
12/10/2024
ورحل الأمين (الأمين)
رحم الله الأخ المستشار الأمين سليمان الذي توفي يوم الخميس (١٠ أكتوبر ٢٠٢٤م) بمدينة الرياض في مقر سكنه مع إخوانه أبناء الجزيرة أبا. وقد شيعه عدد كبير منهم، ومعهم أهله في الرابطة الرياضية للسودانيين بالخارج - الصالحية التي يُعدُّ أحد مؤسسيها، كما كان مؤسساً لفريق الجاسر الذي مثل هده المنطفة العزيزة إلى قلوبنا جميعاً في رابطة أطلقت عليها الوطن، حين وصفتها بأنها (وطن في رابطة)، وهي كذلك.
برحيل الأمين المر تكون الصالحية فقدت أحد حكمائها، وأحد أكثر المنتمين إليها، إذ يكاد يكون مع رفيق دربه في لجنة الاستئنافات الأستاذ الخبير المالي صلاح محمد فضل Salah Fadul من الذين لم يبارحوا ساحة الرابطة أبداً، فهما في اللجنة نحو ربع قرن، ولم يداخلهم اليأس ولا الوهن ولا الضيق على الرغم مما ظلوا يحدونه من انتقاد وانتقاص من جميع الفرق بلا استثناء، لأنهما يؤمنان بأهمية التضحية في سبيل كيان يؤدي دوراً سيتحدث عنه تاريخ اغتراب السودانيين بأحرف من نور تجاه فئة الشباب والرياضيين، في مواجهة تحديات يصنعها أهل الهوى والغرض، الذين لا تهمهم غير المصلحة الشخصية، الذين ظلوا يشيطنون رابطة تجمع أهل السودان على اختلاف انتماءاتهم.
الأمين سليمان مثال للإنسان الذي يحيا لغيره، فلم نعرفه تحدث بأنانية عن منطقته وأهله وأسرته، بل لم يبح بشيء عن همومه ومشكلاته، وهو المنغمس في هموم الآخرين، وقضاياهم، كان يقدم خبراته بلا مقابل، ولا يسعى إلى اغتنام مشكلة في سبيل مكسب مادي، وكان ينام ويصحو والمشكلة التي عرضها أحدهم عليه للاستشارة، حتى تتخيل أن المشكلة تخصه هو شخصياً.
كان مهموماً بالوطن بلا ادعاء أو شعارات رنانة، يأتي أول الناس إلى مناسبات الصالحية، ويتوارى عن مواطن الكاميرات والفلاشات، وينشغل بتفقد إخوانه، فيسأل عن حال غائب أو مريض، أو صاحب مشكلة أو مسألة، حتى من سافر للوطن يتفقد أحواله، ويطمئن عليه.
لم يكن معنياً باللغو وسمج الحديث، كان لسانه رطباً بذكر الله، والشهادة بالخير للناس.
كان لا يفرق بين بني السودان، وكان يرى الصالحية وطناً يستحق الرعاية والاهتمام، فأخلص في عمله، وتحمل مسؤوليته بجسارة، ولم يدخل في مهاترات، ولم يكن طرفاً في مشكلة، مع أنه كان يسمع ما لا يسر، ولكنه يتغاضى لأنه كبير، ويدرك مسؤولية القاضي والحكم.
شهد دفنه ممثلو كل الفرق واللجان، وكلهم حزن وأسى، لأنهم يدركون حجم من فقدوا.
أعرف مدى حزن أهله، لأنه أيضاً لم يفارق مجتمعهم، وظل معهم في قلب الأحداث، مشاركاً لهم جميعاً الفرح والطرح.
فقدنا الأمين بعد أيام من إحياء ذكرى المؤسس الريس عبدالمنعم عبدالعال حميدة، الذي نسج مجتمع الصالحية بخيوط من الحب والوفاء والانتماء، حتى أصبحنا بنعمة الله إخواناً، نتنافس بشراسة، ولكن ما بيننا من سنوات الحب والعشرة يجمعنا بقوة، ويشد بعضنا إلى بعض، لتظل جذوة هذه الرابطة مشتعلة بأمثال الأمين من الحكماء ناشري الود والألفة.
رحم الله الأمين، وكل من فقدنا في مسيرة تجاوزت الربع قرن، وسنوات قبل ذلك في الرابطة الموحدة، وأسكنهم جميعاً فسيح جناته، وجمعنا بهم في عليين.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
د. حسين حسن حسين