رواية قالت أمي للسجان

  • Home
  • رواية قالت أمي للسجان

رواية قالت أمي للسجان رواية قالت امي للسجان

لروائي جويطي يرفض ادعاء البعض البطولة في أحداث مولاي بوعزةيوسف الطاهري---في اللقاء الذي نظمته فدرالية اليسار الديمقراطي ...
22/06/2024

لروائي جويطي يرفض ادعاء البعض البطولة في أحداث مولاي بوعزة
يوسف الطاهري
---
في اللقاء الذي نظمته فدرالية اليسار الديمقراطي حول رواية" الأيام الأربعة" ( وهو لقاء متميز يؤسس لعلاقات جديدة بين المثقف واليسار وأتمنى أن لا يكون حدثا يتيما) والتي تدور أحداثها حول أحداث مولاي بوعزة أو ما يعرف بأحداث 3مارس 73 التي قادها الاتجاه المسلح للاتحاد الوطني للقوات الشعبية. قال الروائي عبد الكريم جويطي بأن هناك بعض من كتبوا عن الأحداث ووضعوا أنفسهم أبطالا فيها، إلى حد قال أحدهم إنه هو من أوقف تجربة الكفاح المسلح، والحقيقة غير ذلك. وأضاف أنه كان على هؤلاء كتابة تلك الأحداث عندما كان قادتها أحياء وليس بعدما رحلوا عن الدينا.
لقد كان جويطي مصيبا فيما يقول (خاصة أن بعضهم حتى وإن لم يكتبوا عن تلك الأحداث يتحدثون عنها وكأنهم كانوا فاعلين أساسيين)، وهو الذي يملك تفاصيل كثيرة عن تلك الأحداث زوده بها قياديون وفاعلون أساسيون في تجربة حركة 3مارس التي ستعرف بعد ذلك بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية – حركة الاختيار الثوري، وقد ذكر واحدا منهم وهو الفقيد سعيد بونعيلات الذي تم اعتقاله في إسبانيا رفقة الفقيد أحمد بنجلون في سبتمبر 1970 وتمت محاكمته في محاكمة مراكش الكبرى.
والحقيقة أن مناضلي القواعد التنظيمية لتلك الحركة لم يمتلكوا الحق في التقرير، وكان غالبيتهم كما قال لي أحدهم، أنهم كانوا جنودا ينتظرون أوامر القيادة " كُنا كِ العَسْكَر نَستناو الأوامر تجي من الفوق". بل أن أعضاء في القيادة أنفسهم كانوا يعانون انفراد (الفقيه البصري وبعض مستشاريه)، بالقرارات الحزبية ويمكن استخلاص ذلك من خلال رسالة الشهيد محمود بنونة الموجهة للفقيه البصري والتي بعد أن يؤكد فيها أن التنظيم الثوري تنظيم انضباط اعمى وطاعة حديدية يرى أنه (أي التنظيم) لا يقتصر على ذلك، بل يريد تنظيما ديمقراطيا منفتحا يسمح بالتداول في الأفكار بين القيادة والقاعدة، وقد جاء ذلك في خاتمة الرسالة حيث يقول:
"لست أحاول هنا إعياء مسامعك بنصوص نظرية، إذ أن مرض "الجملة الثورية" من أكبر العوائق، وإنما هي بعض الملاحظات أراها أساسية بل ومنها المبدئية طلبت باجتماع لطرحها في إطارها بعد انتهاء مرحلة الشرق وقبل أن نقدم على مرحلة الدخول سنة 69 ، غير أن ذلك لم يحدث، واعرضها عليك بكل وضوح بناءا على اقتناعي بأن التنظيم الثوري الحقيقي هو الى جانب "انضباط أعمى" و " طاعة حديدية" فانه أيضا متفتح لدرجة تسمح بنقل الأفكار والإبداع في تيار مزدوج من القمة الى القاعدة ومن القاعدة الى القمة، وهذه إحدى الضمانات الأولية ليكون التنظيم طليعة فعلية للطبقة الكادحة يعيش واقعها ويعيش في زمنه ويعيش مشاكله."
إن انفراد البصري وبعض من مرافقيه الدائمين بالقرارات الحزبية وتبنيه للعقلية الانقلابية، كانا سببين في إعلان طرده من الحزب في سنة 1982.تم نشره في مجلة الاختيار الثوري وذلك بعد مرور تسع سنوات على استشهاد الشهيد المناضل المثقف محمود بنونة.

