العمامة

العمامة "العمامة" هي مجلة ثقافية أدبية اجتماعية تاريخية مصورة تعنى بشؤون الطائفة الدرزية

"العمامة" هي مجلة ثقافية أدبية اجتماعية تاريخية مصورة تعنى بشؤون الطائفة الدرزية. وقد صدرت لأول مرة عام 1982 لتعرض وتشرح محطات ومواقف وأحداث في الطائفة الدرزية منذ فجر التاريخ وحتى اليوم. وهي مجلة مستقلة غير سياسية وتهتم بالأحداث من منطلق موضوعي ولا تعبّر عن موقف سياسي معيّن وإنما تعنى بكل ما يمت بصلة للطائفة الدرزية.
وقد صدر منها حتى اليوم (2020) مائة واربعة وخمسون عددا.

قام بتأسيس وتحرير المجل

ة الأستاذ الشيخ سميح ناطور وهو حامل شهادة الماجستير في التاريخ والعلوم السياسية من الجامعة العبرية بالقدس منذ عام 1971 وهو خبير وباحث في شؤون الطائفة الدرزية منذ زمن طويل وقد اصدر عددا من الكتب والموسوعات حتى وفاته في ايلول عام 2020. منذ ذلك الحين تقوم بتحرير المجلة "اسرة العمامة" المكونة من عائلة المرحوم الشيخ سميح ناطور وعدة كتّاب ومراسلين.
للتوسيع عن المرحوم الشيخ سميح ناطور:
https://al-amama.com/%d9%85%d8%a4%d8%b3%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d8%a7%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b1%d8%ad%d9%88%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%8a%d8%ae-%d8%b3%d9%85%d9%8a%d8%ad-%d9%86%d8%a7%d8%b7%d9%88%d8%b1/

صدرت المجلة عن دار آسيا للصحافة والنشر، التي أسسها الأستاذ سميح ناطور عام 1974. هذه الدار تخصصت بنشر مجلة العمامة ، كتب وموسوعات في المواضيع الدرزية وأيضا بإصدار سير مجموعة من الزعماء والقياديين الدروز في إسرائيل والعالم العربي. وكذلك القواميس والموسوعات لجميع الاجيال.

كل عام وانتم بالف خير
16/06/2024

كل عام وانتم بالف خير

بمشيئة الله سبحانه وتعالى وبفضله وكرمه صَدر في هذه الايام المباركة، أيام التعبد والإيمان والوفاء وبمناسبة حلول عيد الاضحى المبارك، العدد 157 من مجلة "العمامة"، وقد حبّاها وخصّصها المرجع الروحي لطائفة الموحدين الدروز سليل الأعيان والشيوخ الاتقياء، السراج المضيء بالحكمة، والنبراس المنير فضيلة الشيخ الطاهر النقي الفاخر الجّليل الدّيان أبو يوسف أمين الصّايغ شيخ المحامد والمكارم مشكوراً بكلمة خاصة تنير العقول والقلوب رصعها بوحي ونور ايمانه كللت وتوّجت الصفحة الأولى بوابة مجلة "العمامة".

وبعد الشكر والثناء على كل من ساهم في صدور هذا العدد الغني من مجلتكم "العمامة" نلفت عنايتكم الى أنها تشتمل على معايدات وكلمات خاصة بمناسبة حلول العيد السعيد للرئيس الروحي للطائفة الدرزية فضيلة الشيخ موفق طريف، لفضيلة الشيخ سليمان ابو ذياب، لفضيلة الشيخ ماجد أبو سعد، وللشيخ الدكتور سامي أبي المنى، وعلى سلسلة متنوّعة من المقالات الهامة والنصوص المميزة الفريدة نذكر منها: مقال عن خلوة القطالب للشيخ غسان أبوذياب، مقال عن الداعي محمد إسماعيل التميمي (سيدنا ابو ابراهيم عليه السلام) للشيخ يوسف زيدان حلبي، مقال عن الاجاويد الدروز للكاتب الشيخ سعيد نبواني، مقال عن كلية الأمير السيَد (ق) الجامعيَة للعلوم التَوحيديَة للشيخ دانيال عبد الخالق، مقال عن عائلة حرب ومجموعة قصص درزية تراثية تاريخية من ارشيف مؤسس العمامة المرحوم الشيخ سميح ناطور ومقالات عديدة اخرى قيّمة جداً.

كل عام وانتم بخير.

مرفقة الكلمة الخاصة لفضيلة الشيخ أمين الصايغ:
"بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
اللَّهم يا نور الأنوار في كلِّ مثوى ومكان
بنورك نبتدي وبك يا معين نسترشد ونستعين ونهتدي ونسألُك أن تكحِّل بنورِ الحقّ بصائرنا وأن تجعل إلى رضاك مصائرنا
إخواني الموحّدين، أبناء طائفة الخير والمعروف النّجباء الكرام سليلي العمائم البيضاء وشيوخ التّاريخ... السّلام عليكم بحسن نيّاتكم، وأدامَ الله أعيادكم.
للأضحى الآتي وقعٌ بعيدٌ لم يكن من قبل. مناسبةٌ دينية يتجدّد موعدها عند كل 10 ذو الحجة بلهفة لم تنضب حلاوتها، لكن اليوم أمام واقع هذا الشّرق علينا أن نستذكر جوهر هذه المناسبة: قصة إبراهيم عليه السّلام وولده، لتجديد الإيمان باللَّه؛ فالحياة لا تستقيم ولا يتواصل الوجود إلّا بالإيمان. ولتعلموا إخواني إنَّ طائفة الموحدين، التي دأب رجالها ونسائها، شيوخها وأطفالها على حماية الثّغور وصون الأرض، تجمعها وحدةَ المسار والمصير.
رؤيةٌ للمستقبل وصدى من الماضي، هذا هو العنوان المناسب للقادم من أيامنا. ولتكن هذه اللّيالي المباركة مناسبة للتّأكيد على هويتنا وثقافتنا والتزامنا بالقيم والأخلاق؛ إثبات على وعيٍ أدبي لمجتمعٍ راقٍ. فلا يمكن لأي أمّةٍ أن تتقدّم وتحتفظ بهويتها إلّا إذا شاعت قيمها الخُلُقية. فعنصر ثبات واستقرار المجتمع الرّوحي أساس الكيان المجتمعي.
"إنَّما العَقْلُ أَسَاسٌ فوْقَهُ الأخلاقُ سُورُ
وحُلِيُّ العَقْلِ بالعِلْ مِ، وإلَّا فَهْوَ بُورُ
وكمالُ الكُلِّ بالتَّقْ وى، وقولُ الحَقِّ نُورُ"
أيُّها الإخوة المتميّزون بمعتقدكم ويقينكم، إنَّ للعيد ثلاثة معانٍ: المعنى الدّينيّ هو الشّكر باللسان والتّصديق بالجنان والعمل بالأركان. وفي معناه النّفسي: حدٌّ فاصل بين تقييد تخضع له النّفس وتسكن إليه الجوارح وبين انطلاق تنفتح له اللهوات وتتنبّه له الشّهوات. أما المعنى الإنسانيّ فيتحقق يوم تلتقي فيه كرامة الفقير وكرم الغني ونخوة القوي وإباء الضّعيف وتمسح ما بين الفقراء والأغنياء والقوي والضعيف من جفوة.
{وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} صدق الله العظيم
دامت بعناية الله أعيادكم يا أبناء الخير والمعروف... والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفقير أمين الصَّايغ"

جميع المقالات في موقع مجلة العمامة.

