14/07/2022
الجزائر و إسرائيل.. قصة عشق ممنوع
يعد النظام الجزائري من أكبر المتاجرين بالقضية الفلسطينية بشعارات ايديولوجية و عناوين ثورية زائفة و كاذبة و خطابات شعبوية تضليلية يخدع بها ليس فقط الشعب الجزائري بل كل الشعوب التي تؤمن بعدالة القضية الفلسطينية. فظاهريا يرفض النظام الجزائري التطبيع مع إسرائيل لكنه لا يمانع في إقامة علاقات سرية معها و من الجلوس مع إسرائيليين حول طاولة الحوار.
و القول أن الجزائر تدعم القضية الفلسطينية أكثر من بقية الدول العربية، لا يعدو كونه كلام عام من باب التسويق للوهم، لأن النظام الرسمي الجزائري لا يقدم للمقاومة الفلسطينية سلاحا و لا مالا كما يفعل منذ حوالي نصف قرن مع جبهة البوليساريو ضد وحدة المغرب الترابية.
و شعار “مع فلسطين ظالمة أو مظلومة” و دعم النظام الجزائري للقضية الفلسطينية مجرد عناوين فارغة و شعارات جوفاء و بيانات حماسية فقط لا غير.. و إليكم بعض الحقائق التي تظهر صحة ما أقول و هي غيض من فيض عن العلاقات الجزائرية الإسرائيلية في الخفاء و منذ عقود.
● لقد سجل بعض المؤرخين و منهم لوران توشَار بالإضافة إلى مذكرات الجنرال المصري بطل العبور سعد الدين الشادلي، في حرب الستة أيام سنة 1967، أن الجزائر لم تحرك ساكنا بالرغم من الطلب الرسمي الذي تقدم به الرئيس جمال عبد الناصر لحليفه الرئيس الجزائري هواري بومدين، إلا بعد إعلان وقف إطلاق النار، الأمر الذي ساهم في النكسة. و بالرغم من رفع النظام الثوري في الجزائر شعار دعم الشعب الفلسطيني، إلا أنه صمت صمت القبور في مذبحة أيلول الأسود بالأردن.
● استنادا إلى مذكرات احمد بوطالب الإبراهيمي، عرفت حقبة الرئيس الشاذلي بن جديد، أول لقاءات سرية جزائرية إسرائيلية بوساطة فرنسية و أمريكية في أوروبا و أمريكا اللاتينية، لقاءات خصصت لميدان التعاون الإقتصادي، و باتت إسرائيل تبيع للجزائر الطماطم و البطاطس و القمح و الدواء و البذور عبر شركات إسرائيلية مقراتها في أوروبا.
● بعد الإطاحة بالشاذلي بن جديد من طرف المؤسسة العسكرية، و ما تبعها من حصار غربي للجنرالات، و رفض أغلبية الدول بما في ذلك دول المعسكر الشرقي بيعهم أسلحة متطورة لمجابهة إرهاب الجماعة المسلحة الجزائرية و جماعة الدعوة و القتال...، تحول جنرالات الجزائر إلى شراء الأسلحة من إسرائيل عن طريق البوابات التركية و الجنوب الإفريقية، و من خلال السوق السوداء التي يسيطر عليها العملاء الإسرائيليون التابعون للموساد “تجار الموت” (Les Marchands de la mort).
● انضمام الجزائر إلى ميثاق برشلونة ثم إلى مشروع الإتحاد من أجل المتوسط هو إعلان للتطبيع الغير المباشر مع إسرائيل. و يوضح الدكتور مكاوي؛ أن التطبيع الجزائري الإسرائيلي هو أمر قديم حديث، و التحفظات المتعددة التي عبرت عنها الجزائر فيما يخص مشروع الإتحاد من أجل المتوسط و الذي أعلن عنه في باريس كان موقفا غير صحيح و غير واقعي، فالجزائر كانت ترى في هذه المنظومة المتوسطية فرصة للتطبيع مع إسرائيل بشكل مرحلي و سري، كما يقول الصحفي الجزائري سليمان بوصوفة: “كانت مواقف غير جادة و لا تعكس حقيقة العلاقات الإسرائيلية الجزائرية التي كانت تجري تحت الطاولة و في سرية تامة و في أكثر من عاصمة غربية”.
