ترجمة الخطب والدروس الدينيه للأخوة الصم وضعاف السمع

  • Home
  • Saudi Arabia
  • Dammam
  • ترجمة الخطب والدروس الدينيه للأخوة الصم وضعاف السمع

ترجمة الخطب والدروس الدينيه للأخوة  الصم وضعاف السمع إن شاء الله تكون صفحة تفيد كل أخواتنا الصم وضعاف السمع

02/02/2025

✨❤️باب وجوب طاعة ولاة الأمر في غير معصية
وتحريم طاعتهم في المعصية❤️✨

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال:
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ
فنزلنا منزلا
فمنا من يصلح خباءه
ومنا من ينتضل
ومنا من هو في جشره

إذا نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
الصلاة جامعة
فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: إنه لم يكن نبيٌ قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمتهُ على خير ما يعلمهُ لهم
وينذرهم شر ما يعلمهُ لهم
وإن أمتك هذه جعل عافيتها في أولها
وسيصبُ آخرها بلاءٌ وأمورُ تنكرونها
وتجيءُ فتنٌ يرقق بعضها بعضاً

وتجيء الفتنةُ فيقول المؤمن:
هذه مهلكتي: ثم تنكشفُ
وتجيءُ الفتنةُ
فيقول المؤمنُ: هذه هذهِ
فمن أحب أن يزحزح عن النار
ويدخل الجنة
فلتأته منيتُه وهو يؤمن بالله
واليوم الأخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه

ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده
وثمرة قلبه
فليُطعهُ إن استطاع
وجاء آخرُ ينازعه
فاضربوا عنق الآخر))
رواهُ مسلم

فاجتمع الناس؟
فخطبهم النبي عليه الصلاة والسلام
وأخبرهم أنه مانبي بعثه الله إلا دلَّ أمته على خير
ما يعلمه لهم
وأنذرهم عن شر ما يعلمه لهم
كلٌّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كان منهم النصيحة لأقوامهم
يعلمونهم الخير ويدلونهم عليه
ويحثونهم عليه ويبينون الشر ويحذرونهم منه

وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث أنه تأتي فتن يرقق بعضها بعضاً، أي أن بعضها يجعل ما قبله رقيقاً وسهلاً
لأن الثانية أعظم من الأولى
كل واحدة أعظم من الأخرى فترقق ما قبلها
ولهذا قال: ((يرقق بعضها بعضاً))
فتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي
لأنه يستعظمها عند بداية إتيانها
فيقول: من هنا نهلك

ثم قال النبي عليه الصلاة والسلام:
" فمن أحب أن يزحزح عن النار
ويدخل الجنة فلتأته منيته
وهو يؤمن بالله واليوم الآخر"

نسأل الله أن يميتنا وإياكم على ذلك
من كان يحب أن يزحزح عن الناس ويدخل الجنة
وكلنا يحب أن يزحزح عن النار ينجو منها
ويدخل الجنة فلتأته منيته
وهو يؤمن بالله واليوم الآخر

31/01/2025

ترجمة خطبة صلاة الجمعة
الموافق ١شعبان ١٤٤٦هجري
للأخوة الصم وضعاف السمع
الشيخ: حامد العمري
بعنوان💖اغتنام فرص الحياة لبلوغ أعلى الدرجات💖

عناصر الخطبة

١/أقسام الفرص وضرورة اغتنامها
٢/على المسلم أن يبادر إلى فعل الخيرات
٣/مواقف من حياة الأنبياء لانتهاز فرص الخير
٤/كل فرصة في الخير مغنم مهما صغرت
٥/بعض الفرص لا يمكن تعويضها
٦/الفرص قائمة حتى قيام الساعة فهل من مغتنم؟
٧/ثقة خليل الله عليه السلام في ربه تعالى
٨/توكل السيدة هاجر أم إسماعيل على ربها
٩/حسن جزاء الله لإبراهيم وزوجه
١٠/تواضع الخليل إبراهيم وضرورة تأسي المسلمين به
١١/قصص مؤثرة ومواقف فريدة
من حياة الأنبياء والرسل -عليهم السلام

اقتباس
إن أزكى سيرة
وأعطرَ حياة
هو ما يكون من سِيَر وأخبار الأنبياء والصالحين
وإذا كانت السيرةُ سيرةَ نبيٍّ
اصطفاه الله على أهل زمانه
فالنفوس تتطلع إليها
وتشرئب لها الأعناق
وتعلو المكانة إذا كان صاحبها من أولي العزم
من الرسل عليهم السلام
وتسمو المنزلة إذا كان هو أبا الأنبياء
وإمامَ الحنفاء عليه السلام

الحمد لله الذي خضعت لعظمته الرقاب
ولانت لقوته الصعاب
غافرِ الذنب
وقابل التوب شديد العقاب
ذي الطول
لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ..
مَا ذُكِر اسْمُه فِي قَلِيْل إِلَا كَثَّرَه..
ولَا عِنْد كَرْب إِلَا كَشَفَه..
وَلَا عِنْد هَمّ إِلَا فَرَّجَه..
فَهُو الْاسْم الَّذِي تَكْشِف بِه الْكُرُبَات
وَتُسْتَنْزَل بِه الْبَرَكَات..
وَتُقَال بِه الْعَثَرَات
وَتُسْتَدْفَع بِه الْسَّيِّئَات..
بِه أَنْزَلْت الْكُتُب
وأُرْسِلْت الْرُّسُل..
وَشُرِعَت الْشَّرَائِع..
وَحَقَّت الْحَاقَّة وَوَقَعَت الْوَاقِعَة..
وَبِه وُضِعَت الْمَوَازِيْن الْقِسْط
وَنُصِب الْصِّرَاط..
وَقَام سُوق الْجَنّة وَالنَّار..
فَسُبْحَانَه مَا أَحْكَمَه..
وسُبْحَانَه مَا أَعْظَمَه..
وسُبْحَانَه مَا أَعْلَمُه!! من تكلم سمع نطقه
ومن سكت علم سره
ومن عاش فعليه رزقه
ومن مات فإليه منقلبه..
وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ما تلاحمت الغيوم
وعدد ما في السماء من نجوم

أما بعد
فيا عباد الله عند اشتداد الفتن
وحلول المصائب والمحن
وظهور الخلافات والصراعات بين بني البشر
وتعرض المرء للابتلاء في دينه ونفسه وأهله ووطنه
فإن على المسلم في مثل هذا الحال أن يبذل من الأسباب ما يستطيع أن يدفعَ هذه الفتن
أو يقلّلَ من آثارها أو يحدَّ من أخطارها
وبعد ذلك يتوكل على الله ويستعين به
ويحسن الظن برحمته وعفوه وقدرته..

