21/12/2024
جمعية ( خويبون )
بقلم: دلاور زنكي.
بعد انهيار ثورة الشيخ سعيد بيران عام / 1925 / شرعت الحكومة التركية بممارسة سياسة الضغط والإكراه (التتريك). وبدأ منجل حقدها يحصد الأخضر واليابس بلا تمييز،. ثم بدأ عنفها الدموي يطال قتل الصغير قبل الكبير، وهمجيتها تدمر القرى والمدن الكردية بكل قسوة ووحشية، وتهافتت مذعورة على تجريد العشائر الكردية من كل أنواع الأسلحة، وتعتقل أفراد كل أسرة تجد في دارها قطعة سلاح، لترعب كل ساكن ومتحرك على مناطق كوردستان. لتشلّ كل مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، ومارست سياسة التهجير القسري ضد الكورد، فأبعدت مئات الآلاف من الكرد عن ديارهم ومناطقهم، وحولوا كُردستان إلى جحيم. وابتكرت أسلوب تسليح الموالين لها في القرى الموالية، واتخذت كافة إجراءاتها الأمنية لفرض السيطرة على المناطق الكوردية، عبر نقل الموظفين المحليين وتعيين البديل الموالي، وفرضت زيادة على نسبة الضرائب. ونتيجة لتلك الممارسات فرط شمل الأعضاء في الجمعيات السياسية والوطنية، والتجئوا إلى سوريا والعراق وأوروبا، ورغم تمادي الحكومة التركية في أساليبها القمعية، إلا أنها لم تستطع النيل من صمود وعنفوان الكورد، أو إضعاف إرادتهم القومية، أو ردع مظاهر طموحاتهم وأمانيهم المتعلقة بمستقبل كوردستان. فكانت تصلهم (وهم في ديار الغربة) أخبار الثورة التي كانت نيرانها تتقد في جبال جابكجور و فارقين و ساسون و آكري.
وأمام استمرار همجية الحكومة التركية دون توقف. تداعى الساسة والمثقفون وزعماء العشائر والشخصيات الاجتماعية (الذين لجئوا لخارج تركيا) للالتقاء في لبنان، وعقدوا اجتماعهم الأول في بيروت. فتلاقت آراءهم على البنود التالية:
ــ ضرورة انعقاد مؤتمر عام يجمع المنظمات الكردية من أجل دمجها وتوحيدها، وتشكيل حركة كُردية واحدة، ذات برنامج ومنهاج موحد، للسير وفق سياسة منهجية منظمة ومدروسة.
ــ إحداث مركز (موقع عام) لتأييد ومناصرة ثورة جبل آكري، واتخاذ القرارات والإجراءات المناسبة بشأنها، ومتابعة أحوالها السياسية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية .
ــ إنشاء جمعية سياسية تنهض بأعبائها (بكتمان شديد)، تناضل من أجل كُردستان مستقلة.
عقد المؤتمر العام يوم 5 / 10 / 1927 في بيروت (بحمدون) وفيه تأسست جمعية خويبون. ولم تكن جمعية خويبون تظهر عن أهدافها أو دستورها في وثائقها وكتاباتها أو منشوراتها. بل كانت تقدم خدماتها للأكراد بصمت، وتعمل تحت شعار: خويبون جمعية قومية كوردية.
تشكلت الجمعية وقررت ما يلي:
1 ــ إلغاء جميع المنظمات الكردية الموجودة. وصياغة تنظيم كوردي جديد يضم جميع الأعضاء السابقين، مع إبقاء الباب مشرعاً لاستقبال أعضاء جدد .
2 ــ إطالة فترة الحرب الثورية الموجهة ضد الحكومة التركية، والاستمرار حتى لا يبقى موقع قدم لأي جندي تركي فوق أرض كُردستان .
3 ــ يتوجب (قبل إشعال فتيل الثورة العامة والشاملة) مراعاة ما يلي:
أ ــ تبيان العشائر الكردية وتعيين قائد عام لها .
ب ــ تسليح المحاربين (الجنود والضباط) بأفضل أنواع الأسلحة.
ج ــ إنشاء معقل محصن للقيادات العليا في أحد الجبال العالية في كُردستان، وتسمية قائد عام للثورة .
4 ــ إنشاء علاقات وروابط أخوية وصلاتٍ متينة مع الدولة الإيرانية والشعب الفارسي .
5 ــ إنشاء علاقات حسنة مع الحكومة السورية والحكومة العراقية.