● يؤكد مؤرخون لمرحلة ما بعد استقلال الجزائر، أن ما سجل للتيار العروبي البعثي الذي حكم في الجزائر من 1965 إلى 1980 هو أنه ميّز بين المواقف السياسية و المصالح الاقتصادية في علاقاته الخارجية، فالعلاقات الغير المباشرة مع إسرائيل استمرت تحت نار هادئة عبر شركات إسرائيلية في كندا و أمريكا و أوروبا و قبرص و اليونان و تركيا، و خلال هذه الفترة، كان الإسرائيليون يدخلون إلى الجزائر و يقيمون فيها بجوازات أوروبية و أمريكية، حتى أن الشركة الكندية التي بنت مقام الشهيد في العاصمة هي في ملك إسرائيليين و كنديين، و كان الوزير الأول في مقاطعة كيبيك الكندية في السبعينات و الصحافي أثناء الثورة روني ليفسك René Lévesque يقومان بدور الوسيط بين اليهود الكنديين و الإسرائيليين من جهة و النظام الجزائري من جهة ثانية.
● مشاركة وزير الخارجية الأسبق، أحمد عطاف، في مؤتمر دولي بشرم الشيخ عام 1996 حول مكافحة الإرهاب، جنبا إلى جنب مع وزير الخارجية الإسرائيلي.
● مصافحة تاريخية بين بوتفليقة وإيهود باراك في جنازة الملك الحسن الثاني في 25 يوليو 1999 و هو اللقاء العلني الأول بين مسؤول اسرائيلي و رئيس جزائري، حيث قال عبد العزيز بوتفليق حين صافح إيهود باراك بدون تردد و بحرارة: « لم تكن لنا أبدا مشكلة مع إسرائيل ». و أضاف « في اليوم الذي سيحل فيه الصراع مع الفلسطينيين سنكون سعداء بإقامة العلاقات الدبلوماسية معكم». و بهذا الخصوص قال داني ياتوم المستشار الامني لرئيس الوزراء الإسرائيلي للتلفزيون الرسمي: « أن هذا اللقاء هو ثمرة مبادرة مشتركة لبلدينا، معتبرا أنها تعكس تغييرا إيجابيا لموقف الجزائر إزاء إسرائيل ».
و تقول مصادر فرنسية أن المصافحة دشنت سلسلة من اللقاءات المباشرة بين الجزائر و إسرائيل، فاللقاءات الإسرائيلية الجزائرية أصبحت تمر في هدوء و في ظلام الكواليس، بعضها من خلال زيارة و فد إعلامي جزائري إلى إسرائيل دون أن تحرك السلطات الجزائرية و الشعبية ساكنا.
كما أن العلاقات التجارية تواصلت دون انقطاع بين البلدين عبر شركات أروبية يملكها إسرائيليون إلى درجة أصبحت الجزائر تستهلك أكتر من 5 مليار دولار سنويا من المنتوجات الصناعية و الفلاحية و الطبية الإسرائيلية.
● فخلال زيارته إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، قام الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، بلقاء رجال أعمال يهود، ودعاهم إلى الاستثمار في الجزائر.
كما تعهد الرئيس بوتفليقة ليهود فرنسا الذين التقاهم على هامش زيارته إلى باريس، بالبحث عن اعتراف قانوني بإسرائيل، حال إنجاز التسوية السلمية بالشرق الأوسط. وتقول تقارير إعلامية فرنسية ك "لوبسيرفاسيون": إن اللقاء الذي كان مقررا له نصف ساعة قد امتد لساعة كاملة.