لما وهب الله لإبراهيم عليه السلام ولدَه إسماعيل
أمره ربُّه بأن يهاجرَ من فلسطين مع زوجته
هاجر وابنُه الرضيع إلى وادٍ مترامِ الأطراف لا ماء فيه
ولا طعام ولا شجر
ولا يوجد فيه أحد من البشر
حتى إذا وصل إلى ذلك المكان ترك زوجته وابنَه الرضيع
وترك لهما قليلًا من الماء وبعضَ حباتٍ من التمر
وعاد بأمر ربه إلى فلسطين.
فتبعته أم إسماعيل
فقالت: يا إبراهيم
أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي
الذي ليس فيه أحد ولا شيء فيه؟!
قالت ذلك مرارًا
وجعل لا يلتفت إليها حتى لا يتأثر بالعاطفة
ويحن عليهما وينسى أمرَ ربه
فقالت له:
آلله الذي أمرك بهذا؟
قال: نعم
قالت: " إذًا لا يضيعنا "..

يا لها من كلمة عظيمة تنبئ عن إيمان عميق وتوكل عظيم وثقة لا حدود لها بخالق الأرض والسماوات! ويا لها من نفوس كبيرة عرفت خالقها وذاقت حلاوة الإيمان وبردَ اليقين حتى في أحلك الظروف وأصعب المواقف فتوكلت عليه!
لقد نسي الكثيرُ من الناس في غمرة الأحداث والفتن والمصائب والكوارث أن الله هو الذي بيده الموت والحياة, وكل شيء عنده بمقدار، وأنه كتب الآجال، وقدَّر الأقدار، وحكم بين العباد، ولا يجري في هذا الكون أمر إلا بإرادته ومشيئته، وعنده علم الغيب لا ينازعه فيه أحد

قال تعالى:
( وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ )

وكان لضعف الصلة بالله والثقةِ به والتوكلِ عليه والتساهلِ في العبادات والطاعات والتكاسلِ عن الواجبات، وعدمِ شكر النعم؛ الدورُ الأكبر في ضيق النفوس وتكدّر الأحوال, فكيف ترجو السعادة وتريد العون وتتطلع إلى الفرَجِ والأمنِ النفسي وثقتُك بالله ضعيفة وتوكلُك عليه مهزوز..

29/01/2025

✨❤️باب وجوب طاعة ولاة الأمر في غير معصية
وتحريم طاعتهم في المعصية❤️✨

قال الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)
(النساء: ٥٩)

وعن ابن عمر رضي الله عنهما
عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
((على المرء المسلم السمعُ والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصيةٍ فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة))
متفقٌ عليه

وعنه رضي الله عنه قال:
كنا إذا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
على السمعِ والطاعةِ يقول لنا:((فيما استطعتم))
متفقٌ عليه

وعنه رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:((من خلع يدا من طاعةٍ لقي الله يوم القيامة ولا حُجة لهُ ومن مات وليس في عُنقه بيعةٌ مات ميتة جاهلية))
رواه مسلم

وفي رواية له:
((ومن مات وهو مفارقٌ للجماعة فإنه يموت ميتة جاهلية)) ((الميتة)) بكسر الميم

27/01/2025

✨❤️⚖️باب الوالي العادل⚖️❤️✨

قال الله تعالى:
❤️(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)❤️
(النحل: ٩٠)

وقال تعالى:
❤️(وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)❤️
(الحجرات: ٩)

وعن أبي هُريرة رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
✨((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله:

إمام عادل

وشاب نشأ في عبادة الله تعالى

ورجل قلبه معلق في المساجد

ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه

ورجلٌ دعته امرأة ذات منصب وجمالٍ
فقال: إني أخافُ الله

ورجلٌ تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله
ما تنفق يمينهُ

ورجلٌ ذكر الله خالياً ففاضت عيناه))✨
متفقٌ عليه

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
✨(( إن المقسطين عند الله على منابر من نور
الذين يعدلون في حُكمهم وأهليهم وما ولُوا ))✨
رواه مسلم

24/01/2025

ترجمة خطبة صلاة الجمعة
الموافق ٢٤ رجب ١٤٤٦هجري
للأخوة الصم وضعاف السمع
الشيخ: حامد العمري
بعنوان✨💖آداب الرؤى والأحلام💖✨

التصنيفات:
قضايا اجتماعية منهج أهل السنة في المعرفة والتعامل

عناصر الخطبة
1/ أهمية الرؤيا المنامية
2/ من رؤى الأنبياء
3/ مكانة الرؤيا الشرعية
4/ أنواع الرؤى
5/ اهتمام النبي الكريم بها
6/ الفرق بين الرؤيا والحلم
7/ آداب يفعلها من رأى في منامه شيئاً
8/ رؤية النبي الكريم في المنام
9/ آداب التعامل مع الرؤى وتعبيرها

اهداف الخطبة
اقتباس
حسبك من أهمية الرؤيا
أن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه
قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم
عن قول الله تبارك وتعالى :
(لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياة الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ)
وقال: "هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له"
رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.

الحمد لله الواحد القهار، العزيز الغفار
يقلب الله الليلَ والنهار
إن في ذلك لعبرةً لأولى الأبصار.



وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له عالمُ الغيب والشهادة الملكِ الجبار، بيده الخير ومنه الخير وهو على كل شيءٍ قدير، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله سيد الأولين والآخرين، وخاتم النبيين، وإمام المتقين، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.



