30/03/2020
يتسبّب الالتهاب الرئوي في 15% من إجمالي وفيّات الأطفال تحت عمر الخامسة حول العالم، مسبّبًا وفاة حوالي 810.000 ألف طفل في عام 2017. يهدّد الالتهاب الرئوي الأطفال والعائلات في كل مكان، ولكن بشكل خاص في جنوب آسيا، ودول جنوب الصحراء الكبري مثل السودان. ولحسن الحظ، يمكننا حماية وعلاج أنفسنا وأطفالنا من الالتهاب الرئوي بخطوات بسيطة وعلاجات قليلة التكلفة.
ما هو الالتهاب الرئوي؟
يحدث الالتهاب الرئوي عند إصابة عدوى بكتيرية أو فيروسية أو فطرية للرئتيـن. تتكون الرئتان من أكياس (جيوب) صغيرة تُسمّى الحويصلات الهوائية، والتي تمتلئ بالهواء عند التنفس في الشخص السليم، ولكن عند الإصابة بالالتهاب الرئوي تمتلئ هذه الحويصلات بالصديد والسوائل، مما يجعلنا نتنفس بصعوبة والكحة المستمرة، بالإضافة إلى الحد من كمية الأكسجين التي نستنشقها. ليست جميع الإصابات بالالتهاب الرئوي على نفس الدرجة من الخطورة، فبعضها قد يكون خفيفًا والبعض الآخر قد يكون مميتًا. يُعتبر كبار السن (أكبر من 65 عام) والرضّع والأطفال، بالإضافة إلى الأشخاص ذوي المشاكل الصحّية أو المصابيـن بضعف المناعة (نتيجة مثلًا الإيدز)، أكثر عرضةً للمضاعفات الخطيرة.
الأعراض:
تتراوح شدّة الأعراض تبعًا لعدد من العوامل مثل نوع الجرثومة المسبّبة للالتهاب الرئوي (بكتيريا أو فيروس ...)، السن، والصحّة العامة للفرد. تكون الأعراض الخفيفة مشابهة إلى حد كبير، لأعراض البرد والإنفلونزا، ولكنها تستمر لفترة أطول وتتضمّن:
ألم بالصدر عند الكحة أو التنفس
الارتباك وتغيّرات بالإدراك العقلي (في كبار السن)
كحة والتي قد تكون مصاحبة ببلغم.
الإرهاق:
حمّى (ارتفاع درجة الحرارة)، العرق، القشعريرة
غثيان، قئ، أو إسهال
قِصر النفس:
درجة حرارة أقل من الطبيعية (في كبار السن المصابيـن بضعف بجهاز المناعة).
قد لا تظهر الأعراض على الرضّع، والأطفال حديثي الولادة. أو قد يصابون بالحمّى والكحة، أو القئ، قد يبدون متعبون ومرهقين، ولديهم مشكلة بالأكل والتنفس.
الأسباب:
تحديد الميكروبات المسبّبة للالتهاب الرئوي هو أحد الخطوات المهمة للحصول على العلاج الصحيح. تُسبّب العديد من البكتيريا، الفيروسات، والفطريات الموجودة بالهواء الذي نتنفسه الالتهاب الرئوي.
1- البكتيريا:
تعتبر المكورات العقدية الرئوية (والتي تعيش بشكل طبيعي في الجهاز التنفسي العلوي مثل الأنف والبلعوم) أكثر أنواع البكتيريا تسبّبًا بالالتهاب الرئوي البكتيري، حيث تُصيب حوالي 900.000 ألف شخص سنويًا بالولايات المتحدة.
قد يحدث الالتهاب الرئوي البكتيري بشكل مستقل أو بعد الإصابة بعدوى فيروسية مثل البرد والإنفلونزا. تُصيب البكتيريا غالبًا جزءًا واحدًا من الرئة، ولذلك تُسمّى الالتهاب الرئوي الفصيِّ.
بالإضافة للمكورات العقدية الرئوية، تُوجد بعض البكتيريا الأخرى التي تسبّب التهابًا رئويًا، ولكن مع بعض الأعراض المختلفة، بالإضافة لظهورها المختلف في الأشعة السينية (ولذلك يُسمّى التهابًا رئويًا شاذًا – عند الإصابة بهذه البكتيريا):
أ- الميكوبلازما الرئوية تصيب الأشخاص الأصغر من سن الأربعين، وبخاصة هؤلاء الذين يعيشون ويعملون في الأماكن المزدحمة. غالبًا ما يكون الالتهاب الرئوي لهذه البكتيريا خفيفيًا، ويُشفى بشكل غير محسوس.
