مصطفى 𝓲𝓼𝓴𝓪𝓷𝓭𝓮𝓻

مصطفى 𝓲𝓼𝓴𝓪𝓷𝓭𝓮𝓻 " No one ever won a game by resigning ."

♟️ Savielly Tartakower
(1)

لقد اردت من هذه الصفحة ان انشر بينكم اصدقائي ما جاء به كتاب { زرادشت } الذي صدم به نيتشه الفيلسوف الالماني الأشهر تيارات الفلسفات المتناقضة منذ نصف قرن موجها الانسان الى اكتشاف مواطن القوة في نفسه لانشاء الجبابرة في المجتمع لقد كان نيتشه يصرخ بلسان زرادشت وهو يخاطب الحشد في الساحة العمومية و قد ماشينا نيتشه في حلمه وهو يستعير لعقله الباطن اسم زرادشت الفارسي الذي قال بالخير و الشر كقوتين تتنازعان ح

ياة الإنسان فبالرغم من الحاد الفيلسوف لن يؤثر في ايماننا لانه لا يستند الا الى شكوك نشأت من حالة خاصة يعيشها أهل الغرب.

مصطفى.

03/01/2024

.
الأصل في حال المسـلمة:
﴿وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج
الجـاهلية الأولى﴾

فإذا اضطرت للخروج:
﴿ولايبدين زينتهن﴾

فإذا مشت:
﴿ولايضربن بأرجلهن ليعلم
ما يخفين من زينتهن﴾

فإذا تكلمت:
﴿فلاتخضعن بالقول فيطمع الذي
في قلبه مرض وقلن قولا معروفا﴾

هكذا أدب المسلــمة في القرآن .. ولا عزاء للعلمانيين.

✍️ مصطفى 𝓲𝓼𝓴𝓪𝓷𝓭𝓮𝓻

ما هي إلا عدة أيام حتى حصلت على تأشيرة للزيارة ودعت أمي وقلت لها أني ذاهب في رحلة مع أصدقائي وبعد عودتي سوف أذهب إلى فلس...
02/01/2024

ما هي إلا عدة أيام حتى حصلت على تأشيرة للزيارة ودعت أمي وقلت لها أني ذاهب في رحلة مع أصدقائي وبعد عودتي سوف أذهب إلى فلسطين.

لم أذهب برحلة خارج فلسطين، بل ذهبت برحلة إلى فلسطين، فلقد كان لي صديق وهو تاجر مقدسي ثري انتظرني هناك على المعبر، أو كما يسمونه على الجسر، عبرت الجسر إلى فلسطين، لكني لم أزر فلسطين بل رأيت أعلام الصهاينة تملأ أرجاء المكان، وصلت متأخراً رغم أني خرجت مبكراً فلقد استوقفني المحتلون ليخضعونني للاستجواب عن أحوالي وعن ماذا كنت أعمل، وبخاصة أنها أول زيارة لي لفلسطين، كانوا يتحدثون معي باللغة العربية المكسرة نوعاً ما، فرفضت أن أجيب بالعربية وبدأت أتحدث بالإنجليزية مما جعلهم يحضرون مترجم للغة الإنجليزية، ألا يكفي أنهم احتلوا أرضي وقدسي ويريدون أن يحتلوا لغتي؟

سوف أتحدث لكم بلغة ذلك الوعد الحقير بلفور الذي مكنكم عبر وعده المشئوم من الحصول على أرضنا المباركة.. لكن لن يمكنكم من الحصول على لغتي، حتى أن المترجم حاول أن يتحدث باللغة العربية إلا أ أني لم أنطق أن حرفاً واحداً بتلك اللغة وقلت له إن كانت اللغة الانجليزية صعبة عليك، ابحث عن مترجم للغة الكورية غضب هو أما أنا فلم أغضب بل كنت سعيداً وسعيداً جداً لأني أغضبته فلقد شعر بالإهانة أمضيت عدة ساعات حتى جاء المساء وعندها وبدون مقدمات أعطوني جواز سفري وقالوا لي اعبر ، فعبرت إلى فلسطين.

مرحباً قال لي صديقي لقد تأخرت، حصل خير شو رأيك تروح على "فيلتنا" التي بأريحا فهي قريبة جداً خمس دقائق من هنا، لم أتكلم واكتفيت بهز رأسي بالموافقة.
فيلا جميلة جداً، ومسبح كبير وأشجار فاكهة رائعة، هناك أمضيت ليلتي الأولى في أريحا، أريحا وأي أريحا رأيت، طلبت من صديقي أن يصطحبني بجولة بداخل مدينة أريحا، أريحا "عزة أوسلو". رأيت بها قرية مهجورة محرومة من الحداثة ، قرية لا أكثر فلم تكن أريحاً مدينة أبداً، رأيت بها قطيعاً من عساكر سلطة أوسلو .

قطيعاً، يقوده ذنب، بعد ذلك عدنا إلى الفيلا فطلب مني صديقي أن أغير ملابسي وأن أرتدي أجملها، بل أغلاها ثمناً، قبل أن أسأله عن السبب قال: إياك أن تسأل . بالله عليك يا عبد الله أن تفعل ما أطلبه منك. فعلاً ما هي إلا عدة دقائق وكنت أرتدي إحدى بدلي، تلك البدل التي كنت أفصلها هناك في كوريا فبعد أن لم أكن أملك ثمن الطعام والمواصلات عندما وصلت إلى كوريا عندما مشيت من المطار إلى غابة الأشجار، أصبحت ثرياً اقوم بتفصيل بدلاتي وقمصاني، حتى أني والله كنت أفصل تلك البلايز التي ترتدي تحت القمصان ، كنت أفصل ربطات العنق من الحرير الصيني الفاخر.

إرتديت إحدى تلك البدل وصعدت بسيارة صديقي تلك السيارة التي لا يقل ثمنها عن نصف مليون، صعدت وصعد هو أيضاً فقاد السيارة، عدة دقائق وصل إلى فندق فخم جداً جداً، في البداية لم أصدق مثل وجود هذا الفندق في مدينة أريحا أقصد في قرية أريحا، لكن الفندق كان ضخماً وفخماً وبما أني أحمل جواز سفر أجنبي وبما
أن صديقي يملك هوية مقدسية فلقد دخلنا هناك مثل دخول الفاتحين.

وما هي إلا عدة دقائق حتى علمت أني في كازينو أريحا في ملهى ليلي ومرتع للقمار والفساد، رأيت ذلك بأم عيني، كازينو بأريحا قمة الفساد والإفساد في أول مدينة تسيطر عليها السلطة !!

قلت بنفسي حسبي الله !! حسبي الله !! ونعم الوكيل، قلت الحمد لله أن ذلك الكاتب الفلسطيني مريد البرغوثي الذي كتب كتاب رأيت رام الله لم يدخل إلى هنا، لم يشاهد ما شاهدته في ذلك الوكر، لم يكن القمار ولا العاهرات إنما العاهرون رجال جهاز الأمن الوقائي رجال جبريل الرجوب الذين يتولون حراسة الكازينو والإشراف الأمني عليه، فلقد كلف عرفات بطل الأبطال جبريل الرجوب بتشكيل جهاز تحت اسم جهاز الأمن الوقائي، لا اختصاص له سوى حماية الصهاينة من المقاومة وحماية الفاسدين من الثائرين.

ظن صديقي لأني لن أطيل السهر هناك، ولكنه كان مخطئاً فلقد أطلت السهر، ليس بلعب القمار، ولا مراقصة العاهرات، وإنما واصلت السهر موجها لصديقي السؤال تلو السؤال عن ما يدور هنا في الكازينو وهناك في رام الله وغزة.

