27/12/2024
بعد وفاة سيدنا رضي الله عنه، نشبَ أول خلاف كبير في الأمة الإسلامية، حيث انقسم الناس إلى فريقين: الأول كان يسعى للقصاص من قتلة سيدنا عثمان، بقيادة سيدنا معاوية رضي الله عنه، بينما كان الفريق الآخر يرى ضرورة التريث في المطالبة بالقصاص والاهتمام أولًا بتوحيد الصفوف وبناء الدولة الإسلامية في تلك الفترة الصعبة، وكان هذا هو موقف سيدنا علي رضي الله عنه.
لقد كانت كل وجهة نظر في تلك الفترة تستند إلى مبدأ صحيح؛ فالقصاص من القتلة يحافظ على هيبة الدولة ويؤكد على مبدأ العدالة، في حين أن التريث والاهتمام ببناء الدولة يعزز من وحدتها وقوتها لمواجهة التحديات.
واليوم، وفي ظل ما تشهده بلادنا من ظروف صعبة بعد التخلص من نظام مستبد، نجد أنفسنا أمام مواقف مشابهة. هناك اختلاف في وجهات النظر حول كيفية التعامل مع التحديات الراهنة. لكن يجب أن نتبنى نظرة بعيدة المدى، تضع في اعتبارها مصلحة الأمة ككل، وخاصة في مواجهة أعدائنا المتربصين.
اليوم، من الأجدر أن نتبنى حكمة سيدنا علي رضي الله عنه في التريث والتوحد، والعمل على تقوية دولتنا قبل كل شيء، مع التأكيد على أن العدالة ستتحقق يومًا ما عبر القانون، وليس وفقًا للأهواء. لا نقصد العفو عن المجرمين، بل نقصد ضمان تحقيق العدالة في إطار من الوحدة والاستقرار، ليتمكن الجميع من البناء معًا في سبيل مصلحة الأمة.