أما بعد:
فاتقوا الله أيها المسلمون:
واحفظوا حدوده يَحْفَظكم
واذكروه يذكركم
وأوفوا بعهده يوفِ بعهدكم
واستقيموا على طاعته يسعدكم
فإن الفلاح والنجاة مرهونٌ بتقوى الله وطاعته
ومراقبته ومحبته ولا سبيل إلى ذلك إلا بالاقتداء بالرسول محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- ولزوم سنته.



أيها المسلمون:
فُطرتِ النفوسُ على حب الاستطلاع
ومحاولةِ معرفةِ الغيبِ المنتظر والغد المؤمَّن
ولهذا فُتن البعض بالذهاب إلى الكهان
والمنجمين يلتمسون منهم كشفَ ما غُيّب
وإظهار ما حُجب
وهيهات أن يستطيعوا ذلك!

فالغيب لله وحده:
(عَالِمُ الغيْبِ فلا يُظهِرُ علَى غَيْبِهِ أَحَدَاً *
إلَّا مَن ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ)
[الجن:26-27]

وقال - تعالى:
(قُلْ لا يَعْلمُ مَن فِي السَّمَاواتِ والأرضِ الغيبَ إلا اللهُ)
[النمل:65]

ولا يُحَصَّل من يذهبون إليهم إلا بهتاناً وإثماً مبيناً.



وأحياناً قد يَعْلَم الإنسان عن أمور ستجري أو بشاراتٍ ستحصل بطريق الرؤيا التي هي أمثالٌ مضروبةٌ، يضربها الملك الذي قد وكله الله بالرؤيا ليستدل الرائي بما ضُرب له من المثل على نظيره وَيَعْبرَ منه إلى شبهه، وهذا طريق شرعي مهم.



حسبك من أهمية الرؤيا أن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قول الله- تبارك وتعالى -: (لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياة الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ)، وقال: "هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له" رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.



وهذا إبراهيمُ الخليل -عليه السلام- عزم على ذبح ابنه من أجل رؤيا رآها، وينقادُ إسماعيل -عليه السلام-: (قَال يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرى في المنامِ أَنِّي أذْبَحُكَ فانْظُرْ ماذَا ترى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُني إنْ شَاءَ اللهُ مِن الصَّابِرِينَ) [الصافات:102]. ورؤيا الأنبياء وحي.



رؤيا يوسف -عليه السلام- رؤيا عجيبة، وما رآه ملك مصر وعبّره يوسف من سني القحط والرخاء فيها عبرة وعظه أيضاً.



وهذا رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- رأي ليلةَ غزوةِ بدرٍ الكفار وهم قلّة لتشجيع المؤمنين على القتال كما ذُكر ذلك في سورة الأنفال.



أيها المسلمون: الرؤيا المنامية لها مكانةٌ شرعية وهي أنواع ثلاثة، الناس فيها بين إفراط وتفريط
والمعبّرون كذلك
منهم المتعجّل
ومنهم المتأني
والعالم والجاهل

ومن الناس من طغى عليه جانب الرؤيا
فصار كلما رأي في منامه شيئاً ذهب يسأل عنه
حتى إذا كان أضغاث أحلام
ولربما سأل عن الرؤى أكثر من سؤاله عن أحكامٍ شرعية
عليها مدارُ صحةِ العبادة من فسادها
وكل هذا من الجهل وتلاعب الشيطان.



ولنا -عباد الله- مع هذا الموضوع المهم عدةُ وقفات:



الوقفة الأولى:
إن بعض الناس ينظر إلى هذا الموضوع نظرة تهوينٍ وإهمال وهذا خطأً واضح
فالرؤيا جزءٌ من النبوة، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم:
"الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزءٌ من ستة وأربعين جزءاً من النبوة"
خرجه البخاري وغيره
و"لم يبق من النبوة إلا المبشرات"



أخرج مسلم من حديث ابن عباس، قال: كشف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- السَّتر ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه، فقال: "اللهم هل بلغت! اللهم هل بلغت! اللهم هل بلغت! إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا يراها العبد الصالح أو ترى له"، والمعنى أن الوحي قد انقطع بموت النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يبقى ما يُعلم منه ما سيكون إلا الرؤيا.



ولقد كان من اهتمامه -صلى الله عليه وسلم- بالرؤيا أنه يقول لأصحابه بعد صلاة الصبح: "هل رأى أحد منكم رؤيا؟"، كما في الصحيحين، فيعبرها لهم.



الوقفة الثانية: ما يراه الإنسان في منامه ثلاثةَ أقسام: رؤيا صالحة، وحديث نفس، وتحزين شيطان.



يدل على هذا ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الرؤيا ثلاثة: الرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزينٌ من الشيطان، ورؤيا مما يحدّث المرء نفسه" رواه البخاري ومسلم وهذا لفظه.



وروى ابن ماجة عن عوف بن مالك -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الرؤيا ثلاث: منها أهاويلُ من الشيطان ليحزن بها ابن آدم، ومنها ما يَهُمُّ به الرجل في يقظته فيراه في منامه، ومنها جزءٌ من ستةٍ وأربعين جزءاً من النبوة".



ومن أهاويل الشيطان: تلاعبُهُ بالإنسان في منامه، فقد ثبت في صحيح مسلم أن أعرابياً جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، رأيتُ في المنام وأن رأسي ضرب فتدحرج فاشتددتُ على أثره، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للأعرابي: "لا تحدّث الناسَ بتلعّب الشيطان بك في منامك".



قال جابر -رضي الله عنه-: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- بعدُ يخطبُ فقال: "لا يحدثنَّ أحدكم بتلعب الشيطان به في منامه".



وعن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "الرؤيا من الله والحُلْم من الشيطان" أخرجه مسلم.



قال ابن الأثير: "الرؤيا والحُلْم عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء؛ لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن، وغلبَ الحلمُ على ما يراه من الشر والقبيح" اهــ.



الوقفة الثالثة: ما هي الآداب التي يفعلها من رأى في منامه شيئاً؟.



الجواب على هذا: إن رأى خيراً يُفرح به فيستحب له ثلاثةُ آداب: أن يحمد الله عليها، وأن يستبشر بها، وأن يحدث بها من يحب دون من يكره، روى البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله عليها وليحدث بها... ".