● قرار الرئيس بوتفليقة فتح قنوات مباشرة مع الجالية اليهودية في أوروبا و السماح لها بزيارة الجزائر تحت غطاء زيارة المقابر و الأضرحة المقدسة اليهودية، و هنا لعب الحاخام هنري هادنبريغ رئيس منظمة اليهود الفرنسيين (CRIF) دورا محوريا في ترتيب و تدبير جميع العلاقات “الجزائرية – الإسرائيلية” في باريس و العالم.
● أشارت مواقع وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى اللقاء الذي تم في العاصمة الفرنسية بين المناضل الكبير رئيس البرلمان الجزائري السابق البشير بومعزة و الحاخام الفرنسي هنري هادنبريغ، و التي كانت مناسبة لبحث سبل ترقية العلاقات بين البلدين الصديقين في سرية تامة.
● في 25 يونيو 2000، زار إسرائيل وفد جزائري من ثمان صحفيين إسرائيل بدعوةٍ من الجمعية الإسرائيلية لتطوير العلاقات بين دول البحر الأبيض المتوسط و برعاية وزارة الخارجية الإسرائيلية. و عندما عاد الوفد الصحافي إلى بلاده استقبل من مجموعتين من الجزائريين الأولى صفقت لهم و الثانية كانت تندد بالزيارة.
● في نفس الفترة قدم مجموعة من الأشخاص، يتقدمهم مدير مدرسة في منطقة بوفاريك قرب الجزائر العاصمة، يدعى محمد برطالي، طلب اعتماد الجمعية الوطنية للصداقة الجزائرية الإسرائيلية، لكن السلطات الجزائرية رفضته.
● توافق الجزائر على بنود المبادرة العربية للسلام التي أُطلقت عام 2002، والتي تتضمن تطبيع العلاقات كافة مع إسرائيل مقابل الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
● بدأت يوم الأحد 22 ماي 2005، زيارة لأكثر من 250 يهودي إسرائيلي لمدينة تلمسان التي احتضنت أكبر من مجموعة من اليهود الذين طردوا من إسبانيا عام 1492م. و حسب المعلومات المتوفرة فان الزيارة التي استمرت عدة أيام تلتها زيارات أخرى لمجموعات يهودية إسرائيلية. و المفارقة ان زيارة المجموعات اليهودية إلى تلمسان رافقها الإعلان على أن مجموعة من اليهود المقيمين في فرنسا و إسرائيل و الولايات المتحدة طالبت السلطات الجزائرية قبل بضعة أيام بدفع 50 مليون دولار تعويضًا عن ممتلكاتهم التي تركوها في الجزائر بعد خروجهم منها عام 1962.
● مشاركة الجزائر في مؤتمر أنابوليس للسلام الذي جرى في نوفمبر 2007 و ذلك بوفد رسمي يرأسه مندوبها في الجامعة العربية عبد القادر حجار و التي تمثل أهم محطة في مسلسل التطبيع.
● في يناير 2012 ، شاركت كل من الجزائر و إسرائيل جنباً إلى جنب كجزء من الحوار المتوسطي في اجتماعات اللجنة العسكرية 166 مع أعضاء الناتو في بروكسل.
ناهيك عن التقارير الأوروبية التي كشفت ما كان يجري خلال اللقاءات التي كانت تتم بين الضباط الجزائريين و الإسرائيليين بمناسبة اجتماعات حلف الناتو للحديث عن مكافحة الإرهاب جنوب الصحراء، حيث كان يتم مد المخابرات الجزائرية من قبل الموساد بالمعلومات الاستخباراتية الحساسة لمساعدة الجيش الجزائري في حربه على الإرهاب.
بالإضافة إلى تقارير صحفية نقلتها الصحيفة الإسرائيلية جيروزاليم بوست، حول «تدارس الجزائر لمسألة إرسال مراقبين عسكريين إلى مركز نابولي، قصد المشاركة في مناورات حلف شمال الأطلسي «أكتيف انديفو»، التي تشارك فيها إسرائيل لأول مرة».
