مدونة الصحفي حسين حسن حسين

  • Home
  • مدونة الصحفي حسين حسن حسين

مدونة الصحفي حسين حسن حسين كتابات الصحفي حسين حسن حسين ومساهماته الصحفية

هذه مدونتي الخاصة التي تشتمل عل بعض الأعمال الصحفية والإبداعية، بعضها منشور في مجلة الفيصل السعودية وبعضها في صحيفة الخرطوم، وهناك ما لم ينشر بعد ورقياً.

ورحل الأمين (الأمين) رحم الله الأخ المستشار الأمين سليمان الذي توفي يوم الخميس (١٠ أكتوبر ٢٠٢٤م) بمدينة الرياض في مقر سك...
12/10/2024

ورحل الأمين (الأمين)

رحم الله الأخ المستشار الأمين سليمان الذي توفي يوم الخميس (١٠ أكتوبر ٢٠٢٤م) بمدينة الرياض في مقر سكنه مع إخوانه أبناء الجزيرة أبا. وقد شيعه عدد كبير منهم، ومعهم أهله في الرابطة الرياضية للسودانيين بالخارج - الصالحية التي يُعدُّ أحد مؤسسيها، كما كان مؤسساً لفريق الجاسر الذي مثل هده المنطفة العزيزة إلى قلوبنا جميعاً في رابطة أطلقت عليها الوطن، حين وصفتها بأنها (وطن في رابطة)، وهي كذلك.
برحيل الأمين المر تكون الصالحية فقدت أحد حكمائها، وأحد أكثر المنتمين إليها، إذ يكاد يكون مع رفيق دربه في لجنة الاستئنافات الأستاذ الخبير المالي صلاح محمد فضل Salah Fadul من الذين لم يبارحوا ساحة الرابطة أبداً، فهما في اللجنة نحو ربع قرن، ولم يداخلهم اليأس ولا الوهن ولا الضيق على الرغم مما ظلوا يحدونه من انتقاد وانتقاص من جميع الفرق بلا استثناء، لأنهما يؤمنان بأهمية التضحية في سبيل كيان يؤدي دوراً سيتحدث عنه تاريخ اغتراب السودانيين بأحرف من نور تجاه فئة الشباب والرياضيين، في مواجهة تحديات يصنعها أهل الهوى والغرض، الذين لا تهمهم غير المصلحة الشخصية، الذين ظلوا يشيطنون رابطة تجمع أهل السودان على اختلاف انتماءاتهم.
الأمين سليمان مثال للإنسان الذي يحيا لغيره، فلم نعرفه تحدث بأنانية عن منطقته وأهله وأسرته، بل لم يبح بشيء عن همومه ومشكلاته، وهو المنغمس في هموم الآخرين، وقضاياهم، كان يقدم خبراته بلا مقابل، ولا يسعى إلى اغتنام مشكلة في سبيل مكسب مادي، وكان ينام ويصحو والمشكلة التي عرضها أحدهم عليه للاستشارة، حتى تتخيل أن المشكلة تخصه هو شخصياً.
كان مهموماً بالوطن بلا ادعاء أو شعارات رنانة، يأتي أول الناس إلى مناسبات الصالحية، ويتوارى عن مواطن الكاميرات والفلاشات، وينشغل بتفقد إخوانه، فيسأل عن حال غائب أو مريض، أو صاحب مشكلة أو مسألة، حتى من سافر للوطن يتفقد أحواله، ويطمئن عليه.
لم يكن معنياً باللغو وسمج الحديث، كان لسانه رطباً بذكر الله، والشهادة بالخير للناس.
كان لا يفرق بين بني السودان، وكان يرى الصالحية وطناً يستحق الرعاية والاهتمام، فأخلص في عمله، وتحمل مسؤوليته بجسارة، ولم يدخل في مهاترات، ولم يكن طرفاً في مشكلة، مع أنه كان يسمع ما لا يسر، ولكنه يتغاضى لأنه كبير، ويدرك مسؤولية القاضي والحكم.
شهد دفنه ممثلو كل الفرق واللجان، وكلهم حزن وأسى، لأنهم يدركون حجم من فقدوا.
أعرف مدى حزن أهله، لأنه أيضاً لم يفارق مجتمعهم، وظل معهم في قلب الأحداث، مشاركاً لهم جميعاً الفرح والطرح.
فقدنا الأمين بعد أيام من إحياء ذكرى المؤسس الريس عبدالمنعم عبدالعال حميدة، الذي نسج مجتمع الصالحية بخيوط من الحب والوفاء والانتماء، حتى أصبحنا بنعمة الله إخواناً، نتنافس بشراسة، ولكن ما بيننا من سنوات الحب والعشرة يجمعنا بقوة، ويشد بعضنا إلى بعض، لتظل جذوة هذه الرابطة مشتعلة بأمثال الأمين من الحكماء ناشري الود والألفة.
رحم الله الأمين، وكل من فقدنا في مسيرة تجاوزت الربع قرن، وسنوات قبل ذلك في الرابطة الموحدة، وأسكنهم جميعاً فسيح جناته، وجمعنا بهم في عليين.
إنا لله وإنا إليه راجعون.

د. حسين حسن حسين

24/09/2024

مقالي اليوم الثلاثاء ٢٤ سبتمبر ٢٠٢٤م بصحيفة الرياض
بمناسبة اليوم الوطني السعودي

الملك عبدالعزيز صانع «ثقافة الحياة»

د. حسين حسن حسين

يتابع العالم بذهول ما يتحقق في المملكة العربية السعودية من إنجازات عظيمة ترجمةً لرؤية 2030، إذ يظن كثيرون أنَّ هذا أمراً طارئاً عليها، وفاتهم أنَّ لديها رصيدًا من الإنجازات المذهلة في كل مراحلها، بل لها إرث تاريخي في ترويض الظروف، ومواجهة التحدِّيات، ونشر ثقافة الحياة، وهو إرث يمتدُّ إلى الدولة السعودية الأولى، التي أصبح يوم التأسيس احتفالاً سنويَّاً بها، لما تمثله من عمق حضاري وتاريخي وثقافي للمملكة، وهي التي قامت في 1139هـ/ 1727م، على يد الإمام محمد بن سعود في ظل ظروف بالغة التعقيد، مثَّل تجاوزها قدرة عالية على تأسيس الدولة، والتعامل مع أعتى الدول والإمبراطوريات، وإلهام الشعب بأنَّه يستطيع.

