Civic Democratic Society Advocates

  • Home
  • Civic Democratic Society Advocates

Civic Democratic Society Advocates Promote Democracy ,Peace and Justice and combat corruption and support inclusive development .

07/11/2022

تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 3/7
6 نوفمبر، 20220
فيسبوك تويتر
تيسير حسن ادريس تيسير حسن إدريس
تيسير حسن إدريس

ثورة 19ديسمبر في فخ إرث نظام الشيوخ
المبتدأ : –
(واقع كل ثورة بعد سقوط الدكتاتور ، يذهب الثائر ليخلد للراحة ، ويستيقظ المتخاذل من نومه بكل نشاطه ليستلم السلطة). على شريعتي.

الخبر : –

(20) قد ظل تاريخيا للدولة السودانية دوراً مميزاً في بناء المجتمع وفي جدلية حركته وعلى مدى ما يقارب من الثلاثة عقود سادت دولة الحركة الاسلامية الاستبدادية، التي سعت بشكل تسلطي الى الغاء الصراع الاجتماعي والطبقي ، من أجل تأمين ظروف أكثر ملائمة للفئات الاجتماعية من منسوبيها التي صعدت الى السلطة على اكتاف انقلابها المشؤوم عام 1989م، وتحولت الى فئات متحكمة وسائدة اعتمدت القمع والاقصاء إزاء القوى السياسية والاجتماعية الاخرى ، كي تستأثر بامتيازات الوظيفة العامة وتهيمن على القرار السياسي والاقتصادي في البلاد.

(21) أدى هذا الواقع غير المتزن الى ترجيح وزن الدولة في التشكيلة الاجتماعية ، وتفتيت مجموعات كاملة من القوى الاجتماعية. لهذا فإن فشل نمط الدولة (الثيوقراطية) لم يكمن في اعتقادي في فشل السياسات الاقتصادية المتبعة فقط؛ ولا في النوايا الواعية التي ترجمها من يمسكون بمقاليد السلطة السياسية لمشروع لا عقلاني (المشروع الحضاري) فحسب ، بل وفي شكل الدولة نفسها وفي محتواها الاجتماعي وعلاقته بالمسار التاريخي لتشكل الطبقات الحاكمة. ومن هنا برزت أهمية النضال وحتميته من أجل فك التشابك بين المجتمع المدني ومؤسسات السلطة ، بما يتيح خلق الشروط لتطور المجتمع السوداني وتحرره من سطوة الدولة الثيوقراطية وقمعها في آن ، وبما يحول دون صعود بدائل استبدادية أخرى تحت يافطات مختلفة ، فيما تحتاج البلاد الى دولة جديدة تمثل نفيا جذريا لكافة اشكال الدولة الاستبدادية القديمة.

(22) عندما يتكرس الطابع القبلي والجهوي والعنصري لبناء الدولة ، ينشأ تناقض حاد بين الدور السياسي التقليدي للدولة المتمثل في تأمين ديمومة النظام المسيطر دون عوائق وبين دورها الاقتصادي المتمثل في تأمين (الرَيْع) للتجمعات القبلية والجهوية الطامحة الى السلطة والثروة ، والتي احتلت بنهج الترضيات والاحتواء الذي مارسته بغباء مطلق الحركة الإسلامية في السودان مواقع السيطرة على المفاصل الاقتصادية والسياسية والامنية الأساسية في الدولة.

(23) ان المعلم الابرز للفترة التي تلت سقوط رأس النظام وانتصار ثورة 19 ديسمبر 2018م ؛ كان هو اختطاف سلطة الثورة الانتقالية من يد الثوار ؛ ووضعها في يد قوى غير ثورية صعدت قياداتها في غفلة لسدة السلطة الانتقالية؛ أوقعت هذه القيادات الإصلاحية الصاعدة ضراراً بالغاً بصيرورة الحراك الثوري ؛ ومارست نكوصاً مخزياً عن شعارات واهداف الثورة ؛ وعجزت تماماً حتى عن تنفيذ برنامج اسعافي لرفع المعاناة عن كاهل الجماهير ؛ وواصلت تخبطها حيث فشلت في تفكيك بنية النظام البائد واسترداد الأموال والثروات المهولة التي اكتنزها منسوبيه من دم الشعب ؛ والتي غدت تسخر بكل صلف ووقاحة لخدمة ودعم الثورة المضادة.

(24) لم تكترث سلطة الانتقال الإصلاحية كثيرا لمناشدات القوى الثورية ؛ ولا لمطالبها بضرورة التمسك بشعارات واهداف الثورة ؛ ومضت قدما في التخلي عن البرامج المتفق عليها والمعدة سلفا لمعالجة تشوهات واختلالات الوضع الاقتصادي ؛ فوضعت سياسات اقتصادية تتناقض كليا مع البرنامج الثوري المتفق عليه واسقطت من حساباتها استخدام مبدأ (الشرعية الثورية) السلاح الفعال لنجاح أي ثورة ؛ لتستمر معاناة المواطن ، ويتفاقم التفاوت الاجتماعي ، ويتعمق الفرز الطبقي منذرا بحتمية اندلاع توترات اجتماعية كبرى ، قد يصعب احتوائها حال حدوثها.

(25) وتشير الحصيلة الملموسة الراهنة لما تراكم من آثار السياسات التي نفذتها سلطة الفترة الانتقالية حتى اليوم ، إلى أن ذات النمط القديم لتوزيع الدخل يفرض نفسه الآن لمصلحة رأس المال وضد مصالح الشرائح الاجتماعية الأكثر فقرا. ولم يكن عمق تأثير هذه السياسات أفقيا فحسب ، أي على مختلف الطبقات الاجتماعية ، وإنما راح يؤثر عليها بشكل عمودي، أي داخل فئات الطبقة الواحدة. فنجد دوما ان الفئات الأكثر ضعفا وفقرا داخل كل طبقة قد تضررت ضررا أكبر.

