 "السنة الدولية للشباب" لمزيد تثبيت حزبه وبسط سيطرته على هذه الفئة لتدجينها وتمثيلها بشكل صوري عبر حزب الدولة ودولة الحزب لمزيد السيطرة عليه، لتأتي الثورة 17 ديسمبر 2010_14 جانفي 2011 وتطيح بالنظام وتعصف به، بفضل انتفاضة العاطلين عن العمل بالحوض المنجومي ومراكمة الأحزاب الديمقراطية والتقدمية المحظورة ومساهمة الفصيل الطلابي بالجامعة التونسية ومراكمة المجتمع المدني، ولم يتغير واقع الشباب في ظل حكومات ما بعد الثورة رغم تضاعف عدد الجمعيات بل زاد انتشار مظاهر عنيفة للتدين خاصة مع سيطرة الإسلاميين على الحكم دون أن ننسى أحداث الرش بسليانة ومزيد تفاقم التباين بين الريف والمدينة والتفاوت الاجتماعي بين الشباب، صاحبتها تدخلات وعمليات بيضاء غير منهجية وضاربة في الارتجال قامت بها وزارة الشباب والرياضة فقد خاضت تجربتين يتيمتين بداية سنة 2015 تمثلت أساسا في احداث بطاقة شاب وإنشاء مركز النداء برادس، انتهت التجربة الأولى وتاهت في الوثائق وضعف التنسيق بين الوزارات المعنية وتأخر التشريعات، ولم تعرف البطاقة النور في صفوف الشباب ولم ينتفع بها شباب المؤسسات الشبابية في مجال الخدمات وتم ضرب الثقة تدريجيا بينه وبين المؤسسات وخاصة العاملين بها من الاطارات التربوية التي سوقت وهم ووهن هذه البطاقة وحسن منافعها لكنها انتهت في خضم بداياتها، أما التجربة الثانية فهي احداث مركز النداء برادس الذي كان الهدف منه هو تقريب الخدمات الشبابية وتغطية الأنشطة عبر الهاتف لكن سرعان ما أغلق مركز النداء برادس بعد مضي ثلاث سنوات وتمت نقلة جميع الاطارات التربوية التي التحقت به لكن سرعان ما انتهت التجربة وأغلق هذا المركز وباشرت الإطارات العمل إما بدور الشباب بولاية بن عروس أو غيرها من الجهات دون الوقوف أو الحديث تلميحا أو تصريحا عن التجربتين أو تقييمهما بشكل ناجع وموضوعي.

ولأن الشعبوية تعبيرة سياسية طبقية لا تطرح مطلقا معركة تجويد المضامين لم تفاجئنا رئاسة الحكومة بقصر الحكومة بالقصبة يوم الثلاثاء 11 جوان 2024 بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب في أفق سنة 2035.

ملاحظات أولية تهم الاستراتيجية في انتظار تفصيلها في نصوص متتالية لنقف على الأسباب والنتائج والنقد والانتقاد.

أفاد رئيس الحكومة ومصالح الاعلام والإتصال بالقصبة أن الاستراتيجية الوطنية للشباب هي ثمرة مقاربة تشاركية شملت كل الأطراف المعنية منذ سنة ونصف فيما أكد وزير الشباب والرياضة أن هذه الأخيرة هي نقلة نوعية وكمية في السياسات والخطط والبرامج الموجهة للشباب بالشراكة مع مختلف الفاعلين، ولعل أهم الفاعلين والأطراف المعنية هم الاتحاد العام التونسي للشغل بهيكله المهني والقطاعي المُغيب الأبرز خاصة في ظل غلق باب الحوار الاجتماعي من قبل السلطة التنفيذية.

إن الحوار الاجتماعي كضمانة للتنمية الشاملة وضربه هو تبخيس ممنهج للحوار والتشاركية التي لا تمس الزيادة في الأجور بل تمتد إلى ظروف العمل اللائقة ومناقشة السياسات العمومية وخيارات الدولة وهو ما يتعارض مع الهدف الثالث للاستراتيجية.