باشرت جمعية خويبون أعمالها القومية، فأقامت العلاقات برؤساء العشائر، والسياسيين، والأسر الكردية الكبيرة، في داخل البلاد ليكون الجميع متأهبين لخوض المعركة .
وسعت خويبون رقعة أعمالها النضالية يوماً بعد يوم، وتمت الاتصالات مع الكرد المقيمين خارج البلاد. فازداد عدد أعضاءها في جميع أنحاء كُردستان، وفي أمريكا وأوروبا. كما أنشأت علاقات راسخة مع الكرد في كل أجزاء كُردستان.
دور جمعية خويبون (في المجال العسكري):
في واقع الحال لا يمكن الفصل بين منتسبي جمعية خويبون وثوار آكري (آرارات). فالجانبان عملا معاً (كلٌّ يُكمل الآخر) لهدف واحد، فتأجيج نار الثورة طوال أعوام /1927 ــ 1930/ واستمرارها كان بفضل جهود أعضاء جمعية خويبون المعنوية والمادية والسياسية.
ثورة آكري ( آرارات ):
عيّن الجنرال إحسان نوري باشا قائداً عاماً للثورة، وأُرِسِلَت إليه الراية الكوردية، وشعار جمعية خويبون، ليتخذهما رمزاً لضباطه وجنوده، على ميادين المعارك في جبال ووديان وسهول آكري، وكُلِّف إبراهيم باشا هسكي تيلي (برو هسكي) مديراً للشئون والأعمال المدنية خلال الثورة. كثف الثوار انتشارهم على رقعة واسعة خلال المعارك، فاحتلوا جبل آكري الكبير، و آكري الصغير، ثم احتلوا مناطق تورباخ، و كلهي، و تنديروك، و آلداغ، و مليج، و كيرك، و إيرهَبَش، و زيلان، و أياغا، و باركير، و ديادين.
الإعداد لثورة ( كُردستان الغربية ) نحو الشمال ( كُردستان الشمالية):
عشية يوم 4 / 8 / 1930 وبعد مداولات مستفيضة حول شأن ثورة آكري، ولتفعيل الزخم لإنجاحها بالسرعة الممكنة، اتخذ أعضاء جمعية خويبون قرارهم بفتح جبهة مساندة لها، تنطلق من كُردستان الغربية نحو الشمال لتحرر الأراضي التي أمامها حتى الالتقاء مع الثوار في أكري. وأعدت الخطة لتبدأ من جرابلس على نهر الفرات وتنتهي في عين ديوار على نهر دجلة، تنطلق معاً من / 6 / محاور (جبهات) يقودها أعضاء من خويبون كالتالي:
1 ــ محور منطقة كوباني (عين العرب) بقيادة العم أوصمان صبري، وقوات المحور بإمرة الشقيقين بوزان شاهين بك، وأخيه مصطفى بك رئيسي عشائر البرازية، والمهمة توجيه الجميع إلى أورْفه ومرعش، بإشراف العم أوصمان صبري للوصول إلى أراضي عشائر المرديسان .
2 ــ محور منطقة سري كانيه (رأس العين) بقيادة محمد بك بن ابراهيم باشا المِلّي، والمهمة توجهه إلى ويران شهر .
3 ــ محور منطقة دربيسيه بقيادة الشقيقين أكرم بك جميل باشا وأخيه قدري، والمهمة توجهه إلى ناحية ماردين .
4 ــ محور تربه سبيه بقيادة حاجو آغا رئيس عشيرة هفيركا، والمهمة توجهه إلى أراضي منطقة هفيركان .
5 ــ محور ديركي بقيادة جلادت بدرخان، بمساعدة كل من محمد بك بن جميل باشا، رسول آغا رئيس عشيرة زيلان، وعدد من زعماء مناطق بوتان .
6 ــ محور تل شعير بقيادة جميل سيدا، بمساعدة صلاح الدين وأخيه "أبناء عم الشيخ سعيد بيران"، وينطلق التحرك من منطقة نصيبين.
