المعنى

المعنى المعنى | سماء المعنى
النجم الثاقب المعنى

سيدي النذير هذا ابن أخيك من فراش المرض ، ومن معالجة مشكلاته،  وتچشم معاناته، أعلن أن الأجداد والآباء، باسطي أيديهم،  لست...
21/04/2024

سيدي النذير هذا ابن أخيك من فراش المرض ، ومن معالجة مشكلاته، وتچشم معاناته، أعلن أن الأجداد والآباء، باسطي أيديهم، لستقبالك في كنهم بعد أن توفاك الله، أو بعد أن انتقلت إلى عالمهم، نحن نحسب أن عملهم الصالح، وبركاتهم، وتشبثهم بما عند الله، وما يجدونه من أرصدة إدخروها في الحياة الدنيا، أذكر أنك كلما رجعت إلى بلادك، ونزلت ضيفا بين أهلك كنا نسألك، ونلح في السؤال لتحكي لنا يوميات الآباء والأجداد، حتى ما دق منها وكان في حجم الذرة، ولكم كان شغفتا كبير ، ورغبتنا جامحة، في أن تسرد لنا الأيام الأولى للثورة، حيث أن ما كان يهمنا فيها؛ ويأخذ بألبابنا، ويشنف آذاننا، حين يأخذ في الحديث عن العالم الفطحل، والفقيه الفذ، والبياني الذي لا يعرف العيي، أو الذي هزمت فصاحته اللجاجة والتلعثم، والتردد الذي يزري بالفحول، إن كلامه كان سيفا قاطعا للباطل، وكشفا للحقيقة في أسطع صورها، أو كالشمس في رابعة النهار، إنه الإمام الشيخ عبد الحميد بن الطيب بن الصديق حمادوش، خريج الزيتونة، وتلميذ محمد الفاضل بن عاشور، ما أحلى الأيام أو الأوقات التي كنا نحف عليه فيها ، ونلتذ بالسماع إليه ، لقد رحل عنا وإلى الأبد ، ولكن بقايا منه ، مازالت تعمر حياتنا، وتطفح بها مشاعرنا، هنا جلس ، وهنا مشى، وهنا تحدث، لا أعتقد أن أصداء ذكرياته سترتفع سريعا ، كيف وهو لحمنا ودمنا ، وفرع من الدوحة الكريمة، وامتدادا للنسب الشريف.. وأخيرا لا نملك إلا أن نقول : 《 إنا لله وإنا إليه راجعون 》.

تأبينية ابن أخيه
السيد محمد الفاضل حمادوش

الأزمة بين استقطابين القرآني النبوي _ والفكري البشري ________________________________________هل هناك من مبررات ، ومسوغات...
18/09/2023

الأزمة بين استقطابين
القرآني النبوي _ والفكري البشري
________________________________________