14/06/2024

حول العيد الكبير " الأضحى"
بقلم: فضيلة الشيخ ماجد أبو سعد – لبنان
من العدد 161 لمجلة "العمامة"

بسم الله الرحمن الرحيم
سُمّي العيد عيدًا لأنّه يعود بالفرح والسرور، وكلّ يوم لا يُعصى الله تعالى فيه فهو يوم عيد، أي يوم فرح حقيقي لأنّ فيه مرضاة مَن هو قادر على إسعادك وعلى أشقائك إن رضي أو سخط وفي رضاه والق رب منه أعظم السعادة.
والدنيا مزرعة الآخرة والجائزة التي وُعد بها الصالحون منذ فجر الدنيا هي مكافأة الآخرة، وهو يوم غائب عن حسّهم، ولكنّهم بالغيب مصدّقون وبيوم الجزاء موقنون.
وفي الدنيا فرح للطائعين بطاعتهم كفرح المسافرين في صحراء التيه في ركبٍ جمعتهم رحلة ومعهم زاد السَّفر، ونور يستضيئون به في الليلة الموحشة، وأعلام تدلّهم على المسير حتّى يطلع الصباح، ويحمد القوم السُّرى.
وزادهم أعمالهم، ونورهم كتابهم، وأعلامهم علماؤهم، فهم على بصيرة من أمرهم ويقين أنهم يسلكون درب النجاة، فهم في خبر اليقين بالموعود والآخرة عين اليقين بتحقيق الوعود.
فكان لا بدّ لرحلة الجهاد السعيدة من تجسيد، فَعُبِّر عنها بأيام مباركات أقسم الله تعالى بحرمتها وفضيلة العمل فيها، وهي العشر الأُوَل من ذي الحجّة كما قال تعالى "وليالٍ عشر". فهذه الأيّام تمثّل مسيرة الترقّي في دار الدنيا.
ويوم التتويج وقطف الثمار، وإعلان الفرح الكلّي عُبِّر عنه بالعيد الذي يتكرّر في الدنيا كل عام ترتقي النفس الطائعة فيه درجة على سلّم الصعود حتّى تبلغ ذروة عطائها في القيامة فتنال الخير العميم من ربّها الكريم.
إنّا أعطيناك الكوثر
قال تعالى لنبيه الأكرم: إنّا أعطيناك الكوثر فصلِّ اربّك وانحر إنّ شانئك هو الأبتر" هي دعوة للنبي بالصلاة والنحر شكرًا على ما تقدّم من عطيّة المنعم عربون ثقة بالعطاء الكلّيّ في الآخرة ما لا أذن سمعت ولا عين رأت ولا خطر على قلب بشر. ويعود الموحّدون بهذا التفضُّل الابتدائي إلى تجلّي المولى الكريم في زمن الفطرة "ألستُ بربّكم قالوا بلى."
وقال المفسّرون ومنهم البيضاوي بأنّ الصلاة والنحر صلاة عيد الأضحى خالصة لوجه الله والنحر بالبُدْن التي هي خيار أموال العرب. وقد قال تعالى في حديث قُدسيّ: يا عبدي أنا كريم فكن كريمًا، أنا رحيم فكن رحيمًا، أنا شكور فكن شكورًا.
فإذا كان تفضّله سابق منه تعالى على الطاعات والقربان أي قدّم لنا إحسانه قبل أن نشكره على إحسانه، وأوعد بالمجازاة في قوله: أنا شكور فكن شكورًا لأنّ الشكر منه تعالى المجازاة، وما قوله تعالى لئن شكرتم لأزيدنكم إلا اشتراط للزيادة بعد الشكر على ما تقدّم من إحسان منه كعربون ثقة ليقوى التصديق بالإحسان الجميل المنتظر.
وجاء الحديث القدسيّ مطابقّا لسورة الكوثر بقوله تعالى: "مًن أهان لي وليًّا فكأنّما بارزني بالمحاربة، وما تقرّب إليّ عبدي بأفضل ممّا افترضت عليه ولم يزل عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ..."
الحديث القدسي فسّر الولاية له تعالى بأنها تقرّب إليه بالمفترضات، ولكن الذي يذوق طعم العبادة يتوق إلى الزيادة بالنوافل التي بها يتحبّب إلى الله فيعبده رغبة وشوقًا وحبًّا وأنسًا لمجالسته: أنا جليس مَن ذكرني.
فصلاة الحبّ وقربان الودّ لا شرط لهما إلا إحساس عميق بقيمة العطاء والتذاذ واغتباط وفرح به أي عيد سعيد وفي كلّ عامٍ جديدٍ بنيل المزيد ممّن لا تنفذ عطاياه.
وإذا كانت الآية الكريمة: إنّا أعطيناك الكوثر حصرت تولّيه تعالى بصلاة العيد ونحر البُدْن الذي هو التضحية، فالموحدون جُلّ حياتهم تضحية وختام أوقاتهم أعياد متجدّدة وهذا هو الأضحى بأسمى معانيه.
كل صلاة طاعة هي عيد، وكل قريان طاعة هو عيد لمن يفقه معنى القرب بالذكر والبذل في سبيل الله، لأنه استيداع في خزائن الملكوت يراه بعين اليقين من كل من المعنيين وهي سمة المتّقين وعنهم قال ربّ العالمين: "إنّ المتّقين في جنات وعيون".
جنات علوية وعيون كوثرية روحيّة آخذين ما أتاهم ربّهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار يستغفرون وأموالهم حقّ للسائل والمحروم".
فتهجدهم وصلاتهم إحسان لأنفسهم، وبِرّهم بإخوانهم ايضًا إحسان لهم حتّى يفيض الإحسان العميم عليهم "فلا تعلم نفس ما أُخفي لهم من قرّة أعين جزاءً بما كانوا يعملون."
أنفس القرابين
لقد كانت قصّة سيدنا يوسف الصديق عليه السلام في تاريخ الإنسانيّة أحسن القصص المعبِّرة، وفيها ثلاثة قرابين تمسّ حاجتنا لها في كل حين.
قربان التوبة: توبة إخوة يوسف الذين تحوّلوا بفضل باريهم من الأنا والأثَرة إلى الإيثار والتضحية بقولهم له عندما أبقى بنيامين "خذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين" ففدوه بأنفسهم بعد أن أغراهم الشيطان بإبعاده ليستأثروا بحبّ أبيهم وقالوا تائبين: إنّا كنّا خاطئين ".
قريان يعقوب: أعلى منه، قربان الصبر الجميل دون اعتراض أو شكوى مع عظم البلوى، وأثمرت مسيرة الصبر والثبات كرامة اللقاء في عزّ وهناء إنها دعوة لنا في صعوبة هذه الفترة أن نقبض على ديننا كالقابض على الجمر المضرم صبرًا ويقينًا لنظفر بكنز الجنة.
وقربان يوسف: أعلى القرابين بالعفو والمسامحة "لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين" معما ألحقوا به من أذى انه خلق ربوبي رفيع يرفع مَن يتخلّق به إلى الأشرف الأعلى كما رُفع يوسف على اخوته وأبيه وأمه متبوّءًا عرش العزّ الأسنى. يوافقه الحديث الشريف "صِلْ من قطعك وأعطِ من حرمك واعفُ عمّن ظلمك وفي كل واحدة منها عيد اضحى يفوق كل تقدمة.
والسيد المسيح عليه السلام الذي جاء بشريعة الرجاء قال: "كما تدينوا تُدانوا وبالكيال الذي به تكيلون يُكال لكم". وكأنه لخّص دعوته المباركة بكلمة واحدة هي المسامحة أضاء نورها في الكتاب العزيز في سورة النور المباركة وليعفوا وليصفحوا ألا تحبّونه أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم".
فليقتدِ العباد بربّهم في العفو والصفح عن المسيئين إليهم ونعم أجر العاملين. 