ب- الفَيلَقِيَّةُ المُسْتَرْوِحَة، تسبّب هذه البكتيريا شكلًا خطيرًا من الالتهاب الرئوي يُسمّى داء الفيالقة (أو الفيلقيات). لا تنتقل الفَيلَقِيَّةُ المُسْتَرْوِحَة، على عكس البكتيريا الأخرى المسبّبة للالتهاب الرئوي، من شخص لآخر. يحدث الإصابة بهذه البكتيريا عند التعرّض لماء ملوث بأبراج التبريد، النافورات، ومنتجعات الحمّامات الدّوامية.
2- الفيروسات:
قد تسبّب الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي العلوي الالتهاب الرئوي، مثل فيروس الإنفلونزا المسئول الرئيسي عن الالتهاب الرئوي الفيروسي في البالغين، بينما يعد الفيروس المخلوي التنفسي المسبّب الرئيسي لهذا المرض في الأطفال. لا تكون غالبية الالتهابات الرئوية الفيروسية شديدة، وتذهب في وقتٍ قصير مقارنة بالبكتيرية.
ومع ذلك، فإنَّ الالتهاب الرئوي الذي يسبّبه فيروس الإنفلونزا قد يكون خطيرًا، وأحيانًا مميتًا في الأشخاص ذوي الحالات المرضية المزمنة المرتبطة بالقلب (مثل الضغط) والرئة (مثل الربو)، والحوامل.
قد يحدث مضاعفات للالتهاب الرئوي الفيروسي، وذلك بإصابة البكتيريا للجهاز التنفسي مع ظهور أعراض الالتهاب الرئوي البكتيري. (يسمى الالتهاب الرئوي البكتيري اللاحق للالتهاب الرئوي الفيروسي بالعدوى الثانوية).
3- الفطريات:
تشيع الإصابة بالالتهاب الرئوي الفطري في الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة أو بضعف في الجهاز المناعي، والأفراد المعرّضين لجرعات كبيرة من أنواع معينة من الفطريات في التربة وفضلات الطيور.
يُعد الإصابة بالالتهاب الرئوي المتكيس، نتيجة نوع من الفطريات اسمه المتكيسة الرؤية جيروفيسي، أكثر شيوعًا بين الأشخاص المُصابين بضعف جهاز المناعة نتيجة للإيدز، أو نتيجة استخدام أدوية تكبح الجهاز المناعي مثل الأدوية المستخدمة في علاج السرطان ونقل الأعضاء.
الانتشار:
يُمكن للالتهاب الرئوي الانتقال بعدّة طرق. فالبكتيريا والفيروسات التي تتواجد، غالبًا، في أنف وحلق الطفل يمكنها التسبّب بالالتهاب الرئوي إذا تم استنشاقها. بالإضافة، فإنّه يمكنها الانتقال عن طريق القطرات الناتجة عن العطس أو الكحة. ويمكن للالتهاب الرئوي أنْ ينتقل أيضًا عن طريق الدم، وبخاصة أثناء الولادة وبعدها بفترة قصيرة.
عوامل الخطر (الأشياء التي تزيد من احتمالية الإصابة)
بينما يقوم جهاز المناعة بمقاومة العدوى، فإنَّ بعض الأشخاص والأطفال في خطر متزايد للإصابة بالالتهاب الرئوي تشمل هذه العوامل ضعف بجهاز المناعة نتيجة سوء التغذية ونقص التغذية، والأطفال الذين لا يرضعون رضاعة طبيعية.
بالإضافة، فإنَّ الإصابة بالإيدز والحصبة في الأطفال تزيد من احتمالية إصابة الطفل بالالتهاب الرئوي. هناك أيضًا بعض العوامل التي تزيد من تعرّض الطفل للالتهاب مثل:
1- التلوث داخل البيت الناتج عن الطبخ واستخدام الوقود الحيوي مثل حرق الخشب.
2- العيش في بيوت مزدحمة.
3- تدخين الآباء.
