Ibrahim Abbas

Ibrahim Abbas ؍؍ لن ينتهي البؤس أبداً.

• فان جوخ

تكريماً لذكرى استشهاد المفكر والمناضل السوداني عبد الخالق محجوب نقوم بنشر ملخص لكتابه البديع "المدارس الإشتراكية فى إفري...
29/07/2024

تكريماً لذكرى استشهاد المفكر والمناضل السوداني عبد الخالق محجوب نقوم بنشر ملخص لكتابه البديع "المدارس الإشتراكية فى إفريقيا" حيث تناول فيه المشارب الفكرية لحركات التحرر الوطني في افريقيا ذات الطابع الاشتراكي، واستحضر خلاله نقاط هامة لطالما أهمل المنهج المادي ذكرها، مثل الثقافة والدين ودورهما المفصلي في اسناد حركات التحرر الاشتراكية في مواجهة الطابع الثقافي للاستعمار

- إعداد المواطنة: ِمنى عبد العزيز .

هل نحن عبيد بالفطرة ؟ هل يوجد جين داخلنا مسؤول عن تمرير سلوكيات الخضوع و الرهبة من الآخرين ؟. هل أرضنا بور وخواء ؟ أصحيح اننا لم نعرف الحضارة إلا بعد الغزو الإستعماري؟

فى كتابه المدارس الإشتراكية فى إفريقيا يتحدث عبد الخالق محجوب عن آثار الزراعة والثورة المعدنيه، أي تحول وسائل الإنتاج وأثرها على القاره الأفريقية ويقول بأنه فى إفريقيا حيث وفرة المياه و الأرض ،لم تكن للمعادن آثار ثورية عميقه و لكنه أحيا فى المجتمع حركة عمل واستقرار ، وهذا التحول خلق أنماطا جديدة من الاستقرار. و الاستقرار بدوره أدى إلى خلق أنماط جديدة من الثقافة و أشكالاً من الإدارة أوسع دائرة وأشمل من نظام العشيرة.

على العكس مما يقال بأن إفريقيا لا ثقافة فيها، و الفضل كل الفضل للاستعمار إلى ما آلت إليه من تقدم، يبرهن محجوب بأن إفريقيا حتى عندما استقبلت المسيحيه و الإسلام كانت تعرف الزراعة و الاستقرار نظاما للعيش، تعرف التجمع فى ظل إدارة واحده، عرفت مشكلة الأرض و أصبح الري و الزراعة مداراً للحياة الثقافية و الدينيه فى أجزاء منها كما أصبحت الماشية مداراً لتلك الحياة فى أجزاء أخرى.

و فوق هذا الأساس قامت نهضتنا الثقافية وهي تشارك فى سماتها مع كل النهضات الثقافيه المماثلة لها فى القارات الأخرى. بالطبع يوجد مميزات للثقافة الافريقيه على الرغم من مشابهة الأسس المادية التى قامت عليها الحضارة الأفريقية مع بقية الحضارات و لكن الإنسان الأفريقي وجد فى إفريقيا ما لم يوجد فى قارة أخرى و صارع الطبيعة وعمل بينها و تأثر بها، و لهذا هو أفريقي ثقافة رغم ان تلك الثقافه ذات طابع إنساني.

فى الميثاق الذى ترددة قبيلة الاشانتي عندما ينصبون شيخهم نجد ديمقراطية حديثة و ليس كما يتم تصويرنا على أن إفريقيا عبارة عن همج و عبيد بالفطرة :

خبروه أنا لا نريده طامعا
أنا نكره أن يساء إلينا
انا لا نريده و قد صمت اذناه
انا لا نريده يصب اللعنات علينا
انا لا نريده متصرفا وفق هواه
انا لا نود الأمور أن تسير كما فى كوماسي
انا لا نريد أن نسمعه، يقول :
" ليس لدي وقت، ليس عندي متسع منه"
انا نكره استغلال السلطة
خبروه انا نمقت العنف

و هذا الميثاق كما نرى يتضمن مبادئ المساواة بين الجماعه و الرجوع إلى إرادة الشعب كما يتضمن التشوق للسلم و الإستقرار، هذة المبادئ ولا ريب تنبع من الاستقرار الذى طرأ على النظام الحضري بعد تطور الثورة المعدنية والوفرة التى عادت على مجموع القبيلة من تطور الآلة و استقرار الزراعة.

كما عرفت أيضا وفى أجزاء منها نظام الدولة الموحد الشامل، صحيح ان ذلك لم يكن أمرا شاملا فى منطقة جنوب الصحراء، إلا بعد دخول الإسلام، إلا أن ذلك لا يمنع حقيقه معرفة إفريقيا لهذا النظام فى تلك المنطقة قبل دخول الإسلام؛ فقد جاء فى تاريخ مملكة على نهر الزمبيزي قامت قبل عشر قرون و هى تضم عدة ممالك يحكمها ملوك على رأسهم ملك للملوك يجري انتخابه من الشعب مباشرة.

خلاصة الأمر هى أن الاستقرار وجد طريقه إلى إفريقيا نظاما للحكم قبل موجة المؤثرات العظمى و بأن مفاهيم الدولة بغض الطرف عن حدودها كانت موجودة و كذلك مفاهيم الديمقراطيه و العدل الاجتماعي و مفهوم الأخير هذا كان قوياً لتخفف إفريقيا من ثقل النظام الاقطاعي فى باطن العشيرة و القبيلة، يمكننا القول بأن الحضارة الإفريقيه وهى تقف فى عصر المعادن، جزء من الحضارة الإنسانيه ومتأثرة بمميزات إفريقيا الطبيعية و تأثير تلك الطبيعة على علاقة إفريقيا بالحضارات القديمة .

المؤثرات العظمى فى حياة أفريقيا:

• الأثر المسيحي الأول

وصفه عبدالخالق بالأول لأن هنالك أثر مسيحي ثاني هو دخول المسيحية على يد المبشرين الأوربيين رسل الاستعمار الغربي، و يقصد بالأثر المسيحي الأول انتشار المسيحية فى مصر، إثيوبيا و شمال السودان و دخولها لأفريقيا كدين جديد لم ينبع من أوساطها و أفضل تصوير لذلك كان في رواية "الأشياء تتداعى" ، هذا اول تلاقى على نطاق واسع نسبيا بين الفكر الأفريقي و الثقافة الافريقيه وبين ثقافة وافده من الخارج.