قبل الفجر عدنا إلى الفيلا، فوضعت حقائبي في السيارة وانطلقنا لنصلي بالأقصى بالقدس ، انطلقنا من الكازينو وكر فساد السلطة إلى القدس المحتلة. ما إن وصلت هناك حتى عادت لي روحي وعادت الحياة تدب بجسدي من جديد أصبحت حياً، حياً أرزق، بالقدس عادت لي ذاكرتي وحبي لفلسطين ورغبتي في القتال وعقاب المحتل.

هناك يا ابنتي الحبيبة هناك يا ملاكي الحارس شعرت برغبة بالحياة. ليس للقدس وصف رائحتها جميلة، فلقد مررنا على مخبز يصنع الكعك المقدس فاشترينا وأكلنا ونحن نعبر أزقة المقدسي، بعد أن عبرنا أسوارها أكلت الكعك فلقد كنت جائعاً فلم أكل هناك بوكر الفساد بالكازينو، ولم أشرب حتى الماء، رفضت أن أدنس جسدي بطعامهم ومانهم، أما كعك القدس فوالله كان أحلى وأروع ما أكلته طوال عمري، فرغم أني كنت أتناول الطعام في أفخم المطاعم في كوريا وعمان ورغم حبي لطعام أمي لكني أقول: لا شيء يعلو على كعك القدس، يبقى قدساً لا أحد أن يدنسه فهو الأقصى المبارك به وحوله.

كان ذلك اليوم يا ابنتي هو صباح يوم الجمعة، فطلبت من صديقي أن يتركني أمضي يومي بالمدنية، وقلت له أننا سوف نعود إلى منزله الثاني الموجود في أحد أحياء القدس بعد الصلاة، الحيت عليه فوافق، ودعته على أمل أن ألقاه بعد الصلاة عند باب العامود، فبدأت أتجول في ساحات القدس ثم في أزقة القدس، تلك القدس التي أحبها والتي طالما حلمت بأن أصلي بها، رأيت المستوطنين، رأيت المحتلين رأيت الأم الفلسطينية رأيت القدس، رغم كل غضبي على المحتلين إلا أن غضبي على السلطة والفساد والإفساد كان أكبر وأعظم.

بدأت أبيات الشعر في تلك الجولة المقدسية تحوم حولي كأنها سرب من الصقور فقلت الأبيات التالية، لا أدري أهي شعر ام أي شيء آخر. أظن أن المشاعر أصبحت كلمات لا أكثر ولا أقل؛ فأنا يا ابنتي لست شاعراً وحتى أني لا أخفيك سراً إن قلت لك أني لا أحب الشعر أصلاً.

قلت:

في القدس ماعاد للانتظار مكان

في القدس غرست انياب الطغيان

في القدس ما عاد بالمكان انسان

في القدس غرس الصهاينة والاستيطان

في القدس ما عاد للحجارة ثمن

في القدس غرس المحتل الحزن

في القدس ما عاد للقباب لمعان

في القدس غرس الظلام والجنون

في القدس ما عاد زيت وزيتون

في القدس غرس ظلم بلا قانون

في القدس ما عاد يطحن طحين

في القدس غرس الكره لا الغفران

في القدس ما عاد هناك اديان

في القدس غرس اعداء غيلان

في القدس ما عاد الأبيض لون

في القدس غرس قلب حزين

في القدس ما عاد للمكان تكوين

في القدس غرس الجن والجان

في القدس ما عاد يسمع صوت الآذان

في القدس غرس قاطعي الزيتون

في القدس ما عاد حي سلوان

في القدس غرس عطش الظمان

في القدس ما عاد المصلون يأمون

في القدس غرس قضاة ظالمون

في القدس ما عاد عنب ورمان

في القدس غرس الجهل والطغيان

في القدس ما عاد هناك مصلون

في القدس غرس وحش مجنون

في القدس ما عاد بالسماء الوان

في القدس غرس اعمى بلا عيون

في القدس ما عاد يقرأ القرآن

في القدس غرس من الكفر دان

في القدس ما عاد هناك فلسطينيون

في القدس ما عاد سوى بني صهيون

في القدس غرس القيد بأيدي المأسورين

في القدس غرس جثمان المجاهدين

قلت تلك الأبيات يا ابنتي الحبيبة ويا ملاكي الحارس بعد أن صليت في القدس فقد سمح لي بالصلاة في الأقصى لأني أحمل جواز سفر أجنبي ولم يسمح للفلسطينيين الشباب بالدخول للصلاة قلت تلك الكلمات بعد أن رأيت أول شهيد يصلى عليه، شهيداً ارتقى للعلا على يد مستوطن محتل قام بطعنه بأحد شوارع القدس، فصلوا عليه وصليت، وكبروا وهللوا فكبرت وهللت، قلت الله أكبر الله أكبر

ولكن أحدهم قال جملة أصبحت هي محور حياتي القادمة قال ذلك الفتى " الإنتقام الإنتقام يا كتائب القسام " الإنتقام الإنتقام يا كتائب القسام.

فكررت من بعده وكرر كل من كانوا هناك.

غضبت و عشقت وصليت وذقت لأول مرة الحب، فلقد أحببت القدس وقبة الصخرة المشرفة من أول نظرة، بل عشقتها من أول كعكة.

تأخرت على صديقي لكنه بقي ينتظرني عند باب العامود إحدى بوابات القدس الشريف، كان قلقاً بسبب حادثة استشهاد الشاب المقدسي، كان قلقاً علي لكني كنت قلقاً على فلسطين، ذهبنا إلى منزله الكائن بأحد ضواحي القدس، فتناولنا الطعام وبعد ذلك طلبت منه أن يتركني لكي أنام، فأنا لم أكن قد نمت منذ ليلة البارحة. نمت حتى المساء، وفي المساء أخذني لزيارة بيت لحم، فتجولت بها وبكنيسة الميلاد وأضأت شمعة هناك على المذبح، فالميلاد مثل القدس والقدس مثل الميلاد عندي، بعد ذلك عدنا باتجاه الخليل وأمضينا ليلتنا هناك عند أحد أصدقائنا. بقيت طول فترة السهرة أسأل عن أحوال فلسطين وأحوال الخليل، خليل الرحمن عن قصة ذلك المستوطن الذي قتل المصلين بالحرم الإبراهيمي الشريف، قصوا علي القصة.

أهم ما قالوا لم يكن القاتل الذي قتل شهدائنا في تلك المجزرة البشعة، وتلك الجريمة الدنيئة، بل كان من ذلك المقاوم المهندس يحيى عياش، ذلك المهندس القسامي الذي ثار وعاقب الصهاينة من خلال عملياته الاستشهادية، ومن خلال مقاومته للمحتلين المستوطنين.

لقد أحببت يحيى عياش مثلما أحببت القدس تماماً، فعياش ذلك المهندس القسامي أعاد لي من خلال حديثهم عنه روح المقاومة وروح التصدي للظلم والطغيان.

#رواية

#المهندس



✍️ مصطفى 𝓲𝓼𝓴𝓪𝓷𝓭𝓮𝓻

مساء أحد الأيام لم يعد محمود وحسن من المصنع تأخرا ولم يجيئا وحدهما بل جاء معهما خالي صالح، كالعادة التفينا حوله وكالعادة...
02/01/2024

مساء أحد الأيام لم يعد محمود وحسن من المصنع تأخرا ولم يجيئا وحدهما بل جاء معهما خالي صالح، كالعادة التفينا حوله وكالعادة سلم على كل واحد منا وقبله بحرارة، وأعطى كل واحد منا نصيبه من القروش، ثم بدأ الحديث مع أمي عن خالتي فتحية، فقد جاءها خطاب يريدون يدها، وهم جماعة يعرفهم خالى جيداً من الضفة الغربية بلدة صغيرة في قضاء الخليل ممن يتاجرون بالأقمشة ويأتون ليشتروا القماش الذي يصنعه خالي، وقد عرفهم خالي جيدا وهو يريد رأي أمي في ذلك.