نقف بداية على المنطلقات المرجعية للاستراتيجية حيث تضمنت إحدى عشر نقطة، تصدر دستور الجمهورية التونسية الحد (الأرجح هو دستور 2022) أما النقطة الثانية فهي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي لا يعد مجردا بل هو مفهوم كوني غير منفصل عن التداول على الحكم ومبدأ الفصل بين السلطات الثلاث وتكريس مبدأ المواطنة وضمان الحريات وهو ما لا تؤمن به الشعبوية وما لا يعيشه شبابنا،

تضمنت النقطة الثالثة الاستشارة الوطنية الالكترونية لسنة 2022 والتي شارك فيها نصف مليون تونسي وهو مؤشر ضعيف مقارنة بحوالي 12 مليون تونسي واعتبر أحد أهم الفاعلين في المنظمات الوطنية، ألا وهو الاتحاد العام التونسي للشغل، "أن الاستشارة الالكترونية لا يمكن أن تحل محل الحوار الحقيقي لكونها لا تمثل أوسع شرائح المجتمع وقواه الوطنية فضلا عن غموض آلياتها وغياب سبل رقابتها ومخاطر التدخل في مسارها والتأثير في نتائجها" هذا وقد غاب عن المنطلقات المرجعية المنتدى الوطني الدراسي حول "السياسات العمومية للشباب في تونس من 18 إلى 20 ماي 2016" كما تم حجب الرؤية القطاعية للشباب 2018 - 2020، وعدم ذكر الدراسات المنجزة وتواريخها، وعدم تسمية المؤسسات وتجاهل مراكز البحوث وهو ما غيب في المنطلقات المرجعية التي افتقدت أية إشارة للتجارب المقارنة للسياسات الشبابية الناجحة فضلا عن عدم الاستئناس بمساهمات الباحثين في المسألة الشبابية سواء من المختصيين أو الأكادميين.

غاب عن نقاط المنطلقات المرجعية أيضا التواريخ وتم اعتماد الترتيب التفاضلي السياسي والاحتفاء به وتوظيفه مع اهمال التموضع الزمني مما يجعلها بدورها خاضعة للتقييم ومثيرة للأسئلة.

تضمنت الاستراتيجية التشخيص باعتماد التحليل الرباعي (SWOT) وهو تحليل يتضمن نقاط القوة ونقاط الضعف والفرص المتاحة والتحديات المحتملة لمعرفة الوضع الحالي، فيما استثنت الوثيقة تحليل (PESTELE) لمعرفة تأثير جميع العوامل الداخلية والخارجية.

تحليل (PESTELE) هو أداة عمل استراتيجية تسمح بفهم كيف يمكن لعناصر مختلفة أن تؤثر في أعمالها بالعودة إلى العوامل الرئيسية الست التي يمكن أن تؤثر في العمل وهي : العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والبيئية...

تضمنت أهداف الاستراتيجية ست نقاط وإن تفرعت فجاءت لتؤكد على مشاركة الشباب في الشأن العام دون الاعتراف بالتباين بين فئات الشباب بين الريف والمدينة وبين الديني والمدني وبين الاجتماعي والتشريعي وبين المحلي والعالمي وبين التفاوت بين القطاعين العمومي والخاص في بلادنا.

في ما تصدرت نقاط القوة الإستراتيجية وزعمت وجود إرادة سياسية لتفعيل مشاركة الشباب في صناعة القرار وفي الشأن العام وتوفير الإطار المؤسساتي الكفيل بذلك، تعددت النسب واختلفت وتباينت بين استخدام الأنترنات وتفضيل الشباب للتعليم العمومي وغابت نسب ارتياد الشباب لدور الشباب (في حدود 495 مؤسسة سنة 2023) الحاضنة الأولى له والمحرك الأساسي للأدوار التربوية التي يؤمنها في حدود 1800 إطار تربوي.