تتميز هذة الموجه المسيحية الأولى بمواصلتها لسير الحياة فى أفريقيا و لم تقطعه بل يمكننا القول انها تأقلمت معه إلى حدود بعيدة فى المناطق التى شملتها؛ فمصر الفرعونية ابتلعت المسيحية و لم يهتز كيانها الاجتماعي و بقيت العلاقات الاجتماعية على ما هى عليه تقريبا كما بقيت العديد من الآثار و العادات الفرعونية.
و كذلك الأمر فى النوبه و إثيوبيا، فى الأخيرة ظهرت حركة سميت فى العصر الحديث ب "أثوبة الكنيسة" و لكن التغلغل المسيحي كان محمدا فى نطاق ضيق و لا يمكن الحديث عن آثار فى أفريقيا عامة.

ما سبق يبرهن بأن استقبال أفريقيا للمسيحية سلمياً برهنت على قوتها و حيويتها و انها تستطيع أن تستوعب الحضارات الأخرى. دون الذوبان فيها، هذا يضحد الحجه الزائفة القائل بأن أفريقيا ليس لها من جدار تستند عليه كما يكشف أيضا الطبيعة التعجرفية للموجة المسيحية الثانية التى أدت إلى تفتيت المجتمع الأفريقي.

• الأثر الإسلامي

اذا عقدنا مقارنة بين دخول الإسلام إلى أفريقيا مع دخول المسيحية نجد أن الإسلام إمتاز بإبقائه على الاستقرار الأفريقي فى كل المناطق التى شملها و هذا يرجع إلى طبيعة الإسلام نفسه وإلى الطريقة التى دخل بها أفريقيا. ففي أفريقيا جنوب الصحراء لم يحمل الإسلام جيش من الغزاةُ وإنما دخل المسلمون كتجار من شمال أفريقيا فخلقوا علاقة بين النسيج الأفريقي الاجتماعي و دول شمال أفريقيا ، كذلك لم توجد طبقة "إكليريكية" ذات مصلحة فى الغزو فتدفع بالدين فى محيط الاستغلال و الحروب.

إن البلدان الأفريقية و خاصة جنوب الصحراء حيث لم يدخل الأثر المسيحي الأول لامست الحضارة الإسلامية برفق وسلام و استفادت من الحضارة وابقت على تراثها التاريخي وأصوله الأفريقية، لقد جدد الإسلام الحياة فى تلك البقاع فاتسع نطاق الدولة من القبيلة إلى المظلة الإسلامية الاوسع و ارتبط شمال أفريقيا بجنوبها و اتسع نطاق التجارة.

لقد تأثر التخلل الإسلامي جنوب الصحراء بوجود نظم أفريقية قوية فى تنظيم شؤون الحكم و الحياة الاجتماعية و الاقتصادية.

• الأثر المسيحي الثاني وارتباطه بالإستعمار

لا يمكننا فصل هذا الأثر من الإطار الإستعماري بمرحلتيه، الإستعمار و الإمبريالية، فقد دخلت المسيحية على هذا العصر إلى أفريقيا كجزء من الإستعمار مهددةً لدخوله بادي الأمر، و مدعمه لبقائه فى النهاية.

قدمت المسيحية الوافدة مع الاستعمار ثقافتها للرجل الأفريقي، بعض المبشرين حاولوا تخفيف الآلام الأفريقية الناتجه من مصاعب الحياة الجديدة و لكن ذلك لم يكن الطابع العام بل كان طابعها عموما هو القهر و الاستبداد ، كان طابعها تشويه صورة تعاليم المسيح بطريقة تجعل الأفريقي يقبل كل ما يصيبه من خراب، بصورة توحي إليه المسكنه و تدخل فى روعه أنه إنسان بلا تاريخ، واشتركت الكنيسه فى تجارة الرقيق عمليا فى أفريقيا و صدرت ما تملك منه إلى شواطئ أمريكا.
"أدور بلايدن" يروي فى مقالته " المسيحية و العنصر الزنجي" ما يلي على لسان القس وليم ميت : " لقد خلق الله البعض سادة ليرعوا أطفالهم و من ملكت يداهم و خلق الله آخرين خدما وعبيدا ليساعدوا سادتهم و يخدموهم، كما خلق أيضا نفر من القساوسة والمعلمين لينشروا العلم بين الناس وليرشدوهم سواء السبيل، و يقول وليم ميت موجها حديثه للعبيد :" إن الله سبحانه وتعالى أراد لكم ان تكونوا عبيدا و لم يمنحكم فى هذة الحياة الدنيا غير الكد و الفقر، فعليكم أن تمتثلوا لإرادته ،إن اجسادكم ليست ملكا لكم و لكنها ملكا لأسيادكم"
ولم يكتفوا بالتشوية المزري لتعاليم المسيح و تبرير العنف و الخراب و لكن أيضا تجاهلت الأصول الحضارية للمجتمع الأفريقي وعملت على قطع حبل المعرفة.

الرجل الأبيض فى نظر الأثر المسيحي الثاني هو المتحضر وحده و به تبدأ الحضارة، و العادات الأفريقية كلها لا خير فيها و قد ظهر الاصطدام بين الحضارتين فى أشكال عديدة و فى حيز الكنيسة نفسها منها حركة "أثوبة الكنيسة" فى شرق أفريقيا و وسطها و جنوبها، استهدفت تلك الحركة قيام كنائس زنجية منفصلة لتناسب الظروف المحلية، و تحت علمها قامت ثورة فى نياسلاند ضد الحكم الأجنبي عام 1915.

أفريقيا و التحدي الإستعماري - كيف واجهت أفريقيا الإستعمار ؟

للإجابة على هذا السؤال ينبغى أن ننظر إلى المدارس الفكرية و السياسية التى ولدت فى مواجهة هذا التحدي الإستعماري و تحت تأثير وجودة السياسي، الاقتصادي والثقافي فى أفريقيا.

