قَرَأتُ لَكَ

  • Home
  • قَرَأتُ لَكَ

قَرَأتُ لَكَ Alaa Auf

★ فلسفة الثورة والوعي الإجتماعي..د.كارل ماركس، الفيلسوف الألماني الذي أعاد تشكيل الفكر الإنساني، لم يكن مجرد ناقد اقتصاد...
03/01/2025

★ فلسفة الثورة والوعي الإجتماعي..

د.كارل ماركس، الفيلسوف الألماني الذي أعاد تشكيل الفكر الإنساني، لم يكن مجرد ناقد اقتصادي للرأسمالية، بل كان مؤرخًا اجتماعيًا وفيلسوفًا وجوديًا يقرأ أعماق النفس البشرية..
أفكاره تجاوزت التحليل الاقتصادي البحت، لتغوص في نقد جذري للكيفية التي تتحول بها المجتمعات، حيث يتحول كل شيء إلى سلعة، ويفقد العالم "قداسته" أمام ش**ة الربح..

ـ الرأسمالية وسلعة الحياة..
في قلب فلسفة د.ماركس؛
يكمن اعتقاد قوي بأن الرأسمالية لا تترك شيئًا مقدسًا؛
الدين، الفن، الأدب، وحتى العلاقات الإنسانية، تتحول إلى أدوات للربح. لا يعود الدين رسالة روحانية، بل سلعة تُباع في السوق. الأدب يفقد شغفه ليصبح منتجًا للتسويق، إنها حالة من الاغتراب تجعل الإنسان غريبًا عن ذاته وعن جوهره الإنساني..

ثنائية الثروة والبؤس
( تراكم الثروة في قطب واحد من المجتمع؛
هو في نفس الوقت تراكم الفقر والبؤس في القطب الآخر ) بهذه الكلمات البسيطة؛
يختزل "ماركس" الظلم البنيوي للرأسمالية،
النظام الذي يغذي قلة على حساب الأغلبية،
حيث يصبح البؤس شرطًا لازدهار آخرين،
الثروة لا تتولد من فراغ، بل من استغلال العمال،
الذين لا يمتلكون سوى أجسادهم للعمل..

- وعي الفقر: شرارة الثورة..
د."ماركس" كان واضحًا:
الفقر وحده لا يُشعل الثورة.
إنما الوعي بالفقر هو الذي يحرك الجماهير..

* الطاغية يُفقِر الشعب،
وشيخه يعمي بصيرتهم،
حتى لا يدركوا طبيعة الظلم الواقع عليهم،
إنها علاقة تبادل أدوار تبقي الأغلبية أسيرة لواقعها،
حيث يصبح التحرر مستحيلًا إلا عبر وعي جماعي..

- السعادة في إسعاد الآخرين..
من المثير للتأمل أن د."ماركس"، رغم نقده اللاذع للرأسمالية، كان يرى أن السعادة الحقيقية تكمن في إسعاد الآخرين،
هذا ليس مجرد شعار، بل جوهر لفلسفته الإنسانية في عالم يختزل فيه الإنسان إلى أداة للإنتاج، يكون العطاء للآخرين فعلًا ثوريًا يتحدى منطق الربح والخسارة..

- الفكر والمادة: العلاقة الجدلية..
( أفكار الإنسان هي انبثاق لحالته المادية )
بهذه العبارة يربط د. "ماركس" الفكر بالواقع الملموس،
لا توجد أفكار في فراغ،
بل هي انعكاس للظروف الاجتماعية والاقتصادية،

أفكار الحرية والعدالة، مثلاً،
لا تظهر إلا عندما يشعر الناس بغيابها..

- التاريخ وصناعة الإنسان..
البشر يصنعون تاريخهم،
ولكنهم لا يصنعونه في ظروف يختارونها،
بل يولدون في عالم مليء بإرث الماضي،
بما فيه من نجاحات وإخفاقات،
هذا الفهم يحررنا من أوهام السيطرة المطلقة،
لكنه يذكرنا أيضًا بمسؤوليتنا تجاه العالم الذي نتركه للأجيال القادمة..

ـ د."ماركس" اليوم..
أفكار د."ماركس" لا تزال تجد صدى في عصرنا،
حيث تتسع الفجوة بين الأغنياء والفقراء،
وتصبح القيم الإنسانية مجرد شعارات تسويقية،
لكن في عالم يزداد تعقيدًا؛
يبقى وعي الإنسان بحقيقته هو الأمل الوحيد لصناعة مستقبل أكثر عدالة..

★ إن فلسفة د."ماركس" ليست مجرد نقد للرأسمالية،
بل دعوة مستمرة للتفكير في كيفية استعادة الإنسان لإنسانيته، في عالم باتت فيه السلع أكثر قداسة من القيم، والمصلحة الفردية أسمى من الخير العام..

وَحيدًا مِثلَ "غزّةَ" أتّقِيهِم، بقلبِ موَحّدٍ، وببأسِ جيشِ..بِعزٍّ، للسّماءِ أمِدُّ فَرعي، وأصلٍ ضارِبٍ في الحَقّ، أمشِ...
03/01/2025

وَحيدًا مِثلَ "غزّةَ" أتّقِيهِم،
بقلبِ موَحّدٍ، وببأسِ جيشِ..

بِعزٍّ، للسّماءِ أمِدُّ فَرعي،
وأصلٍ ضارِبٍ في الحَقّ، أمشِي..

حسامٌ ما ارتضيتُ سوىٰ المَعَالي،
مِجنّي نَخْوَتي، وثباتُ جأشي..

إلىٰ صَدري ضَمَمتُ جِراحَ أهلي،
بها سُلّمتُ مِن بَطشٍ لبَطشِ..

ضَمائركُم سأحمِلُها شُهودًا،
عليكُم حينَ أُُحمَلُ فوقَ نَعشِي..!
-
-
-
✍️ عفاف عطاالله ~
حنين العربي

علِّمني الأبجديّةَ من جديدٍ، وأعِد تعريفَ الأشياءِ..!ألفٌ.. أمانٌ،واعطِني تعريفًا مُعتمَدًا لِما أجهلُه..باءٌ.. بالونُ أ...
03/01/2025

علِّمني الأبجديّةَ من جديدٍ،
وأعِد تعريفَ الأشياءِ..!

ألفٌ.. أمانٌ،
واعطِني تعريفًا مُعتمَدًا لِما أجهلُه..

باءٌ.. بالونُ أحلامٍ،
واجعَل سقفًا له،
لا تترُكه يُطيحُ بي في الهواءِ ثمّ ينفجِرُ،
فأضطَر إلىٰ إعادَةِ جمع أجزائي،
شَظايا وأبجدياتٍ ومَعانٍ..

تاءٌ.. تلوينٌ،
وأخبِرني؛
ما المَعنىٰ لكَونِ مرسومٍ بقَلمِ فحمٍ علىٰ خلفيةٍ بيضاءٍ..!

واصِل طَرحَكَ حتّىٰ تصِل إلىٰ:
حاءٍ.. حبٍّ،
خانةُ التعريفِ فارغةٌ،
املأها بتعريفٍ مؤكّدٍ مِن فَضلِكَ..!

اتّخِذ طريقكَ إلىٰ:
الراءِ.. ريشةٌ،
أنا في كُلِّ أطواري لا أثبُتُ،
لانعِدامِ الجاذِبيةِ القَلبيةِ..!

شينٌ.. شتاتٌ، شُرودٌ،
إلىٰ أينَ أخطو؟!
لا أرىٰ..!

وامضِّ إلىٰ:
عَينٍ.. عودَةٍ
وأخبِرني مِن أينَ يبدأ المَرءُ، وإلامَ يمكِنُ أنْ يعودَ،
إذ أنّ عمري ذا اتّجاهٍ واحِدٍ،
لمْ أرغَب قَطّ في الالتِفاتِ عن وجهَتِه،
والعودةِ إلىٰ أيّ مَحطّةٍ فيه..!

غ، ف
فاءٌ.. فناءٌ،
ذلكَ أعرِفَه جيدًا،
وأتعَجَبُ أنّه ليسَ بالحرفِ الأخيرِ في الأبجَديّةِ،
وأنّ عليّ مُعايشَتُه في مُنتصَفِها، وفي مُنتَصَفي..!

قافٌ.. قلَمٌ، وقَدَرٌ، وقِصَصٌ مَنقوصَةٌ،
وقوىٰ خائرَةٌ، وقَصدٌ مَجهولٌ،
وقُربانٌ يحمِلُني، ولمْ أدرِّ قَطّ كُنتُ فداءً لِمَن؟ لأيّ؟ أو لِمَ؟

كافٌ.. كَتَبَ، وكتابةٌ، وكُتُبٌ، كُتُبٌ كثيرَةٌ،
لو كُنتُ أعرِفُ مَن أنا، لغَدَوتُ كَلِمةً،
ولكِنّني جاهِلةٌ، جاهِلةٌ..

لامٌ.. ليتَ، وليتَ لَمْ،
ولحظةُ يأسٍ بطولِ العمرِ..!

ميمٌ.. موتٌ،
مَشهَدٌ افتِتاحيٍ للذاكِرَةِ،
مفهومٌ، ومعروفٌ، ومهيبٌ..!

نونٌ.. نحنُ صيغَةُ جَمعٍ مَجهولَةَ الدَلالةِ،
املأها بمَن شئتَ، واجعَل جَمعَهُما اجتِماعَ أُلفَةٍ،
فإنّي سَئمتُ الاجتِماعَ علىٰ ألَمٍ، والاجتِماعَ دونَ الاجتِماعِ..!

هاءٌ.. حَرفُ اسمي،
مَرّره،
مَرّرِ الحرفَ، والاسمَ وصاحِبتَه..!

واو.. عطفٌ، وضَمٌّ واتِحادٌ..

ياءٌ.. ها قَد وَصَلنا للنِهايةِ،
يُنسىٰ كأنْ لمْ يكُنْ،
ها قَد صارَ معي مُعجَمٌ كامِلٌ،
هلْ يمكِن أنْ أبدأ الطَريقَ مِن أولِه،
لعلّني لا أتوه هَذِه المَرّةَ؟!
-
-
-
✍️ هِند كِشك
Hend A. Keshk

ورَحَلتُ مِن نفسي إليكَ،غادَرتُني،وإليكَ يا كُلَّ الأماني قَد أويتْ..! وانصَعتُ طَوعًا للهَوىٰ،وأتيتُ كُلّي، مِن صَميمي،...
30/12/2024

ورَحَلتُ مِن نفسي إليكَ،
غادَرتُني،
وإليكَ يا كُلَّ الأماني قَد أويتْ..!

وانصَعتُ طَوعًا للهَوىٰ،
وأتيتُ كُلّي،
مِن صَميمي، قد أتَيتُ..!

مِن خَلفِ أقصايَ،
ومِن أعماقُ أعماقي،
أنا،
للحُبِّ أسوارًا بنَيتُ..!