واعتمادًا على هذا العمق التاريخي المتجذِّر، كان الإنجاز الأكبر، ألا وهو قيام الدولة السعودية الثالثة على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيَّب الله ثراه- الذي سأظل أردد أنَّه أعظم شخصية في القرن العشرين؛ لأنَّه أتى بما لم يأت به غيره في ذلك القرن الذي شهد حربين عالميتين، أولاهما وهو لا يزال على أعتاب الانطلاق لبناء الدولة، والأخرى بعد وقت قصير من إعلانه توحيد البلاد باسم المملكة العربية السعودية في 21 جمادى الأولى 1351هـ (23 سبتمبر 1932م).

وبين هذا التاريخ وتاريخ استعادته -رحمه الله- الرياض في 1902م (30 عامًا) من النضال المستمر من أجل توحيد البلاد، التي ألفت الحرب والنزاعات حتي أصبحت جزءًا أصيلاً من نمط حياتها، ولم تكن فكرة تحويل «ثقافة الموت» إلى «ثقافة الحياة»، بما تعنيه من أمن واستقرار وبناء وتنمية أمرًا يسيرًا، في ظلِّ وجود قوى دولية تؤجج نيران الصراع، وتشعل الفتنة وروح الانتقام في القلوب والأنفس، إلى جانب ما فرضته الحربان الكونيتان من ضرورة الانحياز إلى أحد طرفيها، اللذين سلطا سيف التصنيف على الدول، ليكون التعامل معها، على أساس أنها (مع) أو (ضد).

إنَّ التفكير في كيف استطاع الملك عبدالعزيز أن ينسج خيوط دولته في هذا الوضع الدولي المعقد يؤدِّي إلى نتيجة واحدة وهي أنَّه شخصية استثنائية حباها الله لأرض الحرمين الشريفين، ليحفظها كعبة وقبلة للأمة الإسلامية، تشريفًا وتعظيمًا لها.

إنَّ هذا الإرث في صناعة الدولة، والحفاظ عليها في ظروف سياسية دولية في غاية التعقيد والتضارب في المصالح بين الدول المؤثرة، هو ما تقوم عليه رؤية المملكة 2030، بدءًا من تركيزها في ثقافة الحياة، وعملها على أن يكون ما تحققه من إنجازات وطنية رصيدًا إنسانيَّاً عامًا يستفيد منه الناس أينما كانوا.

ويتبدَّى هذا المفهوم السعودي في التنمية في أنَّ الرؤية جعلت من أولوياتها حماية البيئة والموارد الطبيعية، وأعطتها أهميةً قصوى؛ بوصفها إحدى الركائز الرئيسة لتحقيق التنمية المستدامة، لا للمملكة فحسب، وإنما لكل البشر، في كرة أرضية أصبحت أقل من قرية في حجم التأثير المتبادل بين دولها.

وتقود المملكة العالم اليوم من أجل تقليل آثار التغيُّر المناخي والانبعاثات الكربونية، التي تلقي بظلالها السيئة على حياة الإنسان في كل مكان، وتحمل في طياتها الموت للكائنات الحية، ومن ثم تؤثر في معاش الناس، وتهدد حياتهم. وأطلقت في سبيل ذلك مبادراتها: «السعودية الخضراء»، و«الشرق الأوسط الأخضر»، والإعلان العالمي الخاص بالبيئة لضمان مستقبل مستدام يقضي على الظواهر السالبة المهددة للحياة.

وإذا كانت المملكة تنظر بعين زرقاء اليمامة إلى ما فيه مصلحة البشر، فإن ما تحققه من إنجازات على أرضها في كل المجالات من أجل إنسانها يدهش العالم، فهي تترجم تأكيد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في وثيقة الرؤية «هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجًا ناجحًا ورائدًا في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك»، في حين نوه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مقدمته للرؤية نوه إلى مرتكز الرؤية بقوله: «ولا ننسى أنَّه بسواعد أبنائها قامت هذه الدولة في ظروف بالغة الصعوبة، عندما وحدها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيَّب الله ثراه- وبسواعد أبنائه سيفاجىء هذا الوطن العالم من جديد»، والمفاجأة تحدث كل يوم على أرض الواقع منذ انطلاقة رؤية 2030.

أدام الله على المملكة نعمة الأمن والاستقرار، والترقي في مدارج التحضر والتحديث؛ ليعم خيرها مواطنيها، ويفيض على العالم بأسره، ناشرة «ثقافة الحياة» في عالم أدمن «ثقافة الموت».

عمنا لك التحية والحب إلى أن ملتقي.. واحشنا
11/09/2024

عمنا لك التحية والحب إلى أن ملتقي.. واحشنا

ويبقى الهلال نبع للفرح لا ينضبنبارك للكرة السعودية هذا الديربي المثير بين فريقي القمة (الهلال والنصر)، فقد قدم الفريقان ...
31/05/2024