• الحركة الإفريقية

نشأت هذه الحركة بين الزنوج فى الولايات المتحدة الأمريكية وجزر الهند الغربية من المتحدثين باللغه الانجليزية، لقد مرت الحركة بمراحل قبل أن تقوم بمعالجة قضايا الثورة الاجتماعية على يد قيادات تاريخية مثل ادرو بلايدن، وديبوا، ففى بادئ الأمر في عام ١٩٠٠ كانوا يرون أن أصل الصراع لوني، (أي مشكلة علاقة الشعوب السمراء بالشعوب البيضاء)، واستمر التطور النضالي حتى المؤتمر الثاني الذى عقد فى 1919م حيث طالب المجتمعون؛ متأثرين بموجات الحرب الأوربية الأولى وموجة الهزات الثورية التى اجتاحت العالم، طالبت بوضع قانون دولي لحماية سكان أفريقيا، وانتقلوا من دائرة المطالبة بالحقوق المدنية في جزء من العالم الاسود، الى المطالبة بحماية أهل افريقيا من التسلط الخارجي، وهذه بالتأكيد خطوة متقدمة بالنسبة للمؤتمر الأول .

من الممكن القول بعد التتبع لتاريخ الحركة التى شملت المستعمرات البريطانية و هى تمر عبر مراحل مختلفه حتى أبواب الاستقلال السياسي التى كانت تستند إلى ركنين اولهما التاريخ الأفريقي الموحد و البحث عنه و الأخذ بما هو معافى منه و ثانيهما الإرتباط بالحياة الحديثة من زاوية هذا الكيان الأفريقي واستنادا إلى هذه الحركة الثقافية النشطة و المحددة للحياة واجه الأفريقي المتمتع بالاستقلال السياسي.

• قضايا الثورة الاجتماعية وقضايا الإشتراكية

يوضح عبدالخالق في هذا الجانب ارتباط قضايا الفكر الاشتراكي بالمضامين الاجتماعية في افريقيا، بعرض وتحليل افكار كل من الزعيم الغاني كوامي نيكروما، ويليوس نيريري .

• نكروما

شهد نكروما مؤتمر مانشستر عام 1945 الذى واجه قضايا الحرية و الوطنية بجانب قضايا اجتماعية ذات طابع عالمي. المؤتمر أدان ما سماه "الاحتكار الرأسمالي و تسلط أصحاب الثورة ورجال الصناعة بغرض جني الأرباح".
لم يطرح نكروما فى بادئ الأمر قضية الثورة الاجتماعية و هذا ناتج عن طبيعة المرحلة نفسها، لانه كان منشغل بحركة التحرر ضد الاستعمار وقضية الاستقلال، ولكن عندما كانت بلاده في عتبة الاستقلال عام ١٩٥٩، قال في خطابه الشهير: (بعد ان باتت السلطة في يد الشعب، اصبح واجبنا الآن هو الهجوم على مخلفات الاستعمار الاقتصادية التي سيطرت على بلادنا في الماضي) وكان هذا بمثابة تدشين لتبني الاشتراكية من قبل كوامي نيكروما، واستطاعت القيادة في غانية من كبح جماح استغلال علاقات الانتاج الرأسمالية على مستوى السوق والمجتمع، ولكنها لم تصل بعد الى حل مشكلة السلطة على أُسس اشتراكية.

ومن اهم الخطوات التي قامت بها القوى الاشتراكية في غانا هي استنادها الى جذور من البعث الثقافي الافريقي، يربطها أكثر بالواقع، ويمنحها القدرة على مواجهة مشاكل البناء الاقتصادي .

• نايريري والإشتراكية القبائلية

فى إطار الحركة الأفريقية نفسها و تحت تأثير منها تنمو اتجاهات اشتراكية النظام القبلي، في تنزانيا تحت قيادة جيوليوس نايريري، يمكن أن نطلق عليها اسم الإشتراكية القبائلية و هي تحاول استنادا على الجماعه القبلية أن تبني مجتمع غير رأسمالي، وتجمع هذة المدرسة بين الحنين لحياة القبيلة المستقرة وما فيها من تعاون و قوة ورغبة فى الحياة، ولكن عبدالخالق قدم لها نقداً لاذعاً مع وضع اعتبارات للايجابيات التي حاول نيريري الاستناد عليها، فقد وضع نيريري مؤسسة القبيلة كمقابل للتيارات العالمية المعاصرة التي تمثل المصالح الرأسمالية، واعترض عبد الخالق ان النظام القبلي لا يمكن له أن يبني مجتمع حديثاً ودولة حديثة، ومن المهم عرض المعنى الوظيفي للدولة الحديثة في فكر عبدالخالق وهو: رفع المستوى المعيشي للشعب، والقضاء على المرض والجهل، واختلاف محجوب مع نيريري اختلاف مفاهيمي ولكنه يتفق معه في كثير من التفاصيل ومن ضمنها قول يوليوس نيريري: "إذا كان المجتمع منظماً بطريقة تهتم بالفرد طالما طان يعمل فانه لن يقلق لما يحمله المستقبل، حتى اذا لم يكن لديه مدخرات، وهذا ما نجح في تحقيقه المجتمع الافريقي التقليدي." ويرى عبدالخالق أن هذه النظرة صالحة كأساس لمواصلة الثقافة الافريقية او كتعبير رومانتيكي فقط للمواجهة بين الحضارة الافريقية والتيارات العالمية المعاصرة، ولكن الاشتراكية لا تبنى على التعبيرات الثقافية وحدها، بل تبنى على أُسس صلدة لتنمية قوى الانتاج لهذا فالقبلية ليست الأساس الاجتماعي للاشتراكية وليست المؤسسة الاقتصادية التي تتولد منها العلاقات الاشتراكية انها على النقيض من ذلك، مؤسسة متأخرة وتحول بينها وبين الرُشد، ويُسميه عبد الخالق المفعوم الشعري للاشتراكية .