(26) السياسات التي تبنتها سلطة الانتقال في السودان حتى اليوم ؛ تدفع البلاد سريعا نحو اقتصاد السوق المنفلت ، عبر إزالة الضوابط وحجب الصلاحيات عن مؤسسات الدولة ، وفتح الاقتصاد السوداني على مصراعيه ، وتهيئة الأجواء لمواصلة سياسة الخصخصة دون قيد أو شرط التي انتهجها النظام البائد؛ وأدت لتشكل خارطة مشوهة لعلاقات القوى الطبقية والاجتماعية ؛ فثمة محاولات تجري للسماح لرأس المال الأجنبي بالتحكم في المقدرات الاقتصادية -قضية ميناء بورتسودان- للبلاد تحت أغطية مختلفة فالموقع الجغرافي المميز لبلادنا ؛ وتوفر احتياطيات هامة من المواد الأولية والخامات (الطبيعية والمعدنية) والأراضي الخصبة مع وفرة في المياه ؛ كلها عوامل جذب وإغراء للقوى الإقليمية وقوى الرأسمالية العالمية.

(27) ظرف اقتصاد السودان الحالي لا يسمح بسياسة اقتصادية تعتمد على آليات السوق و(التحرير الاقتصادي) وجعل التنمية رهينة بدور القطاع الخاص فقط؛ وذلك بسبب ضعف القطاع الخاص السوداني لأسباب تاريخية معروفة ؛ والذي من المرجح أن يظل لأمد غير قصير بعد اكتمال الحراك الثوري وتأسيس الدولة المدنية الديمقراطية مرهون في نموه وتطوره بحماية الدولة ؛ إذا دعوات القوى الإصلاحية الليبرالية الرافضة للدور الراعي للدولة والمعارض لأي تدخل تنظيمي أو رقابي لها ؛ لا مكان لها من الاعراب في هذه المرحلة الهشة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

(28) لا جدال في حاجة الاقتصاد السوداني الماسة لإصلاح جذري ، لكن المعضلة تكمن في مضمون هذا الإصلاح. فما يجري الترويج له من إصلاح انما يهدف إلى اعتماد السوق محورا للنشاط الاقتصادي وآلية لممارسته وتوجيهه ، بجانب الترويج لضرورة ممارسة الخصخصة دون أن تسبق ذلك دراسات جدوى حقيقية. وينافح اليوم صقور الخصخصة والإصلاحات الاقتصادية مؤكدين أن هذه العملية يجب أن تنطلق من تضييق دور الدولة الاقتصادي، وإعطاء القطاع الخاص الأولوية في السياسات الاقتصادية ، واجتذاب الاستثمارات الأجنبية متعددة الجنسيات.

(29) في ظل الخيارات الاستراتيجية التي تواجه الاقتصاد السوداني ؛ لا يجب ان نسمح ان تتعرض الإرادة الوطنية إلى الضغط والابتزاز ؛ من قبل صندوق النقد الدولي أو أيا من المؤسسات المالية الدولية كالدول الدائنة في نادي باريس ؛ ولا يجب ان نلبي لها كافة اشتراطاتها المجحفة ؛ والمتمثلة في مواصلة خصخصة المنشآت المملوكة للدولة ، والعمل على إلغاء الدعم الحكومي بجميع أشكاله ، وإزالة القيود الضريبية والجمركية على تبادل السلع والخدمات مع الأسواق العالمية ؛ بحجة أن الديمقراطية صنواً لاقتصاد السوق وحصيلة للتحرير الاقتصادي الليبرالي، هذه الحجة الواهية التي طالما دمرت العديد من اقتصاديات الدول النامية واورثت شعوبها الفقر والفاقة والبطالة واسهمت في تفكك عرى المجتمعات ونسف منظومة قيمه الأخلاقية.
نواصل.

[email protected]

05/11/2022

التغيير الجذري للخروج من التبعية والتخلف (1)
1 نوفمبر، 20223
فيسبوك تويتر
تاج السر عثمان تاج السر عثمان
تاج السر عثمان

1. أشرنا في مقال سابق أن الخروج من غياهب التخلف والتبعية الي رحاب الديمقراطية الراسخة والحل الشامل والعادل في السلام والتنمية المستقلة والمتوازنة رهين بالتغيير الجذري الذي يضع حدا للانقلابات العسكرية التي دمرت البلاد والعباد ومزقت وحدتها ، فبعد مرور أكثر من 66 عاما علي استقلال البلاد ، وصلت البلاد الي درك سحيق من التخلف الاقتصادي

يمكن تلخيص سماته في الآتي:

– ديون خارجية وصلت 62 مليار دولار.

– علاقات تبادل غير متكافئة مع العالم الرأسمالي” عجز في الميزان التجاري، وميزان المدفوعات” ..

– تهريب الفائض الاقتصادي اللازم للتنمية للخارج.

– تبعية تكنولوجية بدلا من استنباط التكنولوجيا الملائمة لواقع السودان.

– عجز غذائي أو مجاعة تهدد حاليا حوالي 18 مليون سوداني ، في بلد زاخر بالامكانيات الزراعية والحيوانية!! .

– انقلابات عسكرية ، حروب أهلية أ دت لعدم الاستقرار الداخلي، وانفصصال الجنوب.

– نماذج فاشلة للتصنيع في ظل انظمة عسكرية ومدنية فاسدة أدت لعدم تحقيق الأهداف المباشرة المنشودة، اضافة للاثار السلبية لتضخيم دور الاستثمار في التنمية.

– عدم الثقة بالنفس وتزايد الاعتماد علي الخارج “المنح والقروض الخارجية بديلا للتوجه للداخل دون الانعزال عن الخارج”.

2 . التخلف ليس قدرا لافكاك منه ، او لعنة حلت بالسودان ، ولكنه نتاج تطور تاريخي ، ومعلوم أن السودان في العصور القديمة والوسيطة شهد مولد حضارات (كرمة ، نبتة ومروي ، النوبة المسيحية، الممالك الاسلامية) ، كانت مزدهرة فيما يختص بالتطور الزراعي والصناعة الحرفية والتقنية ، وكانت تلك الحضارات لاتقل عن الحضارات التي كانت معاصرة لها في بلدان الشرق والعالم الإسلامي والأوربي.

كانت البنية الاقتصادية – الاجتماعية لتلك الحضارات مترابطة فيما بينها ، فكانت الزراعة توفر احتياجات الناس الأساسية من الغذاء ، وكانت الصناعات الحرفية توفر أدوات الإنتاج والاحتياجات الأخري ، وكانت التجارة ترتبط بالمنتجات الزراعية والحيوانية والصناعة الحرفية. وكانت المواد الخام اللازمة للصناعات الحرفية كلها محلية مثل: الخشب ، الحديدة، النحاس ، الذهب ، الصوف ، القطنة ، الخ.

