07/12/2024
من رواية حب في زمن الكورونا.. حكايات مخيم الزعتري
بسام السلمان
حبيبتي نرجس:
الآن سأخبرك بأمر لن تصدقيه، ذهبت إلى حمص، حقيقة ذهبت إلى حمص وبرفقة زوجي ولأننا نحمل الجنسية الفرنسية سهل النظام دخولنا، نزلنا في أحد فنادق دمشق، مكثنا هناك ثلاثة أيام، تجولنا خلالها في كل شوارع الشام وأسواقها، وكم كنت حزينة على ما آلت اليه الشام الحبيبة، ثم قررنا أن نذهب إلى حمص، حمص القلب والروح، مسقط الرأس، استأجرنا سيارة سياحية وكان بيتر يقود السيارة، طول فترة الرحلة لم أرفع عيني عن الدمار الشامل الذي حل بوطني، كانت دموعي غزيرة، بكيت على كل شيء على أبي وأمي وأختي وإخواني وعليك أنت أيضا، نعم عليك أنت، بكيت على تشريدنا وبعدنا عن بلدنا وتفرقنا في بلاد الله وتشتتنا، وصلنا الى حمص وصوت المؤذن يصدح عاليا، ولأنني أعرفها كمعرفتي اسمي وأحفظ طرقاتها وحاراتها وبيوتها، أسرعت بتوجيه بيتر إلى حينا ثم إلى بيتنا، أوقف بيتر السيارة في مكان آمن، نزلت منها وقلبي يكاد يتوقف، لحظات من المستحيل أن أصفها لك يا صديقتي.
كانت حمص من أول المناطق التي سقط فيها ضحايا من المدنيين في بداية الحرب، وخسر العديد من الأشخاص منازلهم عندما اضطروا إلى الهرب من المدينة في بداية الحرب.
لا تبعد المدينة القديمة كثيرا عن المدينة الجديدة لكن الفرق بينهما مذهل، فلم يتمكن مبنى واحد من الصمود، معظمها تحول إلى أكوام من الركام، وملأت ثقوب الرصاص جدران بعضها الآخر.
قبل أن أنهي رسالتي لك يا صديقتي وأقول لك وداعا، أحذرك أن تفتحي بابك للغرباء أو أن يعلم أحد ما بأمر هذا الرسالة فشوكران وأمثالها ما زالوا موجودين ويهددون كل من نعرف وكل من نتواصل معهم.
والنظام السابق يا صديقتي وإن انتهى ومات وغادر سوريا إلا أن له فلولا بصور وإشكال مختلفة.
وثقي يا صديقتي إنني سألتقي بك في مكان أخر على الأرض أو في السماء يجمعنا به الله.
أختك ريحان، ريحان فقط.
من رواية حب في زمن الكورونا.. حكايات مخيم الزعتري
بسام السلمان