إن غياب كتابات مناضلي حركة 3مارس من مذكرات وشهادات عن تجربتهم مع استثناءات قليلة لأنهم عاجزين على الكتابة بحكم أميتهم أو تعليمهم المحدود غير المؤهل للكتابة، وكان أغلبهم من الفلاحين الفقراء ويمكن عد المثقفين على الأصابع، منهم الشهيد بنونة والفقيدين أحمد بنجلون و الفقيد عبد الغني بوستة الذي ذكره الروائي جويطي والذي رحل مبكرا دون أن يكتب مذكرات عن تلك التجربة ، بينما نرى العكس من ذلك في تجربة اليسار الجديد التي كتبت حولها العديد من المذكرات والروايات بحكم طبيعة قاعدته المعروفة بالمثقفين والطلبة الجامعيين والتلاميذ.

بالتمغربيت فإن الأدب (ما يوَكَّلْش الْخُبْزْ).في البدء، أعتز بكل التفاعلات الجميلة التي غمرني بها الأصدقاء والصديقات في ...
20/06/2024

بالتمغربيت فإن الأدب (ما يوَكَّلْش الْخُبْزْ).
في البدء، أعتز بكل التفاعلات الجميلة التي غمرني بها الأصدقاء والصديقات في التدوينة الأخيرة التي عنونتها ب" هكذا أدركتني حرفة الأدب"، تلك التفاعلات التي أشعرتني أغلبها أن النص يوحي بصورة غير حقيقية لكيف أعيش حياتي وبأني متشائم وحزين على مر الأيام وفاقد للأمل، وذلك طبيعي بحكم طبيعة السرد المؤلم من جهة وبحكم حضور بعض الأحداث التي عرفتها حياتي في أذهان بعض الصديقات والأصدقاء والمتسمة بالألم. والحقيقة أني أعيش حياة طبيعية أقاوم الألام الحياتية مل كل الناس. وإذا كان النص مشحون بكمية كبير من الألم فذك له دوافعه اللحظية، مثله مثل كل النصوص التي تحضر فيها ذاتي كنصوص تعبر بصدق عن حالة نفسية عابرة. والحقيقة أني عندما أتمكن من نقل واقعة أو حالة ألم إلى نص إبداعي مثل النص المذكور أشعر بفرح داخلي غريب فيه من المتعة ما يفتح أمالا كبيرة في الحياة. ويجب التذكير أني أميل للاتجاه الذي يقول إن النصوص الممتعة هي النصوص الإبداعية التي يحضر فيها الألم بقوة. وأنحاز لفكرة الشاعر والناقد البرتغالي فرناندو بسوا عندما يقول: في العمق، ليس ثمة من مُتعة أخرى سوى تشريح الألم.
ورغم أني كتبت النص مبدعا لا شاكيا وكتبت تلك التدوينة بدون خجل و بكل جرأة كشفت فيها عن ذاتي للآخرين وعبرت فيها عن رأيي حول ما لحق بي من ظلم في هذه الحياة، لأني أومن بالوصية التي جاءت في الصفحة 56 من كتاب " الحكاية وما فيها" لصاحبه محمد عبد النبي التي تقول: (إذا كنت تخشى عن كشف ذاتك للآخرين، فلا يجب أن تذهب بها إلى نصوصك). ونفذت تلك التوصية ونقلت مشاعر شخصي، فكانت النتيجة ذلك التعاطف القوي المفعم بالدفء من قبل الأصدقاء والصديقات.
وهكذا فلم يكن النص السابق استجداء عاطفة أو رغبة في التعبير عن وضع أو بالأصح عن منحى "متاشئم"، فلولا الأمل الذي سكن كل أحلامي لما عبرت تلك المحن سالما متعافيا بما يمكن أن تحدثه أهوالها في الفرد أيا كانت صلابته، بل كنت أبحث من خلاله إزالة بعض ما يجثم على الصدر بما أني مدرك بأن الكتابة هي وقاية وعلاج في نفس الوقت لأي وجع يمس ذات الإنسان.
لقد كان النص خاطرة إبداعية عفوية اختلجت شياطينها أحشائي في لحظة ما، وكنت قد تعرضت لما يبرر انفجارها في لحظة موازية وأنا اقرأ عن ما يعرف بحُرفة الأدب، وشعرت أن مواصفات ضحاياها (أي ضحايا حرفة الأدب) متوفرة في حياتي اليومية، و بما أني أهوى التلذذ والاستمتاع بخوض المغامرات الذاتية وأكشف ذاتي لنفسي لأعرفها أكثر، منفذا تلك الفكرة التي تقول: إن لم تغامر عاطفيا فما زلت بعيدا عن ذاتك الداخلية. واعتبر البوح بما هو داخلي خاص هو مغامرة عاطفية.