أى اذا جاز استخدام المصطلح المعاصر ، أن الاقتصاد كان يقوم علي الاكتفاء الذاتي ، اى متوجه داخليا.

اما التجارة الخارجية ، فقد كانت الواردات بشكل أساسي كمالية تهم الطبقات المالكة والغنية والاثرياء مثل : الانسجة الفاخرة ، الروائح والعطور ، أدوات الزينة وغير ذلك من الكماليات التي كان يتم استيرادها في حضارات السودان القديم والوسيط ، أي ان تلك المجتمعات كانت مترابطة ومتوجهة داخليا ، بمعني أن الزراعة والصناعة الحرفية والتجارة ، كانت توفر للناس احتياجاتهم الأساسية من مأكل ومسكن وملبس .الخ، صحيح أن تلك الحضارات كانت تشهد مجاعات وأوبئة نتيجة لتقلبات المناخ والأحوال الطبيعية وتخلف الطب ، وغير ذلك مما شهدته حضارات العالم القديم التي كانت معاصرة لها.

3 . هكذا كان الوضع حتي عام 1821م ، عندما بدأ الاحتلال التركي المصري للسودان ، وباحتلال الأتراك للسودان نشأت بنية اقتصادية- اجتماعية تابعة ، بمعني أن كل النشاط الاقتصادي والاجتماعي في تلك الفترة ، كان موظفا لخدمة أهداف دولة محمد علي باشا في مصر . وتم نهب وتدمير القوي المنتجة (المادية والبشرية) ، وتم افقار السودان ونهب موارده الاقتصادية ، وكان ذلك جذرا أساسيا من جذور تخلف السودان الحديث.

وفي تلك الفترة ارتبط السودان بالسوق الرأسمالي العالمي عبر تصدير سلع نقدية مثل : الصمغ ، العاج ، القطن .. الخ ، كما شهد السودان خلال تلك الفترة غرس بذور نمط الإنتاج الرأسمالي علي الأقل في سمتين :

أ‌- اتساع عمليات التبادل النقدي، والعمل المأجور أي تحول قوة العمل الي بضاعة.

ب‌- الارتباط بالتجارة العالمية.

كانت التحولات في ميادين الاقتصاد والزراعة والصحة والمواصلات والتعليم محدودة وظل الجزء الأكبر من النشاط الاقتصادي في تلك الفترة حبيس القطاع التقليدي ، وظلت قوي الإنتاج وعلائق الإنتاج بدائية ومتخلفة.

ويمكن القول ، أن السودان في تلك الفترة شهد تدمير أو خسارة لبنية اقتصادية- اجتماعية ، دون كسب لبنية اخري أرقي.

أي ان السودانيين في تلك الفترة خسروا عالمهم القديم ، ليحل محله عالم ملئ بالبؤس والشقاء ، وارهاق كاهل الناس بالضرائب، واستنزاف ونهب موارد البلاد ، حتي انفجرت الثورة المهدية التي اطاحت بذلك الوضع ، بعد أن انفصل السودان لمدة ثلاثة عشر عاما عن المسار العام والدوران في فلك المنظومة الرأسمالية العالمية.

4 . ارتبط السودان مرة اخري بالنظام الرأسمالي العالمي ، بعد الاحتلال الانجليزي للسودان عام 1898م ، وعاد الاقتصاد السوداني مرة اخري للتوجه الخارجي ، اى اصبح الاقتصاد خاضعا لاحتياجات بريطانيا ومد مصانعها بالقطن (كان القطن المحصول النقدي الرئيسي، ويشكل 60% من عائد الصادرات) ، وتم تغليب وظيفة زراعة المحصول النقدي علي وظيفة توفير الغذاء للناس في الزراعة. هذا اضافة لسيطرة الشركات والبنوك البريطانية علي معظم التجارة الخارجية، كما خلق الاستعمار طبقات رأسمالية وشبه اقطاع ارتبطت به ، مع ارتباط السودان بالنظام الرأسمالي العالمي ، وفي علاقات تبادل غير متكافئة ، صادرات : مواد أولية (قطن ، صمغ ، ماشية ، جلود ،..) ، وواردات سلع رأسمالية مصنعة.

ففي عام 1956م ، كان 72% من عائد الصادرات تتجه الي اوربا الغربية وامريكا الشمالية، و50% من الواردات تأتينا منها أى كان الاقتصاد السوداني في ارتباط وثيق مع النظام الرأسمالي العالمي.

كما كان مجموع الواردات والصادرات تشكل 40% من اجمالي الناتج القومي ، هذا اضافة لتصدير الفائض الاقتصادي للخارج فعلي سبيل المثال في الفترة: 1947 – 1950م ، كانت ارباح شركة السودان الزراعية “مشروع الجزيرة” اكثر من 9,5 مليون جنية استرليني ، تم تحويلها الي خارج البلاد.

كما كانت الصناعة تشكل 9% من اجمالي الناتج القومي ، واجهض المستعمر أي محاولات لقيام صناعة حرفية وطنية ، كما تم تدمير صناعة النسيج والأحذية التي كانت موجودة خلال فترة المهدية، بعد أن غزت الأقمشة والأحذية الرأسمالية المستوردة السوق السوداني.

وكان نمط التنمية الاستعماري الذي فرضه المستعمر يحمل كل سمات ومؤشرات التخلف التي يمكن تلخيصها في الآتي:

· 90% من السكان يعيشون في القطاع التقليدي.

· قطاع تقليدي يساهم ب56,6% من اجمالي الناتج القومي.

· القطاع الزراعي يساهم يساهم ب61% من تكوين الناتج المحلي.

· ضعف ميزانية الصحة والتعليم، تتراوح بين(4- 6%).

· كان دخل الفرد 27 جنية مصري.

· اقتصاد غير مترابط ومفكك داخليا ومتوجه خارجيا.

· تنمية غير متوازنة بين أقاليم السودان المختلفة.