● كشفت مجلة ميديا بارت Mediapart الفرنسية المستور حين فجرت فضيحة من العيار الثقيل تتعلق باتفاق سري بين جنرالات الجزائر و إسرائيل، و أماطت اللثام عن تفاصيل عقد شراكة سري بين البلدين، منذ سنة 2014. و أكدت المجلة الفرنسية الشهيرة بملفات التحقيق الصحافية، أن الجزائر قبلت توقيع الاتفاق التجاري مع إسرائيل، لكن بشرط أن يبقى سرا بوساطة مصرية، حيث تدفق الغاز الجزائري في أنابيب تمر عبر العريش في مصر.
●شارك المخرج السينمائي الجزائري إلياس سالم بفيلم «الوهراني» المدعوم من وزارة الثقافة الجزائرية في مهرجان أشدود بإسرائيل سنة 2015. و في في نفس السنة شاركت خمسة أفلام جزائرية في مهرجان لوكارنو، و هو المهرجان الذي كانت إسرائيل ضيفة الشرف فيه.
● المشاركة في المظاهرة المنددة بالإرهاب، التي دعا إليها الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، في يناير 2015، بباريس، ردا على الإعتداء الذي استهدف المجلة الساخرة شارلي إيبدو بعد نشرها صورا مسيئة إلى الرسول الكريم، محمد ـ ﷺ ـ بحيث مثل الجزائر وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة، فيما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في الصف الأول من المشاركين في المسيرة.
● اشترت الجزائر من إسرائيل أجهزة طبية، على غرار أجهزة السكانير، و الإيكوغرافيا، أجهزة قياس ضغط الدم، أجهزة قياس السكري، أجهزة لفحص الحمل و أجهزة خاصة مثل جهاز أشعة رنتغن المعروف بـ “أكس راي”، وجهاز التصوير المقطعي إلى جانب حاملات الأدوية ” Les Chariots ” و غيرها من الأجهزة الطبية، تحمل موسومة ذات اللون الذهبي لنجمة داود على مستوى أحد أجزائها الداخلية، استفادت منها عدد من المستشفيات الجزائرية.
● دبلوماسيا انتشرت صور تظهر بوجمعة رويبح، القنصل العام الجزائري في مارسيليا، رفقة معاريف يوشري، الناطق الرسمي باسم القنصلية الإسرائيلية في فرنسا، و تناولتها العديد من منابر الإعلام.
● في رمضان عام 2017، قام يهوديان بزيارة سرية إلى الجزائر، و حلا بولاية بشار في الجنوب الغربي غير بعيد عن الحدود المغربية، من أجل استكمال إجراءات نقل جثمان أبحصيرة إسرائيل، الحاخام اليهودي الديانة الجزائري الجنسية إلى فرنسا...
بعض المراجع:
- Algeria's Policy toward Israel: Pragmatism and Rhetoric by Jacob Abadi, Middle East Journal, Vol. 56, No. 4 (Autumn, 2002), pp. 616-641
- NATO. "166e réunion du Comité militaire au niveau des chefs d'état-major de la défense". NATO
-https://blogs.mediapart.fr/confluencesmarseillegmailcom/blog/110814/lalgerie-le-gaz-et-israel
- جوزيف أبتبول : حفيد الأمير اليهودي –منشورات جامعة القدس
- ميشال لسكيار فلسطين من المغرب إلى أوسلو
- الطاهر الأسود: صحيفة القدس العربي – العلاقات الإسرائيلية-الجزائرية
- سليمان بوصوفة : إسرائيل و التطبيع مع الجزائر –القدس العربي.
- الصادق هدجرس الأمين العام السابق للحزب الشيوعي الجزائري، العنف و السياسة : مجلة هرودوت رقم 77.
- احمد طالب الإبراهيمي: سيرة ذاتية