لقد كان قصدي في تلك التدوينة هو التعريف بما يسمى بحُرفة الأدب، وإذا بي أجد نفسي مقصودا بها (أي حرفة الأدب) مع أني لا أدعي أني عشت أو أعيش الألم أكثر من الآخرين، فعندما أرى ما عاش ويعيش الناس في حياتهم اليومية (من محن مختلفة المصادر)، وقد أقول عن الحياة الأليمة التي يعانونها ما قال الشاعر محمد الماغوط على نفسه عندما قال: أنا قطعا ما كنت مربوطا إلى رحمي بحبل سرة، بل بحبل مشنقة، فإني أتأثر كثيرا وأشفق عليهم أكثر مما أشفق على نفسي.
كما سبق وأن قلت إن (أدركته حرفة الادب) تقال في الأديب الذي يعيش المحن وعذاب الوضع الاجتماعي بسبب عشقه وانشغاله بالأدب، والفنون بشكل عام تشغل الفنان عن حياته ومتطلباتها، مكرسا كل أوقاته للانشغال بأدبه او فنه.
وبمعنى آخر و بالتمغربيت ، إن الأدب (ما يوَكَّلْش الْخُبْزْ) وقد قالها الشاعر والناقد الأدبي السوري عبد الكريم الناعم، فقد اعتبر مهنة الأدب هي مهنة الفقر ولا تطعم خبزا و لا تجعل الأديب يعيش مما تدر عليه منتوجاته.
ومن أروع ما قيل حول عوز وفقر الأدباء. ما قاله الشاعر المصري محمد غنيم لأحد أصدقائه الشعراء ساخرا بعد أن سُرقت محفظته:
هون عليك وجفف دمعك الغالي ***لا يجمع الله بين الشعر والمال.
أما الروائي الإنجليزي william Makepeace Thackeray وليم ميكبيس ثاكري والمشهور بأعماله الساخرة، فقد ترك الأدب ليمتهن الصحافة من أجل قوت العيش قائلا: إن الأدب ليس تجارةً ولا مهنة ولكنه الحظ الأنكد.
ومن المآسي التي عرفها الأدباء العرب هي مأساة أبو حيان التوحيدي الفيلسوف الموسوعي للقرن الرابع الهجري وسمي بأديب الفلاسفة وفيلسوف الأدباء. والذي امتهن الوراقة حِرفة لإعالة نفسه، لكنها لم تحقق حاجياته. وقد اضطر اللجوء لبعض معارفه الميسورين مثل الرياضي وعالم الفلك أبي الوفاء البوزجاني و أرسل له رسالة يدعوه فيها إلى مساعدته يقول فيها: أيها الشيخ .. خلصني أيها الرجل من التكفف، وأنقذني من لبس الفقر... فإنني عاطل، قد أذلني السفر من بلد الى بلد، وخذلني الوقوف على باب باب، ونكرني العارف وتباعد عني القريب مني.. لكن لا أحد منهم استجاب لطلب إعانته.
ويقال إن التوحيدي كان متشائما ومعتدا بنفسه، وقد جعله اليأس يقدم على حرق كل كتبه التي لم تؤمن له قوت يومه، واعْتبر البعض ذلك بمثابة انتحار، وكان ذلك بعد أن ولى خائبا بعد لجوئه لبعض من وثق بهم لمساعدته.
في أحد رسائله إلى أحد الروائيين الشباب، كتب الروائي البيروفي صاحب جائزة نوبل (ماريو برغاس يوسا) يقول له: إن الأدب حين يتحكم في صاحبه يصير كتلك الدودة اللعينة التي تنفذ إلى الأمعاء، وتربض هناك تتغذى على صاحبها دون توقف. مما يعني أن الفقر ملازم للأديب، وإنه سيعاني إن لم يمتهن مهنا أخرى تلبي حاجياته الحياتية.
وقد كانت مقدمة كتاب: «حصاد الهشيم» كتب إبراهيم عبد القادر المازني تعبير عن المأساة التي يعيشها الكاتب بعد عجزه عن تسويق كتبه حيث جاء فيها:
هذه مقالات مختلفة، تباع المجموعة بعشرة قروش لا أكثر، وأقسم لك أنك تشتري عصارة عقلي وإن كان فجًا، ومجهود أعصابي وهي سقيمة بأبخس الأثمان! إن في الكتاب أكثر من أربعين مقالًا تختلف طولًا وقَصرًا وعمقًا وضحولة، وأنت تشتري كلَّ أربعٍ منها بقرش..
أتمنى أني أكون طمأنت الأصدقاء والصديقات و أزلت اللبس عن خلية النص السابق.