وبعد الاستقلال استمر هذا الوضع، وتم اعادة إنتاج التخلف واشتدت التبعية للعالم الخارجي أو التوجه الخارجي للاقتصاد السوداني كما في :

– ديون بلغت 62 مليار دولار ، عجز غذائي ( مجاعات) ، حروب أهلية ، تصنيع فاشل ، اشتداد حدة الفقر حتي اصبح اكثر من65% من السودانيين يعيشون تحت خط الفقر.

– استحواذ شركات الجيش والأمن والجنجويد والشرطة وميزانية الأمن والدفاع ، والصرف علي مليشيات الجنجويد وجيوش حركات جوبا علي أكثر من 90% من ميزانية الدولة .

– انهيار القطاعين الزراعي والصناعي وانهيار خدمات التعليم والصحة ، وتفاقم التدهور الاقتصادي والمعيشي والأمني بعد انقلاب 25 أكتوبر ووقف المساعدات الخارجية.

– انهيار القيم والاخلاق.

-اصبحت البلاد معتمدة علي سلعة واحدة : الذهب الذي يتم تهريب حوالي 80% من عائده للخارج ، بينما يعيش شعب السودان المسغبة والفقر والجوع ، ويعاني من ثقل الضرائب والجبايات التي فرضها وزير المالية جبريلة ، ولم يتم الاستفادة من عائدات الذهب والمحاصيل النقدية الأخري والماشية التي يتم تهريبها ، في دعم الصناعة والزراعة والتعليم والصحة والخدمات .. الخ. ( نواصل)

[email protected]

05/11/2022

التغيير الجذري للخروج من التبعية والتخلف (2)
2 نوفمبر، 20223
فيسبوك تويتر
تاج السر عثمان تاج السر عثمان
بقلم: تاج السر عثمان

1

تابعنا في الحلقة السابقة الدرك السحيق في التخلف الاقتصادي والتبعية الذي وصلت اليه البلاد، ونهب ثرواتها وتصديرها للخارج، في حين ظل شعب السودان يعاني الفقر والمسغبة والحرمان، ويمكن الاشارة لأمثلة للنهب الذي تم لموارد البلاد كما في الآتي:

– بدأ النهب بالهجوم علي الأرض في الفترات التاريخية المختلفة، وخاصة بعد ارتباط السودان بالسوق الرأسمالي العالمي وشهد بذور إدخال نمط الإنتاج الراسمالي في عهد الاحتلال التركي – المصري الذي نهب ثروات البلاد من ذهب ،معادن، ضرائب باهظة، قوى بشرية ،محاصيل نقدية وماشية. الخ، وحقق ارباحا هائلة تم تحويلها لمصر لمصلحة الطبقات المالكة فيها ، كما تم فيه نهب اراضي السودانيين من قبل الأجانب ” مصريون، اتراك، تجار محليين. الخ ” ، وادخال زراعة المحاصيل النقدية ” صمغ، نيلة، قطن، الخ” ، واصدار قوانين الملكية الخاصة للارض.

كما تمّ هجوم الشركات الرأسمالية الاقليمية والعالمية علي الأرض في السودان بعد الاحتلال الانجليزي للسودان بهدف تحويل البلاد لمزرعة قطن كبيرة لمد مصانعه في لانكشيربالمادة الخام ، علي أساس التبادل غير المتكافئ، اصبح السودان مصدراً للمواد الخام ومستورداً للسلع الرأسمالية،وقامت مشاريع القطن في الجزيرة والقاش وطوكر وجبال النوبا، اضافة للمشاريع الخاصة للقطن علي النيلين الأبيض والأزرق، ومشاريع الطلمبات في الشمالية ، الخ، اضافة للاستثمار في الزراعة الآلية المطرية التي بدأت إثناء الحرب العالمية لمد قوات الحلفاء في شمال افريقيا بالغذاء، وبنهاية الاستعمار كانت المؤسسات الاستعمارية قد حققت أرباحا ضخمة من زراعة القطن ونهب ثروات البلاد الأخري ، وتحويل معظم الأرباح التي حققتها شركة السودان الزراعية إلى خارج البلاد في شكل عائدات لاصحاب الأسهم ، علي سبيل المثال: كان أجمالي أرباح الشركة في السنوات الأربع الأخيرة ( 1947 – 1950 م ) اكثر من 9.500.000 جنية إسترليني ( تيم نبلوك : صراع السلطة والثروة في السودان ، ص ، 29 _30 ) ، أي أن الاستعمار كان ينهب ويستنزف قدرات البلاد الاقتصادية ، ويصدر الفائض الاقتصادي اللازم لتنمية البلاد إلى الخارج ، وفى النهب أيضا ترد مرتبات كبار الموظفين والإداريين الإنجليز ، ففي عام 1945 م بلغ نصيب 771 موظفا إنجليزيا 61.3 %من إجمالي المرتبات في الميزانية، وعندما أحيل هؤلاء الموظفين للمعاش عام 1954 م تقاضوا تعويضا مقداره 1.590.00 جنية مصري ، وهذا النهب الاستعماري ، ومن كل النواحي ، يجعلنا نؤكد أن المستعمر جاء لينهب الشعب السوداني ، وبالتالي كان ذلك من أسباب تخلف السودان الاقتصادي والاجتماعي .

2

اتسع نهب الأراضي بشكل كبير بعد الاستقلال وخاصة في عهد ديكتاتورية مايو بعد اصدار قانون 1970 الذي فتح الطريق للشركات الرأسمالية الاقليمية والمحلية للاستثمار في الزراعة الآلية ، وتم نهب الأراضي في القطاع التقليدي المطري ، وتم طرد السكان المحليين من أراضيهم ، و تحقيق أرباح بمليارات الدولارات تم تهريبها للخارج ، وبدلا من أن يكون السودان سلة غذاء العالم اجتاحته مجاعة 83 / 1984 ، بعد تدمير البيئة باقتلاع الآلاف من الأشجار ، وضيق مساحات الرعي والزراعة المعيشية للقبائل مما أدي للنزوح والصدام القبلي بين الرعاة والمزارعين، وانضمام شباب الجنوب وجبال النوبا للكفاح السياسي و المسلح دفاعا عن اراضيها ، وهروب الثروة الحيوانية للدول المجاورة ، ونقصان العائد من محصول الصمغ بعد قطع الاف الأفدنه من اشجار الهشاب، وحدث النزوح الكبير من غرب السودان للخرطوم وغيرها، كما تمّ نهريب الأرباح والفائض الاقتصادي علي سبيل المثال شهدت الفترة ( 78 / 79 – 84 / 1985 م ) اكبر عملية تهريب لرؤس الأموال السودانية الى الخارج ، وتم تقدير رأس المال الهارب بحسابات مختلفة : 19 مليار دولار ، 16 مليار دولار ، 11 مليار دولار، ومهما يكن من امر ، إذا أخذنا المتوسط حوالي 15 مليار دولار ، نلاحظ من ذلك ان الفائض الاقتصادي اللازم لاستثماره في السودان والذي تم تصديره للخارج كان ضخما ، وانطبق علينا المثل السوداني القائل ( ميتة وخراب ديار) ، أي ديون بلغت 9 مليار دولار ورأس مال هارب بلغ في المتوسط 15 مليار دولار .