• الاستعمار الفرنسي والمدرسة الزنجية

أصبح الاستعمار الفرنسي بعد انهيار نابليون يلهث للبقاء على عظمة فرنسا و استمرارها كدولة كبرى، لقد كانت بحاجه إلى تقوية جيشها بعد هزائمه لهذا سعت من وراء استعمارها لأفريقيا إلى وجود قوة بشرية تندفع بها فى خضم الصراع العالمي و تقوي بها مركزها، واخد ميكنيزمات الاستعمار الفرنسي هو الذوبان، وهو اذابة الثقافات المحلية والاستعاضة عنها بالفرنسية، وهو ما خلق فئة نخبة افريقيا ترى في استمرار الاستعمار مصلحة للقارة، لان مصالحها الفئوية ارتبطت بالاستعمار والتطور الرأسمالي، هذا الاستعمار الثقافي انتج على النقيض مدارس مقاومة محلية مثل المدرسة الزنجية وهي تمثل المحاولة الحثيثة للتمسك بالثقافة المحلية، والاشادة والتغزل بحياة البساطة والفقر في مقابل الاختناق الحداثي الذي تولده اعمدة المصانع وعوادم المحركمات، ولكن للأسف بقيت هذه الحركة حبيسة في حيزها الثقافي، ولم تقتح الحيز السياسي بشكل ثوري وجاد، وقد اوضح احمد سيكو توريه الزعيم الغيني، سبب هذا الانغلاق الثاقفي ان هذه الحركة كانت تتكون من فئة ذات امتيازات طبقية، ويقول عبدالخالق: "هذا وضع فريد فالزنجية تواجه الذوبان وتقاومه ثقافياً، في وقت تقبل فيه البقاء تحت المؤثرات الفرنسية، وترفض الوقوف على الارض الصلبة للحرية الوطنية"

• المدرسة العربية فى أفريقيا

وهذه مقتربة بين التجربة العربية فى مصر و التجربة الجزائرية، فهنالك عناصر تجمع بين التجربتين، فالبلاد المتكلمة بالعربية فى أفريقيا واجهت الأثر الإستعماري و هى تستند إلى كيان قومي واضح المعالم و إلى حضارة غنية تقف على قدم المساواة مع الحضارة الأوربية الحديثة، كانت لها مؤسساتها القوية التى سرعان ما أسهمت فى حركة الحرية الوطنية و البعث الوطني ونسبة لهذا الوضع المتقدم لم تدخل البلاد فى تجارب التمرد الثقافي على طريقة المدرسة الزنجية.
على الرغم من سياسة المستعمرين الفرنسيين فى التذويب و التى طبقت فى الجزائر إلا أن الشعب الجزائري لم يكن ف حاجه إلى رد فعل بل استطاع أن يجد عاصما لبقائه بسبب عاملين هما العربية والإسلام، باللغه العربية حافظ فلاحوا الجبال على قوميتهم فى وجه الغزو الفرنسي و بالإسلام حافظوا على تكوينهم القومي المتميز من التكوين الفرنسي.

• ثورة يوليو وقضية الإشتراكية

مبادئ الثورة فتحت طريق التجربة ومهدت الوصول إلى الإشتراكية كما أن التفكير العلمي فى معالجة القضايا الوطنية اسهم إلى حدود بعيدة فى الوصول إلى تلك النتيجة فمبدا القضاء على الاستعمار و وأعوانه من الخونه المصريين جعل الثورة تواجه فيما بعد قضية التطور فى الريف وانسب الطرق لتنميتة، وهذه الثورة ينظر لها عبد الخالق من باب التجربة ويرى ان الميثاق الوطني قد عبر عن هذه الصفة التجريبية للثورة الاشتراكية بقول الميثاق: "ان قوة الارادة الثورية لدى الشعب المصري تظهر في ابعادها الحقيقية الهائلة اذا ما ذكرنا ان هذا الشعب البطل بدأ زحفه الثوري من غير تنظيم سياسي يواجه مشاكل المعركة، كذلك ان هذا الزحف الثوري بدأ من غير نظرية كاملة للتعبير الثوري" .

• الثورة فى الجزائر

لقد قامت الثورة الجزائرية على اكتاف الفلاحين ومن هذه الحقيقة انبعثت فكرة التغيير الاجتماعي، مرتبطةً بالاستقلال الوطني، فالاستعمار بالنسبة للفلاح الجزائري كان يعني الظلم الاجتماعي البشع، لهذا استندت الفكرة الاشتراكية في الجزائر على الثورة الزراعية،

ومن مميزات التطور الاشتراكي فى الجزائر تحديده لمصادر الثورة الثقافية إذ أن الميثاق يرى أن الثقافة الجزائرية ستكون قومية ثورية علمية، فهي قومية على أساس البقاء العربي كما أنها تستند فى نظرتها الثورية العلمية على أساس الثقافة العربية الإسلامية فى جوهرها الإسلامي المضيء، الذى دعا له العلماء الأجلاء أمثال ابن خلدون و الهيثم و غيرهما، كما أن القوى الجزائرية تمتاز بأنها لم تجد جهازا للدوله له تقاليده البيروقراطية كما وجدته الثورة الإشتراكية فى مصر .

• الخاتمة

يرى عبدالخالق في خاتمة الكتاب، أنا للاشتراكية مسارات عديدة في افريقيا، رغم أنها تطرح في اسسها الاقتصادية والسياسية قضية الجماعية لوسائل الانتاج، والسلطة الاشتراكية، ولكنها تواجه هذه القضية بتراثها الزنجي في مناطق من القارة، وبتراث عربي في مناطق أخرى، وبين هذا وذاك، فضائل ومثالب، وليس هناك تناقض بين الطرق الخاصة، والاهداف الأممية الجامعة للنضال المشترك .