وروى مسلم: "فإن رأى رؤيا حسنة فليبشر ولا يخبر إلا من يحب".



أما الرؤيا المكروهة لها آداب، منها: الاستعاذةُ بالله من شرها، الاستعاذة من الشيطان ثلاثاً مع التتفل عن يساره ثلاثاً، ومن الآداب أن يتحول النائم عن الجنب الذي كان عليه، ومنها أن يصلي ما كتب له، ومن ذلك ألاَّ يحدّث بها أحداً أبداً، فإنها إن شاء الله لا تضره.



وروى الشيخان البخاري ومسلم عن أبي سلمة قال: كنت أرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعتُ أبا قتادة يقول: "الرؤيا الحسنة من الله، فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها، ومن شر الشيطان، وليتفل ثلاثاً، ولا يحدث بها أحداً؛ فإنها لن تضره".



وروى مسلم عن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق من يساره ثلاثاً، وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثاً، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه".



وأخرج البخاري ومسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثاً، والرؤيا ثلاثة: رؤيا بشرى من الله - عز وجل -، ورؤيا مما يحدث الإنسان نفسه، ورؤيا من تحزين الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يكره فلا يحدث به وليقم ولْيُصَلِّ"، والمراد باقتراب الزمان: اقتراب الساعة كما قاله أهل العلم.



قال ابن القيم -رحمه الله- في مدارج السالكين: "ومن أراد أن تصدق رؤياه فليتحرّ الصدق، وأكل الحلال، والمحافظة على الأوامر والنواهي، ولينم على طهارة كاملة، مستقبلا القبلة، ويذكر الله حتى تغلبه عينه، فإن رؤياه لا تكذب البتة، وأصدق الرؤيا ما كان بالأسحار، فإنه وقت النزول الإلهي، واقتراب الرحمة والمغفرة، وسكون الشياطين".



أعاذنا الله وإياكم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ووفقنا لهداه. آمين! أكْثِروا من الاستغفار وسؤالِ الله العفو والعافية.





الخطبة الثانية:



الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، صلى الله عليه وسلم تسليماً وعلى آله وأصحابه ومن اقتدى بهم واتبع هديهم.



وبعد: فما كلُ ما يراه الإنسان في منامه يَسْأَلُ عنه ليعبَر له
ولا كلُ ما يُرى يكون حقاً
فإن من الرؤى أضغاث أحلام وتلاعب شيطان كما سبق آنفاً
وعليه فليعلم بأن الرؤيا
لا تصلح بأن تشرِّع حكماً أو تحل حراماً أو توجب شيئاً أو يسيء أحد الظنَ بمسلم ظاهره العدالة، أو يعتدي عليه لمجرد ما رأى في النوم.



ذكر الشاطبي في الاعتصام: "أن الخليفة المهدي أراد قتل شَرِيك بن عبد الله القاضي، فقال شريك: ولم ذلك يا أمير المؤمنين ودمي عليك حرام؟ قال: لأني رأيتُ في المنام كأني مقبلٌ عليك أكلِّمك وأنتَ تكلمني من قفاك فأرسلت إلى المعبّر فسألته عنها، فقال: هذا رجلٌ يطأُ بساطك وهو يسر خلافك، فقال شريك: يا أمير المؤمنين: إن رؤياك ليست رؤيا يوسف بن يعقوب، وإن دماء المسلمين لا تسفك بالأحلام، فنكّس المهدي رأسه وأشار إليه بيده أن اخرج؛ فانصرف".



وذكر الذهبي عن المروزي: "أن رجلاً صالحاً أُدخل على الإمام أحمد بن حنبل فقال: إن أمي رأت لك مناماً هو كذا وكذا وذكرت الجنة، فقال: يا أخي، إن سهلا بن سلامة كان الناسُ يخبرونه بمثل هذا وخرج إلى سفك الدماء ثم قال: الرؤيا تسرُّ المؤمنَ ولا تغرُّه".



فهل يعي خطورة هذا الأمر من يتناقلون رؤى لم يتأكدوا من صحتها وعدالة ناقليها؟ وأخطر من هؤلاء من يتعمدون الكذب في الرؤيا بأن يقول أحدهم رأيت كذا وما رأى.



فعن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من تحلّم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل، ومن استمع على حديث قومٍ وهم له كارهون، أو يفرون منه صب في أذنه الآنك يوم القيامة، ومن صور صورةً عذب وكلف أن ينفخ فيها وليس بنافخ" أخرجه البخاري.



وفيه أيضاً من حديث أبن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مِن أفرى الفرى أن يري عينه مالم تر".



ففي هذين الحديثين وعيدٌ شديد على من يكذب في رؤياه؛ لأنه من الكذب على الله -عز وجل-.



أيها المسلمون: وعلى مَنْ يرون الرؤى الحقيقية ويرغبون في تعبيرها أن يتخيرّوا من يحسن هذا العلم، فليس كل من تصدّر يحسن أن يُعَبِّر، قيل لمالك بن أنس -رحمه الله-: أيعبّر الرؤيا كل أحد؟ قال: أيلعب بالنبوة؟.



وقد أخرج الحاكم من حديث أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الرؤيا تقع على ما لعبّر به، ومثل ذلك مثل رجل رفع رجله فهو ينتظر متى يضعها، فإذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها إلا ناصحاً أو عالماً" صححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني في الصحيحة.



وفي حديث أبي رزين العقيلي: "الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبّر، فإذا عبرت وقعت"، قال الراوي: وأحسبه قال: "لا يقصها إلا على وادّ أو ذي رأي" ومعنى وادّ، أي: محب أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حسن صحيح.



عباد الله: ومن رأى رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- على صفته كما جاءت في السنة والسيرة فقد رآه حقاً
✨أخرج البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم
قال: "من رآني في المنام فقد رآني
فإن الشيطان لا يتمثل بي
ورؤيا المؤمن جزءٌ من ستة وأربعين جزءاً من النبوة"✨



أيها المسلمون: واجبٌ على مَنْ تصدّروا لتعبير الرؤى أن يتقوا الله -عز وجل-، وأن ينصحوا لعباده، وأن يستروا عورات الناس، وأن لا يقولوا ما لا يحسنون
يقول ابن القيم: "المفتى والمعبِّر والطبيب يطلعون من أسرار الناس وعوراتهم على مالا يطلع عليه غيرهم فعليهم استعمال الستر فيما لا يحسن إظهاره".