من العدد 166 لمجلة العمامة:قصيدة لفضيلة الشّيخ أبو علي سليمان أبو ذياببعنوان: السّيد الأمير قدّس الله سرّهجمالُ الدّين س...
12/06/2024

من العدد 166 لمجلة العمامة:
قصيدة لفضيلة الشّيخ أبو علي سليمان أبو ذياب
بعنوان: السّيد الأمير قدّس الله سرّه

جمالُ الدّين سيّدُنا الأميرُ وعبدُ اللهِ والعَلَمُ الشّهيرُ
أجلُّ نجائبِ البيتِ التّنوخي ورافِعُ رايةَ الحقِّ الجديرُ
وريثُ الفضلِ عن أهلِ المعالي وصدرُ معارفِ الحكمِ الكبيرُ
بدا في غيبةِ الأنوارِ نورًا بهِ أهلُ الهِدايةِ تَستنيرُ
نذيرُ قيامةٍ وبشيرُ سعدٍ تبارَكَ مطلعًا ذاكَ البشيرُ
فجاءتْهُ العنايةُ في بلوغٍ فلبّى صوتَها وهو البرورُ
فهبّ إلى السّعادةِ يرتجيها يطلبُ بابَها مِمَّن يُنيرُ
فتىً غضًّا كبير القلبِ شَهمًا لهُ شأنٌ لدى المولى خطيرُ
فسار على البلادِ صغيرَ سِنٍّ وشرّفَ أرضَها ذاك النّذِرُ
وأقلقَهُ فَسادُ الحالِ فيها وضُعْفُ الدّينِ والخَللُ الكبيرُ
فقامَ مُحذِّرًا يهدي وينهى جِبْلةُ طبعِهِ الصّافي تَثورُ
وغارَ على الدّيانةِ غيرَ نُبْلٍ فدينُ اللهِ حقٌّ لا يبورُ
فأزعجَ صوتُهُ أسماعَ قومٍ بهِم كِبرٌ ونقصٌ أو نفورُ
فبانَ عن الدِّيارِ إلى دمشقٍ وفي القلبِ التّقي حزنٌ مريرُ
فأضحى في دمشقَ الشّامِ عيْنًا منَ العُلماءِ شهرتُهُ تطيرُ
وأيّدهُ العليُّ بِعلمٍ حقٍّ وأبراهُ كما تبدو البُدورُ
فَهابتْهُ الوُلاةُ وعظّمُوهُ كأنّهُ بينهم مَلِكٌ أميرُ
وأشرقَ نورُ بُرهانِ التّنوخي وحجّةُ حقِّهِ الأقوى تَنورُ
فصفّقتِ الشّامُ لهُ ابتهاجًا فَمولانا الكريمُ له النّصيرُ
فأحناهُ التّواضُعُ مِثلَ غُصنٍ به ثَمرٌ وخيراتٌ تمورُ
فحنّ إلى بلادٍ أنْجَبَتْهُ وهيَّجَ قلبُهُ شوقٌ يفورُ
فأرسلَ نحوَها أوفى كِتابٍ لهُ قام المشايخُ والحضورُ
وحلّوا في دمشقَ وأحضروهُ إلى هذي البلادِ لها يُديرُ
بها جلسَ المُكَرَّمُ في خُشُوعٍ على عرْشِ السِّيادةِ لا يجورُ
فأعلى قَدرَهُ الباري تعالى وقدّسَ سرَّهُ المولى الغفورُ
فأعلَتْهُ البلادُ وكرّمَتْهُ وسادتُها الكرامةُ والسُّرورُ
وصارَ الآمِرُ النّاهي لديْها لَهُ الأحكامُ والصَّوتُ الجهيرُ
فأرضى النّاسَ وابتهجوا ابتِهاجًا بشخصٍ سرّهُ الصّافي كبيرُ
فبانَ الخيرُ في أعلى محلٍّ وباتَ السِّرُّ في سِفلٍ يغورُ
وأشرقتِ البلادُ وطاب فيها معاشٌ استقرَّبها السّريرُ
وأعدقَ ماؤها وجرَت عيونٌ على الأنحاءِ سَلْسالًا تفورُ
بِهِ زخَرتْ شُروحاتُ التّنوخي وبحرُ علومِهِ الصّافي الغزيرُ
فإنّ العصرَ كالمسؤولِ عنْهُ مُنيرُ الوجهِ معتزٌّ فَخورُ
جمالُ الدّينِ عزَّزهُ اعتزازًا حقيقيًّا به تزهو العصورُ
وقد كانَ الأميرُ على ارتفاعٍ لدى باريه سرّهُ والضَّميرُ
مجدًا في العُلى يَرْقى يُرَقّي دؤوبًا لا يُهدِّئهُ الفُتورُ
صَبورًا في البَلى شَهمًا وقورًا رَضِيًّا صانهُ الرَّبُّ القديرُ
تحمّلَ شِدّةَ البلوى وأعطى مِثالًا في الرَضى وهو الصّبورُ
أوانَ وفاةِ نجلِهِ في زفافٍ ومَقتله وفرحتُهُ تدورُ
وعبدُ الخالقِ النّجلُ المكنّى بِسيفِ الدّينِ ميّزهُ البصيرُ
فريدًا كان في التّقوى أنيسًا لوالِدِهِ لهُ قلبٌ طَهورُ
فجاءتْهُ المنيّة في شَبابٍ وأرختْ بِسترِ ظُلمتها الكدورُ
وثارت فرحةُ المحبوبِ حُزنًا فشدّ الغُمُّ واشتدّ البصيرُ
وضجَّ النّاسُ مُبدين اعتراضًا كأنّ الموقفَ البادي نُشورُ
فقامَ جمالُ دينِ الله يدعُو إلى ربّ العبادِ ويَستخيرُ
وينهى النّاسَ عن كلِّ اعتراضٍ فهُم كالطّير مَسجونٌ أسيرُ
فقد كان الأميرُ لواءَ حقٍّ وبحرًا تلتقي فيه النُّهورُ
وشمسًا ضوءُها الزّاهي جليلٌ على البلدانِ إحسانًا تُنيرُ
وكنزًا فيه أصناف اللآلئ تشِعُّ كأنّها نارٌ ونورُ
ورُكنًا في جوانِبِهِ استراحتْ قُلوبُ النّاسِ ناظِرُها قريرُ
وتمّتْ نعمةُ الباري عليْنا بِعلمِ الحقِّ إذ شرَحَ الأميرُ
وفوْقَ ضريحِهِ ارتفعتْ قِبابٌ فيها حُزنٌ لرائيها كثيرُ
وقام مقامُ من عَرَفَ المعالي وحجرةُ مَن له السَّعدُ الوفيرُ
تقدّسَ سرُّهُ وسنا لواه وفي الفردوسِ مَسكنُهُ يسيرُ
رضى المولى الكريمِ لهُ دوامًا قدر الإجلالِ منّانٌ خبيرُ
له رضوانُ هادي الخَلقِ جودًا فهادي الخلقِ حنَانٌ بصيرُ
على الهادي صلاةُ الله تُتْرى صلاةُ الحقِّ تأييدٌ غزيرُ
وللباري تعالى كلُّ حمدٍ تَبارَكَ ربّنا الأعلى المُجيرُ

