01/04/2024
*💢 مقاومة شعبية أم مليشيات رديفة للجيش المختطف!!*
✍️د. أحمد عثمان عمر*
1️⃣
*دائما ما يكون التلاعب بالمصطلح ، مدخلا" للتضليل و قصف العقول، لذلك ضبط المصطلح من أهم أدوات النضال السياسي. وفي هذا السياق، يشهد مفهوم المقاومة الشعبية، عمليةَ تلاعبٍ واسعة من قبل سلطة الأمر الواقع العسكرية، و من خلفها الحركة الإسلامية المختَطِفة للجيش. ففي إطار عملية التضليل الواسعة راهنا"، تسمي هذه السلطة المستنفرين الذين يقاتلون إلى جانبها بالمقاومة الشعبية، و تنسى -أو في الحقيقة تتناسى- أن المقاومة الشعبية هي "حركة شعبية مناضلة لها مبادئها السياسية، عناصرها مسلحة، تقاوم السلطة الحاكمة أو قوات الاحتلال". و لا أحد يستطيع بالطبع أن يدعي -مجرد ادعاء- أنَّ هذا التعريف ينطبق على القوات التي تقاتل مع الجيش المختطَف، لأنها أولاً، تقاتل مع السلطة طرفاً آخر في السلطة، و لأنها لا تقاوم احتلالاً، و لأنها منحازة لأحد طرفي اللجنة الأمنية للإنقاذ، و لأنها ليست لديها مباديء سياسية وطنية، و لأنَّ جسمها الأساس مكون من مليشيات الحركة الإسلامية، و لأنَّ مستنفريها خاضعون تماماً لسلطة الجيش المختطَف. لذلك يصبح من السخرية بالعقول الادعاء بأنَّ هناك مقاومة شعبية، باعتبار أنَّ المقاومة الشعبية فعلٌ شعبيٌ منظمٌ و مسلحٌ، يقاوم السلطةَ الحاكمة لا يدعمها، أو يقاتل ضد احتلالٍ أجنبيٍ، لا وجود له الآن في هذه الحرب اللعينة غير العادلة. و هذا يحتم تسمية الأشياء بأسمائها، و اعتبار من يقاتل مع الجيش المختطَف الآن مجرد مليشيات رديفة، على رأسها مليشيات الحركة الإسلامية، و حركات دارفور الموقعة لاتفاق جوبا ، و مليشيا عقار، و المستنفرون الذين توسعت عملية تجنيدهم ونجحت في التمدد نتيجةً لوحشية مليشيا الجنجويد المجرمة.*
2️⃣
*وفقاً لهذا الفهم الواضح لطبيعة المقاومة الشعبية، و لغياب مثل هذه المقاومة التي تنبع من إرادة شعبية تضبطها و تراقبها و تحكم نشاطها، في ظل مشروعٍ و أهداف سياسية واضحة و مشروع سياسي، يجب النظر لحديث نائب قائد الجيش المختطَف أمس بمدينة القضارف، حين حذر من أنَّ المقاومة الشعبية هي الخطر القادم في حال عدم ضبطها من قبل الجيش المختطَف، كما حذَّر من عملية تسييسها. و إذا ضربنا صفحا عن التضليل الكامن في اعتباره المليشيات التي تقاتل مع جيشه مقاومةً شعبية، فإنَّ حديثه عن أنها الخطر القادم-عليهم؟