14/09/2021
في كتابه Missing Out: In Praise of the Unlived Life يقول الكاتب البريطاني آدم سميث إن كل إنسان في هذا العالم له العديد من الحيوات (جمع حياة)، حياة أولى يعيشها، وهي حياته الحالية، وحياة أخرى أفضل، يرى أنه يستحقها، حياة فيها نجاح أكبر، شهرة أكثر، مغامرة وإثارة أكثر.
هذه الفرصة في عيش حياة أكثر إثارة وأكثر أهمية ليست متاحة للجميع، لا يمكنك أن تصبح بين ليلة وضحاها شخص معروفا ومشهورا ومهما، الشهرة بسرعة قد تكون مرتبطة بفضيحة مثلا، وهذا أمر محرج أحيانا، وثمن باهظ للشهرة، لكن هنالك طريقة حتى تحقق الشهرة والإستفادة على جميع الأصعدة دون الحاجة لكل ذلك، أن تترشح لرئاسة الرجاء.
أعلن المكتب الحالي لنادي الرجاء الرياضي منذ أيام إلغاء الجمع العام الخاص بالنادي، والذي كان من المنتظر أن يتعرف فيه الجمهور على الربان الجديدة لإدارة النادي، يأتي هذا الإلغاء ليضيف حلقة جديدة في مسلسل التغيير الذي كانت تطالب به جماهير النادي مع نهاية الموسم الماضي، إلا أن الإدارة الحالية دخلت الموسم الجديد، ولا يظهر أن هنالك نوايا حقيقية حسب المعطيات الحالية على الأقل تفيد أن تسليم هذه السلطات سيتم في القريب العاجل.
لكن على كل حال، هناك 3 مرشحين أبدوا رغبتهم في ترأس الرجاء، علما أن الإلغاء يعطي الحق لشخصيات أخرى في الانضمام للقائمة الحالية، أنيس محفوظ الكاتب العام للنادي، رضوان الرامي المنخرط الرجاوي، ثم جمال الدين الخلفاوي الرجل الذي أعلن ترشحه في العديد من المناسبات السابقة قبل أن يعلن انسحابه في كل مرة.
نحن في "ڭول بوست" حاولنا أن نتابع حسب ما توفر لنا من معلومات مشروع المرشحين الأبرز، أنيس محفوظ ورضوان الرامي اللذان خرجا كثيرا للحديث عن مشاريعها المستقبلية للنادي.
📌 أنيس محفوظ : الخروج من النافذة ثم العودة من الباب
خلال الأزمة التي عرفتها نادي الرجاء الرياضي بعد تصعيد جزء كبير من الجماهير للمطالبة برحيل المدرب السابق جمال السلامي، ظهر الإنشقاق قويا داخل المكتب المسير الذي كان متشبثا بالمدرب المغربي لعدة أسباب أهمها على الإطلاق تقبله للوضعية المالية الصعبة للنادي.
بدأت الأخبار تخرج عن خلافات داخلية، أو القافزين من المركب كان أنيس محفوظ، الكاتب العام السابق للنادي، الذي اختار هذا التوقيت للقفز من مركب مكتب الأندلسي الذي كان يشرف على الغرق، خروج محفوظ في هذا التوقيت كان لخلاف مع الأندلسي، كما أنه كان يعطيه إمكانية البحث عن إعادة ترتيب أوراقه للترشح للرئاسة هذه المرة، وهذا ما حدث بالضبط.
لحظة، سنسافر إلى باريس ونعود بسرعة .قبيل الإنتخابات الرئاسة الفرنسية الماضية كانت جميع استطلاعات الرأي تتحدث عن المرشح الجمهوري فرانسوا فيون، الذي كان يملك حظوظا وافرة في تخطي مارين لوبين اليمينية المتطرفة واليسار المنهك بعد فشل نموذج فرانسوا هولاند، لكن مرشحا ظهر من العدم بعد شبهات الفساد التي لحقت فيون بعد ذلك، مرشح تم فرضه من طرف الإعلام، ليصبح بعد ذلك رئيسا لفرنسا، يتعلق الأمر إيمانويل ماكرون.
