16/04/2024
بقلم
احسان الفقيه.
"عندما سقط الإتحاد السوفيتي وبدأت الأمم الغربية الصليبية تحشد حشودها للحرب على الإسلام ، لم يدرك العالم الإسلامي أن طبول حرب عالمية تقرع لهم ...
حتى أهتزت جبال تورا بورا بقنابل الصليب ، وقصفت قباب بغداد الرشيد ، وعادت جحافل الروس لعاصمة الشيشان غروزني .
إستفاقت الأمة وإذا بالإعلام العالمي يشن عليها بكل لغات العالم أشنع الهجوم والتشوية ، استغلت الصين أجواء عداء أمم الأرض لأهل التوحيد والإيمان طوقت الصين على تركستان ، وأطبقت عليها بصمت وزاد الإستبداد ببلاد العرب بإسم محاربة الإرهاب ، واستغلت ايران تلك الاجواء ومهدت الطريق للصليبين نحو كابل وبغداد ، وعلقت أهل السنة في بلادها على المشانق بالرافعات ، وهجر أهل السنة من بغدادهم الذي بناها المنصور .
كل هذا والأمة لاتدرك أنها حرب عالمية ثالثة بدأت عليها للتو، لم تدرك حجم الآلآم والأحزان ، وأشغلت بالجوع وتدفق الشهوات حتى ضاقت البلاد بأهلها وتفجر الطوفان على الطغيان وثار العرب ، وفي تلك الأثناء التي فيها صدحت عواصم العرب بالهتافات والاهازيج ، كانت صيحات وأنين المسلمين في بورما تتفرق بين الحشائش والأدغال ، فما بين أنين مسلمة يتناوب عليها الجنود ، وكهول تتلوى في نيران رهبان البوذية ، كانت أرواح تغرغر في الأنهار وجثث أخرى تعوم ، بكى لها الرجال الناجين منهم قهراً وكمداً بالمخيمات.
كل هذه الأهوال تجري ... وفي جهة أخرى في قارة أخرى كانت رقاب المسلمين تتساقط تحت سواطير "انتي بالانكا" في أفريقيا الوسطى حتى خلت البلاد منهم ، أكلت لحومهم جهراً أمام الكاميرات والشاشات ، وقصفت مالي بطائرات فرنسا ، وحوصرت غزة وقصفت من اسرائيل.
وفي هذه الأثناء حدثت المأساة الكبرى وفاجعة القرن إستباحت النصيرية بلاد الشام، اغتُصبت النساء في المساجد وسُمِعَت صرخاتهن واستغاثاتهن قبل قتلهن عبر مكبرات الصوت، دُفِن الرجال أحياء ، نزعت قلوب الأطفال في بانياس ، وهدمت أقدم مدن التاريخ وأعرق حواضر الإسلام على أهلها ، ذبحت وهجرت الملايين ، حتى قامت ثلة من المؤمنين وجاهدت عن أهل الشام والعراق ، فأجتمعت لفيف الرافضة بشتى مذاهبهم وزحفت روسيا بكل أحقاد التاريخ نحوهم ، ثم اجتمعت 80 دولة من أمم الصليب تقودهم امريكا دكت الموصل والأنبار وحلب والباغوز ، و تتدفق الملايين من على ضفاف دجلة والفرات نحو مغرب الأرض فراراً من الجحيم الذي اشتعل في الشرق.
وفي خضم هذه المأساة اشتم العالم الإسلامي فائحة الدم التي تسربت من تركستان ، وإستفاق على نكبة تساوي نكبة الشام ، لكنها ملحمة تجري بصمت ذبح دون صراخ ، اغ**اب دون أنين ، أسراب وأسارى دون نداء ونجدة ، قبور دون أسماء ، أطفال دون أباء ، لاشيء سوى صوت السلاسل والإلحاد في معتقلات ضمت الملايين ، مدن بأكملها مسجونة ، شعب بأكمله يباد في هذا المشهد الصامت الكئيب المظلم المرعب .
إستفاق العالم الإسلامي من ذهول لذهول على ضجيج غوغاء الهندوس بالهند مذبحة اخرى في أكبر كتلة بشرية مسلمة بدأت في كشمير ثم تصاعدت في جميع انحاء القارة الهندية ، دب اليأس في نفس هذه الأمة المظلومة ، وهدمت الأحلام وابتعد الأماني بمنال النجوم.
تداعت الأمم والأديان على أكبر أمم التاريخ ، أمة ليست قليلة بالعدد ولا صغيرة بحجم الجغرافيا ، عددها يفوق كل طوائف الأديان ، و حجمها من المشرق إلى المغرب بين المحيط والمحيط ، إنها أمة تتوسط العالم وإجتمع عليها العالم .
كل هذه المآسي جرت في 20 عام فقط من 2000م إلى عام 2020م .. حتى جاءت جائحة كورونا وأجتاحت هذا الطغيان والعالم البهيم المظلم السادي الوخيم ، ضربت فأصمتت العالم ، وأخفتت صوت القنابل وأعاقت سير الجيوش ، وأشغلتهم عن ديار الإسلام بعواصم الغرب لفرض حظر التجول وحمل الجثث وبناء المستشفيات ، ارتاح العالم الإسلامي يسيراً ، تنفس شيئاً قليلاً في زمن وباء يكتم الأنفاس ..!!
مع أنه أصيب بذات الداء ، كل هذا ولم يستوعب كثير من المسلمين إلى الآن أن مايجري كان حرباً عالمية ثالثة ، نعم فهم بعض المسلمين أن هذا تداعي الأمم على أمتهم ، لكن أكثر هؤلاء مازال ينتظر الحرب العالمية الثالثة بعد تداعيات كورونا الإقتصادية غير مدركين أن الحرب العالمية الثالثة انتهت للتو ، ومابعد كورونا هو نقطة انطلاق الحرب العالمية الرابعة ، ولن تكون بإذن الله ساحتها هذه الأمة التي نزفت بالويلات والعذاب .
فالعالم يعاد تشكيلة من جديد ... أصبح الخوف من الجوع والموت والإفلاس أكثر خوفاً من الأذان والحجاب واللحية."
====
كُتبت في ٢٠٢١