قَد كُنتُ سيلًا هادِرًا،
وانسَبتُ حتّىٰ جفَّ نَبعي،
إذْ رَويتُكَ،
وأنا هُنالِكَ، ما ارتَوَيتُ..!

واليومَ، ماذا قَد جَنيتُ..؟

هِذي الهَزائمُ أثقَلَت صَبري،
وقيَّضَتِ السَلامَ بداخِلي،
حتّىٰ كأنّي مِن تفاصيلي، نُفيتْ..!

خَيباتيَ اللّائي مَرَرنَ،
علىٰ ضُلوعي مرّةً،
أهرَقنَ كُلَّ مَلامِحي؛
فذَوَيتُ خَوفًا، وانزَوَيتُ..!

وذَبُلتُ حينَ نزَفتُني،
وَهْمًَا،
وحينَ شرِبتُ كأسًا،
مِن مَرارَتِه سُقيتُ..!

كُنتُ اتكأتُ عليكَ،
علِّي ربّما،
بلسَمتُني بـ (عَسىٰ) و (لَيتَ)..

قَد كُنتُ طَبّبتُ الجِراحاتِ الّتي،
ظَنّيتُ يومًا،
أنّني مِنها شُفيتُ..!

أتقَنتَ رشَّ المَلحِ
فوقَ جُروحيَ الكلمىٰ،
وصَبَبتَ فوقَ النارِ زيتٌ..!

ورَقَصتَ رَقصَتَكَ الأخيرَةَ،
فوقَ قَبري عُنوَةً،
ووأدتَ ما بيني وبينِكَ،
حينَ بِعتَ مَشاعِري،
وأنا الّتي كُنتُ اشتَرَيتُ..
-
-
-
✍️ أم مدين
بقايا جروح

أنتَ الحَبيبُ؛الّذي لا يشغَلُني عنه جُرحٌ ولا إيلامُ،وأنتَ الخَصمُ؛أُُلقي إليه أسلِحَتي دونَما استِسلامُ..!---✍️ سَماح ع...
30/12/2024

أنتَ الحَبيبُ؛
الّذي لا يشغَلُني عنه جُرحٌ ولا إيلامُ،
وأنتَ الخَصمُ؛
أُُلقي إليه أسلِحَتي دونَما استِسلامُ..!
-
-
-
✍️ سَماح عاطِف
زهرة المساء

مرّت أربعةُ أيامٍ على رحيلِ "جابو"، وكنتُ لا أزالُ بـ"مونتريال"،خرجتُ من الفندقِ الذي يبعُد خطواتٍ عن شارِع "سانت كاثرين...
29/12/2024

مرّت أربعةُ أيامٍ على رحيلِ "جابو"،
وكنتُ لا أزالُ بـ"مونتريال"،
خرجتُ من الفندقِ الذي يبعُد خطواتٍ عن شارِع "سانت كاثرين" حوالي الساعةَ الرابعةَ مِن بعدِ الظهرِ لتناولِ الغداءِ الأخيرِ قبلَ عودَتي إلىٰ "دبي" صباحَ اليومِ التالي،
بمُجرّد وصولي إلىٰ "سانت كاثرين"؛
لفَتَ انتباهي مُباشرةً أنّ الشارعَ صُبِغَ باللّونِ الأصفرِ،
عَشراتٌ مِن البشَرِ ينتشِرونَ هُنا وهناكَ،
ويرتدونَ التيشِرت الأصفر..!

دخلتُ إلىٰ مطعمِ "روبنز" وهو مطعمٌ اعتدتُ تناولَ الطعامَ فيه، المكانُ يتكونُ من طابقينِ، وبدا أنّه مُمتليءٌ عن آخِرِه برِجالٌ ونِساءٍ مِن مُختلفِ الأعمارِ، ومُعظمُ المُتواجدينِ يرتدونَ التيشيرتاتِ الصفراءِ..!

الطاولات جميعُها مَشغولةً؛
أشَرتُ للنادِلةِ البرازيليةِ، وسألتُها عن موعدِ توَفُرِ طاولةً،
قالت: ليسَ اليومَ..!!
سألتُها عن السببِ.
أجابَت: اليومَ حفلُ تأبينِ "جابو"..!
واللهِ العظيم حصَلَت لي صَدمةً حضاريةً،
فـ "ماركيز" لمْ يكُن نِجمَ "روك اند رول"، أو مُمَثلًا مَشهورًا،
أو حتىٰ لاعِبَ كُرةِ قدمٍ..!

بَشَرُ عاديونَ، مِن مُختلفِ الطَبقاتِ والجِنسياتِ والأعمارِ والأديانِ، جاءوا جميعًا ليتَشارَكوا وداعَ "ماركيز"،
بدونِ مَوعِدٍ أو ترتيبٍ مُسبَقٍ..!

عَلِمتُ أنّ اللّونَ الأصفَرَ هو لونُ الوردَةِ التي كانَ يُفضِلُها "ماركيز"، والّتي كانت زَوجتُه تحرِصُ حتىٰ يومَ وفاتِه علىٰ وَضعِها بجانبِ سريرِه، فعَلَت ذلكَ لأكثَرِ مِن ستّينَ سنةٍ..!
وبالمُناسبةِ، والدُ زَوجةِ ماركيز (مرسيدس) مِن مواليدِ مدينةِ "بورسعيد" المصريةِ، وكانَ الكاتبُ الراحِلُ يحلو له أنْ يُداعِبَها بأنّها تُشبِه "أبا الهولِ"...

علىٰ التِِلفازِ،
قُسّمَت الشاشةُ إلىٰ أجزاءٍ تبُثُ مَسيراتٍ ووَقفاتٍ تأبينيةٍ مِن مُدنِ وقُرىٰ "كولومبيا" و"بوليفيا" و"المكسيك" و"كوبا"..!
علىٰ التِِلفازِ أيضًا،
وَقَفَ الرئيسُ الكولومبي "خوان سانتوس" في حَفلِ التأبينِ وخَطبَ قائلاً:
"لمْ تُنجِب "كولومبيا" مَن هو أعظَمُ مِن "جابو"،
"ماركيز" سيَبقىٰ حيًا في قلوبِ سُكّانِ "كولومبيا"،
وسيبقىٰ حيًا في كُتُبِه،
وسيبقىٰ للأبَدِ مُعبِّرًا عن آمالِ كُلِّ الشُعوبِ"..

انتَهىٰ التأبينِ، وأغلَقوا التليفِزيوناتِ،
وبدأت موسيقىٰ "السالسا" في العَزفِ،
وتكرّرَ ما حدَثَ في كازينو "دي مونتريال" قبلَ أيامٍ،
ولكِن هذِه المرّةَ معَ أغاني "جالي جوليانو" و"باتشيكو"، وآخَرينَ..!

كُلُّ ما رأيتُه واختَبرتُه في هذِه الزيارة؛
أجابَ علىٰ سؤالٍ قديمٍ "مُشَكِكٍ" كانَ يترَددُ منذُ العامِ 2002، عندَما صَدَرَت الطبعةُ الأولىٰ مِن مُذكِراتِ "ماركيز":
(أنْ تعيشَ لِتَحكي)، وطُبِعَت منها مليون نُسخةٍ..!
كانَ السؤالُ المُشكُكِ يقولُ:
- كيف يُعقَلُ أن يُغامِرَ ناشِرٌ أو مَجموعةِ ناشرينَ بطِباعةِ مليونَ نسخةٍ كَطَبعَةٍ أولىٰ لأيّ كاتِبٍ أو أديبٍ مَهما كانت عَظَمتُه؟
الإجابةُ رأيتُها، صَوتًا وصورةً،
في الفترةِ ما بينَ 17 إلىٰ 21 إبريل عام 2014 في كازينو للقُمارِ ومَطعمٌ للوَجباتِ السريعةِ بمدينةِ "مونتريال"..

وبالرَغمِ مِن موقفِ الكنيسةِ التاريخي المُعادي لـ "ماركيز"،
إلّا أنًهُم وَضعوا مَقصورَةً داخِلَ الكنيسةُ ثُبِتَت عليها صورَةٌ كبيرةٌ لـ"ماركيز" وأشعَلَت أسفَلَها مئاتٌ الشُموعِ في وداعِ الراحِلِ الكَبيرِ..
-
-
-
✍️ مُحَمّد لييب
Mohammad Labib

في كتاب" السماح بالرحيل"..يقدم لك الكاتب "د. يفيد ر. هاوكينز " طريقه مبتكرة للتعامل مع مشاعرك والتخلص منها شكل صحي وفعال...
29/12/2024

في كتاب" السماح بالرحيل"..
يقدم لك الكاتب "د. يفيد ر. هاوكينز " طريقه مبتكرة للتعامل مع مشاعرك والتخلص منها شكل صحي وفعال، مما يتيح لك فرصه العيش بسلام داخلي وحياة مليئة بالراحة النفسية..

★ ملخص كتاب "السماح بالرحيل"..
الطريق نحو التسليم
السماح بالرحيل هو كتاب للدكتور ديفيد هوكنز يتحدث عن كيفية التخلي عن الأفكار السلبية والمشاعر والتصورات الخاطئة التي تعيق تحقيق السعادة والنجاح في الحياة..
يركز الكتاب على تقنيات التخلي التي يمكن استخدامها لتحسين الحالة النفسية والمعنوية للفرد..

★ الملخص:
التخلي هو كتاب يهدف إلى تحسين الحالة النفسية والمعنوية للفرد من خلال التخلي عن الأفكار والمشاعر السلبية..

- يستند الكتاب على العديد من الدراسات والأبحاث العلمية في مجال علم النفس وعلوم الدماغ.

- يعرض الكتاب تقنيات وأدوات مختلفة للتخلي عن الأفكار والمشاعر السلبية، بما في ذلك التأمل والتركيز والتفكير الإيجابي..

- يتحدث الكتاب عن أهمية التخلي عن النمط الذهني السلبي الذي يعتبر سبباً رئيسياً للتوتر والقلق والضغوط النفسية..

- يوضح الكتاب كيف يمكن للفرد التخلي عن العقد النفسية والتحرر من الذكريات السلبية والأفكار الخاطئة التي تعيق تحقيق السعادة والنجاح في الحياة..

- يعرض الكتاب أيضًا تقنيات الاسترخاء والتأمل الذي يعد أحد أفضل الطرق لتحسين الحالة النفسية والمعنوية..

- بشكل عام؛
يعتبر “التخلي” كتابًا ممتازًا لأي شخص يرغب في تحسين الحالة النفسية والمعنوية لنفسه، ويوفر الكتاب تقنيات وأدوات مفيدة للتخلي عن الأفكار السلبية والمشاعر والتحرر من العقد النفسية والتصورات الخاطئة. كما يعرض الكتاب أساليب عملية لتحسين الحالة النفسية والمعنوية، ويوفر الكتاب قصصًا ونماذج ناجحة لأشخاص استخدموا تقنيات التخلي لتحسين حياتهم. بشكل عام، يستحق “التخلي” القراءة والتطبيق..