مع بعض التغيير في الشكل والمضمون، يمكن اعتبار محفوظ هو المرشح الأبرز في الرجاء حاليا، أولا، يحظي الرجاء بدعم اعلامي كبير من طرف عدد من المنابر الإعلامية، دون نسيان أن المحامي الرجاوي هو من فلول المكتب الحالي الذي يحظى بدعم عدد من حكماء الفريق، ما يجعله مساندا من طرف عدد من المنخرطين.
لكن ورغم هذا الدعم الكبير، إلا أن محفوظ سيعاني كثيرا حتى يصل إلى كرسي الرئاسة، بداية، يبدو أن فئة مهمة من جماهير النادي غير متحمسة له، وذلك لأسباب عديدة أهمها على الإطلاق، الكم الكبير من القضايا التي خسرها مع الرجاء والتي كلفت النادي ملايين السنتيمات، محفوظ وخلال استضافته في أحد البرامج الرياضية، ورغم أن المقدم كان يعطيه الفرصة الكاملة لتلميع نفسه، إلا أنه لم ينجح في إعطاء تفسير لقضايا فاخر وبيساك ومابيدي وغاريدو وعدد من الإنتدابات التي فشلت الإدارة في عهده في الحصول على توقيعها، الرجل لم يقدم شيء سوى إجابات غير واضحة وغير مقنعة في جميع هذه النقاط، ونقاط أخرى كاحتفاظه ببعض عقود اللاعبين، وبعض وثائق النادي في منزله. لكن المرشح الرجاوي دافع عن نفسه بالتأكيد وقال إنه كان وراء انتدابات وازنة من بينها استقدام سفيان رحيمي من نجم الشباب، صحيح أن رحيمي يعتبر نجما للرجاء، إلا أن التوقيع مع لاعب رجاوي ابن أحد أبرز الموظفين في تاريخ النادي قد لا يعتبره البعض إنجازا.
📌 الرامي : المشروع غير واضح العالم
طيلة حوالي الساعة، تحدث رضوان الرامي مرشح الرئاسة في فريق الرجاء الرياضي في خرجة إعلامية عن مشروعه القادم، أكد الرامي أن النادي في عهده سيصبح أهم وأكبر، وأنه سيرفع مصاريف النادي إلى 16 مليون دولار تقريبا، وأنه سيعيد الإستثمار في صورة النادي وحضوره الرقمي، بجانب القيام بعدد من الإنتدابات التي ستعيد الرجاء إلى سابق عدها.
كل هذه الوعود لم يفصل فيها المرشح الرجاوي، الذي لم يطرح حتى الآن تصورا واضحا عن الطريقة التي سيتمكن من خلالها بالوصول إلى هذه الأهداف، ولا هي مراحل التخطيط التي سيسطرها لتنفيذ مشروعه الذي اختار له شعار "التغيير الآن". الرامي أكد في أكثر من مرة أن مشروعه متوقف ولم وينته بعد لأنه ينتظر التقرير المالي، وهذه نقطة غريبة لأن ذلك يعني أن وضعية النادي الحالي هي الوحيدة التي من شأنها تحديد هذا المشروع الذي من المفترض أن يكون جاهزا للمناقشة وأن يطرح تصورا شاملا مشروع قريب ومتوسط وبعيد الأمد، بغض النظر عن وضعية النادي الذي يظهر أنها تحسنت كثيرا على كل حال.
📌 نقاط مشركة بين المشروعين
من خلال متابعة ما خرج من برامج المرشحين، يمكن القول بأن التصور المالي للفترة القادمة لا يبدو واضحا للرامي ولا لمحفوظ على حد سواء.
في سؤال للسيد أنيس محفوظ حول الحلول المادية الآنية التي من المفترض أن يقدمها في حالة فاز بانتخابات الرجاء، قال المرشح الرجاوي أنه تلقى تطمينات من أن منحة الإشهار التي يعتمد عليها النادي بشكل شبه كلي لم تمس بعد، وأنه يعول عليها لتدشين فترة الرئاسية، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى قدرته على الإتيان بحلول مالية حقيقية، خصوصا أنه قال إنه تحدث مع بعض الشركات، لكنه سيحتاج بضعة أشهر لإقناعهم باستقرار النادي حتى يتمكنوا من الإستثمار فيه، وهذه علامة استفهام أخرى.
