02/03/2023
عندما يُكتب "الاسكريبت" بقلم روج...!
رحلة إنتاج أي برنامج تلفزيوني حتى يصل للمشاهد ،تبدأ بكتابة الاسكربت ، وهو بمثابة سيناريو لكل حلقة من حلقاته على حدة ، تتضمن "الانترو" والفقرات وتحديد "البريك" ، والصور والفيديوهات المصاحبة والتقارير والانفوجرافات إن وجدت والمداخلات الهاتفية والاسكايب أو عبر الأقمار الصناعية ، وضيوف الاستديو ، وغيرها من التفاصيل ..
هذا من المعلوم من الإعداد التلفزيوني بالضرورة ..ولكن في زمن أصاب الإعلام ما أصاب المجتمع من عشوائية ،واندفاع مدهش باتجاه "المسخ" ..أصبحت "سكريبتات" كثير من البرامج وكأنها تُكتب بأقلام روج على "مزيكا" "مهرجانات" ساقطة ..فهذه فقرة في برنامج رئيسي تتحدث فيه محللة الجنس "هبه قطب" عن أدق تفاصيل العلاقة بين الزوجين ..بحجة نشر "الثقافة" للوصول إلى السعادة الزوجية في العلاقة الحميمية ، وهذه مذيعة مدمنة تقديم الإثارة المعلبة تتفنن في كل حلقة من برنامجها في تقدبم وجبة من "أدبيات الفراش" بحجة محاربة الشذوذ مرة والاغتصاب مرة وماتسميه الكائن "السافل" الذى يسمى الرجل مرات ..!
وهذه مذيعة أخرى وفاصل من الألفاظ والإيحاءات "السفلية" وهؤلاء مذيعي ومذيعات برنامج اس ان ال يمارسون إستربتيز بالكلمات على شاشات التلفزيون.. وهذا مذيع على قناة مصرية يستضيف ممثلة اسمها جيهان قمري وحوار حول "البوس" ويخرج علينا المذيع “المحترم" وهو يحمل "قميص نوم" ارتدته الفنانة في دورها في عمارة يعقوبيان.. وهذه مقدمة برامج في قناة معارضة تجمع بعض هذه "السفالات" وتقدمها للجمهور بحجة انتقادها حتى تحصد مشاهدات على وسائل التواصل لن تحصدها إلا بهذه الطريقة "القذرة" ..وغيرها من القصص ..
وكأن سيناريو البرنامج يكتب في ملهي ليلي في شارع الحمراء في بيروت أو في نهج بن زرقون في تونس أو على بنسيون من بنسيونات كلوت بيك في الأربعينيات..
الاسكربت هو امتداد عصري للكتاب ، للمقال، للقصة القصيرة، للقصيدة.. قطعة من فكر.. يخرج المذيع أو المذيعة ليصل به إلى الناس للإخبار والاعلام والتفسير والتوضيح والتحليل أو حتى التسلية والمتعة مع صور وفيديوهات وتقارير لتصل بالأفكار والقيم للناس ..فلماذا تحولت كثير من برامجنا إلى هذه الصورة المشوهة ..
نحن ندرب الشباب قى قاعات التدريب على كتابة سيناريو الحلقات.. ندربهم على كتابة التقرير الجيد.. المقدمة الاحترافية، إنترو التقرير النموذجي، التغطية وفقاً للقواعد الدولية.. ,لكن يبدو أن بعض المذيعين والمذيعات والمعدين والمعدات بحاجة ليتدربوا على "الأدب" و"أخلاقيات الكتابة للتلفزيون ..
هذه دعوة لإنتاج برامج جديدة يتقن معدوها الكتابة على "الكى بورد" واذا كانوا لازالوا يستخدمون الأقلام.. فهناك أقلام الرصاص أو الجاف.. لا داعى لأقلام الروج فهي تصلح لأشياء أخري ليس بينها كتابة اسكربت برنامج تلفزيوني..
هناك الكثير من القصص التي تخص "الإنسان" أحزانهم..أحلامهم..دموعهم أفراحهم .. إبحثوا عنها وقدموها للناس ..
نريد إعلاماً نظيفاً حتى نمحو عن مجتمعنا ما أصابه من تشوه وانحطاط.
عماد ناصف
الصورة وكالة الأنباء الفرنسية