ويبقى الهلال نبع للفرح لا ينضب

نبارك للكرة السعودية هذا الديربي المثير بين فريقي القمة (الهلال والنصر)، فقد قدم الفريقان أداءً عاليًا أثبتا فيه قوة الدوري السعودي، الذي يتزين بعدد من نجوم العالم في كرة القدم، وقد أسهموا في ارتفاع مستوى اللاعبين السعوديين، وبينهم من يفوق أولئك اللاعبين في فنياتهم، وأدائهم العالي.
ويأتي حسن التنظيم ليقدم دليلاً آخر على ما تشهده الرياضة السعودية من تطور واضح، وهو يعكس التقدم الكبير الذي تعيشه المملكة في المجالات كافة، ولا شك أن رعاية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لهذا العرس الكروي، وحرصه على أن يكون حضورًا منذ بداية المباراة يبرز الرعاية التي تحظى به الرعاية في المملكة من ولاة الأمر فيها.
ويوضح فوز فريق الهلال بكل المنافسات المحلية أن هناك منظومة محترمة في هذا النادي العريق، وهي الأساس في نجاحاته في المستويات كافة، وجاءت مجريات المباراة لتنفي بشكل واضح محاباة التحكيم له، فكان طرد لاعبين مؤثرين درسًا قدمه حكم المباراة لكل حكامنا العرب، مؤكدًا أن سياسة التوازنات لن تؤدي إلى مزيد من خراب منظومة كرة القدم، وهي تؤثر سلبًا في المنتخبات الوطنية، وتنفر الجمهور عن متابعة مباريات محسومة النتائج.
ولعل قيادة المدير الفني للهلال البرتغالي جورجي جيسوس (69 عامًا) للفريق في ظل طرد اللاعبين في وقت عصيب، كان الهلال مهيئًا فيه للتتويج تؤكد أهمية دور المدرب في تحديد نتيجة المباراة، وتدحض مقولة الكابتن رضا عبدالعال (وهو من الذين أحبهم لعفويته) بأن أي مدرب يستطيع مثلاً أن يفوز بفريق الأهلي المصري من دون أن يحتاج لاعبوه إلى التوجيه.
قاد هذا المدرب المباراة منذ البداية بحنكة وتمرس، وتفوق على مدرب النصر الذي ارتكب أخطاءً واضحًا في التبديلات، ولم يكن منطقيّاً تبديل ساديو مانييه اللاعب السنغالي الداهية الذي كان سيكون مؤثرًا بعد الطردين، كما كان سيكون مفيدًا في ركلات الترجيح.
علي البليهي لاعب نموذج لمن تغيب عنه الفطنة والذكاء، مع أنه أيضًأ نموذج للاعب المجتهد، فقد استطاع أن يجد مكانًا في فريق مدجج بالنجوم بمثابرته وإصراره، لكنه على مستوى السلوك يظل مصرًا على إبراز السذاجة المفرطة والاستهتار، وتقديم صورة غير محببة في دوري يحظى بمتابعة إعلامية واسعة على مستوى العالم، وما جاء به دليل على الاستهتار، ولولا لطف الله لكانت هذه المباراة هي نهايته مع كرة القدم.
ياسين بونو أبرز بأدائه الرفيع أهمية حارس المرمى في الكرة الحديثة، فدوره يفوق 50% من قوة أي فريق، وأكد في هذه المباراة أحقيته بلقب أحسن لاعب.
ألكسندر ميتروفيتش لاعب نموذج لرأس الحربة الصريح القادر على ترجيح كفة فريقه تحت ظروف ضاغطة.
كريستيانو رونالدو لاعب مختلف لا نظير له، وهو يحتفظ بالشغف، وقد تقدم به العمر، ولكنه يظل حريصًا على الفوز، إلا أن منظومة النصر حالت دون الاستفادة من شغفه ورغبته في التتويج، ولكنه سجل رقمًا قياسيّاً في التهديف في الدوري السعودية، وتعاطفت معه، وأنا أشاهده يذرف الدموع حسرة على فقدان فوز وتتويج كانا في المتناول.
طرقة تبادل كباتن الهلال كأس البطولة تؤكد البيئة الصحية في نادي الهلال، والاحترام المتبادل بين الجميع، شارك في تسلم الكأس اللاعبون سليمان الفرج، ومحمد الجحفلي، وناصر الدوسري.
الهلال أثبت أنه شلال الفرح، وأنه يعطي لجمهور أسبابًا للسعادة في زمن صعب، فيه كثير من رهق الحياة على كل المستويات.
نبارك للهلال وهو يهدي لجمهوره هذه الكأس الغالية التي تحمل اسمًا عزيزًا.
حظ أوفر لفريق النصر الذي أضاع تتويجًا كان في متناوله، ولكن ذلك جزء من حلاوة كرة القدم.

ثمانينيَّةُ حجَّاج أدول.. حكيم النوبة المتصالح مع ذاتهاحتفل الأديب النوبي حجَّاج أدول منذ أيام بعيد ميلاده الثمانين، وقد...
27/05/2024

