04/11/2022
خطبة بعنوان: المسيرة الخضراء لبنة في بناء وحدة الأمة الإسلامية
بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه
الحمد لله مقدر المقدور، ومصرف الأيام والشهور، ومجري الأعوام والدهور، أحمد سبحانه وتعالى وأشكره وأستغفره إليه تصير الأمور، وهو سبحانه وتعالى العفو الغفور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة ننتفع بها يوم يبعثر ما في القبور، ويحصل ما الصدور، وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله وعبده الشكور، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ما تعاقب العشي والبكور، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم النشور.
أما بعد فيا أيها الاخوة المؤمنون؛ أوصيكم ونفسي أولا بتقوى الله وطاعته.
إن الأمة الإسلامية بالمقارنة مع الأمم الأخرى في هذا العصر قد انهزمت في كثير من المجالات، وكثير من الدول الإسلامية كما ترى شتتها النزاعات والحروب، ودمرتها الأزمات والكروب، ولا يمكن للأمة أن تواجه كل هذا فتنتصر إلا بتحقيق أمرين مهمين: (توحيد الكلمة، وكلمة التوحيد)؛ وعدو الإسلام ومن يدور في فلكهم من الأدعياء المغرر بهم يدركون هذا المعنى، فحاربوا توحيد الكلمة بسلاح التفكيك كما حاربوا كلمة التوحيد بسلاح التشكيك، ففرقوا الأمة وشككوا في دينها، وهم دائما يتربصون بها الدوائر.
بخطط الأعداء المغرورون بأنفسهم وأخطاء الأدعياء المغرر بهم تمزقت الدول الإسلامية اليوم قددا؛ فالأعداء يتآمرون في مؤامراتهم ضد الوحدة في بلاد المسلمين، والأدعياء يأتمرون بأوامرهم، فما يكاد حادث يقع في الأمة إلا وبادروا باستغلاله، إلا ونفخوا في شرارته ليكون نارا تلظى، إلا وحاولوا الركوب عليه لنيل مآربهم الخبيثة، من تقسيم الدول إلى دويلات لا تسمن ولا تغني من جوع؛ وذلك لأنهم يعلمون أن قوة هذه الأمة في وحدتها وفي اتحادها؛ فإذا تحققت فسوف تكون قوة عالمية لا يمكن الوقوف ضدها في أي مجال.
وفي هذا الإطار جاءت المسيرة الخضراء لتحرير الصحراء لتكون لبنة من لبنات هذه الوحدة الشاملة المنشودة، فوحدة المغرب الوطنية هو أساسها، ووحدة الأمة الإسلامية هو هدفها، وكل من يقف ضد الوحدة الترابية في أي دولة مسلمة فهو ضد وحدة الأمة؛ لأنه لا يمكن للأمة أن تتحد إلا باتحاد أجزائها، وادعاء وحدة الأمة مع تنافر الجزئيات ادعاء باطل، وأعداء الوحدة الترابية في المغرب هم في الحقيقة أعداء وحدة الأمة.