★ الفصل الأول: "مفهوم التخلي"
في هذا الفصل، يشرح ديفيد هوكينز مفهوم التخلي وأهميته في تحسين الحالة النفسية والمعنوية. ويوضح أن التخلي يشمل التحرر من الأفكار السلبية والمشاعر المؤلمة والذكريات المؤلمة والعقد النفسية. كما يعرض هوكينز في هذا الفصل فكرة أن الأفكار والمشاعر لها تأثير كبير على الحالة النفسية والصحية العامة للإنسان.

★ الفصل الثاني: "عملية التخلي"
في هذا الفصل، يشرح هوكينز عملية التخلي وأهميتها في تحسين الحالة النفسية والمعنوية. ويعرض هوكينز عددًا من الخطوات العملية لعملية التخلي، مثل تحديد الأفكار السلبية والمشاعر والذكريات، والاعتراف بها وتقبلها، والتركيز على الحاضر وتوجيه الانتباه إلى الجوانب الإيجابية للحياة.

★ الفصل الثالث: "التخلي عن الخوف"
في هذا الفصل، يعرض هوكينز أهمية التخلي عن الخوف وأثرها الإيجابي على الحالة النفسية والصحية العامة للإنسان. ويشرح هوكينز كيفية التخلي عن الخوف والمشاعر المرتبطة به، ويعرض عددًا من الطرق الفعالة لتحقيق ذلك، مثل التركيز على الحاضر والتعرف على الأسباب الحقيقية وراء الخوف..

★ الفصل الرابع: "التخلي عن الغضب"
في هذا الفصل، يعرض هوكينز أهمية التخلي عن الغضب وأثرها الإيجابي على الحالة النفسية والصحية العامة للإنسان. ويشرح هوكينز كيفية التخلي عن الغضب والمشاعر المرتبطة به، ويعرض عددًا من الطرق الفعالة لتحقيق ذلك، مثل التركيز على الأمور الإيجابية وتغيير نمط التفكير السلبي..

★ الفصل الخامس: "التخلي عن الخطأ"
في هذا الفصل، يشرح هوكينز أهمية التخلي عن الخطأ وكيف يمكن أن يساعد ذلك على تحسين الحالة النفسية والصحية العامة للإنسان. ويوضح هوكينز كيف يمكن للفرد أن يتعلم من أخطائه وأن يستخدمها كفرصة للنمو والتطور، ويعرض عددًا من الطرق الفعالة للتخلي عن الخطأ، مثل الاعتراف بالخطأ وتقبله والتحرر من المشاعر المرتبطة به.

★ الفصل السادس: "التخلي عن الحاجة إلى التحكم"
في هذا الفصل، يشرح هوكينز أهمية التخلي عن الحاجة إلى التحكم وكيف يمكن أن يساعد ذلك على تحسين الحالة النفسية والصحية العامة للإنسان. ويعرض هوكينز عددًا من الطرق الفعالة للتخلي عن الحاجة إلى التحكم، مثل الاعتراف بأن التحكم ليس دائمًا ضروريًا والتركيز على الأمور التي يمكن التحكم فيها وتقبل عدم القدرة على التحكم في بعض الأمور..

★ الفصل السابع: "التخلي عن الاحتكار"
في هذا الفصل، يشرح هوكينز أهمية التخلي عن الاحتكار وكيف يمكن أن يؤثر على حياتنا العاطفية والعقلية والجسدية. ويتحدث عن كيفية التخلص من الاحتكار وفتح الباب لتجارب وعلاقات جديدة وإيجابية في الحياة..

★ تتضمن الفصول الأخيرة من كتاب “التخلص” موضوعات متنوعة تتناول العديد من المجالات المختلفة للتخلص من العوائق النفسية وتطوير الوعي الذاتي والروحي، ومن هذه الموضوعات:
* الفصل 14: “أسس التفاهم”
يتحدث هذا الفصل عن أهمية التفاهم في التعامل مع الآخرين، ويقدم طريقة لتحقيق التفاهم الفعال عبر الاستماع الفعال والتعبير بوضوح، وإدراك الاختلافات الفردية وتقبلها.

★ الفصل 15: “أنماط الشخصية والأنماط السلوكية”
يعرض هذا الفصل الأسس النفسية والسلوكية التي تشكل شخصية الفرد، وكيف يمكن تحويل العوائق النفسية السلبية إلى طاقة إيجابية.

★ الفصل 16: “التفريغ الجماعي والتحول الجماعي”
يشير هذا الفصل إلى أهمية التفريغ الجماعي للعوائق النفسية والتحول الجماعي نحو الوعي العالي، ويتحدث عن تأثير الطاقة الإيجابية للأفراد في المجتمع.

★ الفصل 17: “الحرية والانتماء”
يتحدث هذا الفصل عن أهمية التوازن بين الحرية الشخصية والانتماء الاجتماعي، ويعرض الطريقة الأمثل لتحقيق هذا التوازن من خلال التخلص من العوائق النفسية وتحقيق الوعي العالي.

★ الفصل 18: “التعبير الفني والإبداعي”
يعرض هذا الفصل أهمية التعبير الفني والإبداعي في التخلص من العوائق النفسية وتطوير الوعي الذاتي والروحي

★ أهم 6 اقتباسات من كتاب "السماح بالرحيل"

1- "الخطوة الأولى أن تسمح لنفسك أن تشعر بالشعور بدون مقاومته، أو الهروب منه، أو الخوف منه، أو إدانته، أو تهذيبه..!"

2 - "إن كل أزمة تحمل في طياتها بذرة تحول ، ونهضة، وتوسع، ونقلة في الوعي. بالإضافة إلى السماح برحيل القديم وولادة الجديد .."

3 - "كلما ازداد تدني حالتنا النفسية ازداد تأثير السلبية ليس فقط في حياتنا وإنما في حياة كل مايحيطنا أيضا، وكلما ارتفع المستوى النفسي من خلال التحول ،تصبح حياتنا أكثر إيجابية على جميع الأصعدة لتدعم حتى حياة من حولنا."

4 - "إذن فالنقطة الحاسمة هي أننا بتغيير أنفسنا نغير العالم، فكلما أصبحنا محبين من الداخل، يحدث الشفاء في الخارج، فكما البحر حينما يرتفع ترتفع معه السفن، كذلك الحب اللامشروط حين يشع داخل قلب الإنسان تشع معه كل الحياة .⁠"

5 - "الصبر هو أثر جانبي تلقائي للسماح بالرحيل، ونحن نعلم كيف يمكن بسهولة التعايش مع الصابرين، ولاحظ كيف أن الصابرين بالعادة يحصلون على ما يريدون بالنهاية.⁠"

6 - "فالسماح بالرحيل باختصار هو عملية تحدث بوعي وتتكرر بناءً على رغبتك وبهذا تكون مسؤولاً عن مشاعرك..!
-
-
-
✍️ د. علي عبدالراضيDr. Ali Abd El-Rady

★ رسائلُ وطيفُ ذِكرىٰ......... أمّا بعدُ،فكيف حالكَ، مع كلّ هذا الضجيج؟ يلفني كل يوم، كتلك النحلة في أيدي الصغار،كلما هر...
27/12/2024

★ رسائلُ وطيفُ ذِكرىٰ..
....... أمّا بعدُ،
فكيف حالكَ، مع كلّ هذا الضجيج؟
يلفني كل يوم، كتلك النحلة في أيدي الصغار،
كلما هربت إلى زاوية تلقفتها أخرى قبل أن تلتقط أنفاسها..!

أتعلمَ؛
اشتقتُ لكَ،
لنفسي،
لتلك اللّحظةِ الفارغةِ من عبثِ هذا العالَمَ،
للأمسياتِ الخاليةِ من صخبِ الأقنعةِ،
لنجماتٍ ثلاثٍ نلتقي كلّ ليلةٍ،
نتحدّثُ كثيرًا،
ونرسمُ للأحلامِ رأسًا وعَينًا وقدَمينِ،
ثمّ، نغرقُ في صخبِ ابتِسامةٍ بيضاءٍ..!

اليومَ؛
تتسارعُ أنفاسُ الوقتِ،
نبتُر الحكايا،
ونلعقُ أوجاعَنا بلحظةِ أمَلٍ كاذبةٍ،
تلسعنا الثواني؛
فلا نمارسُ شيئًا سوىٰ الركضِ،
نركضُ؛
وراءَ أفكارِنا الغارقةِ في سديمِ مدينةٍ فاضلةٍ،
وراءَ أحلامِنا التي أضحَت كطائرةٍ ورقيةٍ،
استَلّت خيطَها ذاتَ يأسٍ؛
وراءَ الحبِّ الهاربِ دائمًا،
وراءَ ذواتِنا الطامعةِ في المزيدِ،
وراءَ اللّاشيء..!

الآنَ..
أنهكنا الصمتُ والكلامُ والوحدةُ،
و....الركضُ،
أدركُ أنّني أثَرثِرُ كثيرًا مِثلما أفتقدُكََ كثيرًا،
فلا تنسّ أن تُلقي عليّ السلامَ من نافذةِ الرؤيا،
لعلّي أحظىٰ بهُدنةٍ..!
-
-
-
✍️ إيمان على عبد الهادي

نقتربُ من عتبةِ الشتاءِ...الحياة تهبط إلى داخل الأرض، بلا ألم تغوص عميقًا في نفسها،ونحن كحيوانات بشرية طبيعية مطلوب منا ...
27/12/2024

نقتربُ من عتبةِ الشتاءِ...

الحياة تهبط إلى داخل الأرض،
بلا ألم تغوص عميقًا في نفسها،
ونحن كحيوانات بشرية طبيعية مطلوب منا القيام بالمثل، فالانسحاب إلى داخل أجسادنا، للنوم،
لظلمة وعمق كهوفنا الداخلية رغبة تلح باستمرار في نخاعنا.!

لكن،
الكثيرين يجدون أن الانسحاب داخل أجسادهم أمر مرعب بالفعل، يخشون المشاعر غير المتحققة وأحداث الماضي التي خزنوها في كهوفهم المظلمة، لا يرغبون في مواجهة ما حرصوا على تجنبه بشدة..

الاحتفاء بالانقلاب الشتوي لا وجود له كما كان سابقًا،
عندما كان مفهومًا أن الانسحاب لدواخلنا أمر ضروري من أجل العثور على نورنا الخاص،
أن الحرية الحقيقة تأتي من قبولنا - بتسامح وحب - ما مررنا به ومحو أثره علينا مستعيدين كنزنا الذهبي من كهف أعماقنا المظلمة ثانية..

إنه وقت الراحة والتأمل العميق،
وقت مسح اللوح لاستعادته خاليًا نظيفًا كما كان،
واستجلاء الهموم القديمة حتى تتقدم نحو الربيع مستعدًا للنماء والقفز من دون جبل التراب الذي أثقل ظهرك،
والقيود التي ربطت كاحليك داخل كهوف روحك..

إنه وقت الشفاء والدفء،
وقت التغذية والحب..