وبعض من يتصدّر للتعبير يجزم بكل ما يقول، وربما رفع نفسه على الآخرين، وهذا من المزالق الخطيرة.



وإذا كان الإمام محمد بن سيرين إمام المعبرّين الذي بلغ في العلم والصلاح مبلغاً عظيماً

حتى إنه قال عن نفسه:
والله ما غشيت امرأةً قط في يقظة ولا منام غير زوجتي وإني لأرى المرأة في المنام
فأتذكر أنها لا تحل لي فأصرف عنها بصري
فقال بعض العلماء: يا ليت عقلي في اليقظة
كعقل ابن سيرين في النوم!.



إذا كان هذا ابن سيرين نقل ابن عبد البر أنه كان يُسأل عن مائة رؤيا فلا يجيب فيها بشيء إلا أنه يقول:
اتق الله وأحسن في اليقظة
فإنه لا يضرك ما رأيتَ في النوم
وكان يجيب في خلال ذلك
ويقول: إنما أجيبُ بالظن يخطئ ويصيب.



فكيف بأناسٍ في عصرنا لا تسمع أحدهم وهو يعبّر يقول مرةً واحدة لا أدري! بل يندفع مجيباً
ولربما ترتّب على بعض إجابات هؤلاء مشاكل أسرية وأمورٌ عظيمة.



وختاماً لهذا الموضوع أقول:
علينا أن نتقي الله في كل ما نقول وما نعبرّ وما ننقل
ولنلزم الأوراد الشرعية والأذكار الصباحية والمسائية
ولنحسن إلى الآخرين ما استطعنا
يكفينا الله تعالى كل شرٍ يُرى.

20/01/2025

✨باب أمر وُلاة الأمور✨
بالرفق برعاياهم ونصيحتهم والشفقة عليهم
والنهي عن غشهم والتشديد عليهم
وإهمال مصالحهم والغفلة عنهم وعن حوائجهم

وسبق لنا الكلام على حديث
((كلكم راع ومسؤول عن رعيته))
وأما حديث معقل بن يسار الذي ذكره المؤلف
فإن فيه التحذير من غش الرعية
وأنه ما من عبد يسترعيه الله على رعيته
ثم يموت يوم يموت وهو غاش لرعيتة
إلا حرم الله عليه الجنة
وأنه إذا لم يحطهم بنصيحته
فإنه لا يدخل معهم الجنة

وهذا يدل على أنه يجب على ولاة الأمور
مسؤولون عن الصغيرة والكبيرة
وعليهم أن ينصحوا لمن ولاهم الله عليهم
وأن يبذلوا لهم النصيحة
وأهمها النصيحة في دين الله
بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
والدعوة إلى الخير

19/01/2025

✨باب أمر وُلاة الأمور✨
بالرفق برعاياهم ونصيحتهم والشفقة عليهم
والنهي عن غشهم والتشديد عليهم
وإهمال مصالحهم والغفلة عنهم وعن حوائجهم

قال الله تعالى:
(وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)
(الشعراء: ٢١٥)

وقال تعالى:
(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)
(النحل: ٩٠)

وعن ابن عمر رضي الله عنهما
قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: ✨((كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته
والإمام راعي ومسؤول عن رعيته
والرجلُ راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته
والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها
والخادم راعٍ في مال سيده ومسؤول عن رعيته
وكلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته))✨
متفق عليه

وعن أبي يعلى معقلِ بن يسارٍ رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقولُ:✨((ما من عبدٍ يسترعيه الله رعيتةً، يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة))✨
متفق عليه

وفي رواية:
((فلم يحُطها بنصحه لم يجد رائحة الجنة))

وفي رواية لمسلم:
((ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح لهم إلا لم يدخل معهم الجنة))

[الشَّرْحُ]

هذا الباب الذي عقده المؤلف النووي رحمه الله
في كتابه رياض الصالحين
هو باب عظيم مهم
يُخاطب به ولاة الأمور
ويخاطب به الرعية
ولكل منهم على الآخر حق يجب مراعاته

أما ولاة الأمور
فيجب عليهم الرفق بالرعية
والإحسان إليهم
واتباع مصالحهم
وتوليه من هو أهل للولاية
ودفع الشر عنهم
وغير ذلك من مصالحهم
لأنهم مسؤولون عنهم أمام الله عزَّ وجلَّ

وأما الرعية
فالواجب عليهم السمع والطاعة في غير المعصية
والنصح للولاة
وعد التشويش عليهم
وعدم إثارة الناس عليهم
وطي مساوئهم
وبيان محاسنهم
لأن المساوئ يمكن أن ينصح فيها الولاة سراً
بدون أن تُنشر على الناس
لأن نشر مساوئ ولاة الأمور أمام الناس لا يُستفاد منه
بل لا يزيد الأمر إلا شدة
فتحمل صدور الناس البغضاء والكراهية لولاة الأمور
وإذا كره الناس ولاة الأمور وأبغضوهم وتمردوا عليهم
ورأوا أمرهم بالخير أمراً بالشر
ولم يسكتوا عن مساوئهم
وحصل بذلك إيغار الصدور والشر والفساد.