السيد رضوان الرامي، طرح هو الآخر ميزانية 16 مليون دولار دون إعطاء تفاصيل، ذلك لأن الرفع من ميزانية النادي هو شيء سهل جدا، قام به رؤساء سابقون بداية بعبد السلام حنات، ثم محمد بودريقة وصولا إلى جواد الزيات، والوصفة واضحة، القيام بعدد كبير من الإنتدابات، ثم إعطاء منح مرتفعة للاعبين، لذلك فالسؤال عن هذه الميزانية المرتفعة ستغطيها مداخل النادي ؟ جواب السيد رامي سيكون قطعا نعم، كيف ؟ لم يقل حتى الآن كيف ذلك!
📌 المشروع الرياضي أو "رجاء سطور" للموارد البشرية
يقول الأستاذ أنيس محفوظ إن أولى خطواته ستكون دون شك التعاقد مع مدير تقني، هنا يمكننا طرح سؤال مهم، لماذا لم يتم ذلك خلال المدة التي فاقت 30 شهرا التي عمل فيها المرشح الحالي داخل إدارة النادي ؟ هنا لدينا احتمالين، أن هذا الأمر لا يعدو أن يكون ورقة انتخابية أما الإحتمال الثاني فهو أن محفوظ يملك مشروعا رياضيا متكاملا، لكنه حتى الآن لم يفصح عنه لذلك لا يمكن تقييمه.
الأستاذ رامي لم يتطرف هو الآخر بتفصيل للمشروع الرياضي لنادي الرجاء الرياضي، ولا يمكن معرفة وجوده أم لا داخل مشروعه التسييري، وهنا لا نتحدث عن نماذج جاهزة، بل عن مشروع تم إعداده انطلاقا من التصور الرياضي للنادي وأهدافه المستقبلية، لكن على كل حال كلا المرشحين اتفقا على نقطة مهمة : يجب الإستثمار في الأكاديمية من أجل تكوين اللاعبين وبيعهم للخارج لإدخال السيولة المالية.
📌 الأندلسي كمرشح ثالث
في الحقيقة ليس هناك مرشح آخر لا يقل أهمية، مصادرنا تقول إن السيد رشيد الأندلسي لديه رغبة كبيرة في البقاء على رأس الرجاء الرياضي وهذا الأمر ممكن رغم عدة معطيات :
أولا : لا يملك الأندلسي تصورا ماليا حقيقيا تماما كما هو بالنسبة لباقي المرشحين، الرئيس الرجاوي رغم أنه حاول التسويق لمسألة خروج الرجاء من الأزمة الخانقة، إلا أن الأموال التي تم جنيها لم تكن سوى مكافآت على مسابقات رياضية، صحيح أن هذا يعتبر إنجازا رياضيا، لكنه ليس اقتصاديا، لأنه لا يوفر مدخولا قارا سنويا يساعد النادي على التغلب على كتلة الأجور الضخمة بجانب المصاريف، لكن هذا الأمر ليس سيئا في الوقت الحالي، لأن الأندلسي يواجه خصوما يقفون معه على نفس الخط، مع رصيد أقل.
ثانيا : المشروع الرياضي للرجاء حاليا يظل مبهما كما البرامج الانتخابية لمرشحيه، ليس هناك هيكلة رياضية تعتمد على مشروع قائم، بل فقط استثمار في بعض الأسماء، وبيع المنتوجات الشحيحة التي تصل للفريق الأول بسبب غياب سياسة تكوين، لذا فالتعادل في هذه النقطة يصب في صالح الأندلسي , وإن كانت الإنتدابات هذا الصيف مبهمة، إذ تقول الأخبار إنه لم يتحمس لعدد من القادمين الجدد، وهنا لدينا احتمالان لا ثالث لهما، أولا أن يكون الشابي غير رأيه في هؤلاء اللاعبين وهو الأمر الذي يؤكد عبثية الإنتداب دون مدير تقني، أما الكارثة فأن يكون المكتب الرجاوي قد تعاقد مع هؤلاء اللاعبين دون علم من المدرب، والمصيبة هنا قطعا أعظم.
ثالثا : يحظى الأندلسي بدعم كبير من حكماء النادي، وعدد كبير من المنخرطين، كما أن رؤساء سابقين للنادي من بينهم محمد بودريقة أثنوا على عمل الرئيس الحالي، بجانب عدد كبير من المنخرطين الذين لا يرون في بقائه إشكالا على اعتبار الإنجازات الرياضية التي حققها الفريق في عهده وهو ما يرجح كفته.