27/12/2024
تسع و ستون عاما مرت على استقلال السودان و في كل عام نحتفل بأعياد الاستقلال المجيد إحتفال تغلب عليه الرسميات الخطب و العطلات الرسمية و بعض المواد الاعلامية التاريخية كلحظات رفع العلم و خروج المحتل و الأناشيد و الأغاني الوطنية و اللقاءات فنحن نحتفل بالاستقلال احتفالا شكليا لا نحس فيه بالفرح و الحماسة و عظمة المناسبة لأننا صراحة لم نحقق الاستقلال في حياتنا أما المحــ ــتل فقد خرج بقوته و افراده و ترك البلاد ترزح تحت وطأة الطائــ ــفية و الاستقطاب السياسي والصـ ــراع على الحكم مما جعل النخبة في ذلك الوقت تنشغل بمعارك جانبية بعيدا عن معركة التأسيس و البناء لدولة ما بعد الاستقلال وهي المرحلة الأهم و التي تتشكل عليها الدولة و بسبب هذا القصور ظلت الدولة السودانية في توهان مستمر منذ الاستقلال فبعد كل هذه السنين لا زال الناس يتحدثون عن قضايا أساسية مثل الدستور و شكل الحكم و الغايات و المصالح القومية رحم الله الرعيل الأول فقد كان الظرف مواتيا لتأسيس الدولة فقد خرج المحتل خروجا ناعما و دون دمــ ــاء و في مراسم وداع .. أجواء كان يمكن استغلالها للشروع في بناء الدولة السودانية على أسس و ثوابت متينة تجنب البلاد الفــ ـوضى و الصــ ــراع و التقلـ ــبات و الانقــ ـلابات..
من المؤسف ان تكون احتفالات راس السنة طاغــ ـية على اعياد الاستقلال .. .كان علينآ أن نرتقي بعيد استقلالنا و نعيد النظر للوراء ماذا كسبنا من هذا الاستقلال و ان نجعل من الاحتفال بعيد الاستقلال فرصة للمراجعة و الدراسة لنعرف أين نقف و ماذا علينآ أن نفعل نعدد اخفـ ــاقاتنا و نستلهم العبر من ماضينا و نؤسس للإصلاح .. لابد أن يكون العيد فرصة للعصف الذهني في مواضيع الوحدة الوطنية و الهوية وإشكالية المركز و الولايات و الاقتصاد و السياسة و تفـ ــجير الطاقات ..
بالنظر للدولة السودانية نجد أن المؤسسة العسكرية هي المؤسسة الوحيدة التي ظلت متماسكة منذ الاستقلال رغم الحروب الطويلة التي خاضتها و عمليات الأمن الداخلي التي نفذتها و لا زالت حتى هذه الحــ ــرب تحافظ على الدولة السودانية من الضــ ـياع و التمــ ـزق فلنجعل من هذا العيد فرصة لدعمها و إنزال شعار جيش واحد شعب واحد إلى أرض الواقع فثبات هذه المؤسسة يعتبر ركيزة يمكن البناء عليها للنهوض بالدولة السودانية من وهدتها الطويلة..
إن نهاية هذه الحــ ــرب و انتصار الجيش و الشعب السوداني يمثل الاستقلال الحقيقي و نقطة الانطلاق للدولة الرائدة و الحديثة . و هنا لابد أن نشير إلى أن مرحلة ما بعد الحرب مرحلة حســ ـاسة و مرحلة تأسيس تشبه تمامآ سنوات ما بعد الاستقلال فيجب الارتكاز فيها على المؤسسة العسـ ــكرية باعتبارها اساس الدولة ولا توجد أي شرعية لجهة غيرها فهذه المرحلة يجب أن تكون بعيدة عن الاستقطاب السياسي و الطائفي يتم خلالها استيعاب الكل دون إقصاء هذه مرحلة تحتاج للكفاءات و للتفكير الاستراتيجي و مراكز الدراسات و البحوث و الخبراء لا يهم كم ستستمر المرحلة الانتقالية هذه المهم ان يتم فيها تشكيل الدولة السودانية على أسس علمية تضمن الوحدة الوطنية و السلام المجتمعي حتى لا نعود للتخبط الذي لازمنا خلال التسع و ستون عاما الماضية
سيكون استقلالا حقيقيا و احتفالا كبيرا .. سيعود السودانيين لوطنهم يدفعهم الحنين والعواطف و الشجون سيبكون و يقبلون ترابه و يزرفون الدمع التخين بعد أن عرفوا قيمة الوطن الذي أضاعوا و ستكون العودة حلم تحقق بعد أن كانت اماني و أغاني يرددونها كما كتب الفيتوري و غنى وردي ( لو لحظة من وسني. تذهب عني حزني تاخذني ترجعني إلى عيون وطني ) مشاعر و قناعات جديدة تشكلت يجب توجيهها و الاستفادة منهآ..
ختاما أقول اننا نملك كفاءات كثيرة مهاجرة نوجه لهم رسالة أن عودوا لوطنكم بعد الحــ ـرب فمعركة البناء أنتم سلاحــ ـها و أدواتها