21/03/2024
- طيلة مسيرتي الدراسية الممتدة من المسيد وصولاً إلى رحاب الجامعة، التي تعاقب عليها عشرات الأساتذة الأفاضل والأستاذات الفضليات جزاهم الله عنا خير الجزاء، لم اصادف فيها يوماً معلماً أو أستاذاً بصفات وخصال تقرب أو تشبه ولو من بعيد "الشخصية" التي لعبها الممثل "عبد الفتاح الغرباوي"، ضمن سلسلة "ولاد يزة"، التي تعرضها القناة الأولى، لا شكلاً ولا مضموناً ولا سلوكاً.
حاولت جاهدا تأمل الشخصية إياها، بحس فني متواضع، محاولاً قدر الإمكان سبر غوار خلفياتها ودوافعها الدرامية والرسائل التي يمكن أن تبصم عليها، لعلي أجد ما يبرر هذا التنميط في تناول قدوات المجتمع ورموزه في أعمالنا الفنية بهذه الصورة المتدنية للأسف، ولم أجد مصوغاً فنياً واحداً يدعم أو يبرر وجود هذه الشخصية على هذه الشاكلة في عمل فني تليفزيوني يعرض عبر قناة عمومية في شهر فضيل أمام عموم المغاربة.
شخصية عديمة الهوية والخصوصية، لا قيمة فنية لها، لا الواقع يدعمها ولا الخيال يقبلها ويجيزها، سواء في ارتباطها بجوانبها الدرامية المنعدمة من الأصل، أو من ناحية علاقتها بأبعادها الكوميدية الرديئة، بإستثناء إمعانها في اذلال واستحقار صورة ومكانة المعلم/الأستاذ، واغتياله رمزياً ومعنوياً في مخيال النشئ، لن نتفاجئ غداً إذا وجدنا تلاميذ يتطاولون على اساتذتهم داخل الأقسام وفي ساحات المدارس، ويخاطبونهم بأسلوب بذيئ لا يليق، معتقدين أنه سلوكاً عادياً ومألوفاً لهم، تشربوه من أعمال فنية فاسدة.
إن الأعمال الفنية التليفزيونية الكوميدية منها والدرامية على تنوعها واختلافها، إذا حادت عن أهدافها النبيلة وغاياتها الحميدة ومقاصدها الفضلى، المتمثلة أساساً في تعزيز منظومة القيم داخل المجتمع، والرفع من منسوب وعيه، والارتقاء بذوقه، تصبح سماً خطيراً يتسرب ببطأ لعقول ومخيال النشئ، سيكون له آثار وخيمة وتدعيات خطيرة على المستوى المتوسط والبعيد.
"كل التضامن مع مربي/ة الأجيال حيثما كان"