......
هذه مقابلة بين العامل بطاعة اللّه وغيره، وبين العالم والجاهل، وأن هذا من الأمور التي تقرر في العقول تباينها، وعلم علما يقينا تفاوتها، فليس المعرض عن طاعة ربه، المتبع لهواه، كمن هو قانت أي: مطيع للّه بأفضل العبادات وهي الصلاة، وأفضل الأوقات وهو أوقات الليل، فوصفه بكثرة العمل وأفضله، ثم وصفه بالخوف والرجاء، وذكر أن متعلق الخوف عذاب الآخرة، على ما سلف من الذنوب، وأن متعلق الرجاء، رحمة اللّه، فوصفه بالعمل الظاهر والباطن.
﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ﴾ ربهم ويعلمون دينه الشرعي ودينه الجزائي، وما له في ذلك من الأسرار والحكم ﴿وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ شيئا من ذلك؟ لا يستوي هؤلاء ولا هؤلاء، كما لا يستوي الليل والنهار، والضياء والظلام، والماء والنار.
﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ﴾ إذا ذكروا ﴿أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ أي: أهل العقول الزكية الذكية، فهم # الذين يؤثرون الأعلى على الأدنى، فيؤثرون العلم على الجهل، وطاعة اللّه على مخالفته، لأن لهم عقولا ترشدهم للنظر في العواقب، بخلاف من لا لب له ولا عقل، فإنه يتخذ إلهه هواه.
#قران_كريم
﴿وَنَادَوْا﴾ وهم في النار، لعلهم يحصل لهم استراحة، ﴿يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ أي: ليمتنا فنستريح، فإننا في غم شديد، وعذاب غليظ، لا صبر لنا عليه ولا جلد. فـ ﴿قَالَ﴾ لهم مالك خازن النار -حين طلبوا منه أن يدعو اللّه لهم أن يقضي عليهم-: ﴿إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾ أي: مقيمون فيها، لا تخرجون عنها أبدا، فلم يحصل لهم ما قصدوه، بل أجابهم بنقيض قصدهم، وزادهم غما إلى غمهم. #قران_كريم
وإن الأخلاء يومئذ، أي: يوم القيامة، المتخالين على الكفر والتكذيب ومعصية اللّه، ﴿بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ لأن خلتهم ومحبتهم في الدنيا لغير اللّه، فانقلبت يوم القيامة عداوة. ﴿إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾ للشرك والمعاصي، فإن محبتهم تدوم وتتصل، بدوام من كانت المحبة لأجله.