هل هناك من مبررات ، ومسوغات ، تسندها وتقف وراءها طروحات فكرية ،وفلسفية ،تتمتع بالتقاليد الأكاديمية ،وسبغة الحياد والموضوعية ، والروح العقلانية ، التي تأبى الإستسهال ، والإعتباطية ، ولا ترضى الى بإنفاق جهدٍ فائض ،يسنتفد المعطيات النظرية ،والأمبريقية ،والآرشفية ، وينفق عصارة الطاقة الفكرية ، انفاق غير مسرفٍ ولا مقترٍ ، لا يميل الى العقل المغرق في التجريب ،ولا المثال المعلق في الخيال ،ويستسلم لهما ، فيأخذا منه كل شيئ ،ولا يرتطم في الحسي ،والجزئي ،والذري ،فيخطؤ النظرة الكلية ،والشمولية ،أو يكتفي ،وينغلق ،في تخصص ما علمي أو معرفي ،مهما كان قدره وأهميته ،أو خطر شأنه ،كمعين ،ومورد ،يمون حياة الإنسان أو الكائن البشري ،بالمادة الفكرية وبالعبق الروحي _ فإن الإنعطاف عليه المرة بعد المرة مراجعةً ونقداً ، وما لم يفعل هذا يشح ويفقد زخمه _ يجنبه المهالك ،والمزالق ،ويفتح له كوة الأمل ،ويخطره بما يجب ان يتزود به ،من عدة ،ومكنيزمات تسمح له بالتموقع استراتيجياً ،والمناورة تكتيكياً ،لتعيين الأزمة ،والتوغل فيها ،وهذا بإستدعاء خلاصات ونتائج فروع العلوم ،وتخصصاتها ،على تعدد ميادينها ،وحقولها ومواضيعها ،وان بدا أنها متباعدة ومتباينة ،أو متخالفة ومتعارضة ،أو متزاحمة ومتنافرة وهو أمرٌ مستحسن ،حبذه لفيفٌ من المؤرخين ،والفلاسفة ،والعلماء ،ومنهم من جأر بالشكوى من انعدامه ،وغيابه ،في مراكز البحث المحترمة ،والبحوث المعمقة ،ولم يفتؤوا يذكروا ،ويلحوا ،بضرورة وجدية التنطح لهذه المسألة ،واعطائها حقها من البحث والتنقيب ،ومن البلورة والإنضاج ،ومن التجريب والإختبار ،ومن النقد ،ونقد النقد ،شريطة أن يحصل هذا في المواقع الحساسة من السقف الحضاري ،وفي أسمى بؤر الإنتاج الفكري ، والروحي ،وفي ذرى معاقل الإبداع التكنولوجي ،وفي أروقة الإقتصاد العالمي ،أو اقتصاد المركز ،الذي يشد اليه الإقتصادات العالمية ،بخيوط من حديد ،ويمتص فائضاتها ،وعائداتها ،ويمارس عليها الإحتكار بشكلٍ تعسفي ،في منتهى الجشع ،والخبث ،والمكر ،بحيث يفرض أو يطلب على وجه الأمر ،منها التخصص ،أو الإكتفاء بإنتاج معين ،لاتتعداه ليس فقط بالنسبة لبلدٍ أو بلدين ،أو أكثر ،أو أقل ،بل على صعيد الهامش ،والاطراف كافة ،ولا يتورع عن استخدام النفوذ السياسي ،أو القوة العسكرية في حالة تمرد دولة ،ونظام سياسي ،واعلامهما استقلال القرار السياسي والمبدأ السيادي ،وحصراً التعامل في اطار الندية ،والتكافأ ،ولا نغفل عن الإشارة الى الغرف التي تطبخ في السياسة العالمية ،وكيفيات انتشارها الأخطبوطي ،ان تمسها العناية البحثية ،والدراسة الأكاديمية ،لأنها قطب الرحى ،أو مصدر المطب والخلل .
بعد هذه التوطئة أو المدخل ،يطلع أو ينتؤ ويبرز أن الأزمة التي تلف الهامش والاطراف ،وتخنق امكانية التفكير ،وتصادر الحرية والفعل ، ياليتها فتحت ثقب القلق والحيرة ،وأفضت الى الإعتراف والمصارحة أو الى التعرية والمكاشفة ،بما ألم بالذات من آثار الإنحطاط ،وما رسب فيها من أمراض الإستعمار ،وأوشابه ،وسدت أو اوصدت باب الخوف والفرق وما ينجر عنهما ،مما لا يقدر من الخسارة .
دائماً في نفس الموضوع وفي نفس الإنشغال ،المهم خلص جملة من المفكرين ،والباحثين ،والمهتمين ،من العالم العربي والإسلامي ،الى أن الأزمة مركبة ،ومتعددة الأوجه ،عميقة وبعيدة الغور ،لها بالماضي ، اتصال أو نسب ،وبالحاضر أو بالعصر تعلق واشتباك ،ما حدا بهؤلاء المفكرين ،أن يبدوا رحابة في الإدراك ،وصبر في بذل الجهد ،واقتدار في قراءة التراث ،وتشريحه ،وتصفية الحساب معه (حسب قول أحدهم) (1) أو تحريره من (الأرثوذكسية) و(السياج الدوغمائي) وشده واحتوائه (بالتاريخية) (2) (حسب الآخر) ماجعل هؤلاء الفرسان ،فرسان النقد العربي (كما يسميهم البعض) ،ينتضون سيف النقد ،أو يمسكون بمطرقته بحكم أن الفكر ،في المحصلة نقد ،وأن الفلسفة في وظيفتها الحقيقية تساؤل ،و أن المقاربة أي مقاربة ،خاصة التراثية منها ، و ان اقتربت منها وهممت بعركها ،بترسانة من العلوم كالأنثبولوجيا ،واللسانيات والسيمولوجيا ، و علم النفس التاريخي ، والإبستمولوجيا ، والتأويلية ، أو (الهرمونيطيقة) ،فإن لم ترفق بها الفلسفة ،وتسندها بها يكون البحث ناقصاً ،وتكون النتائج نقيض المقصود ،اذن لم يتوانى هؤلاء البحاثة أن يوظفوا ويستثمروا ما سلف قوله ،أن يعلنوا ويعمدوا الأزمة في المواقع الفكرية ،والثقافية ،لأن الفكر والثقافة على جانب كبير من الأهمية نظراً وممارسةً أو عقلاً وتطبيقاً ،انطلاقاً من أن الفكري له الأولوية على المادي ، وأنه العامل الحاسم في انفلاق ثورة ،تنهي الاوضاع المتردية ، وتغير الظروف ،والأجواء والذهنيات ،وتنقل الى وضع وحالة غاية في التوتر والأمل ،لاتختلف في شيئ ،أو تشبه تماماً .
المشي على حبلٍ يربط بين جبلين ،ويمر عبر هاوية ،أنت غير مخيرٍ اطلاقاً ،على الرجوع القهقرى ،أو الى نقطة الإنطلاق ،بل يستحيل عليك ذلك ،اذ ما عليك الا التقدم نحو الهدف ،مشدود الأعصاب ،متحكماً بجسمك ضابطاً حركاتك ،وازناً أنفاسك ،حاضراً بكليتك ،تتقدمك بداهتك والا هويت ولقيت حتفك .
كذا فعل الثورة ،ودستورها ،مالم تتضاف القوة المادية الى القوة النفسية والروحية ،وتفعل يصير مصيرها ولابد معلقاً بكف عفريت ،وهل الجانب أو العامل المادي شيئ آخر ،غير القوى الإجتماعية ،كحال اوربا حيث تكفلت البرجوازية التجارية ،بإنجاز الثورة ،ومن ثمة تحصيل نتائجها المرجوة ،أو الكتلة التاريخية ،حسب قراءة محمد عابد الجابري للثورة العباسية ،وهو اطار يتشكل من تيارات فكرية ،ومذهبية وفئات وشرائح اجتماعية عرقية ،ودينية ،وثقافية ،وأغلبية تركت لشأنها ،أو رميت فيي ساحة المهمل والمهجور .
ضاقت اطر السلطة في العهد الأموي ،وقصرت عن أن تعبر ،أو تمثل حساسيات ، و نزوعات ، وطموحات ، وتعبيرات ، المجتمع الإسلامي ، في تلك الفترة ، وقد توسع ورحب وتنوع وصارت له تضاريس وجدل على كل للمجتمع كل مجتمع ، خطابات و في حالتما اذا كانت السلطة صماء ، غبية مصمتة العقل ، غير شرعية ، فإنها لاتسمع ولا تنصت ، واذا سمعت ،فإنها لاتفهم ،واذا فهمت فإنها لا تتفهم ،وهنا مقتلها واقتراب أجلها ،لهذه الأسباب وغيرها استعمل محمد عابد الجابري ،هذا المفهوم الگْرامشي الإجرائي ،ومال بهذا التأويل لمصصلحة الحاضر ولحاجة الخروج من المأزق ، وبسبب الهاجس الإديولوجي الذي ألقى بكلكله عليه ،كمنظر قومي ،لإقتراح حل ومخرج .
لكن كيف يتأتى هذا ؟ و ما العمليات ؟ والإجراءات ؟ والقرارات ؟ والبيانات ؟ التي تسبق ذلك ،أو تجعله ممكناً ،شعور الذات بأن ما هي عليه غير مقبول ،وغير مرضي ، وأن تدحرجها ، وتعثرها وزحفها على بطنها ،وانكفائها على نفسها ،تجتر حسراتها ،وتتجرع غصتها ،ولاتمل من ترداد حكاياة مجتزأة من تاريخها ،تبرز مجدها وقوتها وتألقها حضارياً وثقافياً ،وكبير فضلها ومنتها على الحضارة الحالية ،استمرأت هذا لأنه كان له مفعول المخدر ،أو الإطمئنان الكاذب ،يهدئ من روعها ، ويذهب رعشتها ،واضطرابها ، أو العزاء الذي يرفع عنها الغم والهم ، لامناص من الرجوع مرات عديدة الى التراث ،واعادة كتابة تاريخه ، وقراءة عقله ، وقد شخصته منتوجاته ( أي نصوص التراث ) وعينت شكله وحجمه ،أو ماهيته ،ومحدداته ،ومميزاته وخصائصه .
(أماما يتعلق بالتراث ،وكيف يدخل كعنصر في نشر العقلانية ،فيمكن القول نحن في الوطن العربي محتاجون الى العقلانية ، لفهم حاضرنا وبناء مستقبلنا) (3) .
(لذلك فالمطلوب منا استعاب هذا التراث استعاباً عقلانياً ،وهذا الإستعاب العقلاني يعني ،أول ما يعني ،ليس فقط نشر النصوص ، وتحقيقها ، وتوفيرها ، هذه مرحة تقنية _ وانما يعني أن التعامل مع هذه النصوص التراثية ،التاريخية ،يجب أن يتم بشكل عقلاني) (4) .
