20/12/2024
صيدنايا: الجحيم السوري
عُلا محفوظ ويوسف كنجو
تحذير: يحتوي هذا النص على وصف للعنف الجسدي والنفسي.
”لو لم يكن هناك سبب آخر للثورة في سوريا ضد النظام إلا سجن صيدنايا لكفى"، هكذا قال بعض السوريين عندما عُرضت صور وفيديوهات من سجن صيدنايا بعد سقوط الأسد في 8 ديسمبر من هذا العام. ما هو تاريخ هذا السجن ولماذا وصفته منظمة العفو الدولية بأنه ”مسلخ بشري“؟ ولماذا أطلق عليه الشعب السوري اسم ”السجن الأحمر“، وكيف نشر نظام الأسد معلومات عن أساليب التعذيب لإرهاب الشعب السوري؟
التأسيس والموقع
تأسس سجن صيدنايا العسكري في عام 1987 في عهد حافظ الأسد، والد الرئيس المخلوع بشار الأسد. ويقع على بعد 30 كيلومتراً شمال دمشق في منطقة جبلية بالقرب من بلدة صيدنايا ذات الأغلبية المسيحية المعروفة بأديرتها التاريخية. تم تصميم السجن من قبل شركة هندسية سوفيتية كمنشأة شديدة الحراسة بعيداً عن المدن. كان مخصصاً في الأصل للسجناء العسكريين، لكنه سرعان ما أصبح مركزاً لاحتجاز المعارضين السياسيين والإسلاميين، خاصة بعد الاشتباكات التي وقعت في الثمانينيات بين النظام والإخوان المسلمين. وكان جزءاً أساسياً من استراتيجية النظام لتعزيز سلطة السلطات الأمنية والعسكرية. للمزيد من المعلومات:
forensic-architecture | saydnaya
قبل الثورة (1987 إلى 2011)
قبل عام 2011، كانت هناك العديد من التقارير التي تفيد بوقوع انتهاكات داخل السجن، بما في ذلك التعذيب والإعدامات وحالات الاختفاء القسري. في عام 2008، اندلعت انتفاضة داخل السجن، وقمعتها السلطات بوحشية، مما أدى إلى وفاة العديد من السجناء. عُرف أحد مباني السجن باسم” السجن الأحمر “بسبب تلطخ جدرانه بدماء القتلى.
خلال الثورة السورية (2011 إلى 2024)
مع اندلاع الثورة السورية في عام 2011، ازداد دور سجن صيدنايا كأداة قمع من قبل النظام. ومنذ ذلك الحين، أفادت التقارير أن أكثر من 30,000 شخص تم احتجازهم في السجن، معظمهم من المعارضين السياسيين أو المدنيين المتهمين بمعارضة النظام. المزيد من المعلومات:
SPIEGEL | Amnesty wirft Syrien Massenhinrichtungen vor
تقرير منظمة العفو الدولية
في تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية عام 2017 بعنوان ”مسلخ بشري“، وصفت السجن بأنه مركز للإعدامات الجماعية والتعذيب المنهجي. ففي الفترة بين عامي 2011 و2015، أُعدم 13,000 شخصاً بعد محاكمات صورية لم تدم سوى بضع دقائق. وقد حُرم السجناء من الطعام والرعاية الطبية، مما أدى إلى وفيات يومية.