فترة لإعادة التواصل،
استعادة التعلم واسترجاع ما يعنيه هذا الوقت،
العودة بالشتاء بوصفه وقتًا للرحمة والحب والبعث والسلام والتحرر، بدلًا من كونه وقتًا للرهبة والخوف والاكتئاب والتجنب..

الحضارة الحديثة؛
تعلمنا التجنب في أعنف صوره في هذا الوقت،
الكحول، التسوق، الإفراط في العمل، الإسراف،
الوجبات السيئة، والنزعة الاستهلاكية..

النزعة الطبيعية للانسحاب إلى دواخلنا؛
شأن الكائنات كلها تقريبًا، قوية،
لكن البشر يشعرون كما لو أن هناك خطأ ما،
الشتاء قاس ويتسبب في شعورهم بالنبذ والخوف،
في حين أنه، في الواقع، رحيم للغاية،
أجل إنه يوجهنا بطريقته الهادئة الناعمة نحو نفوسنا،
نحو الظلام والموت المحتملين،
لكنها رحلة ضرورية إذا ما أحيطت بالحذر والعناية..

الشتاء؛
مثل معلم صارم يطالبك بإيقاظ قائدك أو معالجك الداخلي؛ أن تغفر لنفسك،
أن تسمح لها بالحزن والبكاء والغضب والضحك،
ومواجهة ما نحتاج مواجهته كي نتحرر من الأغلفة الغليظة التي لففناها حول قلوبنا، لنصل إلى حيث موضع الشفاء والنور..

الشتاء؛
يزيح التشتت والصخب بعيدًا،
يعرفنا على الوقت المثالي للراحة،
والانسحاب إلى داخل رحم مثل الحب،
يجلب الدفء والنور إلى بيوتنا..!
-
-
-
✍️ Brigit Anna McNeill
★ ترجمة: ضي رحمي

★ وردتي البيضاء الخارقة..     "الجزء الثاني"- 9 نوفمبر 2022أرفع رأسي من النوم فجراً محاولاً أن أصل لصحن القيء الورقي دون...
08/12/2024

★ وردتي البيضاء الخارقة..
"الجزء الثاني"

- 9 نوفمبر 2022
أرفع رأسي من النوم فجراً محاولاً أن أصل لصحن القيء الورقي دون أن أحدث صوتاً يوقظ "إسراء"،
من حقها أن تنام قليلا..
كان الأطباء قد أعطوني جرعة "جاسترو جرافين" وهو مادة مُسهلة قوية تحرك الأمعاء،
وكذلك تستخدم كصبغة ليظهر مدى الانسداد..

لكن "إسراء" تصحو فورا،
تناولني بصمت وسرعة صحن القيء، فأتقيأ ثم تمتد يدها بمنديل في اللحظة المناسبة بالضبط لتمسح لي فمي، ثم برشفات مياة، ثم تهمس:
- عايز حاجة تاني يا حبيبي؟
أطلب منها الانتظار لينتظم تنفسي بينما أنا واقف. ترفع "إسراء" ساقاي الثقيلتين واحدا تلو الآخر لإعادتي للسرير. أطلب تعديل وضع وسادتي،
بعد عدة محاولات لضبط ارتفاع المرتبة، تغطيني..
أخيرًا ستعود لنومها بعد فاصل استغرق نحو ساعة، وسيتكرر بعد ساعة ساعتين على الأكثر..!

ذات يوم؛
أخبرني ابني أنّ من قدرات الرجُل العنكبوت "سبايدر مان" الخارقة هي شعوره بالخطر الآتي من خلفه دون أن يراه، قلت له:
- هل تعرف أنّ أمّكَ لديها نفس القدرة؟
فبدأ في الهتاف لها:
- ماما سوبر هيرو .. ماما سوبر هيرو..
لم يكن تعبيري مجازيا؛
منذ عام، بعد عملية استئصال الورم؛
فقدت تماما قدرتي على النوم المتصل ٨ ساعات،
كما كنت طيلة حياتي،
كل يوم أصحو خلال الليل عدة مرات لأسباب متنوعة:
آلام، ضيق تنفس، آلام صدر، كوابيس، جفاف الحلق وأحيانا الجفون حتى اني أحتاج فتح التصاقهما بأصابعي، في المُقابل؛ لا أعرف بالضبط متى اكتسَبت "إسراء" تلك الحاسة السادسة:
بمجرد أن أصحو تشعر بي، دون أن أصدر أي صوت، تتحدث بينما عيناها مغمضتان:
- إنتَ كويس؟
محتاج حاجة؟
كل يوم، كل ليلة؛ غالبا أكتفي بطمأنتها فتواصل النوم، وأحيانا أطلب مساعدة ما، في اليوم التالي أسألها:
- لو تذكرُ ما حدثَ..
أحيانا تذكُره، وأحيانا لا تعرف أي شيء.
منذ المرض، فاجئتني "إسراء" بما يكفي من القدرات الخارقة حتى صارَ الطيرانُ احتمالا غير بعيدٍ..!

قالت ورقة علمية من جامعة "سالزبورج الأسترالية" إنّ أدمغتَنا لا تنام بشكل كُلّي؛ بل تحتفظ بقدرٍ من الوعي يوازن بين الحاجة للنوم والحماية..
يقوم المخ بتنبيه الجسد؛
إذا استمع لصوت غير مألوف، عبر إطلاق موجات اسمها "كيه"، بينما يواصل النوم إذا كانت الأصوات المحيطة مألوفة..!

لعل هذا من أقسىٰ ما يفعله ذلك المسخ السرطاني: تغييره لكل ما نعرفه عن أنفسنا والآخرين.
تلك القدرة بعقل "إسراء" قد تطورت بشكل عكسي، فأصبح صوتي المألوف هو علامة الخطر المحتمل؛
لا العكس..!

وبالمثلِ من أشد لحظات المرض ألما نفسيا؛
هي حين وجدتُني أبتعد عن "إسراء" لا إراديًا؛
لأنّ الغثيانَ الحاد جعلني لا أطيق أي رائحة،
بما فيها رائحتها..!
منذ زواجنا وأنا أقول أني أعشق تلك الرائحة،
دائماً أطلب منها ألا تضع عطوراً،
أو أي شيء يغير رائحتها،
أحِبُّ ملءَ رئتاي بعبيرِ رائحة شعرِها وجسدِها..!

مرّةً أخرى يتدخل العلم بلهجته الجافة؛ مُحاولًا ترجمة العواطف إلى كيمياء: ربّما سرّ الحب هو "الفيرمونات"،
وهي مواد كيميائية هرمونية يفرزها الجسد؛ مثل: العرق بمناطق الإبطين والأعضاء التناسلية،
من المؤكد أثرها في انجذاب بعض الحيوانات لبعضها؛ بينما مازال دورها في البشر محلَ جدلٍ..
بوجه عام؛
أؤمِنُ أنّ العواطفَ البشرية أعقدُ بكثيرٍ من تلك التفسيرات الخطية، رغم حقيقة اعترافي بدورها الهام في ذات الوقت، كواحد من العناصر المركبة للعملية..
أؤمِنُ بالجانب العلمي للحبِّ،
كما أؤمِنُ بجوانبه العملية، كما لا يمكنني إلا الاعتراف إلا بمكوّنٍ آخرٍ غيبي ما تتلاقى فيه الأرواح، أو "هالات الطاقة"، أو غيرها من مُسميات سرّ الحياة العميق، الغامض داخِلنا..

إنّ ادّعاءَ أنّ الحبَّ هو مجرد تفاعلات كيميائية فقط؛
يشبه ادّعاءَ أنّ الرسمَ ينبع من المكونات الكيميائية للألوان، أو أنّ الموسيقىٰ هي محصلةُ الأخشابِ والبلاستيكِ التي تكوّنُ الآلات الموسيقية..!

- 13 نوفمبر 2022
من جديدٍ، أنتفضُ وسط الليل صارخاً من الألم،
فتقفز "إسراء" من سريرها لتناولني رشفات مياة أرطبُ بها حَلقي الجاف المتلصِق،
وبنفسِ اللحظة تضغطُ على التنبيه الخاصِ باستِدعاء التمريض عاجِلا..
أتلوىٰ وأتأوّه فقط،
بينما تطلب "إسراء" بسرعة إسعافي بحقنة المُسَكِن الإضافية..!
منذ نحو 25 ساعة؛
أنا بين الألمِ والغيبوبةِ والهلاوسِ،
أغمضُ عينيّ لحظةً؛ فأرى نارًا ودخانًا،
فأستيقظ مفزوعًا، أرى "إسراء" تبكي.
أغمضُ عينيّ باللّحظةِ التالية؛ فأرى أنيابًا،
فأفزعُ من جديدٍ، حتى يغلُبَ النومُ كلَّ شيءٍ..

كانت الأمور قد بدأت تتحسن،
توَقّفَ عدم تحكُمي بالبولِ والبرازِ، فجأةً كما بدأ،
كان الأطباءُ قد شكوا في أنّ السببَ ضغطٌ من العِظامِ علىٰ عصبٍ ما، فقاموا بعمل أشعة رنين مغناطيسي أظهرَت عدمَ تضرّرِ الأعصاب..
قالوا:
ربّما السببُ عرَضٌ جانبي لدواءٍ معينٍ مُضادٍ للغثيانِ، فخفّضتُ جرعةَ الدواء، وجنبًا إلىٰ جنبٍ، لجأتُ لسلاحِ "طبٍ مُكمِل" نادرًا ما خذَلني، وهي تمارين العلاج الطبيعي، استعنتُ بمقاطع فيديو على "يوتيوب" لأطباءٍ ومُعالِجينَ مُختصينَ، وبدأبٍ أصبحتُ أكرِرُ بمساعدةِ "إسراء" تلك التمارينِ مرتين يوميًا..
نجحتُ..!
استعَدتُ التحكُمَ بأعضائي الحسّاسَةِ، وما أدقُ ذلك التوصيفِ المُستخدم لها في اللّغةِ العربيةِ، وكذلكَ بدأتُ استعيدُ قُدرتي علىٰ الأكلِ،
حيثُ سمحوا بالانتقالِ مِن مستوىٰ "سوائلٍ شفافةٍ" إلىٰ "سوائلٍ حرّةٍ"، إلىٰ "طعامٍ مهروسٍ فئة 4"..!

فجأةً؛
حدثَ الإنهيارُ بعد فحصِ الأعصابِ مباشرةً،
يومَها مساءً اندلعَ ألَمٌ شديدٌ في كتفي، ظننتُه في البدايةِ من أعراضِ بقائي لأكثرَ من ساعةٍ في وضعٍ غير مريحٍ، بينما أنا دائمًا حسّاسٌ لتلك الأمورِ بسببِ مشاكلِ التواءِ عمودي الفِقري، لكنّ الأمرَ تفاقمَ..!
باليومِ الثاني والثالثِ؛
انفجرَ ألمٌ رهيبٌ، لا يوصَفُ، مجرد بقاءَ كتفي مكانَه؛ أصبحَ مؤلمًا..
سمعتني "إسراء" أهَلوّسُ:
- أنا باكرَه جسمي..
فهمَسَت بين دموعِها:
- لكِن أنا بَحِبُه..
سمعتني أصرَخُ:
- أنا عايز أقطَع دِراعي..
فهمَسَت:
- بِعد الشَرّ..