ثمانينيَّةُ حجَّاج أدول.. حكيم النوبة المتصالح مع ذاته

احتفل الأديب النوبي حجَّاج أدول منذ أيام بعيد ميلاده الثمانين، وقد أخذ السويسريون في القاهرة المبادرة، وقرَّروا الاحتفال بهذه المناسبة العظيمة من خلال المبادرة السويسرية المعنية بالبعد الثقافي، وذلك في النادي السويسري العريق، ولعلَّ هناك من يرى مفارقةً في هذا الاحتفال الذي يأتي من ممثليَّة دولة أوروبية، إلا أنه لا عجب؛ لأنَّ الدول التي تعرف للرجال أقدارهم تحتفي بالإبداع والمبدعين، لا في إطار حدودها فحسب، وإنما حيثما وجدت من يستحق الاحتفاء.
ولا شكَّ أنَّ أديبنا الكبير يستحق مثل هذا التكريم، لقاءَ ما قدَّم من أعمالٍ أدبية وفكرية عظيمة ستظل نبراسًا تهتدي به الأجيال، وتستلهم منه الروح الإبداعية ذات العمق الإنساني، التي تتغلغل في تلافيف الحياة ومنعطفاتها، مقدِّمةً الفكر والتجربة، وملتصقةً بالواقع، ومستشرفةً المستقبل بروحٍ متفائلة، وبيقينٍ جازم بأنَّ الإنسانَ في ضفاف وادي النيل، بزاده الحضاري المتجذر، قادرٌ على أن يقهر المستحيل.
أشترك –بكل فخر وإعزاز- مع أديبنا الكبير في أننا من مواليد عروس البحر المتوسط، ونعشق النوبة، وأهلها، ونشعر أنها جسر التواصل بين مصر والسودان، وهذا التشارك في العشق والهوى مع هذا الهرم شرف كبير لي، لأنني – وغيري كثيرون – نراه في شموخ النخيل وعلوها، وفي سرمدية النيل، وعطائه المتدفق.
أسعدني الحظ بلقائه قبل هذه الاحتفالية ذات الدلالة، وأمضيتُ في معيته ساعات مرَّت كالثواني، نهلت خلالها من معين خبراته، واستمتعت بحديثه العفوي العميق، الذي يذكِّرك بحكماء النوبة، وأهل الحل والعقد فيها، حيث درر الكلام، المترع بالحكمة والتجربة، والذوق العالي، وحميمية المشاعر، التي تذيب كل ما قد يكون من فوارق، وفواصل، ولا يقتصر ذلك على أديبنا، وإنما يشمل حرمه المصون (أُدولة) التي تشعر أنها تشابه أمك أو أختك أو زوجتك، أي امرأة نوبية كاملة الدسم، مع أنَّها إسكندرانية المولد والنشأة، ولكنها مصر التي تستوعب الجميع، وتقبلهم بثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم، وفي الوقت نفسه تسبغ عليهم سماتٍ مشتركةً تجعل قبول الآخر جزءًا من شخصية كلِّ واحدٍ منهم.
سعدتُ بوجود شخصين من أَحبَّ الناس إلى قلبي في اللقاء، هما: قريبي محمد عوض فرح (مموشي سيدا) وأخي وزميلي إسماعيل محمد علي، وهما شخصان مختلفان تمامًا، ولكن هذا الاختلاف أضفى على اللقاء حيوية أذابت كل شيء، حتى أصبح الحديث بين الحضور يجري بسلاسة، كما لو أنَّ بيننا جميعًا معرفةَ سنين، فتعالتِ الضحكات على التعليقات الساخرة، والحكايا التي توزَّعت بين الجد والهزل، وخُيِّل إليَّ أنَّ مموشي سيكون مادةً لقصة أو رواية لأستاذنا أدول، لكثرة اندهاشنا بقصصه العجيبة المسبوكة، التي لا تحتاج إلا لمسات مبدع لتتهادى في ثوبٍ أدبيٍّ قشيب.
وأشدَّ ما أعجبني في أستاذنا أُدول أنه يمثِّل الانتماء الذي نبحث عنه، والذي لازلتُ أتحدث عنه كثيرًا، وهو ذلك الذي يتجسَّد في دوائر لا تقاطعَ ولا تعارضَ بينها، ولكنها تتسع رويدًا رويدًا، حتي تصل إلى الدائرة الإنسانية، التي تستوعب كلَّ البشر، على اختلافهم.
أدول عميق الانتماء لمصر المحروسة، وعظيم الاعتزاز بنوبيته، وشديد الإحساس بإسكندرانيته، وراسخ اليقين بأنَّ النوبة هي جسر التواصل بين شعبي وادي النيل في مصر والسودان، ففيها تتجسَّد روابط التاريخ والمصير المشترك، وكل هذه الدوائر لا تضادَّ بينها، وإنما تكامل وتناغم، ولعلَّ هذه النقطة أيضًا أعتزُّ بتشاركها معه، وأشعر أننا في حاجة إلى إعادة صوغ العلاقات بين البلدين على أساس المساحة الواسعة من عناصر التلاقي والتمازج، التي تمثل قوة هائلة لهما؛ لمواجهة تحديات اليوم، وما قد يستجد منها في المستقبل، في عالم لا يعترف بالضعفاء.
لا أجد من كلمات المعاجم ما يناسب ويليق بقامة كبيرة مثل أستاذنا حجَّاج أدول، لأصوغ بها عبارات التهاني والتبريكات بعيد ميلاده الثمانين، مع الأمنيات بأعوام أخرى مديدة ليتحفنا بمعين إبداعه مما يُدهش ويمكث في الأرض؛ ليكون نبراسًا ومنارة كما منارة الإسكندرية، وشمندورة نوبتنا الغالية.
متعك الله بالصحة والسعادة أيها الأديب الأريب الإنسان، وحفظ لك درتنا (أُدولة) لتقاسمك عذابات الإبداع وتمرداته، وحلاوة النجاح بتمثل ذلك كله في أعمال أدبية ستظلُّ باقية ما بقيت أهراماتنا وآثارنا على ضفاف النيل، وفي أحضان متاحف العالم، معبرةً عن شعب يعشق الحياة، ويفتح صدره لها، بحبِّ كلِّ ما فيها من إنسان وحيوان وجماد.

مدح مسؤول.. يا للهول!!!اعتدنا انتقاد المسؤولين مهما علا شأنهم أم صغر، ونضع أغلبهم في خانة التقصير، وإذا رأى أحدنا الإشاد...
28/03/2024

مدح مسؤول.. يا للهول!!!

اعتدنا انتقاد المسؤولين مهما علا شأنهم أم صغر، ونضع أغلبهم في خانة التقصير، وإذا رأى أحدنا الإشادة بأحدهم، ربطناه بمصلحة ما تحقق على يد المسؤول الممدوح.
وهذه القاعدة التي اعتدناها جعلتني في حيرة وأنا أقرأ مقالاً لزميلي ياسر فضل المولى وهو يشيد بالسيد مهند عجبنا القائمام بالأعمال في السفارة السودانية بالرياض لموقف لمس فيها تفاني الرجل. وقلت في نفسي هذه بيضة الديك ولا شك، ولكن جمعتني الظروف بالرجل في مناسبات عدة، ووجدته قمة في التواضع، مع رقي في التعامل، كما في زيارات ثلاث للسفارة السودانية لم أجده في مكتبه، بل وجدته بين المواطنين المراجعين، حتى لا يمكنك أن تميّزه منهم.
واليوم ذهبت إلى المستشار عبدالرحمن الحاج وألمحت إليه أن القائم بالأعمال ليس في مكتبه، فقال إنَّ هذا هو الوضع الطبيعي، وهذا ما قاله كل موظف في السفارة قابلناه متسائلين، وكل واحد يدلنا على آخر موقع كان فيه، حتى مسحنا كل المكاتب والصالات مسحًا.
وهذا الديناميكية يبدو أنها سرت في كل موظفي السفارة، فالسيد رحمة الله الفارس مدير الجوازات تراه أيضًا يلاحق المعاملات، ويطمئن على سير العمل رغم الاكتظاظ والزحام.
ويُوجَّه الموظفون في السفارة حالياً حيث يكون ضغط العمل، بل إن المستشار عبدالرحمن -كذلك- يشارك في تخفيف الأعباء، فتراه في الصالة أو الحوش، ويسهم مع زملائه في إيجاد الحلول بأريحية واضحة.
وأثر هذا الاهتمام بتوفير الراحة للمراجعين والإجابة عن استفساراتهم في الجو العام، فأصبح الهدوء يسود جنبات القنصلية على الرغم من كثرة الأعداد التي تستقبلهم يوميًا، ولعل الجميع يلحظ أن قنصليتنا تتميز بأنها صاحبة أقصر الإجازات الرسمية بين رصيفاتها، أقول ذلك وإجازة عيد الفطر المبارك على الأبواب، لعل هناك من يختبر صدق قولي.
أعتقد أن وجود هذا الفريق المتفاني في هذا الظرف الصعب يخفف كثيرًا على المواطنين الذين جارت عليهم الحرب، وما أوجدته من واقع مزعج ومؤلم، وندعو الله في هذا الشهر الفضيل أن يزيل البلاء عن شعبنا وبلدنا، وأن يكون من نتائج هذه الحرب تغيّر سلوكيات الموظفين العموميين في كل المرافق الخدمية العامة باعتماد قاعدة أنهم في خدمة الشعب، وأن هذا الشعار لا يخص الشرطة وحدها.
كل عام وأنتم بخير.