Amnesty | Human Slaughter House
صور قيصر
في عام 2014، فرّ منشق سوري أطلق على نفسه اسم ”قيصر“ من سوريا ومعه أكثر من 55,000 صورة توثق جثث حوالي 11,000 ضحية قتلوا تحت التعذيب في السجون السورية، بما في ذلك صيدنايا. قدم قيصر هذه الصور إلى الكونغرس الأمريكي، حيث عرضها خلال جلسة استماع حول الانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري. ساهمت هذه الصور في الضغط الدولي الذي أدى إلى إقرار ما يسمى بقانون قيصر لحماية المدنيين السوريين وفرض عقوبات على النظام. للمزيد من المعلومات:
hrw | Die Geschichten hinter den Fotos getöteter Gefangener
شهادة أحد الضحايا
تحدث مازن حمادة، أحد الناجين من التعذيب في سجن صيدنايا، عن سوء المعاملة القاسية والظروف غير الإنسانية التي أدت إلى وفاة العديد من السجناء. أصبح فيما بعد شاهدًا رئيسيًا على جرائم النظام في أوروبا. عاد إلى دمشق في عام 2020 في ظروف غامضة، ويقال إنه عاد بعد تهديدات طالت عائلته. وبعد سقوط النظام، عُثر على جثته وعلى جسده آثار تعذيب شديدة. تم تشييع جنازته في دمشق في 12 ديسمبر 2024. للمزيد من المعلومات:
BR | Syriens Grauen
أساليب التعذيب والجرائم القاسية
تم توثيق العديد من أساليب التعذيب الجسدي والنفسي. على سبيل المثال، كان السجناء يُحرمون من الطعام والماء، حتى أن العديد منهم كانوا يشربون بولهم من أجل البقاء على قيد الحياة. واستُخدم الاغتصاب والتهديد بالاغتصاب لإجبار السجناء على الاعتراف أو إذلالهم. في عام 2017، كشفت الحكومة الأمريكية عن وجود محارق في السجن للتخلص من جثث السجناء الذين يُقتلون يوميًا. وقد تم دمج هذه المحارق في المبنى منذ عام 2013. وللتخلص من الجثث، أنشأ النظام غرفًا مملوءة بالملح لحفظ الجثث قبل دفنها في مقابر جماعية. للمزيد من المعلومات من منظمة العفو الدولية عن صيدنايا:
Amnesty | About Sadnaya
أول محاكمة حول التعذيب في سوريا
في أبريل/نيسان 2020، بدأت في ألمانيا أول محاكمة في العالم بشأن التعذيب في سوريا ضد اثنين من المسؤولين السابقين في نظام الأسد.
وحُكم على أنور ر. بالسجن المؤبد في يناير 2022 بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك التعذيب والقتل.
وحُكم على إياد ع. بالسجن أربع سنوات ونصف السنة بتهمة المساعدة في التعذيب والتحريض عليه في فبراير 2021.
ولعبت شهادات 29 من الناجين وتقارير منظمات حقوق الإنسان دورًا محوريًا في هذه القضية. للمزيد من المعلومات من
المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان عن محاكمة الدولة لممارسة التعذيب في سوريا:
ECCHR | Prozess Staatsfolter in Syrien
نهاية هذا الرعب
بعد سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، تم الكشف عن فظائع جديدة في سجن صيدنايا. اكتشفت قوات المعارضة غرفًا وأقبية سرية لم تكن معروفة من قبل. وتم العثور على آلات كانت تُستخدم لهرس الجثث بعد الموت. تجمع الآلاف من السوريين خارج السجن للبحث عن أحبائهم المفقودين. كان معظم الناجين من السجن مصابين بتشوهات نفسية وجسدية أو فقدوا عقولهم. يقول بعض السوريين أن سجن صيدنايا لم يكن مجرد مركز اعتقال، بل كان معسكرًا للموت ومصنعًا لتدمير الكرامة الإنسانية. قد يفتح سقوط نظام الأسد الطريق أمام العدالة.
newarab sadnaya prison
إرث مظلم ومطالب بالعدالة
أصبح نظام الأسد الأب والابن موضوعًا لأدب السجون الذي يعكس مآسي القهر والألم والظلم والاستبداد. نُشرت العديد من الكتب على الصعيد الدولي. من بينها كتاب القوقعة لمصطفى خليفة، الذي تُرجم إلى الألمانية. للمزيد عن الكتاب:
www.tuenews.de
سجن صيدنايا في سوريا. الصورة: tuenews INATIONAL / محمد كمال.
#صيدنايا