24/03/2024
- مين السلطان يا زيد؟
= كتير، مفيش في الدنيا أكتر م السلاطين.
- زي مين؟
= النوم سلطان، العشق سلطان، الجاه والمال سلطان، وملِك شاه سلطان.
- ومين سلطان على الكل؟
= سيدنا أعلم.
- الإيمان..
الإيمان اللي بيخلي كل الحاجات اللي انت قولتها دي سلاطين، إيمان عميق يخليك تقدر تحرك كل شيء.
=بس ياما كان فيه ناس إيمانها قوي وعميق واتهزمت وماتت تحت خيول ناس إيمانها أقل!
- دا صحيح، بس دا اللي بيكتبوه الظلمة في الكتب بتاعتهم.. لكن المظلوم على صليبه بيكون أقوى من اللي صلبه وبيعيش في قلوب الناس بطل، المهزوم طالما على حق بينتصر مع الوقت.. ولو بعد ألف سنة.
عارف ليه؟ عشان المؤمن بشيء عنده فكرة، والفكرة بتقدر تعيش زمن أكبر من صاحبها وكإن صاحب الفكرة خالد.
= الخلود بيشغل بال المجانين.. ءء والعظماء والأبطال.
- ما العظماء والأبطال مجانين بردو يا زيد.
= مجنون حر أفضل من عاقل تابع.
- فيه ناس عاديين، ودول هم الأكثرية، لكن فيه ناس غير، ناس ربنا سمحلهم بالمستحيل، ناس يقدروا يحركوا أرواح غيرهم زي ما هما عايزين.
____________________
اللي فات دا حوار من مسلسل الحشاشين بين حسن الصباح وتابعه الأقرب زيد بن سيحون، لما كانوا على أعتاب صدامات ومناوشات ويمكن حرب مباشرة مع سلطان الدولة السلچوقية اللي جيشها يعتبر من أقوى الجيوش في الحقبة دي.
جماعة حسن الصباح كانوا يدوب معاهم قلعة في مكان كويس بس، وعدد الأتباع قليل مقارنة بالعدو.
هنا حسن كان بيُفضي لـ زيد بـ سِرُّه وسلاحه الأقوى في الخناقة دي.. وهو الإيمان، حسن من الناس اللي فاهمة الإيمان كويس وغطسانة فيه ومقفلاه، مدرك إن إيمان الشخص بشيء معين هيخليه يعمل المستحيل عشان يحقق الشيء دا أو يموت على أقرب مسافة منه في طريق السعي ليه، وهيكون ميت مبتسم ومبسوط.
ودا شيء حقيقي.. الإيمان بيخليك تتحمل أي مصاعب وشدائد، بيخليك تترفع عن سلوكيات سيئة كتير في عدم وجود رقيب، بيخليك تبطل تشكك وتفكير، بيمنحك راحة من معضلات فكرية ونفسية كتير.. مخدر حلال وآمن وصحي في معظم الحالات.
وقت الحروب.. أقوى مقاتلين هما المؤمنين بعقيدة أو فكرة عمومًا، كنت شوفت دا واتكلمت عنه لما تابعت مسلسل Vinkings زمان وشوفت استماتتهم الحروب، إما نصر أو الموت بشكل بطولي عشان يقابلوا إلههم أودين في الحياة الأخرى (حسب إيمانهم)، عجبني سرد الفكرة وقتها واتبسطت دلوقتي من تكرار سردها بل والتعمق فيها أكتر في الحشاشين..
هنا وضح الإيمان ك سلاح مسمم لو وقع في إيد حد قوي روحانيًا (بيقدر يآمن زي ما وضحت ويستمد قوة م الإيمان) بس غروره تملك منه وقرر يترفع عن كل الأفكار والعقائد ويآمن بنفسه بشكل نرجسي أناني، وتمادى.. فـ اتجه إنه ينصب نفسه محور إيمان مقدس لناس تانيين، طبعًا الإيمان بيمنح البسطاء فخر ورضا وكبرياء واطمئنان ورحمة من التفكير في البحث عن نهج أو تهذيب للذات، بيكونوا مؤمنين بحد موضع ثقة ولما يقولوا سمعًا وطاعة يبقى خلاص كدا عملوا التاسك المطلوب منهم، بدل التيه والحيرة، ماشيين ورا خد أوريدي عارف الطريق.. بيمتلكوا قوة هائلة وخوفهم بيتمحي.
المشكلة هنا إنهم بيتعموا تمامًا عن فكرة إنهم عبيد وبيادق في إيد الشخص الغلط اللي مؤمنين بيه، اللي بيكون محاط بهالة روحانية غامضة تسحر عقولهم، لو شاورلهم وطلب منهم يموتوا نفسهم بلا سبب فعلي هيعملوا دا عادي وبنفس راضية، ودي مش مبالغة.. دا اللي حصل فعلًا، سواء في الأعمال الفنية اللي ناقشت الفكرة أو في الواقع.
ع العموم دا سرد للحالة اللي شوفتها وخَدِت تفكيري وجددتلي أفكار قديمة وأنا بشوف المسلسل، مبسوط عمومًا إن عمل مصري وصل لمستوى إنه يطرح أفكار زي دي تخلي الواحد يفكر فضلًا عن إنتاجه الفخم (بعيدًا عن العثرات والسقطات اللي فيه، ومشاكل صحة التاريخ، احنا في عمل مقتبس مش وثائقي، وكدا كدا مفيش شيء كامل، بس حتى الآن العمل يُحترم وزيادة).
لو فيه نصيحة هقولها في النهاية.. فـ هي إنك تتريث عمومًا مع الأفكار اللي تبهر عقلك، ومع الأشخاص اللي عندهم قوة روحانية وقادرين يلمسوا جوهرك ويأثروا عليك، متخليش حد يحركك ومتتورطش في حروب مش بتاعتك، فكر كتير وتأمل كتير وتوه كتير، ولو آمنت طبق اللي تحبه على نفسك، بس خليك مسالم، انت مجرد إنسان غلبان، عيش وسيب غيرك يعيش.