أمي أوضحت أن الرأي رأيه وما دامت فتحية موافقة وراضية وأنت موافق وراض وتعرف الجماعة فعلى بركة الله أثناء ذلك قامت أمي وتركتنا مع خالي يسأل عن أخبارنا أخبار كل واحد وكل واحدة في المدرسة وغير ذلك.
و عادت بعد قليل وقد جهزت إبريقاً من الشاي، شرب خالي معنا الشاي ثم قام ليغادر حاولت أمي أن تقنعه بالمبيت عندنا فاعتذر قائلاً: أنت تعرفين أنني لا أستطيع المبيت خارج المنزل فليس عندي سوى بنات فدعت له والدتي الله يعوض عليك يا صالح عوض الخير، خرج خالي وهو يقول سأخبر الجماعة بالموافقة وعندما يخبرونني عن موعد قدومهم للخطبة سوف أخبرك لتحضري أنت والحج أبو إبراهيم والأولاد.

وفي اليوم التالي منذ ساعات الصباح الباكر وبعد أن أنهى جدي صلاته بقليل أخذ يستمع إلى مكبرات الصوت التي تحملها سيارات الجيب العسكري وهي تعلن باللغة العربية المكسرة عن فرض منع التجول إلى إشعار آخر ألو ألو .. ممنوع التجول حتى إشعاراً آخر واللي يخالف يعرض نفسه لخطر الموت وهكذا ظل الصوت بتكرر مرات عديدة. أمي قالت للجميع اليوم ليس هناك مدارس يا أولاد، وممنوع أي واحد منكم يخرج من البيت ، وخرجت إلى الغرفة الأخرى لتتأكد من علم جدي وابني عمي حسن وإبراهيم
بالأمر، بقينا في البيت لم نخرج منه وظل الباب علينا مغلقاً طيلة النهار، وكلما اقترب واحد منا من باب الدار صرخت عليه أمي بعدم فتح الباب وإلا أوسعته ضرباً.

سمعنا مرة بعد مرة ممنوع التجول .. اضطر إخوتي وأخواتي إلى اللعب داخل الدار وقد جهزت لنا أمي في هذا اليوم (البيصارة للغداء وهي طبيخ من الفول المجروش مع الملوخية الجافة، وجلس إخوتي وأخواتي وابنا عمي يدرسون في كتبهم المدرسية، وأنا أجلس وأنظر إليهم أتفرج في كتبهم، عند المساء سمعنا صوت مكبرات الصوت مرة أخرى تؤكد منع التجول وأن من يخالف سيعرض نفسه للخطر.

عند الصباح وبعد صوت جدي في صلواته ودعواته بوقت ليس طويلاً جاء صوت مكبرات الصوت يعلن عن انتهاء منع التجول من الساعة الخامسة، أمي أيقظت الجميع وجهزتهم للمدارس وجرت الأمور كالعادة. الشيء الجديد الذي كان في هذا اليوم هو أننا عرفنا سبب منع التجول الذي كان بالأمس، فقد ألقى شخص قنبلة يدوية على دورية من دوريات الاحتلال وانفجرت وأصابت الجنود الذين كانوا في سيارة الجيب والذين بدأوا بإطلاق النار العشوائي على الناس فأصابوا العديدين.

#رواية


#السنوار


✍️ مصطفى 𝓲𝓼𝓴𝓪𝓷𝓭𝓮𝓻

02/01/2024

‏سمى الله تعالى فعل المقتحمين للأخدود بالفوز الكبير كما في سورة البروج مع أنهم أُحْرِقوا ولم ينتصروا بالنظرة المادية البحتة ولم يُمكن لهم في الأرض.
‏هل سألنا عن السبب ؟!
‏لأن الفوز الكبير ‏هو الثبات حتى الممات .
‏لم يغيروا ... ولم تتزحزح مبادئهم قيد أنملة ...
‏وهذا والله ما نرجوه لأهل غزة وأي بقعة يضطهد فيها المسلمون
‏مع عِظم المصيبة والألم وأن كل كلمات الدنيا لا تكفي لمواساة من فقد أحبته، لكنهم والله قد نجوا من فتن الدنيا نحسبهم كذلك إلى حيث النعيم المقيم.
رحم الله الشهيد القائد



✍️ مصطفى 𝓲𝓼𝓴𝓪𝓷𝓭𝓮𝓻

كان جدي يخرج مرة في الشهر إلى مركز التموين حيث يأخذ معه(كرت) بطاقتي التأمين، بطاقتنا وبطاقة عائلة عمي، يغيب حتى بعد الظه...
31/12/2023

كان جدي يخرج مرة في الشهر إلى مركز التموين حيث يأخذ معه
(كرت) بطاقتي التأمين، بطاقتنا وبطاقة عائلة عمي، يغيب حتى بعد الظهر ثم يعود هو وآخرون من رجال أو نساء الحي وأمامهم عربة كارة يجرها حمار، وقد حملت بأكياس الدقيق (الطحين) وجالونات السمن أو الزيت زيت القلي وبضع سلال (سلات) فيها أكياس صغيرة فيها أصناف بقوليات من حمص وعدس. حين تصل العربة تقف أمام بيتنا فيتقافز الأولاد ليركبوا عليها، يصرخ العربجي عليهم زاجراً ملوحاً بعصاه فيبعدون، يحمل أغراضنا بعد أن يشير جدي إليها وينزلها إلى داخل البيت، فيناوله جدي بضعة قروش من
كيس من القماش يخرجه من داخل جيبته، فيقبلها العربجي ويضعها في كيسه وهو يقول: الله يخلف عليكم، ويسحب حماره ذاهباً، والأولاد يجرون خلف العربة والكبار يحاولون طردهم وينهونهم.

كانت أمي تأخذ أختي الرضيعة (مريم) بين الحين والآخر إلى عيادة الوكالة (الصحية.. السويدي) في طرف المخيم هناك يتم فحصها ووزنها في قسم رعاية الطفولة والأمومة في العيادة، حيث تجتمع أعداد كبيرة من النسوة، ومعهن أطفالهن لإجراء الفحص تجلس النسوة في القاعة على تلك الكراسي الخشبية الطويلة (بنوك) المطلية باللون الأبيض وبعضهن يجلسن على الأرض ويبدأن بالحديث.

كل واحدة تحدث الأخريات عن مشاكلها وهمومها وتبث شكواها لأخريات عن مشاكلها وهمومها، وتبث شكواها للأخريات، فتسري الواحدة عن الأخرى وتجد أن هموم الأخريات ليست أقل منها، وقد أخذتني أمي مراراً معها في زيارتها تلك للسويدي، هناك على باب السويدي يقف بعض الباعة المتجولون يبيعون أنواعا من الحلويات التي صنعوها ليكسبوا رزق عيالهم فأبدأ أسحب ثوب أمي نحو البائع طالبا منها أن تشتري لي قطعة من (النمورة) وأمام إصراري تضطر أن تشتري لي ما أريد رغم غياب أبي الذي طال، وعدم قدرة جدي على العمل لكسب الرزق لصعوبة فرص العمل في تلك الفترة للشباب والأقوياء، إلا أن وضعنا المالي كان لا بأس به مقارنة بباقي الجيران، فقد كنت أرى مع جدي أو مع أمي بعض النقود لا أدري من أين جاءت بالضبط، ولكني كنت من قبل الحرب أرى بعض الأساور الذهبية على يدي أمي أحياناً لكني لم أرها منذ الحرب ولم أرها أبداً من بعد، ثم إن خالي صالح كان يزورنا بين الحين والآخر، وكان يعطي أمي بعض النقود، ويعطي من يتواجد منا أو من أبناء عمي بعض القروش فنخرج جريا لشراء بعض الحلوى من دكان "أبو جابر" القريب.