د. حسين حسن حسين

احتفى به الصحفيون السودانيون في الرياضكمال حامد: ماجد عبدالله وجه الدعوة لجكسا وعبدالعزيز عبدالله لأداء فريضة الحجالرياض...
18/03/2024

احتفى به الصحفيون السودانيون في الرياض
كمال حامد: ماجد عبدالله وجه الدعوة لجكسا وعبدالعزيز عبدالله لأداء فريضة الحج

الرياض: عزالدين الجعلي

احتفت جمعية الصحفيين السودانيين بالمملكة العربية السعودية مساء الأحد (17 مارس 2024م) بالقامة والهرم الإعلامي الكبير الأستاذ كمال حامد صاحب التجربة العريضة في الصحافة المقروءة والمرئية بمناسبة زيارته رياض الخير، التي سبق أن عمل بها في المجال الصحفي والإعلامي سنوات طويلة.
ونقل المحتفى به بشرى إلى قدامى اللاعبين في السودان بأنَّه تواصل مع الكابتن ماجد عبدالله رئيس جمعية أصدقاء لاعبي كرة القدم الخيرية بالمملكة العربية السعودية الذي رحب بالتعاون مع لاعبي السودان في مجال اهتمام الجمعية، الذي يدعم اللاعبين بأشكال شتى، وقد جرى الاتفاق على دعوة النجمين الكبيرين نصرالدين جكسا و عبدالعزيز عبدالله لأداء فريضة الحج وزيارة المملكة.
وألقى كمال حامد- في حفل السحور الذي أُقيم على شرفه بفندق الضباب بالرياض- الضوء على كتابه (نصف قرن بين القلم والمايكروفون)، وقد سرد فيه تجربته في الصحافة والإعلام من خلال عمله في الـ (بي بي سي)، وصحيفتي (الحياة) و(الشرق الأوسط)، اللندنيتين، وصحيفة (عُكاظ) السعودية وعضويته في اللجنة الإعلامية للاتحاد العربي لكرة القدم واتحاد الإذاعات العربية والتلفزيون القومي السوداني.
كما تناول علاقته بالرمز الرياضي الأستاذ عبدالمنعم عبدالعال حميدة، رحمه الله، ودوره في داخل الوطن من خلال عمله في اتحاد مدني والاتحاد العام لكرة القدم، ثم من خلال رئاسته الرابطة الرياضية للسودانيين بالخارج.
وقد شكر د. حسين حسن حسين رئيس الجمعية للضيف الكبير قبوله الدعوة؛ مشيرًا إلى أهمية تواصل الأجيال، والتوثيق للشخصيات السودانية التي استطاعت بجهدها ومهنيتها أن تحتل مناصب رفيعة ومكانة عالية خارج الوطن.
وشارك في الاحتفال الأنيق عدد من الزملاء الصحفيين القادمين من السودان، وهم الأساتذة: مفتي محمد سعيد، وقسم خالد، ومحمد إدريس، وصديق أبونبيل، إلى جانب الرياضي المطبوع البروفيسور عثمان الحسن محمد نور مدير جامعة المغتربين.
كما شرف الاحتفال المهندس عبدالمنعم العوض رئيس الملتقى السوداني، والمهندس عبدالمنعم عمر رئيس رابطة الصالحية، والأساتذة علي خليل رئيس فريق بشائر الشمال، وأحمد زين نائب أمين مال الصالحية، وعائد محمد سيد رئيس جمعية عمارة، والدكتور عثمان والدكتور عبدالعظيم العوض، والأستاذ دفع الله، والمهندس عماد مقلد.
وقدم رئيس الجمعية في نهاية الاحتفال كتابة "التحرير الصحفي: نماذج من الصحافة العربية" إلى المحتفى به الأستاذ كمال حامد، إضافة إلى نسخة من المعجم النوبي للأستاذين مكي علي إدريس وخليل عيسى، وكذلك شمل الإهداء الزملاء القادمين من السودان.
وشارك في التنظيم من أعضاء الجمعية الأساتذة عزالدين الجعلي الأمين العام، ومحمود لعوتة مستشار الجمعية، وياسر فضل المولى وقد قام بالتقديم، ومحمد جاموس، وأبوبكر الأمين، والسمؤال عبدالباقي، وإبراهيم باترا.

منتدى الإعلام السعودي: صورة لمملكة الرؤية العام الحالي (2024م) سيكون «عام التحول الإعلامي في السعودية»، هذا ما أعلنه وزي...
21/02/2024

منتدى الإعلام السعودي: صورة لمملكة الرؤية

العام الحالي (2024م) سيكون «عام التحول الإعلامي في السعودية»، هذا ما أعلنه وزير الإعلام السعودي أمس (20 فبراير 2030م)، مع إطلاق عدد من ن الإستراتيجيات التطويرية لمنظومة الإعلام في السعودية.
تشرفت بحضور جانب من اليوم الأول للمنتدى، وككل زائر تفاجأت بكم الفعاليات المقامة في هيلتون الرياض، فقد تحلق حول النسخة الثالثة من قادة وصُنّاع قرار ومبتكرون من جميع أنحاء العالم. وتتضمن الفعالية أكثر من 60 جلسة حوارية وورشة عمل، يشارك فيها 150 متحدثاً من صُنّاع الإعلام والمختصين والممارسين من مختلف دول العالم، ويتناقش الإعلاميون هموم الإعلم - في هذا العصر المتسارع، الذي يأتي الإعلام عامل تغيير رئيس فيه- نحو 80 محوراً.