07/06/2024

وتعمر الخلوات من جديد...
بـ "ذوات النقاب الأبيض والوشاح الصوفي"

"عندما نشاهد ليلة الجمعة مئات النساء،
وهن لابسات الزي الديني المحتشم،
في طريقهن إلى الخلوة..
وعندما نكحل عيوننا في ليالي العشر
بآلاف النساء المحتشمات،
ذوات النقاب الأبيض الطاهر
والوشاح الصوفي،
عائدات من الخلوة،
نشعر بالراحة، ونحمد ربنا العلي القدير،
أننا ما زلنا،
وسنظل إن شاء الله بألف خير.."
---------------
المرحوم الشيخ سميح ناطور، من كلمة العدد 79 لمجلة “العمامة” بعنوان: "ذوات النقاب الأبيض والوشاح الصوفي"، كانون ثاني 2007.
الصورة من تصوير الفنان ربيع باشا – دالية الكرمل، مع الشكر.

06/06/2024

مع اقتراب عيد الأضحى المبارك – ما هي ليالي العشر؟
من Druze Encyclopedia موسوعة التوحيد الدرزية ومجلة العمامة
هي عشر ليال مباركة، تسبق عيد الأضحى المبارك كل سنة، وهي عند الموحدين الدروز ليال فضيلة، يقوم فيها المتدينون بزيارة الخلوات كل ليلة، ويؤدون الصلوات والفرائض، وهي تعتبر تهيئة واستعداد لاستقبال العيد المبارك، بنفوس صافية وإيمان وتقوى. وهناك الكبار من المشايخ والمتعمقون، يصومون عن الطعام ويخففون الكثير من المأكل، وهم يعتبرون الصيام ليس فقط عن الأكل، وإنما عن كل ما يسيء للمرء، وما ينهي عنه الدين والشرع، وكل ما هو ليس ضروريا لعبادة الإنسان وتقربه من الله. تسري في القرى الدرزية، أجواء من القداسة والطهارة والشعور بجو فيه سمو وتعال أثناء ليالي العشر الفضيلة، وهذا الجو يدفع عددا كبيرا من غير المتدينين، أن يزوروا الخلوات ويشتركوا في القسم المعد لهم. ومنهم من يستمر في الوصول إلى الخلوات ويتدين نتيجة حضوره للخلوة في ليالي العشر الكريمة.
في نَهارِ الْيَوْمِ الثّامِنِ تَكونُ الْوَقْفَةُ الصَّغيرَةُ، وفي الْيَوْمِ التّاسِعِ الْوَقْفَةُ الْكَبيرَةُ.
ليالي العشر, مفتوحة أمام كافة ابناء الطائفة, بحيث يستطيع كل فرد, ان يضع غطاء على رأسه فقط, وأن يدخل الخلوة, ويحضر القسم الاول من السهرة, وهناك عشرات الشباب, الذين يدأبون كل سنة, على حضور سهرات ليالي العشر المباركة, وهم يقولون انهم يشعرون بنشوة كبيرة فيها, وكـأنهم يتزوَّدون بقوت روحاني كبير لباقي ايام السنة. وحبذا لو حاول كل فرد منا, ذكراً أم أنثى, ان يفكر خلال ايام العشر, ان يتوجه الى احدى الخلوات القريبة منه, وأن يحضر السهرة, وأن يجتمع برجال الدين, وان يشاهد مجلسهم, ويسمع حديثهم, ويرى بأم عينيه, ما يجري في مجالسهم, فهو بذلك يحظى بفائدة كبيرة.
كل عام وانتم بخير!
------------------------
مقال شامل عن ليالي العشر المباركة من مجلة العمامة:
http://www.al-amama.com/index.php?option=com_content&task=view&id=542

ودّعت امس 23/5/2024 أسرة "العمامة" أحد أركانها وداعميها الشّيخ الدّيّان الورع الأستاذ والمربي أبا زيدان يوسف زيدان حلبي ...
24/05/2024

ودّعت امس 23/5/2024 أسرة "العمامة" أحد أركانها وداعميها الشّيخ الدّيّان الورع الأستاذ والمربي أبا زيدان يوسف زيدان حلبي الذي رافق وواكب مسيرة مجلة "العمامة" وكتب على صفحاتها ما جاد به يراعه السّيّال المتدفّق غزير الإنتاج، منذ نشأتها عام 1982 وحتّى آخر عدد صدر منها (نيسان 2024)، وكان من كُتّابها الأفذاذ الأوائل.
إنّ الشّيخ أبا زيدان كان أساساً، و ركنًا من أركان الثقافة، والعلم، والتثقيف في حياة قرية دالية الكرمل، كونه كان معلّما ومديرًا ورئيس قسم المعارف في المجلس المحليّ. لقد كان من الرعيل الأوّل، ومن الطّلائعيين الأوائل الّذين حملوا شُعلة العِلم، وواكبوا مسيرة التّعليم والتّثقيف، وشقّوا الطّريق أمام الجيل الصّاعد متحمّلين مشاقّ التّعلُّم والتّعليم، في ظلّ شظف العيش، وقلّة الإمكانيّات المادّيّة، وشُحّ وقلّة الموارد المعيشيّة في ظروف تلك الحقبة العصيبة من الزّمن، في بلدات بعيدة عن قراهم يصعب الوصول إليها لوعورة الطرق.
تميّز الشّيخ أبو زيدان بمزايا وصفات وشمائل وخِلال وخصال وشيَم، قلّما تجدها مجتمعة في إنسان واحد من التواضع اللامتناهي، والصدق والأمانة ودماثة الأخلاق، وسعة المعرفة والثقافة، ورزانة العقل، ولباقة الحديث وعذوبته، وبلاغة التعبير، وقول الحقّ.
كلنا أمل، أن يتغمد الله، فقيدنا المميّز، بواسع عنايته وحنانه ورحمته، ونحن نشاطر الزوجة الفاضلة الوفية المخلصة والأبناء والبنات، والأخوات، والعائلة بأجمعها، حزنهم وأساهم. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

المرحوم الشّيخ أبو مهدي فندي زهوة من بقعاثابقلم الشّيخ أبو رضا حسين حلبي - دالية الكرملمن العدد 166 لمجلة العمامةالشّيخ ...
17/05/2024

المرحوم الشّيخ أبو مهدي فندي زهوة من بقعاثا
بقلم الشّيخ أبو رضا حسين حلبي - دالية الكرمل
من العدد 166 لمجلة العمامة

الشّيخ أبو مهدي فندي زهوة شيخ جليل، ومعلّم منير، وركن من أركان الدّين، سلك مسلك التّوحيد والزّهد بالدّنيا منذ كان من أعلام التّوحيد في هضبة الجولان، حين ظهر على وجهه الإخلاص والتّقوى والطّهر وليًّا سادقًا محبًا مخلصًا وفيًّا تجلّت بشخصه الكريم جميع صفات التّوحيد.