خالي صالح كان ذا حظ وافر فقد كان له مصنع للنسيج فيه بضع آلات نسيج كهربائية كان قد أحضرها من مصر قبل احتلال القطاع، وظل هذا المصنع مستمرا في العمل بعد الاحتلال، كان ينتج كميات جيدة من القماش حيث يبيعها لتجار القماش في القطاع، وبعد حرب (١٩٦٧) بوقت بدأت الحركة تدب تدريجياً بين الضفة الغربية والقطاع فبدأ بيع بعض إنتاجه في جنوب الضفة الغربية من منطقة الخليل، ولأن وضعه المادي كان جيداً كان يحرص على أن يعطي والدتي نصيباً من المال كل فترة. كانت أمي تحاول الرفض فيحلف عليها ويبدي الزعل منها ويقول: إذا لم أساعدك أنا فمن سيفعل ذلك وكيف سيعيش أولادك فتأخذ ذلك منه وقد طأطأت رأسها وجرت دموعها على خديها.

فيعتب عليها قائلا : كل مرة تبكين !!

زوجة عمي وأبناؤها عاشوا معنا تقريباً بصورة كاملة وقاسمونا كسرة الخبز وشربة الماء وقد طلب جدي من أخي محمود ومن إبن عمي حسن أن يهدما جزءاً من الحائط الذي كان يفصل بين دارنا ودار عمي، فأصبحت الداران داراً واحدة مع بعض الخصوصية. أهل زوجة عمي كانوا في حالة صعبة ولم يكونوا قادرين على إعانتها بشيء رغم استشهاد زوجها وفقدانها لمعيلها، ومع الوقت بدأوا يضغطون عليها للزواج فما دام زوجها قد توفي فما المبرر من بقائها عزباء، وهي ترفض خشية ضياع أولادها، وهم يحاولون إقناعهم بأن جدهم وعائلة عمهم سيقومون بذلك، وهم سيحاولون المساعدة على ذلك، ولكنها يجب أن تتزوج فهي لا تزال صبية والمستقبل أمامها ويجب عليها عدم ترك الوقت والسنوات لتأكل شبابها فيفوت عليها القطار . هكذا جرت بنا الأيام والشهور والسنون.

في إحدى المرات زارنا خالي وحين أخرج يده من جيبه ليناول أمي ما اعتاد أن يعطيها من النقود رفضت رفضاً قاطعاً أخذه منه، ورغم كل المحاولات لم ينجح في إقناعها بأخذه، فلم يجد إلا الحيلة حيث أقنعها أنه لا يريد أن يشغل عاملاً جديداً معه في المصنع ليقوم بمهمة النظافة والترتيب في المصنع، وأن محموداً وحسناً قد كبرا وأصبحا شابين لذلك فهو يريد أن يشغلهما عنده في المصنع يوميا بعد عودتهما من المدرسة ليقوما بالعمل، وهما أولى بالأجرة من عامل غريب، وأن هذه الدفعة سلفة على حساب أجرتهما الشهرية.

حينها وافقت فقط على أخذ المبلغ مشترطة أن يبدأ بمزاولة عملهما في اليوم التالي وبالفعل فقد بدأ محمود وحسن تولي مسئولية إعالة الأسرة، يعودان من المدرسة عند الظهر يضعان حقيبتيهما المصنوعتين من القماش، تضع لهما أمي الغداء مع باقي إخوتي وأخواتي وابني عمي ثم تبدأ المحاضرة طويلة وهي توجههما كيف يسيران في الطريق، وكيف يشتغلان بإخلاص، وكيف ينظفان المكان وكيف وكيف... ثم تربت على كتفيها وتودعهما بخطوات إضافية خارج الباب، وقبيل غروب الشمس تستقبلهما استقبال الفرسان الفاتحين، وهكذا جرت الأمور بدفع خالي لوالدتي ما كان يدفع لها من قبل، وكأنه أجرة عمل محمود وحسن اللذين لم يكونا يفعلان شيئاً يذكر عند ذهابهما يومياً إلى مصنع خالهما.

كثيراً ما استيقظت مع بزوغ الفجر على صوت جدي وهو يدعو بدعواته المعتادة أثناء وضوئه كنت أستمتع بذلك الصوت وبتلك الدعوات العذبة ثم أتمتع بصوته وهو يقرأ الفاتحة ثم شيئاً من القرآن الكريم في ركعتي فرض الفجر بصوت مسموع، ثم بدعاء القنوت، وبدأت مع تكرار الأيام أكاد احفظ ما يردده الجد من اللهم اهدني فيمن هديت.... ولم يكن بإمكان الجد أن يؤدي صلاة الفجر في المسجد، ففي هذا الوقت يكون منع التجول لا يزال ساريا ومن يخرج يعرض نفسه للموت من دوريات الاحتلال التي تجوب شوارع المخيم أو تكون كامنة هنا أو هناك. منع التجول كان يومياً الساعة السابعة مساءً ويستمر حتى الخامسة صباحاً. أما باقي الصلوات الأخرى فقد كان جدي يؤديها عادة في المسجد إلا إذا منعه من ذلك أمر طارئ مثل ذهابه لإحضار التموين أو يوم منع التجول.

مسجد المخيم كان أشبه بغرفة كبيرة مسقوفة بألواح الصاج له بضعة شبابيك وله مئذنة صغيرة يصعد إليها المؤذن بدرجات حجرية، فيعلن الأذان بصوته المرتفع، وعند باب المسجد يوجد مرحاض واحد وبضعة أباريق فخارية للوضوء والشراب، أرضية المسجد مغطاة ببعض الحصائر أو البسط القديمة وشبه البالية، في مقدمة المسجد يوجد منبر صغير من عدة درجات خشبية.

كثيراً ما كان جدي يصطحبني معه للمسجد قبيل موعد أذان الظهر يمسك بيدي التي تغرق في يده الكبيرة، ورغم حرصه الشديد على المشي البطيء، ورغم كبر سنه وقد تجاوز (۷۰) عاماً، إلا أنني أضطر للجري خلفه، فهو يكاد يجرني معه جراً. كنا نصلي في المسجد قبل الأذان أقف إلى جوار جدي أفعل مثلما يفعل ما استطعت، أجلس إلى جواره متربعاً أضع رأسي بين يديه مثل الأولاد المؤدبين، يأتي الشيخ حامد يخرج ساعته من جيب في جيبه عند صدره ينظر إليها وحين يقترب الأذان يصعد إلى المئذنة ويصدح صوته بالأذان فأبدأ أتلفت فرحة لسماع ذلك الصوت العذب.

ينهي الشيخ حامد أذانه وينزل عن المئذنة ويصلون السنة، وأنا أقف بجوار جدي أقلده ما استطعت فيأتي عدد قليل من شيوخ المخيم ليؤدي الجميع صلاة الظهر جماعة عددهم لا يتجاوز العشرة بكثير، وكلهم شيوخ اللهم إلا أنا وطفلا أو طفلين آخرين أحضرهما جداهما.

