البحرين مع فلسطين ضد التطبيع - بحرانيون أحرار

  • Home
  • البحرين مع فلسطين ضد التطبيع - بحرانيون أحرار

البحرين مع فلسطين ضد التطبيع - بحرانيون أحرار البحرين - Bahrain

ندعوكم للإعجاب (Like) بالصفحات الأخرى لأحرار البحرين:

• ملتقى البحرين

https://www.facebook.com/Occupy.Bahrain

• Occupy Bahrain

https://www.facebook.com/Occupy.BH

• تـاريـخ الـبـحـريـن

https://www.facebook.com/BahraniHistory

ثورة  #البحرين؛ المنهج الرؤية الطموح - (ج12)دور الوفاء في التنسيق مع قوى المعارضة:نشأ تيار الوفاء الإسلامي في فبراير 200...
05/01/2023

ثورة #البحرين؛ المنهج الرؤية الطموح - (ج12)

دور الوفاء في التنسيق مع قوى المعارضة:

نشأ تيار الوفاء الإسلامي في فبراير 2009م، وفي أول بيان له «بيان الانطلاق» [راجع ملحق (1): بيان الانطلاق الذي سنضعه بالتعليقات بالأسفل] دعا القوى السياسية والثورية الأخرى إلى بلورة مشروع سياسي وطني جامع على قاعدة التكامل في الأدوار. ولم تكن الدعوة للالتقاء والتكامل في بيان الانطلاق هي أولى جهود مؤسسي التيار للملمة الصف الوطني المعارض، فقد سبق ذلك جهود عمل عليها المتحدث باسم تيار الوفاء الإسلامي الأستاذ عبد الوهاب حسين لبلورة ميثاق تفاهم بين حركة الحريات والديمقراطية «حق» وجمعية الوفاق الوطني الإسلامي بعد تشكيل وانطلاق حركة حق في عام 2005م.

وبعد انطلاقة تيار الوفاء الإسلامي في عام 2009م وقّع على ميثاقين للتحالف والتفاهم السياسي، الأول مع حركة الحريات والديمقراطية «حق»، والثاني مع بعض المؤسسات واللجان المنشغلة في العمل الحقوقي والمعارض. وفي عام 2010م طرح تيار الوفاء الإسلامي رؤيته للتكامل بين القوى المعارضة على الجماهير، ودعا قوى المعارضة الأخرى لتبنّيها سياسياً وعمليًا ]«الوفاق»: لقاؤنا بتيار الوفاء لاعلاقة له بانتخابات 2010م، صحيفة الوسط البحرينية، تم الاقتباس بتاريخ 29 مايو 2019م، من على الرابط الإلكتروني: www.alwasatnews.com/news/306455.html]

عندما انطلقت الصحوة الإسلامية في المنطقة أواخر 2010م وبدايات 2011م، كان الشعب البحراني يخوض صراعاً متصاعداً مع السلطة، وكانت البيئة الأمنية تزداد قمعاً ضد المعارضة الثورية وامتداداتها الشعبية، وعندما انطلقت ثورة 14 فبراير كانت مجموعة من قيادات ورموز المعارضة كالدكتور السنكيس والشيخين المخوضر والنوري والعديد من الشباب يرزحون في سجون النظام الخليفي، وكانت حالة الاستقطاب واضحة بين القوى السياسية المعارضة العاملة في البحرين، وقد أفرز الواقع الجديد خلال أحداث الشهور الأولى لثورة 14 فبراير من الحضور الشعبي وتأثير القوى الثورية وامتداداتها الشبابية حقيقة هامة، وهي أن الساحة المعارِضة في البحرين تتكون من قطبين مؤثرين، وهما القوى الثورية التي أطلقت الثورة، والجمعيات السياسية المعترف بها رسمياً، وفي ذلك الوقت اتجهت الجمعيات السياسية للقاء مع القوى الثورية، والجلوس معها في لقاءات ثنائية، وقد صدرت بيانات ومواقف سياسية مشتركة بين القوى الثورية والسياسية في أيام الاعتصام في ميدان الشهداء، بل ودشّن الطرفان بعض المسيرات المشتركة.

وكانت دعوة الالتقاء والتنسيق والتكامل دائماً حاضرة في خطاب ومواقف تيار الوفاء الإسلامي ورموزه وقادته. ]من خطاب للقيادي في الوفاء الأستاذ عبد الهادي الخواجة في ميدان الشهداء في الأيام الأولى لانطلاق الثورة: «نحن جناحان في المعارضة، والشعب والقضية لا يمكنهم الطيران بجناح واحد، ومن أجل وحدة الصف، ومن أجل التفاهم، ومن أجل عدم شق الصفوف، لا بد من تشخيص الأمور وفهم بعضنا البعض، ويجب فهم أن هناك تيارين، تيار العمل الثوري وتيار العمل السياسي. تيار العمل الثوري طموحه عالي ولا يهادن وأساليبه عالية، وهو موجود في كل البلدان تقريباً. ولا يعمل هذا التيار وفق الحسابات السياسية، لكنه تيار حكيم، ويكسر القواعد المعتادة. وهناك تيار العمل السياسي، وشعاراته ليست بعيدة، وينظر إلى ما يمكن تحقيقه ظاهراً، وهو يعمل سياسياً من خلال المجلس، ولكن عندما يتحرك الشباب ويرفعون السقف فهو يرفع سقفه أيضاً. ويعتقد تيار العمل السياسي أن لديه حجته، وهو يعتقد أنه بسبب الانقسام السياسي لا يمكن إسقاط النظام، وهم يعتقدون أنهم يتخذون خطواتهم بمنطقية. أنا أقول اسمحوا لكل طرف أن يعمل بطريقته، من يؤمن بالطريقة الثورية يعمل بطريقته، ومن يؤمن بالطريقة السياسية يعمل بطريقته. تيار العمل السياسي يصرّح بأنه ليس من أطلق الثورة وهو يعرف ذلك، لكن طريقة عمله فيها ذكاء، فهو مثلاً عندما دعا لمسيرة مساندة للثورة استطاع تحشيد ما يقارب 300 ألف شخص. ونحن نحتاج لهذا التحشيد. لذلك دعونا نكمّل بعضنا البعض!»[

وفي كلمة له في يوم الخميس الموافق 10 مارس 2011م، بميدان اللؤلؤة، قال الأستاذ عبد الوهاب حسين تعليقا على هذه المرحلة:

«بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. السلام عليكم أيها الأحبة أيها الأخوة والأخوات ورحمة الله تعالى وبركاته

الشكر بعد الله لكم لما تتحلون به من الطهارة والصدق والوفاء، وإنه ببركة دماء الشهداء الأبرار وتضحياتكم الصادقة، خلقتم الأرضية لوحدة الرموز والقيادات والقوى السياسية، فهم اليوم يلتقون وينسقون العمل ويتعاونون فيما بينهم، والمشتركات بينها كثيرة جداً، ولا يوجد حديث عن الاختلاف إلا في نقطة واحدة وهي سقف المطالب.

فالتحالف من أجل الجمهورية يتبنى خيار إسقاط النظام وإقامة نظام جمهوري ديمقراطي، وتحالف الجمعيات السياسية يتبنى خيار الملكية الدستورية، وإذا تأملنا جيداً نجد بأن خيار إسقاط النظام لا يؤثر سلباً على خيار الملكية الدستورية، وإنما يخدمه تكتيكياً، فإذا كان التحالف من أجل الجمهورية يتبنى خيار إسقاط النظام، وإقامة نظام جمهوري ديمقراطي كخيار استراتيجي، فإن وجود هذا الخيار يفيد تكتيكياً خيار الملكية الدستورية، وهذا ما فهمه رموز النظام بشكل دقيق.

فقد ذكر ولي العهد قبل الإعلان عن التحالف من أجل الجمهورية في حديثه عن الحوار بأن المعتصمين في دوار اللؤلؤة مختلفون، ولكن بعد يوم واحد وإذ أعلن التحالف من أجل الجمهورية عن تبنيه لخيار إسقاط النظام، وإقامة نظام جمهوري ديمقراطي قال وزير الخارجية في تعليقة على إعلان التحالف من أجل الجمهورية أن المعارضة غير مختلفة وأنها متفقة على تشكيل ضغط أكبر على النظام، فقد فهم وزير الخارجية – وهو من رموز النظام – أن الثنائية في سقف المطالب لدى المعارضة حيث التمسك بالخيارين: خيار إسقاط النظام، وخيار الملكية الدستورية، هو في مصلحة الثورة وليس في مصلحة النظام» ]شاهد (كلمة الاستاذ عبدالوهاب حسين على منصة دوار الشهداء)، من على الرابط الإلكتروني: https://youtu.be/D08DFtwpiNw]

إلا أن هذا التلاقي ثبت فيما بعد أنه نسبي ومؤقت وتكتيكي من زاوية الجمعيات السياسية الرسمية، ولم يكن نتيجة إرادة وقناعة عميقتين، فبعد اعتقال قادة الحركات الثورية والكثير من كوادرها توقف أي نوع من التواصل واللقاء والتنسيق السياسي بين القوى الرئيسة في الجناحين السياسي والثوري للمعارضة.