معناه أنه ينبغي لنا أن نسعى أولاً ،وقبل كل شيئ ،لإضفاء المعقولية على تاريخنا السياسي والفكري .
إن تصورنا للتاريخ الفكري العربي ،أو للفكر العربي حسب تطوره هو تصور غير خاضع للمنطق .
(على أساس أنه تاريخ وتطور وصراع ،لزال أكواماً ،من الأفكار والإتجاهات ، معتزلة ، شيعة ، خوارج ، سنة ، فلاسفة ، متصوفة ، شعراء ..... كل هذا الخليط حاضر أمامنا ، ولكن ليس حضوراً تاريخياً كشيئ استوعبناه ،وفهمناه ،و انتقدناه ،ودخلنا معه في حوارٍ ، ورتبناه تاريخياً) (5) .
(لقد استيقظنا في القرن الماضي ونستيقظ اليوم ،ونحن كالطفل الذي استقظ ذات يومٍ ،في الرابعة أو الخامسة من عمره ،ليجد اباه قد توفي وترك له خزانةً من الكتب ،شيقة ،رائعة ،وأول ما يجب على هذا الطفل فعله ،هو ان يعيد ترتيبها من أين يبتدئ ،وأين ينتهي ،لا يكفي أن يحفظ هذا الطفل ،مضمون هذه الكتب كلها ،بل ينبغي أن يرتبها في ذهنه) (6) .
(هكذا لابد لترتيب التراث ،في سياقه التاريخي ،من (عقل) ) من هذه الممارسة سيتكون لدينا عقل خاص ،وسيتجدد وسيواكب ويسبق ،نفس الكاتب محمد عابد الجابري ، يعلن أن هذا غير كافي ، أو لايفي بالغرض بل يجب الإنبراء لنقد الحداثة ،وتبيان تارخيتها ونسبتها .
تابعه محمد آركون أو رافقه في نقده للتراث ،وبإنهمام زائد ،بقضية العقل ،ولكنه الإسلامي ،وليس العربي ، بصورة أكثر اتساعاً وأعمق ، فلايكتفي بإستغلال الثقافة العالمة في بحثه ،ودرسه ،وفحصه ،ونقده ، كالدكتور محمد عابد الجابري ،بل يضم اليها الثقافة الشفاهية ،كعالم من التصورات ،والأفكار ،مازالت تضرب بجذورها في ماضي سحيق ،ولها طرق في الفهم ،والإدراك والتمثل ،والحساسية ،لم تمت ،ولم تندثر ، بالرغم من انتهاك الثقافة الكتابية لها ،واختراق مدنيتها وحضارتها ، مراعاة للدواخل ،أو للحيواة السرية ،وجيوبها ، للشفاهي ، في الكتابي أو للقبلي في القومي ، أو للعشائري والطائفي ، في الوطني والدولاني ، أو للهامشي ،في المركزي ،أو للامفكر فيه ،في المفكر فيه ،أو للأسطوري في العقل ..... وحتى إن لم نقدر أن نقيسه ،أو نضبط حجمه ،فإن آثاره تظهر بين الحين والحين ،كالزلزال ،من اثر احتكاهما ،وتناقضهما وتصادمهما .
1 - العصبية الناتجة عن التلاحم والتضامن مابين الدولة والكتابة _ والثقافة الحضارية .
2 - العصبية الناتجة عن التلاحم بين لمجتمعات القبلية _ الشفاهية .
_ إن التعارض أو التضاد بين هاتين العصبيتين المتمايزتين هو ذو أبعاد أنثبلوجية .
أي أنه موجود في كل المجتمعات البشرية ،اضافة الى أن هذه الثقافة الشفهية غير سلبية تماماً ،في استقبال الدين ،فهي تدمج فيه كثيراً من عنصرها ،أو تشبك ما استدخلته ،والتقطته ،وامتصته ،من مبادئه وقواعده ،وحتى جزئياته ،وتفاصيله ،في بنى مخيلتها ،واطر ادراكها وحساسيتها ،أو تتعرف عليه في افق ثقافتها ، وبتوسط مكنزماتها ،لذا تجد للدين تجليات مختلفة ، بإختلاف المجموعات البشرية ، وتباين ثقافاتها وألسنتها .
من الكتاب من يعتبر هذه المقاربات محاولة لإستملا التراث وأن مناهجها ليس أكثر من وضعية مبسطة ،ليس في وسعها ولا في مكنتها أن تنتج في الطرحات المجتمعية المركبة ،أو تجرؤ وانتهاك لحرماتنا ،وتوهين لعوامل وحدتنا ،وكشف أو تعرية لمناطق قوتنا .
وأن العقل بإمكانه أن يكون مستقلاً ،وأن يتمتع بمواقف حرة ،يرفض ويقبل ،يعدل ،ويرمم ،يقارن ويوازن ويرجح ،يكرر ويجتر ،ويقطع ويبدع أو ينفصل ويصل .
وأن التراث ليس مشكلة أبداً ، لأن كل الشعوب لها تراث ،ولايحتاج الى هذا الضجيج وهذا اللغط ،وهذا التكلف والتمحل ،الذي يبدو أنه لاينتهي ، أو يقود الى الضياع والتيه ،وأنه أي التراث ترراثنا نحن العرب والمسلمين ،من الضخامة والعظمة ، ومن الغنى والتنوع ، ما يعلوا به الى مرتبة التراث العالمي ،فكان احتياطي وخزان ،التقت فيه حضارات ، فتصافحت وتصالحت ، وتداخلت وتراكبت ،وتمحورت حول مركز واحد ، أو نواة واحدة ،فأنتجت وأبدعت وأعطت ،بيد مبسوطة ،وتجمعت فيه ثقافات فتلاقحت وانصهرت ،وانبثقت واشرقت ثقافة موحدة جامعة ،يانعة ناضجة ،مؤثرة نافذة ،تعدت الحدود العرقية ،والثقافية ،وخصائص اللسان أو الألسن ،وحواجز الجغرافيا ،وبوتقة القوميات ،والسياسات ،فزودت العقل الإنساني ،بوظائف جديدة ،وولجت له أراي بكرا ،لممارساته وآفاق أبعد للتطلعاته ،وهذا في قطاع زمني معروف ومحدد ،ببداية ونهاية ، وحتى لايكون كلامنا ضربا من الوهم ،أو قفزا بهلوانيا ،ثبت تارخياً ، وترسخ قناعة تقترب من الإعتقاد أن هذه الثقافة الموسومة بالإسلامية كقوة لينة وبعد معنوي ورمزي ، وكفتح علمي ،أحرز تطووراً مذهلاً ، أغرى وحفز شعوب المعمورة ، على الإنفتاح على روح هذه الرسالة ، وعلى التعرف عليها ،عن كثبٍ فمكان منهم أي من هذه الشعوب بعد الإتصال المباشر ،والإحتكاك الفوري ،المحصل للإختبار والتحقق والذوق الا التسليم والقناعة ،والإندراج فيها برغبة جامحة ،والشعور بالفخر والشرف للإنتساب اليها .
لكن همتنا تقاصرت ،وذاتيتنا تقزمت ،وارادتنا خارت ،وعقلنا انتكس أو ارتكس ،فاستهجنا تراثنا التالد ،والطريف ،واستصغرناه ،واورينا أنه أصبح ثقلاً وعبأ علينا ،وتوهمنا أنه مكبل لطاقتنا ، مقصي لملكاتنا ، مزاحمٌ لتقدمنا .
فكما أن المجتمعات الأوربية ،لما جوبهوا بتحدي الحضارة الإسلامية ، وطغيان شخصيتها ،وتعملق ذاتيتها ،رجعوا الى موروثهم اليوناني والروماني ،حفاظا على تميزهم وحماية لشخصيتهم ،وذاتيتهم وهويتهم بعد أن اقتبسوا ما اقتبسوا ،واستعاروا ما استعاروا ،من معارف وعلوم ومنظومات قيم ،وبيؤوها لتناسب وتلائم نكهة ومزاج روح اجتماعهم ويقبلها اطارهم المرجعي .
وما ان واتت الفرصة ،ودخلت الحضارة الإسلامية في أزمة ،وذهبت ريحها ،حتى اندرجوا ،بأسرع ما يمكن ،في الثورة ،والنهضة والأنوار ونهاياتهم وذيولهم في العولمة وآفاقها الغائمة ،وفي الحداثة وما بعد الحداثة وموت الله ،ثم موت الإنسان ،وما يليهما من موت لأشكال من الفكر الفلسفي ،ولأشكال منظومات اجتماعية حياتية ،ونماذج أو قوالب فردية ،اعني مساحة الحرية التيي يدبر فيها الفرد حياته ،وينتج سلوكه الخاص ،أين غدا العلم والتقنية أبعاد ميتافيزيقية ،أي تألها وارتهنا مصير الإنسان وقدره ،في جميع أوجه حياته ،وصادر اختياراته في أخص الخصائص ،من الموضات التي تحاصره اعلامياً ،وتشده اشهارياً ، كاللباس ،والأكل ،وأنواع العطور ،وطريقة تسريح الشعر ،الى طرق الترفيه واللهو .
سلف وأن لمحنا ،أو وقفنا عند رأي يقول : بقوة موقف العقل ونجاعة منطقه ،ووجاهته ازاء احتواء أو حصار الإجتهادات الفكرية والفقهية وأعراف القراءة والفهم ، وتقاليد التفسير والتأويل ،بحيث تستجيب لرسمه و تقديره ، ولاتصادر اقتراحاته ، و في بعض الأحيان الزاماته ، إن مع التراث ،وإن مع الحداثة ،وهذا ليس خارق ،ولامصادم لحقائق الأشياء ،فإننا نلمس بسهولة هذه القدرات الفائقة للعقل ،وهذه المسافات التي يصنعها الفكر مع الواقع ،وقد أشرف عليه من علٍ ،فيرى بذور الأزمة ،وهي تنزع في مؤسساته ،ونظمه ،وتقتحم قلاع القيادة والتوجيه وتزحف نحو النسيج الإجتماعي ،والجهاز النفسي للفرد ،وتلفُ المعيوش فيتفاقم الأمر ،بالرغم من أن هذا الواقع واقع تقدم وحداثة – حاضرة بكل ثقلها وكثافتها ،وضاغطة بوسائلها وأدواتها ،مكتنفة ومتخللة برفاهيتها وبذخها ،واغرائها ونصها بزخمه وحيويته وكبير تأثيره ،ومحايثته بهت وشده ،بالرغم من هذا فإن العقل انتفض وانتصب ،منتحياً زاوية منعزلة ، معتصمة عن التأثر ،والمراودة والمراوغة ،أو لاتصل إليها موجات الحداثة المغناطيسية ، فتثني العقل عن مهمته أو تلبس عليه فتحرف تأمله .
والحال أن العقل انتزع نفسه من سلطة الحداثة ،وضرورات الواقع وانبرى لنقدها وتشريحها ،وتفكيكها وكشف حدودها وعيوبها ونقائصها وتعرية ادعاءاتها ،ومزاعمها ،بالحفر في اصولها واسسها .
