04/26/2024
https://www.facebook.com/photo?fbid=1510361452329549&set=a.536710923027945
في الحديث عن المطرانين المخطوفين بولس ويوحنا
ارسلها لي الصديق المحامي الاستاذ انس بشور
قال الاستاذ حبيب افرام
قد سمعتم أنه قيل قد قتلا
لكني أقول لكم نحن لا نموت،
أما نستعيدهما حرين، أيقونتين ارثوذكسيتين بعد دحر الارهاب
أو شهداء يرزقون في السماء، مثل سيّدهم، يدحرجون الحجر دائما ويرتفعون.
وقد سمعتم أنه قيل انتهى الحضور المسيحي في الشرق
لكني أقول لكم نحن ملحٌ في الشرق، نورٌ،
لسنا عددا، وإن هُجِّر بعضنا، وإن يئس الآخر، وإن فقد البعض الرجاء،
نحن باقون، حتى نشهد للمجيء الثاني،
لا يمكن أن يعود المسيح ،ولا مسيحيون في الشرق، فمن سيستقبله؟
سنبقى، لأن قضيتنا واحدة.نحن وكلُ أحرار الشرق.
كلّ من يؤمن بأنّ لبنان رسالة رفيقنا.
كلّ من ينادي بالعيش الواحد الحر الكريم، حليفنا.
كلّ من يرفض التهميش والذّمّية والتسلّط، صديقنا.
كلّ من يحارب الارهاب من "داعش" الى النصرة الى" بوكو حرام" الى طالبان واخواتهم ، كلّ مَنْ يقدم زهرةَ شبابه لردعهم، هو منّا.
فيصل عمر كرامي وما يمثل منّا. وعلي فياض ومَنْ يمثل منّا. وكل واحد منكم هنا هو منا.
ثلاث سنوات. والقضية لم تنته.
أغرب فصولها أنها لغز. أنها سرّ.
أن كل مخابرات الدول والاجهزة معمية لا تعرف لا ترى لا تسمع لا تحكي.
إن خطف المطرانين رمز تخلّي العالم كله عن فكرة التنوع والتعدد واحترام كل انسان وكل جماعة
جلنا العالم، طرقنا أبواب السفارات والشخصيات والحكومات والأنظمة والمشايخ، ناشدنا، تحّركنا، كتبنا، صلًينا، تظاهرنا. دون جدوى. بالخلاصة نحن أيتام بلا سَنَدْ.
هل تريدون يا دول أن نصدق أن كل أقماركم لم تسجَل شيئاً!
وان كل علاقات بعضكم مع كل التنظيمات الأصولية والتكفيرية لم توصلنا الى خيط الى معلومة؟
حتى فدية لم تُطلب لاطلاقهما، عكس مخطوفي الخابور الذين استعدناهم. حتى تبادلا لم يسأل أحدٌ عنه! تسريبات. همهمات. وبعض مدّعي أدوار.
إنّ هذا المهرجان الذي دأبنا على إقامته، رفاقنا في اللقاء الارثوذكسي ونحن في الرابطة السريانية، هو فعل ايمان ورجاء وأمل.
هذا الشرق إما متنوع، لا لقومية واحدة ولا لدين واحد ولا لمذهب واحدولا لفكر واحد. ولا مكان فيه لتكفيري ولا لارهابي. أو يَغرقُ في جحيم دمه. كيف ندير تنوعّنا في ظل أي نظام هو السؤال ومسؤولية كل وطن؟
هذا الغرب. إما يتخلى عن أنانيته وعن فقدانه للرؤية وللقيم وعن وقف التعاطي بمكيالين في نظرته الى المنطقة وعن مراقصته التنظيمات الارهابية أو - كما بدأ - ستحرقه نيرانها ولاجؤوها.
هذا الاسلام. إما يواجه شياطينه. َمن يُشوّه صورتًه ورسالتَه. مَنْ يسرق علمه من يُفتي بالجهل ويعلَم الحقد، اما يحارب دون خجل علماء آخر الازمنة وأبواتها أو تبتلعه قوى الظلام.
هذه المسيحية المشرقية إما أن تتوّقف عن التفكير برجيلها والرحيل، مهما اشتد الاجرام وطالت الحروب، أو تندثر مثل الهنود الحمر .هي مدعوة للشهادة، للصمود، للتصدي، لوقف أن تندب وأن تتحدى كشعوب تستحق الحياة وأرضها وحقوقها.
هذا اللبنان اما أن يثبت أن فيه دولة وليس هيكلا وخيالا، أن يتوقف هذا العهر والفوضى والفساد والاحتيال والتكاذب والكابلات والنفايات التي على عينك يا تاجر والاتجار بالبشر وفقدان المناعة الوطنية أوْ يتحلل. وطن كان يتغنى أنه واحة. كيف نكوّن السلطة في لبنان.كيف نتشارك فيها عن جد. أي قانون انتخابي، معنى المناصفة، دوره في أن يكون قوياَ منيعاً أمام التهديد الاسرائيلي الدائم، وحدته في رفض توطين الفلسطينيين وحمله القضية الفلسطينية المحقة أيقونة في عنقه حتى دولة وحتى القدس عاصمتها وحتى عودة مشرفة، وان لا يسمح بالتعاون مع القيادة الفلسطينية بأن يستعمل أحدٌ مخيماتها بؤرا لأرهابه. وان يكون جبهة واحدة امام الارهاب المشعش في بعض بيئاته، مع تحرير كل حبة تراب لبنانية من رجس الارهاب، وأن تبدأ عملية سياسية في سوريا تعيد لها الأمن والاستقرار وتستعيد ابناءها من لبنان ومن كل دول الجوار.