وحسب د . على عبد القادر على: أن القطاع المصرفي السوداني يقف متهما بتمويل عملية تهريب رأس المال من خلال تمويله لعمليات السوق السوداء للنقد الأجنبي، ونلاحظ سريعا إن القطاع المصرفي مملوك للدولة بنسبة 60 % !! (د . على عبد القادر على، حول سياسات التصحيح وهروب رأس المال، الكويت، فبراير 1988).

3

كما تمت أكبر عملية لنهب الأراضي في عهد الانقاذ ، وخاصة بعد انفصال الجنوب ، وإعادة تمليك الأجانب للاراضي ، والايجارات التي تصل مدة عقدها الي 99 عاما، اضافة لفقدان أراضي السودان مثل: اغراق مدينة حلفا التاريخية في عهد ديكتاتورية عبود، وفي عهد البشير تم فصل الجنوب واحتلال المصريين لحلايب وشلاتين وابورماد .الخ، واحتلال اثيوبيا للفشقة، وغير ذلك من ممارسات الأنظمة الديكتاتورية العسكرية التي دمرت البلاد والعباد ، وتم تهريب عائدات الصادرات للخارج علي سبيل المثال : اظهر تقرير منظمة النزاهة المالية الدولية اختفاء 31 مليار دولار في عهد البشير من الصادرات السودانية ما بين عامي 2012- 2018، اضافة لتهريب عائدات النفط التي تُقدر بأكثر من 75 مليار دولار ، تم تهريبها لماليزيا وغيرها.

4

في فترة إنتاج البترول وتصديره في عهد الانقاذ لم يتم الاستفادة من عائدات النفط في دعم الإنتاج الزراعي والصناعي والحيواني والبنيات الأساسية لأن النفط ثروة ناضبة ، بل تم نهب عائدات البترول من الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية التي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات ، وتهريبها للخارج ، اضافة لنهب ثروات السودان وصب الزيت علي لهب الصراع في الجنوب، بعد اكتشاف شركة شيفرون الأمريكية للنفط ، وتفاقم مشكلة الجنوب بعد أن الغي الديكتاتور نميري عام 1983 اتفاقية اديس أبابا وتقسيم الجنوب، واندلاع الحرب الأهلية من جديد ، حتى الانفصال بعد اتفاقية نيفاشا ، وكان من اسباب التعجيل به اكتشاف النفط الذي فتح شهية الانفصال بالاستحواذ علي كل عائداته بدلا من اقتسامه، هذا اضافة لتدمير البيئة والغابات ، والموارد المائية، وطرد أعداد كبيرة من سكان الجنوب و النوبة من أراضيهم لمرور أنابيب النفط لميناء بورتسودان بواسطة الشركات الصينية وغيرها من المؤسسات التي كانت عاملة في النفط.

5

كما استمرت الممارسات نفسها في نهب ثروة الذهب في السودان ، وتهريب أكثر من 70% من عائداته للخارج، علي سبيل المثال : متوسط إنتاج الذهب بين 100- 250 طن (صحيفة الشرق الأوسط :11 يناير 2020)، وتُقدر العائدات بحوالي 8 مليار دولار، في حين التقديرات الرسمية للحكومة بين 82- 93 طن ( موقع الجزيرة 5/1/ 2017)، بعائدات تُقدر بمتوسط 850 مليون دولار، مما يعكس حجم النهب والتهريب الكيير لعائدات الذهب في السودان، وفقدان الدولة لثروة كبيرة، مما يتطلب اوسع حملة لوضع الدولة يدها علي ثروة الذهب لمصلحة تقدم وتنمية البلاد، حتى لايتم تبديدها كما حدث للنفط.

نلاحظ أن عملية نهب الأراضي وابادة وتهجير السكان الاصليين كما يحدث حاليا في دارفور وجنوب النيل الأزرق، وجنوب كردفان وبقية المناطق بهدف نهب الأراضي والموارد ، والشروط القاسية التي يعمل فيها المعدنون في استخراج الذهب والذين يتعرضون احيانا للموت والدفن في المناجم نتيجة انهيارها ، وفي ظروف عمل اشبة بالاسترقاق بحثا عما يقيم أود الحياة لمصلحة شركات أجنبية وأفراد رأسماليين يحققون أكبر تراكم رأسمالي بدائي من تلك العملية اشبه بما وصفه ماركس في مؤلفه ” الرأسمال” المجلد الأول : “إن اكتشاف الذهب والفضة في أمريكا وافناء السكان الأصليين واسترقاقهم ودفنهم في المناجم ، وبداية غزو ونهب جزر الهند الغربية ، وتحول افريقيا الي منطقة لصيد ذوى الشرة السوداء علي نطاق تجاري ، كل ذلك أعلن الفجر الوردي لعصر الإنتاج الرأسمالي” ( كارل ماركس ، الرأسمال ، المجلد الأول ، موسكو 1974 ، ص 704).

وأخيرا، كان من لاسباب الأساسية للتخلف هو نهب ثروات البلاد وتهريبها للخارج التي كانت كفيلة ببناء مجتمع زراعي صناهي متطور في بلد كالسودان غني بموارده الزراعية والحيوانية والمعدنية، مما يتطلب التغيير الجذري لمفارقة نهج التبعية والتخلف الناتج من نهب ثروات البلاد.