قادنا الكلام ،وانتقل بنا النقاش ،عبر تصور الأزمة الخانقة وقد اكتمل تركيبها ،وأذاقتنا مرارتها .
الى المقاربات المهجوسة بالتراث ،الممسوسة بعقله المتعجلة لتلبية دعوة الحداثة ،التائقة لأن تشملها أعطافها ،وتخلع علي أسماؤها وصفاتها وقد حدست هذه المقاربات التراثية ،أو اتخذت التراث تكأة لعقل عنيد ماكر يمسك بتلابيبها ،ويشدها الى الخلف ،أو يقف أمامها ،ويعترض طريقها ، الى مقاربة تستدرك عليها ،وتتحفظ على معطياتها ،وخلفياتها ،وتفند نتائج اطروحاتها ،وتعيب عليها تحكمها ،وتقول بأن هذا عقل أجدادنا فأين عقلنا نحن ؟ وماهي بصماته في دنيانا ؟
مقاربة اخرى اقتصادية سياسية ،تتخندق بإديولوجيا مركاسوية ،وان أتت من خارج سياقنا الفكري والثقافي والإديولوجي ،وربما تصدم حساسيتنا ، وتؤذي بعض الشيئ ،ما هو حميمي وصميمي من معنى ورمز في حياتنا بل به تقوم ،وعليه تتمحور ولكن لاحرج في أن نستأنس بها ،تتميماً للفائدة وتعديداً لوجهات النظر في قضية مركزية .
هذه المقاربة تؤكد على أن الأزمة أزمة مركز أو بالتحديد أزمة الرأسمالية لكنها قد طالت الأطراف بشكل رهيب ،فكات الأزمة فيها بما لا يحتمل أو يطاق .
_ ليس موضوع التساؤل أساسي في هذا الشأن هو كشف الطابع السائد للمرحلة القادمة ،أهو طابع رأسمالي ،أم طابع اشتراكي ؟
انطلق من النظرية السوفياتية (( لبناء الإشتراكية )) فأقول :أن الإشتراكية المكتملة كنظام اجتماعي لايمكن أن تتحقق إلا على صعيد عالمي ،ذلك لأن الرأسمالية أنتجت منظومة اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية ،على صعيد عالمي ،ولو أن انجازاتها في هذا المجال تظل مبتورة ،وقائمة على استقطاب عالمي ،يميز وضع المركز المسيطر عن وضع الأطراف المسيطر عليها (7).
( استنتج من هذه الملاحظة أن الإشتراكية بصفتها نظاماً أكثر تقدماً من الرأسمالية ،من حيث الكيف لابد أن تكون عالمية هي الأخرى ،بل يجب أن تدفع العالمية الى الأمام ،من جراء تجاوز الإستقطاب الرأسمالي ،وازالة النتائج السلبية المترتبة عليه ) (8) .
نعم الأزمة سقفية ما في ذلك شك ،فطبيعتها اشكالية ،تاريخية ،وهي لم تزل تتعقد أكثر ،وتتملص وتنزلق من المعالجات الفلسفية والفكرية والطرحات الإقتصادية والإجتماعية ،وتستعصي على المحاولات السياسية التنظيرية الجادة ،التي تناضل من أجل تلمس طريقها الى مراكز القرار ، غير أنها كصيحة في واد ونفخة في رماد .
وممارسات للسياسة وطنية ،واقليمية ومحورية ،تشق طريقاً شائكاً وتلقى ألواناً من المقاومات ،لتفك الطوق المضروب حولها ،وتكسر جور العلاقات الدولية _ارادتها الفلاذية واصرارها الملحاح غدوا مضرب المثل_ وهي لا تعدم أن تجد مناطق ضعف وهشاشة في هذه العلاقات وعناصر لها قابلية التفهم أو القبول ،بالحوار والتداول ،والدخول في المساومات والتسويات ،وحتى التنازلات ،إن كان لها مردود ،وعوامل اخرى أكثر التصاقاً بإنسان المركز ،ككابوس فكري ومحنة ثقافية ونكد مشاعر ،وبؤس معيوش .
بات من قلة العقل أو من السفه والحمق السكوت ،ونفض اليدين ،من أي جهد نظري ،وعملي ،لبناء افق تصوري ،يوقد الأمل ويحض على السعي الحثيث .
يبقى أن نشير الى أن الإشكالية نزوع الى الحل ،وليس حلاً ،امكانية للإنفراج وليس انفراجاً ،وأن ما جرى فعلياً ليس تشخيص عيني للإشكالية إنما هو صورتها ،أو صورٌ لها ،قد تقترب أو تبتعد كثيراً ،أو قليلاً ،منها وقد تظفر بجانبٍ من جوانبها ،فتحدده بدقة ،وتصفه على ما هو عليه ، الحل التاريخي يكون بتجاوزها ،وقد يجيئ من محطة من محطات التاريخ سابقة ،ويقع من خلال استعادتها على وجه متطلبات حاضرة ضاغطة ، وبتصنيع مصطلحات ،ومفاهيم ،ومناهج ،غاية في الدقة والمضاء ، استقلالية، ابداعية ،تجاوزية ،مستنبتة في الحقل التداولي كلغة وكثقافة وكعقيدة أو كتصور للإنسان وللحياة وللكون .
علماً أن الحضارة الإسلامية حضارة ( نص ) بإمتياز ،به تخلقت ونشأت ونمت ،وتطورت ،وعليه انطلقت ،وتعيشت ،وتغذت ،وبسبب بنيته المجازية ،وفسحته الدلالية ،ونظمه المعجز ،كما يقول عبد القاهر الجرجاني ،أقدر العقل الإسلامي ،على الإنفساح ،والفكر الإسلامي على وسع الواقع بإطلاق ،على تراكبه ،وتعقده وتعدده ،وتجاوزه بمسفات ضوئية ،وهذا الذي استبد بتفكير المفكر الإسلامي السوداني أبو القاسم حاج حمد ودفعه لوسم اطروحته بإسم (العالمية الثانية) (9) وذلك لأن العالمية الأولى للحضارة الإسلامية ،انتهت واستنفذت أغراضها ،وأن العالمية التي تلتها وأتت عقبها ،قامت على عطبٍ أساسي ،وخلل منهجي كان فيهما مقتلها ،ألا وهو حذف البعد الغيبي ،من جدلياتها ،وهو قتل للإنسان ، ككينونة معنى تقعُ فوق المادة درجة ومستوى .
إن ابو القاسم حاج حمد وان اتفق مع المفكرين الذين سلف ذكرهم والإستشهاد بهم ،في أن الأزمة تاريخية وعالمية ومستحكمة وأن منشأها المركز أو أمركا والدول الأروبية ،فإنه يبتعد عنهم ويخالفهم في مصدرها وفي حقيقتها ،وفي اشكاليتها وفي توصيفها وفي ما يقترح لها من حلول ويتلمس لها من مقاربات ،ذهب رأساً الى النص القرآني مزوداً بمعارف العصر ،قدر ما أمكن ،كأدوات اجتراح ليس إلا ،وفي نيته أن تكون عامل مساعد ،أو امكان ابستمولوجي أو أرضية تأويلية ..... ومستصحباً التجربة العرفانية ،أو الصوفية ،وإن كانت تتفرد بلغتها ،ومفرداتها ، وطريقتها في الحفر ،في المناطق التحتية ،والزوايا القصية ،في دواخل وأعماق الإنسان ک(إنسان) ،لكنها من نفس الحقل التداولي ،ومن اسرة العلوم والمعارف ،التي أنتجتها الحضارة الإسلامية ،الى ورشته وهو على أتم الأهبة والإستعداد ،لتجريب هذا ،أو تسليطه على النص القرآني ،كنص مهيمن متواتر ،ومتواصل العطاءات ،فطاف حوله فلم يجد له طرفاً يمسك به ،وبحث وفتش في جغرافيته ،فبلغ به الضنى كل مبلغ ،وخانه الجهد ، ولم يسعه أن يمسحها مسحاً ، فإنتبه الى أنه يحيط بالكل ، ولايمكن للكل أن يحيط به ،فراح يلتمس فقط العلاقات والمضامين والمحتويات التي ترتبط بالعصر ،وبالذات ،وبالحقيقة ،فطفق يستشيره ،ويستطلعه ،في اطار محكمه ،عن الإشكالية ،وعن الأزمة ،وعن المطلق ،وعن النسبي وعن دوائرهما ،وتقاطعهما وتداخلهما ،وعن ممكنات الحل وأشكاله ، وعن مقداره وحجمه ،من البديهي والمسلم به ،أن الحل منه يكون للإطار الواسع ، إطار الإنسان مجرداً من النسب والإضافات ، ولايكون بتاتا للأطر الضيقة ،كالقبيلة ،والعشيرة ،والطائفة ،والقومية ،ولا لأطر الإتحادات المتقاربة عرقياً ، أو لسانياً ، أو ثقافياً ، أو مستوى حضارياً ، ولا للمتحالفة ، كيف ما كانت مكانتها ، و مصلحتها ، و فق الرجل الى حل مطمئن من القرآن ،فاُنجد من حيرته ،ومن تخبطه ،ومن تنازعات واستقطابات الحلول ،هو أن نعيد الجدلية ،الى شكلها الصحيح ،والسليم ، وعلى ضوئها نجتهد في التفكير ،ونجتهد في العمل ،ونجتهد في ترتيبهما والتوفيق بينهما ،وصيغة الجدلية هي : جدلية الغيب _ والإنسان _ والطبيعة .
إن الحضارة الرأسمالية الغربية قامت على جدلية مبتورة مشوهة وهي : جدلية الإنسان والطبيعة ،إن النخبة الرجوازية والليبرالية التي كانت وراءها وتسببت فيها أي في نشوء هذه الحضارة وذهابها الى أقاصي نهاياتها ،هي ذات منطق صراعي ،أو تولدت في رحم الصراع ،وأن الصراع أصبح في حوزتها دستوراً للحياة في السياسة وفي الإقتصاد وفي الفكر ،وفي العلاقات بين الطبقات ،وفي العلاقات بين الأمم ،وأن الطبيعة التي كانت قطب في الصراع ،أصبحت عالم مساعد في الصراع ،وبحسب رأيه ووجهة نظره أن قبلة الحل هي القرآن الكريم عبر فهم الإنسان المعاصر له أو بتوسطه ،وأن الحل لايكون أبداً طرفياً ،يكون مركزياً ولكن عبر القرآن والإسلام ،وذلك بتحولات ستجتاح الغرب فتلجؤه الى الهروع وهي وجهة نظر تحتاج الى مناقشة معمقة ومناظرة طويلة النفس .....