هل الديمقراطيون يسار ؟عبدالرحمن حسين - محمد حمد النيلمقدمة : على خلفية تراقص العالم على موجات الانتخابات في مختلف البلدا...
11/07/2024

هل الديمقراطيون يسار ؟

عبدالرحمن حسين - محمد حمد النيل

مقدمة :

على خلفية تراقص العالم على موجات الانتخابات في مختلف البلدان، وفي ظل الهشاشة التي يشهدها النظام العالمي، صعدت قوى غير مألوفة على المشهد في السنوات الأخيرة، ولا اقول اننا بهذا نمجد الديمقراطيات البرجوازية التي لا نرى أنها معبرة عن مصالح الشعوب وتطلعاتهم، ولكنها تحوي بداخلها هامش القدرة على حل بعض التناقضات، وتوضيح ديناميات اجتماعية قد تحدث الفارق بين الفينة والأخرى، ففوز ستارمار (زعيم حزب العمال) في بريطانيا، أثار جدلاً واسعاً في قوى اليسار سواءً في الشمال او في الجنوب، خصوصا وان ستارمار لا يمت إلى اليسار بأي صلة، فمشروع الرجل الأساسي - الذي جاء بعد أن قضت اللوبيهات الصهيونية والبرجوازية على الزعيم الإشتراكي جيرمي كوربن - هو سحب حزب العمال من اليسار إلى الوسط، هذا على الصعيد الاقتصادي، ويريد أيضاً تعزيز طبيعته اليسارية ثقافياً التي تتعاطى مع المجتمع كهويات جُزئية، وتشيع المفهوم الليبرالي للحرية (حرية السوق)، وليس المفهوم الاجتماعي والسياسي. وفي فرنسا عاد التحالف اليساري بريمونتادا على تحالف اليمين المتطرف، والماكرونية ليسيطر على البرلمان، وكل هذا يتزامن مع السباق الرئاسي في الولايات المتحدة بين بايدن وترامب، وعلى ضوء الفروقات بين الديمقراطيين والجمهوريين في أمريكا، نوضح حيثيات والظروف التي نشأ فيها اليسار الأمريكي، ونحاول أن نعرِّفه في ذلك السياق، وعلى مدار تحولات الفلسفة .

(١)

هذه الصورة تدل علي تصور القاعدة الجمهورية لترمب و لخصومه الديمقراطيين فيظهر فيها وقد قطع رأس كارل ماركس في اشارة للديمقراطيين او اليسار كما يصفهم ترمب و الواضح ان هذا من الاسباب الرئيسية لكل الدعم الاعمى لترمب من قبلهم ، لماذا كل هذا الكره من قبل المجتمع الامريكي التقليدي "الابجيقات الامريكان" لليسار المزعوم ؟

• بنية المجتمع الامريكي

هناك محددان اساسيان لكون الامريكي جمهوري او ديمقراطي، أولاً محدد اجتماعي تاريخي متمثل في الحرب الاهلية و الانقسام بين الاتحاد و الكونفدرالية وهو محدد العنصرية و التفوق العرقي و هذا ليس له اثر واضح علي البنية السياسة سوى بعض المتطرفين مثل ترمب و بايدن الي حد ما ، و المحدد الاخر هو سياسي اقتصادي متمثل في الحرب العالمية الثانية و ما بعدها متمثل في دخول الايديولوجيا النيوليبرالية بعد الازمة الاقتصادية عقب حرب فيتنام بقيادة ريغان، وهذا سبب تحولات اجتماعية وثقافية باتجاه الاناركية او اللاسلطوية و قاد هذا التحول امثولات ثقافية كحركة الهيبز و الضد-ثقافية و مغامرات الفضاء و اكتشاف الفضاء السيبراني كتمرد من السلطة بالطبع ماركس كان موجوداً وسط هذا التمرد، فكيف دخل ماركس الولايات المتحدة ؟

• طبيعة اليسار الامريكي

اثناء الحرب العالمية الثانية هرب مجموعة من المفكرين المراكسة الي امريكا من بطش المانيا الهتلرية و نشروا ما عرف بالمدرسة النقدية او مدرسة فرانكفورت حيث قاموا بمراجعات جذرية و هامة في النظرية الماركسية كنقد هبرماس للمادية التاريخية و نقد ادرونو و هوركهايمر لعلم الاجتماع و النقد الادبي و لكن اهمها و اكثرها تأثيرا علي اليسار الامريكي هي اطروحة ماركوزة، الذي حلل فيها التحول الرأسمالي و توصل الي انه اصبح يعتمد اكثر فاكثر علي الاعلام و التسويق لا علي الانتاج فبالتالي فإن الفعل التحرري سيقوده الغير متاثريين اعلاميا وهم الطلبة والمثقفين و بالتالي الغير متأثرين/المتضرريين ثقافياً كالمثليين و السود و النساء الي حد ما التقت هذه الاطروحة في امريكا باخرى رأسمالية ليبرالية و هي المجتمع المفتوح لكارل بوبر، وبوبر ليس ماركسيا بل يكره المراكسية باعتبارها سردية كبرى تحتكر الاجابات، - لا لاحتكار الاجابات "الشعار الرئيس لفلسفة ما بعد الحداثة" - هذا هو القاسم المشترك، ليس هناك حقيقة مطلقة، بالتالي جرى تحويل السرديات الكبرى الي مجرد آراء وتفضيلات، إذن ما بعد الحداثة هو القاسم المشترك .. من هنا ولد اليسار الامريكي و من هنا ستتم عولمة نموذجه.

• الطبقة والفئة : جورج فلويد وآخرون.