هدية للراغبين في قراءة رواية قالت أمي للسجانيوسف الطاهريكدت أنساها بعد متاعب محنة الطبع والتوزيع، كنت أرغب في إيصالها إل...
05/05/2020

هدية للراغبين في قراءة رواية قالت أمي للسجان
يوسف الطاهري
كدت أنساها بعد متاعب محنة الطبع والتوزيع، كنت أرغب في إيصالها إلى كل عشاق القراءة ونقاد الرواية لكنني لم أفلح.
عندما مسكت النسخة الأولى نسيت السنوات التي كلفتني كتابتها وفي عواصف حياتية كانت تمنعني من الاستمرار في الكتابة. شعرت أني أنهيت لحظة البداية أي أني توفقت في فتح أول باب ألج منه إلى فضاء الكتابة الروائية الشاسع و التي كانت قبل سنوات غريبة عني أو كنت أنا غريب عنها من كون اختصاصي لم يكن أدبيا يوما، فقد كان اختصاصي في الدراسة علميا ولم أهتم بقواعد اللغة التي شكلت أهم تحدي اتعبني في الكتابة. مما جعلني أعود مرات عديدة للبحث عن قاعدة ما و أسأل أصدقائي أحيانا عن بعضها.
والآن وقد أرغم الحجر الناس على المكوث في منازلهم، فقد يكون الوضع مناسبا لتحقيق مراد الرواية أو طبيعتها. فالرواية محتاجة للقراءة والنقد فبدون هذين العاملين تصبح الرواية مجرد أوراق جامدة لا روح تسكنها.
لهذا أهدي كل من يرغب في قراءتها للمتعة أو النقد أن يتصل بي على الخاص لأرسلها له مصحوبة بكلمة المرور. و قراءة ممتعة.

راءة تحليلية لروايتي قالت أمي للسجان من إنجاز الناقد جواد المومني نشرت في الملحق الثقافي للاتحاد الاشتراكي اليوم الجمعة ...
18/10/2019

راءة تحليلية لروايتي قالت أمي للسجان من إنجاز الناقد جواد المومني نشرت في الملحق الثقافي للاتحاد الاشتراكي اليوم الجمعة 18 أكتوبر 2019 تحت عنوان:
رواية : " قالت أمي للسجان " ليوسف الطاهري أو الكتابة بالدم

( مأساة الذات و الذاكرة ).

-----رواية : " قالت أمي للسجان " ليوسف الطاهري أو الكتابة بالدم

( مأساة الذات و الذاكرة ).

إنجاز: جواد المومني

على سبيل التقديم:

ما الألم؟ أهو تشنج أم وجع؟ أهو أعراض وعُسر أم ضغط وعجز ؟ أهو وضع غير مريح و مشاكلُ أم شَدٌّ و تعصب ومقاومة؟ ... قد يكون الألم كل ذلك، و قد يكون غيره. قد يتشكل كطاقة – بنوعيها الايجابي و السلبي – تحيط بالهدف لتُرْديهِ في الأخير صريعَ التوتر، سريع التفاعل. لكن الألم في جميع هذه الحالات عنصر مؤثر على الذات و فيها و عليها.

و الألم؛ بما هو معاناة، محرك للكتابة و الابداع عموما. و عبر التاريخ الأدبي، ارتبط الفن بالألم أو الكتابة بالمعاناة، بل ربما تم اعتبار أفضل النصوص ( رواية، شعرا، تشكيلا، رسما و موسيقى ) تلك التي خلَّدت للمآسي و الفواجع الإنسانية. نذكر في الرواية مثلا : شرق المتوسط لعبد الرحمان منيف، الحرب و السلم لليون تولستوي، البؤساء لفيكتور هوجو ... و في الشعر لنا ما دونه شعراء القضية الفلسطينية كنموذج أو آخرين مثل الملاحم الكبرى أو نصوص كيوم أبولينير و بروست ... و في الرسم نمثل بلوحة: الصرخة لإيدفار مونك، أو كرنيكا لبابلو بيكاسو ... وفي التأليف الموسيقي هناك سمفونيات موزارت و باخ و غيرهما ، هذا يعني، أننا بصدد تصدير آلام المبدعين الداخلية نحو الآخرين، " ليس لكسب التنويه " ، كما اعترف بذلك الروائي الروسي دوستويفسكي (1).