وركزت الجلسات الرئيسة في اليوم الأول على واقع الإعلام المحلي والعربي؛ إذ تناولت المناقشات بين صُنّاع القرار في المجال الإعلامي العربي والعالمي، مستقبل المنطقة في ظل تغيرات المناخ، ودور الإعلام في مواجهة التحولات في المجالات المختلفة، وتأثير الإعلام في الأزمات، والدور المتبادل بينهما، وتنظيم الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي.
أما جلسات اليوم الثاني (21 فبراير 2024م) فتشمل جلسة بعنوان "مستقبل الهوية الوطنية في عالمٍ يتشكّل"، وجلسة "التدريب الإعلامي.. النقص رغم الاحتياج" تليها جلسة "الإعلام السياسي في مواجهة ذاكرة السمكة" ثم "المهارات الإعلامية بين الشغف والمهنية"، تليها جلسة "الصحفيات وتشكيل إعلام من أجل السلام والشمولية"، والختام بجلسة "الفصل القادم في الإعلام.. تحدّي التغيير".
لقد تجولت بين جلسات اليوم الأول، ويبدو من نافلة القولة الحديث عن حسن التنظيم، لأنه أصبح ملازمًا وصفة لكل محفل سعودي؛ لأن المملكة أصبحت تمتلك تجربة عريضة في إدارة الحشود، مهما كان حجمها، ولعل ما نلمسه في حج كل عام من تنظيم دقيق يعدُّ أكبر دليل، وقد حظيت بلقاء عدد من الإعلاميين في القنوات المختلفة (واس، والسعودية الأولى، والسعودية 24، وغيرها)، وكان لأرامكو حضور واضح، ولمن لا يعلمون كان لهذه الشركة العملاقة دورها البارز في تطور الإعلام السعودي، إلى جانب ما لها من تأثير في الواقع الاجتماعي والاقتصادي، وتقف "القافلة" عملاقة بين المجلات تواجه عوادي الزمن على الصحافة الورقية، وكذلك كانت ذاكرة التاريخ مفتوحة لنقرأ بين سطورها عن الصحف الأولى، وبينها أم القرى الصحيفة الرسمية، وكان من حسن الطالع وجود شاب لديه الشغف لتقديم المعلومة بحب، فدار حوار جميل بيننا عن تاريخ أم القرى وتطورها، ولي بحكم المهنة معرفة كبيرة بها، فشكرت الشاب الرائع يوسف الأحمدي على لطفه، وكان التعاون هو سمة كل القائمين بالتنظيم..
اليوم مساء فعالية تسليم الفائزين بمسابقة المنتدى جوائزهم.
كل عام والإعلام العربي والسعودي بعافية ورقي.

رؤايَّ (رؤى حسين حسن) التي ظلَّت حلمًا جميلاً، واسمًا أردده حتى أعجب به أهل وزملاء، وأباحوه لتسمية بناتهم، أصبحت اليوم د...
12/02/2024

رؤايَّ (رؤى حسين حسن) التي ظلَّت حلمًا جميلاً، واسمًا أردده حتى أعجب به أهل وزملاء، وأباحوه لتسمية بناتهم، أصبحت اليوم دكتورة (أد الدنيا)، لتنثر الفرح في زمن عبوس، فتبعث كعادتها الأمل بأن القادم أجمل بها، وبشقيقتها وأشقائها، حفظهم الله، فأكدت بما لا يدع مجالاً للشك أنها مصدر لا ينضب للطاقة الإيجابية، بابتسامتها الآسرة، وروحها الجميلة، ونبلها الذي يضاهي نبل الفرسان ويفوقه.
ناني الجميلة، شكرًا أن منحتينا الفرح بتخرجك طبيبة أسنان، وفي انتظار أن تبلغي في المهنة التي تعشقيناها أقصى مدى من النجاح والتميّز.
لا أنسى أن أهنئك بيوم مولدك الذي أشرق في 10 فبراير، ليكون تخرجك بعده بيوم، ليصبح فبراير هو شهر الفرح، الذي هلّ فيه أيضاً (بابايا- حسن حسين).
كعادتنا عندما نستدعي في عز الفرح بعض الشجون، تخيلت ستو وهي تشهد هذا اليوم السعيد، الذي أصبحت فيه (قمرين) دكتورة، ولكن روحها وروح من تحبين (حبوبة وجدو) وجدو الذي لم ترينه، أرواحهم ترفرف بالتأكيد فرحًا بكِ، دعائي أن يحفظكِ الله، ويعطيكِ بقدر ما تحملين من روح جميلة محبة للناس والحياة.
شكرًا (ناني) (أمرين- قمرين)، لقد أهديتينا فرحًا يمسح ما علق في الروح من رهق الحياة، من أجل أن نواصل المسير بعزم جديد ويقين بأنه سيكون لنا قريبًا جدًا وطن يستوعب أفراحنا، وآثار التدافع بالمناكب في حياة تحلو بهذه وتلك، فهي سنة كونية، ولا عجب أن نرغب في ازدياد.
رؤايَّ كم أحبكِ، وكم تستحق منا (ماما) أن نقول لها شكرًا، وكم يستحق منا من يشاركوننا الفرح من إخوة وأخوات، وأعمام وعمات، وخالات وأخوال، وأهل وخلان، أن نزف لهم الخبر أن نأني كبرت وكبرتنا.