التظاهرات التي اندلعت قبل اربع سنوات احتجاجاً علي مقتل جورج فلويد قد تبدو مثالاً قاسيا لهذا التحول في اليسار – لقد انتصر الاتحاد في الحرب الاهلية الامريكية و لينكلن قاد تسوية مرضية – هذا جذر اضطهاد السود في امريكا تم تحررهم من اغلال العبودية و ربطهم في اغلال الرأسمالية، الذين قادو هذه التظاهرات هم حركة الانتيفا، وهم يعتبرون اقصى اليسار في امريكا و لكن يبدو ان هذ اليسار غير واعي بالبنية التحتية التي يتحرك فيها فقد تم تمويل هذه التظاهرات من منظمة المجتمع المفتوح، نعم هذه المنظمة تحمل نفس اهداف بوبر في تفكيك السرديات الكبرى لكن يبدو ان الاتفاق لم يربح منه ماركوزه شيئاً فقد غطى فيسبوك و توتير هذا الحدث جيداً اي ان المثقفين لم يستطعوا الهرب من الالة الاعلامية سوى القليل ك"نعوم تشومسكي" الذي اظهر تحفظه من هذه التظاهرات، وأدرك انه مجرد صراع بين رأس المال المعولم و رأس المال القومي الامريكي، فلم يكن لهذا الحراك مضامين طبقية، بل مضامين فئوية، تُعزز من حالة السيولة الإجتماعية، وإعلاء صوت الفردانيةوالذات، اذن ما الفرق بين الديمقراطيين و الجمهوريين ؟

• الديمقراطيون في هذه اللحظة: ميلاد اليسار الثقافي وعولمته

نعم انه الناتج ببساطة يسار ثقافي غير آبه بالبنية التحتية و لا الرأسمالية يتم تمويله لدعم اجندة العولمة في اعادة صياغة الثقافات و"التحرر" من القيود الثقافية المزعومة، في المقابل هناك جمهوريون محافظون (قوميون) ووهناط متطرفون (عنصريون) عبر عن احلامهم ترمب قائلا "امريكا اولا" اي ان المال الامريكي لامريكا و ما هو غير امريكي ليس الا مهدد للامن القومي الامريكي لذا يهتمون بعسكرهم و شركاتهم القومية لتحقيق الهيمنة/العليا الامريكية علي العالم، فاذا كان اخر الجمهوريون مجرد "خطر" فاخر الديمقراطيون ضحايا يجب انقاذهم من السرديات الكبرى (الايديولوجيات) و ادخالهم في نمط حياة الانسان "العادي/المتحضر" ، لذا معظم اموالهم توجه لدعم منظمات المجتمع المدني في العالم و تدريبهم بالورش و البرامج التعليمية و الاعلام – الالية التي خاف منها ماركوزه نفسه – فمن الطبيعي ان يستطيعوا اقناعنا ان ترمب زور الانتخابات في 2016 ولا يستطيع ذلك الاعلام الجمهوري الفقير في انتخابات 2020 ، فأنظر للعربية والجزيرة لتعرف الفرق بين رأس المال القومي والمعولم respectively.

(٢)

ماذا لو وجد اليسار نفسه فجأةً وقد أزيح جانبًا، وليس مغلوبًا أو مُسْتَنْزَفًا فحسب، ينطق بخطاب نشاز لا ينسجم مع الحقبة الحديثة، حتى إنّ أحدًا لا يكلّف نفسه عناء استكشاف قيمته الحقّة، شأنه شأن لغة الغنوصيّة أو لغة الحبّ الفروسي؟ ما الذي يُحْتَمَل أن تكون عليه ردّة فعل اليسار السياسي على مثل هذه الهزيمة؟

هذا هو سؤال تيري إيغلتون الاستفتاحي في كتابه "أوهام ما بعد الحداثة" ولكن في اعتقادي أن إيغلتون أخطأ في تعبيره الأخير بقوله "اليسار السياسي" لأن هذه هي وظيفة اليساري المتفلسف وليس السياسي، يساري متفلسف كعبد الرحمن حسين الذي يتفق مع إيغلتون في أن ما بعد الحداثة إبتلعت اللب الموضوعي لفهم اليسار وربما لوجوده.

اراد عبد الرحمن أن يناقش المنعطفات الفلسفية التي شكلت "يسارية" الحزب الديمقراطي ان صح التعبير، ومن ثم عولمته، وهذا ما حدى به ليبدأ من حقبة متأخرة نسبياً لنشأة اليسار الأمريكي، ولكن ما وصفه الكاتب في مقاله قصد به حصر التأثيرات الفلسفية لحقبة ما بعد الحداثة.

تاريخيا فاليسار الأمريكي يمتلك قصة طويلة ابتدأت قبل الحرب العالمية الثانية بقرنٍ من الزمان، وسياسياً فقد وئد هذا اليسار مراراً.
كانت البداية بالضبط في عام 1848 مع ثورات ربيع الشعوب في اوروبا، وهذه الثورات بالتحديد كانت ذو ملمح يساري في كثير من تمظهراتها كالانتفاضة العمالية في باريس ضد المجلس الوطني وغيرها، وهي الثورات التي نشر فيها ماركس وإنجلز البيان الشيوعي، ولم يتلفت له أحد حينها.

لاحقاً قامت الكثير من الهجرات تجاه الولايات المتحدة من مثقفين يساريين وطوائف مسيحية اشتراكية كطائفة اللاباديست وأول الاشتراكيين الأمريكيين هم المهاجرون الماركسيون الألمان، من ضمنهم جوزيف فيديماير وهو زميل ألماني لكارل ماركس لجأ إلى نيويورك في عام 1851 والذي أسس أول مجلة ماركسية في الولايات المتحدة تحت اسم «الثورة»، لكنها لم تستمر سوى لعددين. ثم قام في عام 1852 بتأسيس رابطة العمال الأمريكية وهي أول منظمة ماركسية في الولايات المتحدة عرفت باسم Proletarierbund والتي تعني "تكتل البلوريتارية"، ظهرت تباعاً موجاتٍ أكبر من المهاجرين الأوروبيين في 1870 و1880 وشملت أتباعًا ديمقراطيين اجتماعيين لفرديناند لاسال. ولاسال هو أحد مؤسسي مذهب الاشتراكية الألمانية، شكل اللاساليون الحزب الاشتراكي الديمقراطي لأمريكا الشمالية عام 1874 وبالتعاون مع بعض الماركسيين تشكل حزب العمال للولايات المتحدة في عام 1876، وهنا ولد أول شكل تنظيم سياسي يساري في الولايات المتحدة.

• اليسار المستعاد والإرتداد المضاعف

اذا كان اليسار في السودان هو يسار جزافي كما سماه المؤرخ الشيوعي عبد الله علي إبراهيم ، فإن اليسار في الولايات هو يسار مرتد كما وصف لينين كارل كاوتسكي وأتباعه في كتابه "الديمقراطية والمرتد كاوتسكي".