عتبات نصية في خدمة الألم:

في هذا الصدد، يأتي العمل الروائي، السيرذاتي " قالت أمي للسجان " ليوسف الطاهري، في طبعته الأولى عن مطبعة نجمة الشرق ببركان 2019. هو محكي ذاتي، بكل سهولة نستطيع تصنيفه ضمن أدب السجون، أو أدب الاعتقال السياسي. إذ نجدنا أمام عناصر متعددة داعمة للطرح. بداية بالعنوان ، حيث ورود لفظ " السجان " بكل حمولتَيْهِ المادية و المعنوية، مرورا بلوحة الغلاف للفنان التشكيلي محمد سعود، والتي بإطلالة عليها، تبسط أمامنا طَيْفَ شخصين على الأقل ( ذكر و أنثى )،يعلوهما ضوءٌ قَمري، بين خطوط مُتعامِدة، و قضبانٍ سجنية، مع اعتماد ألوان غامقة، متداخلة في ما بين الساخنِ ( الأحمر و الأزرق و الأصفر ، وهي ألوان النار كما تُنعت ! ) و الباردِ ( حيث الارتباطُ بعمق مياه البحر و سُدول الليل ). فاللوحة إذا، و باعتماد نظرية " إيروين بانوفسكي " (2) في قراءتها تشكيليا، سنبحث عن إجابات حول: الأشخاص، اللباس، الألوان، الخطوط و الأشكال، زوايا الضوء، مساحة الظلال، الجزئيات الملغومة، الألغاز المبثوثة، المعاني الأولى و الثانوية و الصريحة ، و ستتبين المقاصدُ، وتتضح الرؤى، حيث التلاقي المباشر مع مضامين الرواية.

المضامين و كتابة الفاجعة:

بعد العنوان و لوحة الغلاف، يأتي المضمون زاخرا بمعاني الفواجع و الآلام. و نحس منذ البدء شعورَ الراوي بالحسرة على مغادرة الوطن، و يعني ذلك، فِرارا من واقع مرير وهروبا من ذكريات مؤلمة، ومحاولةً لتغيير وضعٍ مسيء بآخرَ مُريح، بعد أن تم الاعتراف بالعجز عن تحقيق الجميل و الأبهى و الأفضل في أرض الوطن !!

نحن إزاء بحث عن هوية مفتقدة بفعل فاعل، و استنجادٍ بمحطة جديدة لدفن و مُواراة جحيم سابق. لكن هذا الفَقْدَ سيضطرب هو الآخر عندما يصطدم الحلم بجدار واقع عنيد آخر، و سيتضاعف الألم حين محاولة الانتحار، قصد تحقيق " الخلاص " النهائي !! هي مأساة الذات و الذاكرة إذا، و هو مَحْوُ الْمَحْو في النهاية .

يقول " ميلان كونديرا " : " إن كل رواية لا تكشف جزءا من الوجود لا يزال مجهولا، هي رواية لا أخلاقية. " (3) ، ماذا يعني ذلك ؟

إن كتابة الغامض و المُبهم فينا، هي تعبير عن سُمو و رِفعة، و استخلاص لميولٍ و لنزعة معينين. و يكاد يُجمع الفلاسفة ( أرسطو، كانط و روسو على الأقل ) على أن الأخلاق أفعال ناتجة عن العقل من أجل الخير الأسمى، يعني فعلا واعيا و مميزا. بالتالي، فحين يعمد الكاتب إلى تَذْويتِ سُرُودِه الأليمة، فهو لا يكشف عن ضعف، بقدر ما ينحو باتجاه نور يلهث وراءه، عله يعثر على فضاء أرقى و أسمى، فتغذو هذه الكتابة بالتالي، " تملك روحا تعكس وجود الإنسان و فلسفتَه و غايته و مخاوفَه. " (4). و لعل ذاك ما ارْتضاه يوسف الطاهري لنفسه، إذ الحَكِيُّ في روايته مقرون بفضح عَوْراته دون خجل، و بهذه الممارسة، كما لو أنه يسعى إلى " تطهير " ذاته من شوائبَ عالقةٍ بها: التيه الداخلي، الاغتراب الذاتي، صرخة الآلام الدفينة ( انظر الصفحتين 35 ؛ 36؛ و ما بعدهما نموذجا ) ، طرح الأسئلة الوجودية الحارقة ( نماذج ص 43؛44؛45...) ، محاورة " الأنا " الفاشلة ... و غير ذلك من التقنيات العلاجية إن صح التعبير.

و الذات هنا، غير ذات يوسف الطاهري، بل هي " مضاعفة "، نقَّلَها بين: أنا، أنت، هو. فنجد السارد تارة يقول: يخطو، يغادر، يتكئ، يصل ... ( بصيغة ضمير الغائب )، و تارة يقول: التقيتُ، صادفتُ، استجمعْتُ قِواي ... ( بصيغة المتكلم ) ، و أخرى يقول: بدأْتَ تَشْعُر أنكَ تَلج ، رُحْتَ مقبلا، تساءلْتَ عن حالك ... ( بصيغة المخاطب ). إن التناوب في هذا التشكيل السردي للذات، دليل على " لا طمأنينة ٍ" و على قلق و " لا إستقرارٍ " !!