________________________________________
1 _ محمد عابد الجابري
2 _ محمد آركون
3 _ محمد عابد الجابري
4 _ محمد عابد الجابري
5 _ محمد عابد الجابري
6 _ محمد عابد الجابري
7 _ سمير أمين
8 _ سمير أمين
9 _ أبو القاسم حاج حمد
________________________________________
بقلم : السيد محمد الفاضل حمادوش
________________________________________
ملاحظة :
المهم أن ترجمة القرآن ترجمة حداثية أو مابعد حداثية في رؤيتنا تأتي بعد الكلام عن الأزمة ،وأن قراءة حقول دلالات الحداثة وما بعدها كفلسفة وكفكر وكأدب ،وكرسم وموسيقى ومعمار وغيرها من أشياء كثيرة بالإضافة الى كون أن زخماً كبيراً وتطوراً طال جميع البنيات ، احتاجت الى اسلوب وطريقة تمكنها من تجلياتها ،كاللسانيات وسيمولوجيا وسيما وغيرها ،وقد طلبتم منا أن يكون نمط طرحنا محكوم بهذه الأشياء نؤكد أن مفاهيم القرآن تجاوزية ما في ذلك شك ولكنها تحتاج الى جهد ومراجع حالياً غير متوفرة عندنا ولا في محيطنا