بناء على أساس أن التغيير المنشود، وفق أي من سقوف المعارضة، يتطلب تلاحم قوى المعارضة وإبراز جبهة عريضة للعالم، وبوتقة تنصهر فيها جهود المخلصين من أبناء الوطن، فبعد انطلاق الثورة واعتقال قادة القوى الثورية أرسلت القيادات في تيار الوفاء الإسلامي الذين لم ينالهم السجن دعوة مكتوبة وخاصة لبعض القوى السياسية في البلد للحوار الداخلي والتنسيق في الملفات المشتركة، كما بادرت حركة أحرار البحرين الإسلامية في نوفمبر 2015م للتسويق لمشروع تنسيقي ووحدوي عابر للأطياف السياسية والثورية، وبناء على المشروع الذي قدمته حركة أحرار البحرين الإسلامية قام تيار الوفاء الإسلامي بصياغة رؤية مطورّة للمشروع السياسي الوطني الجامع، والذي تم التوافق عليه بين تيار الوفاء الإسلامي وحركة أحرار البحرين الإسلامية، وقام تيار الوفاء الإسلامي في أوائل العام 2016م بإرسال دعوة داخلية لقوى المعارضة الأخرى لتدارس المشروع، لكن الدعوة لم يكتب لها النجاح لأسبابٍ متعددة.

يرى تيار الوفاء الإسلامي أن هناك تحديات وعوامل كثيرة أدّت للانقسام الداخلي وعقبات جذرية منعت الانسجام والتلاقي في مشروع واحد بين القوى الرئيسة في جناحي المعارضة السياسي والثوري.

: الاختلاف حول بعض الأولويات والأساليب والأهداف المرحلية

تبلور خطان سياسيان رئيسيان خلال السنوات التي تلت تأسيس الجمعيات السياسية المعترف بها رسمياً، فقد اختار أحدهما العمل وفق قانون الجمعيات السياسية وضمن قوانين ولوائح العملية السياسية، بينما ارتسم خط آخر لم يسجِّل في قانون الجمعيات، وعمل من خارج العملية السياسية وقيودها، وعُرِفَ بخط الممانعة.

:

تعايش الخط الأول بشكل عملي مع دستور 2002م، وأرغم أو وافق على القبول بكل مستلزمات العمل السياسي الرسمي في إطار المشروع الذي سماه النظام «المشروع الإصلاحي»، فدخل في دورتين انتخابيتين «2006م و2010م» تميزتا بتصاعد خطط النظام التهميشية وتغييب الإرادة الشعبية. كان فريق الجمعيات السياسية يراهن على التغيير ببطء من داخل العملية السياسية، وكان يعتقد بعدم إمكانية المواجهة السياسية الشعبية مع النظام، وأن الأولوية السياسية هي بناء مؤسسات سياسية وكوادر لها نفوذ داخلي، وعلاقات سياسية محلية ودولية واسعة، والسعي لإقناع المجتمع الدولي بفرض التغيير الداخلي في البحرين.

ولقد عمل النظام على تضييع جهود هذا الخط داخل قبة البرلمان، ومن دون مردود حقيقي لصالح الشعب، بل استغل النظام وجود هذا الفريق في العملية السياسية الجديدة، وبالتحديد داخل البرلمان «الفاقد للصلاحيات» لإظهار أن الديمقراطية متوفرة وأن النظام يتمتع بالشعبية، في الفترة التي شهدت انكشاف المخطط التدميري «تقرير البندر» وقمع النظام المستمر ومصادرته للحريات العامة، واستمرار عملياته الإرهابية ضد المواطنين والحقوقيين ورموز الشعب الممانعين بشكل خاص.

وقد تميّز عمل الجمعيات الرسمية بالمركزية النخبوية، وقد اعتمدت الجمعيات الرسمية في تسويق برامجها على أنها تحضى بدعم علماء الدين، حيث أثر تصور دعم علماء الدين في داخل البلد وخارجه حصرياً لهذا الفريق كثيراً في نوع تعاطي الجمعيات الرسمية مع التكتلات أو القيادات الأخرى، وانعكس ذلك على نمط التعامل والشحن الجماهيري لمحاصرة وإبعاد باقي القيادات والقوى الأخرى وتضعيف تأثيرها الجماهيري.

كما أخذ التوجه النخبوي يسيطر على العمل السياسي والاحتجاجي في هذه الفترة، حتى تراجع دور الجماهير وإبداعاتها، وتقدم النمط البرجماتي السياسي على مبدأ الوضوح مع الجماهير، وكان من نتائج ذلك ترطيب العلاقات والتواصل إلى حدود كبيرة مع بعض الأطراف الرئيسة داخل مؤسسة الحكم وحليفاتها في المنطقة، وخصوصاً الإدارة الأمريكية، أملاً في تحقيق منجزات شعبية يمنحها النظام تقديراً منه لدورها، أو تحصيل المكاسب السياسية والشعبية من خلال ضغط الدول والسفارات الغربية. ]راجع برقيات ويكيليكس التالية: 07MANAMA225 – 07Manama659 – 07Manama672 – 08Manama2 – 08Manama140 – 08Manama168 – 08Manama313 – 08Manama336 – 09Manama50 – 09manama438 – 09Manama543 – 09Manama557 – 09Manama628 – 09Manama639 – 05Manama922 من خلال الرابط التالي: www.wikileaks.org]

وبقي خط الجمعيات الرسمية طوال الفترة «2006م إلى 2011م» يعمل في الأطر التي رسمها النظام ووفق قواعد اللعبة الرسمية، بينما عمل خط الممانعة وفق رؤى ومنهجيات مغايرة تماماً.

:

في الجبهة الأخرى من المعارضة كان هناك حركتا حق وأحرار البحرين الإسلامية وتيار الوفاء الإسلامي، والحلفاء من المؤسسات واللجان الحقوقية والشعبية، كاللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب، ولجنة مكافحة التجنيس السياسي، وغيرها، والذين عملوا وفق رؤى ومنهجيّات مختلفة.

هذه القوى كانت تؤمن بأنه لا يوجد أفق حقيقي لتحقيق أي مطلب سياسي أو معاشي جوهري للشعب من خلال اقتصار العمل ضمن الآليات الرسمية التي وضعها النظام، وكانت تشخص بأن النظام يعمل على عامل الوقت لإضعاف المعارضة، وتمييع المطالب الشعبية، وتنفيذ مخططات خطيرة كالتجنيس والتوطين السياسي، وإقصاء الشعب عن مواطن النفوذ، فوضع تيار الوفاء الإسلامي وبقية القوى الحليفة معه في مقدمة أولويات أهدافهم السياسية إسقاط مشروع حمد المسمّى زوراً بالمشروع الإصلاحي، والسعي لتحقيق المطالب السياسية الجوهرية، بدل الانشغال بالمطالب الآنية والمعاشية، والتي كان النظام يحاول إغراق المعارضة بتفاصيلها داخل أروقة المجلس النيابي الصوري.

اعتمدت هذه القوى في عملها على أساليب منها العمل السياسي غير المرخص، والقيام بفعاليات ميدانية احتجاجية غير مرخصة، وكسر حاجز الخوف من بطش النظام، والذهاب للمحافل الدولية، واعتماد خطاب سياسي جريء لا يعترف بالخطوط الحمراء التي وضعها النظام.

وطرح هذا القسم من المعارضة فكرة استفتاء الشعب وتعزيز سيادته على مقدرات بلاده، ولذلك أصر هذا الفريق على العمل الميداني الشعبي، والمطالبة بكتابة دستور يخطه الشعب بيده، كما طالب بمحاسبة المسؤولين عن المخطط التدميري الذي كشفه تقرير البندر، وتقديم المجرمين إلى القضاء المستقل، ومحاكمتهم على جرائمهم بحق الشعب، وتوج هذا الخط خطابه السياسي بفكرة إسقاط ومحاكمة النظام ورموزه.

