23/09/2022
أصدقائي سافروا , أحدهم كان بجثة ضخمة وجهه وسيم ولحيتهُ سوداء سافر وهو يثرثرُ مع سائق التكسي حتى وصل للحدود.. أخذوا صوته ومات.
وأخر كان مصوّر يلتقط صوراً فوتوغرافية , صور حب صغيرة ... كان كلما قرّر أحدهم مغادرة البلد، يأخد له صورة تذكارية حتى صار عنده غرفة كشعبة التجنيد مليئة بالوجوه الضائعة.. ثم سافر مثلهم دون أن يلتقط أحد له صورة.
واحدٌ منهم كان جندي خدَم البلد لثمان سنوات وعاد ليتعلم كيف يأكل بالشوكة والسكين, كيف يأخذ حماماً ساخناً داخل " البانيو" نجا بأعجوبة من القذائف التي مرّت أمامه..
احتفل مع عائلته وابنه ثم ماتَ بعد أسابيع من الزكام .
أصغر أصدقائي مات وهو ذاهب لإحضارِ ورقة تأجيل خدمة العلم.
ماحاجتي لأن تنتهي الحرب طالما أًصدقائي سافروا ونصفهم مات .
طالما الموتى لايعودون إلى طاولاتهم في المقاهي ولا إلى حساباتهم على الفيس بوك.
لقد أخذت سفنُ الموت الأشخاص الطيّبين.
هناكَ موتى بلا حقوق...
كيف يموتُ كل شخص بطريقة وبمكانٍ مختلف وجميعهم يسمّون موتى.
هناك من مات غرقاً ..أكلهُ البحر وابتلعتهُ الرمال
هناك من مات وعلى قبره سبيكة ذهب
هناك من تعرّض لإصابات .. كانت الكاميرات أمامه طوال الوقت تلتقط صراخه ثم مات من" الفلاش" ضوء الكاميرا القوي وهو تأكله الضباع.
وهناك من يتمنى الموت فلا يموت
وهناك من يموت ألف مرة يوميا بدون شهادة وفاة وبطاقة رسمية على أنه "توفي " حقا..
لقد وافتنا المنية جميعنا .💔