وُلد الشّيخ أبو مهدي فندي زهوة في قرية مجدل شمس قبل تأسيس قرية بقعاثا سنة 1888، ثمّ انتقل بعد ذلك للعيش في قرية بقعاثا مع والديه وبعض عائلات بقعاثا، كانت عائلة فرحات أوّل من سكن بقعاثا، الّتي سُمّيت بهذا الاسم نسبة إلى بقعة ثلاث تلال.

تربّى الشّيخ أبو مهدي فندي زهوة على طلب الرّزق الحلال طوال حياته، وتعلّق بالأرض والعمل بها، من منطلق منبع ووصية الدّين “الحفاظ على الأرض والعرض والدّين”. رافق في حياته الشّيخ أبو محمد قاسم أبو عوّاد وكانا يقومان بالصّلاة في خلوة بقعاثا وإدارة شؤونها سويًّا. نال الشّيخ أبو مهدي ثقة سيّدنا الشّيخ أبو يوسف أمين طريف، الرّئيس الرّوحيّ للطّائفة الدّرزيّة الّذي كان يزور قرية بقعاثا دائمًا، ويدعو لها بالتّوفيق والبركة وكان يقوم زيارة الشّيخ أبو مهدي دائمًا وبعض الأحيان المبيت في بيته المتواضع.

كان شخصيّة معروفة بالبلاد الدّرزية يزور معظم القرى منها دالية الكرمل حيث كان يزور المشايخ في حينه الشيخ أبو محمد حسين عزّام حلبي والشيخ أبو محمد علي الحلبي، والّتي أتذكّر زيارته لهما دائمًا. وكانت تربطه علاقة أخويّة مع الشّيخ الجليل أبو يوسف صالح قضماني من يركا، وتبادل الزّيارات فيما بينهما دائمًا، وكانت أيضًا تربطه علاقات مع مشايخ لبنان أمثال الشّيخ أبو محمد جواد والشّيخ أبو صالح محمد العنداري. حيث إنّ الشّيخ أبو مهدي كان يتحلّى بصفة حفظ الإخوان من حيث نيّته وسدقه وإخلاصه ووفائه إلى أهل الدين والمشايخ الأفاضل.

زار الشّيخ أبو مهدي خلوات البيّاضة العامرة الشّريفة سنة 1990ضمن وفد رفيع المستوى حيث استُقبلوا هناك بالتّرحاب والحفاوة من المشايخ الأفاضل الأجلّاء الّذين كان منهم الشّيخ الجليل أبو سلمان حسين دربيّة، والشّيخ أبو فندي جمال الدّين شجاع، شيخ مشايخ البيّاضة الشّريفة.

لقد استغلّ الشّيخ أبو مهدي وجوده مع الوفد الكريم في لبنان وسافر إلى الشّوف برفقة الشّيخ أبي زين الدين والشّيخ أبي حسن سلمان أبو عرار والشّيح أبي بيان إسماعيل فرحات، على الرّغم من تحذير وتنبيه المشايخ لهم لما يحمل هذا الأمر من مخاطر جمّة، ولكن هذه فرصة لا تعوّض بالنسبة لهم، استقلّوا سيّارة وسافروا إلى الشُوف ووصلوا إلى طريق مقفل بسبب وجود شاحنات وآليّات عسكريّة ثقيلة، لكنّ السّائق كان متمرِّسًا وشجاعًا وعنده خبرة في الطّرقات البديلة، وكان عليهم استغلال كلّ دقيقة لأنّ رحلة الشّوف هذه حدُّها الأقصى 24 ساعة نظرًا لوجود أكابر وأفاضل المشايخ الّذين معهم من الوفد، وارتباط الوفد بموعد الغدّ في حاصبيا عند مشايخ آل قريشة. دخل السّائق طريقًا ترابيّة وعرة وقطعوا منطقة التّوقّف مسرعين حتّى وصلوا إلى مقام النّبيّ أيّوب (عليه السلام).

لقد كانت شخصيّة الشّيخ مميّزة بتقلّده العمامة ذات طابع الزّهد والتّقشّف حتّى أنّه لم يكترث للتّزيّن وقد تحلّى بصفات ومزايا وخِلال عديدة منها الزّهد والتّقشُّف وعدم أخذ أيّ قيمة لنفسه والتّواضع فهذه صفات أهل الفضل في هذا الزّمان الصّعب قلّما نجد مثله. توفّي سنة 1/8/1995 أيّ عاش ما يقارب مئة وسبعة أعوام.

زاوية “العمامة” للصغار – العدد 166  قصص وآداب توحيدية من عبق الماضي وتراث بني معروفطاسَةُ الأميرِقَرَّرَ الأميرُ السَّيِ...
10/05/2024

زاوية “العمامة” للصغار – العدد 166
قصص وآداب توحيدية من عبق الماضي وتراث بني معروف

طاسَةُ الأميرِ
قَرَّرَ الأميرُ السَّيِّدُ، قّدَّسَ اللهُ سِرَّهُ، أنْ يَقومَ بِزِيارَةٍ لِبلادِ صَفَد، لِيَصِلَ إلى قَرْيَةِ الْمَغار، لِيَحِلَّ قَضِيَّةَ مُواطِنٍ دُرْزِيٍّ، كانَ مُتَزَوِّجا ًمِنْ إمْرَأَتَيْنِ، بِعَكْسِ شَريعَةِ الْمَذْهَب. وَعََزَمَ النِّيَّةَ، وَهُوَ في طَريقِهِ إلى الْمَغار، عَلى زِيارَةِ أَحَدِ الْمُواطِنينَ الْمُسْلِمينَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ آلِ النَّحَوي في صَفَد.
في صَبيحَةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ اسْتَيْقَظَ النَّحَويُّ وَشاهَدَ طُيوراً غَريبَةً عَجيبَةً تُحَلِّقُ فَوْقَ صَفَد. طَلَبَ مِنْ زَوْجَتِهِ تَحْضيرَ الطَّعامِ قائِلاً لَها، إنَّهُ سََيَحِلُّ عَلَيْهِم الْيَوْمَ ضَيْفٌ كَريمٌ. وَبَعْدَ قَليلٍ وَصَلَ الأميرُ السَّيِّدُ (ق) فَاسْتَقْبَلَهُ النَّحَوِيُّ بِالتَّكْريمِ وَأَنْشَدَ لَهُ الْبَيْتَ:
صَفَتْ صَفَُد لَمّا حَلَلَتُمْ بِأَرْضِها وَصارَتْ طُيورُ الْعِزِّ فيها تُرَنِّمُ
وأجابه الأمير السيد (ق):
صَفَتْ صَفَدُ لَمّا حَلَلْتُمْ بِأَرْضِها بِكُمْ لا بِنا يا مَعْدِنَ الْجودِ وَالْكَرَمِ
طَلَبَ الأميُر شُرْبَةَ ماءٍ فَقَدَّموا لَهُ بِطاسَةٍ مِنْ النُّحاسِ شَرِبَ مِنْها. وفي سَنَواتِ الأَرْبَعين، قامَ مَشايِخُ خَلْواتِ الْبَيّاضَةِ بِزِيارِةٍ لِفِلِسِطينَ، وَفي طَريقِهِمْ زاروا صَفَدَ حَيْثُ تَوَجَّهوا إلى بَيْتِ آلِ النَّحَوي. طَلَبوا مِنَ الْمُضيفينَ شُرْبَ الْماءِ بِالطّاسَةِ الَّتي شَرِبَ مِنْها الأميرُ السَّيّدُ (ق)، فَأَحْضَروها وَشَرِبَ مِنْها الْجَميعُ.
--------------
بقلم المرحوم الشيخ سميح ناطور
عن: الموسوعة التوحيدية للصغار، 2004