وخاض هذا الخط عمله الجماهيري الميداني من خلال اعتماده على الجماهير وشعبية رموزه وإدارة لجان وملفات متفرقة، ولكنها تصب في نفس الأهداف المرسومة داخلياً. أما خطاب هذا الفريق السياسي فكان طرحاً واقعياً وموضوعياً بعيد المدى، قد حاز على دعم علماء أجلاء من كبار علماء البحرين لم يشتركوا مباشرة في العمل السياسي واكتفوا بالتنويه على شرعية وصحة وجود وعمل هذا الفريق.

: غياب آليات صحيحة للقرار الداخلي وإدارة الخلافات

كانت أفكار الجناحين الثوري والسياسي في المعارضة تتمايز شيئاً فشيئاً في مرحلة ما بعد 2001م، أي مرحلة الصراع مع النظام الحاكم، وكان ينبغي لهذا التمايز في الفكر والعمل أن يتم استيعابه في وعاء وهيكل تنظيمي ينظّم التوجهات وينتج قرارات ضمن آلية واضحة ومنصفة ومتفق عليها، إلا أن التنظيم الواحد بداية الألفيّة لم يتوفر على الآليّات الصحيحة لإدارة الخلافات والتوجهات الداخلية وتنضيج القرارات وإصدارها، وقد أدى ذلك في النهاية إلى حدوث تكتلات في التنظيم الواحد، والتي سرعان ما تحولت إلى انشقاقات سياسية في التنظيم.

: الحاجة للمرجعية الدينية والسياسية ونفوذها

كان يمكن لبعض المرجعيات العلمائية والسياسية من خارج التنظيم من أن يكون لها فعل مؤثر على إمكانية التقاء المختلفين داخل الخط أو التنظيم الواحد والوصول به إلى وحدة الموقف والقرار، إلا أنّها لم تستطع أن تلعب هذا الدور، فأخذ التباين في التعاظم بحيث إن اختلاف القيادات أو الرؤى في داخل التنظيم لم يعد من الممكن احتواؤها ضمن الآليات الداخلية.

من جهة أخرى فإن القوى السياسية والثورية البحرانية لها علاقاتها الإقليمية مع أحزاب وشخصيات وقوى مؤثرة في خارج البحرين، والتي لم تستطع أن تقوم بدور المشجّع أو الوسيط أو الضاغط على القوى البحرانية المعارِضة من أجل الانسجام والتوافق أو التنسيق. [راجع ملحق (6): العلاقة مع المرجعية الدينية الذي سنضعه في التعليقات بالأسفل]

#التحدّي_الرابع: فاعليّة مخطط النظام التشطيري

عمل النظام على إضعاف الخطين «الرسمي والثوري» في المعارضة، كلٌّ في دائرة منهجيات عمله، وضمن خطط مدروسة، بل منصوص عليها في «تقرير البندر».

كما أوجد النظام حالة من التشرذم في صفوف التيار السياسي الذي دخل معه في العملية السياسية، وأخذت تعبّر حالة التفكك عن نفسها في شكل تقارب وتباعد فصائل هذا التيار من بعضها البعض خلال مراحل العمل الوطني وفي المفاصل المهمة من الاستحقاقات – كالانتخابات مثلاً -، فأحياناً يلتقي عدد من الجمعيات على بعض الأهداف والمواقف، وسرعان ما ينقص عدد الجمعيات المتوافقة، فيبتعد أحدها هنا أو هناك، ثم يلتئم بعضها في إصدار بيان مشترك، وينزوي بعضها إلى زاوية أخرى. بمعنى آخر لم تكن صِيَغ التفاهم بين الجمعيات قادرة على رسم برنامج وطني يحقق أهدافها المشتركة على ضوء سياسات النظام التشطيرية.

من جهة أخرى فقد وصم النظام القوى الثورية بالإرهاب والعنف، مما يعني أن لقاء القوى السياسية المرخصة مع هذه القوى التي تعمل خارج العملية السياسة محرَّم لديه، وله تبعات سياسية وقضائية، وقد أوصل النظام الخليفي بشكل مباشر وغير مباشر لقيادات الجمعيات السياسية انزعاجه من أي فعل تقوم به الجمعيات يُفهَم منه التنسيق مع جهود المعارضة الثورية، بل وضغط النظام كثيراً، بمعية السفارات الأجنبية، على الجمعيات السياسية لاستصدار مواقف سياسية علنية، وعلى نقيض من مواقف وخطاب القوى الثورية، مما عقّد المشهد أمام أي لقاء أو توافق ولو نسبي في الخطاب والتلاقي السياسي والخطوات على الأرض.

: العلاقات الدولية والتزاماتها

من أجل الحفاظ على خيوط التقاء وقنوات سياسية مفتوحة، فإن القوى السياسية الرسمية في بعض المحطات لم تذهب بعيداً عن الدائرة المرسومة من قبل السلطة والسفارات الغربية، في طرح بعض قناعاتها وخطابها وفعالياتها ومواقفها وخطواتها، ما دام ذلك يمكن أن يستفز النظام أو السفارتين الأمريكية والبريطانية في البحرين، ولقد كانت القوى السياسية الرسمية تملك علاقة هادئة ومباشرة مع أطراف فاعلة داخل النظام الخليفي والسفارات الأجنبية، وكانت القوى السياسية الرسمية تعتقد بأن مفاتيح الحل في البحرين وتحقيق المطالب الشعبية يعتمد على عدم استفزاز الأمريكي والبريطاني والموافقة السعودية بشكل كبير.

ولهذا نأت القوى السياسية الرسمية بنفسها عن أي نوع من العلاقات المفتوحة مع الجمهورية الإسلامية في إيران أو روسيا أو الصين، فأصبحت لا تستفيد من القوة التي تملكها الجمهورية الإسلامية وروسيا والصين على المسرح الدولي، ونأت بنفسها عن الانفتاح على بعض أصدقاء الشعب البحراني من القوى الإقليمية خشية إغضاب أمريكا والسعودية، أو لعدم قناعتها بنفع التواصل مع هذه القوى الصديقة.

في الجهة المقابلة فإن القوى الثورية لا تحدها قيود السلطة أو القوى الغربية في نسج علاقاتها السياسية مع الجبهة الدولية المقابلة، وخصوصاً مع القوى المناهضة لأمريكا والغرب.

عكس اصطفاف قوى المعارضة على مستوى العلاقات الدولية، مع هذا الطرف أو ذلك، التزامات أدبية ومعنوية معينة على هذه القوى من ناحية الخطاب السياسي والخطوات السياسية والاحتجاجية، وحتى في تشكيل العلاقات البينية في المعارضة، بسبب أن النظام أو صانع القرار الأمريكي أو البريطاني لن يتسامح أبداً مع الجمعيات السياسية لو رأى لها بياناً أو موقفاً سياسياً أو خطوةً احتجاجيةً جامعةً مع القوى الثورية، فهذا خط أحمر بالنسبة لأمريكا وبريطانيا.

: الاختلاف في الطرح الإيديولوجي

يقصد بالاختلاف الإيديولوجي هو اختلاف المنطلقات والتركيبة الفكرية والقناعات بأساليب العمل المناسبة، وانعكاسات ذلك على عمل القوى السياسية والثورية، فالخطاب السياسي لتيار الوفاء الإسلامي هو خطاب سياسي يستند على التأصيل الديني، وتكون مواقف التيّار السياسية وفعالياته الميدانية، وحتى الرؤى السياسية التي يطرحها، ونشاطه الإعلامي والثقافي مليئة بالخطاب الديني والعقائدي، بينما يتخذ النشاط والخطاب السياسي لبعض القوى الرسمية في الساحة المنحى الوطني المجرد عن الانتماء الديني الفاقع، أو المعاني الدينية والعقائدية.

من جذور هذا الاختلاف في الطرح والمواقف هو الخلفيات الفكرية للقيادات والكوادر القيادية العاملة في كل من القوى الرئيسة في جناحي المعارضة: السياسي والثوري، وقد انعكس هذا الاختلاف على السلوك السياسي والعلاقات الدولية والشعارات المرفوعة والفعاليات الدينية والميدانية وغيرها، وكان انعكاس هذا الاختلاف فاقعاً وحاداً في مرات عدة، ومثال على ذلك الموقف من المقاومة المشروعة.

