09/11/2024
مستقبل العلاقات الجزائرية-الفرنسية، مسألة الذاكرة التاريخية، الصراع في الصحراء الغربية
لقد أضفت فرنسا الطابع الرسمي على موقفها من #الصحراءالغربية ، على خطى الرئيس فاليري جيسكار ديستان الذي كانت لديه مواقف واضحة لا لبس فيها حول بانضمامه إلى التيار الاستعماري " الجزائر الفرنسية" ، حيث نشر قواته الجوية العسكرية في عام 1976 في مستعمرة كانت قد تخلت عنها إسبانيا في أيام فرانكو المنقضية.
واليوم، يجني الرئيس إيمانويل ماكرون المنافع الاقتصادية الناجمة عن التدخل العسكري والدبلوماسي لبلاده في منطقة من أفريقيا كانت تستكمل آنذاك عملية إنهاء الاستعمار.
ويأخذ هذا الجزء من أفريقيا الآن بعدًا استراتيجيًا جديدًا في قارة تعيد هيكلة نفسها باستمرار، يدفعها الرفض الاجتماعي والسياسي للقوى الاستعمارية السابقة، المسؤولة إلى حد كبير عن التخلف الاقتصادي وفساد النخب السياسية في أفريقيا.
فبالإضافة إلى انحياز إيمانويل ماكرون التام لأطروحات المغرب القائمة على الهيمنة، فقد التزم التزامًا قويًا بوضع أجهزته الدبلوماسية والمؤسساتية في خدمتها، وبالتالي فقد أعلن عن قطيعة مع سياسة التوازن التي انتهجها أسلافه منذ الرئيس فرانسوا ميتران.
وقد أعلن من الرباط أن هذا التغيير في موقف بلاده سيشجع البلدان الأوروبية والمتوسطية الأخرى على أن تحذو حذوه، كما سيعزز التكامل الإقليمي لشمال أفريقيا.
وقد أصبح يعتبر ثبات مواقف الجزائر الدبلوماسية بمثابة موقف معادٍ لمصالح فرنسا، بعد أن عجز عن التأثير على سياسات الجزائر في المغرب العربي وإفريقيا.
إن هذا الموقف الفرنسي، وهو موقف جديد من حيث الشكل، يمثل مرحلة جديدة من القطيعة في تاريخ علاقاتنا وينذر بفتور طويل في علاقاتنا التي اختزلت في السنوات الأخيرة في مسألة الهجرة وفي نقاش لا مستقبل له حول مسألة الذاكرة.
#الجزائر و #فرنسا : موقفان متضادان
مرة أخرى، لقد لحق بنا التاريخ. فموقف كل واحد منا سيادي من حيث المبدأ ومتعارض في الواقع الدبلوماسي، وهما موقفان مرتبطان ارتباطا وثيقا بعقيدة بلدين توارثا تاريخين أحدهما استعماري والآخر مناهض للاستعمار.
فمن الطبيعي أن يكون من السهل التوافق مع المغرب، الحليف التاريخي المخلص للغرب والتوسعي بالاقتداء بالتقاليد الغربية الخالصة.
غير أنه من الأسهل بكثير إقناع الجزائريين بأن التخلي عن الشعب الصحراوي وحقوقه المشروعة من شأنه أن يعزز التكامل الإقليمي، في حين أن تاريخ عملية التكامل في شمال أفريقيا بعد الاستقلال بأكمله استند إلى إجماع زرالدة في يونيو 1988, الذي أعيد التأكيد عليه في مراكش في شباط/فبراير 1989، والذي بموجبه فإن التسوية العادلة والدائمة للقضية الصحراوية هي وحدها التي ستساهم في خلق مناخ من الثقة المتبادلة وديناميكية التكامل المغاربي.
وفي وقتها، كرر رؤساء الدول المغاربية دعمهم لخطط التسوية المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.
في الواقع، نجد أنفسنا في وضع ليس بجديد من حيث التاريخ الدبلوماسي. فبعد انسحابها القسري من منطقة الساحل، احتاجت فرنسا إلى موطئ قدم استراتيجي جديد في شمال أفريقيا، وهو ما عرضه المغرب، البلد الذي يكاد يكون جزيرة بحد ذاته ولا حدود له مع منطقة الساحل، مقابل التزام دبلوماسي فرنسي تجاه الصحراء الغربية التي لا تمتلكها فرنسا.
وبالتالي يتوقع الرئيس ماكرون أن تقبل الجزائر بالأمر الواقع وتصبح جزءًا من المشروع الأورو-متوسطي الذي صُمم في الأصل للمساعدة في حل مسألة الشرق الأوسط وتعزيز الحوار بين الضفتين وبناء منطقة ازدهار مشترك، ليتحول إلى وسيلة تعويض لمن فشلوا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ومنصة مفتوحة دون أي تطلّع كبير لأعضاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وهكذا يتوقع ماكرون أن تقبل الجزائر بالأمر الواقع :
وبنفس الروح التي طُرِحَ بها الاتحاد من أجل المتوسط في عام 2008 نيكولا ساركوزي الذي وُلد ميتًا، بهدف إدماج تركيا وتأجيل طلبها الملحّ للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، كان من المتوقع أن تجد فيه إسرائيل أيضًا الإطار متعدد الأطراف الذي تفتقر إليه وفرصة لتطبيع علاقاتها مع دول جنوب المتوسط. واليوم، يجري التفكير في فكرة غامضة للتكامل الإقليمي لتمييع القضية الصحراوية.
وينبغي أن نتذكر أن ساركوزي هذا هو نفسه الذي افتعل واستغل ضد الجزائر مطلبًا جزائريًا خياليًا بـ”التوبة“ من فرنسا.
وفي الوقت الحالي، يقترح الرئيس ماكرون القيام بـ”لفتات“ حول قضية الذاكرة مع الجزائر، التي نجح بمساعدة اليمينيين الناقمين في تحويلها إلى محور النقاش السياسي والإعلامي الداخلي في فرنسا.
على كل واحد من البلدين أن يتكفل بتاريخه :
كان ينبغي أن تكون تصريحات ماكرون في سبتمبر 2021 حول الأمة الجزائرية التي قدمها على أنها نتاج ثانوي للاستعمار، وتعامله مع المجاهدين البواسل من محرري الجزائر الذين عوملوا على أنهم من مستأجري الذاكرة، كافية لإسقاط أهليته في مسألة الذاكرة.
ولا بد من القول إنه لقي آذانا صاغية في الجزائر أكثر مما لقي في فرنسا، إلى درجة أنه جعل الناس يتقبلون كتابة مشتركة للتاريخ كتجربة غير مسبوقة في ممارسة تجريبية لم يسبق لها مثيل في التاريخ، حيث وجد بعض الجزائريين في فضائل الذاكرة التاريخية ما يرضيهم.
إن تراثنا التاريخي لا يمكن أن يأتي إلا من العائلة التي نشأنا فيها والتعليم الذي تلقيناه والبلد الذي نعيش فيه.
لذلك يجب على كل واحد من البلدين أن يتكفل بتاريخه دون أن يجعل منه شرطا مسبقا لتطور العلاقات الإنسانية والاقتصادية بين الشعبين والدولتين.
عبد العزيز رحابي
Abdelaziz Rahabi, diplomate et ex-ministre algérien, livre son point de vue sur les dernières déclarations du président Macron sur le Sahara occidental.
▶️ L’article complet dans le premier commentaire