و من حقنا أن نتساءل استنكاريا: - كيف يحس بالأمان من جَلَدَهُ وطَنُهُ ؟ - كيف يشعر بسلام روحي من تَهَدَّدَ سِلْمُهُ الداخلي بأُمٍّ مكلومة أو فجيعةِ أبٍ مُختنق، أو حيرة إخوة ؟!

ما مورس من تعذيب نفسي في حق المعتقلين كفيل بمحو لفظة " السماح " من قاموسهم ككل ! هنا نقول، إن الكاتب استطاع أن يرسم لنا " حدود الوحش و الإنسان داخل الجلاد " كما عبر عن ذلك الباحث السيميائي الدكتور سعيد بنكراد. (5) أو بتعبير أدق، ما خلَّده الشاعر السوري: ممدوح عدوان إذ قال: " إن عالم القمع المنظم منه و العشوائي، لا يصلح للإنسان و لا لنمو إنسانيته، بل هو عالم يعمل على حَيْوَنَةِ الإنسان أو تَحْوينِ الإنسان. " (6)

إن الشعور بافتقاد الحرية أمر فظيع للغاية، و ما سرده يوسف الطاهري على مدى صفحات روايته، هو تمجيد و ترتيل قداسي لذلك الاحساس الذي لا يكاد يُضاهَى. و ثمة في النص تعبير أخاله أبلغَ تصوير عن قيمة الحرية. فقد أورد الكاتب على لسان صديقه السجين ( نون ) ، حينما أخبره أنه محكوم بثلاثة أعوام نافذة، قال ( نون ) : " أما أنا فمحكوم بثلاثة أشهر نافذة، قضيت منها شهرا و نصفا، و مع ذلك أشعر أني لن أتبول يوما فوق الربيع ! " (7) .

المغزى هنا، أن قيمة الاحساس بتعاقب فصول السنة، و بتفاعل عناصر الطبيعة معها، لا تُضاهى، ف " حرمان السجين من التمتع بالطبيعة ، عقاب و تأديب له. " (8) أو كما عبر عنه الكاتب نفسه حين قال في الرواية : " السجن غير قابل للوصف. " ( انظر الصفحة رقم 189 )

المحكي السجني و سبل المقاومة:

أشار الأستاذ محمد رمسيس، أحد المهتمين بما يسميه: " المحكي السجني " أو " المتخيل السجني " إلى أن " السجن مكون فاعل في تطور الوقائع و الأحداث و كينونة المعتقل، بل و مخيال المتلقي نفسه، إنه فضاء يحيل على جانب كبير من التعقيد الدرامي. " (9) و في موضع آخر : " رِوائيَّةُ العمل تتأسس على الأحداث و الوقائع المركبة التي تنمو و تكبر و تتعقد. " (10).

أوردنا الإحالتين هنا لبيان المؤثرات الخارجية على الفعل السردي في الرواية، ما بين " الموضوعي " و " الحقيقي " و حضور " العين الشاهدة "؛ بتعبير سعيد بنكراد (11) . و يبدو أن الأسلوب السردي – هنا- قد اتخذ " شكل حَكِيٍّ عَفْوي يروي وقائع التجربة " (12) ؛ بعيدا عن قوانين ... " الكون السردي، المشيد عبر : التأجيل، و التعجيل و الصمت و اللاتحديد و القصدية الضمنية. " (13).

و في ذات السياق تبرز العلاقة داخل فضاء المعتقل بالمكان و الزمان، و كيف تم تدبيرها. و شخصيا أحبذ النظر إلى الأمر من زاوية " المقاومة "؛ أي ، كيف تم نسج الرابط مع اللحظة السجنية ؟

ثمة إشاراتٌ ثلاثُ في الرواية، تحدد المسألة: علاقة الكاتب بالأبواب، علاقته بالذاكرة، و أخيرا علاقته بالأحلام.

- ففي الأولى، تبرز قيمة الباب كمنفذ أو كمدخل/مخرج. و قد أوْردَ يوسف الطاهري ذلك في موضعين: باب الزنزانة كمصدر للنور (ص 149)؛ ثم باب المصحة كمصدر لتلقي و الأخبار و تداولها، و لتبادل الأحوال والمعطيات ( المجهولة قبلا = الجهل بها !! ) مع أخته المعتقلة أيضا في جناح النساء ( ص 171) ، وهي بالتالي علاقة انفراج و سبيل إلى المعرفة و الاطلاع. بمعنى أوضح، أن الباب عنصر مؤثر إيجابيا، بكونه يمد المعتقل بخيوط ضوء و أمل، غالبا ما تشكل أحد الممنوعات.