فبالنسبة لفهم المقاومة والسلميّة والموقف منهما فإن لكلا الطرفين فهم وموقف مختلف، الأول: هو الفهم والموقف البرغماتي المتبنى من قبل القوى السياسية الرسمية، والثاني: هو الفهم والموقف العقائدي المتبنى من قبل مجموعة من القوى الثورية. وانطلاقاً من إيمان الجمعيات السياسية بعدم صحة الذهاب في منحى سياسي أو ميداني عنيف وتصادمي مع السلطة فقد انتهجت المنحى غير التصادمي، وأقامت فعالياتها السياسية والاحتجاجية المرخصة وفي الأماكن والأوقات المحددة من قبل السلطات الأمنية في البلد، ولم تصرح عملياً بتأييدها للأساليب الدفاعية تحت أي عنوان ديني أو سياسي، بل وقفت في محطات عدة موقف الإدانة السياسية لأي نشاط ميداني يؤدي للصدام مع السلطة، وكان لزوم إدانة أساليب الدفاع والردع راسخاً لدى الجمعيات السياسية، حتى لو كانت كردة فعل على قمع السلطات وجرائمها، فتبنّت فهما محدداً حول السلميّة، لا يستفز النظام والسفارات الغربيّة، وتبنّت العمل المرخص من قبل السلطة كاستراتيجية ثابتة وصالحة لكل ظرف ووقت في الثورة.

هذا بطبيعة الحال لم يكن يتوافق مع نظرة القوى الثورية للسلمية القرآنية والمقاومة المشروعة، حيث تعتقد القوى الثورية بأن السلمية والمقاومة هما أداتان من أدوات العمل، فقد تكون إحداهما راجحة في وقت ما، وغير راجحة في وقت آخر، كما تبنّت القوى الثورية حق الدفاع عن النفس، وحق استخدام بعض أساليب المقاومة المشروعة ضمن ضوابط واستراتيجيات محددة، لتحقيق أهداف سياسية وميدانية محدّدة.

يرى تيار الوفاء الإسلامي أن الحراك المعارض النخبوي والجماهيري يمر بمنعطف مهم، وتحديات جمّة، في ضوء الاستهداف الأمني المبرمج لكل الساحة، ولكل الأطياف العاملة، وتظهر الساحة أنها بحاجة لاستنهاض سياسي وميداني قادر على خلق توازن مع السلطة، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بمعالجة أو تجاوز عوامل الفرقة والتحدّيات التي تمنع الوحدة أو التحالف أو التنسيق، وبتقارب وتفاهم وجهود مشتركة بين أطياف العمل السياسي والثوري، فقد ثبت بالتجربة عدم قدرة طرف واحد من أطراف المعارضة على استنهاض الساحة كافة وخلق توازن جديد، كما ثبت بالتجربة استحالة أن تنفرد قوة ما في جهد سياسي وميداني يؤدي لتحقيق أيّ من المطالب السياسية، دون التفاهم والالتقاء مع القوى الفاعلة الأخرى في الساحة، وتعاون وتنسيق في المشتركات.

المصدر (كتاب): تيار الوفاء الإسلامي؛ المنهج الرؤية الطموح (بتصرف).

يـتـبـع قـريـبًـا...

كان الشهيد البحراني   قائدًا لثورة  #البحرين في (أوال، والقطيف، والأحساء)، كان صوت الحق الصّادق، الحُجّة على الثائرين وا...
02/01/2023

كان الشهيد البحراني قائدًا لثورة #البحرين في (أوال، والقطيف، والأحساء)، كان صوت الحق الصّادق، الحُجّة على الثائرين والقاعدين البحرانيين الواقعين تحت الاحتلال السعودي والخليفي، رضوان الله تعالى عليه.

ثورة  #البحرين؛ المنهج الرؤية الطموح - (ج11)ثالثاً: النتائج الخطيرة للمشاركة في العملية السياسيةلم يكن ينفصل قرار المشار...
02/01/2023

ثورة #البحرين؛ المنهج الرؤية الطموح - (ج11)

ثالثاً: النتائج الخطيرة للمشاركة في العملية السياسية

لم يكن ينفصل قرار المشاركة في العملية السياسية والانتخابات عن الموقف من المسألة الدستورية وأوضاع البلاد والملفات الساخنة الأخرى، ولذلك فإن مشاركة المعارضة بثقلها وبالكيفية التي تمّت في العملية السياسية حسب اعتقاد تيار الوفاء الإسلامي أدّت لنتائج سياسية واجتماعية خطيرة، منها:

1. أن النظام استغلّ المشاركة في العملية السياسية بالكيفية التي تمّت لإضفاء الشرعية على وثيقة 2002م «دستور البحرين غير الشرعي» وكرّس القبول العملي بها، وقطع ذلك الطريق على الشراكة الشعبية في صناعة القرار وتقرير المصير، وصعّب على المعارضة عملية الإصلاح الحقيقي وأطال عليها الطريق كثيراً إليه، وكلما كبرت نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات، كلما صعبت عملية الإصلاح، وبعدت المسافة أكثر للوصول إليها.

2. أنها مثلّت ستاراً للممارسات غير الشرعية للسلطة في قضايا حساسة، مثل: برنامج السلطة لتغيير التركيبة السكانية أو ما يعرف بالتجنيس السياسي، وسرقة الأملاك العامة في البر والبحر، والاستيلاء على ثروات البلاد ومقدرات شعب البحرين، والانتهاكات الشنيعة لحقوق الإنسان، وغيرها. فمن داخل المجلس النيابي الصوري تحكّمت السلطة التنفيذية في مجريات الأمور التي تديرها بحسب أجندتها الخاصة، وحدث ذلك بوتيرة متسارعة لا يمكن توقيفها أو الحد منها، حيث الهيمنة الكاملة للسلطة التنفيذية على المجلس كيفاً، من خلال الصلاحيات، وعدداً من خلال أعضاء الموالاة في المجلس المنتخب ومجلس الشورى المعين بالكامل، والذي يتمتع بصلاحيات تشريعية يتفوّق فيها على المنتخب، حتى أصبح المجلس المعيّن وسيلة لحرق الملفات الساخنة لصالح السلطة ضد مصلحة الشعب والوطن، والحجة لدى السلطة دائماً في الرد على المعارضة أن كل شيء يجري وفق القانون وفي ظل البرلمان، ومن لديه اعتراض فالبرلمان موجود، مما جعل من المشاركة في البرلمان بالصورة التي كانت قائمة أداة للتستر على الظلم والطغيان والفساد بدلاً من كشفها، وشهادة زور بامتياز لصالح السلطة ضد المظلومين والمضطهدين، وتزويراً لإرادة الشعب ووعيه.

3. فصل قوى المعارضة المشاركة عن آلام ومعيشة المواطنين، حيث أن حجم المكافأة التي كان يحصل عليها النواب، ثم ما أُقِرَّ في قانون تقاعدهم، والمميزات الأخرى في ظل فقر الناس قد جعل الامتيازات المالية أقرب للرشوة وشراء الذمم في واقع اقتصادي متفاقم يعيشه المواطن كل يوم. وهنا تجدر الإشارة إلى قرار رفع مكافأة النواب «الراتب والمخصصات والعلاوات» لتصل إلى حوالي «4,750 دينار» [رواتب البرلمانيين ترتفع إلى 4750 ديناراً، صحيفة الوسط البحرينية، تم الاقتباس بتاريخ 30 يونيو 2019م، من على الرابط الإلكتروني: www.alwasatnews.com/news/600323.html] في الوقت الذي يعمل فيه «70%» من المواطنين براتب لا يتجاوز 350 دينار، وقد قامت السلطة في العام 2009م بزيادة مكافأة النواب عبر ضمان تقاعدهم، حيث قرّرت أن يكون مجازاة عمل 4 سنوات في المجلس الحصول على مكافأة تساوي مكافأة وكيل وزارة لعمل يزيد على 35 سنة مما يشير إلى أن حجم مكافأة العمل ومكافأة التقاعد للنواب قد خرجتا فعلاً من دائرة الحق إلى دائرة الرشوة والفساد والمقايضة الخسيسة، وذلك في ظل واقع هذه المؤسسة المرتهنة بالكامل في يد السلطة التنفيذية، ونتائج المشاركة فيها المخيبة لآمال الشعب لا سيما المحرومين منهم.

