16/09/2023
قصة تستحق القراءة .....قد أكون فقيرة بالنسبة لكم ولكني لست متسولة...
في أحد أيام الخريف من العام الماضي... كنت أقود خلوة روحانية في ويركان في الأطلس الكبير... على بعد 40 كلم من مركز الزلزال الحالي.
وفي نهاية اليوم، قمنا أنا والمتدربين معي ، سبعة نساء... بجولة عبر مسالك جبال الأطلس... وعند منحنى التل... صادفنا امرأة أمازيغية عجوز كانت تراقب عنزاتها و تغني ألحاناً حزينة...
أحبتها الفتيات وأرادوا التحدث معها... قبلت... وقمت بدور المترجم... وبعد دقائق قليلة من المناقشة.. تدعو المرأة الجميع لتناول الشاي... في منزلها في الأعلى من تلة صغيرة
أحضرت الشاي و وضعت الخبز المنزلي والأملو والعسل وجوز الإمليل على الطاولة الصغيرة... اندهشت الفتيات من كرم هذه المرأة العجوز.. ثم بدأت تتحدث عن حياتها الصعبة ولكن المرحة...
لقد عاملت الفتيات كما لو كن بناتها... لمست شعرهن كما لو كانت تعرفهن من قبل... وقدمت لهن نصائح جمالية للحصول على "عيون ملائكية... لأن الحب غالبًا ما يأتي من خلال النظر"
كانت الشمس قد بدأت بالغروب وطلبنا الإذن بالخروج ورافقتنا للاعائشة إلى الطريق في أسفل التل لحوالي مائة متر وقبل أن نسلم عليها بالمغادرة... ساهمت الفتيات فيما بينهن وسلموها 2000 درهم...
للا عائشة ترفض رفضا قاطعا... وتقول لهم: قد أكون فقيرة بالنسبة لكم ولكني لست متسولة... لقد قمت بواجبي كما كان يفعل أجدادي منذ فجر التاريخ: إطعام المسافرين الذين يمرون بالمنزل "
ثم تلتفت إلى عنزاتها... و تنادي أكبرها : تاسكرت... تأتي تاسكرت نحوها وتتبعها جميع الماعز الأخرى وتوجه للا عائشة القطيع الصغير إلى حظيرة صغيرة... وتذهب إلى المنزل وتغلق الباب...
أما الفتيات من جانبهن... فقد عجزن عن الكلام أمام كرم وكرامة هذه المرأة العجوز... وفي طريق العودة... خيم الصمت الرهباني على المجموعة...
وفي المساء على العشاء... أشرح لهم عقلية الأمازيغ وحسهم الفطري بالكرم والمشاركة... وأن الرغبة في رد الكرم... إهانة... ومن هنا رد فعل للا عائشة. ..
مساء الجمعة 9 سبتمبر 2023 تعرضت المغرب تحركت الأرض و زلزلت...
الليلة الماضية... إحدى الفتيات اللاتي شاركن في خلوة ويركان... مديرة تنفيذية كبيرة في إحدى الشركات المتعددة الجنسيات...للحصول على أخبار للا عائشة...بعد الزلزال... وبما أنها لم يكن لديها هاتف... قررت أن أذهب اليوم إلى ويركان لأرى ما إذا كانت لا تزال على قيد الحياة... وصلت إلى ويركان... أبحث عن الطريق بصعوبة... انزلق بين الأشجار وفجأة يظهر تل لالة عائشة الصغير... لكن ليس المنزل... قلبي ينبض بشدة .. فقلت لنفسي...إنها بالتأكيد ماتت...اقتربت مرة أخرى...ولم يعد هناك ظل شك...البيت على الأرض والماعز ما زال هناك مدفونا تحت الأرض. بين الركام... أفلتت دمعتي... جلست على صخرة صغيرة أتأمل وأدعو لهذا الملاك الأرضي: للا عائشة... أبقى دقائق معدودة وعيني مغمضة... وفجأة... أشعر بأحد يربت على كتفي الأيسر... أفتح عيني... إنه رجل في عمر الستين... "أنت بالتأكيد لست من قريتنا... هل يمكنني مساعدتك؟" تحدث معي بالمغربية الدارجة... أجيبه باللغة البربرية: "جئت لأرى ماذا حدث للالة عائشة؟"
رد علي : "لقد دمر منزلها وأهلكت مواشيها الصغيرة... لكن للا عائشة على قيد الحياة".
ولم أصدق ما قاله... ثم يضيف... أنه في المساء الذي حدث فيه الزلزال... كانت في بيت ابنتها في أسفل القرية والبيت هناك صامد... نجحت المعجزة مرة أخرى مع هذه المرأة العجوز...
وعندما أخبرت مصير هذه المرأة لجميع الفتيات اللاتي استقبلتهن في منزلها بالكثير من الحنان والكرم... قررن بالإجماع أن نقوم معًا بتمويل إعادة الإعمار لمنزلنا وشراء مواشي جديدة...
غدا سألتقي بالا عائشة لأنقل لها هذه الأخبار السارة... وكما يقول المثل:
كل شيء يمر... وهذا أيضاً سوف يمر في النهاية .
.. ترجمة عبد الفتاح الطياري عن نص باللغة الفرنسية للكاتب Omar Louzi