يبدو أن جدي وأمي سلما بالأمر الواقع فيما يخص مصير أبي المجهول فإن حديثهما عنه قد بدأ يقل وأصبح نادراً أو أدركا أن عليهما الانتظار حيث ليس لديهما سواه وما باليد حيلة.

الجديد الوحيد الذي طرأ على بيتنا هو أن أهل زوجة عمي قد أجبروها على الزواج من جديد الأمر الذي لم يكن سهلا وكان يبيت عندها في الليل، وأمي كانت تقوم بالواجب تجاههما مثل كل واحد من إخوتي تماما، لكن ما من شك في أن ذلك لا يعوض فقدان الأب والأم ولكنه يخفف بعض الشيء. وهكذا توالت الأيام، أصبح على صوت جدي وهو يتوضأ ويصلي الفجر ثم تستيقظ أمي لتوقظ إخوتي وأخواتي وابني عمي وتجهزهم للمدرسة فينطلقون إليها.

جدي يذهب للسوق، أمي تبدأ بترتيب البيت، وأنا أجلس إلى جوار أختي مريم الرضيعة خشية أن تستيقظ وتبدأ بالبكاء وأمي مشغولة عنها بترتيب البيت، يعود جدي وحده ويعود إخوتي وأبناء عمي من المدرسة فتضع لنا أمي طعام الغداء أو نتناوله سوية.

#رواية




✍️ مصطفى 𝓲𝓼𝓴𝓪𝓷𝓭𝓮𝓻

ودعت أهلي وإنطلقت إلى المطار مع أحمد وأنا لا أحمل معي سوى تذكرة السفر فقط لا غير ؛ فلقد دفع أحمد أجرة التكسي ورسوم الخرو...
31/12/2023

ودعت أهلي وإنطلقت إلى المطار مع أحمد وأنا لا أحمل معي سوى تذكرة السفر فقط لا غير ؛ فلقد دفع أحمد أجرة التكسي ورسوم الخروج من المطار. أحمد كان قد خطب ابنة عمته قبل عامين من سفرنا فهو أكبر مني عمراً، لكنه رغم كبر إلا أنه كان منسجم معي وكان انساناً طيباً جداً وبسيطاً جداً.

ما إن أقلعت الطائرة من مطار عمان حتى قال لي أنه يريد العودة إلى عمان مرة أخرى لقد تبدل حماسه الكبير إلى فتور وتشاؤم. حاولت أن أغير رأيه لكنه أصر على العودة إلى عمان رغم أنه تحدى أهله وأهل خطيبته الذين كانوا يرفضون سفره ، ورغم كل الإصرار إلا أنه حول ذلك الإصرار إلى إصرار معاكس مصراً على العودة وعدم السفر، وما إن وصلت الطائرة إلى كوريا بعد مرورها بالبحرين و هونغ كونغ، حتى أصر بكل ما أوتي من قوة على العودة.

حاولت أن أحجز له تذكرة لكي يعود إلا أني لم أجد طائرة تسافر بذلك اليوم فانتظرنا في المطار يومين حتى حجزت له تذكرة وأوصلته لبوابة المغادرين ليغادر عائداً إلى عمان دون أن يرى كوريا غادر هو تاركاً لي عنوان قريبه في كوريا وودعته أنا بعد أن قمت بعمل جنوني.

نعم يا ملاكي الحارس، فلقد أرسلت مع أحمد جواز سفري وتذكرة عودتي إلى عمان وأرسلت معه رسالة قلت بها ولوالدي أني لن أعود قبل أن أحقق ما حلم بتحقيقه، وطلبت من أحمد إيصال الأمانة والطلب من والدي الدعاء لي والاحتفاظ بجواز سفري حتى أطلبه منه.

جيوبي خالية، فلا مال لدي، ولا تذكرة للعودة، ولا جواز سفر، كل ما معي هو عنوان مكتوب على ورقة، وإصرار بالنجاح ورغبة بالتحدي.

هنا يجب أن أقول أن أحمد قد عاد إلى عمان لأنه كما قال لي عبر الهاتف فيما بعد أن عمته أي حماته قد عملت له عملاً عند أحدى الساحرات، عمل يمنع أحمد من السفر، بعيداً عن خطيبته بعيداً عن بيته في عمان، أما أنا فسألت عن رأيي، فأقول الله أعلم عن السبب الحقيقي لعودة صديقي أحمد العمان.

عدت الى جيوبي الفارغة وأخرجت منها العنوان، وسألت أحد موظفي الاستعلامات بالمطار، ذلك الموظف الذي رسم لي العنوان على إحدى الخرائط الخاصة بالسياح فلقد قلت له أني أريد الذهاب ماشياً على قدمي فرسم لي العنوان وانطلقت بعد أن أمضيت ليلتي نائماً بحديقة المطار، نائماً على العشب الرطب مستيقظاً على بخاخات المياه التي سقت العشب صباحاً، فاستيقظت وشربت من تلك المياه، وبدأت رحلتي إلى الأمل، الحلم الذي أصبح حقيقة.

فلقد بقيت طوال ثلاثة أيام وليلتين أسير في النهار، وأنام في الليل ، ولا أكل ولا أشرب، ولكني كنت أشرب من المياه من الحدائق العامة حتى وصلت إلى العنوان وصلت متعباً غارقاً بمياه الأمطار، أشعر بالحر تارة وبالبرد تارة أخرى، وصلت إلى العنوان الذي لم يكن سوى عنوان مصنع لقص الأشجار في أحد الغابات، كان قريب أحمد قد ترك العمل بالمصنع منذ مدة طويلة، وانتقل إلى مكان آخر ولكن لحسن الحظ أنه كان هناك عمال أجانب يعني عمال غير كوريين، عمال باكستانيين مسلمين.

رحب بي أحدهم، وأوجد لي عملاً بنفس اليوم بمصنع مجاور، هناك في تلك الغابة وبمصنع الأخشاب هذا عملت طول خمسة وأربعين يوماً، قبل أن أستلم أول راتب لي فلقد كان النظام هناك أن نعمل شهراً كامل وأن نترك تأمين لمدة خمسة عشرة يوماً لدى المصنع.

عملت وأنا لا أملك المال لشراء الطعام ، فلقد كنت أتناول وجبة تقدم من المصنع في الساعة العاشرة وهي وجبة خفيفة جداً ووجبة أخرى تقدم في ساعة الظهيرة للغداء عملت بصمت وأتقنت ما أعمل.

كنت أدون الكلمات الكورية وأحفظ معانيها لكني لم أكن أملك المال لشراء القاموس لكني كنت أمتلك شيئاً آخر. فلما كنت أنام بتلك الفترة بأحد الغرف الملحقة بالمصنع فقد كنت بعد انتهاء العمل أحاول اقتحام جهاز الكمبيوتر الموجود بغرفة الاستقبال؛ وبعد محاولات طويلة، استطعت اقتحام ذلك الكمبيوتر ومعرفة كلمة المرور

وبدأت من خلال ذلك الجهاز بتعلم اللغة الكورية عبر أحد مواقع الجامعات الكورية، فأنا أجيد اللغة الإنجليزية بشكل جيد جداً وذلك سهل علي تعلم اللغة الكورية عبر اللغة الانجليزية !!