وقد عارض آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم حفظه الله تمتّع النوّاب بالامتيازات التي تضع الفروقات الفاحشة بين النواب والجماهير، وتفصل النواب عن الطبقة المتوسطة، وفي خطبة الجمعة لسماحته قال: «المجلس النيابي لا للشعب وإنما للنيابيين أنفسهم، هكذا يتّخذه عدد من النوّاب. ضمان، تأمين صحي، هدايا سخية، رواتب عالية، جواز دبلوماسي للعائلة. هذا كله للنواب، وللشعب زوابع كلامية تعقبها انسحابات وتراجعات، ومصافحة ومضاحكة، مع الناهبين والمختلسين، وهذا شاهد له من قضية صندوق التأمينات، وصندوق التقاعد، وله شواهد أخرى، وللشعب ميل إلى تخفيض الرواتب.

البلد تحتاج إلى مجلس نيابي، ولكنّه من نوع آخر، من نوع رجال شجعان، ورجال يكونون نوّابا للشعب يحملون اهتماماته ويدافعون عن حقوقه وقضاياه لا وكلاء عن أنفسهم. يبحثون عن مكاسب شخصية وامتيازات عديدة. ما اختارهم الشعب ليطالبوا بمزيد من صلاحيات لأنفسهم، إنما اختارهم الشعب للدفاع عن حقوقه، وتحسين وضعه.

ما يرتكبه عدد من النواب هو خلاف الوظيفة المنوطة بهم، وهذا لمّا تحوّل إلى ظاهرة في المجلس أسقط قيمته. وأقول بأن البلد محتاجة إلى مجلس نيابي ولكن من نوع آخر، ومحتاجة إلى تحسين الوضع السياسي من أجل أن يولد مجلس نيابي قادر على تلبية جزء من طموحات الشعب، ومن أجل مشاركة فاعلة واسعة في انتخابات المجلس النيابي نحتاج إلى تعديلات دستورية ملحّة» ]من خطبة الجمعة لآية الله الشيخ عيسى قاسم، بتاريخ 7 يناير 2005م، تم اقتباسها من موقع «المقاوم»، بتاريخ 30 يونيو 2019م، من على الرابط الإلكتروني: https://almuqawim.net/2005/01/1427/[

4. نجاح السلطة في طرح أجندتها الاستراتيجية وتمريرها وإقرارها داخل البرلمان الصوري، وإكسابها الشرعية البرلمانية، وفرضها كأمر واقع على الشعب والمعارضة.

5. لقد أدى الاعتراف العملي بوثيقة 2002م والمشاركة في الانتخابات على أساسها، إلى إضعاف قدرة المعارضة تلقائياً على المطالبة بدستور شعبي وشرعي، ووضع العقبات الأصعب في طريق الإصلاح، وزاد في المشكلة حجم الدفع العارم للمشاركة في انتخابات 2006م بإعطائها صبغة دينية من قبل جملة من رموز وقيادات المشاركة.

6. إضعاف جانب المعارضة أمام الرأي العام والشعب وتقوية جانب السلطة بشكل عملي، وذلك في ظل هيمنة السلطة الكيفية على المجلس من خلال الصلاحيات، والهيمنة العددية من خلال أعضاء الموالاة في المجلس المنتخب وأعضاء الشورى المعينين بالكامل، فالمعارضة المشارِكة قد أصبحت أسيرة بالكامل في يد السلطة التنفيذية، وهي التي تقرر مصيرها، فتمنحها ما تشاء لترفع رصيدها في الشارع، أو تمنعها لتضغط عليها وتفرض عليها ما تريد، وكانت المعارضة المشاركة عاجزة بالكامل عن فعل أيّ شيء بالأدوات البرلمانية خلافاً لإرادة السلطة.

7. القبول عملياً بتحويل الشيعة إلى أقلية على مستوى التمثيل النيابي، مع كونهم الأكثرية في عمليات الاقتراع، وإضفاء الشرعية على ذلك، مما جعل فرصة الإصلاح السياسي أقل إمكاناً في المستقبل، حيث يمثل الشارع الشيعي خزان المعارضة وعمودها الفقري، ويؤثر بكل تأكيد على جملة المطالب الشعبية العادلة، في ظل انسداد الأفق الذي كان قائماً للتحالف مع القوى الإسلامية السنية الرسمية التي كانت تحتكر التمثيل الشعبي للطائفة السنية الكريمة، وتعمل السلطة حالياً على خلخلة التمثيل الشعبي وضرب البنية الاجتماعية للمناطق الشيعية والسنية على حد سواء باختراقها عن طريق المربعات السكنية للمجنسين على أطرافها وداخلها، مما فاقم الأوضاع على الوطن وأبناء الشعب من الطائفتين الكريمتين.

8. تعزيز المشهد الطائفي من خلال التشكيلة الطائفية للمجلس، حيث انعكست على مداولاته ومعالجاته للقضايا مما شكّل مخزوناً للشحن الطائفي على الساحة الوطنية، فالمداولات والمعالجات التي تمت للقضايا في المجلس لم تتم على أساس إنساني أو وطني عادل، وإنما تمت على أساس طائفي بحت، وهذا مما خدم أجندة السلطة في تعزيز الطائفية لخدمة مصالحها السياسية، وفرض هيمنتها على السلطة والثروة ومقدرات الشعب، وعاد بالضرر على مصالح المواطنين شيعة وسنة.

9. لقد أدت المشاركة الموجهة من قبل السلطة ومناخ المجلس إلى رفع طموح الانتهازيين والمجنسين والمعذِّبين والجلادين للتقدم لعضوية هذا المجلس، وذلك لكسب الشرعية الشعبية والحصول على الحماية الرسمية، وهي حالة قد كشفت عن حقيقة هذا المجلس والدور الذي قام به.

العملية السياسية إلى أين؟

وبهذا يقدّم تيار الوفاء الإسلامي البرهان على أن مقولة إمكان التغيير من خلال الانخراط في العملية السياسية وحدها هو مجرد اشتباه محض، وأن المشاركة في العملية السياسية وتحقيق أي نتائج مرجوة منها كان رهن التجريب السياسي، وقد ثبت أيضاً أن حصر خيارات المعارضة طوال السنوات التي سبقت ثورة 14 فبراير داخل سلة المشاركة السياسية ضمن الأطر الرسمية قد مثّل عقبة صعبة أمام شعب البحرين لينهض، ويحقق أهدافه، وأن وجود المعارضة الثورية الفاعلة التي يمكن أن تؤثر على النظام هو شرط لازم للتغيير والإصلاح، وعلامة حقيقية من علامة الإرادة الجدية لدى المعارضة للوصول لأهدافها.

فبعد 18 سنة من تجربة الدخول في العملية السياسية لم تتحقق أبسط الأهداف والمطالب التي يطمح لها شعب البحرين، بل تراكمت الأزمات والآثار الكارثية لسياسات النظام الحاكم يوماً بعد يوم، وعلى كل الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وغيرها.

وقد مثّل انطلاق ثورة 14 فبراير وحشدها للأغلبية الساحقة من أبناء الوطن استفتاءً حقيقياً حول رأي الشعب في النظام السياسي والعملية السياسية برمّتها.

وثبت بالضرورة وبحكم التجربة، بأنه لابد من تعزيز مسيرة وأهداف ثورة 14 فبراير من خلال ثبات المعارضة في عدم الاعتراف بدستور 2002م والعملية السياسية برمتها، والعمل على الإطاحة بالتجربة النيابية الحالية باعتبارها آخر قلاع ما سُمِّيَ زوراً بالمشروع الإصلاحي بداية الألفية، حيث لا يوجد شيء يدافع به النظام الخليفي عن نفسه، وتدافع به الإدارتان الأمريكية والبريطانية عن النظام الخليفي أمام الرأي العام في الغرب سوى الانتخابات النيابية الصورية، في ظل سجل حقوقي سيء، وسجن وتهجير جميع قادة ورموز المعارضة، وسجن الآلاف من أبناء الشعب، وتهجير المئات في المنفى القسري، وسياسات الإفقار والتجويع وتردي الحالة المعاشية لأبناء الشعب.

يعتقد تيار الوفاء الإسلامي أن الخطاب السياسي قد عاد للمربع الأول، وهو افتقاد النظام الخليفي للشرعية الدستورية، وغياب الدستور الشرعي، والتأكيد على حق شعب البحرين في كتابة دستوره، وتقرير مصيره، واختيار النظام السياسي الذي يلبي طموحاته وتطلعاته المشروعة.

المصدر (كتاب): تيار الوفاء الإسلامي؛ المنهج الرؤية الطموح (بتصرف).

يـتـبـع قـريـبًـا...

