
13/08/2025
في صباح أحد أيام فبراير الباردة من عام 1927، كان المنطاد الضخم USS Los Angeles، أحد أضخم المناطيد الصلبة التي صنعها الإنسان حتى ذلك الحين، مربوطًا بهدوء في محطة الربط الجوية ببحيرة لاكهيرست، نيو جيرسي. بطول يصل إلى حوالي 200 متر، وكان يُعد قمة التقنية الجوية في عصره، حيث تم تصنيعه في ألمانيا ثم نقل للولايات المتحدة.
كانت الأجواء هادئة نسبيًا، والطاقم يقوم بأعمال الصيانة والتحضيرات المعتادة، عندما هبت فجأة عاصفة ريح شديدة، قوية ومفاجئة، جاءت من الجانب فجأة دون سابق إنذار. تلك الريح القوية أصا*بت الجانب الأيسر للمنطاد، مما أدى إلى رفع ذيله ببطء أولًا، ثم بسرعة متزايدة، حتى أصبح المنطاد واقفًا في وضع رأسي تقريبًا، وكأنه عمود فضي عملاق مكون من إطار معدني مغطى بالقماش، يشق السماء بأنفه نحو الأعلى.
داخل المنطاد، بدأت لحظات الر*عب والهلع، حيث حاول الطاقم التمسك بأي شيء حولهم للحفاظ على توازنهم، وسط اهتزازات الهيكل المعدني الكبير الذي بدأ يئن تحت الضغط الهائل الناتج عن التوترات والقوى الناتجة عن الوضع غير الطبيعي للمنطاد. لكن، وعلى الرغم من هذا الضغط، بقي الإطار الصلب متماسكًا، صامدًا رغم محاولات الرياح المد*مرة لسح*ق هذا العملاق الطائر.
على الأرض، لم يصدق الحاضرون أعينهم، فقد بدا المشهد كأنّه صورة فوتوغرافية معدة بعناية أو لقطة من فيلم خيال علمي. المنطاد الذي يُفترض أن يكون رقيقًا وضعيفًا في مواجهة الرياح، كان متوازنًا بشكل مذهل، معلقًا في الهواء في وضعية عمودية لمدة تقارب الدقيقة.
وبينما كان الجميع يترقب بفارغ الصبر، تغير اتجاه الرياح مجددًا، فبدأ ذيل المنطاد ينخفض تدريجيًا حتى عاد إلى وضعه الطبيعي، واستقر المنطاد مرة أخرى على الأرض بثبات. ولحسن الحظ، لم يُسجل أي إصا*بات أو خسائر بين أفراد الطاقم، الذين نجوا من هذه اللحظة المصيرية بأعجوبة.
التقطت هذه اللحظة المذهلة صور شهيرة خلدت الحدث، وأصبحت رمزًا لقوة التصميم الهندسي ومدى هشاشة التقنية أمام عواصف الطبيعة المفاجئة. القصة تذكرنا بأن حتى أروع الإنجازات البشرية يمكن أن تتحول في لحظة إلى اختبار للبقاء أمام صنع الله في الطبيعة، وأن الحظ إلى جانب الصبر والصمود يمكن أن يصنعوا المعجزات.