والأمة إذا تفرقت وتمزقت
حصلت الفتنة بينها ووقعت
مثل ما حصل في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه
حين بدأ الناس يتكلمون فيه
فأوغروا الصدور عليه
وحشدوا الناس ضده
وحصل ما حصل من الفتن
والشرور إلى يومنا هذا

فولاة الأمور لهم حق وعليهم حق

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى بآيات من كتاب الله
فقال: وقول الله تعالى:
(وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)
يعني لا تتعالى عليهم
ولا ترتفع في الجو
بل اخفض الجناح
حتى وإن كنت تستطيع أن تطير في الجو
فاخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين

وأما من خالفك وعصاك فأقم عليه العقوبة اللائقة به
لأن الله تعالى لم يقل اخفض جناحك لكل أحد
بل قال: لمن اتبعك من المؤمنين

وأما المتمردون والعصاة
فقد قال الله تعالى:
(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)

(إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
(المائدة: ٣٤، ٣٣)

وقول الله تعالى:
(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)
(النحل: ٩٠)

إن الله يأمر بهذه الأمور الثلاثة:

بالعدل:
وهو واجب
فيجب على الإنسان أن يقيم العدل في نفسه
وفي أهله وفيمن استرعاه الله عليهم

فالعدل في نفسه بألا يثقل عليها في غير ما أمر الله
وأن يراعيها حتى في أمر الخير
فلا يثقل على نفسه أو يحملها فوق ما تطيقه
ولهذا لما قال عبد الله بن عمرو بن العاص
رضي الله عنهما:
أصوم ولا أفطر
وأصلي ولا أنام
دعاه النبي عليه الصلاة والسلام ونهاه عن ذلك

وقال:
((إن لنفسك عليك حقاً
ولربك حقاً
ولأهلك عليك حقاً
فأعط كل ذي حقٍّ حقه))

وكذلك يأمر بالعدل كذلك في أهل الإنسان
فمن كان له زوجتان وجب عليه العدل بينهما"
ومن كان له امرأتان فمال إلى إحداهما
جاء يوم القيامة وشقه مائل"

وعليك بالعدل بين أولادك وبناتك

17/01/2025

ترجمة خطبة صلاة الجمعة
الموافق ١٧رجب١٤٤٦هجري
للأخوة الصم وضعاف السمع
من مسجد:الأمام الأوزاعي
( الخبر المملكة العربية السعودية )
الشيخ : عبدالله بن محمد العتيق
بعنوان✨❤️التحذير من البدع والمستحدثات❤️✨

التصنيفات: منهج أهل السنة في المعرفة والتعامل

عناصر الخطبة
1/ اكتمال الدين
2/ الدِينُ اتِّباعٌ
3/ معنى البدعة
4/ أنواعها
5/ درجاتها
6/ مَضَارُّها
7/ حُكمها
8/ حال أهلها
9/ تقسيمُها لحسَنةٍ وسيئة
10/ شروط العمل الصالح

اهداف الخطبة
اقتباس
ولا خيار للمسلم في هذه الحياة، لاسيما مع كثرة الفتن، وغلبة الاختلاف والهوى، وشيوع مظاهر المخالفة للكتاب والسنة إلا أن يسير في حياته ملتزماً بكتاب الله وسنه نبيه الكريم -صلى الله عليه وسلم- مقتدياً برسول الله، وبصحابته، والقرون الثلاثة الأولى المفضلة، المشهود لهم بالخيرية على لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فالدين اتباع لا ابتداع، والشرع تمسك وانقياد لا تفرق واختلاف..

الحمد لله الذي أرسل رسله بالبينات
ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له

القائل في محكم التنزيل:
(إِنَّ الدِّينَ عِندَ الله الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ العِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ الله فَإِنَّ الله سَرِيعُ الحِسَابِ)
[آل عمران: 19]

(وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ)
[آل عمران: 85].

وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، ومصطفاه وخليله، شرح الله صدره، ووضع عنه وزره، ورفع في العالمين ذكره، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، تركنا على المحجة البيضاء؛ ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا أهل الأهواء، أتم الله به النعمة، وأكمل به الشريعة، وختم به النبوة، فما التحق بالرفيق الأعلى حتى أنار الله به القلوب، ووضح به السبيل، وهدى به النفوس، حتى قال عنه أبو ذر -رضي الله عنه-: توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا وذكر لنا منه علماً.

فالخير ما جاء به، والدين ما شرعه، والحق ما التزمه، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين؛ جزاء ما جاهدوا ونصروا ودافعوا، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله -تبارك وتعالى- في السر والعلن، والتمسك بهديه وشرعه، والوقوف عند حدوده وأوامره ونواهيه
(ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ) [الحج:32]

عباد الله: الإسلام دين كامل، وعقيدة صافية، وشريعة وافية، تولَّى الإله الحكيم -سبحانه وتعالى- رسم أسسها ووضع قواعدها، وأمر بالتمسك بالعروة الوثقى، ولزوم سنه النبي المثلى، والتحذير من كل بدعة وهوى.

ولا خيار للمسلم في هذه الحياة، لاسيما مع كثرة الفتن، وغلبة الاختلاف والهوى، وشيوع مظاهر المخالفة للكتاب والسنة إلا أن يسير في حياته ملتزماً بكتاب الله وسنه نبيه الكريم -صلى الله عليه وسلم- مقتدياً برسول الله، وبصحابته، والقرون الثلاثة الأولى المفضلة، المشهود لهم بالخيرية على لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فالدين اتباع لا ابتداع، والشرع تمسك وانقياد لا تفرق واختلاف؛ فإن الكتاب والسنة لم يتركا في سبيل الهداية قولاً لقائل، ولا مجالاً لمشرع يشرع في دين الله ما لم يأذن به الله.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وقد أمرتكم به، وما تركت شيئاً يُبعدكم عن الله إلا وقد نهيتكم عنه"؛ رواه الطبراني بإسناد صحيح. (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) [النساء:115].

قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "خط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطاً ثم قال: "هذا سبيل الله". ثم خط خطوطاً عن يمينه وشماله، وقال: "هذه السبل المتفرقة على كل سبيل شيطان يدعو إليه". ثم قرأ قول الله -تعالى-: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام:153]" رواه النسائي واحمد.

عباد الله: إن طريق النجاة هو التمسك بكتاب الله -تعالى- وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، ولا يتم ذلك إلا بالبعد عن البدع والخرافات التي ابتدعها المبتدعة، وأحدثها المحدثون، وروجها المبطلون؛ من دعاة النحل المختلفة، والطرق المتشعبة، التي ليست من الإسلام في شيء، وإنما تتسمى باسمه، وتدعي السير على نهجه، وهي من أبعد الناس عنه.

