12/05/2018
تقرير: النيجر ترحّل لاجئين سودانيين إلى ليبيا
جنيف – صوت الهامش
أفاد تقرير نشرته شبكة أنباء الإنسانية (ايرين) بأن دولة النيجر رحّلت ما يزيد عن 132 سودانيا ما بين لاجئ وطالب لجوء إلى ليبيا، وسط انتقادات للنيجر بأنها ضربت عُرض الحائط بالقانون الدولي عبر إعادتها هؤلاء السودانيين إلى ظروف خطرة وغير إنسانية كانوا قد هربوا منها بالأساس.
ونبه التقرير الذي اطلعت عليه (صوت الهامس)، إلى أن عملية الترحيل تمّت من معسكر “أغاديس” للمهاجرين في النيجر.
وقد تأكدت العملية على لسان مسؤول كبير في وكالة الأمم المتحدة للاجئين وكذلك عبر مصدر مطلع بوزارة الداخلية في النيجر الذي أصرّ على أن هؤلاء الذين تمت إعادتهم (إلى ليبيا) هم “مجرمون” كانوا يقاتلون لصالح ميليشيات في جنوب ليبيا.
وتقول وكالة الأمم المتحدة للاجئين إن أعداد هؤلاء هي 135، فيما قالت وزارة الداخلية في النيجر إن ثلاثة قد هربوا.
وتقول وكالة الأمم المتحدة للاجئين إن المرّحلين كانوا ضمن جماعة تضم نحو 160 سوادني ما بين لاجئ وطالب لجوء تم اعتقالهم في أغاديس يوم الـ 2 من مايو. وقد نزح غالبيتهم إلى النيجر هربًا من أوضاع صعبة ومعاملة قاسية في ليبيا. وكان هؤلاء المرحّلون يتلقون مساعدة من وكالة الأمم المتحدة للاجئين.
ونوه التقرير عن أن الرجال السودانيين تم ترحيلهم عبر الحدود البرية إلى جنوب ليبيا يوم الأربعاء أو الخميس الماضي. ومن غير المعروف أين يتواجدون الآن، بحسب مسؤول بوكالة الأمم المتحدة للاجئين ، وقبل الترحيل، أمنّتْ الوكالة إطلاق سراح سيدات وأطفال، فيما هرب عدد منهم.
وقد تم اعتقال هؤلاء المرحلين في سجن بأغاديس قبل ترحيلهم. وكان من بينهم هؤلاء الموقوفين في الـ 2 من مايو، طالب لجوء سوداني دارفوري يبلغ من العمر 58 عاما، قال لشبكة أنباء (ايرين) إنهم قد تم احتجازهم لبضعة أيام دونما طعام.
وفي الـ 7 من مايو الجاري، جاءت شاحنات ضخمة ودخلت السجن، وعندما قاوم السودانيون الصعود للشاحنات، انهالت عليهم الشرطة بالضرب، وقد تم نقل ثلاثة إلى المستشفى بسبب ما أصيبوا به من جروح بالغة. وقد سلكت الشاحنات اتجاه قاعدة “ماداما” القريبة من الحدود الليبية.
وفي الـ 9 من مايو الجاري تلقت شبكة (ايرين) تأكيدا من مسؤول بارز بوكالة الأمم المتحدة للاجئين بأن الـ 135 سودانيا الذين كانوا في الشاحنات قد تم ترحيلهم إلى ليبيا.
وقال مصدر في وزارة الداخلية بالنيجر “لقد قمنا بترحيل جماعة من المجرمين كانوا ضمن ميليشيا تحارب في جنوب ليبيا وذلك لأسباب أمنية. ولم يكن لهؤلاء المرحلين أية وضعية لجوء سواء سياسية أم إنسانية.”
وأعرب حقوقيون عن قلقهم عما قالوا إنه انتهاك لمبدأ عدم الترحيل القسري بموجب القانون الدولي الذي يحظر على الدول إعادة لاجئين وطالبي لجوء إلى بلدان قد يتعرضون فيها للإيذاء.
ويُنظر إلى العملية بعين القلق كسابقة من نوعها في ظل وجود مئات الآلاف من المهاجرين وطالبي اللجوء المحاصرين في ليبيا ولا سبيل أمامهم للخروج للأمان.
وقالت جوديث سندرلاند، المديرة المشاركة لقسم أوروبا ووسط آسيا في منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية، “إنها خطوة لا إنسانية وغير قانونية أن تعيد مهاجرين ولاجئين إلى ليبيا، حيث يواجهون مستويات صادمة من التعذيب والعنف الجنسي والعمالة القسرية.”