الحقيقة أن الطابع اليساري في الحزب الجمهوري كان قد نُسي منذ أمدٍ طويل، ولكن ما بعثه للوجود في اعتقادي، هو أفول الخطاب النيوليبرالي في الحزب بعد أزمة 2008 الاقتصادية، وصعود أشباح ماركس من جديد، أشباح على البرجوازيون أما نحن فنسميها "أطياف"، وبالرغم من أن باراك أوباما "وهو يمثل الوسط في الحزب الديمقراطي" قد فاز في الانتخابات الأولية على مرشح وسطي آخر وهي هيلاري كلينتون اللذان يمثلان الوجه اللائق الوسطي التاريخي للحزب الديمقراطي، فإن ما أدى لهذا الأفول هي سياسات أوباما المالية في التعاطي مع الأزمة، وقد خيبت خطط أوباما الإنقاذية آمال القاعدة اليسارية، لأنها صرفت أموال دافعي الضرائب على إنقاذ كبرى الشركات التي أعلنت إفلاسها ووسعت الفجوة بين الأثرياء والطبقة العاملة التي رأت مستواها المعيشي يتراجع. ساهم هذا الأمر في صعود ساندرز عام 2016 في مواجهة هيلاري كلينتون، في ظاهرة تحاكي تجارب مشابهة في أوروبا خرجت خلال السنوات الأخيرة من هوامش الحياة السياسية، مثل: جيرمي كوربين في بريطانيا، وجان لوك ميلنشون في فرنسا، حيث سمحت وسائل التواصل الاجتماعي لهذه التيارات بالوصول إلى قاعدة شعبية أوسع، ولا سيما جيل الشباب. هنا طفح إلى السطح الملمح اليساري للحزب، ساندرز من قلائل الديمقراطيين الذين يعرفون أنفسهم بإشتراكيين، ساعياً لإعادة صياغة دور الحكومة الفدرالية وهوية الحزب الديمقراطي اليسارية. وهذا ما أسميه بإرتداد الإرتداد أو الإرتداد المضاعف.

لسرد مروق أو إرتداد اليسار يجب أن نعود إلى ما انتهينا عليه في عام 1876، حيث تأسيس أول تنظيم سياسي يساري في الولايات المتحد "حزب العمال" الذي شهد انقسامات و تحولات بنيوية كبيرة و خلال ربع قرن فقد بدأت النهضة اليسارية الأولى مع الحزب الاشتراكي الأمريكي، وفي عشرينيات القرن الماضي، قاد المرشح الرئاسي، يوجين دبس، المعارضة الاشتراكية للحرب العالمية الأولى، لكن تعرضت حينها المجموعات اليسارية المتأثرة بالبلشفية والفوضوية للقمع الحكومي، خوفًا من تمدد الشيوعية إلى الولايات المتحدة في مرحلة عُرفت بـ "الخوف الأحمر الأول" خلال الفترة 1917-1920، بعدها برز نورمان توماس مرشحًا رئاسيًا عن الحزب الاشتراكي الأميركي على مدى ست دورات انتخابية منذ عام 1928، حاول نورمان أن يطرح اشتراكية تتمايز من الشيوعية الأميركية، كما كان مدافعًا عن الحرب العالمية الأولى ومناهضًا لقيادة جوزيف ستالين للاتحاد السوفياتي. وفي الخمسينيات من القرن الماضي، تعرّض اليسار الأميركي لنكسة ثانية في ظل ما عُرف بـ "المكارثية"، التي قادها السيناتور جوزيف مكارثي، وهي مرحلة "الخوف الأحمر الثاني" التي قضت بتوجيه اتهامات بالتخريب أو الخيانة إلى عدد من موظفي الحكومة من دون أدلة، خوفًا من تسلل الشيوعية إلى المؤسسات الأميركية والتجسس لصالح الاتحاد السوفياتي.

بدأ الإرتداد في ستينيات القرن الماضي مع النهضة اليسارية "الثانية" مع صعود "اليسار الجديد" الذي وجد ضالته في حركة الحقوق المدنية والسياسية، وقام بمراجعة نقدية للحركات النقابية بتحويل اهتمام الاشتراكيين من المادية الاجتماعية وصراع الطبقات إلى ما يسمونه جزافاً العدالة الاجتماعية . وقد جعل هذا التحول الحركة الاشتراكية أكثر تماهيًا مع حزب كبير يشجع البرامج الليبرالية الإجتماعية، حزب يقول بأنه يساري إجتماعياً لكنه يمين من النواحي الإقتصادية وهذا هو الحزب الديمقراطي الأمريكي.

جون معكرون كان في اعتقاده أن هناك نهضة يسارية "ثالثة" بقيادة بيرني ساندرز ،وغني عن القول إن ظاهرة ساندرز تعدّ نتاجًا وامتدادًا لدينامية ونقاشات الحركة الاشتراكية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. بعيداً عن المعتركات في الأروقة السياسية فإن التمظهرات الشعبية على هذه الظواهر دل عليها إستطلاعاً للرأي قامت به مؤسسة "غالوب" في مايو 2019 قال فيه 43 في المئة من الأميركيين إن الاشتراكية أمر جيد للولايات المتحدة، مقارنة بـ 25 في المئة عام 1942.

أتمنى أن أبكي و أرتجف , التصق بواحد من الكبار , لكن الحقيقة القاسية هي أنك الكبار! .. أنت من يجب أن يمنح القوة و الأمن ل...
30/06/2024

أتمنى أن أبكي و أرتجف , التصق بواحد من الكبار , لكن الحقيقة القاسية هي أنك الكبار! .. أنت من يجب أن يمنح القوة و الأمن للآخرين!

