27/10/2024
شوق الفجر
نوفمبر... ملحمة الحرية والكرامة
إفتتاحبة كتبها ياسين مرزوقي
سبعون عاماً مضت على تلك الليلة المباركة، حين دوى صوت الحق في جبال الأوراس، يحمل بشرى الفجر لأمة أبت إلا أن تكون... سبعون عاماً تمرعلى صرخة الكرامة التي أيقظت في النفوس عزة الأجداد وشموخ التاريخ.
نوفمبر... يا أيها المجد المعتق في ذاكرة الشهداء.
أنت ذلك النور الذي أضاء دروب الحرية، وأنت تلك البسمة التي ارتسمت على شفاه الأمهات وهن يودعن فلذات أكبادهن إلى ساحات الوغى... أنت الأمل الذي تحول إلى يقين، والحلم الذي صار حقيقة بدماء الأبرار.
نوفمبر ليس مجرد تاريخ في سجل الزمن، بل هو عهد مقدس كُتب بمداد من نور وعزم.... عهد تناقلته الأجيال كوسام شرف، يذكرنا كل يوم أن الحرية لا تُوهب بل تُنتزع عنوة و نزالا، وأن الكرامة لا تُستجدى بل تُصان بالتضحيات الجسام.
في كل ركن من أركان هذا الوطن الشامخ، تتردد أصداء تلك الليلة المجيدة. وفي كل قطرة دم سالت على تراب الجزائر الطاهر، وفي كل دمعة أم ثكلى، و في صرخة كل موتور ساخظ على المستعمر، وفي كل بسمة طفل يحلم بغد مشرق، يتجدد العهد مع نوفمبر.
نوفمبر ليس ملكاً لجيل دون آخر، ولا لفئة دون أخرى. هو ميراث الأمة جمعاء، وأمانة في أعناق كل من يؤمن بأن الحق لا يموت، وأن الحرية أغلى ما يملك الإنسان... هو درس في التضحية والفداء، يعلمنا أن الأوطان لا تُبنى إلا بسواعد أبنائها المخلصين.
وإن كان نوفمبر قد مضى بأيامه، فإن روحه باقية تسري في عروق الأمة. تلك الروح التي نسميها الحرية والكرامة والعزة، وهي نبض الجزائر الخالد. وهي الأمانة التي نحملها لأجيال المستقبل، فنقول لهم: هذه جزائركم، حرة أبية، بناها الشهداء بدمائهم، فحافظوا عليها بعزمكم وإخلاصكم و تفانيكم في الذود عنها.
في هذه الذكرى العظيمة، نجدد العهد مع شهدائنا الأبرار، ونؤكد أن نوفمبر سيظل منارة تضيء دجى دربنا نحو المجد والرفعة. سيظل ملهماً لكل من يؤمن بأن الحق أقوى من الباطل، وأن إرادة الشعوب أقوى من كل القيود.
نوفمبر... نعم، سيعود في كل لحظة يحتاج فيها الوطن إلى أبنائه، وستبقى روحه خالدة في قلوب الجزائريين، تذكرهم دوماً بأنهم أبناء المجد، وأحفاد الشهداء.