وأضافت سندرلاند “إن هذا ينتهك بشكل مطلق القانون الدولي الذي يحظر إرسال أشخاص إلى مكان قد يواجهون فيه خطرا أو تهديدا لحياتهم وحريتهم.”
انعكاس مسار الهجرة
نوه التقرير عن أن معسكر أغاديس هو مركز عبور رئيسي في النيجر للمهاجرين القادمين من غرب أفريقيا في طريقهم إلى ليبيا قاصدين أوروبا. لكن منذ ديسمبر الماضي، هرب أكثر من 700ر1 سوداني ما بين لاجئ وطالب لجوء من ليبيا إلى النيجر، طبقا لآخر أرقام وكالة الأمم المتحدة للاجئين.
ويعتبر ذلك انعكاس وتحوّل هام في مسار المهاجرين إلى الشمال القادمين من شرق وغرب أفريقيا قاصدين الساحل الليبي فعبور البحر المتوسط طلبا للحماية في أوروبا.
ومنذ عام 2013، سلك أكثر من 600 ألف طالب لجوء ومهاجر هذا الطريق قاصدين إيطاليا. وقد تراجع عدد الواصلين إلى الشاطئ الإيطالي بشكل ملحوظ منذ منتصف يوليو الماضي عندما تعاونت الحكومة الإيطالية حسبما تفيد تقارير مع ميليشيات ليبية لمكافحة المهربين.
هذا فضلا عن تعاون الاتحاد الأوروبي وإيطاليا في تمويل وتدريب وتسليح خفر السواحل الليبي للتصدي لموجات الهجرة عبر البحر إلى أوروبا.
ويقول خفر السواحل الليبي إنه ومنذ مطلع 2017 أعاد نحو 19 ألف مهاجر إلى ليبيا. ويقول ناشطون حقوقيون أوروبيون إن هؤلاء تمت إعادتهم على غير رغبتهم وتعرضوا لمعاملة لا إنسانية تضمنت الضرب والاغتصاب والتعذيب.
وقد تم تجريم الهجرة السرية في ليبيا. وعادة ما يتعرض الداخلون إلى ليبيا على نحو غير قانوني للاعتقال لفترات غير محددة ويعانون انتهاكات من جانب السلطات والمهربين.
وقال لاجئون سودانيون في أغاديس لـ (ايرين) إنهم هربوا من أوضاع مزرية في ليبيا، “بعضنا تعرض للسجن والبعض للقتل والنهب والعمل بدون أجر.. يمكننا الذهاب لأي مكان باستثناء ليبيا أو السودان”.
وأكد التقرير أن معظم السودانيين الذين جاؤوا إلى أغاديس هم منطقة من دارفور الموبوءة بالصراع من عام 2003.
وكان العديد من هؤلاء الدارفوريين مسجلين في مخيمات اللاجئين المحليين بالسودان أو في مخيمات اللاجئين في تشاد. وقد سافروا إلى ليبيا في السنوات الأخيرة بحثا عن فرصة اقتصادية أو بنيّة عبور البحر إلى أوروبا، لكنهم حوصروا بين الفوضى والعنف الذي استشرى في ليبيا بعد ثورة 2011.
ووقع العديد من هؤلاء السودانيين فريسة لتجار البشر وانتهى بهم الحال في أسر العبودية – مجبرين على العمل القسري بلا أجر تحت السياط.
وتقول أليساندرا موريلي، رئيس مكتب الأمم المتحدة للاجئين في النيجر، “وبينما انسدّ الطريق من ليبيا إلى أوروبا، لم يجد السودانيون المحاصرون في ليبيا أمامهم سوى القليل من الوجهات. “هل ثمّ مخرج آمن من جنوب ليبيا؟ لا يوجد سوى النيجر”.
ارتفاع التوترات في أغاديس
اجتذبت أنباء تفيد بأن برنامجا تابعا للأمم المتحدة في النيجر يعدّ طالبي اللجوء القادمين من معتقلات ليبية ويرسلهم إلى أوروبا – اجتذبت هذه الأنباء السودانيين إلى معسكر أغاديس.
وظلت الحكومة في النيجر تنظر بعين الريبة إلى وجود السودانيين منذ ديسمبر وقد صنفت العديد منهم بأنهم مرتزقة في ميليشيات ليبية.
وقال وزير داخلية النيجر، محمد بازوم، “نعرف أن ثمة خطرا لأن هنالك أشخاصا كانوا مقاتلين في جنوب ليبيا. وقد جاءوا هنا لأنهم يتوقعون الذهاب إلى أوروبا”.
ويخشى العديد من السودانيين الذين لا يزالون في أغاديس من الاعتقال والترحيل إلى ليبيا أو الإعادة إلى السودان.