(نواصل)

05/11/2022

التغيير الجذري للخروج من التبعية والتخلف (3)
3 نوفمبر، 20222
فيسبوك تويتر
تاج السر عثمان تاج السر عثمان
تاج السر عثمان
1. لم يكن استقلال السودان من المستعمر الذي نهب ثرواته سهلا ، فقد كان نتاجا لتراكم نضالي طويل خاضه الشعب السوداني منذ هزيمة الدولة المهدية ، وإعلان دولة الحكم الثنائي الانجليزي – المصري عام 1898م ، بدأت مقاومة الشعب السوداني بانتفاضات القبائل في جنوب السودان وجبال النوبة ، والانتفاضات الدينية في أواسط وشرق وغرب السودان والتي كانت مستمرة في السنوات الأولى للحكم الثنائي ، وبعد الحرب العالمية الأولى وحتى عام 1926 حيث تم إخضاع آخر القبائل الجنوبية المتمردة (التبوسا) ، وعام 1929م عندما تم قمع المعارضة نهائيا بقمع قبيلة الليرى في جبال النوبة ، وقبل ذلك كان إخضاع دار فور بهزيمة السلطان على دينار عام 1916م .

بعد ذلك ظهرت أشكال وأساليب جديدة في الكفاح مثل : قيام الجمعيات والاتحادات السرية “الاتحاد السوداني ، اللواء الأبيض” ، وتأسيس الأندية الاجتماعية “أندية الخريجين ، وأندية العمال والثقافية والرياضية”، وظهرت أساليب نضالية جديدة مثل : المنشورات والكتابة في الصحف ، الخطب في المساجد ، انتفاضات وتمرد الجنود السودانيين “تمرد الأورطة السودانية 1900م ، مقاومة العسكريين المسلحة في 1924م “، ثورة 1924م ، الجمعيات الأدبية والثقافية التي تكونت بعد هزيمة ثورة 1924م “جمعية أبى روف وجمعية الفجر” وظهور مجلتا “النهضة السودانية “و”الفجر”، اضرابات العمال من أجل تحسين الأجور وشروط الخدمة ، واضراب طلاب كلية غردون 1931م ، تكوين مؤتمر الخريجين عام 1938م ، ومذكرته الشهيرة عام 1942م التي طالبت بتقرير المصير.

اضافة لتكوين الأحزاب بعد الحرب العالمية الثانية ، انتزاع الطبقة العاملة لتنظيمها النقابي “هيئة شؤون العمال” عام 1947م ، وقانون النقابات لعام 1948 الذي قامت علي أساسه النقابات وتم تكوين اتحادات العمال والمزارعين والطلاب والشباب والنساء والمعلمين والموظفين التي لعبت دورا كبيرا في معركة الاستقلال ، وظهور الصحافة التي لعبت دورا كبيرا في الوعي ، وحركة الدفاع عن الحريات والسلام.

2 .كما قاومت الحركة الوطنية والجماهيرية محاولات الاستعمار لامتصاص المد الجماهيري باحداث اصلاحات دستورية وتغييرات شكلية تبقي علي جوهر النظام الاستعماري والسلطات المطلقة للحاكم العام مثل : المجلس الاستشاري لشمال السودان عام 1943م ، والجمعية التشريعية عام 1948م التي دخلها حزب الأمة والزعامات القبلية ، وقاومها الاتحاديون والشيوعيون وجماهير الشعب السوداني ، وتمّ تقديم الشهداء في مقاومتها كما حدث في عطبرة ، ومحاولات تكوين “لجان العمل” في الورش لتفتيت وحدة العمال في السكة الحديد التي رفضها العمال وطرحوا البديل “النقابة” التي توحد العمال والفنيين.

هذا التراكم النضالي أدي في النهاية لتوقيع اتفاقية الحكم الذاتي لعام 1953م التي كانت نتاجا لنضال الشعب السوداني ، ونتج عنها تكوين أول برلمان سوداني في نهاية عام 1953م وهو البرلمان الذي أعُلن الاستقلال من داخله في 19 ديسمبر 1955م ، ليتم إعلانه رسميا في أول يناير 1956م...

3 . بعد الاستقلال كانت جماهير شعبنا تتطلع لاستكماله بالاستقلال السياسي والاقتصادي والثقافي ، وترسيخ الديمقراطية والتعددية السياسية ومعالجة مشاكل الديمقراطية بالمزيد من الديمقراطية لا الانقلاب عليها ، وانجاز التنمية المتوازنة في كل أنحاء البلاد ، بانجاز الدستور الدائم ، وقيام دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن العرق أواللون أوالعقيدة أوالفكر السياسي أوالفلسفي ، ولكن ذلك لم يتم مما أدي لدخول البلاد في حلقة جهنمية من انقلابات عسكرية وأنظمة ديكتاتورية شمولية اسهمت في تكريس قهر الجنوب وانفصاله ، اضافة للمناطق المهمشة ، والتنمية غير المتوازنة ومصادرة الديمقراطية والحقوق الأساسية ، وتكريس التنمية الرأسمالية والفوارق الطبقية والتبعية للدول الغربية واغراق البلاد في ديون خارجية عطلت التنيمة.

مما يتطلب الاستفادة من تجارب الفترات الانتقالية السابقة بمواصلة الصراع من أجل نجاح الفترة الانتقالية الحالية التي نشأت بعد ثورة ديسمبر 2018م ، في ترسيخ السلام بالحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور الأزمة ، ولا يعيد إنتاج المظالم والقهر والحرب ، والديمقراطية المستدامة والتنمية المتوازنة، وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية ، وقيام علاقات خارجية متوازنة تكرّس السيادة الوطنية.

4 . كماهو معلوم رفض الحزب الشيوعي بعد الاستقلال عام 1956م “شعار تحرير لا تعمير” الذي طرحته الأحزاب الاتحادية بعد الاستقلال ، وطرح الشعار البديل “لا تحرير بلا تعمير” ، أي استكمال الاستقلال السياسي بالاستقلال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي يجدد حياة شعبنا ويرفع مستواه المعيشي والاقتصادي والثقافي وبناء المجتمع الصناعي الزراعي المتقدم ، والحل الديمقراطي السلمي للمسألة القومية ، والثورة الثقافية الديمقراطية التي تؤكد علي وحدة البلاد من خلال تنوعها الثقافي واللغوي والديني والقبلي وبعث ثقافاتها ، والتخلص من التبعية والتخلف ، والعض بالنواجذ علي السيادة الوطنية، أي انجاز التغيير الجذري الشامل الذي يبدأ بانجاز مهام الفترة الانتقالية وترسيخ الديمقراطي، وصولا للتغيير الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الشامل كما في البرنامج الوطني الديمقراطي..