كنت بعد ذلك أجول بحرية في الشبكة العنكبوتية التي كانت في تلك الفترة أي عام واحد وتسعين ما تزال صغيرة جداً ومحدودة أيضاً. وأعتقد أن ذلك هو ما كان الدافع بالإضافة للملل لكى أبدأ باقتحام المواقع الالكترونية ولكني لم أكتف بذلك أيضاً، فلقد كنت بعد مرور ما يقارب الثلاثين يوماً على وصولي إلى كوريا وعلى عملي في المصنع، قد اشتقت للاتصال بوالدتي ووالدي للاطمئنان عليهما وخاصة بعد عودة أحمد.

ولأنني لا أملك المال اللازم لشراء كرت هاتف الاتصال فلقد قررت أن أقتحم شركة الاتصالات الكورية وخلال خمس أو ست أيام تمكنت من فك شفرة الاتصالات الكورية ولقد أصبحت أجري المكالمات الهاتفية بشكل مجاني طول فترة تواجدي بكوريا أي طوال ستة أعوام حتى عندما تحولت الشركة إلى النظام الرقمي بدل النظام السابق فلقد استطعت أن أفك تلك الشفرة أيضاً، ولم أكتف بذلك بل قمت بفك شفرة الهواتف الجوالة ؛ وهنا تحولت الحاجة إلى المال إلى سبب دخولي عالم جديد علي وهو عالم قرصنة الكمبيوتر " الهاكرز"، بعد أن أتممت الخمس وأربعون يوم، تسلمت راتبي وكان كبيراً جداً يعادل راتب ثماني موظفين يعملون في الأردن. إلا أنني لم أصرف من ذلك المبلغ سوى القليل جداً على شراء بعض الطعام والملابس واحتفظت بالباقي، وما إن جاء الشهر الثاني والراتب الثاني حتى كنت قد جمعت مبلغ الخمس آلاف دولار، وقمت على الفور بإرساله إلى والدي مع مبلغ آخر مصروف للعائلة، وهنا سددت ديوني وبدأت أرسل كل ما بقي معي من مال إلى والدي، مما جعل وضع عائلتي يتحسن بشكل كبير جداً، بحمد الله.

وهنا أقول الحمد لله لأني طوال فترة وجودي في كوريا كنت أحافظ على صلاتي وصومي وعبادتي بفضل الله عز وجل، وكنت أيضاً أحافظ على إبقاء لياقتي البدنية على أحسن حال من خلال التدريب المكثف الذي كنت أمارسه بعد صلاة الفجر بشكل يومي لحين موعد العمل.

بعد عدة أشهر على هذا الحال قررت ترك العمل في قص الأشجار والمنجرة والتوجه للعمل بمكان أمارس فيه هوايتي أي الميكانيك، فعملت بمصنع للصناعات البلاستيكية وبعد فترة أصبحت عاملاً وميكانيكياً للآلات في في المصنع.

أما في أوقات ما بعد العصر فلقد أردت أن أكمل هذه الهواية في أوقات ما بعد الدراسة ، فقمت بالتسجيل في أحد معاهد الهندسة ودرست تخصص الالكتروميكانيكا؛ أي الالكترونيات والميكانيك.

وهنا يا ابنتي الحبيبة ويا ملاكي الحارس أقول لك أني كما يقال لك لم أكن أملك قلب أبداً أبداً، بل كنت أملك عقلين اثنين عقل يتقن جمع المال، وعقل آخر منصب على تحدي القانون، فلقد أصبحت قرصان كمبيوتر وقرصان شبكات الاتصالات، ولكن الأهم هو ذلك العقل الذي خصصته لفلسطين فلقد تعلمت المتفجرات والعبوات الناسفة تعلمت ذلك من مصادره الأصلية : من المواقع العسكرية الموجودة في شبكة الإنترنت. فتعلمت الكثير وحولت تلك المعرفة إلى خبرة عملية. فلقد كنت أمضي عطلة نهاية الأسبوع في كوريا هناك في الغابات تارة أفجر عبوة وتارة أجرب مادة حارقة جديدة، وهنا استطعت أن أدمج ما بين صناعة المواد المتفجرة وصناعة المواد الالكترونية اللازمة لتفجير تلك المواد، فأصبحت خبيراً بكلتا المتفجرة وأنا أيضاً . من يصنع الأدوات الالكترونية الناحيتين الخاصة بها. فأنا من يصنع المواد

إن ذلك صعباً جداً ومعقداً جداً لكني كنت أحبه جداً فهو أصبح هوايتي في بلاد الغربة كوريا، أما رياضة الجودو فلقد تطورت معي هي الأخرى فلقد بدأت أتدرب بنادي خاص ومزجت تدريبي على الجودو بالتدرب على التايكواندو، فالكوريين لا يحبون رياضة الجودو لأنهم بشكل عام لا يحبون اليابانيين، فالجودو رياضة يابانية واليابان كان قد احتلت كوريا لفترة طويلة جداً، ولذلك فالكوريين لا يحبون أي شيء يأتي من اليابان مهما كان حتى الرياضة، حتى الجودو حبيبتي لم يكونوا يحبونها فلذلك تعلمت التايكواندو فهي رياضة كورية أصلية، فتعلمتها وبخاصة تلك المراحل الخاصة بقتال الشوارع أو ما يعرف بقتال القوات العسكرية الخاصة.

وبدأت بالتردد على النوادي المختصة بموضوع القنص على السلاح، ورغم أنها مكلفة جداً إلا أني استفدت منها بشكل جيد جيداً.

وهنا يا ابنتي أكملت الحلقة بشكل كامل من العبوات المتفجرة إلى القنص إلى قتال التايكواندو قتال القوات الخاصة. أما إن سألتني عن دافعي لذلك كله فأقول لك أن الدافع كان جدتك أمي. ففي تلك الفترة كانت الانتفاضة قد شارفت على نهايتها انتفاضة الحجارة)، وكان بلال ابن عمي الذي تربى معي في الكويت قد سافر مع أهله إلى فلسطين فقد كان يملك هوية فلسطينية، أما أنا وأهلي فلم نكن نملك تلك الهوية ولذلك بقينا في عمان.

في فلسطين أصيب بلال ، ابن عمي وصديقي والناشط بكتائب عز الدين القسام ، أصيب برصاصة ببطنه أفقدته إحدى كليتيه، ولقد مكث في المستشفى فترة طويلة جداً ولأن الاتصالات كانت مقطوعة بين الدول العربية وبين فلسطين المحتلة فلقد كنت حلقة الوصل بين أبناء عائلة البرغوثي وبخاصة أمي، وأعمامي بعمان، وبين فلسطين المحتلة ولذلك كنت أتابع أخبار بلال المصاب الذي كاد أن يستشهد وكدت أن أفتح له بيت عرس للشهادة في كوريا، بلال كان قد فقد ابن عمه، وعمه شهداء في بداية الانتفاضة الأولى وها أنا أكاد أن افقده بنهاية نفس الانتفاضة.

فكان ذلك هو دافعي الذي حولني أول مرة من طفل إلى شاب مصمم على مقاومة الاحتلال وهو أيضاً ما دفعني بعد أن أصبحت شاباً أن أصبح رجلاً لا هدف عنده سوى مقاومة ذلك الاحتلال، فالاحتلال هو سبب تشرد عائلتي، وهو أيضاً سبب فقري فلو كنت أحيا بفلسطين لما كنت مشرداً فقيراً، لاجئاً ، أو نازحاً في إحدى مخيمات الشتات.