من العدد 166 لمجلة العمامة: الثّورة ضد إبراهيم باشا في بلاد الشّام 1837 – 1838 بقلم الّسيّد مهنا ماضي كبيشي - جولستسلّم ...
07/05/2024

من العدد 166 لمجلة العمامة: الثّورة ضد إبراهيم باشا في بلاد الشّام 1837 – 1838 بقلم الّسيّد مهنا ماضي كبيشي - جولس

تسلّم محمد علي باشا الحكم على مصر عام 1805، إلّا أن عظمتها تلك لم تستمرّ على حالها بسبب ضعف خلفائه وتفريطهم فيما حقّقه من تطويرات، فانهارت بالتّدريج إلى أن سقطت عام 1953 حين أُلْغِيَتْ الملكيّة وتمّ الإعلان عن تأسيس الجمهوريّة المصريّة.

في خلال فترة حكمه استطاع أن ينهض بمصر عسكريًّا اجتماعيًّا واقتصاديًّا، ممّا جعل من مصر دولة ذات ثقل في تلك الفترة فأخذ ينظر إلى توسيع دولته نحو بلاد الشّام بدافع سببيْن: أوّلًا – سياسيًّا: لمنع هجومات من قِبل الدّولة العثمانيّة على مصر وذلك لإقامة دولة إسلامية قويّة في المستقبل، لتجنيد سكّانها لجيشه، وبسبب موقعها الاستراتيجيّ على طريق الحجّ إلى البيت الحرام. أمّا العامل الاقتصاديّ، فأراد استغلال موارد بلاد الشّام من الخشب والفحم الحجريّ والنّحاس والحديد الّتي كانت تفتقر إليها بلاد مصر، إضافة إلى أهميّتها الاقتصاديّة بسبب موقعها الجغرافّي وقربها إلى الأناضول وعلاقاتها التّجاريّة بأواسط آسيا حيث تمرّ قوافل التّجارة.

في عام 1831 قاد إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا جيشه المؤلَّف من 30 ألف جنديّ يسانده الأسطول البحريّ المصريّ. وصل مدينة حيفا في فصل الخريف من تلك السّنة وسيطر عليها دون أي مقاومه تُذكر، بعدها حاصر مدينة عكا طالبًا من الأمير بشير الشهابيّ المساندة فانضمّ إليه مع مائة فارس. بعد احتلال فلسطين قام باحتلال مدن السّاحل اللبنانيّة والسّيطرة عليها سيطرة تامّة.

من بلاد فلسطين تقدّم جيش إبراهيم باشا نحو لبنان ليجد شعب لبنان قد انقسموا إلى فريقيْن – فريق مؤيِّد للجيش المصريّ وفريق معارض له. الفريق المعارض للحملة المصريّة وهم من معارضي بشير الشّهابيّ وضمّ بعض الأمراء الشّهابيين وبعض المشايخ من آل عماد وآل نكد والجنبلاطيين، فلم يُظهروا الطّاعة لمحمّد علي، بل حاولوا الانضمام لمعسكر الدّولة العثمانيّة بينما اضطر البعض للرّضوخ للحكم المصريّ الجديد. غادر الآخرون إلى دمشق وحمص وانضمّوا إلى والي حلب، وقد كان انتقام إبراهيم باشا منهم سريعًا: فقام بهدم منازلهم في قرى دير القمر وكفر نبرخ والمختارة.

بعد الاتّفاق في معاهدة كوتاهيا عام 1833 أقرّ السّلطان على ولاية محمّد علي باشا على بلاد الشّام رغم أنّه بقي من ناحية قانونيّة والي من ولاة الدّولة العثمانيّة يوجه إليه تقرير الولاية من قِبل السُّلطان كلّ سنة. وهكذا سيطر محمّد علي باشا على بلاد الشّام.

مع بداية حكمه بدت سياسة إبراهيم باشا محقّقة لأمال السّكّان، بعد تنظيمه لشؤون الإدارة بدأ يعمل على تطبيق القوانين بحزم ويحارب الرّشوة وينشر الأمن والأمان ويساوي بين الرّعايا. إلّا أنّه سرعان أن اتّخذ إجراءات متشابهة للسّياسة العسكريّة والاقتصاديّة الّتي نفّذها والده في مصر وبدت تلك السياسة عنوانًا للظّلم والاستبداد لتشعل الثّورات ضدّه في بلاد الشّام. من أهمّها:

– فرض التّجنيد الإجبارّي- ممّا جعل البعض يقطعون السّبّابة من الكفّ اليمنى لإعفائهم من التّجنيد

– جمع السّلاح من المواطنين – كي يؤمِّن شرّ قيام ثورات

– فرض الضّرائب الباهظة أحيانًا عن الغائبين أو الأموات

– أعمال العنف ضدّ السّكّان وخاصّةً طرد السّكّان من بيوتهم في المدن للاستيلاء عليها لتسكين الجنود

– أعمال السُّخرة دون مقابل لأجل الحاكم

اندلعت نيران الثّورة بداية في جوار البحر الميِّت (قبائل من البدو) في فلسطين عام 1834 وانتقلت من مكان إلى آخر ولم تنته إلّا بانتهاء الحكم المصريّ لبلاد الشّام عام 1840.

في عام 1835 استطاع إبراهيم باشا من إخماد جميع الثّورات الّتي قامت ضدّه في بلاد الشّام، أرضخ جميع السّكّان بعد تجريدهم من السّلاح. إلّا أنّه استثنى بذلك سكّان جبل لبنان من رعايا حليفه الأمير بشير الثّاني الّذين ساندوه في حروبه ضدّ السّلطان. ولكنّ إبراهيم باشا لم يطمأن لحلفائه السّابقين وقرّر اتّخاذ خطوات حذر بعد سيطرته على بلاد الشّام. فقام بنزع السّلاح منهم ومن ثمّ تجنيدهم لجيشه لمدّة خمسة عشر عامًا. إلّا أنّ الدّروز لم يوافقوا على هذا العبء الثّقيل فاتّبع إبراهيم باشا سياسة التّفرقة بين اللبنانيين وزرع الفتنة الطّائفيّة. فبعد أن جرّد الدّروز من سلاحهم بمساعدة النّصارى أمر أيضًا بنزع السّلاح من النّصارى أنفسهم ممّا زاد السّكّان من حقد على إبراهيم ووالده محمد علي باشا. حلّ أزمة تجنيد الدّروز كانت عن طريق تجنيدهم كفرق مكوّنة فقط من الدروز، إخضاع الدّروز زادهم كرهًا لإبراهيم باشا ولسياسته.