5 . لكن ، كما اوضحنا سابقا ، سارت البلاد في طريق التنمية الرأسمالية بعد الاستقلال ، ودخلت في الحلقة الجهنمية (ديمقراطية – انقلاب . الخ) حيث أخذت الانقلابات العسكرية حوالي 52 عاما من عمر الاستقلال البالغ 66 عاما ، وتم اجهاض وعدم تنفيذ مهام الفترات الانتقالية واستقرار الديمقراطية بعد الاستقلال، وثورة اكتوبر 1964م ، وانتفاضة ابريل 1985م ، والفترة الانتقالية بعد ثورة ديسمبر ( ابريل 2019م – أكتوبر 2921م ) التي انتهت بانقلاب 25 أكتوبر.

كما أشرنا سابقا ، كانت حصيلة طريق التنمية الرأسمالية الغربية بعد الاستقلال فاشلة وكان من نتائجها : تدمير القطاع الزراعي الذي يعتبر المصدرالرئيسي للفائض الاقتصادي اللازم للتنمية والمصدر لتأمين الغذاء ، وبالتالي تأمين قرارنا وسيادتنا الوطنية ، حتى اصبحت البلاد علي حافة المجاعة ، مع استمرار وتعميق الفقر والتفاوت الطبقي ، والتنمية غير المتوازنة التي ادت للحروب وانفصال الجنوب ، واتفاقات سلام هشة مثل : اتفاق جوبا التي تهدد وحدة ما تبقي من السودان مما يتطلب الغاؤه والتوجه نحو الحل الشامل والعادل ، اضافة للتبعية للعالم الرأسمالي الغربي والخضوع لشروط صندوق النقد الدولي القاسية في تخفيض الجنية السوداني وسحب الدعم عن الوقود والكهرباء والصحة والتعليم ، وخصخصة قطاع الدولة ، تلك السياسة التي قاومتها شعوب أمريكا الجنوبية وانتفضت ضدها ، وسارت في طريق التغيير الجذري الذي يفارق هذا الطريق الذي اورثها الفقر والغرق في الديون الخارجية ، كما في فوز أحزاب اليسار هناك ، كما في فوز لولا دي سيلفا الأخير في البرازيل.

اضافة للديون الخارجية التي بلغت حوالي 62 مليار دولار ، فضلا عن تدمير الإنتاج الزراعي والصناعي ، وظهور طبقات رأسمالية تقليدية وطفييلة اسلاموية وجديدة عسكرية ومدنية نهبت ثروات البلاد الزراعية والحيوانية والبترولية والمعدنية”الذهب” وهربتها للخارج.

هذه الطبقات المعادية لمصالح شعبنا وقوي “الهبوط الناعم” المعبرة عن مصالحها والمرتبطة بالاستعمار الحديث والدوائر الاقليمية هي التي تقف في تحالف معه ضد انجاز التغيير والجذري، وقطع الطريق أمام ثورة ديمسبر للوصول الي اهدافها ، باعادة إنتاج الشراكة مع العسكر والسياسات السابقة القمعية والاقتصادية والتفريط في السيادة الوطنية ، واستمرار نهب ثروات البلاد.

( نواصل)

[email protected]

05/11/2022

التغيير الجذري للخروج من التبعية والتخلف (4)
4 نوفمبر، 20224
فيسبوك تويتر
تاج السر عثمان تاج السر عثمان
تاج السر عثمان
1. رغم أن الهدف المباشر للتغيير الجذري اسقاط انقلاب 25 أكتوبر وقيام الحكم المدني الديمقراطي ، وتنفيذ مهام الفترة الانتقالية حتى قيام المؤتمر الدستوري والانتخابات الحرة النزيهة في نهايتها ، الا أنه مع ذلك دار جدل كثير حول التغيير الجذري وطُرحت أسئلة كثيرة عن ما هية التغيير الجذري؟ ، بل حدث تشويه من بعض القوى الرافضة للثورة والسير بها حتى تحقيق أهدافها ومهام الفترة الانتقالية مثل القول:

– التغيير الجذري يؤسس للماركسية ، كما صرح رئيس مكتب السياسات بحزب الأمة امام الحلو.

– التغيير الجذري يستوجب حمل السلاح لاستلام السلطة من القوى الانقلابية المسلحة القابضة عليها ، كما ذكرت الكاتبة الصحفية رشا عوض.

– التغيير الجذري دعوة لشق الصف.

– قفزة فوق المراحل لانجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية .

– بديل للتحالف الواسع لاسقاط الانقلاب.

– هو تحالف الجبهة الوطنية الديمقراطية .

– هو تحالف استراتيجي.

– أي تغيير لا يحتوي علي العلمانية لا يُعتبر جذريا.

وغير ذلك من الهجوم غير المؤسس علي مفهوم التغيير الجذري ، وبرنامج تحالف قوى التغيير الجذري.

2 . واضح من الادعاءات أعلاه حول التغيير الجذري لا أساس لها من الصحة كما في الآتي:

– رغم أن الماركسية هي منهج للحزب الشيوعي لدراسة الواقع بذهن مفتوح لاستيعابه والعمل علي تغييره ، الا أن تحالف قوى التغيير الجذري يضم قوى متباينة سياسيا ونقابيا ، وحركات مطلبية . الخ الا أنها ليست كلها ماركسية ، بل يحمعها البرنامج المشترك للتغيير الجذري.