الدكتور الشفيع خضر سعيد صوت العقل الذي ينبغي الإنصات إليه
05/02/2024

الدكتور الشفيع خضر سعيد صوت العقل الذي ينبغي الإنصات إليه

حرب السودان وتسليح المدنيين
د. الشفيع خضر سعيد
5 فبراير 2024 | القدس العربي

مناقشة ظاهرة الاستنفار وتسليح المدنيين في السودان، هو ثاني اقتراحين ومناشدتين تناولناهم في المقالين السابقين.
المناشدة الأولى كانت دعوة لكل من تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية «تقدم» والقوى المدنية خارج التنسيقية لتشكيل لجنة تحضيرية مشتركة تباشر التحضير السياسي والإجرائي لمؤتمر جامع للقوى السياسية والمدنية، يعقد في أسرع وقت. ووجهنا المناشدة الثانية إلى اللجنة الثلاثية رفيعة المستوى التي شكلها الاتحاد الأفريقي لتسوية الصراع الدائر في السودان، ملتمسين منها تكثيف جهودها لتوحيد المبادرات الإقليمية والدولية وتجميعها في منبر واحد، بدلا من أن تفترع مسارا أو منبرا جديدا يبدأ من الصفر. وفي حال تعزر عقد المؤتمر الوارد في مناشدتنا الأولى، اقترحنا أن تتنادى قوى «تقدم» والجبهة النقابية ولجان المقاومة/غرف الطوارئ والضباط المعاشيون من القوات النظامية وأي من المكونات المدنية الأخرى، بمبادرة من أحد أطراف هذه القوى، لتشكيل مجموعة عمل تتوافق حول رؤية لوقف الحرب وتذهب بها إلى لقاءات مباشرة مع طرفي القتال والمجتمع الدولي والإقليمي، وفي ذات الوقت تشكل هذه الرؤية مادة لتنظيم مقاومة شعبية سلمية داخل البلاد ضد الحرب ومحاولات وأد ثورة ديسمبر/كانون الأول.
وفي مقالنا السابق، ابتدرنا مناقشة اقتراحنا الثاني، وهو موجه إلى القوى المدنية السودانية، ويتعلق بالاستنفار والمقاومة الشعبية المسلحة، وقلنا إن دعوات الاستنفار والمقاومة الشعبية المسلحة، هي استجابة موضوعية ومتوقعة لتحشيد الأهالي من أجل الدفاع عن مناطقهم، وجاءت كرد فعل للانتهاكات الواسعة من قوات الدعم السريع تجاه المواطنين، وتعكس إدراكا متزايدا عند المواطنين بأن الجيش غير قادر بمفرده على حمايتهم. وأن النظر إليها باعتبارها من صنع فلول النظام البائد ليس صحيحا، رغم وجود شواهد تؤكد بأن هولاء الفلول يسعون لاختراقها لخدمة أهدافهم المعادية لثورة الشعب السوداني، ولتصفية الحسابات السياسية مع قوى الثورة والانتقام منها، لذلك تستخدم في اعتقالات أعضاء لجان المقاومة ولجان غرف الطوارئ وأعضاء تحالف قوى الحرية والتغيير والتهديد بتصفيتهم بزعم أنهم عملاء للدعم السريع. ونوهنا إلى خطأ التعامل مع التجربة السودانية وكأنها بذات ملامح وسمات تجربة المقاومة الشعبية في الجزائر أو فيتنام أو جنوب أفريقيا مثلا، فالظروف والطبيعة الخاصة والسياقات، زمانيا ومكانيا، تختلف هنا وهناك.
ومن زاوية أخرى، صحيح أن تواجد السلاح خارج القوات النظامية في السودان، كان في البداية نتيجة
للحروب في البلدان المجاورة، وتحديداً ليبيا وتشاد، ولكنه كان تواجداً محدوداً ومحصوراً تقريبا في دارفور قبل أن ينتشر لاحقاً في بقية أقاليم البلاد. وصحيح أن استنفار المدنيين وتسليحهم لدعم الجيش السوداني ليس بالأمر الجديد. فقد شهدت فترة الديمقراطية الثالثة، 1986 ـ 1989، توزيع السلاح على القبائل من الأصول العربية في مناطق دارفور وكردفان المتاخمة لجنوب السودان، وشُكّلت منها ما عُرف بقوات «المراحيل» وكان الهدف المعلن هو حماية مواشي هذه القبائل من هجمات جيش الحركة الشعبية لتحرير السودان المنطلق من جنوب البلاد، بينما كان الهدف المستبطن أن تخوض قوات «المراحيل» العمليات العسكرية، جنباً الى جنب مع القوات المسلحة السودانية، ضد جيش الحركة الشعبية.
وبعد استيلائه على الحكم، واصل نظام «الإنقاذ» برنامج تسليح القبائل وتكوين مليشيات مقاتلة منها، بهدف مساعدته في حربه ضد المعارضة المسلحة في دارفور، ثم بهدف حماية النظام في مركز البلاد. ورغم أن «الإنقاذ» ظلت تنفي ضلوعها في تسليح القبائل وتكوين ميليشيات منها، لكن كل الشواهد والتحريات، بما فيها تحريات لجان التحقيق السودانية والدولية حول أحداث دارفور، كانت تؤكد عكس ذلك. وهكذا، فإن تسليح المجموعات القبلية المختلفة وتشجيعها على أخذ ما تراه حقها بالقوة، كان يتم إما بتخطيط من دوائر متنفذة في السلطة الحاكمة، ولأسباب سياسية، أو كرد فعل طبيعي لإشتداد سطوة استعلاء النخب الحاكمة في المركز، خاصة في ظل حكم «الإنقاذ» الذي بادر باستخدام العنف بهدف كسر شوكة الحركات المحتجة في الأطراف، حتى وصل الأمر حد غياب القانون وسلطة الدولة عن مساحات واسعة من البلاد.
وبالنسبة لدعاوى الاستنفار والمقاومة الشعبية المسلحة التي تجري الآن في السودان، فنحن نرى خللا، بل وخطورة، في الطريقة التي تتم بها. فمن الواضح أن كل المناطق التي شهدت الاستجابة للاستنفار وتكوين المقاومة المسلحة، كانت الدعوات فيها على أساس جهوي وإثني ويقودها قادة القبائل والعشائر، واتسمت بمعاداة أبناء غرب السودان والمناداة بطردهم من المناطق الشمالية، باعتبار أن قوات الدعم السريع من إقليم دارفور. وبالمقابل، سبق لكثير من المكونات الاجتماعية في إقليم دارفور، خاصة المكونات التي تنتمي إلى أصول عربية، أن أعلنت انضمامها إلى قوات الدعم السريع. أيضا، فإن تسليح المدنيين على أساس الجهوية والإثنية، سيضر بالجيش السوداني نفسه لأن غالبية جنوده من مناطق الهامش، ومن بينها دارفور.
وقطعا سيتأثر هؤلاء الجنود بأي مواقف عنصرية تجاه أهلهم، في الشمال مثلا، مما يدفعهم إلى عدم الاستمرار في الجيش. وفي كل الأحوال، وفي ظل خطاب العنصرية والكراهية، وحالة الاستقطاب الكبير الذي خلفه القتال المستمر منذ عدة أشهر، ستتخذ الحرب مسارا إثنيا وعرقيا، يدفع البلاد إلى أتون حرب أهلية شاملة، حيث القتل يتم على أساس الهوية الإثنية أو السياسية، والنتيجة المتوقعة هي تقسيم البلاد وتفتيت وحدتها.
وبسبب افتقارها إلى قدرات التنقل واللوجستيات والقوة النارية الضاربة والقيادة والسيطرة، من المشكوك أن تحدث المقاومة الشعبية المسلحة أي فرق جوهري في الوضع العسكري العام، بل ويمكنها أن تساهم في إضعاف الجيش إذا نافسته على المجندين والأسلحة والتمويل من الدولة، وأمامنا تجربة قوات الدعم السريع.
إذن اقتراحنا الثاني هو أن من واجب القوى المدنية السودانية أن تضع ضمن أولويات أجندتها، كيفية التعامل مع ظاهرة الاستنفار وتكوين المقاومة الشعبية المسلحة، ومن جانبنا سنناقش لاحقا هذا المقترح ونتقدم بمساهمة حول هذه الكيفية.