 #فلسطين المحتلة | استشهاد الشابين الفلسطينيين محمد حوشية وفؤاد عابد في عد.،وان  #إسرائيلي على كفر دان بمحافظة جنين، صبا...
02/01/2023

#فلسطين المحتلة | استشهاد الشابين الفلسطينيين محمد حوشية وفؤاد عابد في عد.،وان #إسرائيلي على كفر دان بمحافظة جنين، صباح اليوم.

01/01/2023

يهود بلغة "عبرية" يتجولون في #البحرين ويتعلمون ركوب الخيل.. هذا ما يريده نظام الاحتلال الخليفي لهذا البلد العربي المسلم!

01/01/2023

بصمود وثبات أهلها.. #البحرين تواجه قمع الاحتلال حتى اليوم الأخير من عام 2022

ثورة  #البحرين؛ المنهج الرؤية الطموح - (ج10)ثانيًا: فشل المجلس النيابي في التشريع والرقابةلم يتمكّن المجلس النيابي الصور...
30/12/2022

ثورة #البحرين؛ المنهج الرؤية الطموح - (ج10)

ثانيًا: فشل المجلس النيابي في التشريع والرقابة

لم يتمكّن المجلس النيابي الصوري من آداء وظائفه الرئيسية «التشريع والرّقابة»، بسبب رسم الدوائر الانتخابية بطريقة ظالمة أنتجت أكثريّة عددية للموالاة داخل المجلس، وتمتّع مجلس الشوري المعيّن من قبل السلطة بصلاحيات تفوق ما لدى المجلس المنتخب، وبسبب المواد الدستورية التي حصرت مفاتيح التشريع وإمكان التأثير بيد السلطة فقط، ولم تتحول الجمعيات الرسمية المشاركة في العملية السياسية إلى أدوات ضغط حقيقية، بسبب خضوعها لقانون «مباشرة الحقوق السياسية» لسنة 2002م، وقانون الجمعيات السياسية لسنة 2005م، وبهذا أمسكت السلطة بخيوط العملية السياسية وجرّدت المعارضة المشاركة من أدوات التأثير. [قانون الجمعيات السياسية، هيئة التشريع والرأي القانوني، تم الاقتباس بتاريخ 18 مايو 2019م، من على الرابط الإلكتروني: https://www.lloc.gov.bh/Legislation/id/K2605]

فضلاً عن الآثار الكارثية – التي ثبتت بالتجربة – لحصر خيار المعارضة بالمشاركة في العملية السياسية، كان رفض تيار الوفاء الإسلامي الانخراط فيها بناءً على عجز المشاركة في المؤسسات القائمة كمجلس النواب عن القيام بوظيفتي التشريع والرقابة، وذلك بسبب القيود المفروضة من قبل السلطة على ذلك، ومن هذه القيود:

:

صدر هذا القانون [قانون مباشرة الحقوق السياسية لعام 2002م، هيئة التشريع والإفتاء القانوني، تم الاقتباس بتاريخ 30 يونيو 2019م، من على الرابط الإلكتروني: https://www.lloc.gov.bh/Legislation/id/L1402] بمرسوم رقم «14» لسنة 2002م من قبل الحاكم الخليفي، وورد في نصّه ما يشير إلى استناده على دستور 2002م الذي صدر بإرادة منفردة من قبل الحكم الخليفي، وعلى خلاف التوافقات السياسية مع المعارضة.

إن قانون مباشرة الحقوق السياسية قد خالف في جملة من مواده مبدأ الفصل بين السلطات، ونعني به هنا: استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية التي تتمثل في الحاكم نفسه، حيث أن المادة رقم «3» من القانون قد أعطت القضاة المعينين من قبل الحاكم حق الفصل في القضايا الجنائية التي تسلخ الأهلية عن المرشحين للانتخابات النيابية، وكذلك الناخبين.

كما أن المادة رقم «17» منه قد أعطت رأس النظام صلاحية تقسيم الدوائر الانتخابية، وتحديد عددها، وحدودها، وعدد اللجان الفرعية اللازمة لمباشرة عمليتي الاقتراع والفرز بمرسوم، وهو نقض صريح لمبدأ الفصل بين السلطات، وكان مدخلاً لرسم الدوائر الانتخابية بشكل حجّم المعارضة السياسية وجماهيرها.

المادة رقم «18» هي مثال آخر لإعطاء السلطة التنفيذية مهمة الرقابة والقضاء في شؤون الانتخابات النيابية، حيث نصت على: «يرأس وزير العدل والشؤون الإسلامية لجنة عليا للإشراف العام على سلامة الاستفتاء وانتخاب أعضاء مجلس النواب في أنحاء المملكة والبت في جميع الأمور التي تعرضها عليها اللجان المنصوص عليها في المادة السابعة من هذا القانون».

:

صدر قانون الجميعات السياسية [قانون الجمعيات السياسية، هيئة التشريع والرأي القانوني، تم الاقتباس بتاريخ 18 مايو 2019م، من على الرابط الإلكتروني: https://www.lloc.gov.bh/Legislation/id/K2605] بمرسوم رقم «26» لسنة 2005م من قبل رأس النظام، واعتبر القانون نقطة فاصلة في وضع العقبات أمام العمل السياسي التنظيمي، والحد من تأثير الجمعيات وعلاقاتها السياسية الداخلية والخارجية، وكذلك كان سبباً جوهرياً للتباينات بين قوى المعارضة في جدوى تشكيل الجميعات وتسجيلها رسمياً تحت هذا القانون والمشاركة في الانتخابات النيابية.

وقد بيّن آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم موقفه من قانون الجمعيات السياسية وأمثاله من القوانين التي فضحت كذبة العهد الإصلاحي، حيث قال: «وإن الإصلاح ليُقاس بنوع القوانين التي تسنُّ، والمشاريع التي تُنفّذ، والممارسة العملية على الأرض، والأزمات التي حُلّت والملفات التي تَخْلَصُ منها، فعلينا أن نقيس مدى الإصلاح بكل هذا، أما دعاوى الإعلام فلا قيمة لها بتاتاً إذا كذّبها الواقع. كان الإعلام إعلاماً حكومياً أو إعلام معارضة.

وليس من قوانين مرحلة الإصلاح قانون الجمعيات، وقانون التجمعات، وقانون الإرهاب. ولا من مشاريع الإصلاح هذه المشاريع المتلاحقة المناهضة للأخلاق باسم السياحة النظيفة زوراً بدل المشاريع السياحية النظيفة فعلاً، وبدل المشاريع الإنمائية الجدّية الأخرى.

وعن الأزمات والملفات الحرجة نسأل: ماذا عن الملف الدستوري وتجميده؟ وملف الإسكان وعدم الوفاء باستحقاقاته؟! وملف التجنيس ومخالفاته؟! وملف البطالة ومآسيه؟! وملف التمييز الطائفي والقبلي وفضائحه؟! وماذا عن قصور الضمان الاجتماعي والتأمين في مورد التعطّل، وتسيّب العمالة الأجنبية، والاستملاك الاعتباطي الواسع للأراضي التي تحتاج عامة الناس إلى الشبر الواحد منها؟!

دعونا نعترف بأننا لازلنا بعيدين بمسافة هائلة عن استحقاقات المرحلة القائمة، وأن الإصلاح المشهود لا يبشِّر كثيراً بالإصلاح الموعود، وأن الإرادة السياسية عند الحكم بحاجة إلى ثورة جديدة قوية جدّية من داخلها لتكون أقرب إلى حقيقة الإصلاح وجدّيته.

وعلى كل القوى السياسية الأهلية من مؤسسات وأفراد أن تبذل أقصى جهدٍ ممكن في تنسيق وتكامل وضمن الأطر القانونية من أجل مواجهة شبكة القوانين الجائرة المتخلّفة التي يراد تمريرها، والوقوف ضد هذه المحاولة إخلاصاً للوطن والمواطن وحفاظاً على الأمن والاستقرار وكرامة الإنسان» [من خطبة لآية الله الشيخ عيسى أحمد عيسى قاسم، بتاريخ 3 يونيو 2005م. تم اقتباسها من موقع المقاوم، بتاريخ 18 مايو 2019م من على الرابط الإلكتروني: https://almuqawim.net/2005/06/1471/].

وفي خطبة أخرى لسماحته يقول: «لا إصلاح ولا ديمقراطية بلا صوتٍ شعبيٍّ مراقبٍ ونافذٍ ومحاسب يتمثّل في مثل الجمعيات أو الأحزاب السياسية الجادّة، التي تمتلك صلاحيات مراقبة ومتابعة، ونقد ومحاسبة حقيقية.

