29/09/2011
فتاوى بطعم الدم .. محمد العمراني
كل شيء في حياتنا أصبح قابلا للتجارة ,, الأخلاق والدين أيضا ,, يشترون بآيات الله ثمنا قليلا ,,
أسوأ مافي الحياة منافق عليم اللسان يجادل بالقرآن ,, يغتصبون نصوص الدين كمن يغتصب طفلة ,, ويجبرونها على الكفر ,, يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وماهو من الكتاب ,,,,
لم أعد أفهم ,,, كيف يهدمون الكعبة حجرا حجرا ,, حين ينتهكون صرح الشريعة في أقدس مقدساتها ,, الدم ,, وهل جاءت الشريعة الا لكي تحمي الدم ,, يتحدثون عن قدسية الحاكم ,, و يهربون من قدسية الدم ,,, يرتلون أحاديث قطع السبيل ثم يقطعون أوصالنا من وراء قاطع طريق ,, , صحيح ماقالو ,, فنحن قطعنا الطريق ,, ولكنهم لم يقولو أي طريق قد قطعنا ,,
يظل علماء الشريعة – ان جاز لنا أن نسميهم بهذا – عبر التاريخ ,, هم من يكفرون بالدين عمليا ,, ويدعون الى اللادينية حين يحرفون الكلم عن مواضعه ,, , وهل قامت اللادينية أساسا في أوروبا ,, بل وفي كل التاريخ ,, الا حين حرف رجال الكنيسة والقساوسة نصوص التواراة والأنجيل وجعلوا منها مصدرا من مصادر الأرتزاق وسببا لقمع الخلق باسم الله ,,, من هم إذن دعاة على أبواب جهنم من أجابهم اليها قذفوه فيها ,,,
يقول صاحب كتاب معالم تاريخ الأنسانية " ولقد بلغ من جرأة الكتاب المشككين أن أنكروا إمكان أن يسوع يسمى مسيحيا على الأطلاق " ,, بل إنهم تطاولو على الله ,, وفرو الى إله الطبيعة الجميل ,, هربا من سطوة إله الكنيسة الطاغي الحقود الذي يفرض تلك القوانين التي تقطع طريق البشرية نحو العلم والنور ,,,,
أعلم أنه لامقارنة هنا بيننا وبينهم ,, فنحن لدينا القرآن ,, وهو النص الوحيد الثابت عن الله بلغته بين كل الكتب المقدسة فهو محفوظ من الله ,, أما الكتب السابقة ,, فاستحفظ الله الأحبار والرهبان ,, ولكنهم خانو وديعة الله ,,,
لكني أتناول أهم الأسباب التي تصرف الناس عن التدين ,, وهي تحريف النص ,, وهي هنا تأتي واضحة ليست عبر النص ,, ولكن عبر فهم وتطبيق النص ,,, وهي عملية شديدة البشاعة والقبح ,, استحقت أن يكون صاحبها ممن تسعر بهم النار ,,,
قبل أيام كنت أريد أن أتناول هذه الظاهرة من خلال دراسة للمجتمع السعودي ,, وأقصد بالظاهرة ,, ظاهرة العلماء وتعاطيهم مع الأمة ,,, كنت أسأل نفسي مثلا ,, بالرغم من أن الأغاني حرام بالاجماع في السعودية ,, الا أن الشباب السعودي من أكثر الشباب العربي هوسا بالأغنية ,, بل إن كل شركات الأنتاج الفني تحاول ضبط حفلاتها واصداراتها الفنية بما يتناسب مع الأجازات السعودية ,, فهم الأكثر حضورا ,, وحين يقرر الشباب السعودي مقاطعة أي حفلة فستكون بالتاكيد حفلة فاشلة ,,,
يحرمون الربا ولا يتحدثون عن مليارات الريالات تدير أكبر نوادي القمار والعهر في الدنيا والتي لو استثمرت في المنطقة العربية لقضت على ظاهرة البطالة نهائيا ,,,
سيحاضرونك كثيرا عن العلمانية اللعينة التي تجعل الدين محصورا في زوايا ضيقة ,, فالدين يشمل كل الحياة ,, وهم صادقون لاشك ,, لكنهم عمليا لايفعلون الا من رحم ربي ,,
لايفهم الناس كيف أن المفتي يقول أن دخول المرأة في المجالس البلدية ومجلس الشورى فيه مخالفة للشريعة ,, ثم حين يقرر الملك دخولها يعود ذات المفتي ويقول " قرارات حكيمة نسأل الله لها التوفيق " ويقول "إن مما منّ الله تعالى به على هذه البلاد المملكة العربية السعودية قيامها على الكتاب والسنة منهجاً وتحكيماً وتشريعاً وتنظيماً تجلى في قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - بإشراك المرأة السعودية عضواً في مجلس الشورى والتمكين لها في الانتخابات البلدية",,,,, ولهذا تفقد هذه المؤسسات الدينية مصداقيتها وتتحول الى مجرد موظف عند السلطة التنفيذية يجمع الأدلة ليبرر له الفعل سواء كان حقا أم غير ذلك ,,, لماذا أتحدث عن المؤسسة سيئة الصيت هناك ,, لسبب بسيط أن معظم الذين وقفوا يناجزوننا في الميدان ثم انتهو الى هذه الفتوى هم أساسا من رحم هذه المؤسسة .
هذه ليست دعوة للعلمانية بالتأكيد ,, فأنا احتفظ بمفهوم خاص للعلمانية ,, لكنها دعوة لأعادة التعريف بمصطلح "علماء" ,, على أساس علمي ومنطقى ,, فليس كل من يحفظ النصوص عالما ,, والا كان جوجل هو أعظم علماء التاريخ.
عاد صالح هذه المرة قديسا يبحث عن نصوص الشريعة التي عاش حياته كلها بعيدا عنها ,,, وهو الآن يظهر علينا من باب الكهنوتية ,,, هل يستطيع أحدنا أن يحصي كم تحدث هذا الرجل عن الكهنوتية ,,, صالح في نهاية المشوار حاكما باسم الله ,, لن يترك صالح سببا للسوء الا وجاء من خلاله ,, وفي كل مرة يسقط في مستنقعه جمع من الناس ,, حتى حفاظ القرآن فيهم سيئون جدا ,, سيأخذهم صالح معه هذه المرة كما فعل مع فصائل أخرى ,,,,