العلاج الفوري كان قفزة كبيرة..
بمعدل المسكن مشتق "المورفين" الذي أتعاطاه،
نجح ذلك فعلا في تخفيف الألم، لكنه على الجانب الآخر أفسد تماماً كل تحسن أحرزتُه بانسداد الأمعاء، عاد الشلل كما كان بالظبط،
قيء مستمر،
لا شيء ينزل للأسفل،
ولّد هذا بدوره المزيد من المغص والتقلصات..
ما كل هذا الجنون؟

بالأمس أتلمس رقبتي؛
فوجدت كتلة صلبة بيضاوية في حجم اللوزة يسار خط المنتصف مباشرة؛ بمجرد أن ضغطت قليلاً زأرت آلام كتفي، وتحديداً توزيع العصب المميز الذي يعطي الشعور للإصبعين الخنصر والبنصر..
لقد وجدت اللعين! .. أم هو من وجدني؟!

شك الأطباء في كونه تضخماً للغدة للدرقية،
ثم أثبتت الأشعة إنها عقدة لمفاوية متضخمة..
اليوم؛
أصبحت "اللوزة" في حجم ثمرة مشمش صغيرة.. تضخم مرعب في يوم واحد!
اتفق الأطباء أنه لا بديل عن إزالتها موضعيا،
وسيتم ذلك بالعلاج الإشعاعي الدقيق..
أجريت اليوم فحصاً لتحديد هل يمكن استبدال البرنامج الاعتيادي الذي قد يستغرق جلسات إشعاع يومياً ببرنامج آخر يضرب مرة واحدة مكثفة..
ثم استجدت ظاهرة أخرى:
انحباس الغازات!
مع كل رشفة من أي سائل؛
أشعر بفقاعة غازية محشورة؛ مع الوقت فهمت أنها بالضبط آلية مشاكل الأطفال في سن الرضاعة مع التجشؤ أو "التكريع" كما نسميه بمصر..
اكتشفت الحل، وهو بالضبط نفس الحل مع الأطفال:
ضربات خفيفة متكررة منتظمة بعد كل بضع رشفات..

أشعر بإحباط شديد بسبب كل هذا الارتداد.
كل يوم؛
أخسر عضوا أو وظيفة من عضو.
كأني أتساقط بالتدريج..
هل أموت بالتقسيط؟
أصارح إسراء بأفكاري الرثائية؛
فتطلب مني التوقف عن هذا التفكير،
وأنظر لجوانب إيجابية..
أتأملها نائمة على سرير مستواه منخفض للغاية تحتي، فأقول لها:
- يا إسراء كإنك بتعملي الي بيقولوه في الأفلام:
"فضلت قاعدة عند رجل جوزاها تخدمه"
فتقول إنها تفخر بهذا التشبي؛ مادام هي من اختارت أن تفعل ذلك لحبيبها؛ بل تؤكد أنه “ده العادي” لأني كنت سأفعل المثل لو تبادلنا الظروف،
“مش كدة ولا إيه؟”
فأقول لها أني أقسم أني لو كنت مكانها؛
ما فعلت إلا ذلك،
ويشرقني أن أكون عند قدميها لأخدمها..
لكني أحمد الله أنني أنا المصاب لا هي..
نتشارك البكاء..

بالتوازي؛
تستمر إسراء الخارقة في فعل مالم أتوقعه:
تواصل عملها في مجالها بـ"بحوث السوق" بواحدة من الشركات الكبرى عالميا، بل أبلغوها رسميا قبل أيام بحصولها على علاوة نهاية العام،
أي حققت مستهدفاتها؛ فلا مجاملات في الأرقام..
كانوا قد منحوها بسبب ظروفي استثناء العمل الدائم من المنزل؛ لكنه حقا "عمل".
تسهر معي بهذا الجحيم الليلي؛
ثم أفتح عيني في الثامنة فأجدها تفتح شاشتها المليئة بالجداول والأرقام..
كلانا يفضل الاعتماد على الذات؛
طالما كان ذلك مُمكنا؛ لآخر لحظة متاحة..
بالتوازي؛
كل خطط و"روتين" يحيي؛
تمضي حسب المعتاد إلى حد كبير، تذهب به مواعيد تمارين السباحة والفنون واجتماعات المدرسة.
حتى أنا في لحظات وعي بالمستشفى؛ قمت كالمعتاد بمهمة اختيار وجباته للأسابيع القادمة..
ولا ينفي ذلك طبعًا؛
حصولنا على مساعدات كبيرة من أصدقاء رائعين تم دمجهم بالخطة بتنسيق بطرق كثيرة؛ تشمل مجالسة يحيي وتوصيلات لمدرسته، أو للمستشفيات، وشراء متطلبات، وغيرها..
لا أعدد هنا أسماء الأصدقاء
ورفاق الرحلة من المصريين والعرب؛
زملائي وأحبائي، كي لا أنسى أحدا؛
فأغفل سهوا فضل كثيرين،
بل إني لا أنسى أطباء وأفراد تمريض؛
كانوا حقا لا مجازا ملائكة رحمة.
مَن أصبحت أعده صديقي العزيز د. "ديفيد فوير" مختص إدارة الألم، ولطالما أنقذني بحلوله المبتكرة لتخفيف آلامي،
والطبيب ذو الأصول الإفريقية د."إلكيم" الذي يسمعني بكل صبر، ويستطيع نقل أشد المعلومات ضراة بحفاوة..
الممرضة الآسيوية "شير" التي صادقت أمي بكل لطف، وكذلك بالطبع طبيب الأورام بروفيسور "أركناو" الذي يحاول معي لآخر لحظة لمساعدتي للوصول لتجارب جديدة، وكذلك بروفيسور "جورج حنا" الذي منحني من وقته وعلمه بصراحة ولطف.. الجميع منقوشون في قلبي؛
وأقول لهم:
جمائلكم؛ لا أنساها ما حييت..

****

لكن بالعودة إلى مسار حياتنا الماضية؛
أجد أيضا أنها لم تسر دائما بذات سلاسة تحدي الإدارة المالية، وعلى رأسها تحديات الإنجاب، وما يتطلبه من ترتيبات الحياتين المهنية والشخصية..
كنا قد اتفقنا أثناء الخطوبة على تأجيل الإنجاب،
قلنا بصراحة إنها فرصتنا الوحيدة لنكون منفردين بعلاقة لشخصين لا لثلاثة..
واتفقنا بصراحة أنها أيضاً فرصة لنا لننفصل إذا ظهر أننا غير مناسبين لبعض..
لكن بعد ستة أشهر فقط،
همست لها باسمًا:
- "إسراء"، أنا عايز أخلِّف منّك..

كانت "إسراء" تعي تماما متطلبات القرار وتأثيراته، وحاولت أن تشرح لي أن كل شيء في حياتنا سيختلف بعدها، لكني كنت مندفعا بعاطفية،
وقد أحببت مظهري، وأنا والدٌ في أسرةٍ صغيرة..
كانت "إسراء" وقتها تدرس للحصول على شهادة التدريس الدولية "مونتسوري" لحبّها في الأطفال، وبالفعل سرعان ما وجدت عملاً في حضانة أيرلندية بحي "المعادي"..

بالتوازي؛
كنت أنغمس في أعمالي العديدة المتوازية،
حتىٰ أنّ أغلب فترة الحمل أمضيناها في منزل أسرة "إسراء" كي تساعدها أمّها..

كنت قد وعدتها أننا سنقسم عبء الطفل علينا بالتساوي بالضبط، وعدٌ أحمق، كيف سنفعل بينما اتفقنا على اختيار الرضاعة الطبيعية للطفل ما دامَ بإمكانها ذلك صحيا..!
وكذلك اخترنا أنها لن تتركه أبداً مع مربية إلا حين يمكنُه التعبيرُ عن نفسِه..
لم أكن أفهمُ ما تتطلبه تلك الخيارات من وقت ومجهود، وقصّرت في تقديم المطلوب مني،
والنتيجة؛
أنّ "إسراء" كانت لعامينَ لا تنامُ تقريبًا،
تصحو لتُرضِعَ "يحيي"، بينما أنا أغطّ في نومٍ عميقٍ.. قالت لي إنّها أحيانّا احتاجَتني،
ونادَتني فلم أرُد من فرطِ عُمقِ نومي متأثرًا بيومِ عملي الطويلِ، فبكَت قهرًا..
لكن زادَت الأزمةُ تفاقمًا بعدما سافرنا إلىٰ "لندن" قبل نهاية العام الثاني من زواجِنا..
في قفزةٍ كانت خارجَ المُخطَطِ..

فجأةً؛
لم يعد حولنا أيّ دوائر دعمٍ أسَري،
نبدأ من جديد ببطء صنع دوائر أصدقاء؛
صار بعضهم اليوم من أحبِّ البشَر، وأكثرُهم تقديمًا للمساعدة، بينما ابتعدَ آخرونَ، فضلاً عن ارتفاع أسعارِ كل الخدماتِ المُعاونةِ لتنظيفِ المنزلِ وخلافُه..

صارَ خلافنا الدائم يدور حول نقطةٍ مُحددةٍ:
"إسراء" ترىٰ أنها تعمل طيلة اليوم مع "يحيي"،
وبالتالي، فمجرد عودتي للمنزل صارَ هو مسؤوليتي أنا الأولىٰ، وهذا لا يجعلنا متساويينَ، فأنا هكذا أرعاه فقط ساعتينِ أو ثلاثةٍ يوميًا بالإضافةِ إلىٰ الإجازاتِ..

لكن زاوية رؤيتي مختلفةً تمامًا:
أنا في الخارج أعملُ أيضا، ولا ألعبَ..!
أنا لا أتفِه أبدا من مدى مشقة العمل المنزلي؛ لكني لا أقبل أيضًا التتفيه من مشقّةِ العمل غيرَ المنزلي..!

لذلك، فالحساب العادلُ هو أنّ وقت عملي بالخارج يكافيء تمامًا عملها بالداخلِ، وما بقى هو ما نقتسِمُه: 50٪ - 50٪.
وأنا أصلا أريد هذه الـ 50٪ ليس لملذاتي وأهوائي،
بل لأعمل أيضًا، أعمالًا تحتاجها هذه الأسرة التي تعيش في أحَدِ أغلىٰ مدنِ العالَمِ المُصمّمةِ ليُعيلَ الأسرةِ بها دخلينَ، لا دَخلٌ واحِدٌ..
لكنها ترد علي محقّة بأني أقولُ ذلك فقط،
لكني أفعلُ كذا وكذا تطوعًا بلا مقابلٍ، وكذا بمقابلٍ زهيدٍ، فأردُ عليها أنه حتى هذه العمل التطوعي اليوم قد يتحول مصدرًا ماديًا مُستقبَلا، فضلًا عن أنّ هذا الجانبَ التطوعي وحتىٰ “المزاجي” من حياتي وكتابتي موجودٌ منذُ عرِفتيني، منذُ متىٰ وأنا لا أفعلُ؟
فتردُ:
- يُفترضُ منذُ أنجبَت..!

