19/11/2024
خصنا الاستاذ الكبير الدكتور كاظم المقدادي بهذا المقال المميز
نعيد نشره على صفحتتا الخاصة وعلى صفحة
شبكة الصحافة العربية A.A.P
المركز الخبري للوكالات والصحف والقنوات والمواقع الاعلامية ..................
قرارات مخمورة
كاظم المقدادي ،
هل انتهينا من فساد احزاب السلطة وانتشار المخدرات وتهريب مليارات الدولارات ، ووضع المنافذ الحدودية تحت إشراف الدولة ، وحصر السلاح بيد الدولة ، وجعل الدولة تقود الاحزاب وليس الاحزاب هي التي تقود الدولة .. وجعل الدولة دولة مواطن وليس دولة مسؤول ..
اقول هل تمت تصفية كل هذه الموبقات وغيرها من الكبائر والزلات والعثرات .. لنبدأ بمحاربة اصحاب الخمرة ، وتضييق الحريات المدنية في النوادي الاهلية المجازة سياحيا وقانونيا من قبل المؤسسات والهيئات ..!!
في كل مرة تصدر فيها قرارات لمنع تناول وتداول المشروبات الروحية .. اشعر ان هكذا قرارات سوف لن يكتب لها النجاح ..لأنها ببساطة قرارات تعسفيةغير مدروسة تنسف فكرة المجتمع المدني المتجانس الذي يتعايش فيه الجميع من مسلمين ومسيحيين وايزيديين
وسواهم .
اغلب الظن … ان مثل هكذا قرارات مستعجلة ، ستمس حتما مصالح وأرزاق الاخوة المسيحيين والايزيديين والآلاف من المعنيين في تجارة الخمور والعاملين في النوادي والمنتديات الاجتماعية صناعة وتوزيعا وخدمة.
في العهد الملكي ( المدني) لم يجرؤ احد ان يمس الخمرة وشاربيها بسوء .. لان الملك كان يحتسي الخمرة ، ومثله رئيس الوزراء ، والوزراء ومعظم المسؤولين يحتسون و يشربون .. في زمن لا ذكر فيه لأسلمة الدولة ولا اسلمة المجتمع ، ولا وجود للمخدرات والكبسلة ومل ما يضر ولا ينفع .. ولا قوانين تمنع استيراد وصناعة الخمور، ولا أوامر تحد من وجودها وتقلعها من الجذور .
في تاريخ الخمرة ، كان العراقيون القدماء في بلاد النهرين سومر وأكد .. هم اول الشعوب التي صنعت الجعة ( البيرة) من الشعير .. حدث هذا قبل ان نكتشف اهمية ادرار البعير .
وقبل الإسلام وبعده ، اهتدى العرب لتحضير النبيذ وأحتسائه ، وهناك من الآيات التي تشير الى وجود الخمرة في حياة وليالي العرب الصالحين منهم والطالحين ، فمنهم من اقلع عنها وأحسن ، ومنهم من عاقرها وأدمن ، فلا تعجب أبدا ايها العزيز من ذكرها وتجنبها بالتقسيط المريح الذي شمل الهادين والمهتدين ، ولا من وجود أبيات الشعر في مدونات الشعراء والكتاب والعارفين .
ابو نواس العراقي .. أهم واكبر شاعر من شعراء الخمرة .. كتب مئات القصائد وهو يتلذذ بالخمرة مادحا ومدمنا وعاشقا .. ويقف اليوم بتمثاله شامخا في حدائق ابي نواس معترفا وليس تائبا امام الرب .. فهل يستبدل كأسه بمسبحة من كهرب ..!!
كتب على العراقيين .. ان جل مقابرهم قد ضمت رفات كبار الاولياء الصالحين .. ومقابرهم جمعت كذلك كبار الشعراء والصعاليك والمخمورين .
وبغداد فيها الكثير من مراقد الأئمة الأطهار .. وفيها ايضا قبور كبار العلماء والفقهاء ، منهم المتزمت ومنهم المختار .
الثابت .. ليس بإستطاعتنا محو تاريخ بغداد .. وتغيير اسم من بنى بغداد بالعزة والوقار .. وجعلها قبلة العالم بفضل ما جمعت من علوم وفلسفة وترجمات فيها كل الأسفار .
وليس بمقدورنا أبدا ، الغاء شارع ابي نؤاس في ليلة ظلماء .. وليس من السهل ايضا منع بيع الخمور في السوق السوداء .. وتجاربنا مع منع المخدرات مازالت تراوح مكانها .. ومن الحكمة ان نمنع المخدرات اولا .. وندرس اهمية النوادي البغدادية الراقية ثانياً .
ختم الكلام ..
حركة السياحة والاستثمار ، مع وجود الاف الاجانب في العراق .. يستدعي توسيع الحريات المجتمعية والمدنية لا محاصرتها وتكبيلها لألف سبب و قضية ونيًة ، في زمن طغت النوايا الخبيثة على نوايا الصفوة العلية .
الثابت .. ان النوادي العائلية البغدادية العريقة مثل نادي العلوية والصيد والهندية .. هي من أيقونات بغداد التاريخية والحضرية والمدنية ، نواد أقيمت على حدائقها بطولات التنس والسباحة والمنتديات الثقافية ، وامست مكانا ترفيهيا راقيا للعوائل البغدادية العريقة .
هذه النوادي يجب التعامل معها بحكمة وحرص ، صيانة للمجتمع المتمدن .. وهي ليست اقل قيمة من فنادق الخمس نجوم .. وأملنا ان يراجع صاحب القرار قراره .. وصاحب الأمر امره .
فأذا اردت ان تطاع .. فأطلب المستطاع .. خدمة للسياحة وخدمة لألاف العاملين المطرودين الذين سيتحولون حتما إلى جيوش من البطالة والمعدمين .
..