هذا اللبنان واحة المسيحية المشرقية وجوهر نظامه مشاركة في صناعة القرار الوطني، فلا ذمية ولا سرقة تمثيل ولامنّة من أحد. لن يكون معنى للبنان دون ادارة شفافة . ونحن نخوض آخر معارك المسيحيين قبل أن يظن البعض أننا انتهينا ويقترع على ثيابنا والورثة.
ونحن لسنا مرضى أي وهم، بل نقرأ الواقع، صحيح أننا نعترف بأخطاء وخطايا في مسيرتنا لكننا على الأقلّ تعلّمنا دروساَ وعبراً مع أن المارونية السياسيةعلى علاّتهاا أفضل من كل ما جاء بعدها.
وأن لبنان ليس كذبة نيسان ولا عَلَمه كذبة. ونحن معه بكل ترابه لا نتنازل عن حبة وبكل شعبه لا نتنازل عن مواطن. أن نضالنا ليس خرافة يا معالي الوزير لا نخترع أشباحاً ولا جنيات. لا نبالغ في التعبير عن مظلوميتنا. لا تتجاهلوا حجم قلقنا. ليس غبننا موظف من هنا، ولا مدير من هناك، بل دورنا ونظرتكم الى دورنا في النظام. ومطالبتنا برئيس قوي ليس شعارا بل حق، وبقانون عادل يصحح التمثيل ليس ترفاً حتى لا يستمر اختراع شخصيات من بلاطات قصوركم. ان مجلساً مدّد لنفسه مرتين ليس مؤهلا لاعطاء دروس في الديمقراطية وأن خطر التوطين ليس سراباً، فمنذ عام 48 ونحن ننتظر حلا، ومن يدري كم سننتظر حتى انتهاء حرب سوريا؟
كلّنا المطرانان. كلّنا مثلهما.أوْ نتحرّر ونبني الشرق الجديد. أو تبتلعنا صحراء الجهل والجاهلية التي تذبح وتدمّر الكنائس والجوامع والتراث وتَدْمُرْ ونينوى وسيدنايا وتمحو التاريخ وتصادر الحياة وتسبي النساء وتكفّر الجميع وتغزو الدول وتخطف التلميذات. إنها جيش عالمي له علمه وفكره وماله وسلاحه ورجاله وخططه وكل من يغمض عينيه أو يدعم أو يمول أو يساير أو يسكت هو شريك.
ويا أيها المطران الحبيب يوحنا، الصديق الرفيق الأخ المعلم الملفان، نفتقدكَ قديساً جسر حوار وحضور، تفتقدك سوريا في بحثها عن حلّ، ولبنان في كل ندوة، وشعبك في كل انتشاره والضياع.
ويا أيها المطران بولس ، رحلَتْ عنك والدَتُك همّاً. لكننا معاً بالمحبة سنغلب كل حقد.
اخيرا، إني أدعو المسيحيين الى وقفة ضميرأمام التاريخ. ليس لدينا ترف الاختلاف ولا التفرقة ولا الزواريب ولا العشائرية ولا المصلحية. إما نتوحد لنحفظ مقعداً لنا على طاولة الشرق القادم، لنكون لاعبين وليس حجارة أو بيادق أو فيشاً في لعبة الأمم، نتوحدّ ليس ضدّ أحد، ولا تعصباً ضدَ أحد، بل من أجل الوطن، من أجل مصلحة الجميع. لأن لا وطن دوننا.
وأني أدعو اخوتنا ومواطنينا المسلمين، أوقفوا التعامل مع المسيحيين كتفليسة. ما هكذا تبنى الاوطان. وبكل الأحوال ما هكذا يُبنى لبنان.
ولا يهدِّدنا أحدٌ، نحن نعرف مصلحتنا ونعرف متى نقول لا ومتى نقول نعم. ولأي كان. لا وصاية علينا.
إننا مستعدون لحوار عميق جدِّي دون أن يتذاكى أحدٌ علينا. ولن نيأس ونقول أن الحل مستحيل.
على أمل أن يكون احتفالنا القادم نصراً بعودتهما، بدحر الارهاب، وبقيامة وطن .
ونحن على أبواب الاعياد المستقيمة أنهي" بالمسيح قام حقا قام."
* كلمة الملفونو حبيب افرام رئيس الرابطة السريانية في المهرجان التضامني بمرور 3 سنوات على اختطاف المطرانين بولس اليازجي ويوحنا ابراهيم في قاعة نبيل كحالة في مبنى بلدية سن الفيل في 19 نيسان 2016