منذُ تزوجنا إلىٰ اليومِ؛
لم نذكر أبدًا كلمة "انفصال" إلا في مراتٍ علىٰ أصابعِ يدٍ واحدةٍ مرتبطة تحديدًا بهذا الملف فقط، أو في مرةٍ أخرىٰ خارقِةً الاستثنائيةَ حين ابتدَع ضابطٌ ما بجهةٍ أمنيةٍ أن يمنعَ سفرَ "إسراء" و"يحيي"، ويسحبَ جوازات سفرهما كوسيلةٍ لابتِزازي دون أي طلبٍ مُحددٍ، لم أفهَم لليومِ دوافعَ سيادتِه، لكن "إسراء" تعاملت مع القصّة بصلابةٍ مُدهِشةٍ، ومنها قرارٌ بتقدُمي لتوكيلِ طلاقٍ للسفارةِ المصريةِ في "لندن"..!
وكما حدثت الأزمة فجأةً انحَلّت فجأةً، بعد استجواباتٍ ونحوها، عادت الجوازاتُ دونَ أن نفهم:
هل تمّ حلّ المشكلة ذاتيًا،
أو عبرَ وساطاتٍ خير أشكُرُ أصحابَها..!

لكن ما يعنيني حقا؛
هو تلك المرة التي أنا مسؤول عنها، وقلت لإسراء لاحقًا، ومنذ ما قبل السرطان، إنها أسوأ ما أخطأت به في حياتي معها، وهي قراري الأناني بالسفر إلى زمالة دراسية في البوسنة عام 2018..
فجأة وجدتني "إسراء" أخبرها أني سأتغيب شهراً لأدرس زمالة إعلامية ما..
وضعتها أمام الأمر الواقع؛ كأنه من الاعتيادي أن تعيش وحدها تماما مع ابنها ببلد غريب..

وكالعادة؛ لا تأتي المصائب فرادى،
شهد ذلك الشهر تحديدا سيولا جارفة أدّت لانهيار سقف منزلنا المتهالك حرفيا..
(أمضينا خمس سنوات في منازل كانت تابعة سابقا للبلدية، كلها قديمة البنية وضيقة، قبل أن “يوسعها ربنا علينا” كما أصبحتُ أقولُ بعدها، حين أمكننا الانتقال لمنزلنا الأخير المستقل ذو الحديقة بذلك الحي الأبعد والأرخص والأجمل)..
شاهدت منظر سقف غرفة النوم الصادم؛ حيث انهار جزء من خشبها، وتحته ألياف العزل المبطنة، وجبل من الطين؛ دمر السرير الفارغ وقتها لحسن الحظ..
ترعبني إلى اليوم فكرة أنه كان يمكن أن يسقط فوق "إسراء" و"يحيي"، كما يرعبني تخيل شعورها يوم سمعت صوت الانهيار فجرت مفزوعة لحجرة النوم وشاهدت ما حدث..!
تابعت "إسراء" مع العمال، وصاحب المنزل إصلاح السقف، ثم تركيب أرضيات جديدة، وموكيت جديد، ووحدات تدفئة جديدة، وفي أثناء ذلك؛ ساهمت في نقل أثاث المنزل كلها لغرفة واحدة وإعادته، ومبيتها مع ابنها منفردة بغرفة بديلة..الخ. من المهام الشاقة..

منذ واقعة "البوسنة" تلك؛ انكسر بيننا شيء عاطفيّ ما، لم يعد بعدها أبدًا، للأسف..
قبلها كانت "إسراء" أحيانا تناديني، بينما أنا ساهرٌ لأكتب لتطلب أن آتي الآن فورا لأنه لا يمكنها النوم وحدها، لكن منذ ذلك اليوم انتهى ذلك تمامًا..
قالت لي أني أنا من جعلتها تعتادُ النومَ وحيدةً بلا أي مشاكل، وما أقسى ذلك الشعور..!
اعتذرت طويلا، لكن لا تغير الاعتذارات من الواقع..!

وإن كان ثمة عزاء؛
فإنه بوقت مقارب أتم "يحيي" سنواته الأربع، فحانَ دور "إسراء" للعودة إلى سوق العمل، وصممت "إسراء" أن يكون ذلك مستقلا عني،وبعيدا عن مجالي الإعلامي أو الطبي، وكذلك بعيدا عن "المونتسوري" والأطفال؛ حيث يكفيها طفل واحد بالمنزل..!
سهرت "إسراء" يوميًا تغرِقُ مواقع التوظيف الإنجليزية برسائلها التي غيّرت فيها بالسيرة الذاتية ترتيب المؤهلات والخبرات حسب مجالها الأقرب لدراستها بالكلية:
"إدارة الأعمال والتسويق"،
حتى حصلت بلا أي واسطة على عملها الحالي..

قالت "إسراء" بعدها إنها تدريجيا أصبحت أيضا تتفهم بعض الأمور بشكل مختلف، مثل أنماط معينة من ضغوط العمل والانغماس فيه..
في آخر عيد زواج سعيد لنا في مايو 2021،
حجزنا يومين في فندق،
استغللناهما للاستجمام، والتقارب ونقاش ما مضى.. كلانا اتفق على ما نشعر به من رضا بحمدالله،
بعد ثمان سنوات من الزواج، أو عقد من العلاقة..
عبر السنوات نضجت علاقتنا أكثر،
صارت العواطف أهدأ، لكنها أكثر استقرارًا..
كلانا تغير في أفكاره وآراءه وبعض طباعه،
تطورنا معاً بهدوء، واحترمنا مواضع الاختلاف،
وحاولنا المقاربة بمواضع التقارب..!
أنا كسبت صديقا ذكيا لا أثق إلا فيه قبل أي شخص آخر، تكفيني نظرة رضا في عينيها لملابس جديدة لأقتنع بها فورا، أو نظرة استهجان لأكرهها بشدة..!
أقول لها:
- أنا بألبِس لزبون واحِد..
دائما؛
كانت "إسراء" أول من يقرأ لي مقالاتي وأعمالي قبل النشر، وكم أفادتني بشدة، وكم أجريت تعديلات بناء على ملاحظاتها البناءة..!
لم أصل إلى معاييرها بالنظافة المنزلية، لكني ارتقيت، كما أن بعض العواصف مازالت تنجم من مبالغتي في العمل؛ لكنها صارت أكثر تفهما..
سبق لي أن شبهت الكتابة بالطبخ، المقادير في كل الوصفات واحدة، لكن لا توجد طبختان متطابقتان تماما، يتداخل عدد لا نهائي من العوامل؛ بعضها يمكن حسابه مثل مصدر الخامات، أو نوع الفرن، وبعضها خارج الحسابات ما نصفه شعبياً بـ "النَفَس" أو يُترجم احترافياً إلى عامل الخبرة..!
العلاقات الإنسانية أيضاً وعلى رأسها الحب كذلك..
مثلاً؛
لا يوجد "ترموميتر" لقياس الدرجة التي تتحول عندها صفة الاهتمام المرغوبة إلى صفة الحصار المرفوضة، وثمة شعرة بين التمسك بالرأي وبين العناد، بين الكرامة والغرور،
بين احترام الخصوصية واللامبالاة، ما يحدد الدرجات المضبوطة لكل متطلب من الشريك هو توازن دقيق
يتطلب من الطرفين سعياُ، وصبراً، ومصارحة..!

تمّ إنضاج علاقتنا على نار هادئة جدًا..
لم أعد أنظر بانبهار إلى "إسراء" بشكل مثير لضحك من حولنا، لأنها أصبحت جزءًا مني..
"إسراء" أصبحت "أنا"..
هل أفكر لو كانت يدي أو قدمي يمكن أن تغادرني؟

أذكر؛ أننا تساءلنا:
هل يمكن أن تمضي بنا الحياة سعيدة هكذا،
رغم كل شيء؟
قلت لإسراء:
- ربما تستمر ولو لبعض الوقت،
ولسنا هانئين بكل شيء..
بالنظر لما حدث منذ وفاة والدتها تحديدًا،
قلت هذا قبل أيام فقط من التشخيص، كأنّ اللعنةَ كانت شبحًا يحلقُ فوقي، ويستعدُ لإسدالِ ستارُه الأسود على حياتنا، بينما نحن نتحدث، ونضحك،
ولا ندري شيئًا بعد عن النبأ الرهيبِ..

****

أربع إیدین، أربع شفایف على الفطار، وشاى بلبن..!

أربع إیدین، وأربع شفایف على الفطار،
یبوسوا بعض ویحضنوا نور النهار،
بین صدرها وصدره وبین البسمتین،
بیحضنوا الحب اللى جامعهم سوا على الفطار،
ویحضنوا الشمس اللى بتهز الستار،
وتخش من بین الخیوط، وبعضها مع الهوا
في الأوضة ترسم نفسها على أرضها،
على البساط اللى اشتروه مع الجهاز،
على الغرام اللى اشتروه،
من غیر تمن، وع الإزاز،
ویشربوا الشاى باللبن فى فنجانين،
بیصحو ا قلبى كل لیلة فى المنام،
وبیكتبوا بلون منوّر فُزدقى
على الهوا الأسود، وع الجفن اللى نام،
بیكتبوا بلون منوّر فُزدقى كلمة: سلام..

من أغنية شاي بلبن؛
كلمات الشاعر "صلاح جاهين"
غناء "يسرا الهواري"؛
والتي كانت سابقا عضوة بفرقة "الطمي"..
اعتبرناها "إسراء" وأنا؛
الأغنية المعبرة عن حياتنا، ولطالما تشاركنا غنائها..!

- 14 نوفمبر 2022
رائحة فضلات البشرية تملأ غرفتي،
في البداية؛
لا أفهم هل هناك مشكلة صرف في مستشفى مرموق بقلب لندن، ثمّ أستوعب أن المشكلة من عندي،
هل عدت لفقد التحكم في فضلاتي؟!
أتحسس ملابسي الداخلية فأجدها سليمة،
تدريجياً أفهم؛
إنه ذلك السائل البني الذي تقيأت منه كثيراً في لأطباق المفتوحة المنثورة حولي، وكذلك في كيس نزح السوائل، إنني أخرج من فمي الآن فضلاتي البشرية؛ خرائي..!