- أحمد خالد توفيق

30/06/2024

للشخص الصحيح ♥️

إي اللي يخلي إنسان يتحول من شخص كله نشاط وحيوية وطاقة إيجابية ومعافرة لشخص كئيب مهز-وم منعدم الطاقة واحيانًا دبلان! 🤎لأن...
28/06/2024

إي اللي يخلي إنسان يتحول من شخص كله نشاط وحيوية وطاقة إيجابية ومعافرة لشخص كئيب مهز-وم منعدم الطاقة واحيانًا دبلان! 🤎

لأن ياعزيزي فيه نوعية من البشر قادرين أنهم يصيبوك بالإجهاد البدني والفرهدة النفسية من غير ما يقربوا منك حتى!

مجرد الكلام معاهم أو التواجد فى محيطهم مُنهك لأبعد حد، أنت نفسك ياعزيزي قادر إنك تضغط نفسك بشكل لا يُمكن تحمله!

"مطرح ما تلاقي التقدير.. إبني علاقاتك..🤎"

•الدحيح | الإنسان يمكنه الفوز على الفهد

‏الإنسان الذي لا يتوقع شيئًا من أحد ، لا يشعر بالخيبة مطلقًا.ــ سيلفيا بلاث، شاعرة وروائية أمريكية
02/06/2024

‏الإنسان الذي لا يتوقع شيئًا من أحد ، لا يشعر بالخيبة مطلقًا.
ــ سيلفيا بلاث، شاعرة وروائية أمريكية

إنك لا تدرينمعنى أن يمشي الإنسان ويمشيبحثاً عن إنسان آخرحتى تتآكل في قدميه الأرضويذوي من شفتيه القول ..🌼- أمل دنقل / الع...
02/06/2024

إنك لا تدرين
معنى أن يمشي الإنسان ويمشي
بحثاً عن إنسان آخر
حتى تتآكل في قدميه الأرض
ويذوي من شفتيه القول ..🌼

- أمل دنقل / العرّاف الأعمى

20/07/2023

تُنسى، كأنَّكَ لم تَكُنْ
تُنْسَى كمصرع طائرٍ
ككنيسةٍ مهجورةٍ تُنْسَى،
كحبّ عابرٍ
وكوردةٍ في الثلجْ .... تُنْسَى
أَنا للطريق...هناك من سَبَقَتْ خُطَاهُ خُطَايَ
مَنْ أَمْلَى رُؤاهُ على رُؤَايَ
هُنَاكَ مَنْ نَثَرَ الكلام على سجيَّتِه ليعبرَ في الحكايةِ
أَو يضيءَ لمن سيأتي بعدَهُ أَثراً غنائياً...وجِرسا
تُنْسَى, كأنك لم تكن شخصاً, ولا نصّاً... وتُنْسَى
أَمشي على هَدْيِ البصيرة
رُبّما أُعطي الحكايةَ سيرةً شخصيَّةً
فالمفرداتُ تقودني وأقودها
أنا شكلها وهي التجلِّي الحُرُّ
لكنْ قيل ما سأقول
يسبقني غدٌ ماضٍ
أَنا مَلِكُ الصدى
لا عَرْشَ لي إلاَّ الهوامش
فالطريقُ هو الطريقةُ
رُبَّما نَسِيَ الأوائلُ وَصْفَ شيء ما
لأوقظَ فيه عاطفةً وحسّا
تُنسَى، كأنِّكَ لم تكن خبراً، ولا أَثراً... وتُنْسى
أَنا للطريق... هناك مَنْ تمشي خُطَاهُ على خُطَايَ
وَمَنْ سيتبعني إلى رؤياي
مَنْ سيقول شعراً في مديح حدائقِ المنفى، أمامَ البيت
حراً من غدي المقسوم
من غيبي ومن دنياي
حراً من عبادَةِ أمسِ، من فردوسيَ الارضي
حراً من كناياتي ومن لغتي
فأشهدُ أَنني
حُرُّ .. و حيُّ
حين أُنْسَى!

محمود درويش

19/07/2023

يقول نجيب محفوظ :
“و في المرأة إمرأة اخرى لا يعرفها أحد،
تستيقظ فقط حين تنكسر،
حين تؤمن بألا أحد في هذه الدنيا سيكون معها،
فجأة.. تصبح أقوى.”

18/07/2023

ونحن نحب الحياة
إذا ما استطعنا إليها سبيلا
ونرقص بين شهيدين
نرفع مئذنة للْبنفسج بينهما أو نخيلا
نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا
و نسرق من دودة القز خيطاً لنبني سماء لنا
ونسيج هذا الرحيلا
و نفتح باب الحديقة كي يخرج الياسمين إلى الطرقات
نهارا جميلا
نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا
و نزرع حيث أقمنا نباتا سريع النمو
ونحصد حيث أقمنا قتيلا
و ننفخ في الناي لون البِعيد البعيد
ونرسم فوق تُراب الممر صهيلا

محمود درويش

18/07/2023

دائما أنتِ في المنتصف!
أنتِ بيني وبين كتابي ..
بيني وبين فراشي ..
وبيني وبين هدوئي ..
وبيني وبين الكلام!
ذكرياتك سجني وصوتك يجلدني
وأنا بين الشوارع وحدي
وبين المصابيح وحدي!
أتصبب بالحزن بين قميصي وجلدي!
ودمي: قطرة -بين عينيكِ- ليست تجف!
فامنحيني السلام!
امنحيني السلام!

أمل دنقل

23/01/2023

‏وضعوا على فمه السلاسل
ربطوا يديه بصخرة الموتى ،
و قالوا : أنت قاتل !
أخذوا طعامه و الملابس و البيارق
ورموه في زنزانة الموتى،
وقالوا : أنت سارق !
طردوه من كل المرافىء
أخذوا حبيبته الصغيرة ،
ثم قالوا : أنت لاجىء !
‏يا دامي العينين و الكفين !
إن الليل زائل
لا غرفة التوقيف باقية
و لا زرد السلاسل !
نيرون مات ، ولم تمت روما ...
بعينيها تقاتل !
وحبوب سنبلة تموت
ستملأ الوادي سنابل ..!

- محمود درويش

Address

النيل
Umm Dawm

Telephone

+249900263390

Website

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when Ibrahim Abbas posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Contact The Business

Send a message to Ibrahim Abbas:

Share


Other Umm Dawm media companies

Show All