21/02/2022
هذه الاشكاليات تظهر بسبب الخلط بين الحياة والدين!!!
فالاصل ان الدين يأتي في سياق الحياة، وليست الحياة تاتي في سياق الدين!!!
واغلب شيوخ الدين ووعاظهم ينطلقون من المقولة الثانية، مما يشوه الحياة والدين!!!
فالأصل ان الحياة طبع وفطرة، وان الدين تكليف مفروض على هذه الحياة، وبالتالي يتخذ الانسان موقفا من الحياة وفقا لفروض الدين اقتناعا بها وطلبا للفوز بالثواب يوم الحساب. ووفقا لطبيعة الانسان فان لها بواعث داخلية هي من تعلل سلوكه، وهي من تجعله يفعل او لا يفعل، فهو يأكل طلبا للشهوة واللذة والصحة والبقاء ابتداءا، ولكنه يصوم امتثالا لامر الدين بالتكليف، فلا يصح ان يكون الصوم طبعا ولا فطرة ولا مطلوبا لذاته ولا باعثا ذاتيا، (ومن يقول انه يتلذذ بالامتناع عن الأكل والشرب فهو كاذب ومنافق فليس هذا من طبع الانسان). وهو أيضا يحب أخذ المال والتملك طبعا (يحبون المال حبا جما) ولكنه يدفع الزكاة تكليفا معاندة للطبع طمعا في ثواب الله الآجل اذا دخل في الدين، ومن يقول انه يسر ويسعد بدفع المال فهو كاذب منافق!!!
وهكذا بقية التكاليف......
لذلك فالنفاق والرياء اللذان وصفتهما لا يظهران في المجتمع المتدين، الا اذا كان الدين مفروض بالاكراه!!!! لذلك حرص الله على ان يخبرنا (لا اكره في الدين) وهذه جملة خبرية تشكل قضية منطقية كلية سالبة...اي انه ما يخالطه الاكراه ليس دينا...والاكراه يأتي من ممارسات الآخرين الأحكام على افعال الفرد بالتحسين والتقبيح، اي بالمدح والذم!!! والانسان مفطور ومطبوع على حب المدح وكره الذم وهذا من الحياة وليس من الدين اي حب المرء للمدح ونفوره من الذم.
لذلك ينبغي التفريق بين سلوك الفرد وسلوك الجماعة، فسلوك الأفراد باعثه النجاة الفردية، لذلك قال الله (وكلهم آتيه يوم القيامة فردا) فالله يحاسب الأفراد ولا يحاسب المجتمعات والدول والمؤسسات يوم القيامة، لان حساب المجتمعات والدول يكون في الدنيا فعواقب سلوكهم في الدنيا من نجاح او سقوط تقدم وتاخر منعة او هوانا وذلة دوام وتمكين او زوال واندثار!!! (لذلك تجد مجتمعات كافرة ومتقدمة ومزدهرة حصاد اعمالهم كمجتمع وان كانوا كفارا كافراد ويلقون جزاءهم في الآخرة، وتجد مجتمعات مسلمة ومؤمنة ضعيفة فقيرة مستلبة متخلفة وأيضا حصائد اعمالهم كمجتمع في الدنيا...اي هذه عقوبتهم في الدنيا...وان كانوا كافراد سيثابون كل وفق نيته وبواعثه)
لذلك وعليه فكل اعمال الدين فردية لا اكراه فيها وهي تخالف طبع الانسان ويقوم بها تكليفا وحسابه في الآخرة، فان اكرهته نافق ورآى وتملق، فهو لا يؤجر يوم الحساب ولكن اعماله تفيده في الدنيا وتفيد ايضا المجتمع.
وكل اعمال المجتمعات والدول والحياة جماعية وفوائدها ومنافعا في الدنيا، واعمال افرادها يحاسبون عليها في الاخرة بحسب نواياهم وبواعثهم ويمدحون او يذمون حسب مظاهرهم في الحياة الدنيا ومنافعها لا تكون الا في الحياة الدنيا.
لذلك حل المعادلة بين الفردي والمجتمعي، هو عدم الاكراه وتقديم الحياة على الدين اي جعل الدين في خدمة الحياة لا العكس، لان الحياة جوهر والدين عارض عليها، والدين هو موقف تجاه الحياة وليس عين الحياة وليست الحياة موقفا تجاه الدين فهي سابقة عليه زمنيا ومنطقيا.
مصطفى صدقي الضراغمه