كانت القصة قد بدأت بليلة مجنونة بالأمس؛
حيث استيقظت منتصف الليل فجرًا،
وأنا في حالة من الهلع والهذيان لم أعهدها أبدًا..
حقا ؛ أنا لا أعلم مَن أنا وأين أنا؟
أحاول تذكر مَن صاحب هذا الجسد؟
مَن هذه الفتاة الحزينة أمامي؟
أحاولُ التواصلَ إلى جسدي، ولا أصلُ إليه،
كأن روحي انفصلت تماما عنه..
أراني من الخارج، وأتحدث إليّ، لكن صوتي لا يخرجُ،
قرأت لاحقاً أن هذا يشبه ما مر به بعض من تناولو العقارات المهلوسة "سايكيديليك"، ويسمونها رحلات "تريبس"، لكني لم أتناول أي شيء..!
بهلع فكّر جزءٍ منّي:
- هل أنا جننتُ وهذا ما يفعله المجانين؟
يبقون للأبد بذلك الوضع المعلق؟
أم أنا أموت وتخرج روحي الآن؟
أخذت أهتف بالشهادتين بصوت مرتفع،وهستريا أمام حوض الحمام، ما أفزع إسراء بشدة، لكنها رغم ذلك احتفظت بقدرتها على استدعاء التمريض؛ ليعطوني جرعات أدوية عاجلة أعادتني للحياة بشكل ما..

اليوم صباحًا؛
قالوا إن ما يحدث من اعراض استمرار الانسداد التام، واحتجاز مادة "الجاستروجرافين"، خاصة أنّ الممرضة فشلت بالأمس في إدخال الأنبوب الذي انحشر مرتين،
لذلك قرروا اليوم تركيب الأنبوب تحت أشعة "إكس" مع طبيب متخصص، ومخدر موضعي..!

وهكذا؛
وجدتني قد تحولت إلى مشهد السيارة تحت يد الميكانيكي، جسدي أقرب لمجرد آلة يتم تسليكها،
كان الطبيب يغير مقاسات القسطرة، ويدفع بشدة؛ فانفجر القئ مني واختنقت، فتوقف الطبيب وخيرني:
إن كان يكتفي بهذا القدر، أم يكمل، ويدفع بشدة محاولا فتح ذلك الانسداد الرئيسي..؟
أراني المشهد في الشاشة؛
فشعرت؛ فتملكتني قوة هائلة، هذه روح المقاتل التي يتحدثون عنها، فقلت:
- لنكمل فورًا مهما حدث؛
وهنا دفع الرجل القسطرة بشدّة مرّةً وأخرى،
ثم انفجر السيل أخيرًا..
سيلٌ من "خرائي" الكريه؛المحشور منذ نحو أسبوعين،
وهاهو يملأ حولي صحون القيء الورقية، فضلاً عن كيس الأنبوب الذي يحاول التمريض ملاحقته..!

شعرت بالرثاء الشديد لإسراء، وهي التي كانت تأنفَ من أدنىٰ خدشٍ للنظافةٍ أو الرائحة، فهي تتحمل الآن كل هذا بطيبٍ نَفسٍ..
تذكرت أبيات "المعتمد بن عباد" الرثائية لبناته اللاتي شهدهنّ يلعبنّ متسخات، بعد أن كُنّ متعطرات بأغلى العطور؛ حتى أن "المعتمد" بواقعة شهيرة ؛
استبدل الطين بمزيج المسك والعنبر لزوجته:
يطأن في الطين والأقدام حافيةً
تشكو فراق حذاءٍ كـان موفورًا
قد لوّثت بيد الأقذاء اتسخت
كأنها لـم تطأ مِسكاً وكافورًا

لكن "المعتمد" يعترف بذنبه،
فالزمان قد دار عليه؛
بعدما كم حكم "على الأقوامِ في صلفٍ"؛
بينما أنا لم أحكم في صلفٍ أو غيره على أحد،
فما ذنبي؟

انتهزت فرصة مغادرة "إسراء" لأحد شؤون "يحيي", فقررت أن أغيّر ما بيدي، تراجعت كمية القيء، فقررت التوقف عن استخدام كل الأطباق الورقية المفتوحة وتخصيص واحد فقط مغلق بالحمام، وكذلك تناولت جرعات إضافية من مضادات القئ، وعطرت الغرفة بمعطر للجو..!
ناديت الممرضة لتساعدني في تغيير ملابسي التي اتسخت هي الأخرى بالسائل البني الكريه، ورششت على نفسي عطرا أعرف أن إسراء تحبه..!

هكذا ستقتصر رائحة فضلاتي (خرائي) في داخل هذا الكيس ذا السوائل القريبة من أنفي، ولأجد انا حلولي الخاصة..

كانت "إسراء" تنوي ان تساعدني على تغيير ملابسي حين تأتي، لكنها فوجئت بما حدث وسعدت به..
إن كان بيدي شئ أقدمه لها فليكن هذا؛
أن أخفف من رائحة خرائي،
فيالها من هدية سرطانية رومانسية..!

****

في مقطع من كتابها "باولا"؛
تروي "إيزابيللا الليندي" أنها حاولت إقناع زوج ابنتها المحتضرة بالتسرية عن نفسه،
تقنع نفسها عبر إقناعه بتقبل فكرة فقدها،
لكن "إرنستو" يرفض بإصرار:
- لا معنى لأيِّ شيء من دون "باولا"..
ليس هناك ما يستحقّ الذكر..
فمنذ أن أغمضت عينيها انزاح الضوء عن الدنيا..
لا يمكن للربّ أن ينتزعها منِّي،
وإلاَّ فلماذا جمعني وإيَّاها؟
ما زالت أمامنا حياة طويلة لنتقاسمها معًا!
إنَّه امتحان فظيع، ولكنَّنا سنتمكَّن من تجاوزه..
لكن لاحقاً ؛
لا يجد "أرنستو" مفراً من التساؤل الحائر:
- أنكونُ أنا و"باولا" قد أحببنا كثيرًا،
واستنفدنا بشراهة السعادةَ المخصَّصة لنا؟
أنكونُ قد التهمنا الحياة؟

- 17 نوفمبر 2022
هواءٌ..!
أبحث عن ذرة هواء واحدة؛ فلا أجد..!
أشعر بضيق تنفس، فأرسل رسالة لأمي، أطلب منها أن تدعو لي أن يفرج عني..!
الساعة الحادية عشر،
كنت تناولت أدوية ما قبل النوم ذات المواد المُغيبة وتم توصيلي بالتغذية الوريدية المعتادة التي أبقى عليها 12 ساعة يوميا، لكن هذه المرة ما اختلف هو توصيلي بكمية إضافية من المحلول الملحي لتنظيف مجرى الكلى الذي تزايدت فيه أرقام "اليوريا"..

فجأةً؛
أعجز عن سحب نفس واحد،
خرج مني زفير، ولا شهيق بعده، أرى الموت حرفيًا،
أقفز واقفا بشكل يفزع "إسراء"،
بينما أهمس بصوت متحشرج بالشهادتين..!

بالأرقام؛
بدأ معدل الأوكسجين يهبط في الدم، رغم أني أضع قناعاً يمدني به..!
بآخر ما بقى من رمق الحياة نزل عليّ الإلهام،
كإسم أمّي، السبب هو هذا المحلول الإضافي،
رأيته وقد تراكم في آخر مساحة باقية في صدري وجذعي، حيث كنت لاحظت قبل أسبوع أن يومًا كهذا ترك أثرًا لم يزل في كمية الانتفاخ بقدم الفيل عندي..!

صِحت بجنونٍ بينما أرى الموت في الممرضة التي استدعتها "إسراء" أنه يجب الآن فورًا فصل كل شيء عني، مفزوعة أوقفت التدفق، لكنها ذهبت لتسأل الطبيبة الأكبر عن الفصل، لأنه يعني عدم إمكان استعادته طيلة الليلة، سرعان ما أتى الرد بالإيجاب،
وإن هذه المضاعفات قد تحدث..!
أمضيت ليلة جحيمية..!
بالكاد؛ تمكنت من استعادة بعض التنفس بعد ساعة. ثمّ صرت أغفو، وأصحو، وأهلوس بين أدوية المسكنات والمنومات المتلاحقة، وأنظر إلى عقرب الساعة بينما هو لا يكاد يتحرك..!
يمر عمر كامل في الأحلام أرى فيه أصدقاءً قدامى، وذكريات طفولتي المبكرة؛ أول طبيب أطفال لي،
وأول شجار مدرسي أحمق، ثم أجد أنها خمس دقائق فقط مرت، وأن "إسراء" قُربي، تمسك يدي، وتبكي..
أسمع "إسراء" تهمس:
- لا حول ولا قوة إلا بالله..
لكني في نهاية الليلة؛
نزل عليّ هدوء وسكينة بشكل مفاجيء،
ونمت ساعتين، ثمّ ساعتين..

في اليوم التالي تحول هذا إلى هاجسي الجديد: التنفس..
لحسن الحظ كان لدى الأطباء ما يفعلون،
جعلوا الأمر أولوية جسدية ونفسية لهذا اليوم.
هكذا تم عمل اجراءات تتضمن عملية جراحية،
لنزح سوائل الرئة اليمنى،
وهكذا تمت إضافة صديق آخر: "صديق الوزن" لي، هو علبة بلاستيكية كبيرة ممتدة من أنبوبة غليظ يحمل سوائل الرئة..
وكذلك؛ كان أفضل قرار:
هو خفض كمية السوائل التي أتلقاها؛
عبر التغذية الوريدية..

أسفر هذا عن تحسن فعلي لحظي كبير..
لا أصدق عيني، وأنا أرى أكياس سوائل، ودماء كبيرة تخرج من بطني ورئتي..
وهكذا اليوم فقط؛
ألتَقط انفاسي اللاهثة،
وبسرعة أدون الأحداث الماضية،
وأعيد تركيبها مع نصوص قديمة عبر أشهر؛
لانتاج هذا الفصل الخاص بإسراء،
والذي طالت كتابته لأشهر، وانتهت بي الآن؛
أملي السطور عليها شفويا،
محاولاً عدم بعثرة الفقرات،
وبنفس الوقت ألا أتحدث باسم إسراء،
لتكون كما هي دائما،
ذات صوت مستقل؛ لا يتداخل مع صوتي..

بالعودة لمسار ذاك اليوم:
عانيت مساءً تعقيدات جحيمية من نوع آخر،
فلم يعد بإمكاني النوم على جانبي الأيمن الذي اعتدته بعد تركيب الأنبوب،
وهكذا صار على إسراء أن تقوم كل ساعة أو اثنين؛ بتباديل وتوافيق عديدة على ترتيب وسادتي؛
لأنام فقط على ظهري،
بالإضافة لإمدادات دوائية لا تنقطع..
باليوم التالي بحمد الله؛
تمت إزالة "مسمار جحا"هذا من رئتي؛
فكأنما أعتقوني..
أحاول الابتعاد عن الحِكَم المكررة؛
لكني لا يمكنني مقاومة التفكير؛
في أنه ما أهون دنيا؛
لا تساوي دخول أو خروج نفس هواء،
أو شربة ماء،
أو لقمة طعام..
هي أمورٌ طالما سمعتها؛
لكن معايشتها مختلفة تماما،
وحقا وصدقا:
الصحة تاج على رؤوس الأصحاء؛
لا يراه إلا المرضى..