- في حال عدم ضبطها محق وصحيح. فهذه المليشيات الشبيهة من حيث النشأة بالجنجويد، لا تعدو حالة كونها مليشيات أسستها سلطة الأمر الواقع لدعم جيشها في مواجهة مليشيا صنعتها و تمردت عليها. وهي بهذه الصفة، لاشيء يمنعها من التمرد على هذه السلطة وجيشها المختطَف، إذا تعارضت و تناقضت مصالحها معهما مستقبلاً. و بما أنها ،في جذرها الأساس، صاحبة مشروع سياسي ترغب في فرضه على الدولة والشعب، هو مشروع الحركة الإسلامية، يصبح خروجها على قيادة الجيش المختطف في حال توقفها عن تنفيذ مشروع الحركة الإسلامية أمراً حتمياً لا مفر منه. فوق ذلك، فإنَّ تجربة الجنجويد أثبتت- عملياً- أنَّ السلاح الموازي لسلاح الجيش مختطفا أو غير مختطف"، احتمال توجيهه ضد هذا الجيش" أمرٌ واردٌ و يصبح راجحاً في ظل ضعف الجيش الحالي البادي للعيان. فوجود مليشيا رديفة، لها مشروع سياسي، أخطر من وجود مليشيا رديفة بدون مثل هذا المشروع، و هذا يجعل التحذير من استغلال معسكرات نشاط هذه المليشيا سياسياً أمراً محقاً ايضاً ، بالرغم من أن قيادة الجيش المختطَف ونائبَ قائدِه العام غير الشرعي نفسه صاحب التصريح، يعلم بأنه لن يستطيع أن يمنع الحركة الاسلامية من استغلال هذه المعسكرات. فسيطرة الحركة الإسلامية على هذه المعسكرات وعلى الجيش المختطف شديدة الوضوح.*
3️⃣
*هذه المليشيات المؤدلجة هي حتماً الخطر القادم على البلاد، وهي جسمٌ تابعٌ للحركة الإسلامية في المجمل، أو حليفٌ لها كحركات اتفاق جوبا المسلحة. وبالتالي هي جسم خطر على مستقبل البلاد السياسي و أي معادلة سياسية مستقبلية، لأنها جسمٌ غير محايد في دائرة الصراع السياسي، و أهدافه ليست أهدافاً وطنية بأية حال. و حتى في حالة وضعه تحت سيطرة الجيش المختطَف، سيظل خطراً كبيراً على مستقبل البلاد، لأنه سيبقى ذراعاً عسكرياً لقوىً سياسيةٍ معروفة، سوف تستغله لفرض إرادتها على الآخرين، باعتبار أن الجيش بصورته الحالية ليس خارجَ سيطرةِ هذه القوى السياسية. وهذا يعني، مجدداً، أن ما تحاول سلطة الأمر الواقع -غير الشرعية- تصويره مقاومةً شعبيةً، هو في جوهره مليشياتٌ أخرى رديفة تابعةٌ لهذه السلطة، و هي لا مقاومة و لا شعبية. إذ من المستحيل أن تكون هناك مقاومة تقاتل مع السلطة ضد أحد فروعها، كما أنه من المستحيل أن تكون هناك مقاومة شعبية تحت إمرة السلطة، إلا في حال وجود عدوانٍ خارجي أو احتلالٍ جزئي أو كليٍ للبلاد، يحيل السلطةَ نفسها لمقاومة و يخرجها من دائرة الحكم. فما يتم من تجنيد و تسليح الآن بدعوى المقاومة الشعبية، خطرٌ جداً على مستقبل البلاد الأمني و السياسي، لأنه مجرد تجييش لمليشيات يتم أدلجتها لتوظيفها سياسياً لاحقا. سوف يستحيل جمع السلاح منها، حتى في حال إعادة هيكلة الجيش و خلق جيشٍ قوميٍ مهنيٍ واحد. و الصحيح هو حل هذه المليشيات جميعها فورا أسوة بالجنجويد، مع عدم السماح بتكوين أي مليشيات مستقبلاً، على أن يقوم الجيش المهني القومي الواحد، بتجنيد من يرغب في حمل السلاح في صفوفه مباشرةً، حيث لا مستقبل لبلادنا في ظل تناسل المليشيات.*
وقوموا إلى ثورتكم يرحمكم الله!!
الجمعة 29 مارس 2024