- و في الثانية ، فإن استدعاء الذاكرة كان بمثابة الخلاص من عذاب مسترسل و إن بشكل من الأشكال. يقول الكاتب: " الذاكرة مرتعُ و مصدرُ العذاب عندما تتواطأ مع الليل أو مع لحظات الاختلاء بالنفس. " (14) ، فبالرفم من أن المعاناة تتفاقم لحظتئذ، إلا أنها انعتاقٌ و نُزوع نحو التحرر و البوح الذاتي، بالنظر إلى قيمة " التفريغ " عن طواعية و بدافعية شخصية. ما يعنيه أن الذاكرةَ و استدعاءَ أجزاءٍ من الحياة خارج الأسوار السجنية، هو بمثابة الجسر أو المعبر !! لكن هذا العنصر غالبا ما اصطدم بأسوار معنوية

أخرى : لحظات الحسم في قرار الفِرار أو مواجهة الآلة القمعية بتقديم النفس طواعية للشرطة، و تحمل كامل التبعات، لحظات الاستنطاق البوليسية، لحظات الزيارات العائلية، لحظات الفرح و الشغب بمعية الإخوة بالبيت، اللحظات البطولية للاضراب عن الطعام .... وهذا ما جعل الكاتب يرى في الذاكرة مصدرا للعذاب.

- أما عن الثالثة، فإن تحقيق الذات عبر الأحلام، و عبر الهروب من فظاعة اليومي السجني، مسألة تتأتى دون رغبة شخصية. ومن منظورنا، فإن ارتباط " الحلم " بحقوله المتنوعة في الرواية: الليل، الحكايات، العتمة، النوم ... كان مطية فقط لعنصر أهم ، هو " الأُم " . فهذه الشخصية و إن كانت ذاتا للآلام بامتياز، فإنها شكلتْ بؤرة داعمة لتحقيق الحرية، و فعلا محفزا على المقاومة.

حضرت الأم في كل مراحل الحَكِيِّ، بل إن عنوان الرواية ككل مرتبط بها، فهي من سيخاطب السجان ببأس و قوة، و هي من سيصرخ في وجه الجلاد، و هي من سيكتوي باعتقال فردين اثنين من أبنائها، و هي من سيُفردُ لها الكاتب قبل هذه الرواية بسنوات خلتْ عنوانَ ديوانه الشعري الزجلي الأول: " يا ما غدا العيد " (15). أقصد أن الأم شخصية استطاعت تحقيق حلم الحرية المعتقل، بفعلٍ مُجسَّدٍ، يضاهي المقاومة في نوعيْها الآخريْن الوارديْن سابقا. ثم إن الكاتب يحتفي بقيمة الأم هنا، مثلما احتفى ماكسيم كوركي في روايته " الأم "؛ بالشخصية التي ستتبنى فكر إبنها المعتقل، بل و التي ستحمل راية تصوراته الثورية بعد استشهاده وهو بين ذراعيها.

على سبيل الختم:

عرَّف الروائي القاص " مصطفى لغتيري " أدب السجون بأنه " كتابات حاولت ملامسة تجربة الاعتقال السياسي إبداعيا، أي أنها اتخذت من الكتابة وسيلة لتصفية الحساب مع تجربة إنسانية و وجودية و نفسية مريرة. "(16) . فلا شك إذا أن الكتابة عن الألم أمر غاية في الصعوبة؛ حيث تُرسِّخ هذه اللحظةُ في وُجودية الكائن/الكاتب/المعتقل و في ذهنيته هوامشَ و صُوراً و جزئيات يغفلها الآخر/القارئ/المتلقي، أو قد لا يُعيرها اهتماما. و خوضُ فِعْلَيْ: التذكر و التدوين، حتما لن يمُر سَلِسا، سيُجدد الأوجاع و سيُحْيي الآلام و سيُعيد المعاناة. بالتالي، فأدب التخييل السجني هو كتابةٌ بالدم، ليس إلا !! بل هو " أدب مقاومة و ممانعة " حسب تعبير لخضر منير(17).

و قد ذهب إلى اعتباره الباحث محمد رمسيس " رأسمالا رمزيا لكل المغاربة، يمْكِنهم الاطلالةُ من شرفته على تقرحات الوطن و أوجاعه. " (18)

من حقنا أن نطرح السؤال / الإشكال التالي، بعد كل هذا و ذاك : " - كيف لكتابةٍ تُمجد الألَمَ أن تكون مُمتعة ً؟؟!! " (19) ... هو سؤال، سيبقى مفتوحا عالقا في جميع الحالات.

