19/11/2022
دعم عسكري جزائري لروسيا على شكل مناورات مشتركة قرب الحدود مع المغرب.
"مناورات عسكرية جزائرية روسية في بشار من 16 إلى 28 نوفمبر 2022."
تنطلق يوم 16 نوفمبر 2022 مناورات عسكرية جزائرية روسية تمتد إلى غاية 28 من نفس الشهر، في منطقة بشار الجزائرية؛ على بعد بضعة كيلومترات من الحدود المغربية. وتأتي هذه المناورات بعد تلك التي نظمت في روسيا في سبتمبر الماضي تحت اسم "فوستوك 2022".
وتجدر الإشارة إلى أنه في مطلع الشهر الحالي، أياما قليلة قبل هذه المناورات، توجه ديمتري إفجينيفيتش شوغاييف، مدير القسم الفيدرالي للتعاون العسكري التقني الروسي إلى الجزائر مع وفد من كبار العسكريين الروس.
وتأتي هذه الزيارة في أعقاب قرار الرفع من الميزانية العسكرية الجزائرية إلى ما يقارب 23 مليار دولار، الأمر الذي كان من شأنه أن يدفع السلطات العسكرية الروسية إلى التعبئة من أجل منح نفسها حصة كبيرة من عقود التسليح مع الجزائر. ومن المرجح أن تستثمر موسكو هذه الأرباح في دعم مجهودها العسكري في الحرب على أوكرانيا.
ويرى جل الخبراء والمراقبين الدوليين المختصين في مجال التسلح العسكري، أن مناورات بشار ليست سوى رسالة من موسكو إلى الغرب، تريد من خلالها البرهنة على قدرتها على الانتشار عسكريا بالقرب من العمق الترابي للمصالح الغربية في غرب البحر الأبيض المتوسط. كما أن اختيار هذه المنطقة بالذات يعتبر أمرا غريبا ومناقضا لما صرحت به المتحدثة باسم الشؤون الخارجية الروسية حيث قالت إن هذه المناورات المشتركة لا تستهدف أي دولة ثالثة! .
لماذا اختارت الجزائر وروسيا منطقة على بعد أقل من 50 كم عن المغرب؟
كما أن العلاقة القوية بين الجزائر وروسيا على المستوى الجيوسياسي؛ والتي تسارعت وتيرتها بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، دليل تأكيد على موالاة الجزائر لروسيا في هذه الحرب بما لا يدع مجالا للشك. وذاك ما يقوي التناقض بين الخطاب الجزائري الرسمي الداعي إلى عدم الانحياز والحياد من جهة، وواقع الأمر على الأرض الذي يؤكد تحالفًا قويا بين الجزائر وروسيا من جهة أخرى.
وفي هذا الإطار، فإن موسكو تعتبر الجزائر جبهة متقدمة في استراتيجيتها للمواجهة العسكرية مع الغرب، والتي ستلجأ إليها لتزويدها بمجال لقوتها العسكرية الضاربة، حيث سيجعل ذلك من الحدود الجزائرية المغربية خط تماس بين منطقة التأثير الغربية وفضاء نفوذ القطب السوفييتي السابق.
وهنا يجب الوقوف على كون هذا التوافق الواضح للجزائر مع المواقف الروسية يوجب على الدول الغربية مراجعة استراتيجيتها وشراكاتها مع هذه النظام، الذي تتعارض مواقفه مع مصالح الغرب الجيوسياسية. حيث تستمر الجزائر في الاستفادة من الأرباح المالية لعقود الطاقة مع الدول الغربية بينما تواصل هي في تعزيز تعاونها العسكري مع موسكو في ظل الحرب ضد أوكرانيا والقطب الغربي.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه سبق ل 27 برلمانيًا أمريكيًا، أن طالبوا في رسالة موجهة إلى أنطوني بلينكين، سكرتير الدولة الأمريكي، باتخاذ إجراءات انتقامية ضد الجزائر بسبب تمويلها، من خلال عقود الأسلحة، لغزو روسيا للأراضي الأوكرانية.
هذا التقارب العملياتي الجزائري-الروسي سيدفع لا محالة الدول الغربية إلى مراجعة علاقاتها مع الجزائر، التي لعبت كذلك دورا مهما في تسهيل التواجد العسكري الروسي في عدد من الدول الإفريقية.