25/08/2024
أرض الأحلام وجنة المغتربين، ونقد نظام الكفيل.
——
قد يتبادر إلى ذهنك بأن هذا الوصف عابر ودواعي النقد واجبة؛ وأن دول الخليج ما هي إلا صخرة تتحطم عندها الأحلام.
ونظام الكفيل نظام عبودية والمجتمع السعودي ما هو إلا مجتمع (محدث النعمة، رث الخلقة، جلف الطباع، معدوم الإنسانية، بهائمي الخلق ومنحط الأخلاق).
دعك من لماذا؟ لأن التوقيت ليس عابراً بل جاء في عز توقيت المقارنة بين دول الخليج ودول الغرب في سجل تفضيلات الهجرة وقصد العمل.
حيث تفوقت السعودية ومعها دول الخليج بنسبة كبيرة من حيث المميزات التي تتيحها؛ فهي تعرض الإقامة المميزة والتمتع ببعض المزايا التي كانت حكراً على المواطن، مع إقامة مريحة وعقد عمل مجزٍ.
وفتحت بوابة الاستثمار على مصرعيها وجذبت كبرى الشركات العالمية كواجهة استثمارية عالمية، وعرضت نفسها كموقع متوسط لحل مشكلة تعطل سلاسل الإمداد. استغلت موقعها الجغرافي لربط الشرق بالغرب، فكانت منارة الشرق ووجهة الغرب.
إلى جانب مكانتها الدينية فهي قبلة المسلمين التي تهوي إليها أفئدتهم.
ولكن ما زال هناك خلط بين ما تحتاجه السعودية وبين ما تفضله الدول الغربية من خلال فرض نظام الهجرة ومنح الجنسية كمقابل مغرٍ لمن صعبت حياته، وداعبه حلم الحياة الوردية والحقوق المكفولة والمتساوية.
التنمية التي تعيشها السعودية تفرض عليها منح نظام عمل مجزٍ ولمدة محدودة تنتهي بانتهاء مدة العقد، تضمن للدولة الخدمة المراد تأديتها وللمتعاقد أجراً مقابل تلك الخدمة. قد لا تعدك بالثراء ولكنها حتماً تعدك بالرجوع بما يضمن لك حياة كريمة.
بينما الدول الأخرى تجد في نظام الهجرة ضالتها فهي تعاني من نقص ملحوظ في عدد السكان ومع ازدياد عدد المتقاعدين الذي يعجز صندوق التقاعد فيه عن الإيفاء بالتزاماته، دول تعتمد على ضريبة الدخل في تقرير موازنتها وبالتالي هي تحتاج من يعمل ومن يدفع الضريبة أيضاً. دول غادرت الصناعة والتنمية ولم يعد لديها ما تبعيه سوى مجموعة خدمات ومميزات معيشية. حلم الثراء فيها غير ممكن فهي دول مستهلكة ولم تعد منتجة.
بعكس دول الخليج والسعودية في مقدمتها، دول تبيع لك الحلم وتهديك العيش الكريم، تحترم إنسانيتك وتراعي خصوصيتك وتدفع لكي تكون منتجاً وعنصراً رافداً ومحركاً في عجلة التنمية والاقتصاد. مبدأها احترم تحترم، لا تفرض عليك ثقافتها وبالمقابل تطلب منك احترامها واحترام قوانينها.
ومن تلك القوانين نظام الكفيل فأنت مكفول بخدمة الجهة التي عملت على استقدامك. ولولا حاجة الكفيل لما عمل على استقدامك. وكفالة الأشخاص تختلف عن كفالة الشركات والمؤسسات. وقد تكون خدمتك لشخص أهون من خدمتك لشركة، فعقد الشركة قد يكون مجحفاً بعض الشيء وذلك طبقاً لنوعية العمل والجهد المبذول.
الكفيل أو الوسيط أو الجهة المشغلة حاجة في نظام العمل، فلابد من وجود عنوان ثابت عند ضبطك وإحضارك والكفيل هو الضامن لهذا العنوان. فنقد نظام الكفيل كمن ينتقد نظام العمل لديك ويصفه بالعبودية، مع أنه أبعد ما يكون عن العبودية.
فهو نظام عمل يكفل حق العامل ومشغله وإن شابه بعض التعنت والإجحاف. فمن يطالب بحق العامل المتضرر نسي بأن الكفيل قد يكون متضرراً أكثر منه، وذلك في حال خالف العامل نظام العمل والإقامة أو مارس أعمالاً مشبوهة أو أخل بالأمن العام.
لم تعد منطقة الخليج جنة المغتربين بل جنة المستثمرين أيضاً، وهذا ما يغضب أعداء النجاح، حاسدين النعمة والناقمين.
الهجرة العكسية لدول المنطقة أفقدت الدول الغربية مزاياها ولم يعد لديها ما تبيعه سوى ثقافتها التي عفى عليها الزمن.
✍🏽
شمعة أحمد.