14/12/2024
سجن تزمامارت يعد من أشهر المعتقلات السرية التي ارتبطت بتاريخ المغرب الحديث خلال فترة ما يُعرف بـ سنوات الرصاص (1960-1990)، وهي مرحلة تميزت بالتوتر السياسي والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
أصل المعتقل
كان تزمامارت في البداية عبارة عن ثكنة عسكرية قبل أن يتحول إلى سجن سري بُني في منطقة نائية ومعزولة بجنوب المغرب، وتحديدًا في إقليم الرشيدية.
استُخدم المعتقل أساسًا لاحتجاز ضباط الجيش المتهمين بالمشاركة في محاولتي الانقلاب الفاشلتين ضد الملك الحسن الثاني في 1971 و1972 (انقلاب الصخيرات وانقلاب الطائرة).
ظروف المعتقلين
المعتقل كان رمزًا للقمع والانتهاكات البشعة، حيث عاش السجناء في ظروف قاسية جدًا:
1. عزلة تامة: زنازين ضيقة ومظلمة تحت الأرض.
2. انعدام أبسط حقوق الحياة: نقص الغذاء، شحّ المياه، انعدام التهوية، وتفشي الأمراض.
3. الوفيات: قضى الكثير من المعتقلين نحبهم نتيجة الإهمال والمرض والجوع، فيما عانى الناجون من صدمات نفسية وصحية طويلة الأمد.
نهاية تزمامارت
في أوائل التسعينيات، بدأ الحديث علنًا عن تزمامارت بعد حملات دولية وضغوط حقوقية كبيرة، أدت إلى إغلاقه عام 1991.
نُشرت شهادات الناجين في كتب أثارت ضجة كبرى، أبرزها كتاب "تزمامارت: الزنزانة رقم 10" للكاتب أحمد المرزوقي، الذي يحكي معاناته كسجين هناك.
تزمامارت في الذاكرة المغربية
اليوم، أصبح تزمامارت رمزًا لمعاناة ضحايا سنوات الرصاص، ودرسًا تاريخيًا حول أهمية احترام حقوق الإنسان والعدالة.
كتاب "تزمامارت: الزنزانة رقم 10" هو واحد من أشهر الكتب التي وثّقت معاناة المعتقلين داخل سجن تزمامارت. ألفه أحمد المرزوقي، أحد الناجين من ذلك المعتقل الرهيب، حيث يقدم شهادة حية وقوية حول تجربته الشخصية وما عاشه مع رفاقه داخل الزنازين المظلمة.
نبذة عن الكتاب
صدر الكتاب في عام 2000، ويعد مرجعًا مهمًا لتاريخ سنوات الرصاص في المغرب.
يحكي المرزوقي بأسلوب مؤثر عن 18 عامًا قضاها في زنزانة صغيرة في ظروف مأساوية بعد مشاركته في انقلاب الصخيرات الفاشل عام 1971.
الكتاب لا يقتصر على وصف المعاناة الجسدية فقط، بل يروي أيضًا أهوال العزلة، التجويع، الأمراض، ومشاهد وفاة رفاقه الواحد تلو الآخر.
مضامين الكتاب
1. الوصول إلى تزمامارت: وصف مفصل لأول يوم في المعتقل وكيف تم اقتياد السجناء دون محاكمات عادلة.
2. الزنزانة رقم 10: عنوان الكتاب مستوحى من الزنزانة التي كان يقبع فيها أحمد المرزوقي.
3. تفاصيل المعاناة: يصف كيف كانت حياتهم اليومية شبه مستحيلة في ظل انعدام الضوء، الجوع القاتل، وعدم وجود أدنى شروط العيش.
4. الصمود والنجاة: رغم المعاناة، يبرز الكتاب قوة الإرادة والصبر، كما يحكي عن لحظة الحرية بعد سنوات طويلة.
أسلوب الكتاب
يتميز أسلوب أحمد المرزوقي بالسلاسة والصدق، ما يجعل القارئ يعيش الأحداث بتفاصيلها.
الكتاب يطرح أسئلة حول الظلم، الكرامة الإنسانية، والحق في الحياة والعدالة.
أهمية الكتاب
ساهم في كشف النقاب عن حقائق كانت تُعتبر طي الكتمان لعقود.
أصبح رمزًا أدبيًا وتاريخيًا للذاكرة المغربية.
دعا إلى عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات في المستقبل.