وهنا لا أتحدث عني أنا عبد الله البرغوثي بل عن كل فلسطيني تشرد وعاش مأساة المجتمعات بالشتات وبالغربة، كان كرهي للاحتلال يكبر ويكبر فلقد تركت العمل بمصنع البلاستيك وأصبحت أعمل مترجم للغة الكورية بإحدى السفارات العربية وأصبحت أتاجر بالسيارات المستعملة عبر تصديرها للأردن وإلى اليمن أصبحت ثري وأصبح لي عقلان لكني بلا قلب قلب يحب ويعشق رغم أن الفتيات كن يطاردنني ، وكن يسببن لي الحرج الشديد ، وذلك لأني كنت أصدهن عني بشتى الوسائل والسبل، والله إن صد الفتاة أصعب ألف مرة من استمالتها.

ولذلك قررت أن أتزوج، أتزوج بلا حب وبلا مشاعر، فتزوجت فتاة كورية كانت تدرس الآداب والفنون الجميلة، تزوجتها وبقيت على حالي أعمل وأتدرب على هواياتي التي أحب هواياتي التي أقسمت أن تكون وسيلتي لتحرير بلادي، لتحرير القدس والأقصى لتحرير الإنسان من جبروت الاحتلال. لم يشأ الله أن تبقى الأمور على حالها فلقد اندلعت مواجهات بين طلبة جامعة سيؤول وبين قوات الشرطة الكورية على خلفية اغ**اب عدد من الجنود الأميركيين لفتاة كورية فشاركت بتلك الصدامات وبدأت بإلقاء قنابل الملتوف الحارقة، فاعتقلت ولولا تدخل السفير اليمني لما خرجت من المعتقل، وتم إبعادي إلى الأردن، مكبلاً بالقيود.. لقد ركبت الطائرة طوال الرحلة وأنا مكبل اليدين والقدمين حتى وصلت إلى عمان.

ولقد كانت زوجتي الكورية مي سن أوكي أسميتها أنا (إسراء) - قد وصلت قبلي إلى عمان، وتم الحجز على ما كنت أملكه من مال في البنوك الكورية ما يقارب العامين، ولذلك فرغم ما أملكه من مال في البنك إلا أني عدت فقيراً مرة أخرى عدت بلا مال، كما سافرت.

يشهد الله أني وصلت لعمان ولم يكن معي ولا قرش واحد هناك كان صديقي أحمد شوياش ينتظرني مع زوجتي ووالدي ووالدتي ليأخذني بسيارته إلى منزل أهلي أحمد كان قد تزوج وأنجب عدة أطفال، أما أن فلم تكن زوجتي "مي سن" قد أنجبت. فلقد كانت تعاني من مشكلة في الإنجاب وبعد عدة أعوام من المحاولة في كوريا وفي عمان استمرت ستة أعوام وبسبب الضغوط الكبيرة التي مورست علي من قبل من هم حولي باستثناء أمي وأبي ، فهما لم يضغطا علي أبداً أبداً في هذا الموضوع، أما خالاتي فلم يقصرن بالضغط علي وحتى بالضغط على أمي.

بعد مرور عامين استطعت عن طريق السفارة الكورية في عمان أن أحصل كل ما كنت أملكه بكوريا من اموال وأن أبدء عدة أعمال ناجحة في عمان؛ فاستطعت أن أمتلك مسكني الخاص وسيارة . وكنت في تلك الفترة أحيا وأعيش ببحبوحة كاملة مما كثف الضغوط علي لإيجاد حل لمشكلة عدم إنجاب زوجتي، فقررت أن أتزوج عليها. ويشهد الله أني لم أقدم على هذه الخطوة إلا بعد أن عجزت عن إيجاد علاج لها، فلقد كنت محتاجاً إلى الأبناء والبنات ليكملوا فرحتي.

في تلك الفترة كنت قد تجاوزت الخامسة والعشرين، حاولت أن أقنع "مي سن" إلا أنها رفضت ذلك بشكل قاطع وكانت تلك هي المرة الأولى والوحيدة طوال فترة زواجنا التي امتدت ما يقارب ستة أعوام لا ترفض لي طلباً رغم تفهمها للأسباب إلا أنها رفضت فمي سن" كانت تعتبرني جزءاً منها لا يمكنها الاستغناء عنه أبدأ، فعندما كنت أتدرب في النادي كانت ترافقني إلى النادي وتجلس على أحد المقاعد صامتة وتراقبني، كانت دائماً حولي ومعي تعد لي أفضل وأجود الطعام، تسهر على راحتي وترعاني وكأني ابنها أو أبوها الكبير، كانت تحبني، نعم كانت تحبني جداً، بل تحبني أكثر من أي شيء آخر بهذه الدنيا، فلقد قالت لي كيف أستطيع أن أقتسم دنياي مع زوجة أخرى، أما أنا فلا أدري إن كنت أحبها، فكما قلت، لم يكن عندي أصلاً قلب لأحب، لكنني تعودت عليها وتعودت على وجودها في حياتي، فهي زوجة صالحة هادئة مطيعة، وأنا لم أقصر معها بأي شيء طوال فترة زواجنا، فهي كانت ترى أنه لا يوجد أي اهتمام عندي بالنساء، فكل اهتمامي محصور بالعمل والتدرب.

السر الوحيد الذي كنت أخفيه عنها هو هوايتي بصناعة العبوات الناسفة، فتلك الهواية كانت سرية جداً، كانت سر مقدس لم أشرك به أحداً طوال تلك الفترة.

هي رفضت أن أتزوج عليها وأنا أصريت، فانفصلنا، وكان هذا الانفصال غريباً، غريباً جداً، انفصلنا كأصدقاء، حتى أني ذهبت إلى أحد محلات المجوهرات واشتريت لها عدة أطقم من الذهب ومن الملابس ومن الهدايا لوالدتها ووالدها، وأوصلتها إلى المطار مودعاً إياها حزينا على الفراق. بقيت على هذا الحال عدة أشهر لا أكلم أحداً ولا أطيق أحداً، أمضي وقتي في العمل، العمل ولا شيء سوى العمل، حتى فلسطين فلم أكن بشوق لها بل لم أكن أبالي بأخبارها أبداً، أما سبب ذلك فهو دخول سلطة الفساد والإفساد سلطة أوسلو، تلك السلطة التي تضم مجموعة من الفاسدين القذرين المرتشين، أولئك اللصوص الذين لم يكتفوا بأن سرقوا مال الثورة والثوار بل سرقوا دماء شهداء الانتفاضة الأولى، انتفاضة الحجارة فباعوا دماء الشهداء من أجل أن يعودوا بفسادهم إلى فلسطين ، يعودوا ليدنسوها.

صببت اهتمامي على أعمالي وتجارتي التي بدأت تكبر فأصبحت لا أدخل بيتي إلا من أجل النوم، فكل وقتي في العمل طوال أيام الأسبوع السبع، فلقد كنت حزيناً بل تانها نوعاً ما؛ تائها لأنني لا أعلم ماذا أفعل بموضوع الزواج، فأنا كنت أعيش حياة سعيدة جداً مع زوجتي السابقة، رغم عدم حبي لها. كنت أرى من هم حولي من أخوال وأعمام وأصدقاء لم لا يعيش احد منهم بمثل تلك السعادة التي عشتها بل إن كثير منهم كانوا تعساء، رغم أن عندهم الكثير من الأولاد فلقد كنت أخشى أن أتزوج فأصبح واحداً مثلهم، أخشى أن تصبح زوجتي هي القيد الذي يقيدني، ولذلك قررت أن أسافر إلى إسبانيا : برشلونة تحديداً حيث يعيش ابن خالي وهو يحمل الجنسية الإسبانية وهو أيضاً صديق ورفيق لي.