نقاط الضعف تضمنت نسب متدنية خاصة فيما يخص البطالة كما وردت وهي 16.40 وهو ما يفيد تنامي عدد المعطلين عن العمل كذلك نود أن نشير إلى أنه في سنة 2023 بلغ عدد المهاجرين سواء عبر الهجرة النظامية وغير النظامية في حدود 76 ألف مهاجر نتيجة للأوضاع الإجتماعية وتردي المناخ السياسي حيث أوردت الإستراتيجية أن 47 % غير مهتم بالحياة السياسية ولا يمكن في هذا السياق التغافل عن المرسوم 54 الذي يستهدف خاصة حرية التعبير وإبداء الرأي من ذلك الشابين رشاد طمبورة - وليد الزايدي وغيرهما إضافة إلى التردي القيمي والثقة المفقودة في مؤسسات الدولة خاصة منها النسب الضعيفة لمشاركة الشباب في الشأن العام وخاصة في المحطات الانتخابية التي عرفتها البلاد منذ انقلاب 25 جويلية 2021 حيث أوردت الإستراتيجية أن نسبة 6.40 عزوف الشباب عن المشاركة في المحطات الانتخابية ترشحا وانتخابا، وهو ما نعتبره أمرا خطيرا، وبالعودة إلى الأسباب والمسببات التي عصفت بالبلاد والعوامل المغذية لذلك كما من المهم أن نشير إلى أنه من نقاط الضعف عدم وجود قانون توجيهي يحدد التوجهات العامة والسياسات الكبرى لقطاع الشباب وهو ما سينعكس على أهداف المؤسسة الشبابية التي يعززها الإطار البيداغوجي المباشر للشباب في مؤسساتنا الشبابية في ظل الصعوبات المالية والقانونية إضافة إلى غلق بعض الوحدات المتنقلة أو المتحركة نتيجة لنقص في الإطار العمالي (أعمال التنظيف، أعمال الحراسة وأعمال الصيانة...).
وخاصة المختصين منهم في إطار غلق باب الإنتداب في الوظيفة العمومية وهو ما لا يضمن حسن تقديم الأنشطة المقدمة من مؤسساتنا الشبابية خاصة في ظل بنية مهترئة وفي حاجة ماسة للمتابعة فضلا عن رصد اعتمادات ضعيفة للصيانة علما وأن 95% من ميزانية الوزارة موجهة لكتلة الأجور.

إن قراءة أولى لهذه الإستراتيجية تجعلنا نؤكد أن السياسات القديمة والمستجدة للشباب متشابهة من حيث الطرح والتوظيف مع اختلاف في الشكل، فالشباب فئة واسعة وغير متجانسة وتشتمل على مجموعات نوعية تستحق في حد ذاتها سياسات عمومية شبابية شرط أن تكون القراءة السياسية وفية للواقع المادي الملموس وهو ما يعجز عنه الطرح الشعبوي ويؤكد قصوره، هذا ونؤكد أن مرحلة الشباب مرحلة انتقالية ديناميكية تحدث فيها تغيرات كمية ونوعية في ملامح الشخصية وتختلط فيها الرغبة في اثبات الذات مع البحث عن دور اجتماعي، ولا يمكن لمؤسسات الدولة أن تظفر بالنجاح في ظل منحى ومحاولات استنساخ المبادرات الخاوية في التوظيف الرخيص للشباب من قبل الأنظمة السياسية وخاصة لعلاقات التسلط وهو مايتطلب تبني مقاربة علمية وسوسيولوجية مع مراجعة للإعتمادات المخصصة للشباب والمضاعفة في ميزانية دور الشباب في أفق سنة 2035 فضلا عن إيجاد صيغ بديلة للصرف المالي عن ماهو معمول به حاليا.

فلا يمكن أن يؤدي اعتماد نفس الأسباب إلى تغيير جذري في النتائج والتي تعمل جاهدة للامتثال لنظام السلطة القائم الآن وهنا.

Address

Belvédère

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when جريدة صوت الشعب posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Contact The Business

Send a message to جريدة صوت الشعب:

Videos

Share

Category

Nearby media companies


Other Magazines in Belvédère

Show All

You may also like