10/08/2024
في قرية صغيرة تقع في قلب مناطق الظل من ولاية تيارت، ولدت إيمان خليف، فتاة تحمل في عينيها بريق الأمل رغم الظلام الذي يحيط بها. وُلدت في عائلة فقيرة، حيث كانت الحياة قاسية والموارد شحيحة. لكن إيمان لم تكن فتاة عادية؛ كانت تحمل في جوفها حلماً يتجاوز حدود الممكن، حلماً ينبض في كل نبضة من قلبها... الملاكمة.
كانت الطرقات شاهدة على خطواتها الصغيرة وهي تبيع الخبز للمارة، تجمع البلاستيك والنحاس من هنا وهناك، كل دينار تجمعه كان ينبض بروح النضال والتحدي، كان ثمنًا تدفعه للوصول إلى قاعة التدريب التي كانت تبعد عن قريتها الكيلومترات. لم تكن تلك المسافات ولا تلك الصعوبات لتثنيها عن حلمها، بل كانت وقودًا يشعل إرادتها ويزيدها عزيمة.
كبرت إيمان، وكبر معها حلمها. بعمر الخامسة والعشرين، تأهلت لأولمبياد باريس 2024، اللحظة التي كانت تنتظرها طوال حياتها. لكن، هنا كان المنعرج، حيث تداخلت السياسة بواقعها البائس إلى عالم الرياضة الذي كله حلم أمل، لتلقي بضلاميتها على حلم إيمان. فقد اتُهمت إيمان، تلك الفتاة الصغيرة التي ناضلت من أجل حلمها، بأنها رجل متحول جنسيًا.تحولت القضية إلى معركة عالمية، حيث انقسم العالم إلى معسكرين؛ معسكر عربي و قليل من الغربي المحافظ يقف بكل قوة مع إيمان، ومعسكر غربي شيطاني يشن هجومًا عليها. تغريدات من العالمين تصدح عبر منصات التواصل، من إيلون ماسك إلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الى أصغر حالم جديد يبيع الخبز عبر الطرقات ألهمته إيمان فأصبح يرى عالمه المظلم بأنه مشرق في المستقبل إن آمن هو بحلمه، كلهم يتحدثون عن إيمان خليف. ولكن، لم تكن القضية مجرد هجوم على إيمان كشخص، بل كانت الضربة موجهة من المنظمة الدولية IBA، التي يترأسها عمر الروسي، تمولها شركات روسيةكبرى كغاز بروم، وكان هدفها الطعن في شرعية الأولمبياد ردًا على استبعادها من تنظيم الملاكمة.
وفي وسط هذا الصراع الدولي الضخم، وُضعت إيمان وحيدة على المحك. تحملت عبئ تلك الاتهامات والنظرات المسمومة، لكنها لم تنكسر. بل وقفت بقوة على الحلبة، حيث تُقرر المصائر وتكتب التاريخ وتُصنع الأساطير . وفي تلك اللحظة، كان النصر لها، ليس فقط بميدالية ذهبية، بل بانتصارها على كل من شكك في عزيمتها وشرفها.إيمان خليف لم تنتصر لنفسها فقط، بل انتصرت لكل فتاة تحمل حلمًا في قلبها، لكل فتاة تعاني من أجل تحقيق ذاتها، لكل فتاة من بنات عرقها ووطنها الجزائر. كان ذلك الانتصار أكثر من مجرد ميدالية ذهبية اولمبية، بل كانت ميدالية ترمز للشرف والعزة والكرامة.
تحيا الجزائر، وتحية لكل من آمن بحلمه وناضل من أجله، كما فعلت إيمان خليف.
ب.ب.
#ايمان