– تحالف قوى التغيير الجذري لا يستوجب حمل السلاح لاسقاط الانقلاب العسكري الجائم علي صدر شعبنا ، فقد اسقط شعبنا السلطة الاستعمارية بسلاح السلمية بطريق ديمقراطي جماهيري ، رغم جيوشها المدججة بأحدث الأمسلحة في ثورة الاستقلال 1956م ، وصدح الفنان حسن خليفة العطبراوي بأغنية : “ياغريب يالله لبلدك . لملم عددك انتهت مددك . الخ”، وكذلك اسقط شعب السودان ديكناتورية عبود في ثورة اكتوبر 1964م بسلاح السلمية رغم دعوات حمل السلاح من العناصر التى انقسمت من الحزب الشيوعي في صيف 1964م ، وطالبت بحمل السلاح في محاولة لنقل أعمى للتجربة الصينية ، وكذلك اسقط شعب السودان ديكتاتورية مايو في انتفاضة مارس- ابريل 1985م ، وازاح الطاعية البشير في ثورة ديسمبر 2018م ، بسلاح السلمية ، وسيتم اسقاط انقلاب 25 أكتوبر الدموي الراهن بسلاح السلمية.

فالجماهير كما أشارت الماركسية تلعب دورا حاسما في التغيير كما في الثورات العظيمة في التاريخ ، فهي المنتج للثقافة المادية والروحية ، وعن طريق عملها يحصل المجتمع علي وسائل العيش وصنع أدوات الإنتاج ، وأن الجماهير في الثورات تتحول الي قوة مادية لا تقهر..

3 . برنامج التغيير الجذري ليس دعوة لشق الصف ، بل يسير قدما نحو اسقاط الانقلاب وقيام الدولة المدنية الديمقراطية وعودة العسكر للثكنات ، وتفكيك التمكين واسترداد أموال الشعب المنهوبة ، وعودة شركات الجيش والأمن والشرطة والجنجويد لولاية وزارة المالية وحل الدعم السريع ومليشيات المؤتمر الوطني والأمن الشعبي الخ ، جيوش الحركات ، وقيام الجيش القومي المهني الموحد والحل الشامل والعادل بعد إلغاء اتفاق جوبا الذي تحول لمحاصصات وفساد ونهب ويهدد وحدة البلاد ، والسيادة الوطنية ووقف نهب وتهريب ثروات البلاد وقيام علاقات خارجية متوازنة ، الخ.

عكس قوى “الهبوط الناعم” التي شقت صف الثوار وتوجهت شطر العسكر للتسوية والتفاوض ، لإعادة إنتاج شراكة دم جديدة ، مع العسكر وحركات جوبا التي شاركت في انقلاب 25 أكتوبر ، والجنجويد ، وقبل ذلك تنكرت لميثاق قوى الحرية والتغيير 2019م ، ووقعت علي الوثيقة الدستورية “المعيبة” التى أنتجت شراكة هيمن فيها العسكر والجنجويد علي السلطة والاقتصاد والإعلام وبنك السودان والاتصالات ، عطلوا تنفيذ مهام الفترة الانتقالية حتى انقلاب 25 أكتوبر الذي اطاح بالمدنيين في السلطة.

– التغيير الجذري ليس قفزة في الظلام لانجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية ، بل هو تحالف لانجاز مهام الفترة الانتقالية وأهداف الثورة ، مما يفتح الطريق لانجاز مهام الثور الوطنية الديمقراطية ، وقيام المجتمع الصناعي الزراعي المتطور.

– التغيير الجذري ليس تحالف للجبهة الوطنية الديمقراطية التي تضم العمال والمزارعين والمثقفين الثوريين والرأسمالية الوطنية المنتجة ، بل هو تحالف لقوى متعددة نقابية وسياسية ومطلبية.

– تحالف التغيير الجذري ليس هو التحالف الاستراتيجي ، علما بأن التحالف الاسنراتيجي هو تحالف ثابت بين الشيوعيين والديمقراطيين علي طول المرحلة الوطنية الديمقراطية لانجاز مهامها مثل: الجبهة الديمقراطية وسط الطلاب ، الروايط الاشتراكية والجباه الديمقراطية وسط المهنيين والموظفين ، الجبهة النقابية وسط الععال ، الاتحاد النسائي السوداني ، اتحاد الشباب السوداني ، والتنظيم الديمقراطي وسط المزارعين ، التحالف الديمقراطي في الحي. الخ.

لكن تحالف قى التغيير الجذري الراهن رغم أنه يضم بعض هذه التحالفات الاستراتيجية ، لكنه أوسع من التحالف الاستراتيجي.

– العلمانية وحدها بدون الديمقراطية ليست شرطا للتغيير الجذري على سبيل المثال : هتلر كان علمانيا، ولكنه كان عنصريا نازيا معاديا للانسانية تسبب في حرب عالمية ثانية باسم تفوق الجنس الاري الالماني ، وكان معاديا للديمقراطية و للتغيير الجذري.

4 . ما هو المقصود بتحالف التغيير الجذري في الفترة الراهنة من الثورة السودانية؟

* المقصود ليس التحالف والاتفاق علي الميثاق للفترة الانتقالية ، بل العمل علي تنفيذه ، وعدم تكرار تجارب الانتقال السابقة بعدم انجاز مهام الفترة الانتقالية ، كما حدث بعد ثورة أكتوبر 1964م وانتفاضة مارس – ابريل 1985م ، وثورة ديسمبر حتى انقلاب أكتوبر 2018م ، التي اصبحت مواثيقها حبرا علي ورق مثل:

– ميثاق أكتوبر 1964م .

– ميثاق التجمع الوطني لانقاذ الوطن 1985م .

– ميثاق التجمع الوطني الديمقراطي 1995م .

– البديل الديمقراطي 2012م .

– ميثاق إعادة هيكلة الدولة السودانية ، أبريل 2016م .

– إعلان قوى الحرية والتغيير، يناير 2019م .

وكانت النتيجة كما أشرنا سابقا:

– تعميق الفقر والمجاعات والفوارق الطبقية والتبعية للخارج.

– ديون خارجية وصلت 62 مليار دولار .

– تنمية غير متوازنة أدت للحروب في الهامش وانفصال الجنوب ، واتفاقات سلام هشة تهدد وحدة البلاد كما في اتفاق جوبا الحالي.

– نهب ثروات البلاد وتهريبها للخارج .

– فقدان السيادة الوطنية واحتلال أراضي سودانية (حلايب ، شلاتين ، أبو رماد ، الفشقة. الخ).

( نواصل)

[email protected]

Address


Website

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when Civic Democratic Society Advocates posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Contact The Business

Send a message to Civic Democratic Society Advocates:

Shortcuts

  • Address
  • Alerts
  • Contact The Business
  • Claim ownership or report listing
  • Want your business to be the top-listed Media Company?

Share