وإنَّ وضع القيود والأغلال على الجمعيات السياسية تجميدٌ للمسيرة الإصلاحية وانقلاب على ما يقال عنه أنه ديمقراطية، والمتوقّع شعبياً من النواب الوقوف مع الحرية السياسية البنّاءة، وتطويرها، لا أن يقطعوا الطريق عليها، ويتراجعوا بها ويئدوها. والقانون المقترح لتنظيم الجمعيات السياسية موغلٌ في التقييد، مُغالٍ في التوجّس السياسي، وكأنه نبتةٌ مرة يائسة وبائسة على أرض الدكتاتورية، لا أنه نبتةٌ واعدة على أرض يُراد لها أن تكون أرض إصلاحٍ وحريةٍ ومشاركةٍ شعبيةٍ حقيقيةٍ، وانطلاقةٍ جديدةٍ في اتجاه احترام الإنسان» [من خطبة الجمعة لآية الله قاسم، بتاريخ 17 سبتمبر 2004م، تم اقتباسها من موقع المقاوم، بتاريخ 18 مايو 2019م، من على الرابط الإلكتروني: https://almuqawim.net/2004/09/1396/].

أهم في كانت التالي:

المادة رقم «4»، في بندَيها الثامن والتاسع، حيث نصّا على «أن يكون مقر الجمعية وفروعها داخل مملكة البحرين، وأن تمارس نشاطها في أراضي المملكة» و«أن تعلن الجمعية مبادئها وأهدافها وبرامجها ووسائلها وهياكلها التنظيمية ومصادر تمويلها».

المادة رقم «6»، في بندها الرابع، حيث نصّت على «التقيد بالمبادئ والقواعد ضمن أحكام ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين واحترام سيادة القانون، وعدم استخدام مؤسسات الدولة والمؤسسات العامة ودور العبادة والمؤسسات التعليمية لممارسة نشاطها».

المادة رقم «20»، التي نصت على «يضع وزير العدل القواعد المنظِّمة لاتصال الجمعية بأي حزب أو تنظيم سياسي أجنبي، ولا يجوز لأية جمعية التعاون أو التحالف مع أي من هذه الأحزاب أو التنظيمات إلا وفقاً لهذه القواعد».

لاحقا ألمحت وزارة العدل عن توجهها لإصدار قانون بعدم جواز اجتماع الجمعيات السياسية مع أي ممثلة دبلوماسية أو دولية في البحرين إلا بوجود ممثل عن وزارة العدل حاضراً في الاجتماع!

:

بخلاف ما تعهدت به السلطة الخليفية، وبخلاف ما ورد حتى في «ميثاق العمل الوطني»، والذي استندت عليه السلطة في الترويج لما سُمِّي بالعهد الإصلاحي والتحول للنظام الملكي، حيث نص الميثاق على استحداث نظام المجلسين، وأن يكون الأول منتخباً انتخاباً مباشراً، وفيه تنحصر مهمة التشريع، بينما تكون مهمة المجلس الآخر «الشورى» فقط للاستعانة بآراء الخبراء المعينين من رأس السلطة، فقد انقلبت السلطة على هذا البند من الميثاق، وضمنّت مواداً في الدستور المفروض من جانب النظام عام 2002م، وهي المواد من «70» وحتى «92» منه، والتي تنص على أن المجلسين يتساويان في العدد وفي الصلاحيات التشريعية والرقابية، وبحكم التجربة والممارسة فإن مجلس الشورى المعيّن يتفوق في صلاحيته حتى على المجلس المنتخب.

:

كتكتيك من قبل النظام الخليفي لتضييع النقاشات التي لا يرغب بها داخل المجلس، فهو يعمد إلى عرض مشاريع قوانين في المجال الاقتصادي بصفة مستعجلة، لكي يقوم بقطع النقاشات حول الأمور التي يعد لها النواب أو بعضهم، ولا يرغب النظام في طرحها، ويستند النظام في ذلك على المادة «81» من دستور 2002م، والتي تعطي الحكومة الحق في أن تعرض بصورة مستعجلة مشروع قانون ينظم موضوعات اقتصادية، بحيث يكون أمام المجلس 15 يوم فقط للنظر فيها، ومن بعدها يعرض مشروع القانون على مجلس الشورى، ليتخذ قراراً في مدة أقصاها 15 يوماً، وفي حال توافق المجلسين يتحول مشروع القانون إلى قانون نافذ بعد المصادقة عليه من قبل الحاكم.

وتتحكم الحكومة المعينة التي يرأسها رئيس وزراء من العائلة الحاكمة، ويتقلد مناصبها السيادية أفراد من العائلة الخليفية في مخرجات النقاشات ومشروعات القوانين في مجلس النواب من خلال آلية فرض أجندة مستعجلة في جدول المجلس التشريعي، وبحسب المادة «81» من دستور 2002م فإن الأولوية في نقاشات المجلس هي لمشروعات القوانين والاقتراحات المقدمة من قبل الحكومة.

:

يتحكم رأس السلطة بمخرجات المجلس من خلال نص المادة «87» من دستور 2002م بأن «الملك» له حق إصدار القانون بمرسوم، وبهذا على فرض الاختلاف بين مجلس النواب ومجلس الشورى فإن لرأس النظام صلاحيّة اتخاذ القرارات وإقرار القوانين.

عملت هذه المادة على إفقاد التجربة النيابية القدرة الحقيقية على التشريع، بالرغم من تناقض المادة «87» من الدستور المنحة وإعطاء رأس السلطة حق التشريع منفرداً مع المادة رقم «70» من الدستور نفسه، والتي تنص على «أن لا يصدر قانون إلا إذا أقره المجلسان وصدق عليه الملك»، وبذلك فإن إعطاء رأس السلطة حق التشريع هو من أبرز تناقضات دستور 2002م الفاقد للشرعية مع نفسه، وتناقضه مع الممارسات الديمقراطية العريقة، والتي تعطي حق التشريع فقط لمجلس النواب المنتخب حصراً وبعيداً عن السلطة التنفيذية المتمثلة في رأس السلطة والحكومة، وبعيداً عن «فيتو» وتأثير المجلس المعين.

وهناك أمثلة عدة على تفريغ مجلس النواب من القدرة على التشريع ووضع جدول أعماله، ومنها استخدام الحكومة المادة «87» من دستور المنحة لتمرير مشروع قانون ميزانية العامين 2007م و2008م بصفة مستعجلة [جهة عليا تدخل على خط الموازنة، صحيفة الوسط (بالبحرين)، تم الاقتباس بتاريخ 1 يوليو 2019م، من على الرابط الإلكتروني: http://www.alwasatnews.com/news/590920.html].



فضلاً عن قدرة رأس النظام والحكومة على فرض أجندتها التشريعية على مجلس النواب، وقدرة مجلس الشورى المعين ورأس النظام على تعطيل ورفض أي تشريع أو مقترح قانون، فإن النظام صاغ وفرض مادة دستورية تعطي الحكومة صلاحية صياغة مشروع القانون، وهذا ما نصت عليه المادة «92» من دستور 2002م، وبناءً على هذه المادة فإن: على المجلسين «النواب والشورى» إحالة الاقتراحات بقانون إلى الحكومة لوضعها في صيغة مشروع قانون، وبعدها تحيل الحكومة صيغتها القانونية إلى مجلس النواب في الدورة التشريعية نفسها أو التي تليها، وفي ذلك تدخل فاضح في المهمة التشريعية التي يجب أن تبقى حصراً بيد النواب المنتخبين، كما أن في ذلك نقضاً واضحاً لواحد من أهم مبادئ التجربة الديمقراطية، وهو مبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.



تعتبر المحكمة الدستورية في البحرين – تشكيلاً ووظيفةً – إحدى البدع الدستورية غير المسبوقة في العالم، وهي من إبداعات العصابة الخليفية حصراً، وبنص دستوري في المادة «106» من دستور المنحة 2002م فإن لرأس النظام إحالة ما يراه من مشروعات قوانين قبل إصدارها للمحكمة الدستورية لتقرير مدى توافقها مع الدستور، بحيث يعد رأي المحكمة الدستورية نافذاً بحق مجلسي النواب والشورى والحكومة، وبهذا البند يكون مجلس النواب غير قادر على الدفاع والترافع والتقاضي عن صيغته في مقترح القانون أمام ما يسمى بالمحكمة الدستورية المعين قضاتها وأعضاؤها جميعاً من قبل رأس النظام.