الاحالات:

1- عبر دوستويفسكي عن هذه الفكرة في روايته: " المراهق."

2-بانوفسكي (إيروين) : مؤرخ ألماني مهتم بالفنون التشكيلية، له دراسات أكاديمية عالية و نظريات خاصة في هذا المجال، إذ يعتمد الأفكار التاريخية لتفسير الأعمال الفنية، توفي سنة 1968.

3- ميلان كونديرا، كتاب: فن الرواية، أورده مجد حرب، عن الموقع الإلكتروني: ساسه بوست، 26 نونبر 2018 بترجمة بدر الدين عرودكي.

4- نفس المصدر السابق.

5- سعيد بنكراد، أدب السجون في المغرب، من الشهادة إلى التخييل- موقع أنفاس نت الإلكتروني بتاريخ 2 دجنبر 2007.

6- ممدوح عدوان، كتاب " حيونة الإنسان" ط1 عام 2003؛ عن دار قدمس للطباعة و النشر.

7- رواية : قالت أمي للسجان ليوسف الطاهري. ص: 220؛ ط1 مطبعة نجمة الشرق، بركان، 2019.

8- نفس المصدر السابق.

9- محمد رمسيس، الملحق الثقافي للاتحاد الاشتراكي، المغرب، بتاريخ 27 نونبر 2015.

10- نفس المصدر السابق.

11- سعيد بنكراد، مصدر سابق.

12- سعيد بنكراد، مصدر سابق.

31-سعيد بنكراد، مصدر سابق.

14- رواية قالت أمي للسجان، م.سابق.

15- ديوان " يا ما غدا العيد" ، زجل عام2010 .

16- مصطفى لغتيري، أدب السجون بالمغرب، للحقيقة وجهان. أورده الموقع الالكتروني : العربي الجديد. في 4 غشت 2015.

17- لخضر منير، أدب السجون و مقاومة الاستبداد السياسي بالمغرب، عن الموقع الالكتروني الحوار المتمدن، ع: 1903؛ بتاريخ: 2 ماي 2007.

18- محمد رمسيس ، مصدر سبق ذكره.

19- محمد رمسيس، المصدر السابق.

مرحبا بكم في حفل توقيع رواية "قالت أمي للسجان..." والذي سيقام برواق حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي بحفل لومانيتي /الان...
12/09/2019

مرحبا بكم في حفل توقيع رواية "قالت أمي للسجان..." والذي سيقام برواق حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي بحفل لومانيتي /الانسانية وسيقدمها الرفيق عبدالعزيز بن عبدالرحمان.
يوسف الطاهري

كتب الرفيق عبد الله بامنصور مشكورا عن ليلة توقيع رواية قالت أمي للسجان والشكر موصول لكافة الرفاق الحاضرين، كتب ما يلي: "...
11/09/2019

كتب الرفيق عبد الله بامنصور مشكورا عن ليلة توقيع رواية قالت أمي للسجان والشكر موصول لكافة الرفاق الحاضرين، كتب ما يلي: " قالت امي للسجان" رواية جديرة بالقراءة للرفيق يوسف الطاهري كان لي شرف الحصول على نسخة منها في ليلة -ستبقى موشومة بذاكرتي- بمدينة بركان بمنزل رفيقنا حسن الكداني . اتمنى من الجميع قراءتها للوقوف على جزء مما عاناه المناضلون القابضون على الجمر والذين لم يبدلوا تبديلا فتحية عالية للرفيق يوسف الطاهري على هذا العمل الرائع.

10/09/2019
10/09/2019

كتب الصديق والرفيق أحمد طبيبي في تعليق له على توقيع للرواية في مقاهي مدينة بركان مايلي : هذا الفعل الثقافي على بساطة شكله يكسر الجمود الثقافي بالمدينة التي تفتقد الاشعاع الثقافي الذي كان يملأ ارجاء،هذه الرقعة من بلدنادالعزيز في ثمانينات وتسعينيات القرن ااماضي وكان يوسف الطاهري ورفاقه شاهدين وفاعلين في تلك المرحلة المزهرة

Address


Website

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when رواية قالت أمي للسجان posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Contact The Business

Send a message to رواية قالت أمي للسجان:

Shortcuts

  • Address
  • Alerts
  • Contact The Business
  • Claim ownership or report listing
  • Want your business to be the top-listed Media Company?

Share