للتنويه: لم ينفذ أعضاء خويبون خطة هذه الثورة .!؟
جمعية خويبون ( نشاطاتها السياسية والاجتماعية والثقافية ):
إضافة لدعم ثورة آكري عسكرياً ولوجستياً، كانت غاية خويبون إثارة انتباه الرأي العام العالمي، وجذب الأنظار إلى وضع الكرد في كُردستان، إضافة لتلك الخدمات الكبيرة التي حمل أعباءها أعضاء جمعية خويبون، وتطبيقاً للفقرة / 17 / من دستور الجمعية. فقد أوصت خويبون الكتاب والشعراء والمطربين والمنشدين القيام بأداء دورهم الإعلامي، بتوعية أبناء الشعب الكوردي، وتنويرهم عبر إثارة مشاعرهم وعواطفهم تجاه الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها الأعداء بحق الكورد، وبث روح الحمية في نفوسهم. وعن ذلك يقول الكاتب روهات آلاكون: {..هي المرة الأولى التي تعتمد مؤسسة كُردية على الفولكلور والنشاط الأدبي في نضالها القومي}. إضافة لتلك النشاطات فقد أصدرت خويبون مجموعة كتب بلغات كُردية وعربية وتركية وفرنسية وانكليزية، وأثناء ثورة آكري أصدرت صحيفة كُردية باسم آكري. ونشرت أحدى أعدادها نشيد الثورة العسكري، المؤلف من / 9 / مقاطع، وكانت الصحيفة توزع في داخل البلاد وخارجها، وكلمات النشيد:
آكري قد كنت ناراً.
كنت دوماً شامخ الهامة.
كنت مشعلاً فوق كُردستان .
اتقد يا آكري .. اتقد يا آكري.
كانت الجمعية خلال الثورة تنشط بإصدار المنشورات والبيانات، لتأجيج الشعور القومي عند الكرد. وقد كلفت الشيخ عبد الرحيم كارسي بالتوجه إلى ميادين الثورة (في الشمال), واستشهد خلال تأدية واجبه القومي . وبسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة لكرد الجزيرة، عقدت خويبون بتاريخ 24 / 9 / 1932 اجتماعاً خاصَّاً لدراسة الحالة، لمؤازرة الفقراء والمساكين لأكراد الجزيرة. كما أقامت علاقات مميزة مع حزب هيوا (كورد العراق). وقررت تأسيس نادي (جوان كُرد) في مدينة عامودا صيف عام / 1935 /. ولدعم القضية الكردية افتتحت إذاعة كُردية في بيروت يوم 5 / 3 / 1941 بإدارة الدكتور كاميران بدرخان الذي كان يشارك في بث القسم الكردي من إذاعة الشرق الأوسط في بيروت، وكان البرنامج يذاع في الأسبوع مرتين / يومي الأربعاء والجمعة /. ومن جهة أخرى فالجمعية جددت ورسخت علاقاتها مع الملا مصطفى البارزاني، وأثناء حركته الثورية خلال الفترة بين أعوام / 1943 ــ 1945 / أرسلت الجمعية العلم الكردي (بألوانه المعروفة) إليه ليرفرف على ذرى جبال كردستان. وفي عام / 1945 / توجهت جمعية خويبون وبمشاركة حزب هيوا، بتقرير إلى مؤتمر سان فرانسيسكو يطلبون فيه مناصرة أعضاء المؤتمر ودعمهم للحقوق الكوردية. وأرسلت الجمعية ممثلها قدري جميل باشا في عام /1946/ إلى مهاباد للمباركة لتقديم التهاني بقيام جمهورية كوردستان.
الأعضاء المؤسسون لجمعية خويبون:
جلادت بدرخان ــ علي رضا (نجل الشيخ سعيد بيران) ــ الدكتور شكري محمد سكفان ــ حاجو آغا ــ بوزان شاهين بك (رئيس عشيرة برازان) ــ مصطفى شاهين بك ــ امين أحمد (رئيس عشيرة رِمّا) ــ المفكر ممدوح سليم ــ بدرالدين آغا حبسبني ــ توفيق جميل ــ فهمي لجي (كاتب الشيخ سعيد) ــ ملا أحمد شوزي ــ فَقَهْ عبد الإله الجزيري ــ كامل أفندي ــ كريم أفندي. هؤلاء كانوا أعضاء اللجنة المركزية، باستثناء فقه عبد الإله الجزيري وملا أحمد شوزي. أما الأعضـاء الذين سـاهموا في تأسيـس وترسـيخ دعائم جمعية خويبون، في غربي كُردستان (كردستان سوريا)، أي المناطق المسماة تحت الخط الحديدي (Bin xet) وهم: جلادت بدرخان ــ كاميران بدرخان ــ خليل بك بدرخان ــ ثريا بدرخان ــ الشيخ عبد الرحمن كارسي ــ الدكتور أحمد نافذ ــ نورالدين ظاظا ــ حاجو آغا ــ قدري جميل ــ أكرم جميل باشا ــ حمزة بك مكسي ــ الدكتور نوري درسيمي ــ شوكت زلفي بك ــ أمين بروسكى ــ الشيخ عبد الرحمن ــ محمد مهدي ــ طاهر (شقيق الشيخ سعيد) ــ عبد الرحمن علي يونس ــ عارف عباس ــ ممدوح سليم ــ توفيق جميل ــ أوصمان صبري ــ جميل سيدا ــ قدري جان ــ رشيد كُرد ــ حسن هشيار ــ جكرخوين ــ أحمد نامي ...الخ. ومن غرب كوردستان: محمد علي شيخموس (شويش) ــ سعيد آغا ــ عبدي تيلو ــ حاجي عبد الكريم ــ ملا صادق ــ ملا علي (توبز) ــ الدكتور خالد قوطرش ــ أوسي حرسان ــ ابراهيم قجو ــ سيدايي تيريز ــ أوصمان آلوسي ــ علي عمر ...الخ.