***

ابني الحبيب يحيي،
لأول مرة أوجه لك الحديث في هذا الكتاب،
والذي لم أضع اسمك في اهداءه،
لا لشيء؛
إلا لرغبتي في عدم تحميلك أي عبء نفسي،
ولو بإلزامك بقراءته..
هذه ليست رسالة؛ لتقرأها كوصية بعد وفاتي،
بل أرانا نقرأها معاً؛
كمحاولة لإمضاء "كواليتي تايم" كما يسمونه هنا،
أو ربما تحب أن تتعلم أفضل عن اللغة العربية،
وقتها؛
سيكون أبوك وكتابه بالخدمة؛ إن لم تجدنا مُملين.. أفهم تماما الفارق بين:
مَن لغته الأولى العربية والإنجليزية،
وأنا عازم على احترام اختياراتك واختلافاتك..

كم أبهرتني يا بُني؛ منذ سنواتك الأولى..
في لحظة ما من عامك الثاني؛
انفجرت داخلي مشاعر الأبوة نحوك؛ بلا حدود..
أنبهر؛ وأنا أرى معجزة تكوني تتكرر..
هناك "محمد" آخر صغير أراه؛ لكنه ليس أنا بالضبط،
بل؛ هو..

حرفياً؛
أشعر أني أنظر "للذي قلبيَ الآنَ تفاحة ٌ في يدَيه،
للذي قلبيَ الآنَ كرةٌ بين رِجْليه،
للذي لو نامَ روحي ترفرفُ مثلَ الفراشةَ فوقَ سريرهِ،
ولو استيقظََ الآن؛ ينتعلُ القلبَ قبلَ حذائِهِ..

أعرف؛ُ أنك نبت انجليزي من أصول مصرية،
ولست مثلي مصري؛
ثم لتقُل جوازاتُ السفر ما شاءت،
وكم أحترم اختلافنا هذا..
أنت ابن جيل؛ نجومه "يوتيوبرز" و"تيك توكرز"، كثيرا ما حاولت فهمهم معك،
وكثيرا ما أحببت نجاحنا سويا؛
في الاتفاق على آليات لبحث مصداقية كلامهم،
ومن هُم الأفضل في تبني القضايا المفيدة..
كم أحببتُ حين فاجأتني في "السوبر ماركت" بإشارتك إلى علامة "فري تريد"،
وأن معانها ان المزارعين يحصلون على رواتب أفضل، لذلك يجب أن أدعمهم،
أو حين فاجئتنا أنك طرحت في مناقشة الفصل قضية عدم تساوي المرأة والرجل في الدخول،
أو حين طلبت مني التبرع لدعم فريقك المفضل لتنظيف المحيطات..
كانت أفكاري مختلفة تمامًا، ومحدودة تمامًا؛
في سن الثامنة..!

كلي شوق لأرى أفكارك مراهقا،
لكني منذ الآن مطمئن عليك؛
فقد شهدتُ كيف تعامَلت بنضجٍ شديد؛
مع إبلاغ إسراء لك بصراحة بحقيقة وضعي الصحي..
كما حاول جدي يومًا ما؛
أن يحمي أطفاله بفقاعة عن مآسي الحياة،
وكذلك حاول أبي وأمي،
حاولتُ أنا أيضا،
واكتفيتُ بالحديث العام عن أني مريض في بطني.
لكن إسراء أخذت المبادرة،
واستشارت متخصصة نفسية للأطفال،
وهكذا سمِعتَ منها للمرة الأولى إسم مرضي: السرطان..
وأخبرتك عن صعوبة العلاج..
كم أسعدني أنك كنت عمليا،
تؤكد أني أحصل على أفضل الأطباء والأدوية..

تدريجيًا؛ أظهرت عواطفك أكثر..
ألحظ حرصك على تقديم كل ما بيدك لإسعادي،
كالقراءة ونقاش المعلومات معي،
أو كالهمس بصوت منخفض وقت نومي،
أو كالحذر عند احتضاني..

كنتََ دائما ترفض فكرة أن ننجب لك أخًا أو أختًا؛
ثم فجأة غيرت رأيك،
تحديدا بعد توقيت تشخيصي،
لعل ذلك تأثرا بلقائك بأبناء اخوتي، واخوة إسراء، بمثل عمرك، لكنك توقفت عن ذلك بعد أن أخبرناك..

كم تأثرتُ حين حكى ابن جارنا أنك طلبت منه أن يكون أخاك لمدة عشر سنوات؛
لأن "بابا مريض بالسرطان،
ولا نعرف لو كان سيعيش أم لا"..
يومها ناقشت مع إسراء خيار تجميد حيواناتي المنوية؛ كاحتياط لا يضر، ثم القرار لكما..

حين توفي "تكنوبليد" نجم يوتيوب الشهير،
الذي كنت أنت تتابع مقاطعه عن لعبة "ماينكرافت"، بسبب خشيت أن تصدمك القصة،
لكني أحببت رؤيتك الإيجابية لها:
قلت:
- لقد توفي بعد أشهر قليلة فقط،
بينما أنت عشت أكثر من عام،
أنت بطلٌ يا بابا..
بل أنت البطل يا حبيبي..
نعم سنفعلها معًا..

وبطاقة الأمل بالمستقبل تلك،
ورغم أني لم أتلق أي علاج منذ نحو شهرين،
وكلما سألت طبيبا يتردد في فعل أي شيء بالمرحلة الحالية إلا “إدارة يوم بيوم”، حتى أن أحدهم خرق المعايير العلمية وقال لي :
- ليس أمامنا إلا أن ترفع يدك للسماء..
أقول أنه رغم كل ذلك؛
فقد بدأت أراسل تجارب علاجات؛
أقرب لخيال اليوم، وواقع الغد..
الأول:
هو "الفيروسات قاتلة السرطان
Oncolytic viruses
الفكرة بسيطة؛
إذا كان تعريف الفيروس هو غلاف بروتيني يحقن مادته الوراثية داخل خلايا معينة؛
فيستخدمها لتكاثره ثم يدمرها،
فلماذا لا نعدِل فيروسات تهاجم الخلايا السرطانية؟ سنُمرِضُ المرضَ!
الثاني:
هو "العلاج بالخلايا المناعية
CAR-T cells
سيتم سحب الخلايا الخاصة بي من جسدي؛
ثم تعديلها وراثيا؛
بحيث تتعرف على الخلايا السرطانية،
ثم إعادة حقنها لي هي نفسها..
للأسف؛ بدأت أتلقى ردودا بالرفض بالفعل..
فات الأوان..
العبء الورمي في جسدك؛ أعلى من معاييرنا ...الخ. لكني كلما أغلقت ملفا؛
لا ألتفت، وأحاول النظر لما بقي بعده..
وبنفس الوقت؛
أحاول مقاومة الأعراض المفاجئة المتجددة والآلام..

قبل أيام؛
قال الأطباء:
أن ما بقى قد لا يجاوز شهرًا أو اثنين على الأكثر، لكني أدير الحياة، ولو ساعة واحدة باقية، تلو ساعة،
لا يومًا، تلو يومٍ.
وأحاول السلام على من أحب؛
من الأسرة والأصدقاء؛ ولو برسائل فقط..

ابني الحبيب،
أود أن أحكي لك قصة:
تم تشخيص إصابتي بالسرطان؛
بعد وفاة جدتك بنحو عام؛ بنفس المرض .
كانت إسراء حزينة جدا؛
لكنها أيضا عملية جداً،
وفورا تسلمت مكاني حضور دروس قيادة السيارة، لعلمنا بمدى أهميتها في الفترة القادمة..

ذات يومٍ؛
عادت أمك سعيدة جدا،
قالت لي إن أمها سلمت عليها اليوم..
أرتني مقطع فيديو مبهرا..
شاهدت ببغاءً ملونا جميلاً نادر الوجود،
ريشه أزرق سماوي وبرتقالي وأبيض،
ظل يسابق البشر والسيارات؛
ليبقى طائرا جوار شبام إسراء بالضبط؛
لمسافة طويلة بينما هو ملتفت إليها..
جربت تغيير سرعتها، واتجاهها عدة مرات؛
فظل الطير الجميل يتابعها..
قالت: إنها شعرت في قلبها إن هذا الطائر هو أمها؛ يطمئن عليها،ويحييها..
سبق أن حاولت أن أسأل وأقرأ من النواحي العلمية أو الماورائية أو الدينية؛
أين تذهب روح الإنسان أو وعيه العقلي؟
هل أبقى في قبري أعاني الملل؟
هذا سيكون حاسمًا بمسألة اختيار دفني؛
في لندن أم مع الأسرة في مصر،
أم هو مجرد جسد؛
وتطوف الروح حول العالم بحريةٍ؟
لكن الأكيد؛
أني لم أرتح أبداً في أي مرحلة من مراحل علاقتي الخاصة بالدين أو العلم لفكرة الفناء العبثي..
أنا أصدقُ ؛
أن جدتك اطمئنت على إسراء؛
في صورة ذلك الطائر يومها..
وأنا أيضًا لو غبت عنك يا بني؛
بعد عشرين يوما أو شهراً أو عشرين عاماً؛
فثق أني سأكون في مكان ما ؛ أنظر إليك..
لعلي في نسمة هواء أو تراكم قطرات الندى،
أو في أصغر وردة بيضاء تذكرني بأمك..
لعلي أظهر في "تشابك كمي" ؛
لا يُرى بالعين المجردة بين أجزاء أصغر من الذرات..

أنت جئتَ لتحكي لي ما شاهدته؛
على "بي بي سي راوند" عن هذا "التشابك الكمي" الذي هو موضوع جائزة نوبل عام 2022،
حيث قد يفتح الباب لتحقق خيال الانتقال الآني..
لا يفهم الفيزيائيون إلى اليوم؛
كيف تتصل جزئيات تحت ذرية بينها مجرات كاملة، لكن هذا ما يحدث، ورأو نتائجه بالمعمل بالفعل..
لا أحد يفهم بالضبط؛
جوانب عديدة من فيزياء الكم؛ تجعلها أقرب لتلك المساحة الرمادية بين العلم، و"الغيب"..

وفي تلك المساحةِ؛
أعرفُ أنه ستظل تلك الطاقة من حبّي؛
تحيطُ بكَ وبأمّك؛
َسواء كنت أنظر إليكما بعيناي،
أو أنظر إليكُما بعيونِ كلّ ذلك الكون الفسيح الجميل..
-
-
-
✍️ محمد ابو الغيط .........
Mohamed Aboelgheit

Address


Telephone

+201009398004

Website

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when قَرَأتُ لَكَ posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Contact The Business

Send a message to قَرَأتُ لَكَ:

Videos

Shortcuts

  • Address
  • Telephone
  • Alerts
  • Contact The Business
  • Videos
  • Claim ownership or report listing
  • Want your business to be the top-listed Media Company?

Share