ولقد ذم الله -تعالى- تلك الطرق المنحرفة الكثيرة التي جعلت المسلمين شيعاً وأحزاباً، وشتتت شملهم، وجعلتهم لقمة سائغة لأعدائهم، لا لقلة العدد والعدة، وإنما لِتمزُّق الشمل، وتفرُّق الكلمة التي جعلتهم غثاءً كغثاء السيل.

ومما لا شك فيه -عباد الله- أن البدع أعظم فساداً للدين، وأشد تقويضاً لبنيانه، وأكثر تفريقاً لشمل الأمة.

والبدعة في أصلها: مأخوذة من البَدْع؛ وهو: الاختراع على غير مثال سابق، ثم أطلقت وصارت علَماً على كل ما أحدثه الناس في الدين من محدَثات ليست منه.

والبدع في الدين بكل صورها وأنواعها محرمة؛ لما فيها من الضلالة والبعد عن الحق والصواب، ومخالفة سنة الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، القائل: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ" و"مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"؛ أي: مردود عليه. رواه البخاري ومسلم.

قال عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه -: سَنَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤه من بعده سنناً الأخذ بها تصديقٌ لكتاب الله، واستعمالٌ لطاعة الله، وقوة على دين الله، ليس لأحد تغيير فيها، ولا النظر في رأي يخالفها، مَن اقتدى بها فهو مهتد، ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم، وساءت مصيراً.

والبدع -أيها المسلمون- تتفاوت درجاتها ما بين بِدَعٍ مُكَفِّرةٍ مُخْرِجَةٍ من الملة، وبدع قادحة في التوحيد؛ تنافي كماله المطلق، وبدٍع مفسِّقة، وبدع هي إلى المعصية أقرب؛ فدعاء الموتى وسؤالهم، والتشفع بهم، والتوسل إليهم، وسؤال الشياطين وغيرهم فيما لا يقدر عليه إلا الله -تعالى- من صور البدع المكفِّرة، التي هي من وسائل الشرك، وقد تخرج صاحبها من الملة، والعياذ بالله تعالى.

والدعاء عند القبور، والصلاة عندها، والبناء عليها، وإحياء الموالد للموتى، كلها صور للبدع القادحة في التوحيد، وتنافي كماله.

وما وقعت فيه الفرق المبتدعة من تأويل صفات الله -عزَّ وجل- عن وجهها الصحيح، والقول بأن الإيمان مجرد اعتقاد دون عمل، والقول في القدَر، ونحو ذلك، هو من البدع المفسِّقة التي لا تخرج من الملة.

أما الغلو في العبادة، والزيادة عليها، والتكلف فيها، فهو من المعاصي التي نهى الله -تعالى- عنها، وشر الأمور محدثاتها.

والبدع -عباد الله- مبعدة عن الله، مقربة من الشيطان، مفرقة لصفوف المسلمين، محبِطَة للأعمال، وما رؤي الشيطان أفرح ولا أغبط منه بصاحب البدعة؛ لأن المبتدع يرى أنه على صواب وأن غيره على خطأ.

وإنما كانت البدع مردودة على من عملها؛ لأن إحداث مثل هذه البدع يفهم منه أن الله -سبحانه وتعالى- لم يكمل الدين لهذه الأمة، وأن الرسول المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لم يبلغ عن ربه ما ينبغي للأمة أن تعمل به مما يقربها إلى الله، وهل بعد ذلك من اعتراض على الله -تعالى- وعلى شرعه وعلى رسوله، واستدراك عليهما، واتهام لرسوله الأمين -صلى الله عليه وسلم- بالكتمان والخيانة في تبليغ الرسالة؟!

وحاشاه -صلوات الله وسلامه عليه- عن ذلك! وهو الموصوف على لسان ربه الذي أرسله واختاره لتبليغ رسالته بقوله -جل شأنه-: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤوفٌ رَّحِيمٌ) [التوبة:128].

أيها المسلمون: ليس هناك إلا طريقان: طريق الهدى، وطريق الهوى؛ فالله -عزَّ وجل- يقول لرسوله -صلى الله عليه وسلم-: (فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ الله إِنَّ الله لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ) [القصص:50].

فمن اتبع هواه، وعَبَد الله بمستحسَنات العقول والأهواء، وخالف ما جاء به الرسول الأمين، فهو معانِد للشرع، مُشاقٌّ لله ولرسوله؛ لأنه يستدرك على الشريعة النقائص، ويزعم أنها غير تامة، وأنه ببدعته تلك يكملها.

والمبتدعة بذلك قد أضاعوا السنن والأحكام، وراحوا يتهافتون على البدع والمحدَثات؛ ولو عقلوا لكفاهم ما شرعه الله ووضحه رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن لا حيلة في هداية من أراد الله غوايته؛ فمن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.

أخرج الإمام أحمد والبزار من حديث غضيف بن الحارث مرفوعاً: "ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة، وما من أمة ابتدعت بعد نبيها في دينها بدعة إلا أضاعت مثلها من السنة".

والمبتدعة من أكسل الناس عن الطاعة، وأكثرهم بغضاً للسنة، وبعداً عن الملة، وإنما نشاطهم كله في إحياء البدع، والبحث عن الأحاديث الموضوعة والضعيفة، والقصص المخترعة، والمنامات الملفقة المكذوبة التي تؤيد ما ذهبوا إليه من بدع ومستحسنات، فإذا ذُكِّروا بالكتاب والسنة أعرضوا عنهما، وأوَّلوهما على غير المراد منهما، وعلى غير معناهما الصحيح.

ولقد جاء رجل إلى الإمام مالك بن أنس -رحمه الله- فقال: من أين أحرم بالحج؟ قال: من الميقات الذي وقت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأحرم منه. فقال الرجل: فإن أحرمت من أبعد من ذلك؟ فقال الإمام مالك: لا أرى ذلك. فقال الرجل: وما تكره من ذلك؟ قال: أكره عليك الفتنة. قال الرجل: وأي فتنة في ازدياد الخير؟! فقال مالك: إن الله -تعالى- يقول: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور:63]. وأي فتنة أعظم من أنك خصَّصْتَ نفسك بفضل لم يختص به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟!.