كان للبدرخانيين دوراً هاماً في مسيرة جمعية خويبون، فبقيادتهم كانت تتحرك، فقد كان جلادت بدرخان وهو أحد أبرز المؤسسين الأوائل للجمعية، فقد أدار شئونها بحكمة وروية بالغة في ظروفها تأسيسها الصعبة، حين كان رئيساً للجمعية خلال الأعوام / 1927 ــ 1932 /، ويؤكد عدد من الباحثين أمثال باسيل نيكيتين، و أ. ك الفانيستون، وأرهارت فرانز، ونظمي سفكن، الذين ذكروا دوره الايجابي في أبحاثهم وكتبهم بصفته رئيساً لجمعية خويبون . فلقد كان جلادت بدرخان يقوم بدور المشرف والمعد لطباعة ونشر منشورات جمعية خويبون. وخليل بك بدرخان إلى جانب عضويته في جمعية خويبون في بيروت، كان يقوم بتأدية كافة الأعمال التي توكل إليه لصالح الجمعية. بينما كان الدكتور كاميران بدرخان موجهاً للأعمال في جمعية خويبون، إلى جانب كونه المسئول عن الأمور المالية، وإضافة لتلك المهام كان قد افتتح محطة إذاعية في بيروت وعمل فيها معداً ومذيعاً للبرامج التي كانت تبث اللغة الكوردية. أما ثريا بدرخان فكان سفير الجمعية والمكلف من قبل الجمعية بالسفر إلى دول أوروبا وأمريكا، لتأسيس فروع للجمعية فيها لجمع شمل الكورد، وجمع التبرعات من المغتربين لتفعيل نشاطات الجمعية وفروعها في الداخل والخارج. فقد زار إيطاليا ومكث فيها / 15 / يوماً التقى خلالها بموسوليني، ثم غادرها إلى اليونان، ومنها إلى أمريكا.
بعد انهيار ثورة آكري وإخفاق أعمالها المسلحة، لجأ جلادت بدرخان وبعض رفاقه إلى العمل الثقافي وخدمة اللغة الكردية، فأصدر مع شقيقه الدكتور كاميران بعض الصحف والمجلات في سوريا وبيروت، مثل: هاوار، و روناهي، و روزا نو، و ستير، وألفا ونشرا كتبا تعنى باللغة الكردية والثقافة الكردية والأدب الشعبي (الفولكلور) والتاريخ.
ظهـرت خلافات وخصـومات كثيـرة بين الأعضاء المؤسسين لجمعية خويبون، فعـندما تقرر مهاجمة الدولة التركية من غربي كُردستان نكث الكثيرون من رؤساء عشائر الكرد وزعماءهم بوعودهم، وكان ذاك التراجع عن العهد سبباً لفقدان ثقة أعضاء الجمعية، بالأطراف التي تعهدت في تنفيذ خطة الثورة من كُردستان سوريا ثم خالفت العهد. فبعد إخفاق الثورة وانهيار الحركة التحررية، اشتدت الخلافات لتتحول إلى نزاعات بين الأعضاء، وقد سارع بعضهم إلى اعتزال العمل في الجمعية وعن أداء التزاماته القومية .