مشهد إعلامي عبثي بامتيازلا يكفي أن نصف الحرب الدائرة الآن بين القوات المسلحة والدعم السريع بالعبثية، فالعبث يترى منذ اند...
02/12/2023

مشهد إعلامي عبثي بامتياز

لا يكفي أن نصف الحرب الدائرة الآن بين القوات المسلحة والدعم السريع بالعبثية، فالعبث يترى منذ اندلاع هذه الحرب اللعينة، وبصفتي صحفيّاً تؤلمني عبثية المشهد الإعلامي، في الوقت الذي يحتاج فيه الوطن إلى إعلام رشيد، قائم بدايةً على المعلومات الصحيحة، ثم التحليل الواعي، الذي ينحاز إلى الوطن، بموضوعيته، وتجرده من الذاتية، والانتماء الضيق، سواء أكان لحزب، أم جهة، أم للأنا.
إنَّ هذه الأنا أفرزت ما يمكن وصفه بالأوبئة الإعلامية، التي تتكاثر بشكل أميبي، وتبرز أمراضًا اجتماعية لا أعلم هل كان مسكوت عنها، أم أنها كانت كالخلايا النائمة، وجدت في الحرب بيئة مواتية، لتفصح عن نفسها.
الشذوذ من الجنسين يملأ الساحة، فنجد أنَّ من أخفق أن يكون فنانًا، رأى أن يتحوّل إلى مسخ مثير للشفقة، حتى يمكن القول إنه لا (خلقة ولا أخلاق)، ومن المؤسف أن يجد متابعين يصفونه بالشجاع؛ لأنه رفض أن يكون رجلاً، وارتضى هذه الإطلالة التي تدر عليه دخلاً لم يستطع أن يحصل عليه بمؤهله العلمي، ولا بادعائه الفن، الذي يعني السمو عندما يكون الفنان أصيلاً.
وتملأ الساحة نساء كبيرات في السن، وفتيات، تستغرب أن يكن سودانيات، بسبب ما يتسمن من بذاءة فائقة في القول، وابتذال في اللبس، ثم ضحالة في الفكر، وقبح لا حدّ له، فتصيبنا الدهشة من جرأتهن على اقتحام حياتنا بكل هذه البضاعة الصدئة.
وأقبح من ذلك بعض من يقدمون اللايفات، أو البث المباشر، فالموضوع الذي يُطرح لا معلومة صحيحة أو موثقة عنه، والتقديم يعتمد على الصراخ و(البل)، التي في ظني أسوأ مصطلح سوداني، وقد تابعت لقاء بين اثنين من أسوأ من أفرزتهم مرحلة الثورة، وما بعدها، وهما: أبو رهف، الذي يأكل عيش بهيئته العجيبة، وبضاعته التي تنتصر للشائعة، وبث ما يريده من يدفع، وأسلوبه الذي يعتمد على الشعبوية و”الرجالة”، وتعالى تعالى، كأي بائع متجول يسوق لما يبيع من أوانٍ منزلية و”ربابيكيا” كما في مصر، والثاني ذلك “الشايب” المتصابي صلاح سندالة، أحد المستفزين من أصحاب اللايفات، وعلى المتابع أن يأخذ الجانب الآخر، لأنه لا ينطق إلا عن هوى، ويعطي لنفسه حق الإساءة للآخرين من دون أن يطرف له جفن.
عندما اجتمع الاثنان، شعرت كما لو أن مجاري الصرف الصحي في المدينة قد انفجرت فجأة، فتسمم الجو، حتى أصبت بالغثيان، فقد تخيّر أبو رهف أسوأ مفردات القاموس، التي لا يمكن أن تسمعها، فما بالك بأسرتك، وفيها الابن والبنت والأم والزوجة، كيف لهؤلاء أن يتعرضوا لمثل هذا البذاءة التي تقتحمهم بلا استئذان. كما أن ما يدعو للرثاء عدم احترام الصغير الكبير، والتبسط في القول إلى حد البذاءة المقيتة، وتأتي ضحكة الشايب (المايعة) لتزداد سوداوية المشهد.
وتماثلهما في البذاء، تلك البدينة، التي تعترف بأنّها خُلقت ونشأت على البذاءة، وتطالب من لا يعجبه هذا الوحل، ألا يتابعها، وقد ترحمنا على أيام أخريات كنا نصفهن بالبذاءة، ولكن اليوم نرى أنهن فضليات بالمقارنة.
السؤال: هل عجزنا نحن الإعلاميين أن نطوّر قدراتنا، ونواكب العصر، فجاء هؤلاء ليملؤوا الفراغ؟ أم أن المتلقي غيّرته الظروف الحالية فأصبح يؤثر الغث، ويستسيغه أكثر من السمين؟ أم لا سمين يٌقدم في ظل ما تشهده الساحة من استقطاب حاد.
تعريجة: تلفزيون السودان عاد إلى عهد الإنقاذ في مرحلته الأولى، حيث دغدغة المشاعر بالشعارات الدينية، والأغاني الحماسية، والتهليل والتكبير، والتركيز على (سفة خالد سلك) أكثر من تقديم معلومة عما يحدث في أرض المعركة، والإجابة عن سؤال: إلى أين يتجه السودان؟

د. حسين حسن حسين

https://www.alttahrer.com/archives/92969

Address


Alerts

Be the first to know and let us send you an email when مدونة الصحفي حسين حسن حسين posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Shortcuts

  • Address
  • Alerts
  • Claim ownership or report listing
  • Want your business to be the top-listed Media Company?

Share