 #المثقف IIوقد يكون المثقف خبيراً، فيبيع سلعته، ويقدم خدمته، إما للدولة، وإما لشركة من الشركات الإقتصادية، وإما لتيار إج...
16/09/2023

#المثقف II

وقد يكون المثقف خبيراً، فيبيع سلعته، ويقدم خدمته، إما للدولة، وإما لشركة من الشركات الإقتصادية، وإما لتيار إجتماعي، يطمح إلى نفوذ ما، على الساحة السياسية، أو الساحة الثقافية، وإما أن يكون هذا المثقف، مثقفا مصلحا، لا يرضى بالواسطية بديلا، ويأبى أن يشارك في ما يحسبه مغامرة غير محسوبة النتائج، وهذا في أوضاع تكون مستقرة قليلا أو كثيرا، وفي ظروف تكتنف بلده، أو تحف بوطنه، يمكنها أن تؤثر على بلده، أو وطنه سلبا، كما يمكنها أن تزعزع الإستقرار، وتستغل الفتوق، التي تحدثها التناقضات، وتنشئها الصراعات إن وجدت، وهي موجودة في كل مجتمع لا محالة، فتنقلها من حدودها المعقولة، إلى حدودها غير المعقولة، أو مما هو مقبول ومحتمل، إلى ما هو غير مقبول ولا محتمل، إذن المثقف المصلح، يملك بخبرته، وثاقب بصيرته، وحصافته، أن تدخله، لا يكون تغييرا جذريا، ولا ثورة للإطاحة بالمنظومة الفكرية، والسياسية، بل تدخلا عقلانيا، يراعي فيه، كل الأسباب والعوامل التي تحفظ للمجتمع تماسكه، وللدولة بقاءها، وتوازناتها، ويحاول قدر الإمكان، أن تصل توجيهاته الرشيدة إلى المجتمع، كما للدولة، ويجهد طاقته، في أن يعدل من أفكار الدولة، وأن يأتي إلى سلوكها، فيصوبه، كما أنه، يلتفت إلى المجتمع، فيكفكف من غلوائه، ويهدؤ من روعه، ويقلل من شرته، ليربطه بالفعل المتدرج عبر الزمن، ويبث في روعه الأمل المتفائل، والحلم المشروع... يتبع

✒️ السيد محمد الفاضل حمادوش

 #المثقف لكم يغرى الإنسان، بأن يتقمص شخصية محايدة، وهو يحاول ذلك؛ على مستوى التفكير، وعلى مستوى الممارسة، يبتعد ما أمكن ...
01/09/2023

