03/11/2021
الوطن الكبير!
في ربوع الوطن
ذلك الوطن الكبير حد السماوات وحد المحيطات
حد ذرات الغازات المنبعثة من المصانع العملاقة
حد مساحات الشعور والإحساس
حد الدموع النائمة في جفون الأرامل
حد غابات الأمازون وصحاري المريخ
حد ارتعاش الأسِرة الهزازة في مكاتب الإدارة
حد انتعاش الحمام وتغريد البلابل
حد انتشار الرذيلة في مدائن الفضيلة
حد انسياب أغاني فيروز على مسامع الصباح
هنا في وطني الكبير حد السنوات الضوئية بين قصور "تفرغ زينه" وأعرشة "الترحيل"؛
يرتجف شيخ محمل بحقائب الزمن وأماني الأطفال
يختنق حمام أبيض في سجن شفاف يسميه أصحاب البذلات الراقية وربطات العنق المرتخية محمية طبيعية
تئن مريضة سرطان على سرير أعرج يقاوم ارتطام الأجسام عليه منذ خمس سنوات
يرابط متقاعد عسكري عجوز على باب برجوازي منتفخ الكرش منعقد الجبين
هنا في وطني الكبير حد انبجاس الذكريات العاطفية واشتعال الشفاه بالقرب من قارورة النبيذ وارتجاف الخصور تحت الاضواء الخافتة؛
تصلب الأماني والمواهب على خشبة القبيلة ومسرح اللون
تجهض الأحلام قبل الولادة وتصادر الأفكار قبل الإنبثاق
هنا في وطني الغني بالمعادن وأغاني الأطفال وابتهالات الحيارى والتائهين؛
ينتشر الفقر كفيروس قاتل يقتات على حقول الألم والبؤس
تبتعد السماء بزرقتها الآسرة عن أرضنا المثخنة بجراح الإهمال ودخان الأخشاب المتفحمة تحت نيران أعداء الطبيعة
هنا في وطني الحبيب يموت الكلام صمتا وتُباع تذاكر الحرية عند باب السجن
هنا في وطني الجميل تُباد أشجار السنط والأكاسيا ويشوه وجه الفجر والغروب في ذاكرة الأطفال
هنا في وطني اللطيف يموت الحب رميا برصاص القبيلة والمادة
في ربوع الوطن، ذلك الوطن الكبير يكبر الطفل على حب الهجرة والدفاع عن الوطن.
Mohamed Hmadna