14/03/2023
في يوم جمعه مشرق سنة ١٩٩٩، الشمس طالعة والسما صافية والجو ممتع، كل شيء مهيء لتقضية يوم لطيف، لكن أحمد بيصحي ويقرر إنه يقضي اليوم دا في بيته، لبس أحمد الروب بتاعه اللي ورثه عن باباه، فتح شبابيك بيته اللي بيطل على شارع رئيسي هادي، بيت أحمد من البيوت القديمة اللي اتبنت عالطراز القديم، شبابيك كبيرة، سقف عالي، بلكونه واسعة، مميز بديكوراته الهادية وتشطيبه الخارجي اللي يخطف أي حد ماشي، بيشغل أحمد الجراموفون اللي ورثه عن والدته وبيشغل أسطوانة لأم كلثوم وبيبدأ يومه بفنجان قهوة سخن في بلكونته الهادية، أحمد أصبح مستعد انه يسافر عبر الزمن، جاهز انه يبدأ يسترجع ذكرياته، كل شيء فالبيت بيفكره بحاجه، كل جزء فيه بيرجعله ذكرى، عن الأحلام والعيلة، الصحاب والأماني، بنت الجيران والفرص الضايعة.
- من المهم فالتسويق إننا ندرس ازاي العقل البشري بيتعلم وبيخزن الذكريات
في بلكونته الجديدة سنة ٢٠٢٣، بيقعد أحمد وبيسافر عبر الزمن يسترجع ذكرياته في بيت العيله، البيت الواسع اللي قريب من كل حاجه، بييجي في باله منتجات مبقتش موجوده، آثرت في حياته، استخدمها وسهلت عليه شيء ما، بيتمنى أحمد لو يلاقي المنتجات دي دلوقتي وبيتحسر على زمنه اللي مبقاش موجود، بيقول في عقله، لو بس الأيام دي ترجع!
- كل الأحداث اللي بنتخبرها واحنا صغيرين بتأثر على اختيارتنا وتفضيلاتنا واحنا كبار.
في السنين الأخيرة فيسبوك كان ومازال مليان صور عن تاريخ البلد دي، عن شكل مبانيها زمان، عن براح شققها في أصعب وقتها، عن البيوت الواسعة والتشطيبات الراقية، عن صمود كل المباني دي في زمن القبح، حجم تفاعل الجيل الجديد اللي حرفيا ممكن يكون مختبرش لحظة واحدة فالنوع دا من البيوت بيأكدلنا ان الذكريات بتتورث، إنه جزء كبير من ذكرياتنا واختيارتنا الشخصية موجودة من قبل ما نتولد، موجودة جوانا في جينات اللي سبقونا.
- الحنين للماضي وقوته التسويقية.
كل مرة بنفتكر ذكرياتنا بنحس بمشاعر متضاربة، حزن وشوق، حنين ومرارة، الباحثين بيقولو إن العلامات التجارية لما بتستخدم ذكريات موجودة عندنا خصوصا لما الذكريات دي تفكرنا بوقت كانت الحياة أسهل، اكثر استقرار وبسيطة، كان العملاء عندهم استعداد أكبرانهم يشتروا المنتجات دي، الباحثين بيقولو نصا " اسمح لعملائك يسترجعوا ذكرياتهم من خلال نضارات وردية اللون"
- في ٢٠٢١ كان عندي فكرة متكاملة لمطور عقاري بعنوان Let the memories begin، الفكرة كانت مستوحاة من كامبين عملتها ديزني قبل كدا، الفكرة كانت قايمة بشكل أساسي على حجم التفاعل اللي بيحصل عالسوشيال ميديا مع كل مره بيتنشر فيها صورة لمبنى قديم في وسط البلد أو أي مكان تاني.
- الفكرة بالأساس كانت مبنية على مفهومين أساسيين عند كل الناس Learning and memory
كنت بفكر في مطور عقاري قرر إنه يخلي عملاءه يسترجوا ذكرياتهم من خلال نضارة وردية، عن مطور بيسترجع ذكريات البلد دي في شكل مشروع، عن مطور بيلمس ذكريات أجيال عاشوا حياة هادية ومستقرة واعتقادي وقتها إنه الناس محتاجة بس حد يلمس المنطقة دي بمشروع.
الفكرة مكنتش مجرد حملة تسويقية لكن مشروع متكامل، من ماستر بلان ومباني، شكل وتواصل، مقر ومزيكا، حملات تسويقية ونوستاليجيا.استغلال للذكريات واسترجاع للأحلام.
- الباحثين بيقولو اننا عندنا ٣ أنواع من الذاكرة، ذاكرة حسية، ذاكرة قصيرة وذاكرة طويلة.
الذاكرة الحسية، هي الذكريات اللي بتتخزن من أحاسيسنا، ودي بتكون ذاكرة بتدوم لثواني بسيطة، زي ريحة سينابون كل يوم الصبح والنوع دا من الذكريات لما بيطول شوية بيتحول بيتخزن في الذاكرة القصيرة.
الذاكرة القصيرة، هي بالأساس مبنية على نطرية إنه الإنسان مبيقدرش يفتكر أكتر من ٧ حاجات في نفس الوقت، دا بالظبط السبب اللي مخلي أرقام التليفونات الأساسية ما دون كود الشبكه تكون ٧ أرقام فقط ودي بيستخدمها المسوقين عادة في مقارنة الأسعار.
الذاكرة الطويلة، وهل الذكريات اللي بنقدر نسترجعها بشكل أكبر زي الأغاني وسلوجانز الحملات الأعلانية اللي بتتعاد علينا بشكل يومي عشان نفضل نفتكرها بشكل دائم.
مخبيش عليكم انا مقدمتش الفكرة لأي حد لإني كنت مخطوف ذهنيا من أحدهم، زنقني في الليد أبو ٥ دولار، وللحكاية بقية.