#المثقف

لكم يغرى الإنسان، بأن يتقمص شخصية محايدة، وهو يحاول ذلك؛ على مستوى التفكير، وعلى مستوى الممارسة، يبتعد ما أمكن عن الحس العام، وبادي الرأي، أي أن لا يستحوذ عليه ما هو يومي، فيوجهه ويصوبه بعيدا عن قناعاته، أو خارج فضائه، الذي اختاره لنفسه، وفرضته عليه ؛ مواهبه وملكاته، اللتان صقلهما وبلورهما وأنضجهما بالتعليم والتثقيف، بعد أن كان قد قطع مراحل التعليم، أو أكمل أطواره، فإكتسب من خلاله ؛ آليات التفكير العالي، والمجرد، فإستقامت له الطريقة، وتيسرت له الوسيلة، ليكون من جملة النخب، التي تشغل الفضاء العام، وتتخلل المجتمع المدني، فهي بهذه الصفة، أو بهذه الصورة، تنشئ أشكالا للوعي، وأنماطا للتفكير، ونماذج للممارسة، بما يتشكل لديها من رأي مستقل وخاص بها، لا تشاركهم فيه لا الأحزاب، ولا النخب الرسمية، لا لأنهم يشتغلون بشأن خاص، بل هم يشتغلون بالشأن العام، وهم الأكثر حرصا عليه، والأبعد عن احتكار قيادته، ذلك لأنهم غير واقعين تحت طائلة الإنتماء، للجهات التي تتنافس على السلطة، أو تتناحر على المصلحة المادية، كما أنهم الأكثر تمنعا من إغراء الإيديولوجيا، وأمرهم عصي على تلاعباتها، وشراكها، هذا النوع من المثقفين، وهذه البضاعة التي يعرضونها، تجعل منهم خصما في الساحة الثقافية، فالسطة إما أن تغض عنهم البصر وتتجاهلهم، وإما تحاول إغراءهم واستمالتهم، وإما تضغط عليهم، وتضيق عليهم في معايشهم، وهناك جهات أخرى منافسة لهم، فإذا أعجزتهم الحيلة، كانوا يدا للسلطة لضريهم ... يتبع

✒️ سيد محمد الفاضل حمادوش

 #الوعي إذا قدمنا إلى الوعي لنعرفه، فإنما لابد أن نستدعي العناصر التي تنشؤه من العدم، وفي حال كنا بصدد توجيه الوعي وجهة ...
09/08/2023

#الوعي

إذا قدمنا إلى الوعي لنعرفه، فإنما لابد أن نستدعي العناصر التي تنشؤه من العدم، وفي حال كنا بصدد توجيه الوعي وجهة معينة، باعتبار أنه منتعش وتحت اليد، فقط دفعه وحمله ليجري في رواق معين، بل ليتصدر كل اهتمام وانشغال، أو يأتي قبل الحياة التي هي بين جنبينا، بل أن يكون تكلفة وثمنا لبذل هذه الحياة عينها، إذا ما تعرض وجودنا إلى الخطر، ليس الوجود هكذا بالمطلق، الذي يشركنا فيه غيرنا من الجمادات، والعجماوات، بل الوجود الذي يعبر عليه عنوان الإنسان، كالتاريخ والثقافة والحضارة، فأي انتهاك لهذه المفردات، وأي اختراق لحرمها، ينهض النائم، ويوقف القاعد، ويحرك الساكن، فمن احتل وطنه، واغتصبت ثروته، وصودرت لغته وثقافته، ظروفه التي أحاطت به ، ونكباته التي أوردته المهالك، وأزماته التي شتت وحدته، وفرقت لحمته، إذا ما شعر بها، بل وصل الشعور بها إلى منطقة حرجة، لايطاق إحتمالها، ولايتحمل ازعاجها، وكتب له أن وجد مهمازا يثابر بطرقه أو وقعه، على إصابة المناطق الحساسة فيه، وانفتح على الوعي المطلوب، وخرج من الوضع المقلوب، وهنا هيهات هيهات، لفرد أو لجماعة أو لشعب، استوعب هذا الوعي، أن يؤتى عل غيلة، أو تنطلي عليه حيلة، أكيد أن الوعي لاينحصر في هذه المساحة، ولا يقنع بهذا الحجم، فالعلوم والمعارف متساندة ومتضافرة، تشيد الوعي الذي يسع الإنسانية، بل الذي يستوعب الحضارات كل الحضارات، ويتجاوز الثقافات كل الثقافات، ويتكلم بكل اللغات، أو ينطق بكل الألسنة....

✒️ السيد محمد الفاضل حمادوش

17/07/2023

📖《 لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ 》 (14) |{ الحشر }

👋🏻 أهيب بأرباب الحركة الإسلامية وأتباعها.. أن يقرؤوا هذه الآية ويتمعنوا فيها ويتأملوا جيدا .. فهم الآن مصاديقها كما كان بنو إسرائيل .....

17/07/2023
 #الحوار إنما يجب أن يكون معروفا بالنسبة للحوار، أنه يجري بتلقائية وعفوية، وهو من المسائل أو الأشياء التي نتعاطاها في حي...
09/07/2023

#الحوار

إنما يجب أن يكون معروفا بالنسبة للحوار، أنه يجري بتلقائية وعفوية، وهو من المسائل أو الأشياء التي نتعاطاها في حياتنا، تارة حسب الضرورة ، وتارة أخرى حسب الإختيار، وقد يتعلق بصغائر الأمور ، بالتوافه، فضلا عن أنه يلجؤ إليه، ويهرع إلى نتائجه، في حالة ما كانت هناك مهمات أو معظلات تحتاج إلى المداولة، كما أن الفصل فيها والحسم في نتائجها _ مع ملاحظة أن الحسم نسبي _ يتوقف على جمع الآراء، والإحاطة بالرؤى، وفحص الأفكار، أو قتلها، تشريحا وتفكيكا، لإستحصال القدر المقبول أو الممكن ، من الإجماع أو التوافق، لكن إذا ذهبنا إلى الحوار، في صورته الميتافيزيقية الذاتية، أو إبستيمولوجيا الحقيقة، التي نشأ في حضنهما، ونمى وترعرع برعايتهما، فإن كلامنا سوف يكون مختلفا، ومقاربتنا لن تكون أبدا من المعهود والدارج، لأن المتحاورين هنا أو الذين يتبادلان الكلام، قد ينطلقان من تأسيس حوارهما، على ما يبت فيه العقل، ويسمح به المنطق، وتستسيغه الرؤية اللاهوتية أو الدينية، وهذا بلا شك الذي زعمه ديكارت وكانط وهيجل، ووجهت إليه الرؤى الدينية، بمعنى : أن هناك ذاتا متعالية ومتمركزة، تقطف الأفكار الصافية، من شجرة الخلد، وتلقي بها في الوسط الوجودي، بحيث تصير هي في حد ذاتها كلمات وجودية، لا تحتاج أن يضاف إليها، أو يتحفظُ عليها، أو ينال منها في الحوار، كما أن هذا يرتبط إرتباط صميميا، بإبستيمولوجيا الحقيقة، حيث يرذل الخطؤ ، ويحذر من سوئ الظن ، ويتبرم بالتعثر، لكن الحوار، يخاض، أو ينهظ، ليس بعد فلاسفة الشك ؛ فرويد، وماركس، ونيتشه، بل في مساحة فلاسفة الإختلاف، أو رواد الجيونولوجيا، نيتشه، وفوكو، وديريدا، ودولوز، وجياني فاتيمو، بنفس آخر، وأسلوب مغاير، وأدوات مختلفة، حسب هذا النمط في التفكير، أو في ركابه وعلى سياقه، أن الحقيقة ليست قائمة هناك، ونحن نتحاور لنصل إليها، بل الحقيقة تبنى وتشكل، وتصير، فلذا فإن المتحاورين، لايختلفان ليتفقا، بل هاجس الإختلاف هو الذي يؤدي إلى الإتفاق، والتباعد هو الذي يؤدي إلى التقارب، والتنافر هو الذي يسوق إلى الإئتلاف ويفضي إليه، ولعل أين يقع التأزم تتصافح الذوات، وأين يقع التعثر، تكون الرغبة في الحوار مغتبطة، والخطؤ بلا تردد هو سيد الموقف، ذلك لأنه يخرج من السبات، ويقهر العادة، ويلتف على البداهة، وهو ما يلوي الذات نحو نفسها، ويجعلها تعنو لما ليس تملكه، وليس لها أن تملكه، فقط تتوتر لكن الحوار، يدفعها إلى إدمان الإختلاف، وهو الذي يفجر إمكانياتها، ويستخرج كنوزها المدفونة...