وفي عام 1837 قام دروز جبل حوران بثورة شرسة وعنيفة فاقت جميع الثّورات الّتي أخمدها إبراهيم باشا حتّى ذلك الحين. تواجُد الدّروز في جبل حوران جعلهم في صراع دائم مع جيرانهم ومع القبائل التي كانت تمرّ في ديارهم، فاعتبروا مسألة تجريدهم من السّلاح مسألة تهدِّد كيانهم بين حياة أو موت! فقد كانوا في حالة حرب دائمة ممّا جعلهم محاربون ممتازون من الدّرجة الأولى لذلك اقتناء السلاح بالنسبة إليهم مسألة ضروريّة لمجابهة كلّ طارئ ولحماية أنفسهم. وعلى ما يبدو أن محمّد علي باشا وولده إبراهيم باشا لم يقرئا التّاريخ المعروفيّ ولم يحاولا تفهُّم الوضع المختلف (الاستراتيجيّ) في الجبل. طلب محمد علي بتجنيد 175 جنديّ درزيّ. سبب كهذا لم يكن كافيًا لاندلاع ثورة أو لإدخال جيشه إلى منطقة الجبل. فقد كان الجبل ملجأ للفارّين من التّجنيد، وللثّائرين ضدّ الحكومة، وللهاربين من ثقل الضّرائب وللنّازحين من مناطق الثّورة في فلسطين. فلذلك أراد محمد علي وإبراهيم باشا إخضاع الجبل تحت سيطرتهم. بعد فشل المفاوضات بين ممثِّل إبراهيم باشا وممثِّل الدّروز الشّيخ يحيى حمدان الّذي شعر بالإهانة ليعود إلى الجبل غاضبّا. فلجأ الثّوّار إلى اللجاة بعد اتّحادهم مع عرب السّلوط. أرسل إليهم حاكم دمشق شريف باشا 400 جنديّ بقيادة علي آغا البصيلي إلى قرية الثّعلة وهناك حاولوا أيضًا المفاوضات دون نتيجة، فدارت المعركة ليُقتل معظم جنود فرسان الهوّارة ومن بينهم متسلِّم منطقة حوران، ومن بين الدّروز قُتل أحد زعمائهم: إبراهيم الأطرش. خاف إبراهيم باشا حاكم دمشق من مغبّة الأمر فقرّر ارسال حملة جديدة مجهّزة بالمدافع، بلغ عدد أفرادها 8 آلاف جنديّ بقيادة قائد الجيش محمّد باشا. في المعركة قرب قرية بصرى الحرير خسر الدّروز هناك وتراجعوا إلى منطقة اللجاة. فظنّ محمد باشا أنّ انسحاب الدّروز هو الدّليل على هزيمتهم، فتتبّع آثارهم ولحق بهم إلى اللجاة ليلقى حتفه هناك مع معظم جنوده و14 ضابطًا. هرب مَن استطاع الهروب وأُسِر الآخرون ليغنم الدّروز بقدر كبير من السّلاح لتزداد معنويّاتهم وفرحهم بالانتصار، فقد كان هذا الانتصار الثاّني على جيوش إبراهيم باشا.

شاعت أخبار الهزيمة في جميع بلاد الشّام حتّى إبراهيم باشا، فقرّر التّصدّي للثّورة الدّرزيّة بنفسه. إلّا أنّه لم يستطع ترك منطقة انطاكية الّتي كان يتواجد فيها خشيةً من هجوم عثمانيّ مفاجئ، فطلب من والده محمّد علي إرسال وزير الحربيّة أحمد منيكلي باشا لقيادة الحملة إلى الجبل بالإضافة الى القوّات من حلب وأنطاكية وحمص. في عام 1838 تقدّم المنيكلي على رأس قوّة عسكريّة وانضمّ إلى حاكم دمشق شريف باشا ليبلغ عدد الجنود للحملة الجديدة نحو 20 ألف جنديّ مقاتل فيما كان عدد الدّروز قليلًا جدًّا – ما يقارب ألفا مقاتل. تقدّم الجيش المصريّ إلى منطقة الجبل، وأخذ المقاتلون الدّروز باستدراجهم نحو منطقة اللجاة حسب خطّة عسكريّة رغم قلّة عددهم. هاجمت قوات إبراهيم باشا معاقل الدّروز ثلاث مرّات دون أن تحدث أيّ تقدّم بعد صدّها من قِبل الثّوّار الدّروز. في نهاية المطاف انقضّ المقاتلون الدّروز على جيش إبراهيم باشا ليُلحقوا به الخسائر في الأرواح تُقدَّر ب 5000 قتيل وجريح، من بين الجرحى كان وزير الحرب المنيكلي ومن القتلى بعض كبار قادة الجيش، ومن صفوف الثّوّار الدّروز ما يقارب 300 قتيل، إضافة إلى ذلك حصل الدّروز المقاتلون على كمّيات كبيرة من ذخيرة وسلاح ومؤن لتمكِّنهم الصّمود لمدّة طويلة. الخسائر والهزيمة التي تكبّدها جيش إبراهيم باشا شجّعت سكاّن بلاد الشّام على القيام بثورات مناهضة لحكم المصريين على بلاد الشّام ولا سيّما وادي التيم في لبنان. اندلعت الثّورة في وادي التّيم بقيادة شبلي العريان، إلّا أنّه بعد معارك بطوليّة لبني معروف الّذين وقفوا صامدين أمام الجيش المصريّ في راشيا وحاصبيا وبعض القرى، اضطُرّ شبلي إلى النّزوح والانضمام إلى الثّوّار الدّروز في الجبل الأشمّ.

كانت الهزائم المتتالية لجيش إبراهيم باشا التي أوقعها الدّروز له تخفّض من معنويّات عناصر جيشه ممّا أجبره على اتّخاذ خطّة جديدة لإخضاع الثّوّار الدّروز فقرّر الهجوم على الجبل في فصل الصيف حيث تتقلّص موارد المياه في منطقة الثوّار (اللجاة) وذلك يمكنه من محاصرتهم حتّى الاستسلام من العطش.

أرسل محمد علي باشا إلى بلاد الشام جيش ألبانيّ مؤلَّف من 4 ألاف مقاتل، والضابط مصطفى باشا وصل إلى الشّام معه 7 آلاف جندي، واستقدم إبراهيم باشا قوّات أخرى من انحاء بلاد الشام ليصل عدد الجنود إلى أكثر من عشرين ألف. بعد وصوله إلى منطقة حوران باشر بتنفيذ خطّته فاستولى على موارد المياه، إلّا أنّ ذلك لم يكن سهلًا لأنّه واجه مقاومة عنيفة وقتالًا شرسًا عند كلّ مورد مياه، أدّت هذه المقاومة إلى خسارة كثيرة في الأرواح. أعنف المعارك كانت في موقعة “داما” التي أجبر جيش إبراهيم باشا إلى التّراجع إلى خارج اللجاة. ليس فقط أنّهم لم يستطيعوا السّيطرة على مصدر المياه، إلّا أنّهم طُردوا منها بعد خسارتهم عدد كبير من القتلى والجرحى. استمرّت هذه المعركة لفترة طويلة من الزّمن ممّا اضطرّ بعض الثّوّار على فتح جبهة جديدة في وادي التيم في لبنان للتّخفيف من وطأة الحصار على دروز الجبل بعد المعاناة من قلّة المياه. قام الثّوّار في وادي التّيم لنجدة إخوتهم في الجبل (حسب مبدأ حفظ الإخوان) ليعلن إبراهيم باشا الحرب على سكّان وادي التيم، فبطشه زادهم قوّة وشراسة في الدّفاع عن أنفسهم، عرضهم وأرضهم.