كانت الحكومة التركية تسعى بكل جهدها وقوتها للإطاحة بجمعية خويبون وإزالتها، واستخدمت في سبيل هذا السعي أساليب الإغراء، فأصدرت العفو العام عن المشاركين في ثورة آكري. مستهدفة من وراء قانون العفو، تمزيق وحدة صف أعضاء جمعية خويبون، وقد حدث بعد صدور العفو أن تخلى بعض الأعضاء عن عضويتهم في الجمعية، مثل علي رضا، وأمين بريخاني في عام /1928/، بينما اعتزل عن الجمعية شكري سكبان فيما بعد. ومما لا شك فيه أن هذه القطيعة التي مارسها الأعضاء أثرت على الروح المعنوية لأعضاء خويبون. فبدأ الإحباط يتسلل داخل نفسية الأعضاء يوماً بعد يوم، ولا سيما بعد استغناء الجمعية عن خدمات الدكتور كاميران بدرخان، فاضطر جلادت بدرخان (شقيق الدكتور كاميران) أن يترك العمل مع الجمعية، لتصل جمعية خويبون إلى حالة من اليأس والقنوط والضعف. إضافة لذلك تفاقم الخلاف بين الأعضاء حول اعتراض بعض الأعضاء على وجود ممثل حزب الطاشناق ألأرمني كعضو في اللجنة المركزية للجمعية، حسب البند / 8 / من المعاهدة المؤلفة من / 19 / والمبرمة بين الكرد والأرمن، وأسباب الاعتراض هو التخوف من تدل الطاشناق في العمل الداخلي للشأن الكردي، ومن الأعضاء المعترضين: ممدوح سليم، والشيخ عبد الرحمن كارسي و أوصمان صبري، وأيدهم أبناء جميل باشا. إلى جانب ذلك كانت النزاعات الشخصية مستمرة حول زعامة الجمعية بين العائلتين، البدرخانية وأبناء جميل باشا. فلقد أتت على أعضاء جمعية خويبون أيام وسنوات مليئة بنكث العهود، وغدر الأصدقاء، ومكائد الأعداء. وإلى سلسلة من عمليات السلب والنهب والبطش والدماء والقتل والخراب والدمار، والإبادة الجماعية، والنفي ألقسري في أجواء مجتمعات كُردية يخيم عليها الجهل (كل ذلك من جهة). ومن جهة أخرى مرَّوا بمراحل مشرفة، مفعمة بالبطولة، والانتفاضة، والصدق الكفاح، والإخلاص والوفاء لوطنهم كردستان.
والمؤسف أن الكرد (أنفسهم) كانوا سبب هزائمهم المنكرة مراراً وتكراراً، ولم يأخذوا من الماضي العبر والدروس، ولم يتعلموا من الأحداث المؤلمة التي ألمّت بالكرد وكردستان، فلا زالوا سائرين لا يبالون بأخطائهم، ولا يفكرون في تصحيحها. فمن الأخطاء الفادحة مع بداية انتفاضة (ثورة آكري) أن الكرد ارتبطوا بأنظمة تقاسمت أجزاء كُردستان واعتمدوا على دعمها لهم وخاصة إيران. فلولا العلاقة التآمرية الخفية بين الدول المتقاسمة لكردستان وتجاورها، لما استطاع الترك زعزعة نشاط وعمل جمعية خويبون الكردية السياسية. وعليه فكان من الضروري وقبل إشعال فتيل الثورة، التأهب والاستعداد التام واختيار الزمان المناسب، وتعبئة الجماهير وإشراكهم بالثورة، وإيجاد مصادر إمداد دائمة لإنجاح الانتفاضة .
ولعلَّ جُلُّ الذين ساهموا في تأسيس جمعية خويبون، من رؤساء العشائر، والبكوات، والمشايخ ورجال الدين (الملالي)، والبرجوازيين الصغار، ممن كانوا يأملون عبر الجمعية أن ينالوا مآربهم، فلم تتحقق آمالهم عبرها، ولم تعد الثورة مصدر للمنافع لهم، لذلك أداروا لها ظهورهم. وهكذا فإن القيادات الدينية والبرجوازية والعشائرية لم تستطيع إحراز أية مكاسب قومية للكرد. وما يزال الواقع الكردي (حتى يومنا هذا) مرآة لتلك الأيام الماضية .
المراجع:
ــ ( آلاكوم )، روهات ــ خويبون وثورة آكري ــ ترجمة ونشر: رابطة كاوا للثقافة الكردية، بيروت ــ ط1 عام 2001.
-مذكرات احسان نوري باشا.ترجمة: صلاح برواري. دمشق.
-مذكرات ملا احمد شوزي –مخطوطة- باللغة الكردية. من ارشيف سعيد شوزي.
-مذكرات حسن هشيار-مخطوطة- باللغة الكردية. من ارشيف حسن هشيار.
-مجلة هاوار (1-57). جلادت بدرخان. دمشق. 1932-1943م.
-مجلة آكاهي، حسن هشيار. (1-19)، قامشلي. من ارشيف حسن هشيار.