وقد ذكر الله -تعالى- حال أهل البدع، وبين أنهم يعملون، ولكن وجوههم يوم القيامة خاشعة، عاملة ناصبة تصلى ناراً حامية؛ لأنهم أتعبوا أنفسهم بالأعمال البدعية فكانت عاقبتهم النار؛ لأن عملهم على غير الدين القويم، وكل عمل خلا عن شرطي المتابعة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- والإخلاص لله -تعالى- فهو مردود على صاحبه.

قال العلامة ابن كثير -رحمه الله- عند قول الحق -سبحانه وتعالى-: (وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً) [الغاشية:2-4]. قال: هذه عامة في كل مَن عبَد الله على غير طريق الحق، يحسب أنه مصيب فيها، وأن عمله مقبول، وهو مخطئ، وعمله مردود.

وقال الحسن البصري - رحمه الله -: لا يقبل الله لصاحب بدعة صوماً ولا صلاةً ولا حجاً ولا عمرةً، حتى يدع بدعته. وقال محمد بن مسلم -رحمه الله-: مَن وقَّر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام.

فاتقوا الله -تعالى- أيها المسلمون، تمسكوا بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وعضوا عليها بالنواجذ، واحذروا البدع والمحدثات، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. أقول قولي هذا وأستغفر الله -تعالى- فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.





الخطبة الثانية:

الحمد الله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد، فيا أيها الناس: اتقوا الله -تعالى- واشكروه وأطيعوه وراقبوه، واعلموا أنكم ملاقوه.

عباد الله: روى البخاري ومسلم من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خطب في حجة الوداع فقال: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم: ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم؛ ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان".

ولقد سميت هذه الأشهر الأربعة بالحرم؛ لعظم حرمتها، وحرمة الذنب فيها؛ وتيسيراً على الناس الذين يريدون الحج والعمرة؛ ليأمنوا على أموالهم ودمائهم.

أيها المسلمون: ونحن في هذه الأيام في شهر رجب الذي تعود الجهلة, والمبتدعة, وأهل الأهواء والآراء على تخصيصه بأنواع من العبادات، وهذا من أخطر البدع وأشدها ضرراً على المسلمين؛ فشهر رجب -كغيره من الشهور- لا مَزِيّة له عليها ولا فضل، وهؤلاء المبتدعة يزعمون أن له فضائل وكرامات، فيخصونه بقيام بعض لياليه، أو صيام بعض أيامه، أو الذبح فيه تقربا لله –تعالى- على حد زعمهم، وهو في الحقيقة مجاراةٌ لعقولهم، واتباعٌ لأهل الأهواء والبدع الذين اتخذوهم أرباباً من دون الله -تعالى-، يُشرِّعون لهم الشرائع، ويسنون لهم السنن والفضائل.

ويزعمون كذلك أن عمرة فيه أفضل من عمرة فيما سواه، إضافة إلى تخصيص ليلة السابع والعشرين منه باحتفالات وعبادات متنوعة, بزعم أنها ليلة الإسراء والمعراج، وقد نفى أهل العلم ذلك وأنكروه.
ومما أُحدث في هذا الشهر من البدع: تعظيم أول خميس فيه، وقيام أول ليلة جمعة فيه؛ وهي ما يسمونه بصلاة الرغائب، وهذه كلها بدع وضلالات ما أنزل الله بها من سلطان.

عباد الله: وإن من الأحكام المتعلقة بشهر رجب المحرم تحريم القتال فيه بين المسلمين، والاعتداء على الآمنين، وترويع الغافلين؛ فعن جابر -رضي الله عنه- قال: "لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغزو في الشهر الحرام إلا أن يُغزا فيغزو، فإذا حضره أقام حتى ينسلخ" رواه أحمد.

ومن الأحكام كذلك تحريم الذبائح التي كان الجاهليون يذبحونها لهذا الشهر: الفرع والعتيرة؛ أول نتاج الإبل والغنم، كان أهل الجاهلية يذبحونه في هذا الشهر لآلهتهم، يتبرعون لها بذلك، وهي التي تسمى بالرجبية. قال المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "لا فرعَ ولا عَتِيرةَ" متفقٌ عليه.

ومما يشبه ذلك اتخاذ شهر رجب عيداً وموسماً، فقد نهى ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- عن ذلك، وعدَّه من البدع التي يجب الحذر منها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: واتخاذ شهر رجب موسماً للعبادة بحيث يفرد بالصوم مكروه عند الإمام أحمد وغيره، كما روي ذلك عن عمر بن الخطاب وأبي بكرة وجمع غفير من الصحابة والتابعين.

أما تعظيم أول خميس فيه، وقيام أول ليلة جمعة، فهو بدعة محدَثة إنما أُحدثت في الإسلام بعد المائة الرابعة؛ لحديث موضوع باتفاق العلماء... إلى أن قال: والصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم النهيُ عن إفراد هذا اليوم بالصوم، وعن هذه الليلة المحدَثة، وعن كل ما فيه تعظيم لهذا اليوم أو هذا الشهر، وإنما الذي ورد: أن هذا من الأشهر الحرم التي يحرم القتال فيها.

وقال الحافظ ابن رجب -عليه رحمة الله-: لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيام شيء معين منه، ولا في قيام ليلة مخصوصة منه حديثٌ صحيح يصلح للحجة.

ثم اعلموا -عباد الله- أن ما ذهب إليه بعض الناس من تقسيم البدع إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة طريقة غير مرضية، لا دليل عليها من كتاب أو سنة، ولم يكن ذلك من عادة السف؛ بل كانوا ينظرون إلى البدع جميعاً على أنها ضلالة يجب البعد عنها، والحذر من الوقوع فيها.

فاتقوا الله -تعالى- أيها الناس، واحذروا من البدع التي يروِّج لها أصحاب الضلالة، وأدعياء الجهالة في هذا الشهر وغيره، واعبدوا الله - تعالى - على وفق شرعه، وعلى سنة نبيه الكريم -صلى الله عليه وسلم-، وعلى منهج سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم وأرضاهم.

ثم صلوا وسلموا -رحمكم الله- على المبعوث رحمة للعالمين، محمد بن عبد الله، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

Address

Dammam

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when ترجمة الخطب والدروس الدينيه للأخوة الصم وضعاف السمع posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Videos

Share