:

إضافة لقائمة الآليات والمفاتيح التشريعية التي صُمِّمَت ليمسك النظام الحاكم بكل مخرجات العملية التشريعية، بحيث لا يستطيع مجلس النواب اللعب خارج دائرة المسموح، فقد أعطى الدستور المفروض رأس النظام نفسه صلاحية تعطيل المصادقة على أي قانون لمدة 6 أشهر، أي نصف العام التشريعي، حيث نصت المادة «35» من دستور المنحة لسنة 2002م الفقرة «ب» بأنه: «يعتبر القانون مصدقاً عليه ويصدره الملك إذا مضت عليه 6 أشهر من تاريخ رفعه إليه من مجلسى النواب والشورى دون أن يرده إلى المجلسين للنظر فيه».

ُلثي_المجلس_في_حال_رفض_الحاكم:

في مشروع القوانين التي على فرض اتفاق مجلسي النواب والشورى حولها، ويتم رفعها لرأس السلطة، فإن رأس السلطة يملك حق تعطيلها 6 أشهر، ومن ثم يحيلها مرة أخرى للمجلسين بحيث لا يصبح نافذاً بصيغته التي رفضها رأس السلطة إلا إذا وافق على الصيغة الثلثان في كلا المجلسين، الشورى والنواب، حيث نصت المادة «35»، «الفقرة د»، من دستور المنحة على ذلك كقيد إضافي يطوِّق العملية التشريعية، ويجعلها رهينة رغبات السلطة الخليفية.

_قوانين_انتخابية_تخدم_السلطة:

من أهم انتكاسات التجربة النيابية في البحرين هو عدم وجود هيئة مستقلة للانتخابات وعدم خضوعها للرقابة المستقلّة، وقد أدى ذلك لرسم الدوائر الانتخابية بواسطة مرسوم قانون يصدر مباشرة من رأس السلطة، وهو المرسوم رقم «14» لسنة 2002م لمباشرة الحقوق السياسية، وهو قانون مجحف لتنظيم العملية الانتخابية، وقد صدر ضمن مرسوم من رأس السلطة، وهو يفتقد لغطاء تشريعي من أي مؤسسة شعبية منتخبة، وفي داخل القانون نفسه نجد الهيمنة الحكومية واضحة على جميع مفاصل العملية الانتخابية، ومن بينها وضع القوائم الانتخابية، وتعيين وزير العدل واختياره للأطقم القضائية، وهذا لا يتوافق مع أي نظام انتخابي عادل في العالم، ولا يتوافق مع مبدأ استقلال القضاء.

وقد رُسِمَت الدوائر الانتخابية بطريقة تحصل فيها مناطق المرشحين المدعومين حكومياً على الأغلبية النيابية، حيث أن صوتاً واحداً في الدائرة السادسة بالمحافظة الجنوبية وهي معقل للموالاة، يعادل 21 صوتاً في الدائرة الأولى بالمحافظة الشمالية وفي الدائرة الأولى بالمحافظة الوسطى، وهما دائرتان محسوبتان على المعارضة، فكانت النتيجة: أن حصلت المعارضة في انتخابات المجلس سنة 2010م على 83 ألف صوت وحصدت 18 مقعدٍ، بينما حصل مجموع نواب الموالاة على 47 ألف صوت فقط وحصلوا على 22 مقعد.

هذا بالإضافة إلى أن توزيع الدوائر الانتخابية بهذه الطريقة الملتوية قد أفرز فروقات في كتل الناخبين بدرجة كبيرة تتجاوز المعدلات العالمية المعتبرة في التجارب النيابية الديمقراطية والحرة، وهو معدل فرق يجب أن لا يتجاوز 5%، بينما تصل الفروقات بين الدائرة رقم «11» في المحافظة الشمالية والدائرة رقم «10» في المحافظة الجنوبية إلى أكثر من خمسة أضعاف، ويصل الفرق بين معدلي المحافظتين الجنوبية والشمالية إلى أكثر من 28%. فيما تبلغ الفروقات في الكتلة الانتخابية بين المحافظتين الشمالية والجنوبية لأكثر من 40% لصالح المحافظة الجنوبية.

بوجود الدوائر الانتخابية في البحرين بالصورة التي عليها حالياً، فقد تم جعل العملية الانتخابية طائفية، من خلال فصل الشيعة عن السنة، ومثال ذلك في محافظة العاصمة: دائرة تضم قرى النبي صالح والغريفة والجفير، ولديها ممثل واحد، في حين أن أم الحصم القريبة جداً من هذه المناطق لديها ممثل أيضاً، فلا يوجد في تركيبة مجلس النواب أي تمثيل نسبي اعتماداً على عدد السكان في المناطق.

توزيع الدوائر الانتخابية أفقد المجلس النيابي صفة التمثيل الحقيقي للكتل الناخبة، خاصة في وجود ما سُمِّيَ بـ«المراكز العامة»، وهي مراكز انتخابية موزعة على جميع مناطق البحرين، وهي نافذة خلفية للتزوير، إذ يصعب النظر فيها، خاصة في إمكان نقل أصوات من أي دائرة إلى أخرى لا سيما من خلال جلب أصوات من لا يعيشون أساساً في البحرين وتوزيعهم على أي دائرة من الدوائر، هذا إلى جانب إشكالية عدم تمكن المواطن من الترشح في غير منطقته [مكّن توزيع الدوائر الانتخابية بهذه الطريقةالسلطة والموالاة على نيل الأكثرية العددية في مجلس النواب، وتمرير أي قانون رغم رفض المعارضة له، ومثال ذلك كثير، منه قانون الجمعيات، وقانون الإرهاب، وقانون التجمعات، وقانون الاستقطاع 1% من رواتب الموظفين، وتمكّنت السلطة بذلك من تقنين سرقاتها وجرائمها داخل مجلس النواب، والهروب من مسؤولية أفعالها. وكان لآية الله عيسى أحمد قاسم حفظه الله موقف صريح ضد تركيبة المجلس النيابي، وموجة القوانين المجحفة، واختباء السلطة خلف مجلس نيابي مرتهن لها، حيث قال في خطبة الجمعة بتاريخ 15 يونيو 2007م: «مسألة اقتطاع 1% من رواتب العمال والموظفين المستضعفين عمل غير مقبول البتّة، وهو الأمر الذي أُكّد عليه في الجمعة السابقة، وقبل أن تهب الزوبعة. كل المسؤولية مسؤولية حكومية تسبيباً للمشكلة ومعالجة» بحسب ما ورد من على هذا الرابط الإلكتروني: https://almuqawim.net/2007/06/1660/].



أعطى دستور المنحة لعام 2002م الحاكم ورئيس الوزراء حصانة ضد رقابة مجلس النواب، حيث نصت المادة «65» منه على أن مجلس النواب لا يستطيع مُساءلة رئيس الوزراء بالطريقة التي يسائل بها الوزراء، كما أنه ليس للمجلس طرح عدم الثقة في رئيس الوزراء.

كما أن المادة «33» الفقرة «أ» من دستور 2002م غير الشرعي تقول: «أن الملك غير مسؤول وذاته مصونة لا تمس» في تناقض مع ماهيّة الصفة التنفيذية للحاكم، التي وردت في المادة «33» الفقرة «ج»، والتي تنص على «أن الملك يمارس سلطاته مباشرة، وبواسطة وزرائه».

أما فيما يتعلق بالرقابة المالية، وخلافاً لما نص عليه دستور «73» المادة «97» على إنشاء ديوان للرقابة المالية يكفل القانون استقلاله، ويكون ملحقاً بالمجلس الوطني، فقد نص دستور المنحة في المادة «116» على إلغاء تبعية ديوان الرقابة المالية للسلطة التشريعية، ثم صدر المرسوم بقانون رقم «16» لسنة 2002م بإلحاق ديوان الرقابة برأس السلطة المسمى «ملك»، أي بالسلطة التنفيذية، وبهذا أصبحت السلطة رقيبة على نفسها!

المصدر (كتاب): تيار الوفاء الإسلامي؛ المنهج الرؤية الطموح (بتصرف).

يـتـبـع قـريـبًـا...

Address


Alerts

Be the first to know and let us send you an email when البحرين مع فلسطين ضد التطبيع - بحرانيون أحرار posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Videos

Shortcuts

  • Address
  • Alerts
  • Videos
  • Claim ownership or report listing
  • Want your business to be the top-listed Media Company?

Share