ترك شبلي العريان رجال الثّورة في اللجاة وتوجّه الى قرية مجدل شمس برفقة 200 مقاتل، إلّا أنّه سرعان أن خرج منها متّجهًا إلى بلدته راشيا في لبنان، وهناك هاجم مقرّ الحكومة لحظة وصوله عند الفجر وقتل الحاكم انتقامًا للأخوة في الجبل. بعد ذلك انضمّ إليه مقاتلين شجعان من أبناء طائفته ليواجه في وادي التّيم خلال الليل ألف جندي من جنود إبراهيم باشا مزوّدون بالمدفعيّة، فدحرهم وألحق بهم خسائر – استولى الثّوّار على المدافع التي أحاطت براشيا وقتلوا جنودها ولم ينجُ منهم إلّا القليل، أمّا الجنود الآخرون طوردوا إلى البقاع حتّى تمّ الفتك بهم. الخطّة غير الإنسانيّة التي اتّخذها إبراهيم باشا لقهر الثّوّار عطشا أثارت حميّة إخوانهم في حاصبيّا والشّوف فأنضمّ الكثير من المقاتلين الدّروز إلى شبلي العريان من أجل نجدة إخوانهم. التقى الثّوّار والجيش بالقرب من قرية عيحا وهناك دارت معركة أخرى بينهم، فأحاط الثّوّار الجيش المصريّ وأجبروهم على ترك المنطقة واللجوء إلى وادي بكا، وهناك جرى قتال عنيف بين الفريقيْن حتّى كاد ان ينسحب جيش إبراهيم باشا إلّا أنّهم تلقّوا الأوامر بعدم الانسحاب والقيام بالهجوم المعاكس. استمرّ القتال حتّى نفذت الذّخيرة من الثّوّار، لكنّهم رفضوا الاستسلام وهاجموا الجيش بالسّلاح الأبيض وكان يقودهم الشيخ ناصر الدين عماد الّذي استُشهد متأثّرًا بجروحه، أمّا الطّرف الآخر بقيادة الشّيخ حسن جنبلاط قرّر شقّ طريق الانسحاب لمقاتليه المحاصَرين دون ذخيرة.

قُتل في هذه المعركة الكثير من الثّوّار الدّروز ورغم ذلك لم يرفعوا الرّاية البيضاء. اعتُبرت هذه المعركة نموذجًا للبسالة والبطولة الدّرزيّة في ساحة المعركة فرغم قلّة عددهم واجهوا جيشًا فاقهم عددًا، عتادًا وتدريبًا.

لجأ شبلي العريان مع قوّاته المتبقّيّة إلى موقع قرب جبل الشيخ يُدعا “جنعم”. وهناك وقعت المعركة الأولى بين الثّوار الدّروز وبين قوات الأمير خليل الشّهابي فهزمهم الدّروز شرّ هزيمة وأجبروهم على الانسحاب إلى غرب حاصبياّ بعد مقتل معظم قوّاتهم، وكذلك المعركة الثاّنية ضدّ النابلسيين- عادوا من حيث أتوا يزيدهم ثقلًا حاملين قتلاهم. أمّا المعركة الثّالثة بين الثّوّار والجيش بقيادة إبراهيم باشا ومصطفى باشا في قرية شبعا، لم يستطيع الثّوّار من صدّهم لقلّة عددهم، ودخل إبراهيم باشا القرية منتصرًا بعد عراك دام كلّ الليل. وأرسل مرسالًا إلى الدّروز يطالب بهم تسليم سلاحهم، وفي اليوم التّالي بعث الدّروز وفدًا يرأسهم الشّيخ حسن البيطار ليعرض لإبراهيم باشا: تسليم السّلاح مقابل العفو عنهم، فأستجاب لطلبهم وسمح لجميع الثّوّار العودة لقراهم. إلّا أنّ شبلي العريان أبا أن يستسلم لإبراهيم باشا الّذي رأى باستسلامه أمرًا غاية الأهمّية لإعادة الاستقرار في وادي التيم. وبعد ملاحقات استمرّت أيّامًا عديدة قرّر شبلي العريان الاستسلام عن طريق الأمير مسعود الشّهابي، فعفا عنه وعامله بكلّ احترام وتقدير وأبقى معه سلاحه، بل وعيّنه قائد فرقة في جيشه.

العفو عن شبلي العريان ودروز وادي التّيم والمعاملة الحسنة لدروز لبنان، شجّع الثّوّار في حوران التّوقف عن الثّورة بعد حوار مع ممثِّلين عن إبراهيم باشا ومنهم الشيخ حسن البيطار، فذهب وفد عن دروز حوران إلى حاكم بلاد الشّام شريف باشا يحملون 700 بندقيّة من بندقيّاتهم وألفين ممّا غنموه خلال الحرب ضدّ الجيش المصريّ. فتمّ الإعفاء عنهم، ومقابل الاستسلام سمح لهم إبراهيم باشا بحمل السّلاح وتعهّد لهم بعدم تجنيدهم، والحفاظ على حرّيّتهم وحقوقهم في الشّام.

انتصر الدّروز رغم قلّتهم ورغم خسائرهم، فانتصارهم السّياسّي هذا نتيجة طبيعيّة لأتّباعهم مبدأ “حفظ الإخوان”، لمساندتهم بعضهم ووقوفهم واحد جنب الآخر في وجه قوّات إبراهيم باشا. انتهت بذلك ثورة الدّروز في حوران ووادي التيم الّتي دامت 9 أشهر متتالية. وبعد مرور أشهر قليلة، ترك إبراهيم باشا بلاد الشام خاسرًا عددًا كبيرًا من جنوده – عدد خسائره يفوق عدد الرّجال الذي أراد تجنيدهم من الدروز.

فتغنّى شاعر الثّورة الشّيخ أبوعلي الحنّاوي في قصيدة مفتخِرًا:

“وأفخر نسب في الأرض تلقى نسبا متجنّبين العار َالمعيار

ترى جدنا النعمان خلفه سما لخم ومناّ حماة الدّين والأنصار”
-------------

المصادر:
سليمان أبو عز الدين- إبراهيم باشا في سوريا
اسد رستم- بشير بين السلطان والعزيز
عبد الرحمن زكي – التاريخ الحربي لعصر محمد علي الكبير
عباس أبو صالح- أبحاث في التاريخ السياسي والاجتماعي للموحدين الدروز.

Address

Daliyat Al-Karmil

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when العمامة posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Videos

Share

Category