في تلك الفترة بدأت بإعداد الأوراق اللازمة للسفر، وبدأت أصغر أعمالي في الأردن، حتى جاءت العاصفة بل حتى التسونامي الذي لا يمكن لأحد الصمود بوجه ذلك التسونامي وتلك العاصفة : انها أمي أمي الهادئة الطيبة الحنونة التي تبكي إذا ما شاهدت مشهد حزين على التلفاز، أمي أصبحت عاصفة هو جاء بكل ما تحمل الكلمة من معنى.

فقد علمت عن طريق الصدفة من زوجة خالي أني أرتب للسفر عند ابنها في إسبانيا، فجن جنونها، فذهبت إلى منزلي - الذي لم تكن قد دخلته منذ طلاقي للكورية فوجدت أن منزلي على حاله لم يتغير عليه شيء أبداً، فصور الكورية تملأ المنزل وملابسها - أو ما بقي من تلك الملابس - تملأ الخزائن، وجدت كل شيء على حاله وكنت بعملي فاراً من تلك الذكريات، وهنا قامت العاصفة، فبدأت أمي بجمع كل ما يمت للكورية بصلة: الصور الملابس وحتى الطعام الكوري البهارات الكورية الكتب الكورية وأشرطة الفيديو الكورية والأجنبية حتى ألبوم صور الزواج جمعت كل ذلك بعدة أكياس للقمامة وألقته، ألقته في القمامة.

عدت بعد منتصف الليل لأجد أمي تنتظرني في البيت البيت الذي لم أعرفه عندما دخلته فلقد حولته إلى بيت فلسطيني أصيل، تملأ الجدران صور القدس وخرائط فلسطين الخشبية، تلك الخرائط الخشبية التي كنت أصنعها قبل أن أسافر إلى كوريا فلقد كنت بعد عودتي من الدراسة والعمل، أدخل إلى غرفتي لأصنع مجسمات تجسد القدس وتجسد خارطة فلسطين وكنت أوزع تلك المجسمات على منازل أخواتي وأعمامي وأصدقائي، لم تكن جميلة ولكنها كانت فلسطين أصيلة تصنع من خشب الزيتون ويصنعها عاشق لفلسطين، ومحب للقدس.

نظرت حولي فلم أجد الماضي القريب لم أجد كوريا، بل وجدت الماضي البعيد فلسطين، وجدتها معلقة على جدران منزلي، لكني لم أجد نفسي، لم أجد عبد الله الجمل، حتى بدلة الجودو الخاصة بي فلقد استعملتها أمي كممسحة ووضعتها على الباب الخارجي . وعندما سألتها قالت لي أنها قديمة جداً اشتري غيرها، بل لا تشتري غيرها، اسمع يا عبد الله ، أقسم بالله العظيم أني سوف أغضب عليك ولن أرضى أبداً وليشهد ربي علي إن لم تمتنع عن السفر وإن لم تتزوج فوراً. قل لي الآن ما هي مواصفات الزوجة التي تناسبك قل ولا تخشى، اذكر مواصفاتها وأنا سوف أجدها لك، كل ما عليك أن تقول وأن تنسى الكورية، فأنا أيضاً كنت أحب الكورية فلقد كانت بمثابة إبنة لي كانت طيبة وحنونة لكن هذا كان قدرها .

قل لي يا ولدي ما هي المواصفات ولا توجع قلبي.

كنت أعلم أن قلب أمي مريض، بل مريض جداً ، فلقد أجرت قبل فترة عملية به أمي التي تقول أنها سوف تغضب علي إن لم أمتنع عن السفر وإن لم أتزوج.

آه يا أمي أليست الجنة تحت قدميك، فكيف سوف أقبل أن أغضبك؟ أماه لا تغضبي مني، أماه لا تغضبي علي، فأنا المطيع فأرضي علي، وأرضي على ما قدمته يدي.

صمت قليلاً وقلت حسناً لن أسافر ، فنظرت إلى وقالت: ماذا عن الزواج؟ قلت نؤجله قليلاً حتى .. قالت حتى ماذا ، حتى تنسى يا ولدي ؟ لا يناسبك إلا الزواج، قلت حسناً لكن حسب شروطي.

أولاً: أريدها من هناك من فلسطين،
ثانياً: أريدها من عائلتنا برغوثية أباً عن جد،
ثالثاً: أريدها متعلمة في مجال تربية الأطفال فأنا لا خبرة لي ولا جلد عندي على الأطفال،
رابعاً: لا أريدها أن تعمل، فأنا والأطفال سنكون عملها وشغلها الشاغل خامساً: وهو الأهم أريد من أبيها أن يكون هو رجل المنزل لا أمها، فأنا لا أريد زوجة قوية تحول حياتي إلى جحيم من المشاكل ؛ والسلام ختام .

نظرت لي أمي وقالت شقراء وبيضاء طويلة وممتلئة جميلة ألا يوجد شيء من ذلك؟ فضحكت وقلت لا أبداً أبداً، فأنا يا أمي كنت حزيناً في بداية طلاقي للكورية على الكورية، ولكن فيما بعد أصبحت حزين على نفس الأشياء أخاف أن لا أجد فتاة مثلها.

وهذا هو سبب رغبتي بالسفر للخارج حتى أتعرف على فتاة أعرفها وأفهمها ثم أتزوجها، أما هنا بعمان فهذا صعب علي أو بالأحرى أنا لا أريده، فلم أجد في عمان من تناسبني بعد الكورية.

تركتني والدتي وعادت إلى المنزل والدي لم يكن هناك بل كان في فلسطين. فلقد قرر والدي منذ مدة أن يزور فلسطين لرؤية الأهل والأقارب، ولكنه بعد ذلك قرر أن يطيل زياراته لفلسطين لرعاية أراضيه التي ورثها عن جدي.

ولا أدري أكان وجود والدي في فلسطين في تلك الفترة من سوء حظي او من حسنه، فبمجرد أن اتصلت أمي بأبي في تلك الليلة حتى وجدت أمي تقف على رأسي في الصباح الباكر، لتوقظني وتقول لي أنها وجدت لي العروس المناسبة بالله يا أمي خلال أقل من خمس أو ست ساعات وجدت عروس بمواصفاتي التي كنت أظن أنها تعجيزية؟ فلقد تركت أمي منزلي في الساعة الثانية ليلاً وعادت إليه في الساعة السابعة صباحاً، فمنزلي ومنزل والدي في نفس العمارة، أمي وجدت لي عروساً، قلت حسناً. قالت أعطني جواز سفرك واذهب به لتحصل على فيزا لكي تسافر إلى فلسطين.

قلت وما زال النعاس يطاردني أتريدين جواز السفر أم ماذا؟
قالت لا أريد جواز السفر أريد أن تذهب الآن لتحصل على فيزا وتسافر لدى العروس، هناك في فلسطين.

بالله سوف أذهب لفلسطين التي لم أعد أحبها ألم أقل في إحدى الأيام عندما سألت عن حال فلسطين بعد دخول السلطة :

معتوهة مجنونة تلك البلاد ... ظلم قتل وبيوت الحداد
عاثوا بها خراباً واستبداداً ... قتلوا الأم والطفل الوليد

هذه فلسطين التي لا أحب فلسطين التي لا أريد، كيف أذهب لفلسطين التي ما عدت أحب، لكي أبحث عن فتاة أحب..
أعني يا الله.

#رواية

#المهندس




✍️ مصطفى 𝓲𝓼𝓴𝓪𝓷𝓭𝓮𝓻

Address

Casablanca

Telephone

+212668149456

Website

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when مصطفى 𝓲𝓼𝓴𝓪𝓷𝓭𝓮𝓻 posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Contact The Business

Send a message to مصطفى 𝓲𝓼𝓴𝓪𝓷𝓭𝓮𝓻:

Videos

Share