التشخيص:
يقوم الطبيب أولًا بالاستماع للرئة باستخدام السماعة، فإذا كنت مصابًا بالالتهاب الرئوي فإنَّ الرئة سوف تُظهر صوت طقطقة وخشخشة (قرقرة) عند التنفس. فإذا شك الطبيب في إصابتك بالالتهاب الرئوي، فقد يأمر ببعض الاختبارات الإضافية مثل:
اختبار دم، لتأكيد العدوى ومحاولة التعرّف على نوع الميكروب.
أشعة صدر سينية، للتعرّف على مكان العدوى بالرئة ومدى الالتهاب الحادث.
اختبار النخامة (البصاق)، والتي يتم الحصول عليها من المريض بعد كحة عميقة للتعرف على نوع الميكروب المسبب للالتهاب.
العلاج:
يتم علاج الالتهاب الرئوي بالمضادات الحيوية مثل الأموكسيسللين، بالإضافة فإنَّ الطبيب قد يكتب لك بعض الأدوية الأخرى للتحكم بالأعراض مثل الأسبيرين، الإيبوبروفين، والأسيتومينوفين (بانادول) للتحكم بالحمّى. تذكّر، لا تعطي أبدًا الأسبيرين للأطفال.
تناول كميات كافية من السوائل لتقليل لزوجة الإفرازات الموجودة بالرئة، وتحوّلها إلى بلغم. لا تأخذ أدوية للكحة دون استشارة الطبيب أولًا، لأنَّ الكحة هى أحد آليات الجسم الطبيعية للتخلّص من العدوى.
ابقَ بعيدًا عن الدخان للسماح للرئة بالشفاء. ويتضمن التدخين، التدخين السلبي (التعرّض للدخان السجائر من شخص آخر)، ودخان الخشب. احصل على راحة، وابق في السرير لمدة كافية.
الوقاية:
بالنسبة للأطفال، فإنَّ التطعيم ضد المستدمية النزلية، الحصبة، السعال الديكي، والمكورات الرئوية هى أكثر الطرق فعالية لمنع الالتهاب الرئوي. بالإضافة، فإنَّ التغذية الكافية هى الأساس لتقوية الجهاز المناعي للطفل، بدءًا بالرضاعة الطبيعية منذ الولادة ولمدة 6 شهور.
بالنسبة لكبار السن (أكبر من 65) والأطفال (أقل من 5) يجب عليهم الحصول على اللقاح السنوي للإنفلونزا، بالإضافة إلى لقاح المكورات الرئوية. اللقاح ضد المكورات الرئوية أيضًا يُنصح به للبالغين الذين في خطر مرتفع للإصابة بالالتهاب الرئوي.
اغسل يديك بانتظام، خاصة بعد الكحة والعطس، الخروج من الحمام، وتغيير الحفاظة، وقبل إعداد وتناول الطعام.
لا تدخن، يدمّر التدخين قدرة الرئة على مكافحة العدوى، وقد وجدت الدراسات أنَّ المدخنين في خطر مرتفع للإصابة بالالتهاب الرئوي. ولذلك، فإنَّ المدخنين من ضمن المجموعة التي تُنصح بالحصول على لقاح المكورات الرئوية.
إعداد: أحمد ابراهيم
مراجعة لغوية وعلمية: عاصم محمد
تصميم الصورة: أكرم نجيب
المراجع:
What Causes Pneumonia? | American Lung Association. (2020, February 27). https://www.lung.org/lung-health-diseases/lung-disease-lookup/pneumonia/what-causes-pneumonia
Pneumonia: Symptoms, Causes, Diagnosis, Treatment, and Complications. (n.d.). Retrieved March 29, 2020, from https://www.webmd.com/lung/understanding-pneumonia-basics #1
Pneumonia—Symptoms and causes—Mayo Clinic. (n.d.). Retrieved March 29, 2020, from https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/pneumonia/symptoms-causes/syc-20354204
Pneumonia. (n.d.). [Text]. National Library of Medicine. Retrieved March 29, 2020, from https://medlineplus.gov/pneumonia.html
Pneumonia. (n.d.). Retrieved March 29, 2020, from https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/pneumonia
Pneumonia. (2017, October 23). Nhs.Uk. https://www.nhs.uk/conditions/pneumonia/