✒️ السيد محمد الفاضل حمادوش

  بقول   (عليه السلام)، في إحدى خطبه الواردة في   : 《 وقد علمتم موضعي من   ( صلى الله عليه ( وآله ) وسلم)، بالقرابة القر...
05/07/2023



بقول (عليه السلام)، في إحدى خطبه الواردة في : 《 وقد علمتم موضعي من ( صلى الله عليه ( وآله ) وسلم)، بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا ولد ، يضمني إلى صدره ، ويكنفني في فراشه ، ويُمُّسني جسده ، ويُشمني عرفه ، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه ، وما وجد لي كذبة في قول ، ولا خطلة في فعل . ولقد كنت اتبعه إتباع الفصيل أثر أمه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علمًا، ويأمرني بالإقتداء به. ولم يجمع بيت واحد يؤمئذٍ في الإسلام، غير ( صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ) و #خديجة ، وأنا ثالثهما ، أرى نور #الوحي و #الرسالة ، وأشمُّ ريح #النبوة ".

من عادات اللغة أنها تغلب الكاتب وتقهر فكره، وقد تقوده إلي حيث لا يريد ولا یرغب، وهي لما تنجز ، وتسوى على الورق، علامات يأخذ بعضها بأعناق بعض، وأسطرا تتوازا وتتابع، ثم تنغلق في نص ، وقد استوعب الفكرة، وتضمنت الرسالة، ولكنه قد انفصل عن المؤلف، وهجره وإلى الأبد ، ولكن ليخرج عليه ؛ وقد غدا أمام قارئ أو قراء ، لا يستهلكونه، إلاّ ليعيدوا بناءه، ويصرفوه إلا معان أخرى، ويقوده إلا أفكار مختلفة، وهكذا يتغير شكله ، ويتعدد محتواه، إلا مالا نهاية، أو بعدد القراء .

ترى على ضوء هذا ، من خلال هذا المعطى، كيف نتعامل مع نص الإمام علي ( عليه السلام ) ؟ أو كيف نقرؤه ونعالجه ؟ أو كيف نفسره ونؤوله؟ ، أكيد أن قراءه ليسوا سواء في الموهبة، ولا قرناء في العبقرية ، ولا أن تجاربهم، تتوازن وتتعادل ، وقبل هذا وبعده، أو بعيدا عنه، أن هناك إجتباء، تقع يده على إنسان فرد أو على نخبة، تكون محلا لهذا الإجتباء، وموضعا لتنزلات إلهاماته، فيقع الإلهام، ويحدث الفهم، أي يتم إنتهاك صورة العلم، وإختراق أغشيتها، ورفع حواجزها أو إزالتها، إنه التمثل الذي يعيه القلب قبل العقل ، باللغة الإسلامية، أو باللحن الإيماني، ولون العترة الطاهرة .

هنا في حجر الإمام علي، أو في مطاوي عقله ، وحبة قلبه ، اللغة تنقاد ، ولا تقاد، بل إن الكلمات أو العلامات التي تساق إليه ، وهو في غمرة الهم الفكري، أو في لجة المجابهة ، وحلبة المنافسة ، مشغوفا بمجاهدة تأويل القرآن، بعد أن جاهد طويلا على تنزيله ، لا يسع القول إلا أن يعنو له ، ويكون مفصلا على قدر فكره، وحسب إرادته، فلا ينتؤ فيه معنى زائد ، ولا مساحة حشو، كما أن خطابه ، يخلو من الثغارات، والشقوق، والأخاديد، كما هي عادة الكتابة عند المحدثين، وحسب البداهات التي تنبني عليها، إنه من فرط تمحضه للمعنى، أو للسماء، صار وكأنه فكر بدون لغة، وذكر بدون جسد، وشكر بدون لسان ، إن المعقول عنده إكتسح لامعقوله، وشغل مساحته ، وإن الدال عنده ، فاض بمدلوله، للمرة الأخيرة، ولم يستبقي للمدلول ما يشتغل عليه ، أو إلتهم مادته التي تصيره دالا آخر ، وعليه فكل ما تتحفظ عليه الميتافيزيقا، وتصونه بجسدها النسقي ، وتنكره بماهيتها وهويتها الفوقية ، التي ترذل الهوة بين الدال والمدلول، والحس واللاعقل، والمحايثة ، أو ما يقع الآن وهنا ، وهو ما تناوؤه عليها الجيونولوجيا، أو تقيم معها معركة من أجل تفكيكها وبيان عوارها، وتعديد نقائصها ، وتقديد عثراتها، قد أتى عليه الإمام علي من القاع ، فأبطل هاته الشطحات، وسكن هذه الرجات، وأسكت هذه التؤوهات.. سلام الله عليك يا إمامنا..

فتدبر

✒️ السيد محمد الفاضل حمادوش

Adresse

B 75 Cite 318 Logts Boulevard Larbi Ben M'hidi 05 Juillet 1962 Tinar Sétif Algérie, , عمارة رقم 75، حي 318 مسكن، جادة العربي بن المهيدي، 05 جويلية 1962، تينار، سطيف، الجزائر
Sétif
19027

Notifications

Soyez le premier à savoir et laissez-nous vous envoyer un courriel lorsque المعنى publie des nouvelles et des promotions. Votre adresse e-mail ne sera pas utilisée à d'autres fins, et vous pouvez vous désabonner à tout moment.

Contacter L'entreprise

Envoyer un message à المعنى:

Partager

Type



Tu pourrais aussi aimer